المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 453 - عددالزوار : 124475 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14556 - عددالزوار : 767481 )           »          جمع الصلوات بسبب المرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الزكـاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          نصيحة للمتأخرين عن صلاة الفجر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 54 - عددالزوار : 35956 )           »          ديننا.. يتجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          دروس من قصص القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 6552 )           »          الوقف الإسلامي وصنائعه الحضارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 3529 )           »          يُسر الإسلام وسماحته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 11-03-2025, 09:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان



المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى
كتاب الصيام

317الى 323

(11)




القئ هو بالذال المعجمة أي غلبه وإنما قاس المصنف على الواصل بالسعوط لأن النص ورد فيه وهو حديث لقيط بن صبرة السابق (أما) الأحكام ففيه مسائل (إحداها) قال الشافعي والاصحاب رحمهم الله إذا ابتلع الصائم مالا يؤكل في العادة كدرهم ودينار أو تراب أو حصاة أو حشيشا أو نارا أو حديدا أو خيطا أو غير ذلك أفطر بلا خلاف عندنا وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وداود وجماهير العلماء من السلف والخلف وحكى أصحابنا عن أبي طلحة الأنصاري الصحابي رضي الله عنه والحسن بن صالح وبعض أصحاب مالك أنه لا يفطر بذلك وحكوا عن أبي طلحة أنه كان يتناول البرد وهو صائم ويبتلعه ويقول ليس هو بطعام ولا شراب واستدل أصحابنا بما ذكره المصنف وبما رواه البيهقي بإسناد حسن أو صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال "إنما الوضوء مما يخرج وليس مما يدخل وإنما الفطر مما دخل وليس مما خرج" والله تعالى أعلم (الثانية) قال أصحابنا إذا بقي في خلل أسنانه طعام فينبغي إن يخلله في الليل وينقي فمه فان اصبح صائما وفى خلل اسنانه شئ فابتلعه عمدا أفطر بلا خلاف عندنا وبه قال مالك وأبو يوسف وأحمد


* وقال أبو حنيفة لا يفطر وقال زفر يفطر وعليه الكفارة ودليلنا في فطره أنه ابتلع ما يمكنه الاحتراز عنه ولا تدعو حاجته إليه فبطل صومه كما لو أخرجه إلى يده ثم ابتلعه ولدليل على زفر أن الكفارة إنما وجبت في الجماع لفحشه فلا يلحق به ما دونه والله تعالى أعلم (أما) إذا جرى به الريق فبلعه بغير قصد فنقل المزني أنه لا يفطر ونقل الربيع أنه يفطر فقال جماعة من الأصحاب في فطره بذلك قولان عملا بالنصين والصحيح الذي قاله الأكثرون إنهما على حالين فحيث قال لا يفطر أراد إذا لم يقدر على تمييزه ومجه وحيث قال يفطر أراد إذا قدر فلم يفعل وابتلعه وقطع الشيخ أبو حامد بأنه لا يفطر وقال إمام
الحرمين والغزالي: إن نقى أسنانه بالخلال على العادة لم يفطر كغبار الطريق وإلا افطر لنقصيره كالمبالغة في المضمضة قال الرافعي ولقائل أن ينازعهما في إلحاقه بالمبالغة التي ورد النص بالنهي عنها ولأن ماء المبالغة أقرب إلى الجوف والله تعالى أعلم

* {فرع} لو ابتلع شيئا يسيرا جدا كحبة سمسم أو خردل ونحوهما أفطر بلا خلاف عندنا وبه قال جمهور العلماء وقال المتولي يفطر عندنا ولا يفطر عند أبي حنيفة كما قال في الباقي في خلل الأسنان (الثالثة) ابتلاع الريق لا يفطر بالإجماع إذا كان على العادة لأنه يعسر الاحتراز منه قال أصحابنا: وإنما لا يفطر بثلاثة شروط (أحدها) أن يتمحض الريق فلو اختلط بغيره وتغير لونه أفطر بابتلاعه سواء كان المغير طاهرا كمن فتل خيطا مصبوغا تغير به ريقه أو نجسا كمن دميت لثته أو انقلعت سنه أو تنجس فمه بغير ذلك فإنه يفطر بلا خلاف لأن المعفو عنه هو الريق للحاجة وهذا أجنبي غير الريق
وهو مقصر به بخلاف غبار الطريق ونحوه فلو بصق حتى ابيض الريق ولم يبق فيه تغير ففي إفطاره بابتلاعه وجهان حكاهما البغوي قال (أصحهما) أنه يفطر وهذا هو الصحيح عند غيره وقطع به المتولي وآخرون ونقل الرافعي تصحيحه عن الأكثرين لأنه نجس لا يجوز ابتلاعه ولا يطهر الفم إلا بالغسل بالماء كسائر النجاسات وعلى هذا لو أكل بالليل شيئا نجسا ولم يغسل فمه حتى أصبح فابتلع الريق أفطر صرح به المتولي والرافعي وغيرهما (الشرط الثاني) أن يبتلعه من معدنه فلو خرج عن فيه ثم رده بلسانه أو غير لسانه وابتلعه أفطر قال أصحابنا حتى لو خرج إلى ظاهر الشفة فرده وابتلعه أفطر لأنه مقصر بذلك ولأنه خرج عن محل العفو قال المتولي ولو خرج إلى شفته ثم رده وابتلعه افطر ولو اخرج لسانه وعليه ريق حتى برز لسانه إلى خارج فيه ثم رده وابتلعه فطريقان حكاهما البغوي وغيره (المذهب) وبه قطع المتولي أنه لا يفطر وجها واحدا لأنه لم ينفصل ولا يثبت حكم الخروج للشئ إلا بانفصاله كما لو حلف لا يخرج من دار فأخرج رأسه أو رجله لم يحنث ولو أخرج المعتكف رأسه أو رجله من المسجد لم يبطل اعتكافه
(والثاني)

في إبطاله وجهان كما لو جمع الريق ثم ابتلعه وقد سبق مثل هذين الوجهين في باب ما ينقض الوضوء فيما لو أخرجت دودة رأسها من فرجه ثم رجعت قبل انفصالها هل ينتقض وضوؤه فيه
وجهان (الأصح) ينتقض (الشرط الثالث) أن يبتلعه على العادة فلو جمعه قصدا ثم ابتلعه فهل يفطر فيه وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما (أصحهما) لا يفطر ولو اجتمع ريق كثير بغير قصد بأن كثر كلامه أو غير ذلك بغير قصد فابتلعه لم يفطر بلا خلاف

* {فرع} لو بل الخياط خيطا بالريق ثم رده إلى فيه على عادتهم حال الفتل قال أصحابنا: إن لم يكن عليه رطوبة تنفصل لم يفطر بابتلاع ريقه بعده بلا خلاف لأنه لم ينفصل شئ يدخل جوفه وممن نقل اتفاق الأصحاب على هذا المتولي وإن كانت رطوبة تنفصل وابتلعها فوجهان حكاهما إمام الحرمين ومتابعوه والمتولي (أحدهما) وهو قول الشيخ أبي محمد الجويني لا يفطر قال كما لا يفطر بالباقي من ماء المضمضة (وأصحهما) وبه قطع الجمهور يفطر لأنه لا ضرورة إليه وقد ابتلعه بعد مفارقة معدنه وانفصاله وخص صاحب التتمة الوجهين بما إذا كان جاهلا تحريم ذلك قال فإن كان عالما بتحريمه أفطر بلا خلاف لتقصيره
* {فرع} لو استاك بسواك رطب فانفصل من رطوبته أو خشبه المتشعب شئ وابتلعه أفطر بلا خلاف صرح به الفوراني وغيره
* {فرع} اتفق العلماء على أنه إذا ابتلع ريق غيره أفطر وفي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يقبلها وهو صائم ويمص لسانها" رواه أبو داود بإسناد فيه سعد بن أوس ومصدع وهما ممن اختلف في جرحه وتوثيقه قال أصحابنا هذا محمول على أنه بصقه ولم يبتلعه (المسألة الرابعة)
قال أصحابنا النخامة إن لم تحصل في حد الظاهر من الفم لم تضر بالاتفاق فإن حصلت فيه بانصبابها من الدماغ في الثقبة النافدة منه إلى أقصى الفم فوق الحلقوم نظر إن لم يقدر على صرفها ومجها حتى نزلت إلى الجوف لم تضر وإن ردها إلى فضاء الفم أو ارتدت إليه ثم ابتلعها أفطر على المذهب وبه قطع الجمهور وحكى صاحب العدة والبيان وجها أنه لا يفطر لان جنسها معفو عنه وهذا شاذ مرود وإن قدر على قطعها من مجراها ومجها فتركها حتى جرت بنفسها فوجهان حكاهما إمام الحرمين وغيره
(أحدهما)
يفطر لتقصيره قال الرافعي وهذا هو الأوفق لكلام الأصحاب


(والثاني)
لا يفطر لأنه لم يفعل شيئا وإنما ترك الدفع فلم يفطر كما لو وصل الغبار إلى جوفه مع إمكان إطباق فيه ولم يطبقه
فإنه لا يفطر قال الشيخ أبو عمر وبن الصلاح ولعل هذا الوجه أقرب قال ولم أجد ذكرا لأصحهما والله تعالى أعلم (الخامسة) قال الشافعي والأصحاب إذا تقايأ عمدا بطل صومه وان ذرعه القئ أي غلبه لم يبطل وهذان الطرفان لا خلاف فيهما عندنا وفى سبب الفطر بالقئ عمدا وجهان مشهوران وقد يفهمان من كلام المصنف (أصحهما) ان نفس الاستقاءة مفطرة كإنزال المني بالاستمناء
(والثاني)

أن المفطر رجوع شئ مما خرج وإن قل فلو تقايأ عمدا منكوسا أو تحفظ بحيث تيقن أنه لم يرجع شئ إلى جوفه (فإن قلنا) المفطر نفس الاستقاءة أفطر وإلا فلا قال إمام الحرمين فلو استقاء عمدا وتحفظ جهده فغلبه القئ ورجع شئ (فإن قلنا) الاستقاءة مفطرة بنفسها فهنا أولى (وان قلتا لا يفطر الا برجوع شئ فهو على الخلاف في المبالغة في المضمضة إذا سبق الماء إلى جوفه قال أصحابنا: وحيث افطر بالقئ عمدا لزمه القضاء في الصوم الواجب ولا كفارة عليه إن كان في رمضان والله تعالى اعلم
* {فرع} إذا اقتلع تخامة من باطنه ولفظها لم يفطر على المذهب وبه قطع الحناطي وكثيرون وحكى الشيخ أبو محمد الجويني فيه وجهين (أصحهما) لا يفطر لانه مما تدعو إليه الحاجة (والثاني) يفطر كالقئ قال الغزالي مخرج الحاء المهملة من الباطن والخاء المعجمة من الظاهر ووافقه الرافعي فقال هذا ظاهر لأن المهملة تخرج من الحلق والحلق باطن والمعجمة تخرج مما قبل الغلصمة قال الرافعي لكن يشبه أن يكون قدر مما بعد مخرج المهملة من الظاهر أيضا هذا كلام الرافعي والصحيح أن المهملة أيضا من الظاهر وعجب كونه ضبط بالمهملة التي هي من وسط الحلق ولم يضبط بالهاء أو الهمزة فإنهما من أقصى الحلق (وأما) الخاء المعجمة فمن أدنى الحلق وكل هذا مشهور لاهل العربية والله تعالى أعلم {فرع} في مذاهب العلماء في القئ
* قد ذكرنا أن مذهبنا أن من تقايأ عمدا أفطر ولا كفارة

عليه إن كان في رمضان قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن من تقايأ عمدا أفطر قال ثم قال علي وابن عمر وزيد بن أرقم وعلقمة والزهري ومالك واحمد واسحق وأصحاب الرأي: لا كفارة عليه
وإنما عليه القضاء قال وقال عطاء وأبو ثور عليه القضاء والكفارة وقال وبالأول أقول قال وأما من ذرعه القئ فقال علي وابن عمر وزيد بن أرقم ومالك والثوري والاوزاعي واحمد واسحق وأصحاب الرأي لا يبطل صومه قال وهذا قول كل من يحفظ عنه العلم وبه أقول قال: وعن الحسن البصري روايتان الفطر وعدمه هذا نقل ابن المنذر وقال العبدري نقل عن ابن مسعود وابن عباس أنه لا يفطر بالقئ عمدا قال وعن أصحاب مالك في فطر من ذرعه القئ خلاف قال وقال أحمد إن تقايأ فاحشا أفطر فخصه بالفاحش

* دليلنا على الجميع حديث أبي هريرة السابق والله تعالى أعلم
* {فرع} في مسائل اختلف العلماء فيها (منها) الحقنة ذكرنا أنها مفطرة عندنا ونقله ابن المنذر عن عطاء والثوري وابى حنيفة واحمد واسحق وحكاه العبدري وسائر أصحابنا أيضا عن مالك ونقله المتولي عن عامة العلماء وقال الحسن بن صالح وداود لا يفطر (ومنها) لو قطر في إحليله شيئا فالصحيح عندنا أنه يفطر كما سبق وحكاه ابن المنذر عن أبي يوسف وقال أبو حنيفة والحسن بن صالح وداود لا يفطر (ومنها) السعوط إذا وصل للدماغ أفطر عندنا وحكاه ابن المنذر عن الثوري والاوزاعي وابو حنيفة ومالك واسحق وأبي ثور وقال داود لا يفطر وحكاه ابن المنذر عن بعض العلماء (ومنها) لو صب الماء أو غيره في أذنيه فوصل دماغه أفطر على الأصح عندنا وبه قال أبو حنيفة وقال مالك والأوزاعي وداود لا يفطر إلا أن يصل حلقه (ومنها) لو داوى جرحه فوصل الدواء إلى جوفه أو دماغه أفطر عندنا سواء كان الدواء رطبا أو يابسا وحكاه ابن المنذر عن أبي حنيفة والمشهور عن ابي حنيفة انه يفطران كان دواء رطبا وإن كان يابسا فلا
* وقال مالك وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور وداود لا يفطر مطلقا (ومنها) لو طعن نفسه بسكين أو غيرها فوصلت جوفه أو دماغه أو طعنه غيره بأمره فوصلتهما أفطر عندنا وقال أبو يوسف ومحمد لا يفطر

* وقال أبو حنيفة إن نفذت الطعنة إلى الجانب الآخر أفطر وإلا فلا (ومنها) الطعام الباقي بين أسنانه إذا ابتلعه قد سبق تفصيل مذهبنا فيه قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنه لا شئ على الصائم فيما يبلعه مما يجري مع الريق مما بين أسنانه مما لا يقدر على رده قال فإن قدر على رده فابتلعه عمدا قال أبو حنيفة لا يفطر وقال سائر العلماء يفطر وبه أقول ودلائل هذه المسائل سبقت في مواضعها والله أعلم
*
* قال المصنف رحمه الله تعالى
*
{وتحرم المباشرة في الفرج لقوله سبحانه وتعالى (فالآن باشروهن) إلى قوله عز وجل (ثم أتموا الصيام إلى الليل) فان باشرها في الفرج بطل صومه لانه احد ما ينافى الصوم فهو كالاكل وان باشر فيما دون الفرج فانزل أو قبل فانزل بطل صومه وإن لم ينزل لم يبطل لما روى جابر رضي الله عنه قال "قبلت وأنا صائم فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت قبلت وانا صائم فقال ارأيت لو تمضمضت وان صائم" فشبه القبلة بالمضمضة وقد ثبت انه إذا تمضمض فوصل الماء الي جوفه افطر وان لم يصل لم يفطر فدل علي ان القبلة مثلها فان جامع قبل طلوع الفجر فاخرج مع الطلوع وانزل لم يبطل صومه لان الانزال تولد من مباشرة هو مضطر إليها فلم يبطل الصوم وان نظر وتلذذ فانزل لم يبطل صومه لانه انزل من غير مباشرة فلم يبطل الصوم كما لو نام فاحتلم وان استمنى فانزل بطل صومه لانه انزال عن مباشرة فهو كالانزال عن القبلة ولان الاستمناء كالمباشرة فيما دون الفرج من الاجنبية في الاثم والتعزير فكذلك في الافطار الشرح} هذا الحديث المذكور مما غيره المصنف فجعله عن جابر وأنه هو المقبل وليس هو كذلك وإنما المقبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو السائل وهذا لفظ الحديث في سنن أبي داود وسند أحمد بن حنبل وسنن البيهقي وجميع كتب الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال "قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه هششت فقبلت وأنا صائم فقلت يارسول الله صنعت اليوم أمرا عظيما قبلت وأنا صائم قال أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم قلت لا بأس قال فمه" هذا لفظ الحديث في سنن أبي داود وغيره وإسناده صحيح على شرط مسلم ورواه الحاكم وقال هو صحيح على شرط البخاري ومسلم ولا يقبل قوله إنه على شرط البخاري إنما هو على شرط مسلم قال الخطابي في هذا الحديث إثبات القياس والجمع بين الشيئين في الحكم الواحد لاجتماعها في الشبه لأن المضمضة بالماء ذريعة إلى نزوله إلى البطن فيفسد الصوم كما أن القبلة ذريعة إلى الجماع المفسد للصوم فإذا كان أحدهما غير مفطر وهو المضمضة فكذا الآخر (وقوله) هششت معناه نشطت وارتحت (وقول)
المصنف وقد ثبت أنه لو تمضمض فوصل الماء إلى جوفه أفطر هذا تفريع منه على أحد القولين في المضمضة (أما) الأحكام ففي الفصل مسائل (إحداها) أجمعت الأمة على تحريم الجماع في القبل والدبر على الصائم وعلى أن الجماع يبطل صومه للآيات الكريمة التي ذكرها المصنف والأحاديث الصحيحة ولأنه مناف للصوم فأبطله كالأكل وسواء أنزل أم لا فيبطل صومه في الحالين بالإجماع لعموم الآية والأحاديث ولحصول المنافي ولو لاط برجل أو صبي أو اولج في قبل بهمية أو دبرها بطل صومه بلا خلاف عندنا سواء أنزل أم لا
* وقل أبو حنيفة في اللواط كمذهبنا
* وقال في البهيمة إن أنزل بطل

صومه وإلا فلا وسواء في الوطئ وطئ زوجته وأمته وأجنبية بزنا أو شبهة فكله يفطر به إذا كان عالما بالصوم (الثانية) إذا قبل أو باشر فيما دون الفرج بذكره أو لمس بشرة امرأة بيده أو غيرها فإن أنزل المني بطل صومه وإلا فلا لما ذكره المصنف ونقل صاحب الحاوي وغيره الإجماع على بطلان صوم من قبل أو باشر دون الفرج فأنزل ويستدل أيضا لعدم الفطر إذا لم ينزل بالأحاديث الصحيحة المشهورة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم" وسيأتي بيانها إن شاء الله تعالى وهذا الذي ذكرناه هو المذهب والمنصوص وبه قطع الجمهور وحكى إمام الحرمين عن والده أنه حكى وجهين فيمن ضم امرأة إلى نفسه وبينهما حائل فأنزل قال وهو عندي كسبق ماء المضمضة قال فإن ضاجعها متجردا فهو كالمبالغة في المضمضة قال وقد وجدت للشيخ أبي علي السنجي في الشرح رمزا إلى هذا قلت قد جزم المتولي بأنه لو قبلها فوق خمار فأنزل لا يفطر لعدم المباشرة قال ولو لمس شعرها فأنزل ففي بطلان صومه وجهان بناء على انتقاض الوضوء بمسه
(الثالثة) إذا جامع قبل الفجر ثم نزع مع طلوعه أو عقب طلوعه وأنزل لم يبطل صومه لأنه تولد من مباشرة مباحة فلم يجب فيه شئ كما لو قطع يد رجل قصاصا فمات المقتص منه فهذا هو التعليل الصحيح وأما قول المصنف لأنه تولد من مباشرة هو مضطر إليها فليس بمقبول (الرابعة) إذا نظر إلى امرأة ونحوها وتلذذ فأنزل بذلك لم يفطر سواء كرر النظر أم لا وهذا لا خلاف فيه عندنا إلا وجها شاذا حكاه السرخسي في الأمالي أنه إذا كرر النظر فأنزل بطل صومه والمذهب الأول وبه قال أبو الشعثاء جابر بن زيد التابعي وسفيان الثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف وأبو ثور وحكى
ابن المنذر عن الحسن البصري هو كالجماع فيجب القضاء والكفارة ونحوه عن الحسن بن صالح وعن مالك روايتان
(أحدهما)
كالحسن (والثانية) إن تابع النظر فعليه القضاء والكفارة وإلا فالقضاء قال ابن المنذر لا شئ عليه ولو احتاط فقضى يوما فحسن قال صاحب الحاوي أما إذا فكر بقلبه من غير نظر فتلدذ فأنزل فلا قضاء عليه ولا كفارة بالإجماع قال وإذا كرر النظر فأنزل أثم وإن لم يجب القضاء (الخامسة) إذا استمنى بيده وهو استخراج المني أفطر بلا خلاف عندنا لما ذكره المصنف ولو حك ذكره لعارض فأنزل فوجهان حكاهما الصيمري وصاحب البيان قالوا ويشبه أن يكونا مبنبين على القولين فيمن سبق ماء المضمضة إلى جوفه قلت والأصح أنه لا يفطر في مسألة حك الذكر لعارض لأنه متولد من مباشرة مباحة والله أعلم (أما) إذا احتلم فلا يفطر بالإجماع لأنه مغلوب كمن طارت ذبابة فوقعت في جوفه بغير اختياره فهذا هو المعتمد في دليل المسألة (وأما) الحديث المروي عن النبي
صلى الله عليه وسلم "لا يفطر من قاء ولا من احتجم" فحديث ضعيف لا يحتج به وسبق بيانه في مسالة القئ والله تعالي أعلم
* {فرع} لو قبل امرأة وتلذذ فأمذى ولم يمن لم يفطر عندنا بلا خلاف وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري والشعبي والأوزاعي وأبي حنيفة وأبي ثور قال وبه أقول

* وقال مالك وأحمد يفطر دليلنا أنه خارج لا يوجب الغسل فأشبه البول {فرع} قال صاحب البيان إذا أمنى الخنثى المشكل عن مباشرة وهو صائم أو رأى الدم يوما كاملا من فرج النساء لم يبطل صومه لاحتمال أنه عضو زائد وإن أمنى من فرج الرجال عن مباشرة ورأى الدم في ذلك اليوم من فرج النساء واستمر الدم أقل مدة الحيض بطل صومه لأنه إن كان رجلا فقد أنزل عن مباشرة وإلا فقد حاضت فإن استمر به الدم بعد ذلك أياما ولم ينزل عن مباشرة من آلة الرجال لم يبطل صومه في يوم انفراد الدم أو الإنزال ولا كفارة حيث قلنا بفطره للاحتمال هذا كلام صاحب البيان * قال المصنف رحمه الله وان فعل ذلك كله ناسيا لم يبطل صومه لما روى أبو هريرة رضي الله عنه إن النبي صلى الله
عليه وسلم قال "من أكل ناسيا أو شرب ناسيا فلا يفطر فانما هو رزق رزقه الله" فنص على الاكل والشرب وقسنا عليه كل ما يبطل الصوم من الجماع وغيره وان فعل ذلك وهو جاهل بتحريمه لم يبطل صومه لانه يجهل تحريمه فهو كالناسي وان فعل ذلك به بغير اختياره بان اوجر الطعام في حلقه مكرها لم يبطل صومه وان شد امرأته ووطئها وهى مكرهة لم يبطل صومها وان استدخلت المرأة ذكر الرجل وهو نائم لم يبطل صومه لحديث ابي هريرة "ومن ذرعه القئ فلا قضاء عليه" فدل.
على ان كل ما حصل بغير اختياره لم يجب به القضاء ولان النبي صلى الله عليه وسلم اضاف أكل الناسي إلى الله تعالى واسقط به القضاء فدل على ان كل ما حصل بغير فعله لا يوجب القضاء وان أكره حتي أكل بنفسه أو أكرهت المرأة حتى مكنت من الوطئ فوطئها ففيه قولان
(أحدهما)
يبطل الصوم لانه فعل ما ينافى الصوم لدفع الضرر وهو ذا كر للصوم فبطل صومه كما لو أكل لخوف المرض أو شرب لدفع العطش
(والثانى)
لا يبطل لانه وصل إلى جوفه بغير اختياره فاشبه إذا أوجر في حلقه
* {الشرح} حديث أبى هريرة "من ذرعه القئ" سبق بيانه في مسالة القئ وحديثه الأول "من أكل ناسيا" إلى آخره رواه الترمذي والدارقطني والبيهقي وغيرهم بلفظه الذي هنا قال الترمذي


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 12-03-2025, 10:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان



المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى
كتاب الصيام
324الى 330

(12)



وهو حديث حسن صحيح ورواه البخاري ومسلم بمعناه لفظ البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا نسي فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه" وفي رواية له "من أكل ناسيا وهو صائم فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه" وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أفطر في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة" رواه الدارقطني بإسناد صحيح أو حسن
* وقول المصنف وإن شد امرأته لو قال امرأة لكان أحسن وأعم (أما) الأحكام ففيه مسائل (إحداها) إذا أكل أو شرب أو تقايأ أو استعط أو جامع أو فعل غير ذلك من منافيات الصوم ناسيا لم يفطر عندنا سواء قل ذلك أم كثر هذا هو المذهب والمنصوص وبه قطع المصنف والجمهور من العراقيين وغيرهم وذكر الخراسانيون في أكل الناسي إذا كثر وجهين ككلام الناسي في الصلاة
إذا كثر والمذهب أنه لا يفطر هنا وجها واحدا لعموم الأحاديث السابقة ولأنه قد يستمر به النسيان حتى يأكل كثيرا ويندر ذلك في الكلام في الصلاة وذكر الخراسانيون في جماع الناسي طريقين (أصحهما) ما قدمناه عن الجمهور أنه لا يفطر للأحاديث (والثاني) على قولين كجماع المحرم ناسيا (أصحهما) لا يفطر (والثاني) يفطر قال المتولي وغيره وهو مخرج من الحج ليس منصوصا وبهذا القول قال أحمد فعلى المذهب وهو الطريق الأول قال السرخسي الفرق بين جماع الناسي في الإحرام والصيام أن المحرم له هيئة يتذكر بها حاله فإذا نسي كان مقصرا بخلاف الصائم
* والله تعالى أعلم
* {فرع} في مذاهب العلماء في الأكل وغيره ناسيا
* ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يفطر بشئ من المنافيات ناسيا للصوم وبه قال الحسن البصري ومجاهد وأبو حنيفة وإسحاق وأبو ثور وداود وابن المنذر وغيرهم وقال عطاء والأوزاعي والليث يجب قضاؤه في الجماع ناسيا دون الأكل وقال ربيعة ومالك يفسد صوم الناسي في جميع ذلك وعليه القضاء دون الكفارة

* وقال أحمد يجب بالجماع ناسيا القضاء والكفارة ولا شئ في الأكل
* دليلنا على الجميع الأحاديث السابقة والله تعالى أعلم (المسألة الثانية) إذا أكل الصائم أو شرب أو جامع جاهلا بتحريمه فإن كان قريب عهد بإسلام أو نشأ ببادية بعيدة بحيث يخفى عليه كون هذا مفطرا لم يفطر لأنه لا يأثم فأشبه الناسي الذي ثبت فيه النص وإن كان مخالطا للمسلمين بحيث لا يخفى عليه تحريمه أفطر لأنه مقصر وعلى هذا التفصيل ينزل كلام المصنف وغيره ممن أطلق المسألة ولو فصل المصنف كما فصل غيره على ما ذكرناه كان أولى (الثالثة) إذا فعل به غيره المفطر بأن أوجر الطعام قهرا أو أسعط الماء وغيره أو طعن بغير رضاه بحيث وصلت الطعنة جوفه أو ربطت المرأة وجومعت أو جومعت نائمة فلا فطر في كل ذلك لما ذكره المصنف وكذا لو استدخلت ذكره نائما أفطرت هي دونه لما ذكره المصنف
وسواء في ذلك امرأته وزوجها والأجنبية والأجنبي ولا خلاف عندنا في شئ من هذا إلا وجها حكاه الحناطي والرافعي فيما إذا أوجر أنه يفطر وهذا شاذ مردود ولو كان مغمى عليه وقد نوى من الليل وأفاق في بعض النهار وقلنا يصح صومه فأوجره غيره شيئا في حال إغمائه لغير المعالجة لم
يبطل صومه إلا على وجه الحناطي وإن أوجره معالجة وإصلاحا له فهل يفطر فيه وجهان مشوران في كتب الخراسانيين (أصحهما) لا يفطر كغير المعالجة لانه لاصنع له (والثاني) يفطر لأن فعل المعالج لمصلحته فصار كفعله قالوا ونظير المسألة إذا عولج المحرم المغمى عليه بدواء فيه طيب هل تجب الفدية فيه خلاف سنوضحه في موضعه إن شاء الله تعالى
* {فرع} لو طعنه غيره طعنة وصلت جوفه بغير أمره لكن أمكنه دفعه فلم يدفعه ففي فطره وجهان حكاهما الدارمي (أقيسهما) لا يفطر إذ لافعل له والله أعلم (الرابعة) لو أكره الصائم على أن يأكل بنفسه أو يشرب فأكل أو شرب أو أكرهت على التمكين من الوطئ فمكنت ففي بطلان الصوم به قولان مشهوران قل من بين الأصح منهما (والأصح) لا يبطل ممن صححه المصنف في التنبيه والغزالي في الوجيز والعبد رى في الكفاية والرافعي في الشرح وآخرون وهو الصواب ولا تغتر بتصحيح الرافعي في المحرر البطلان وقد نبهت عليه في مختصر المحرر
* واحتجوا لعدم الطلان بأنه بالا كراه سقط أثر فعله ولهذا لا يأثم بالأكل لأنه صار مأمورا بالأكل لا منهيا عنه فهو كالناسي بل أولى منه بأن لا يفطر لأنه مخاطب بالأكل لدفع ضرر الإكراه عن نفسه بخلاف الناسي فإنه ليس بمخاطب بأمر ولا نهي (وأما) قول القائل الآخر إنه أكل لدفع الضرر عنه فكان كالآكل لدفع الجوع والعطش ففوقوا بينهما بأن الاكراه قادح في اختياره وأما الجوع والعطش فلا يقدحان في اختياره بل يزيد انه قال اصحابنا فان قلنا يفطر المنكرة فلا كفارة عليه بلا خلاف سواء أكره على أكل أو أكرهت على التمكين من الوطئ وأما إذا اكره رجل على الوطئ فيبني على الخلاف المشهور أنه هل يتصور إكراهه علي الوطئ أم لا قال أصحابنا إن قلنا يتصور إكراهه فهو كالمكره ففي إفطاره القولان (فإن قلنا) يفطر فلا كفارة قولا واحدا لأنها تجب على من جامع جماعا يأثم به وهذا لم يأثم بلا خلاف (وإن قلنا) لا يتصور إكراهه أفطر قولا واحدا ووجبت الكفارة لأنه غير مكره والله أعلم

* قال صاحب الحاوي: لو شدت يدا الرجل وأدخل ذكره في الفرج بغير اختياره ولا قصد منه فإن لم ينزل فصومه صحيح وإن أنزل فوجهان
(أحدهما)
لا يبطل صومه لأنه لم يبطل بالإيلاج فلم يبطل بما حدث منه وكأنه أنزل من غير مباشرة لأن المباشرة سقط أثرها بالإكراه
(والثاني)
يبطل لأن
زال لا يحدث إلا عن قصد واختيار قال فعلى هذا يلزمه القضاء إن كان في رمضان وفي الكفارة
وجهان
(أحدهما)
تجب لأنا جعلناه مفطرا باختياره (والثاني) لا تجب للشبهة هذا كلام صاحب الحاوي قلت هذا الخلاف في فطره شبيه بالخلاف فيمن أكره على كلمة الطلاق فقصد إيقاعه ففي وقوعه خلاف مشهور حكاه المصنف والأصحاب وجهين
(أحدهما)
لا يقع لأن اللفظ سقط أثره بالإكراه وبقي مجرد نية والنية وحدها لا يقع بها طلاق (وأصحهما) يقع لوجود قصد الطلاق بلفظه وينبغي أن يكون الأصح في مسألة الصوم أنه إن حصل بالإنزال تفكر وقصد وتلذذ أفطر وإلا فلا والله تعالى أعلم
* {فرع} ذكرنا أن الأصح عندنا أن المكره على الأكل وغيره لا يبطل صومه وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد يبطل والله تعالي أعلم
*
* قال المنصف رحمه الله تعالى

* وإن تمضمض أو استنشق فوصل الماء الي جوفه أو دماغه فقد نص فيه علي قولين (فمن) أصحابنا من قال القولان إذا لم يبالغ فأما إذا بالغ فيبطل صومه قولا واحدا وهو الصحيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للقيط بن صبرة "إذا استنشقت فأبلغ الوضوء إلا أن تكون صائما" فنهاه عن المبالغة فلو لم يكن وصول الماء في المبالغة يبطل الصوم لم يكن للنهى عن المبالغة معني ولان المبالغة منهى عنها في الصوم وماتولد من سبب منهي عنه فهو كالمباشرة والدليل عليه انه إذا جرح انسانا فمات جعل كأنه باشر قتله (ومن) اصحبنا من قال هي على قولين بالغ أو لم يبالغ (احدهما) يبطل صومه لقوله صلى الله عليه وسلم لمن قبل وهو صائم "أرأيت لو تمضمضت" فشبه القبلة بالمضمضة وإذا قبل فأنزل بطل صومه فكذلك إذا تمضمض فنزل الماء إلى جوفه وجب ان يبطل صومه
(والثانى)

لا يبطل لانه وصل إلى جوفه بغير اختياره فلم يبطل صومه كغبار الطريق وغربلة الدقيق
* {الشرح} حديث لقيط سبق بيانه قريبا في فصل تحريم الطعام والشراب على الصائم وحديث قبلة الصائم وتشبيهها بالمضمضة بيناه قريبا (أما) حكم المسألة فاتفق أصحابنا ونصوص الشافعي
رضي الله عنه على أنه يستحب للصائم المضمضة والاستنشاق في وضوئه كما يستحبان لغيره لكن تكره المبالغة فيهما لما سبق في باب الوضوء فلو سبق الماء فحاصل الخلاف في المضمضة والاستنشاق إذا وصل الماء منهما جوفه أو دماغه ثلاثة أقوال (أصحها) عند الأصحاب إن بالغ أفطر وإلا فلا (والثاني) يفطر مطلقا (والثالث) لا يفطر مطلقا والخلاف فيمن هو ذاكر للصوم عالم بالتحريم فإن كان ناسيا أو جاهلا لم يبطل بلا خلاف كما سبق ولو غسل فمه من نجاسة فسبق الماء إلى جوفه فهو كسبقه في المضمضة فلو بالغ ههنا قال الرافعي هذه المبالغة لحاجة فينبغي أن تكون كالمضمضة بلا مبالغة لأنه مأمور بالمبالغة
للنجاسة دون المضمضة وهذا الذي قاله متعين ولو سبق الماء من غسل تبرد أو من المضمضة في المرة الرابعة قال البغوي إن بالغ أفطر وإلا فهو مرتب على المضمضة وأولى بإبطال الصوم لأنه غير مأمور به هذا كلام البغوي والمختار في الرابعة الجزم بالإفطار لأنها منهي عنها ولو جعل الماء في فيه لا لغرض فسبق ونزل إلى جوفه فطريقان حكاهما المتولي (أحدهما) يفطر
(والثاني)
على القولين ولو أصبح ولم ينو صوما فتمضمض ولم يبالغ فسبق الماء إلى جوفه ثم نوى صوم تطوع صح صومه على أصح الوجهين لأنه لاأثر لما سبق على الصحيح فكأنه لم يكن قال القاضي حسين في فتاويه: إن قلنا إن السبق لا يبطل الصوم صح صومه هذا وإلا فلا قال والأصح الصحة في الموضعين هذا كلامه وهذه مسألة مهمة نفيسة والله تعالى أعلم
* قال الدارمي: ولو كان الماء في فيه أو أنفه فوجد منه عطاس أو نحوه فنزل الماء بذلك إلى جوفه أو دماغه لم يفطر قال أصحابنا وسواء في المضمضة والاستنشاق صوم الفرض والنفل فحكمهما سواء على ما ذكرناه

* هذا مذهبنا وحكى أصحابنا عن النخعي أنه إن سبق الماء في وضوء مكتوبة لم يفطر وإن كانت نافلة أفطر واستدل أصحابنا بأن المضمضة مأمور بها في وضوء الفرض والنفل والله تعالى أعلم
* {فرع} قال المتولي وغيره إذا تمضمض الصائم لزمه مج الماء ولا يلزمه تنشيف فمه بخرقة ونحوها بلا خلاف قال المتولي لأن في ذلك مشقة قال ولأنه لا يبقى في الفم بعد المج إلا رطوبة لا تنفصل عن الموضع إذ لو انفصلت لخرجت في المج والله تعالى أعلم

* {فرع} في مذاهب العلماء فيمن تمضمض واستنشق فسبق الماء بغير اختياره إلى جوفه أو دماغه
قد ذكرنا أنه إن بالغ فالصحيح عندنا بطلان صومه وإلا فلا وممن قال ببطلان الصوم مطلقا مالك وأبو حنيفة والمرنى قال الماوردى وهو قول أكثر الفقهاء وقال الحسن البصري وأحمد وإسحق وأبو ثور لا يبطل مطلقا وحكى الماوردي عن ابن عباس والشعبي والنخعي وابن أبي لبلي أنه إن توضأ لنافلة بطل صومه وإن توضأ لفريضة فلا لأنه مضطر إليه في الفريضة ومختار في النافلة قال الماوردي هذا ضعيف لوجهين
(أحدهما)
أن المضمضة والاستنشاق سنتان فهو غير مضطر إليهما في الفرض والنفل ومندوب إليهما فيهما
(والثاني)
أن حكم الفطر لا يختلف بذلك ولهذا لو أجهده الصوم أكل وقضى ولو أكل من غير مشقة قضى والله تعالى أعلم
* {فرع} اتفق أصحابنا على أنه لو طارت ذبابة فدخلت جوفه أو وصل إليه غبار الطريق أو غربلة الدقيق بغير تعمد لم يفطر قال أصحابنا ولا يكلف إطباق فمه عند الغبار والغربلة لان
فيه حرجا فلو فتح فمه عمدا حتى دخله الغبار ووصل وجهه فوجهان حكاهما البغوي والمتولي وغيرهما قال البغوي (أصحهما) لا يفطر لأنه معفو عن جنسه
(والثاني)
يفطر لتقصيره وهو شبيه بالخلاف السابق في دم البراغيث إذا كثر وفيما إذا تعمد قتل قملة في ثوبه وصلى ونظائر ذلك والله أعلم * قال المصنف رحمه الله

* {وان أكل أو جامع وهو يظن أن الفجر لم يطلع وكان قد طلع أو يظن أن الشمس قد غربت ولم تغرب لزمه القضاء لما روى حنظلة قال "كنا بالمدينة في شهر رمضان وفى السماء شئ من السحاب فظننا أن الشمس قد غابت فأفطر بعض الناس فأمر عمر رضى الله عنه من كان قد افطر أن يصوم يوما مكانه" ولانه مفطر لانه كان يمكنه أن يثبت إلي أن يعلم فلم يعذر}
* {لشرح} هذه المسألة ودليلها وفروعها وما يتعلق بها سبق بيانه كله قريبا في فصل يدخل في الصوم بطلوع الفجر ويخرج منه بغروب الشمس وذكرنا هناك أن الصحيح كما ذكره المصنف وفي المسألة وجهان آخران سبقا هناك وسبق بيان حديث عمر رضي الله عنه هذا المذكور في مذاهب العلماء والله أعلم * قال المصنف رحمه الله

*
{ومن أفطر في رمضان بغبر الجماع من غير عذر وجب عليه القضاء لقوله صلي الله عليه وسلم "من استقاء فعليه القضاء" ولان الله تعالي أوجب القضاء علي المريض والمسافر مع وجود العذر فلان يجب مع عدم العذر أولي ويجب امساك بقية النهار لانه أفطر بغير عذر فلزمه امساك بقية النهار ولا يجب عليه الكفارة لان الاصل عدم الكفارة الا فيما ورد به الشرع وقد ورد الشرع بايجاب الكفارة في الجماع وما سواه وليس في معناه لان الجماع أغلظ ولهذا يجب به الحد في ملك الغير ولا يجب فيما سواه فبقي على الاصل وان بلغ ذلك السلطان عزره لانه محرم ليس فيه حد ولا كفارة فثبت فيه التعزير كالمباشرة فيما دون الفرج من الاجنبية}
* {الشرح} هذا الحديث سبق بيانه قال أصحابنا إذا أفطر الصائم في نهار رمضان بغير الجماع من غير عذر عامدا مختارا عالما بالتحريم بأن أكل أو شرب أو استعط أو باشر فيما دون الفرج فأنرل أو استمنى فأنزل أثم ووجب عليه القضاء وامساك بقية النهار ولا يلزمه الكفارة العظمى وهي عتق رقبة وهل تلزمه الفدية وهي مد من الطعام فيه طريقان (أصحهما) وبه قطع العراقيون لا يلزمه لما ذكره المصنف
(والثاني)
حكاه الخراسانيون فيه وجهان (أصحهما) عند جمهورهم لا يلزمه
(والثاني)
يلزمه لأنها إذا لزمت المرضع والحامل وهما معذورتان فهذا أولى وهذا الوجه حكاه
البندنيجى عن أبى علي بن أبي هريرة قال المصنف والأصحاب وإذا علم الساطان أو نائبه بهذا عزره لما ذكره المصنف
* {فرع} ذكره أصحابنا الخراسانيون

* قالوا لو رأى الصائم في رمضان مشرفا على الغرق ونحوه ولم يمكنه تخليصه الا بالفظر ليتقوى فأفطر لذلك جاز بل هو واجب عليه ويلزمه القضاء وفي الفدية وجهان مشهوران (أصحهما) باتفاقهم لزومها كالمرضع (والثاني) لا يلزمه كالمسافر والمريض والله تعالى أعلم
* {فرع} قال أصحابنا الإمساك تشبيها بالصائمين من خواص رمضان كالكفارة فلا إمساك على متعد بالفطر في نذر أو قضاء أو كفارة كما لا كفارة وهذا كله متفق عليه قال أصحابنا ثم

من امسك تشببها فليس هو في صوم بخلاف المحرم إذا أفسد إحرامه ويظهر أثره في أن المحرم لو ارتكب محظورا لزمته الفدية ولو ارتكب الممسك محظورا فلا شئ عليه بلا خلاف سوى الإثم وقد سبق بيان هذا في مسألة الإمساك إذا بان يوم الشك من رمضان قال أصحابنا ويجب الإمساك على كل متعد بالفطر في رمضان سواء أكل أو ارتد أو نوى الخروج من الصوم إذا قلنا يخرج منه بنية الخروج ويجب على من نسبي النية من الليل وأما المسافر إذا أقام والمريض إذا برأ والصبي إذا بلغ والمجنون إذا أفاق والحائض والنفساء إذا طهرتا والكافر إذا أسلم وغيرهم ممن في معناهم فسبق بيان حكمهم في الإمساك في أوائل الباب مبسوطا والله أعلم
* {فرع} في مذاهب العلماء فيمن أفطر بغير الجماع في نهار رمضان عدوانا
* ذكرنا أن مذهبنا أن عليه قضاء يوم بدله وإمساك بقية النهار وإذا قضى يوما كفاه عن الصوم وبرئت ذمته منه وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وجمهور العلماء قال العبدى هو قول الفقهاء كافة إلا من سنذكره إن شاء الله تعالى وحكى ابن المنذر وغيره عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه يلزمه أن يصوم اثني عشر يوما مكان كل يوم لأن السنة اثني عشر شهرا وقال سعيد بن المسيب يلزمه صوم ثلاثين يوما وقال النخعي يلزمه صوم ثلاثة الاف يوم كذا حكاه عنه ابن المنذر وأصحابنا وقال علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما لا يقضيه صوم الدهر
* واحتج لهذا المذهب بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة لم يجزه صيام الدهر" رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد غريب لكن لم يضعفه أبو داود (وأما) الكفارة فيه والفدية فمذهبنا انه لا يلزمه شئ من ذلك كما سبق وبه قال سعيد بن جبير وابن سيرين والنخعي وحماد بن
أبي سليمان وأحمد وداود
* وقال أبو حنيفة مالا يتغذى به في العادة كالعجين وبلع حصاة ونواة ولؤلؤة يوجب القضاء ولا كفارة وكذا إن باشر دون الفرج فأنزل أو استمنى فلا كفارة وقال الزهري والاوزاعي والثوري واسحق: تجب الكفارة العظمى من غير تفصيل وحكاه ابن المنذر أيضا عن عطاء والحسن وأبي ثور ومالك والمشهور عن مالك أنه يوجب الكفارة العظمى في كل
فطر لمعصية كما حكاه ابن المنذر وحكي عنه خلافه قال ابن المذر وروينا أيضا عن عطاء أن عليه تحرير رقبة فإن لم يجدها فبدنة أو بقرة أو عشرين صاعا من طعام

* دليلنا ما ذكره المصنف (وأما) الحديث الذي رواه البيهقي بإسناده عن هشيم بإسناده عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه أمر الذى أفطر في في شهر رمضان بكفارة الظهار" وفي رواية عن هشيم عن ليث ابن أبي سليم عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي الله عليه وسلم مثله (فجوابه) من وجهين
(أحدهما)
أنه ضعيف لأن الرواية الأولى مرسلة والثانية فيها ليث بن أبي سليم وهو ضعيف (والجواب الثاني) جواب البيهقي أن هذا اختصار وقع من هشيم فقد رواه أكثر أصحاب ليث عنه عن مجاهد عن أبي هريرة رضى الله عنه مفسرا في قصته الذي وقع على امرأته في نهار رمضان قال البيهقي وهكذا كل حديث روي في هذا الباب مطلقا من وجه فقد روي من وجه آخر مفسرا بأنه في قصة الواقع على امرأته قال ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفطر بالاكل شئ هذا كلام البيهقى والله اعلم
*

* قال المصنف رحمه الله
* {وان افطر بالجماع من غير عذر وجب عليه القضاء لما روى أبو هريرة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذى واقع اهله في رمضان بقضائه" ولانه إذا وجب القضاء علي المريض والمسافر وهما معذوران فعلي المجامع أولي ويجب عليه إمساك بقية النهار لانه افطر بغير عذر وفى الكفارة ثلاثة أقوال (أحدها) تجب علي الرجل دون المرأة لانه حق مال مختص بالجماع فاختص به الرجل دون المرأة كالمهر (والثاني) تجب علي كل واحد منهما كفارة لانه عقوبة تتعلق بالجماع فاستوى فيها الرجل والمرأة كحد الزنا (والثالث) تجب عليه عنه وعنها كفارة لان الاعرابي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن فعل مشترك بينهما فاوجب عتق رقبة فدل علي أن ذلك عنه وعنها}
* {الشرح} حديث أبي هريرة رضي الله عنه أصله في الصحيحين لفظهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هلكت يارسول الله قال وما أهلكك قال وقعت على امرأتي في رمضان فقال هل تجد ما تعتق رقبة قال لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين"






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 13-03-2025, 10:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان



المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى
كتاب الصيام

331الى 337

(13)



متتابعين قال لا قال فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا قال لا ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعزق فيه تمر فقال تصدق بهذا فقال أفقر منا فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال اذهب فأطعمه أهلك "وفي رواية البخاري" أعلى أفقر مني يارسول الله "وفي رواية أبي داود قال" فأتى بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعا وفيها قال كله أنت وأهل بيتك وصم يوما واستغفر الله "واسناد رواية أبي داود هذه جيد إلا أن فيه رجلا ضعفه وقد روى له مسلم في صحيحه ولم يضعف أبو داود هذه الرواية (وقوله) لأنه حق مال احتراز من الغسل والحد (وقوله) يختص بالجماع احتراز من غرامة المتلفات والزكاة وكفارة اليمين والقتل (وقوله) لأنه عقوبة احتراز من المهر ومن لحوق النسب وحرمة المصاهرة في وطئ الشبهة فإن الشبهة تعتبر في الرجل دون المرأة على الصحيح (وقوله) تتعلق بالجماع احتراز من الدية ومن قتل الحربي فإنه يقتل الرجل دون المرأة (أما) احكام المسألة فإذا أفطر الرجل أو المرأة في نهار رمضان بالجماع بغير عذر لزمه إمساك بقية النهار بلا خلاف لما ذكره المصنف وفي وجوب قضاء ذلك اليوم طريقان"
(أحدهما)
وبه قطع المصنف وأكثر العراقيين وجماعة من الخراسانيين أنه يجب
(والثاني)
ذكره الخراسانيون فيه ثلاثة أقوال (أصحها) وجوبه لما ذكره المصنف
(والثاني)
لا يجب وتندرج فيه الكفارة (والثالث) إن كفر بالصوم لم يجب وإلا وجب وحكى بعض الخراسانيين هذا الخلاف قولين ووجها وقال البندنيجي من العراقيين أومأ الشافعي رضي الله عنه في الأم إلى قولين سواء كفر بالصوم أم بغيره قال إمام الحرمين ولا خلاف أن المرأة يلزمها القضاء إذا لم نوجب عليها كفارة والله تعالى أعلم
* وتجب الكفارة بالجماع بلا خلاف وهي على الرجل فأما الزوجة الموطوءة فإن كانت مفطرة بحيض أو غيره أو صائمة ولم يبطل صومها لكونها نائمة مثلا فلا كفارة عليها وإن كانت صائمة فمكنته طائعة فقولان (أحدهما) وهو نصه في الإملاء يلزمها كفارة أخرى في مالها ذكره المصنف (وأصحهما) لا يلزمها بل يختص الزوج بها وهو نصه في الأم والقديم فعلى هذا هل الكفارة التي تلزم الزوح عنه خاصة أم عنه وعنها ويتحملها هو عنها فيه قولان مستنبطان من كلام الشافعي وربما قيل منصوصان وربما قيل وجهان ومن الأصحاب من يجمع المسألتين كما فعله المصنف وكثيرون ويقول في الكفارة ثلاثة أقوال (أصحها) تجب

على الزوج خاصة
(والثاني)

تجب عليه عنه وعنها (والثالث) يلزم كل واحد منهما كفارة والأصح على الجملة وجوب كفارة واحدة عليه خاصة عن نفسه فقط وانه لا شئ على المرأة ولا يلاقيها الوجوب وذكر الدارمي وغيره في المسألة أربعة أقوال هذه الثلاثة (والرابع) يجب على الزوج في ماله كفارتان كفارة
عنه وكفارة عنها * قال المصنف رحمه الله تعالي
* والكفارة عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا والدليل عليه ماروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "أمر الذى وقع على امرأته في يوم من شهر رمضان أن يعتق رقبة قال لاأجد قال صم شهرين متتابعين قال لا أستطيع قال أطعم ستين مسكينا قال لا أجد فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق من تمر فيه خمسة عشر صاعا قال خذه وتصدق به قال علي أفقر من أهلى والله مابين لابتى المدينة أحوج من اهلي فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه قال خذه واستغفر الله تعالى واطعم أهلك" (فان قلنا) يجب عليه دونها اعتبر حاله فإن كان من أهل العتق أعتق وإن كان من أهل الصوم صام وان كان من اهل الاطعام اطعم (وان قلنا) يجب علي كل واحد منهما كفارة اعتبر حال كل واحد منهما بنفسه فمن كان من اهل العتق اعتق ومن كام من أهل الصوم صام ومن كان من اهل الاطعام اطعم كرجلين افطرا بالجماع (فان قلنا) يجب عليه كفارة عنه وعنها اعتبر حالهما فان كانا من أهل العتق اعتق وان كانا من اهل الاطعام اطعم وان كانا من اهل الصيام وجب على كل واحد منهما صوم شهرين متتابعين لأن الصوم لا يتحمل وان اختلف حالهما نظرت فان كان الرجل من أهل العتق وهي من أهل الصوم اعتق رقبة ويجزئ عنهما لان من فرضه الصوم إذا أعتق اجزأه وكان ذلك افضل من الصوم وان كان من اهل الصوم وهي من اهل الاطعام لزمه ان يصوم شهرين ويطعم عنها ستين مسكينا لان النيابة تصح في الاطعام وانما اوجبنا كفارتين لان الكفارة لاتتبعض فوجب تكميل نصف كل واحد منهما وان كان الرجل من من اهل الصوم وهى من اهل العتق صام عن نفسه شهرين واعتق عنها رقبة وان كان من أهل الإطعام وهي من أهل الصوم اطعم عن نفسه ولم يصم عنها لان الصوم لا تدخله النيابة وان كانت المرأة أمة وقلنا

إن الأمة لا تملك المال فهي من أهل الصوم ولا يجزئ عنها عتق فان قلنا انها تملك المال اجزأ عنها العتق كالحرة المعسرة وان قدم الرجل من السفر وهو مفطر وهي صائمة فقالت انا مفطرة فوطئها فان قلنا ان الكفارة عليه لم يلزمه ولم يلزمها وان قلنا ان الكفارة عنه وعنها وجب عليها الكفارة في مالها لانها غرته بقولها انى مفطرة وان اخبرته بصومها فوطئها وهي مطاوعة فان قلنا ان الكفارة عنه دونها لم يجب عليه شئ (وان قلنا) ان الكفارة عنه وعنها لزمه أن يكفر عنها إن كانت من أهل العتق أو الإطعام وإن كانت من أهل الصيام لزمها أو تصوم وان وطئ المجنون زوجته وهي صائمة مختارة (فان قلنا) ان الكفارة عنه دونها لم تجب (وان قلنا) تجب عنه وعنها فهل يتحمل الزوج فيه وجهان
(فال) أبو العباس لا يتحمل لانه لا فعل له (وقال) أبو اسحق يتحمل لانها وجبت بوطئه والوطئ كالجناية وجناية المجنون مضمونة في ماله وإن كان الزوج نائما فاستدخلت المرأة ذكره (فان قلنا) الكفارة عنه دونها فلا شئ عليه (وان قلنا) عنهما لم يلزمه كفارة لانه لم يفطر ويجب عليها ان تكفر ولا يتحمل الزوج لانه لم يكن من جهته فعل وان زني بها في رمضان (فان قلنا) ان الكفارة عنه دونها وجبت عليه كفارة (وان قلنا) عنه وعنها وجب عليها كفارتان ولا يتحمل الرجل كفارتها لان الكفارة انما تتحمل بالملك ولا ملك ههنا
* {الشرح} حديث أبي هريرة رضي الله عنه سبق بيانه قريبا (وأما) الكفارة فأصلها من الكفر بفتح الكاف وهو الستر لأنها تستر الذنب وتذهبه هذا أصلها ثم استعملت فيما وجد فيه صورة مخالفة أو انتهاك وإن لم يكن فيه إثم كالقاتل خطأ وغيره (وأما) قولهم عتق رقبة فقال الأزهري إنما قيل لمن اعتق نسمة اعتق رقبة وفك رقبة فخصت الرقبة دون بقية الأعضاء لأن حكم السيد وملكه كالحبل في رقبة العبد وكالغل المانع له من الخروج عنه فإذا أعتق فكأنه أطلق من ذلك وسيأتي تهذيب العتق في بابه إن شاء الله تعالى (وقوله) في الكتاب بعرق تمر هو بفتح العين والراء ويقال أيضا باسكاء الراء والصحيح المشهور فتحها ويقال له أيضا المكتل بكسر الميم وفتح التاء المثناة فوق والزنبيل بكسر الزاى والزنبيل بفتحها والفقة والسفيفة بفتح السين المهملة وبفاء مكررة


وكله اسم لهذا الوعاء المعروف ليس لسعته قدر مضبوط بل قد يصغر ويكبر ولهذا قال في الحديث في الكتاب وهو رواية أبي داود "فيه خمسة عشر صاعا" (وقوله) مابين لابتي المدينة يعني حريتها والحرة هي الأرض المكبسة حجارة سوداء ويقال لها لابة ولوبة ونوبة بالنون وقد أوضحتها في التهذيب (وقوله) حتى بدت أنيابه وفي بعض نسخ المهذب نواجذه وكلاهما ثابت في الحديث الصحيح والنواجذ هي الأنياب هذا هو الصحيح في اللغة وهو متعين هنا جمعا بين الروايتين ويقال هي الأضراس وهي بالذال المعجمة وقول المصنف وإن كانت أمة وقلنا إن الأمة لا تملك المال فهي من أهل الصوم ولا يجزئ عنها العتق

(وإن قلنا) إنها تملك أجزأ عنها العتق هكذا يقع في كثير من النسخ ولا يجزئ عنها العتق وفي أكثر النسخ ولا يجب والأول أصوب والله تعالى أعلم (أما) أحكام الفصل فقال الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى هذه الكفارة مرتبة ككفارة الظهار فيجب عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا لحديث أبي هريرة رضي الله عنه المذكور وصفة هذه الرقبة وبيان العجز عنها المجوز للانتقال إلى الصوم والعجز عن الصوم المجوز للانتقال إلي
الاطعام وبيان التتابع وما يقطعه والإطعام وما يتعلق بذلك كله مستقصى في كتاب الكفارات عقب كتاب الظهار وقد سبق فيمن يتعلق به وجوب الكفارة ثلاثة أقوال (أصحها) تجب الكفارة على الرجل عن نفسه فقط ولا شئ على المرأة ولا يلاقيها الوجوب (والثاني) تجب عليه الكفارة وتكون عنه وعنها وهي كفارة واحدة
(والثالث) تجب عليه كفارة وعليها كفارة أخرى قال المصنف والأصحاب (فإن قلنا) بالأول اعتبر حاله فإن كان من أهل العتق أعتق وإن كان من أهل الصوم صام وإن كان من أهل الإطعام أطعم ولا نظر الي المرأة لانه لا يعتلق بها وجوب (وإن قلنا) بالقول الثالث اعتبر حال كل واحد منهما بنفسه فمن كان منهما من أهل العتق أعتق ومن كان من أهل الصوم صام ومن كان من اهل الاطعام اطعم ولا يلزم واحد منهما موافقة صاحبه إذا اختلفت صفتهما بل هما كرجلين أفطرا بالجماع فيعتبر كل واحد منهما بانفراده (وإن قلنا) بالقول الثاني وهو أنه يلزمه كفارة واحدة عنه وعنها فهذا محل التفصيل والتفريع الطويل قال المصنف والأصحاب على هذا القول قد


يتفق حالهما وقد يختلف فإن اتفق نظر إن كانا جميعا من أهل العتق أعتق الرجل رقبة عنهما وإن كانا من أهل الإطعام أطعم ستين مسكينا عنهما وإن كانا من أهل الصيام بأن كانا مملوكين أو حرين معسرين لزم كل واحد منهما صوم شهرين متتابعين لأن العبادة البدنية لا تتحمل (وأما) إذا اختلف حالهما فقد يكون أعلا حالا منها وقد يكون أدنى فإن كان أعلا نظر إن كان من أهل العتق وهي من أهل الصوم أو الإطعام فوجهان حكاهما الخراسانيون (الصحيح) منهما وبه قطع العراقيون يجزئ الاعتقاد عنهما لان من فرضه الصوم أو الإطعام إذا تكلف العتق أجزأه وقد زاد خيرا وهو افضل كذا قاله المصنف والأصحاب قال أصحابنا: إلا أن تكون المرأة أمة فعليها الصوم لأن العتق لا يجزئ عنها لأنه يتضمن الولاء وليست من اهله هكذا اطلقه الاصحاب وقال المصنف هنا لا يجزئ عنها العتق إلا إذا قلنا إن العبد يملك بالتمليك فإنه يجزئ عنها كالحرة المعسرة وهذا الذي قاله غريب والمعروف في كتب الأصحاب أنه لا يجزئ العتق عن الأمة قولا واحدا وقد صرح المصنف بذلك في المهذب في باب العبد المأذون فقال لا يصح إعتاق العبد سواء قلنا يملك أم لا لأنه يتضمن الولاء وليس هو من أهله والله تعالى أعلم

(والوجه الثاني) من الوجهين السابقين عن الخراسانيين لا يجزئ الإعتاق عن المرأة لاختلاف الجنس فعلى هذا يلزمها الصوم إن كانت من أهله وفيمن يلزمه الإطعام عنها إن كانت من أهله وجهان (أحدهما) يلزمها لأن الزوج أخرج وظيفته وهي العتق (وأصحهما) يلزم الزوج فإن عجز ثبت في ذمته إلى أن يقدر لأن الكفارة على هذا القول معدودة من مؤن
الزوجة الواجبة على الزوج (أما) إذا كان من أهل الصيام وهي من أهل الإطعام فإن تكلف الإعتاق فأعتق رقبة أجزأت عنهما جميعا (فأما) إن أراد الصيام فقال المصنف والأصحاب يلزمه أن يصوم عن نفسه ويلزمه أيضا أن يطعم عنها قالوا لأن النيابة تصح فيهما قالوا وإنما أوجبنا كفارتين لأن الكفارة لا تتبعض فوجب تكميل كل نصف منها هكذا قطع به المصنف والأصحاب قال الرافعي ومقتضى الوجه الصحيح الذي قطع به العراقيون في الصورة السابقة في إجزاء الإعتاق عنهما عن الصيام أن يجزئ هنا الصيام عن الإطعام هذا كله
إذا كان الزوج أعلا حالا منها فإن كان أدنى نظر فإن كان من أهل الإطعام وهي من أهل الصيام أطعم عن نفسه ولزمها الصيام عن نفسها لأنه لا نيابة فيه وإن كان من أهل الصيام أو الإطعام وهي من أهل الإعتاق صام عن نفسه أو أطعم ولزمه الاعتاق عنها إذا قدر والله تعالى أعلم

* {فرع} إذا كان الزوج مجنونا فوطئها وهي صائمة مختارة (فإن قلنا) على كل واحد كفارة لزمتها الكفارة في مالها (وإن قلنا) تجب كفارة عنه دونها فلا شىء عليه ولا عليها (وإن قلنا) تجب كفارة عنه وعنها فوجهان مشهوران حكاهما المصنف والأصحاب (أصحهما) يلزمها الكفارة في مالها ولا يتحملها الزوج لأنه ليس أهلا للتحمل كما لا تلزمه عن فعل نفسه ولأنه لا فعل له وهذا قول ابن سريج وبه قطع البندنيجي
(والثانى)

قاله أبو اسحق تجب الكفارة في مال المجنون عنها لأن ماله صالح للتحمل ولانها وجبت بوطئه والوطئ كالجناية وجناية المجنون مضمونة في ماله وإن كان الزوج مراهقا فهو كالمجنون هذا هو المذهب لأنه ليس مكلفا وفيه وجه أنه كالبالغ تخريجا من قولنا عمده عمد وإن كان ناسيا أو نائما فاستدخلت ذكره فكالمجنون وقطع المصنف والبغوي وآخرون بأنا إذا قلنا الكفارة عنه وعنها وجبت في مسألة الاستدخال في مالها لأنه لا فعل للزوج والله تعالي أعلم
* {فرع} لو كان الزوج مسافرا صائما وهي حاضرة صائمة فإن أفطر بالجماع بنية الترخص فلا كفارة عليه عن نفسه بلا خلاف وإن لم يقصد به الترخص فوجهان مشهوران في طريقة خراسان (أصحهما) لا كفارة عليه أيضا لأنه لا يلزمه الصوم فصار كقاصد الترخص قال أصحابنا وهكذا حكم المريض الذي يباح له الأكل إذا أصبح صائما فجامع وكذا الصحيح إذا مرض في أثناء النهار ثم جامع فحيث قلنا بوجوب الكفارة عليه فهو كغيره فيجئ في الكفارة الأقوال الثلاثة وحكم التحمل ما سبق وحيث قلنا لا كفارة فهو كالمجنون قال المصنف والأصحاب ولو قدم المسافر مفطرا فأخبرته أنها مفطرة وكانت صائمة فوطئها (فإن قلنا) الكفارة عنه فقط فلا شئ عليه ولا عليها (وإن
قلنا) عنه وعنها وجبت الكفارة عليها في مالها لأنها غرته هكذا قالوه واتفقوا عليه قال الرافعي ويشبه أن
يكون هذا تفريعا على قولنا المجنون لا يتحمل وإلا فليس العذر هنا بأوضح منه في المجنون
* قلت الفرق أنه لا تغرير منها في صورة المجنون (أما) ادا قدم المسافر مفطرا فأخبرته بصومها فوطئها مطاوعة (فان قلنا) الكفارة عنه فقط فلا شئ عليه ولا عليها (وإن قلنا) عنه وعنها لزمه أن يكفر عنها إن كانت من أهل العتق أو الإطعام وإن كانت من أهل الصيام لزمها الصيام والله تعالى أعلم
* {فرع} إذا أكرهها علي الوطئ وهما صائمان في الحضر فلهما حالان
(أحدهما)
أن يقهرها بربطها أو بغيره ويطأ فلا تفطر هي ويجب عليه كفارة عنه قطعا (والثاني) أن يكرهها حتى تمكنه ففي فطرها قولان سبقا (أصحهما) لا تفطر فيكون كالحال الأول (والثاني) تفطر وعليهما الكفارة وتكون الكفارة عليه وحده قطعا
* {فرع} هذا الذي سبق كله فيما إذا وطئ زوجته فلو زنى بامرأة أو وطئها بشبهة فطريقان
(أحدهما)
القطع بوجوب كفارتين على كل واحد منهما كفارة لأن التحمل بسبب الزوجية ولا زوجية هنا (وأصحهما) وبه قطع المصنف والجمهور أنه إن قلنا الكفارة عنه خاصة فعليه كفارة ولا شئ عليها (وان قلنا) عنه وعنها فعليها في مالها كفارة أخرى لما ذكرناه والله تعالى أعلم

* قال المصنف رحمه الله
* {وإن جامع في يومين أو في أيام وجب لكل يوم كفارة لان صوم كل يوم عبادة منفردة فلم تتداخل كفارتها كالعمرتين وإن جامع في يوم مرتين لم يلزمه للثاني كفارة لان الجماع الثاني لم يصادف صوما}
* {الشرح} اتفق أصحابنا على أنه إذا جامع في يومين أو أيام وجب لكل يوم كفارة سواء كفر عن الأول أم لا لما ذكره المصنف بخلاف من تطيب ثم تطيب في الاحترام قبل أن يكفر عن الأول فإنه يكفيه فدية واحدة في أحد القولين لأن الإحرام عبادة واحدة بخلاف اليومين من رمضان وإن جامع زوجته في يوم من رمضان مرتين فأكثر لزمه كفارة واحدة عن الأول ولا شئ عن الثاني بلا خلاف لما ذكره
* {فرع} قال أبو العباس الجرجاني في كتابه المعاياة فيمن وطئ زوجته في صوم رمضان ثلاثة
أقوال (أحدها) يلزمه الكفارة دونها (والثاني) يلزمه كفارة عنهما (والثالث) يلزم كل واحد كفارة ويتحمل الزوج ما دخله التحمل وهو العتق والإطعام قال فإذا وطئ أربع زوجات في يوم واحد
لزمه على القول الأول كفارة فقط عن الوطئ الاول ولا يلزمه شئ لباقي الوطآت وعلي الثاني يلزمه أربع كفارات كفارة عن وطئته الأولى عنه وعنها وثلاث عن الباقيات لأنها لا تتبعض إلا في موضع يوجد التحمل وعلى الثالث يلزمه خمس كفارات كفارتان عنه وعن الأولى بوطئها وثلاث عن الباقيات قال ولو كانت له زوجتان مسلمة وكتابية فوطئهما في يوم لزمه على القول الأول كفارة واحدة بكل حال (وأما) على القول الثاني فإن قدم وطئ المسلمة فعليه كفارة وإلا فكفارتان وعلى الثالث يلزمه كفارتان بكل حال لأنه إن قدم المسلمة لزمه كفارتان عنه وعنها ولا شئ بسبب الكتابية وإن قدم الكتابية لزمه لنفسه كفارة ثم أخرى عن المسلمة هذا كلام الجرجاني وفي بعضه نظر وقال صاحب الحاوي إذا وطئ أربع زوجات في يوم (فإن قلنا) الكفارة عنهن فعليه أربع كفارات وإلا فكفارة وذكر في المسلمة والكتابية نحو قول الجرجاني
* {فرع} في مذاهب العلماء فيمن كرر جماع زوجته في يوم من رمضان
* ذكرنا أن مذهبنا أن عليه كفارة واحدة بالجماع الأول سواء كفر عن الأول أم لا وبه قال أبو حنيفة ومالك وقال أحمد ان كان الوطئ الثاني قبل تكفيره عن الأول لزمه كفارة اخرى لانه وطئ محرم فأشبه الأول
* دليلنا أنه لم يصادف صوما منعقدا بخلاف الجماع الأول

* {فرع} في مذاهبهم في من وطئ في يومين أو أيام من رمضان
* قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يجب لكل يوم كفارة سواء كفر عن الأول أم لا وبه قال مالك وداود وأحمد في أصح الروايتين عنه وقال أبو حنيفة إن وطئ في الثاني قبل تكفيره عن الأول كفته كفارة واحدة وإن كفر عن الأول فعنه روايتان قال ولو جامع في رمضانين ففى رواية عنه هو كرمضان واحد وفي رواية تتكرر الكفارة وهذه هي الرواية الصحيحة عنه وقاسه على الحدود
* واحتج أصحابنا بأنها عبادات فلم تتداخل بخلاف الحدود المبنية علي الدرء والاسقاط

*
* قال المصنف رحمه الله
* {وان رأى هلال رمضان فرد الحاكم شهادته فصام وجامع وجبت عليه الكفارة لانه افطر في شهر رمضان بالجماع من غير عذر فاشبه إذا قبل الحاكم شهادته}
* {الشرح} قال الشافعي والأصحاب إذا رأى هلال رمضان فردت شهادته لزمه صوم ذلك اليوم فإن صامه وجامع فيه لزمته الكفارة بلا خلاف عندنا لما ذكره المصنف وسبق إيضاح هذه المسألة ومذاهب العلماء فيها في أوائل الباب ولو رأى هلال شوال وحده لزمه الفطر كما سبق ولا شئ عليه بالجماع فيه لأنه ليس من رمضان والله اعلم


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 14-03-2025, 11:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان



المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى
كتاب الصيام

338الى 344

(14)



* قال المصنف رحمه الله
* وإن طلع الفجر وهو مجامع فاستدام مع العلم بالفجر وجبت عليه الكفارة لانه منع صوم يوم من رمضان بجماع من غير عذر فوجبت عليه الكفارة كما لو وطئ في أثناء النهار وان جامع وعنده أن الفجر لم يطلع وكان قد طلع أو أن الشمس قد غربت ولم تكن غربت لم تجب عليه الكفارة لانه جامع وهو يعتقد انه يحل له ذلك وكفارة الصوم عقوبة تجب مع المأثم فلا تجب مع اعتقاد الاباحة كالحد وإن أكل ناسيا فظن أنه أفطر بذلك ثم جامع عامدا فالمنصوص في الصيام انه لا تجب الكفارة لانه وطئ وهو يعتقد انه غير صائم فأشبه إذا وطئ وعنده انه ليل ثم بان انه نهار وقال شيخنا القاضى أبو الطيب الطبري رحمه الله يحتمل عندي انه تجب عليه الكفارة لان الذى ظنه لا يبيح الوطئ بخلاف مالو جامع وظن أن الشمس غربت لان الذى ظن هناك يببح له الوطئ فان أفطر بالجماع وهو مريض أو مسافر لم تجب الكفارة لانه يحل له الفطر فلا تجب الكفارة مع اباحة الفطر وان أصبح المقيم صائما ثم سافر وجامع وجبت عليه الكفارة لان السفر لا يبيح له الفطر في هذا اليوم فكان وجوده كعدمه وإن أصبح الصحيح صائما ثم مرض وجامع لم تجب الكفارة لان المريض يباح له الفطر في هذا اليوم وإن جامع ثم سافر لم تسقط عنه الكفارة لان السفر لا يبيح له الفطر في يومه فلا يسقط عنه ما وجب فيه من الكفارة وإن جامع ثم مرض أو جن ففيه قولان (احدهما) لا تسقط عنه الكفارة لانه معني طرأ بعد وجوب الكفارة فلا يسقط الكفارة كالسفر
(والثانى) انه تسقط لان اليوم يرتبط بعضه ببعض فإذا خرج آخره عن ان يكون الصوم فيه مستحقا خرج أوله عن ان يكون صوما أو يكون الصوم فيه مستحقا فيكون جماعه في يوم فطر أو في يوم صوم غير مستحق فلا تجب به الكفارة
* {الشرح} في الفصل مسائل (إحداها) إذا طلع الفجر وهو مجامع فاستدام مع العلم بالفجر بطل صومه بلا خلاف كما سبق في موضعه وفي وجوب الكفارة طريقان (الصحيح) المنصوص وجوبها وبه قطع المصنف والجمهور وحكى جماعات من الخراسانيين في وجوبها قولين (المنصوص) وجوبها لما ذكره المصنف
(والثاني) لا تجب وهو مخرج مما سنذكره إن شاء الله تعالى لأنه لم يفسد بهذا الجماع صوما لأنه لم يدخل فيه قال البندنيجي وإنما وجبت الكفارة هنا على المذهب لأنه منع انعقاد الصوم لا لإفساده فإنه لم يدخل فيه قال ومن قال انعقد صومه ثم فسد فهذا غير معروف مذهبا للشافعي رحمه الله قال القاضي حسين وإمام الحرمين والبغوي وغيرهم من الخراسانيين نص الشافعي هنا على وجوب الكفارة

بالاستدامة ونص فيمن قال لزوجته إن وطئتك فأنت طالق ثلاثا فوطئها واستدام أنه لا يلزمه مهر بالاستدامة قالوا واختلف أصحابنا فيهما فمنهم من نقل وخرج فجعل في المسألتين قولين (أحدهما) تجب الكفارة والمهر كما لو نزع ثم أولج (والثاني) لا يجب واحد منهما لأن أول الفعل كان مباحا وقال الجمهور وهو الصحيح المسألتان على ما نص عليه فتجب الكفارة دون المهر والفرق أن ابتداء الفعل هنا لم يتعلق به كفارة فوجبت الكفارة باستدامته لئلا يخلوا جماع في نهار رمضان عمدا عن كفارة وأما المهر فلا يجب لان أول الوطئ تعلق به المهر لأن مهر النكاح يقابل جميع الوطئات فلم يجب باستدامته مهر آخر لئلا يؤدي إلى إيجاب مهرين لشخص واحد بوطأة واحدة وهذا لا يجوز وقولنا لشخص واحد احتراز ممن وطئ زوجة أبيه أو ابنه بشبهة فإنه ينفسخ نكاح زوجها ويلزم الواطئ مهران بالوطئة الواحدة مهر للزوجة لأنه استوفى منفعة بضعها بشبهة ومهر للزوج لأنه أفسد عليه نكاحه والله أعلم
* {فرع} لو أحرم بالحج مجامعا ففيه ثلاث أوجه سأوضحها في كتاب الحج إن شاء الله تعالى
(أصحها) لا ينعقد حجه كما لا ينعقد صومه ولا صلاة من أحرم بها مع خروج الحدث
(والثاني)
ينعقد حجه صحيحا فإن نزع في الحال صح حجه ولا شئ عليه وإلا فسد وعليه المضي في فاسده والقضاء والبدنة (والثالث) ينعقد فاسدا وعليه القضاء والمضي فيه سواء مكث أو نزع في الحال ولا تجب الفدية إن نزع في الحال فإن مكث وجبت شاة في الأصح وفي قول بدنة كما في نظائره والفرق بين الحج والصوم أن الصوم يخرج منه بالإفساد فلا يصح دخوله فيه مع وجود المفسد بخلاف الحج وقد سبق في أوائل هذا الباب بيان معنى قولهم يخرج من الصوم بالإفساد ولا يخرج من الحج بالإفساد (المسألة الثانية) لو جامع ظانا أن الفجر لم يطلع أو أن الشمس غربت فبان غلطه فلا كفارة هكذا قطع به المصنف والأصحاب إلا إمام الحرمين فإنه قال من أوجب الكفارة على الناسي بالجماع يقول بمثله هنا لتقصيره في البحث قال الرافعي وقولهم فيمن ظن غروب الشمس لا كفارة تفريع على جواز الفطر بظن ذلك فإن منعناه بالظن فينبغي وجوب الكفارة لأنه جماع محرم صادف الصوم (الثالثة) إذا أكل الصائم ناسيا فظن أنه أفطر بذلك لجهله بالحكم ثم جامع فهل يبطل صومه فيه وجهان مشهوران (أحدهما) وبه قال البندنيجي لا كما لو سلم من الصلاة ناسيا ثم تكلم عامدا فإنه لا تبطل صلاته بالاتفاق لحديث ذي اليدين (وأصحهما) وبه قطع الجمهور تبطل كما لو جامع أو أكل وهو يظن أن الفجر لم يطلع فبان طالعا (فإن قلنا) لا يفطر فلا كفارة (وإن قلنا) يفطر فلا كفارة أيضا هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور ونقله المصنف والأصحاب عن
نص الشافعي في كتاب الصيام من الأم وفيه الاحتمال الذي حكاه المصنف عن القاضي أبي الطيب وذكر دليلهما أما إذا أكل ناسيا وعلم أنه لا يفطر به ثم جامع في يومه فيفطر وتجب الكفارة بلا خلاف عندنا وحكى الماوردي عن أبي حنيفة أنه قال عليه القضاء دون الكفارة ولو طلع الفجر وهو مجامع فظن بطلان صومه فمكث فعليه القضاء دون الكفارة لأنه لم يتعمد هتك حرمة الصوم بالجماع ذكره الماوردي وغيره قال صاحب العدة وكذا لو قبل ولم ينزل أو اغتاب إنسانا فاعتقد أنه قد بطل صومه فجامع لزمه القضاء دون الكفارة
* وقال أبو حنيفة إن قبل ثم جامع لزمته الكفارة إلا أن يفتيه فقيه أو يتأول خبرا في ذلك وقال في الذي اغتاب ثم جامع يلزمه الكفارة وإن أفتى أو
تأول خبرا
* دليلنا أنه لم يتعمد إفساد صوم (المسألة الرابعة) إذا أفطر بالجماع وهو مريض أو مسافر فإن قصد بالجماع الترخص فلا كفارة وإلا فوجهان حكاهما الخراسانيون (أصحهما) وبه قطع المصنف وغيره من العراقيين لا كفارة أيضا لما ذكره المصنف (الخامسة) إذا أصبح المقيم صائما ثم سافر وجامع في يومه لزمته الكفارة لما ذكره المصنف هذا هو المذهب وبه قطع المصنف والجمهور وفيه وجه غريب ضعيف قاله المزني وغيره من أصحابنا أنه يجوز له الفطر في هذا اليوم فإذا جامع فلا كفارة عليه وقد سبقت المسألة واضحة في فصل صوم المسافر (السادسة) إذا أصبح الصحيح صائما ثم مرض فجامع فلا كفارة إن قصد الترخص وكذا إن لم يقصده على المذهب وبه قطع المصنف وآخرون وقد سبقت المسألة قريبا (السابعة) لو أفسد المقيم صومه بجماع ثم سافر في يومه لم تسقط الكفارة على المذهب وبه قطع المصنف والجمهور وقيل فيه قولان كطرآن المرض حكاه الدارمي والرافعي ولو أفسد الصحيح صومه بالجماع ثم مرض في يومه فطريقان
(أحدهما)

لا تسقط الكفارة وبه قطع لبغوى (وأصحهما) وبه قطع المصنف والأكثرون فيه قولان (أصحهما) لا تسقط (والثاني) تسقط ودليلهما في الكتاب ولو أفسده بجماع ثم طرأ جنون أو حيض أو موت في يومه فقولان ذكر المصنف دليلهما (أصحهما) السقوط لأن يومه غير صالح للصوم بخلاف المريض وصورة الحيض مفرعة على أن المرأة المفطرة بالجماع يلزمها الكفارة ولو ارتد بعد الجماع في يومه لم تسقط الكفارة بلا خلاف ذكره الدارمي وهو واضح
* هذا تفصيل مذهبنا وممن قال من العلماء لا تسقط الكفارة بطرآن الجنون والمرض والحيض مالك وابن ابى ليلي واحمد واسحق وأبو ثور وداود

* وقال أبو حنيفة والثوري تسقط وأسقطها زفر بالحيض والجنون دون المرض واتفقوا على أنها لا تسقط بالسفر إلا ابن الماجشون المالكي فاسقطها به * قال المصنف رحمه الله تعالي
* ووطئ المرأة في الدبر واللواط كالوطئ في الفرج في جميع ما ذكرناه من افساد الصوم ووجوب
القضاء والكفارة لان الجميع وطئ ولان الجميع في ايجاب الحد فكذلك في إفساد الصوم وايجاب الكفارة (وأما) إتيان البهيمة ففيه وجهان (من) أصحابنا من قال ينبنى ذلك علي وجوب الحد (فان قلنا) يجب فيه الحد أفسد الصوم وأوجب الكفارة كالجماع في الفرج (وإن قلنا) يجب فيه التعزير
لم يفسد الصوم ولم تجب به الكفارة لانه كالوطئ فيما دون الفرج في التعزير فكان مثله في إفساد الصوم وإيجاب الكفارة ومن أصحابنا من قال يفسد الصوم وتجب الكفارة قولا واحدا لانه وطئ يوجب الغسل فجاز أن يتعلق به افساد الصوم وإيجاب الكفارة كوطئ المرأة
* {الشرح} قوله ففيه وجهان كان ينبغي أن يقول طريقان فعبر بالوجهين عن الطريقين مجازا لاشتراكهما في أن كلا منهما حكاية للمذهب وقد سبق بيان مثل هذا المجاز في مقدمة هذا الشرح واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب علي أن وطئ المرأة في الدبر واللواط بصبي أو رجل كوطئ المرأة في القبل في جميع ما سبق من إفساد الصوم ووجوب إمساك بقية النهار ووجوب القضاء والكفارة لما ذكره المصنف وذكر الرافعي وجها شاذا باطلا في الإتيان في الدبر أنه لا كفارة فيه وهذا غلط (وأما) إتيان البهيمة في دبرها أو قبلها ففيه طريقان حكاهما المصنف والأصحاب (أصحهما) القطع بوجوب الكفارة فيه وهذا هو المنصوص في المختصر وغيره وبه قطع البغوي وآخرون
(والثاني)
فيه خلاف مبني على إيجاب الحد به إن أوجبناه وجبت الكفارة وإلا فلا حكاه الدارمي عن أبى علي ابن خيران وأبي اسحق المروزي قال الماوردي هذا الطريق غلط لأن إيجاب الكفارة ليس مرتبطا بالحد ولهذا يجب في وطئ الزوجة الكفارة دون الحد
* وسواء في هذا كله أنزل أم لا إلا أنه إذا قلنا في إتيان البهيمة لا كفارة لا يفسد الصوم أيضا كما قاله المصنف هذا إن لم ينزل فإن أنزل أفسد كما لو قبل فانزل

* {فرع} الوطئ بزنا أو شبهة أو في نكاح فاسد ووطئ أمته وأخته وبنته والكافرة وسائر النساء سواء في إفساد الصوم ووجوب القضاء والكفارة وإمساك بقية النهار وهذا الاخلاف فيه
* {فرع} إذا أفسد صومه بغير الجماع كالأكل والشرب والاستمناء والمباشرات المفضيات إلى الإنزال فلا كفارة لأن النص ورد في الجماع وهذه الأشياء ليست في معناه هذا هو المذهب والمنصوص وبه قطع الجماهير وحكى الرافعي وجها عن أبي خلف الطبري من أصحابنا من تلامذة القفال المروزي أنه تجب الكفارة بكل ما يأثم بالإفطار به وفي وجه حكاه صاحب الحاوي عن ابن أبي هريرة أنه يجب بالأكل والشرب كفارة فوق كفارة المرضع ودون كفارة المجامع وهذان الوجهان
علط وحكى الحناطي بالحاء المهملة والنون عن محمد بن الحكم أنه روى عن الشافعي وجوب الكفارة على من جامع فيما دون الفرج فأنزل وهذا شاذ ضعيف
* {فرع} قد ذكرنا أنه إذا استمنى متعمدا بطل صومه ولا كفارة قال الماوردي فلو حك ذكره لعارض ولم يقصد الاستمناء فأنزل فلا كفارة وفي بطلان الصوم وجهان قلت (أصحهما) لا يبطل كالمضمضة بلا مبالغة
* {فرع} في مذاهب العلماء فيمن وطئ امرأة أو رجلا في الدبر
* ذكرنا أن مذهبنا وجوب القضاء والكفارة وبه قال مالك وأبو يوسف ومحمد وأحمد
* وقال أبو حنيفة عليه القضاء وفى الكفارة روايتان عنه (أشهرهما) عنه لا كفارة لأنه لا يحصل به الإحصان والتحليل فأشبه الوطئ فيما دون الفرج
* واحتج أصحابنا بأنه جماع أثم به لسبب الصوم فوجبت فيه الكفارة كالقتل قال أصحاب أبي حنيفة ولا كفارة في إتيان البهيمة
* {فرع} في مذاهبهم في المباشرة فيما دون الفرج
* قد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا كفارة فيها سواء فسد صومه بالإنزال أم لا وبه قال أبو حنيفة وقال داود كل إنزال تجب به الكفارة حتى الاستمناء الا إذا كرر النظر فأنزل فلا قضاء ولا كفارة
* وقال مالك وأبو ثور عليه القضاء والكفارة وحكي هذا عن عطاء والحسن وابن المبارك واسحق وقال أحمد يجب بالوطئ فيما دون الفرج الكفارة وفي القبلة واللمس روايتان
* واحتجوا بأنه أفطر بمعصية فأشبه الجماع في الفرج

* واحتج أصحابنا بأنه لم يجامع في الفرج فأشبه الردة فإنها تبطل الصوم ولا كفارة وما قاله الآخرون ينتقض بالردة
* {فرع} قال الغزالي وغيره من أصحابنا الضابط في وجوب الكفارة بالجماع أنها تجب على من أفسد صوم يوم من رمضان بجماع تام أثم به بسبب الصوم وفي هذا الضابط قيود (أحدها) الإفساد فمن جامع ناسيا لا يفطر على المذهب كما سبق وقيل في فطره قولان سبق بيانهما (فإن قلنا) لا يفطر فلا كفارة لعدم الإفساد وإلا فوجهان حكاهما إمام الحرمين والغزالي وآخرون (أصحهما) لا كفارة أيضا لعدم الإثم (الثاني) قولنا من رمضان فلا كفارة بإفساد صوم التطوع والنذر والقضاء والكفارة
بالجماع لأن الكفارة إنما هي لحرمة رمضان (الثالث) قولنا بجماع احتراز من الأكل والشرب والاستمناء والمباشرة دون الفرج فلا كفارة فيها كلها على المذهب كما بيناه قريبا (الرابع) قولنا تام احتراز من المرأة إذا جومعت فإنها يحصل فطرها بتغييب بعض الحشفة فلا يحصل الجماع التام إلا وقد أفطرت لدخول داخل فيها فالفطر يحصل بمجرد الدخول وأحكام الجماع لا تثبت إلا بتغييب كل الحشفة فيصدق
عليها أنها أفطرت بالجماع قبل تمامه وقولنا أثم به احتراز ممن جامع بعد الفجر ظانا بقاء الليل فإن صومه يفسد ولا كفارة كما سبق وقولنا بسبب الصوم احتراز من المسافر إذا شرع في الصوم ثم أفطر بالزنا مترخصا فلا كفارة عليه لأنه وإن أفسد صوم يوم من رمضان بجماع تام أثم به إلا أنه لم يأثم به بسبب الصوم لأن الإفطار جائز له وانما أثم بالزنا ولو زنا المقيم ناسيا للصوم وقلنا الصوم يفسد بجماع الناسي فلا كفارة أيضا في أصح الوجهين لأنه لم يأثم بسبب الصوم لأنه ناس له قال الرافعي وجماع المرأة إذا قلنا لا شئ عليها ولا يلاقيها الوجوب مستثنى عن الضابط
* {فرع} لو صام الصبي رمضان فأفسده بالجماع وقلنا إن وطأه في الحج يفسده ويوجب البدن ففى وجوب كفارة الوطئ في الصوم وجهان حكاهما المتولي في كتاب الحج وسأوضحهما هناك إن شاء الله تعالى * قال المصنف رحمه الله تعالي
* {ومن وطئ وطئا يوجب الكفارة ولم يقدر علي الكفارة ففيه قولان (احدهما) لا تجب لقوله صلي الله عليه وسلم "استغفر الله تعالي وخذ واطعم اهلك" أو لانه حق مال يجب لله تعالي لا علي وجه البدل فلم يجب مع العجز كزكاة الفطر (والثاني) انها تثبت في الذمة فإذا قدر لزمه قضاؤها وهو الصحيح لانه حق لله تعالى يجب بسبب من جهته فلم يسقط بالعجز كجزاء الصيد}
* {الشرح} هذا الحديث سبق بيانه (وقوله) حق مال احتراز من الصوم في حق المريض فإنه لا يسقط بل يثبت في الذمة (وقوله) لله تعالى احتراز من المتعة (وقوله) لا على وجه البدل احتراز من جزاء الصيد (وقوله) لأنه حق لله تعالى قال القلعي ليس هو احتراز بل لتقريب الفرع من الأصل ويحتمل أنه احتراز من نفقة القريب (وقوله) بسبب من جهته احتراز من زكاة الفطر
* أما أحكام

الفصل فقال أصحابنا الحقوق المالية الواجبة لله تعالي ثلاثة أضرب وقد أشار إليها المصنف (ضرب) يجب لا بسبب مباشرة من العبد كزكاة الفطر فإذا عجز عنه وقت الوجوب لم يثبت في ذمته فلو أيسر بعد ذلك لم يجب (وضرب) يجب بسبب من جهته على جهة البدل كجزاء الصيد وفدية الحلق والطيب واللباس في الحج فإذا عجز عنه وقت وجوبه ثبت في ذمته تغليبا لمعنى الغرامة لأنه إتلاف محض (وضرب) يجب بسببه لا على جهة البدل ككفارة الجماع في نهار رمضان وكفارة اليمين والظهار والقتل قال صاحب العدة ودم التمتع والقران قال البندنيجي والنذر وكفارة قوله أنت حرام ودم التمتع والطيب واللباس ففيها قولان مشهوران (أصحهما) عند المصنف والأصحاب تثبت في الذمة فمتى قدر على أحد الخصال لزمته
(والثاني)

لا تثبت وذكر المصنف دليلهما وشبهها بجزاء الصيد أولى من الفطرة لأن الكفارة مؤاخذة على فعله كجزاء الصيد بخلاف الفطرة
* واحتج بعض أصحابنا للقول بسقوطها
بحديث الأعرابي كما أشار إليه المصنف لأنه صلى الله عليه وسلم قال "اطعمه أهلك" ومعلوم أن الكفارة لا تصرف إلى الأهل وقال جمهور أصحابنا والمحققون حديث الأعرابي دليل لثبوتها في الذمة عند العجز عن جميع الخصال لانه لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عجزه عن جميع الخصال ثم ملكه النبي صلى الله عليه وسلم العرق من التمر ثم أمره بأداء الكفارة لقدرته الآن عليها فلو كانت تسقط بالعجز لما أمره بها (وأما) إطعامه أهله فليس هو على سبيل الكفارة وإنما معناه أن هذا الطعام صار ملكا له وعليه كفارة فأمر بإخراجه عنها فلما ذكر حاجته إليه أذن له في أكله لكونه في ملكه لا عن الكفارة وبقيت الكفارة في الذمة وتأخيرها لمثل هذا جائز بلا خلاف (فإن قيل) لو كانت واجبة لبينها له عليه السلام (فالجواب) من وجهين (أحدهما) أنه قد بينها له بقوله صلى الله عليه وسلم تصدق بهذا بعد إعلامه بعجزه ففهم الأعرابي وغيره من هذا أنها باقية عليه (الثاني) أن تأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز وهذا ليس وقت الحاجة فهذا الذي ذكرته من تأويل الحديث ومعناه هو الصواب الذي قاله المحققون والأكثرون وحكى إمام الحرمين والغزالي وغيرهما وجها لبعض الأصحاب أنه يجوز صرف كفارة الجماع خاصة إلى زوجة المكفر وأولاده إذا كانوا فقراء لهذا الحديث ووافق هذا القائل على أن الزكاة وباقي الكفارات لا يجوز

صرفها إلى الزوجة والأولاد الفقراء وقاس الجمهور على الزكاة وباقي الكفارات وأجابوا عن الحديث بما سبق

* {فرع} في مسائل تتعلق بالجماع في صوم رمضان (إحداها) إذا نسي النية وجامع في ذلك اليوم فلا كفارة في ذلك اليوم بلا خلاف لأنه لم يفسد به صوما (الثانية) إذا وطئ الصائم في نهار رمضان وقال جهلت تحريمه فإن كان ممن يخفى عليه لقرب إسلامه ونحوه فلا كفارة وإلا وجبت ولو قال علمت تحريمه وجهلت وجوب الكفارة لزمته الكفارة بلا خلاف ذكره الدارمي وغيره وهو واضح وله نظائر معروفة لأنه مقصر (الثالثة) إذا أفسد الحج بالجماع قال الدارمي ففي الكفارة الأقوال الأربعة السابقة في كفارة الجماع في الصوم
* {فرع} في مذاهب العلماء في كفارة الجماع في صوم رمضان وما يتعلق بها وفيه مسائل
(إحداها) قد ذكرنا أن مذهبنا أن من أفسد صوم يوم من رمضان بجماع تام أثم به بسبب الصوم لزمته الكفارة وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وداود والعلماء كافة إلا ما حكاه العبدري وغيره من أصحابنا عن الشعبي وسعيد بن جبير والنخعي وقتادة أنهم قالوا لا كفارة عليه كما لا كفارة عليه بإفساد الصلاة دليلنا حديث أبي هريرة السابق في قصة الاعرايى ويخالف الصلاة فإنه لا مدخل للمال في جبرانها (الثانية) يجب علي المفكر مع الكفارة قضاء اليوم الذي جامع فيه
* هذا هو المشهور من مذهبنا وفيه





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 15-03-2025, 10:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان



المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى
كتاب الصيام

345الى 351
(15)


خلاف سبق قال العبدري وبإيجاب قضائه قال جميع الفقهاء سوى الأوزاعي فقال إن كفر بالصوم لم يجب قضاؤه وإن كفر بالعتق أو الإطعام قضاه (الثالثة) قد ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أنه لا يجب على المرأة كفارة أخرى وبه قال أحمد وقال مالك وأبو حنيفة وأبو ثور وابن المنذر عليها كفارة أخرى وهي رواية عن أحمد (الرابعة) هذه الكفارة على الترتيب فيجب عتق رقبة فإن عجز فصوم شهرين متتابعين فإن عجز فإطعام ستين مسكينا وبه قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد في أصح الروايتين عنه
* وقال مالك هو مخير بين الخصال الثلاث وأفضلها عنده الإطعام وعن الحسن البصري أنه مخير بين عتق رقبة ونحر بدنة واحتجا بحديثين على وفق مذهبيهما
* دليلنا حديث أبي
هريرة (وأما) حديث الحسن فضعيف جدا وحديث مالك يجاب عنه بجوابين
(أحدهما)
حديثنا أصح وأشهر (والثاني) أنه محمول على الترتيب جمعا بين الروايات (الخامسة) يشترط في صوم هذه الكفارة عندنا وعند الجمهور التتابع وجوز ابن أبي ليلى تفريقه لحديث في صوم شهرين من غير ذكر الترتيب دليلنا حديث أبي هريرة السابق وهو مقيد بالتتابع فيحمل المطلق عليه (السادسة) إذا كفر بالإطعام فهو إطعام ستين مسكينا كل مسكين مد سواء البر والزبيب والتمر وغيرها
* وقال أبو حنيفة يجب لكل مسكين مدان حنطة أو صاع من سائر الحبوب وفي الزبيب عنه روايتان رواية صاع ورواية مدان (السابعة) لو جامع في صوم غير رمضان من قضاء أو نذر أو غيرهما فلا كفارة كما سبق وبه قال الجمهور وقال قتادة تجب الكفارة في إفساد قضاء رمضان
*
* قال المصنف رحمه الله تعالى

* إذا نوى الصوم من الليل ثم أغمي عليه جميع النهار لم يصح صومه وعليه القضاء وقال المزني يصح صومه كما.
لو نوى الصوم ثم نام جميع النهار والدليل علي أن الصوم لا يصح أن الصوم نية وترك ثم لو انفرد الترك عن النية لم يصح فإذا انفردت النية عن النرك لم يصح وأما النوم فان أبا سعيد الاصطخرى قال إذا نام جميع النهار لم يصح صومه كما إذا أغمي عليه جميع النهار والمذهب أنه يصح صومه إذا نام والفرق بينه وبين الاغماء ان النائم ثابت العقل لانه إذا نبه انتبه والمغمى عليه بخلافة ولان النائم كالمستيقظ ولهذا ولايته ثابتة علي ماله بخلاف المغمي عليه وان نوى الصوم ثم اغمى عليه في بعض النهار فقد قال في كتاب الظهار ومختصر البويطي إذا كان في أوله مفيقا صح صومه وفى كتاب الصوم إذا كان في بعضه مفيقا اجزأه وقال في اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى إذا كانت صائمة فاغمى عليها أو حاضت بطل صومها وخرج أبو العباس قولا آخر أنه ان كان مفيقا في طرفي النهار صح صومه فمن أصحابنا من قال المسألة علي قول واحد أنه يعتبر أن يكون مفيقا

في اول النهار وتأول ما سواه من الاقوال علي هذا ومن اصحابنا من قال فيها اربعة أقوال (احدها) انه تعتبر الافاقة في اوله كالنية تعتبر في اوله
(والثانى)
انه تعتبر الافاقة في طرفيه كما ان في الصلاة يعتبر القصد
في الطرفين في الدخول والخروج ولا يعتبر فيما بينهما (والثالث) انه تعتبر الافاقة في جميعه فإذا اغمي عليه في بعضه لم يصح لانه معنى إذا اطرأ أسقط فرض الصلاة فابطل الصوم كالحيض (والرابع) تعتبر الافاقة في جزء منه ولا اعرف له وجها وان نوى الصوم ثم جن ففيه قولان (قال) في الجديد يبطل الصوم لانه عارض يسقط فرض الصلاة فابطل الصوم كالحيض (وقال) في القديم هو كالاغماء لانه يزيل العقل والولاية فهو كالاغماء
* {الشرح} قوله لأنه عارض يسقط فرض الصلاة ينتقض بالإغماء فإنه يسقط فرض الصلاة ولا يبطل الصوم به في بعض النهار على الأصح (أما) الأحكام ففيها مسائل (إحداها) إذا نام جميع النهار وكان قد نوى من الليل صح صومه على المذهب وبه قال الجمهور وقال أبو الطيب بن سلمة وأبو سعيد الاصطخرى لا يصح وحكاه البندنيجي عن ابن سريج أيضا ودليل الجميع في الكتاب وأجمعوا على أنه لو استيقظ لحظة من النهار ونام باقيه صح صومه (الثانية) لو نوى من الليل ولم ينم النهار ولكن كان غافلا عن الصوم في جميعه صح صومه بالإجماع لأن في تكليف ذكره حرجا (الثالثة) لو نوى من الليل ثم أغمي عليه جميع النهار لم يصح صومه على المذهب وفيه قول مخرج من النوم انه يصح خرجه المزني وغيره عن أصحابنا ودليل الجميع في الكتاب
(الرابعة) إذا نوى من الليل وأغمي عليه بعض النهار دون بعض ففيه ثلاثة طرق (احداها) إن أفاق في جزء من النهار صح صومه وإلا فلا وسواء كان ذلك الجزء أول النهار أو غيره وهذا هو نص الشافعي في باب الصيام من مختصر المزني وممن حكى هذا الطريق البغوي وحكاه الدارمي عن ابن أبي هريرة وتأول هذا القائل النصين الآخرين فتأول نصه في اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى على أن بطلان الصوم عائد إلى الحيض خاصة لا إلى الإغماء قالوا وقد يفعل الشافعي مثل هذا وتأوله الماوردي تأويلا آخر وهو أن المراد بالإغماء هنا الجنون وتأول هذا القائل نصه في الظهار والبويطي على أنه ذكر الإفاقة في أوله للتمثيل بالجزء لا لاشتراط الاول (والطريق الثاني) القطع بأنه إن أفاق في أوله صح وإلا فلا وتأول نصه في الصوم على أن المراد بالجزء المبهم أوله كما صرح به في الظهار وتأول نص اختلاف أبي حنيفة على ما سبق (والطريق الثالث) في المسألة أربعة أقوال وهذا الطريق هو الأصح الأشهر (أصح) الأقوال يشترط الإفاقة في جزء منه
(والثاني)

في أوله خاصة (والثالث)
في طرفيه (والرابع) في جميعه كالنقاء من الحيض وهذا الرابع تخريج لابن سريج خرجه من الصلاة وليس منصوصا للشافعي قال وليس للشافعي ما يدل عليه ودليل الجميع في الكتاب إلا القول الاول
الأصح فإن المصنف قال لا أعرف له وجها وهذا عجب منه مع أن هذا القول هو الأصح عند محققي أصحابنا فالأصح من هذا الخلاف كله إن كان مفيقا في جزء من النهار أي جزء كان صح صومه وإلا فلا (الخامسة) إذا نوى الصوم باليل وجن في بعض النهار فقولان مشهوران ذكرهما المصنف وغيره من الأصحاب (الجديد) بطلان صومه لأنه مناف للصوم كالحيض (وقال) في القديم هو كالإغماء ففيه الخلاف السابق ومن الأصحاب من حكى بدل القولين وجهين كصاحب الإبانة وآخرين ومنهم من حكاهما طريقين وهو أحسن وقطع الشيخ أبو حامد والماوردي وابن الصباغ وآخرون ببطلان الصوم بالجنون في لحظة كالحيض
* ولو جن جميع النهار لم يصح بلا خلاف (السادسة) لو حاضت في بعض النهار أو ارتد بطل صومهما بلا خلاف وعليهما القضاء وكذلك لو نفست بطل صومها بلا خلاف ولو ولدت ولم تر دما أصلا ففي بطلان صومها خلاف مبني على وجوب الغسل بخروج الولد وحده (إن قلنا) لا غسل لم يبطل صومها وإلا بطل على أشهر الوجهين عند الأصحاب ولم يبطل على الآخر وهو الراجح دليلا وقد سبق إيضاح المسألة في باب ما يوجب الغسل (السابعة) حيث قلنا لا يصح صوم المغمى عليه إما لوجود الإغماء في كل النهار أو بعضه وإما لعدم نيته بالليل يلزمه قضاء ما فاته من رمضان هكذا قطع به المصنف وجماهير الأصحاب وهو المنصوص وفيه وجه لابن سريج واختاره صاحب الحاوي أنه لا قضاء على المغمى عليه كما لا قضاء على المجنون والمذهب الأول وقد سبقت المسألة مبسوطة في أول هذا الباب
* {فرع} لو نوى الصوم في الليل ثم شرب دواء فزال عقله نهارا بسببه قال البغوي إن قلنا لا يصح صوم المغمى عليه فهذا أولى وإلا فوجهان (أصحهما) لا يصح لأنه بفعله قال المتولي ولو شرب المسكر ليلا وبقي سكره جميع النهار لم يصح صومه وعليه القضاء في رمضان وإن صحا في بعضه فهو كالاغماء في بعض النهار
*
* قال المصنف رحمه الله تعالي
* ويجوز للصائم ان ينزل الماء وينغطس فيه لما روى أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال

"حدثني من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في يوم صائف يصب على رأسه الماء من شدة الحر والعطش وهو صائم" ويجوز أن يكتحل لما روى عن أنس "انه كان يكتحل وهو صائم ولان العين ليس بمنفد فلم يبطل الصوم بما يصل إليها"
* {الشرح} أما حديث أبي بكر بن عبد الرحمن هذا فصحيح رواه مالك في الموطأ وأحمد بن حنبل في مسنده وأبو داود والنسائي في سننهما والحاكم أبو عبد الله في المستدرك على الصحيحين والبيهقي وغيرهم بأسانيد صحيحة واسناد مالك وداود النسائي وأبى علي شرط البخاري ومسلم ولفظ رواياتهم "من شدة الحر أو العطش" وفي رواية النسائي "الحر" ولفظ رواية أبي داود عن أبي بكر عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه حدثه قال "لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر" هذا لفظه وكذا لفظ الباقين مصرح بأن الذي حدث أبا بكر صحابي ولو ذكره المصنف كذلك لكان أحسن ولفظ رواية المصنف بمعناه فإن الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسلم صحابي ثم إن هذا الصحابي وإن كان مجهول الاسم لا يقدح في صحة الحديث لأن الصحابة كلهم عدول ولهذا احتج به مالك في الموطإ وسائر الأئمة (وأما) الأثر المذكور عن أنس في الاكتحال فرواه أبو داود بإسناد كلهم ثقات إلا رجلا مختلفا فيه ولم يبين الذي ضعفه سبب تضعيفه مع أن الجرح لا يقبل إلا مفسرا وقول المصنف ولأن العين ليس بمنفذ هكذا هو في نسخ المهذب ليس وهي لغة ضعيفة غريبة والمشهور الفصيح ليست بإثبات التاء (وأما) المنفذ فبفتح الفاء (أما) الأحكام ففيها مسألتان (احداهما) يجوز للصائم ان ينزل في الماء وينغطس فيه ويصبه على رأسه سواء كان في حمام أو غيره ولا خلاف في هذا ودليله الحديث الذي ذكره وحديث عائشة وغيرها في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان يصبح جنبا وهو صائم ثم يغتسل" (الثانية) يجوز للصائم الاكتحال بجميع الأكحال ولا يفطر بذلك سواء وجد طعمه في حلقه أم لا لأن العين ليست بجوف ولا منفذ منها إلى الحلق قال أصحابنا ولا يكره الاكتحال عندنا قال البندنيجي وغيره سواء تنخمه أم لا
* {فرع} في مذاهب العلماء في الاكتحال
* ذكرنا أنه جائز عندنا ولا يكره ولا يفطر به سواء وجد
طعمه في حلقه أم لا وحكاه ابن المنذر عن عطاء والحسن البصري والنخعي والأوزاعي وأبي حنيفة وأبي ثور وحكاه غيره عن ابن عمر وأنس وابن أبي أوفى الصحابيين رضي الله عنهم وبه قال داود وحكى ابن المنذر عن سليمان التيمي ومنصور بن المعتمر وابن شبرمة وابن أبي ليلى أنهم قالوا يبطل به صومه وقال قتادة يجوز بالإثمد ويكره بالصبر
* وقال الثوري وإسحق يكره
* وقال مالك وأحمد يكره وإن وصل إلى الحلق أفطر

* واحتج للمانعين بحديث معبد بن هوذة الصحابي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال ليتقه الصائم" رواه أبو داود وقال قال لي يحيى بن معين هو حديث منكر
* واحتج أصحابنا بأحاديث ضعيفة نذكرها لئلا يغتر بها (منها) حديث عائشة قالت "اكتحل النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم" رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف من رواية بقية عن سعيد ابن أبي سعيد الزبيدي شيخ بقية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال البيهقي وسعيد الزبيدي هذا من مجاهيل شيوخ بقية ينفرد بما لا يتابع عليه قلت وقد اتفق الحفاظ على أن رواية بقية عن المجهولين مردودة واختلفوا في روايته عن المعروفين فلا يحتج بحديثه هذا بلا خلاف وعن أنس قال "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اشتكت عيني أفأ كتحل وأنا صائم قال نعم" رواه الترمذي وقال ليس إسناده بالقوي قال ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شئ وعن
نافع عن ابن عمر قال "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه مملوءتان الكحل وذلك في رمضان وهو صائم" في إسناد من اختلف في توثيقه وعن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده أن "النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل بالإثمد وهو صائم" رواه البيهقي وضعفه لأن راويه محمد هذا ضعيف قال البيهقي وروي عن أنس مرفوعا بإسناد ضعيف جدا أنه لا بأس به
* واحتجوا بالأثر المذكور عن أنس وقد بينا إسناده وفى سنن ابي دواد عن الأعمش قال ما رأيت أحدا من أصحابنا يكره الكحل للصائم والمعتمد في المسألة ما ذكره المصنف
*
* قال المصنف رحمه الله
* ويجوز أن يحتجم لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم "احتجم وهو صائم" قال
في الام ولو ترك كان احب الي لما روى عبد الرحمن بن ابي ليلي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انهم قالو "إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجامة والوصال في الصوم إبقاء علي أصحابه"
* {الشرح} حديث ابن عباس رواه البخاري في صحيحه وحديث ابن أبي ليلى رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم لكن في رواية أبي داود والبيهقي وغيرهما عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال حدثني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إلى آخره وهذا مخالف للفظ رواية المهذب (وقوله) إبقاء بالباء الموحدة وبالقاف وبالمد أي رفقا بهم (أما) حكم المسألة فقال الشافعي والأصحاب تجوز الحجامة للصائم ولا تفطره ولكن الأولى تركها هذا هو المنصوص وبه قطع الجمهور وقال جماعة من أصحابنا الجامعين بين الفقه والحديث يفطر بالحجامة ممن قاله منهم أبو بكر ابن المنذر وأبو بكر بن خزيمة وأبو الوليد النيسابوري والحاكم أبو عبد الله للحديث الذي سنذكره إن شاء الله تعالى قال أصحابنا والفصد كالحجامة
* {فرع} في مذاهب العلماء في حجامة الصائم
* قد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يفطر بها لا الحاجم ولا لمحجوم وبه قال ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وأبو سعيد الخدري وأم سلمة وسعيد بن المسيب وعروة ابن الزبير والشعبي والنخعي ومالك والثوري وأبو حنيفة وداود وغيرهم قال صاحب الحاوي وبه قال أكثر الصحابة وأكثر الفقهاء

* وقال جماعة من العلماء الحجامة تفطر وهو قول علي بن أبي طالب وأبي هريرة وعائشة والحسن البصري وابن سيرين وعطاء والاوزاعي وأحمد وإسحق وابن المنذر وابن خزيمة قال الخطابي قال أحمد وإسحق يفطر الحاجم والمحجوم "وعليهما القضاء دون الكفارة وقال عطاء يلزم المحتجم في رمضان القضاء والكفارة"
* واحتج لهؤلاء بحديث ثوبان قال "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أفطر الحاجم والمحجوم" رواه أبو داود والنسائي وابن
ماجه بأسانيد صحيحة وإسناد أبي داود على شرط مسلم وعن شداد بن أوس "أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل بالبقيع وهو يحتجم وهو آخذ بيدي لثمان عشرة خلت من رمضان فقال"

أفطر الحاجم والمحجوم "رواه أبو داود والنساثى وابن ماجه بأسانيد صحيحة وعن رافع به خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" أفطر الحاجم والمحجوم "رواه الترمذي وقال حديث حسن وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وعن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله رواه الحاكم في المستدرك وقال هو صحيح ثم روى عن علي بن المديني أنه قال هو صحيح وروى الحاكم أبو عبد الله في المستدرك عن أحمد بن حنبل قال أصح ما روي في هذا الباب حديث ثوبان وعن علي ابن المديني قال لا أعلم فيها أصح من حديث رافع بن خديج قال الحاكم قد حكم أحمد لاحد الحديثين بالصحة وعلى للآخر بالصحة وحكم إسحق بن راهويه لحديث شداد بن أوس بالصحة ثم روى الحاكم باسناده عن اسحق أنه قال في حديث شداد هذا إسناد صحيح تقوم به الحجة قال اسحق وقد صح هذا الحديث بأسانيد وبه نقول قال الحاكم رضى الله عن اسحق فقد حكم بالصحة لحديث صحته ظاهرة وقال به قال الحاكم وفي الباب عن جماعة من الصحابة بأسانيد مستقيمة مما يطول شرحه ثم روى بإسناده عن الإمام الحافظ عثمان بن سعيد الدارمي قال صح عندي حديث" أفطر الحاجم والمحجوم "من رواية شداد بن أوس وثوبان قال عثمان وبه أقول قال وسمعت أحمد بن حنبل يقول به ويقول صح عنده حديث ثوبان وشداد وروى البيهقي حديث" أفطر الحاجم والمحجوم "أيضا من رواية اسامة ابن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن رواية عطاء عن ابن عباس مرفوعا وعن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا قال هذا المرسل هو المحفوظ من رواية عطاء وذكر ابن عباس فيه وهم وعن عائشة مرفوعا بإسناد ضعيف وذكر البيهقي عن أبي زرعة الحافظ قال حديث عطاء عن أبي هريرة مرفوعا في هذا حديث حسن وفي الموطإ عن نافع قال إن ابن عمر احتجم وهو صائم ثم تركه فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر"
* واحتج أصحابنا بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم "احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم" رواه البخاري في صحيحه وعن ثابت البناني قال "سئل أنس أكنتم تكرهون الحجامة للصائم قال لا إلا من أجل الضعف" رواه البخاري وفي رواية عنده "على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال "حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحجامة والمواصلة ولم ينه عنهما إلا إبقاء على أصحابه" رواه أبو داود بإسناد على شرط

البخاري ومسلم كما سبق واحتج به أبو داود والبيهقي وغيرهما في أن الحجامة لا تفطر وعن أبي سعيد
الخدري قال "رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبلة للصائم والحجامة" رواه الدارقطني وقال إسناده كلهم ثقات ورواه من طريق آخر قال كلهم ثقات وعن أنس قال "أول ما كرهتت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال أفطر هذان ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم" وكان أنس يحتحم وهو صائم "رواه الدارقطني وقال رواته كلهم ثقات قال ولا أعلم له علة وعن عائشة" أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم "قال البيهقي وروينا في الرخصة في ذلك عن سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وابن عباس وابن عمر والحسين بن على وزيد ابن أرقم وعائشة وأم سلمة رضي الله عنهم واستدل الأصحاب أيضا بأحاديث أخر في بعضها ضعف والمعتمد ما ذكرنا واستدلوا بالقياس على الفصد والرعاف (وأما) حديث" أفطر الحاجم والمحجوم "فأجاب أصحابنا عنه بأجوبة (أحدها) جواب الشافعي ذكره في الأم وفيه اختلاف وتابعه عليه والخطابى البيهقى وسائر أصحابنا وهو أنه منسوخ بحديث ابن عباس وغيره مما ذكرنا ودليل النسخ أن الشافعي والبيهقي روياه بإسنادهما الصحيح عن شداد بن أوس قال" كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح فرأى رجلا يحتجم لثمان عشرة خلت من رمضان فقال وهو آخذ بيدي أفطر الحاجم والمحجوم "وقد ثبت في صحيح البخاري في حديث بن عباس" أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم "قال الشافعي وابن عباس إنما صحب النبي صلى الله"




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 16-03-2025, 09:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان



المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى
كتاب الصيام
352الى 358

(16)



عليه وسلم محرما في حجة الوادع سنة عشرة من الهجرة ولم يصحبه محرما قبل ذلك وكان الفتح سنة ثمان بلا شك فحديث ابن عباس بعد حديث شداد بسنتين وزيادة قال فحديث ابن عباس ناسخ قال البيهقي ويدل علي النسح أيضا قوله في حديث أنس السابق في قصة جعفر "ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة" هو حديث صحيح كما سبق قال وحديث أبي سعيد الخدري السابق أيضا فيه لفظ الترخيص وغالب ما يستعمل الترخيص بعد النهي (الجواب الثاني) أجاب به الشافعي أيضا
أن حديث ابن عباس أصح ويعضده أيضا القياس فوجب تقدبمه (الجواب الثالث) جواب الشافعي أيضا والخطابي وأصحابنا أن المراد بأفطر الحاجم والمحجوم أنهما كانا يغتابان في صومهما وروى البيهقي ذلك في بعض طرق حديث ثوبان قال الشافعي وعلى هذا التأويل يكون المراد بإفطارهما أنه ذهب أجرهما كما قال بعض الصحابة لمن تكلم في حال الخطبة لا جمعة لك أي ليس لك أجرها وإلا فهي صحيحة مجزئة عنه (الجواب الرابع) ذكره الخطابي أن معناه تعرضا للفطر (أما) المحجوم فلضعفه بخروج الدم فربما لحقه مشقة فعجز عن الصوم فأفطر بسببها (وأما) الحاجم فقد يصل جوفه شئ من الدم أو غيره إذا ضم شفتيه على قصب الملازم كما يقال للمتعرض للهلاك هلك فلان وإن كان باقيا سالما وكقوله صلى الله عليه وسلم "من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين" أي تعرض للذبح بغير سكين
(الخامس) ذكره الخطابي أيضا أنه مر بهما قريب المغرب فقال أفطرا أي حان فطرهما كما يقال أمسى الرجل إذا دخل في وقت المساء أو قاربه (السادس) أنه تغليظ ودعاء عليهما لارتكابهما ما يعرضهما لفساد صومهما (واعلم) أن أبا بكر بن خزيمة اعترض على الاستدلال بحديث ابن عباس فروى عنه الحاكم أبو عبد الله في المستدرك أنه قال ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "أفطر الحاجم والمحجوم" فقال بعض من خالفنا في هذه المسألة وقال لا يفطر لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم "احتجم وهو محرم صائم" ولا حجة له في هذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما احتجم وهو محرم صائم في السفر لأنه لم يكن قط محرما مقيما ببلده والمسافر إذا نوى الصوم له الفطر بالأكل والشرب والحجامة وغيرها فلا يلزم من حجامته أنها لا تفطر فاحتجم وصار مفطرا وذلك جائز هذا كلام ابن خزيمة وحكاه الخطابي في معالم السنن ثم قال وهذا تأويل باطل لأنه قال احتجم وهو صائم فأثبت له الصيام مع الحجامة ولو بطل صومه بها لقال أفطر بالحجامة كما يقال أفطر الصائم بأكل الخبز ولا يقال أكله وهو صائم قلت ولأن السابق إلى الفهم من قول ابن عباس "احتجم وهو صائم" الإخبار بأن الحجامة لا تبطل الصوم ويؤيده باقى الاحاديث المذكروة والله أعلم

* قال المصنف رحمه الله
*
{قال واكره له العلك لانه يجفف الفم ويعطش ولا يفطر لانه يدور في الفم ولا ينزل الي الجوف شئ فان تفرك وتفتت فوصل منه شئ الي الجوف بطل الصوم ويكره له أن يمضغ الخبز فان كان له ولد صغير ولم يكن له من يمضغ غيره لم يكره له ذلك}
* {الشرح} قوله قال يعني الشافعي والعلك بكسر العين هو هذا المعروف ويجوز فتح العين ويكون المراد الفعل وهو مضغ العلك وإدارته وقوله يمضغ هو بفتح الصاد وضمها لغتان (أما) الأحكام ففيها مسألتان (إحداهما) قال الشافعي والأصحاب يكره للصائم العلك لأنه يجمع الريق ويورث العطش والقئ وروى البيهقي بإسناده عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت "لا يمضغ العلك الصائم" ولفظ الشافعي في مختصر المزني وأكره العلك لأنه يحلب الفم قال صاحب الحاوي رويت هذه اللفظة بالجيم وبالحاء فمن قال بالجيم فمعناه يجمع الريق فربما ابتلعه وذلك يبطل الصوم في أحد الوجهين ومكروه في الآخر قال وقد قيل معناه يطيب الفم ويزيل الخلوف قال ومن قاله بالحاء فمعناه يمتص الريق ويجهد الصائم فيورث العطش قال أصحابنا ولا يفطر بمجرد العلك ولا بنزول
الريق منه إلى جوفه فإن تفتت فوصل من جرمه شئ إلى جوفه عمدا وإن شك في ذلك لم يفطر ولو نزل طعمه في جوفه أو ريحه دون جرمه لم يفطر لأن ذلك الطعم بمجاورة الريق له هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور وحكى الدارمي وجها عن ابن القطان أنه إن ابتلع الريق وفيه طعمه أفطر وليس بشئ (الثانية) يكره له مضغ الخبز وغيره من غير عذر وكذا ذوق المرق والخل وغيرهما فإن مضغ أو ذاق ولم ينزل إلى جوفه شئ منه لم يفطر فإن احتاج إلى مضغه لولده أو غيره ولم يحصل الاستغناء عن مضغه لم يكره لأنه موضع ضرورة وروى البيهقي بإسناده الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال "لا بأس أن يتطاعم الصائم بالشئ" يعني المرقة ونحوها * قال المصنف رحمه الله
* ومن حركت القبلة شهوته كره له أن يقبل وهو صائم والكراهة كراهة تحريم وان لم تحرك شهوته قال الشافعي فلا بأس بها وتركها أولي والاصل في ذلك ماروت عائشة رضي الله عنها قالت "كان"
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لاربه "وعن ابن عباس انه ارخص فيها للشيخ وكرهها للشاب ولانه في حق احدهما لا يأمن ان ينزل فيفسد الصوم وفى الاخر يأمن ففرق بينهما"

* {الشرح} حديث عائشة رواه البخاري ومسلم بهذا اللفظ وفي رواية لمسلم "يقبل في رمضان وهو صائم" وعن عمر بن أبي سلمة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم "أيقبل الصائم فقال سل هذه لأم سلمة فأخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك فقال يارسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم والله إني أتقاكم لله وأخشاكم له" رواه مسلم وعمر بن أبي سلمة هذا هو الحميري هكذا جاء مبينا في رواية البيهقي وليس هو ابن أم سلمة وعن عمر رضي الله عنه "قال هششت يوما فقبلت وأنا صائم فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إني صنعت اليوم أمرا عظيما قبلت وأنا صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم قلت لا بأس بذلك قال ففيم" رواه أبو داود قد سبق بيانه حيث ذكره المصنف ومما جاء في كراهتها للشاب ونحوه حديث ابن عباس قال "رخص للكبير الصائم في المباشرة وكره للشاب" رواه ابن ماجه هكذا وظاهره أنه مرفوع ورواه مالك والشافعي والبيهقي باسانيدهم الصحيحة عن عطاء بن يسار أن ابن عباس سئل عن القبلة للصائم فأرخص فيها للشيخ وكرهها للشاب هكذا رواه أبو داود موقوفا عن ابن عباس وعن أبي هريرة "أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له وأتاه آخر فنهاه هذا الذي رخص له شيخ والذي نهاه شاب" رواه أبو داود
بإسناد جيد ولم يضعفه وعن ابن عمرو بن العاص قال "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء شاب فقال يارسول الله أقبل وأنا صائم فقال لا فجاء شيخ فقال أقبل وأنا صائم قال نعم" رواه أحمد بن حنبل بإسناد ضعيف من رواية ابن لهيعة (وأما) الحديث المروي عن ميمونة مولاة النبي صلي الله عليه قالت "سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل قبل امرأته وهما صائمان فقال قد أفطرا" رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني باسناد ضعيف قال الدارقطني روايه مجهول قال ولا يثبت هذا وعن الأسود قال "قلت"
لعائشة أيباشر الصائم قالت لا قلت أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر قالت كان أملككم لإربه "رواه البيهقي بإسناد صحيح فهذه جملة من الأحاديث والآثار الواردة في القبلة (وقولها) لإربه بكسر الهمزة مع إسكان الراء وروى أيضا بفتحهما جميعا"
* (أما) حكم المسألة فهو كما قاله المصنف تكره القبلة على من حركت شهوته وهو صائم ولا تكره لغيره لكن الأولى تركها ولا فرق بين الشيخ والشاب في ذلك فالاعتبار بتحريك الشهوة وخوف الإنزال فإن حركت شهوة شاب أو شيخ قوي كرهت وإن لم تحركها لشيخ أو شاب ضعيف لم تكره والأولى تركها وسواء قبل الخد أو الفم أو غيرهما وهكذا المباشرة باليد والمعانقة لهما حكم القبلة ثم الكراهة في حق من حركت شهوته كراهة تحريم عند المنصف وشيخه القاضي أبى الطيب والعبد رى وغيرهم وقال آخرون كراهة تنزيه ما لم ينزل وصححه المتولي قال الرافعي وغيره الأصح كراهة تحريم وإذا قبل ولم ينزل لم يبطل صومه بلا خلاف عندنا سواء قلنا كراهة تحريم أو تنزيه

* {فرع} في مذاهب العلماء في القبلة للصائم
* ذكرنا أن مذهبنا كراهتها لمن حركت شهوته ولا تكره لغيره والأولى تركها فإن قبل من تحرك شهوته ولم ينزل لم يبطل صومه قال ابن المنذر رخص في القبلة عمر بن الخطاب وابن عباس وأبو هريرة وعائشة وعطاء والشعبي والحسن واحمد واسحق قال وكان سعد ابن أبي وقاص لا يرى بالمباشرة للصائم بأسا وكان ابن عمر ينهى عن ذلك وقال ابن مسعود يقضي يوما مكانه وكره مالك القبلة للشاب والشيخ في رمضان وأباحتها طائفة للشيخ دون الشاب ممن قاله ابن عباس وقال أبو ثور إن خاف المجاوزة من القبلة إلى غيرها لم يقبل هذا نقل ابن المنذر ومذهب أبي حنيفة كمذهبنا وحكى الخطابي عن سعيد بن المسيب أن من قبل في رمضان قضى يوما مكانه وحكاه الماورى عن محمد ابن الحنفية وعبد الله ابن شبرمة قال وقال سائر الفقهاء القبلة لا تفطر إلا أن يكون معها إنزال فإن أنزل معها أفطر ولزمه القضاء دون الكفارة ودلائل هذه المذاهب تعرف مما سبق في الاحاديث والله تعالى أعلم
* قال المصنف رحمه الله* {وينبعى للصائم أن ينزه صومه عن الغيبة والشم فان شوتم قال انى صائم لما روى أبو هريرة رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا كان احدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل فان أمرؤ قاتله أو شاتمه فليقل انى صائم" }
* {الشرح} حديث أبي هريرة رواه البخاري ومسلم والرفث الفحش في الكلام ومعنى شاتمه شتمه متعرضا لمشاتمته (وقوله) صلى الله عليه وسلم فليقل اني صائم ذكر العلماء فيه تأويلين (احدهما) يقوله بلسانه ويسمعه لصاحبه ليزجره عن نفسه
(والثاني)

وبه جزم المتولي يقوله في قلبه لا بلسانه بل يحدث نفسه بذلك ويذكرها أنه صائم لا يليق به الجهل والمشاتمة والخوض مع الخائضين قال هذا القائل لأنه يخاف عليه الرياء إذا تلفظ به ومن قال بالأول يقصد زجره لا للرياء والتأويلان حسنان والأول أقوى ولو جمعهما كان حسنا (وقول) المصنف ينبغي للصائم أن ينز صومه عن الغليبة والشتم معناه يتأكد التنزه عن ذلك في حق الصائم أكثر من غيره للحديث وإلا فغير الصائم ينبغي له ذلك أيضا ويؤمر به في كل حال والتنزه التباعد فلو اغتاب في صومه عصى ولم يبطل صومه عندنا وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد والعلماء كافة إلا الأوزاعي فقال يبطل الصوم بالغيبة ويجب قضاؤه
* واحتج بحديث أبي هريرة المذكور وبحديثه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري وعنه أيضا قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر" رواه النسائي وابن ماجه في سننهما ورواه الحاكم في المستدرك قال وهو صحيح على شرط البخاري وعنه أيضا قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الصيام من الأكل والشرب فقط الصيام من اللغو والرفث" رواه البيهقي ورواه الحاكم في المستدرك وقال هو صحيح على شرط مسلم وبالحديث الآخر "خمس يفطرن الصائم الغيبة والنميمة والكذب والقبلة واليمين الفاجرة" وأجاب أصحابنا عن هذه الأحاديث سوى الأخير بأن المراد أن كمال الصوم وفضيلته المطلوبة إنما يكون بصيانته عن اللغو والكلام الردئ لا أن الصوم يبطل به (وأما) الحديث الأخير "خمس يفطرن الصائم" فحديث باطل لا يحتج به وأجاب عنه الماوردي والمتولي وغيرهما بأن المراد بطلان الثواب لا نفس الصوم
*
* قال المصنف رحمه الله تعالي
* ويكره الوصال في الصوم لما روى أبو هريرة رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إياكم والوصال إياكم والوصال قالوا إنك تواصل يارسول الله قال إني لست كهيئتكم إني أبيت"
عند ربي يطعمنى ويسقيني "وهل هو كراهة تحريم أو كراهة تنزيه فيه وجهان"
(أحدهما)
أنه كراهة تحريم لان النهي يقتضي التحريم
(والثانى)
أنه كراهة تنزيه لانه إنما نهى عنه حتي لا يضعف عن الصوم وذلك أمر غير محقق فلم يتعلق به أثم فان واصل لم يبطل صومه لان النهي لا يرجح إلى الصوم فلا يوجب بطلانه
* {الشرح} حديث أبي هريرة رواه البخاري ومسلم والوصال بكسر الواو ويطعمني بضم الياء ويسقيي بضم الياء وفتحها والفتح أفصح وأشهر (وقوله) لأنه إنما نهى عنه بضم النون وفتحها

* أما حكم الوصال فهو مكروه بلا خلاف عندنا وهل هي كراهة تحريم أم تنزيه فيه الوجهان اللذان ذكرهما المصنف وهما مشهوران ودليلهما في الكتاب (أصحهما) عند أصحابنا وهو ظاهر نص الشافعي كراهة تحريم لأن الشافعي رضي الله قال في المختصر فرق الله تعالى بين رسوله وبين خلقه في أمور أباحها له وحظرها عليهم وذكر منها الوصال وممن صرح به من أصحابنا بتصحيح تحريمه صاحب العدة والرافعي وآخرون وقطع به جماعة من أصحابنا منهم القاضي أبو الطيب في كتابه المجرد والخطابى في المعالم وسليم الدارى في الكفاية وإمام الحرمين في النهاية والبغوي والروياني في الحلية والشيخ نصر في كتابه الكافي وآخرون كلهم صرحوا بتحريمه من غير خلاف قال أصحابنا وحقيقة الوصال المنهي عنه أن يصوم يومين فصاعدا ولا يتناول في الليل شيئا لا ماء ولا مأكولا فإن أكل شيئا يسيرا أو شرب فليس وصالا وكذا إن أخر الأكل إلى السحر لمقصود صحيح أو غيره فليس بوصال وممن صرح بأن الوصال أن لا يأكل ولا يشرب ويزول الوصال بأكل أو شرب وإن قل صاحب الحاوي وسليم الرازي والقاضي أبو الطيب وإمام الحرمين والشيخ نصر والمتولي وصاحب العدة وصاحب البيان وخلائق لا يحصون من أصحابنا وأما قول المحاملي في المجموع وأبي علي بن الحسن بن عمر البندنيجي
في كتابه الجامع والغزالي في الوسيط والبغوى في التهذيب الوصال أن لا يأكل شيئا في الليل وخصوه بالأكل فضعيف بل هو متأول على موافقة الأصحاب ويكون مرادهم لا يأكل ولا يشرب كما قاله الجماهير واكتفوا بذكر أحد القرينين كقوله تعالى (سرابيل تقيكم الحر) أي والبرد ونظائره معروفة وقد بالغ إمام الحرمين فقال في النهاية في بيان ما يزول به الوصال فقيل يزول الوصال بقطرة يتعاطاها كل ليلة ولا يكفي اعتقاده أن من جن عليه الليل فقد أفطر هذا لفظه بحروفه (واعلم) أن الجمهور قد أطلقوا في بيان حقيقة الوصال أنه صوم يومين فأكثر من غير أكل ولا شرب في الليل وقال الروياني في الحلية الوصال أن يصل صوم الليل بصوم النهار قصدا فلو ترك الأكل بالليل لا على قصد الوصال والتقرب إلى الله به لم يحرم
وقال البغوي العصيان في الوصال لقصده إليه وإلا فالفطر حاصل بدخول الليل كالحائض إذا صلت عصت وإن لم يكن لها صلاة وهذا الذي قالاه خلاف إطلاق الجمهور وخلاف ما صرح به إمام الحرمين كما سبق قريبا وقد قال المحاملي في المجموع الوصال ترك الأكل بالليل دون نية الفطر لأن الفطر يحصل بالليل سواء نوى الإفطار أم لا هذا كلامه وظاهره مخالف لقول الروياني والبغوي والله أعلم فالصواب أن الوصال ترك الأكل والشرب في الليل بين الصومين عمدا بلا عذر
* {فرع} اتفق أصحابنا وغيرهم على أن الوصال لا يبطل الصوم سواء حرمناه أو كرهناه لما ذكره المصنف أن النهي لا يعود إلى الصوم والله أعلم
* {فرع} اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أن الوصال من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مكروه في حقنا (إما) كراهة تحريم على الصحيح (وإما) تنزيه ومباح له صلى الله عليه وسلم كذا قاله الشافعي والجمهور وقال إمام الحرمين هو قربة في حقه وقد نبه صلى الله عليه وسلم على الفرق بيننا وبينه في ذلك بقوله "إني لست كهيئتكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني" واختلف أصحابنا في تأويل هذا الحديث على وجهين مشهورين في الحاوي ومنهاج القاضي أبي الطيب والمعالم للخطابي والعدة والبيان وغيرها
(أحدهما)

وهو الأصح أن معناه أعطي قوة الطاعم الشارب وليس المراد الأكل حقيقة إذ لو أكل حقيقة لم يبق وصال ولقال ما أنا مواصل ويؤيد هذا التأويل ما سنذكره إن شاء الله تعالى
قريبا في فرع بيان الأحاديث في حديث أنس وقوله صلى الله عليه وسلم "إني أظل يطعمني ربي ويسقيني" ولا يقال ظل إلا في النهار فدل على أنه لم يأكل
(والثاني)
أنه صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بطعام وشراب من الجنة كرامة له لا تشاركه فيها الأمة وذكر صاحب العدة والبيان تأويلا ثالثا مع هذين قالا وقيل معناه أن محبة الله تشغلني عن الطعام والشراب والحب البالغ يشغل عنهما
* {فرع} قال أصحابنا الحكمة في النهي عن الوصال لئلا يضعف عن الصيام والصلاة وسائر الطاعات أو يملها ويسأم منها لضعفه بالوصال أو يتضرر بدنه أو بعض حواسه وغير ذلك من أنواع الضرر
* {فرع} في مذاهب العلماء في الوصال
* ذكرنا أن مذهبنا أنه منهي عنه وبه قال الجمهور وقال العبدرى هو قول العلماء كافة إلا ابن الزبير فإنه كان يواصل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن المنذر كان ابن الزبير وابن أبي نعيم يواصلان وذكر الماوردي في الحاوي أن عبد الله بن الزبير واصل سبعة عشر يوما ثم أفطر على سمن ولبن وصبر قال وتأول في السمن أنه يلين الأمعاء واللبن ألطف غذاء والصبر يقوي الأعضاء
* دليلنا الحديث السابق وما سنذكره من الأحاديث إن شاء الله تعالى
* {فرع} في بيان جملة من أحاديث الوصال
* عن ابن عمر قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن"




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 17-03-2025, 10:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان



المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى
كتاب الصيام
359الى 365
(17)



الوصال قالوا إنك تواصل قال إني لست مثلكم إنى أطعم وأسقى "رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم واصل في رمضان فواصل الناس فنهاههم قيل له أنت تواصل قال إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى "وعن أبي هريرة قال" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال فقال رجل فانك يارسول الله تواصل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربى ويسقيني فلما أبوا ان ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال لو تأخر الهلال لزدتكم كالمنكل لهم حين ابوأن ينتهوا "رواه البخاري ومسلم وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" إياكم والوصال مرتين قيل إنك تواصل قال أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون "رواه البخاري بهذا اللفظ ومسلم بمعناه واكلفوا بفتح اللام معناه خذوا برغبة ونشاط وعن عائشة قالت" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم قالوا إنك
تواصل قال إني لست كهيأتكم إني يطعمني ربي ويسقيني "رواه البخاري ومسلم وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" لا تواصلوا قالوا إنك تواصل قال إني لست كأحد منكم إني أطعم وأسقى "رواه البخاري بلفظه ومسلم بمعناه وعنه قال" واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول شهر رمضان فواصل ناس فبلغه ذلك فقال لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم إنكم لستم مثلي أو قال إني لست مثلكم إني أظل يطعمني ربي ويسقيني "رواه مسلم هنا والبخاري في باب لو من كتاب التمنني من صحيحه وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول" لا تواصلوا فأيكم ارد أن يواصل فليواصل إلى السحر قالوا فإنك تواصل يارسول الله قال إنى لست كهيأتكم إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقيني "رواه البخاري"
قال المصنف رحمه الله تعالى

* {ويستحب أن يتسحر للصوم لما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "تسحروا فان في السحور بركة" ولان فيه معونة علي الصوم ويستحب تأخير السحور لما روى انه قيل لعائشة "ان عبد الله يعجل الفطر ويؤخر السحور فقالت هكذا كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفعل" ولان السحور يراد للتقوى علي الصوم والتأخير أبلغ في ذلك فكان اولي والمستحب ان يعجل الفطر إذا تحقق غروب الشمس لحديث عائشة رضي الله عنها ولما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال هذا الدين ظاهرا ما عجل الناس الفطر ان اليهود والنصاري يؤخرون" }
* {الشرح} حديث أنس رواه البخاري ومسلم وحديث عائشة في قصة عبد الله رواه مسلم وعبد الله هذا هو ابن مسعود وينكر على المصنف قوله روي بصيغة التمريض وهو حديث صحيح

وإنما تقال صيغة التمريض في ضعيف وقد سبق التنبيه على مثل هذا مرات كثيرة وأما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود بلفظه هذا إلا أنه قال "لأن اليهود والنصارى يؤخرون" وفي نسخ المهذب "أن اليهود" وكذا رواه البيهقى في السنن الكبير وابن ماجه بإسناد صحيح فينبغي أن يقرأ بفتح الهمزة من أن ليوافق رواية أبي داود وهذا الحديث أصله في الصحيحين من رواية سهل بن سعد كما سأذكره في
فرع منفرد للأحاديث الواردة في السحور ورواية أبي هريرة التي ذكرها المصنف وأبو داود إسنادها صحيح على شرط مسلم وقوله صلى الله عليه وسلم "فإن في السحور بركة" روي بفتح السين وهو المأكول كالخبز وغيره وبضمها وهو الفعل والمصدر وسبب البركة فيه تقويته الصائم على الصوم وتنشيطه له وفرحه به وتهوينه عليه وذلك سبب لكثرة الصوم (أما) حكم المسألة فاتفق أصحابنا وغيرهم من العلماء على أن السحور سنة وأن تأخيره أفضل وعلى أن تعجيل الفطر سنة بعد تحقق غروب الشمس ودليل ذلك كله الأحاديث الصحيحة ولأن فيهما إعانة على الصوم ولأن فيهما مخالفة للكفار كما في حديث أبي هريرة المذكور في الكتاب والحديث الصحيح الذي سأذكره إن شاء الله تعالى "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر" ولأن محل الصوم هو الليل فلا معنى لتأخير الفطر والامتناع من السحور في آخر الليل ولأن بغروب الشمس صار مفطرا فلا فائدة في تأخير الفطر قال اصحابنا وإنما يستحب تأخير السحور مادام متيقنا بقاء الليل فمتى حصل شك فيه فالأفضل تركه وقد سبقت المسألة في فصل وقت الدخول في الصوم وقد نص الشافعي في الأم على أنه إذا شك في بقاء الليل ولم يتسحر يستحب له ترك السحور فإن تسحر في هذه الحالة صح صومه لأن الأصل بقاء الليل قال القاضي أبو الطيب في المجرد قال الشافعي في الأم إذا أخر الإفطار بعد تحقق غروب الشمس فإن كان يرى الفضل في تأخيره كرهت ذلك لمخالفة الأحاديث وإن لم ير الفضل في تأخيره فلا بأس لأن الصوم لا يصلح في الليل هذا نصه
* {فرع} وقت السحور بين نصف الليل وطلوع الفجر
* {فرع} يحصل السحور بكثير المأكول وقليله ويحصل بالماء أيضا وفيه حديث سنذكره

* {فرع} قال ابن المنذر في الأشراف أجمعت الأمة على أن السحور مندوب إليه مستحب لا إثم على من تركه
* {فرع} في الأحاديث الواردة في السحور وتأخيره وتعجيل الفطر
* عن أنس قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسحروا فإن في السحور بركة" رواه البخاري ومسلم وعن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "فصل مابين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر"
رواه مسلم
* أكلة السحر بفتح الهمزة هي السحور وعن المقدام بن معدى كرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "عليكم بهذا السحور فإنه هو الغذاء المبارك" رواه النسائي بإسناد جيد ورواه أبو داود والنسائي من رواية العرباض بن سارية بمعناه وفي إسناده نظر وعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" رواه البخاري ومسلم وسبق في الكتاب معناه من رواية أبي هريرة بزيادة وعن أبي عطية قال "دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلنا يا أم المؤمنين رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة فقالت أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة قلنا عبد الله بن مسعود قالت كذلك كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه مسلم وفي رواية له "يعجل المغرب" وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم "لا تزال امتى بخير ماعجلو الإفطار وأخروا السحور" رواه الإمام أحمد وعن أبي هريرة قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا" رواه الترمذي وقال حديث حسن وعن ابن عمر قال "كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال وابن أم مكتوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم قال ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا" رواه البخاري ومسلم وعن نافع عن ابن عمر وعن القاسم عن عائشة "أن بلالا كان يؤذن بليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر" رواه البخاري وعن زيد بن ثابت قال "تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة قلت كم كان قدر ما بينهما قال خمسين آية" رواه البخاري ومسلم وعن سهل بن سعد قال "كنت أتسحر في أهلي ثم تكون سرعتي أن أدرك صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه البخاري وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "تسحروا ولو بجرعة ماء" وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم "أكلة السحر بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء" رواهما ابن أبي عاصم في كتابه بإسنادين ضعيفين وفي الباب
أحاديث كثيرة غير ما ذكرته (وأما) ما رواه مالك والشافعي والبيهقي بأسانيدهم الصحيحة عن حميد بن عبد الرحمن "أن عمر وعثمان رضي الله عنهما كانا يصليان المغرب حين ينظران إلى الليل الأسود ثم يفطران بعد الصلاة وذلك في رمضان" فقال البيهقي في المبسوط قال الشافعي كأنهما يريان تأخير الفطر واسعا لا أنهما يتعمدان فضيلة في ذلك ونقل الماوردي أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يؤخران

الإفطار وأجاب بأنهما أرادا بيان جواز ذلك لئلا يظن وجوب التعجيل وهذا التأويل ظاهر فقد روى البيهقي بإسناده الصحيح عن عمرو بن ميمون وهو من أكبر التابعين قال "كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعجل الناس إفطارا وأبطأهم سحورا" (وأما) الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم "إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نعجل إفطارنا ونؤخر سحورنا ونضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة" فضعيف رواه البيهقي هكذا من رواية ابن عباس ومن رواية ابن عمر ومن رواية أبي هريرة وقال كلها ضعيفة (وأصح) ما ورد فيه من كلام عائشة موقوفا عليها وفي حديث رواه البيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "نعم سحور المؤمن التمر" * قال المصنف رحمه الله
* والمستحب أن يفطر على تمر فإن لم يجد فعلى الماء لما روى سلمان بن عامر قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر أحدكم فليفطر علي تمر فان لم يجد فليفطر علي ماء فانه طهور"
* والمستحب أن يقول عند إفطاره اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت لما روى أبو هريرة قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صام ثم أفطر قال اللهم لك صمت وعلي رزقك أفطرت" ويستحب أن يفطر الصأم لما روى زيد بن خالد الجهيني إن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من فطر صائما فله مثل أجره ولا ينقص من أجر الصائم شئ"
* {الشرح} حديث سلمان بن عامر رواه أبو داود والترمذي وقال هو حديث حسن صحيح (وأما) حديث زيد بن خالد فرواه الترمذي وقال هو حديث صحيح ورواه النسائي أيضا وغيره (وأما) حديث أبي هريرة فغريب ليس معروف ورواه أبو داود عن معاذ بن زهرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ورواه الدارقطني من رواية ابن عباس مسندا متصلا بإسناد ضعيف (أما) الأحكام ففيه مسائل (إحداها) يستحب أن يفطر على تمر فإن لم يجد فعلى الماء ولا يخلل بينهما هذا هو المذهب وبه قطع المصنف والجمهور ونص عليه في حرملة ودليله حديث سلمان السابق وعن أنس قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم يكن رطبات فتميرات فإن لم يكن تميرات حسا حسوات من ماء" رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن ورواه الدارقطني وقال إسناده صحيح وقال الروياني يفطر على تمر فإن لم يجد فعلى حلاوة فإن لم يجد فعلى الماء وقال القاضي حسين الأولى في زماننا أن يفطر على ما يأخذه بكفه من النهر ليكون أبعد عن الشبهة وهذا الذي قالاه شاذ والصواب ما سبق كما صرح به الحديث
الصحيح فإنه صلى الله عليه وسلم قدم التمر ونقل منه إلى الماء بلا واسطة

* {فرع} ذكر صاحب البيان أنه يكره للصائم إذا أراد أن يشرب أن يتمضمض ويمجه وكأن هذا شبيه بكراهة السواك للصائم بعد الزوال فإنه يكره لكونه يزيل الخلوف (الثانية) قال المصنف وسائر الاصحاب يستحب ان يدعوا عند إفطاره اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت وفي سنن أبي داود والنسائي عن ابن عمر "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى" وفي كتاب ابن ماجه عن ابن عمرو بن العاص إن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد" وكان ابن عمرو إذا أفطر يقول "اللهم برحمتك التي وسعت كل شئ اغفر لي" (الثالثة) يستحب أن يدعو الصائم ويفطره في وقت الفطر وهذا لا خلاف في استحبابه للحديث قال المتولي فإن لم يقدر على عشائه فطره على تمرة أو شربة ماء أو لبن قال الماوردي إن بعض الصحابة قال "يارسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي الله تعالى هذا الثواب من فطر صائما على تمرة أو شربة ماء أو مزقة لبن" * قال المصنف رحمه الله
* إذا كان عليه قضاء ايام من رمضان ولم يكن له عذر لم يجز ان يؤخره الي ان يدخل رمضان آخر فان أخره حتي أدركه رمضان آخر وجب عليه لكل يوم مد من طعام لما روى عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة
انهم قالوا فيمن عليه صوم فلم يصمه حتى ادركه رمضان آخر يطعم عن الاول فان اخره سنتين ففيه وجهان (احدهما) يجب لكل سنة مد لانه تأخير سنة فاشبهت السنة الاولي
(والثانى)
لا يجب للثانية شئ لان القضاء مؤقت بما بين رمضانين فإذا اخره عن السنة الاولي فقد اخره عن وقته فوجبت الكفارة وهذا المعنى لا يوجد فيما بعد السنة الاولي فلم يجب بالتأخير كفارة والمستحب ان يقضي ما عليه متتابعا لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يقطعه" ولان فيه مبادرة إلى اداء الفرض ولان ذلك اشبه بالاداء فان قضاه متفرقا جاز لقوله تعالي (فعدة من ايام اخر) ولانه تتابع وجب لاجل الوقت فسقط بفوات الوقت وان كان عليه قضاء اليوم الاول فصام ونوى به اليوم الثاني فانه يحتمل ان يجزئه لانه تعيين اليوم غير واجب ويحتمل ان لا يجزئه لانه نوى غير ما عليه فلم يجزئه كما لو كان عليه عتق عن اليمين فنوى عتق الظهار
* {الشرح} حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم "من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يقطعه" رواه الدارقطني والبيهقي وضعفاه (وأما)
الآثار التي ذكرها المصنف عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة في الإطعام فرواها الدارقطني وقال في إسناده عن أبي هريرة هذا إسناد صحيح ورواه عنه مرفوعا وإسناده ضعيف جدا واسناد ابن عباس صحيح أيضا ولفظ الروايات عن أبي هريرة "من مرض ثم صح ولم يصم حتى أدركه رمضان آخر قال يصوم الذي أدركه ثم يصوم الشهر الذي أفطر فيه ويطعم مكان كل يوم مسكينا" ولفظ الباقي بمعناه ولم يبين المصنف في روايته عنهم أنه يجب قضاء الصوم (وقوله) ولأنه تتابع وجب لأجل الوقت فيه احتراز من التتابع في صوم الكفارة أو في النذر المتتابع (أما) أحكام الفصل ففيه مسائل (إحداها) إذا كان عليه قضاء رمضان أو بعضه فإن كان معذورا في تأخير القضاء بأن استمر مرضه أو سفره ونحوهما جاز له التأخير مادام عذره ولو بقي سنين ولا تلزمه الفدية بهذا التأخير وإن تكررت رمضانات وإنما عليه القضاء فقط لأنه يجوز تأخير أداء رمضان بهذا العذر فتأخير القضاء أولى بالجواز فإن لم يكن عذر لم يجز التأخير إلى رمضان آخر بلا خلاف بل عليه قضاوه قبل مجئ رمضان السنة القابلة قال أصحابنا والفرق بين الصوم

والصلاة حيث لا يجوز تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر ويجوز تأخير الصلاة إلى ما بعد صلاة أخرى مثلها بل إلى سنين إن تأخير الصوم إلى رمضان آخر تأخير له إلى زمن لا يقبل صوم القضاء ولا يصح فيه فهو كتأخيره إلى الموت فلم يجز بخلاف الصلاة فإنها تصح في جميع الأوقات فلو أخر القضاء إلى رمضان آخر بلا عذر أثم ولزمه صوم رمضان الحاضر ويلزمه بعد ذلك قضاء رمضان الفائت ويلزمه بمجرد دخول رمضان الثاني عن كل يوم من الفائت مد من طعام مع القضاء لما ذكره المصنف نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب إلا المزني فقال لا تجب الفدية والمذهب الأول ولو أخره حتى مضى رمضانان فصاعدا فهل يتكرر عن كل يوم بتكرر السنين أم يكفي مد عن كل السنين فيه وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما (أصحهما) يتكرر صححه إمام الحرمين وغيره وقطع به القاضي أبو الطيب في كتابه المجرد وخالفهم صاحب الحاوي فقال الأصح أنه يكفي مد واحد لجميع السنين والأول أصح ولو أفطر عدوانا وقلنا تجب فيه الفدية فأخر القضاء حتى دخل رمضان آخر فعليه لكل يوم مع القضاء فديتان فدية للإفطار عدوانا وأخرى للتأخير هذا هو المذهب وبه قطع البغوي وغيره
* واحتج له البغوي بأن سببهما مختلف فلا يتداخلان بخلاف الحدود وقال إبراهيم المروزي إن عددنا الفدية بتعدد رمضان فهنا أولى وإلا فوجهان ولو أخر القضاء مع الإمكان حتى مات بعد دخول رمضان قبل أن يقضي وقلنا الميت يطعم عنه فوجهان مشهوران حكاهما المصنف في الفصل الذي بعد هذا (أصحهما) عند الأصحاب يجب لكل يوم مدان من تركته مد عن الصوم ومد عن التأخير قال الماوردي وهذا مذهب الشافعي
وسائر أصحابنا سوى ابن سريج
(والثاني)
يجب مد واحد لأن الفوات يضمن بمد واحد كالشيخ الهرم قال الماوردي هذا غلط وأما إذا قلنا يصوم عنه وليه فصام حصل تدارك أصل الصوم ويجب مد للتأخير لأنه كان واجبا عليه في حياته وإذا قلنا بالاصح وهو التكرر فكان عليه عشرة أيام فمات ولم يبق من شعبان إلا خمسة أيام وجب في تركته خمسة عشر مدا عشرة لأجل الصوم وخمسة للتأخير لأنه لو عاش لم يمكنه إلا قضاء خمسة وأما إذا أفطر بلا عذر وقلنا يلزمه الفدية فأخر الصوم حتى دخل رمضان آخر ومات قبل القضاء فالمذهب وجوب ثلاثة امداد لكل يوم فإن تكررت

السنون زادت الأمداد وإذا لم يبق بينه وبين رمضان الثاني ما يتأتى فيه قضاء جميع الفائت فهل تلزمه الفدية في الحال عما لا يسعه الوقت أم لا يلزمه إلا بعد دخول رمضان فيه وجهان كالوجهين فيمن حلف ليأكلن هذا الرغيف غدا فتلف قبل الغد هل يحنث في الحال أم بعد مجئ الغد
* {فرع} إذ أراد تعجيل فدية التأخير قبل مجئ رمضان الثاني ليؤخر القضاء مع الإمكان ففي جوازه وجهان كالوجهين في تعجيل الكفارة عن الحنث المحرم وقد سبقت هذه المسألة مع نظائر كثيرة لها في آخر باب تعجيل الزكاة
* {فرع} إذا أخر الشيخ الهرم المد عن السنة فالمذهب انه لا شئ عليه وقال الغزالي في الوسيط في تكرر مد آخر لتأخيره وجهان وهذا شاذ ضعيف (المسألة الثانية) إذا كان عليه قضاء شئ من رمضان يستحب قضاؤه متتابعا فإن فرقه جاز وذكر المصنف دليلهما (الثالثة) إذا كان عليه قضاء اليوم الأول من رمضان فصام ونوى به اليوم الثاني ففي إجزائه وجهان مشهوران حكاهما البغوي وغيره (أصحهما) لا يجزئه وبه قطع البندنيجي والمتولي ذكره في مسائل النية وجعل المصنف الاحتمالين له لكونه لم ير النقل الذي ذكره غيره وقد سبقت المسألة مع نظائرها في هذا الباب في مسائل النية والله أعلم
* {فرع} إذا لزمه قضاء رمضان أو بعضه فإن كان فواته بعذر كحيض ونفاس ومرض وإغماء وسفر ومن نسي النية أو أكل معتقدا أنه ليل فبان نهارا أو المرضع والحامل فقضاؤه على التراخي بلا خلاف ما لم يبلغ به رمضان المستقبل ولكن يستحب تعجيله وإن فاته بغير عذر فوجهان كالوجهين في قضاء الصلاة الفائتة بلا عذر (ارجحهما) عند أكثر العراقيين أنه على التراخي أيضا (والثاني) وهو الصحيح صححه الخراسانيون ومحققوا العراقيين وقطع به جماعات أنه على الفور وكذا الخلاف في قضاء الحجة




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 18-03-2025, 10:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان



المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى
كتاب الصيام

366الى 372

(18)





المفسدة (الأصح) على الفور وقد سبق بيان هذا كله في آخر باب مواقيت الصلاة وسبق هناك حكم الكفارة وهى كالصوم سواء فيفرق بين ما وجبت بسبب محرم وغيرها والله أعلم
*
{فرع} في مذاهب العلماء في من أخر قضاء رمضان بغير عذر حتى دخل رمضان آخر
* قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يلزمه صوم رمضان الحاضر ثم يقضي الأول ويلزمه عن كل يوم فدية وهي مد من طعام وبهذا قال ابن عباس وأبو هريرة وعطاء بن أبي رباح والقاسم بن محمد والزهرى والاوزاعي ومالك والثوري واحمد واسحق إلا أن الثوري قال الفدية مدان عن كل يوم وقال الحسن البصري وإبراهيم النخعي وأبو حنيفة والمزني وداود يقضيه ولا فدية عليه أما إذا دام سفره ومرضه ونحوهما من الأعذار حتى دخل رمضان الثاني فمذهبنا أنه يصوم رمضان الحاضر ثم يقضي الأول ولا فدية عليه لأنه معذور وحكاه ابن المنذر عن طاوس والحسن البصري والنخعي وحماد بن ابى سليمان والاوزاعي ومالك واحمد واسحق وهو مذهب أبي حنيفة والمزني وداود قال ابن المنذر وقال ابن عباس وابن عمر وسعيد بن جبير وقتادة يصوم رمضان الحاضر عن الحاضر ويفدي عن الغائب ولا قضاء عليه
{فرع} في مذاهبهم في تفريق قضاء رمضان وتتابعه
* قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يستحب تتابعه ويجوز تفريقه وبه قال علي بن ابي طالب ومعاذ ابن جبل وابن عباس وأنس وأبو هريرة والأوزاعي والثوري وابو حنيفة ومالك واحمد واسحق وابي ثور رضي الله عنهم وعن ابن عمر وعائشة والحسن البصري وعروة بن الزبير والنخعي وداود الظاهري أنه يجب التتابع قال داود هو واجب ليس بشرط وحكى صاحب البيان عن الطحاوي أنه قال التتابع والتفريق سواء ولا فضيلة في التتابع

* {فرع} يجوز قضاء رمضان عندنا في جميع السنة غير رمضان الثاني وأيام العيد والتشريق ولا كراهة في شئ من ذلك سواء ذو الحجة وغيره وحكاه ابن المنذر عن سعيد بن المسيب وأحمد واسحق وأبي ثور وبه قال جمهور العلماء قال ابن المنذر وروينا عن علي بن أبي طالب أنه كره قضاءه في ذي الحجة قال وبه قال الحسن البصري والزهري قال ابن المنذر وبالأول أقول لقوله تعالى (فعدة من أيام أخر)
*
* قال المصنف رحمه الله تعالي

*
{ولو كان عليه قضاء شئ من رمضان فلم يصم حتي مات نظرت فان أخره لعذر اتصل بالموت لم يجب عليه شئ لانه فرض لم يتمكن من فعله إلي الموت فسقط حكمه كالحج وإن زال العذر وتمكن فلم يصمه حتى مات أطعم عنه لكل مسكين مد من طعام عن كل يوم ومن أصحابنا من قال فيه قول آخر أنه يصام عنه لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى اله عليه وسلم قال "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" ولانه عبادة تجب بافسادها الكفارة فجاز أن يقضي عنه بعد الموت كالحج والمنصوص في الام هو الاول وهو الصحيح والدليل عليه ماروى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من مات وعليه صيام فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين" ولانه عبادة لا تدخلها النيابة في حال الحياة فلا تدخلها النيابة بعد الموت كالصلاة (فان قلنا) أنه يصوم عنه وليه اجزأه فان أمر أجنبيا فصام عنه باجرة أو بغير أجرة اجزأه كالحج (وإن قلنا) يطعم عنه نظرت فان مات قبل أن يدركه رمضان آخر أطعم عنه عن كل يوم مسكين وإن مات بعد ما ادركه رمضان آخر ففيه وجهان (احدهما) يلزمه مدان مد للصوم ومد للتأخير (والثاني) يكفيه مد واحد للتأخير لانه إذا أخرج مدا للتأخير زال التفريط بالمد فيصير كما لو أخره بغيره تفريط فلا تلزمه كفارة}
* {الشرح} حديث عائشة رواه البخاري ومسلم وحديث ابن عمر رواه الترمذي وقال هو غريب قال والصحيح أنه موقوف على ابن عمر من قوله (وقول) المصنف عبادة تجب بإفسادها الكفارة
احتراز من الصلاة (وقوله) عبادة لا تدخلها النيابة في حال الحياة احتراز من الحج في حق المعضوب (أما) حكم المسألة فقال أصحابنا من مات وعليه قضاء رمضان أو بعضه فله حالان (أحدهما) أن يكون معذورا في تفويت الأداء ودام عذره إلى الموت كمن اتصل مرضه أو سفره أو إغماؤه أو حيضها أو نفاسها أو حملها أو إرضاعها ونحو ذلك بالموت لم يجب شئ على ورثته ولا في تركته لا صيام ولا إطعام وهذا لا خلاف فيه عندنا ودليله ما ذكره المصنف من القياس على الحج (الحال الثاني) أن يتمكن من قضائه سواء فاته بعذر أم بغيره ولا يقضيه حتى يموت ففيه قولان مشهوران (أشهرهما وأصحهما) عند المصنف والجمهور وهو المنصوص في الجديد أنه يجب في تركته لكل يوم مد من طعام ولا يصح صيام وليه
عنه قال القاضي أبو الطيب في المجرد هذا هو المنصوص للشافعي في كتبه الجديدة وأكثر القديمة (والثاني) وهو القديم وهو الصحيح عند جماعة من محققي أصحابنا وهو المختار أنه يجوز لوليه أن يصوم عنه ويصح ذلك ويجزئه عن الإطعام وتبرأ به ذمة الميت ولكن لا يلزم الولي الصوم بل هو إلى خيرته ودليلهما في الكتاب وسأفرد له فرعا أبسط أدلته فيه إن شاء الله تعالي


* قال المصنف والأصحاب فإذا قلنا بالقديم فأمر الولي أجنبيا فصام عن الميت بأجرة أو بغيرها جاز بلا خلاف كالحج ولو صام الأجنبي مستقلا به من غير إذن الولي فوجهان مشهوران (أصحهما) لا يجزئه قال صاحب البيان وهذا هو المشهور في المذهب وقد أشار إليه المصنف بقوله وإن أمر أجنبيا (وأما) المراد بالولي الذى يصوم عنه فقال إمام الحرمين يحتمل ان يكون من له الولاية يعني ولاية المال ويحتمل مطلق القرابة ويحتمل أن يشترط الارث ويحتمل أن يشترط العصوبة ثم توقف الامام فيه وقال لا نقل فيه عندي قال الرافعى وإذا فحصت عن نظائره وجدت الاشبه اعتبار الارث هذا كلام الرافعي واختار الشيخ أبو عمرو بن الصلاح أنه مطلق القرابة قال لان الولى مشتق من الولي باسكان اللام وهو القرب فيحمل عليه ما لم يدل دليل علي خلافه وهذا الذى اختاره أبو عمر وهو الاصح المختار وفي صحيح مسلم من رواية ابن عباس ومن رواية بريدة "إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة ماتت أمها وعليها صوم صومي عن امك" وهذا يبطل احتمال الولاية والعصوبة فالصحيح ان الولي مطلق القرابة واحتمال الارث ليس ببعيد والله اعلم

* {فرع} قد ذكرنا فيمن مات وعليه صوم وتمكن منه فلم يصمه حتى مات انه علي قولين (الجديد) المشهو في المذهب وصححه اكثر الاصحاب انه يجب الاطعام عنه لكل يوم مد من طعام ولا يجزئ الصيام عنه وبالغ الاصحاب في تقوية هذا القول وانه مذهب للشافعي حتى قال القاضي أبو الطيب في المجرد هو نص الشافعي في كتبه القديمة والجديدة قال وحكي عنه انه قال في بعض كتبه القديمة
يصوم عنه وليه وقال صاحب الحاوي مذهب الشافعي في القديم والجديد أنه يطعم عنه ولا يصام عنه قال وحكى بعض أصحابنا عن القديم أنه يصوم عنه وليه لأنه قال فيه قد روى ولك في ذلك خبر فإن صح قلت به فجعله قولا ثانيا فال وأنكر سائر أصحابنا أن يكون صوم الولي عنه مذهبا للشافعي رضي الله عنه


وتأولوا الأحاديث الواردة "من مات وعليه صوم صام عنه وليه" إن صح على أن المراد الإطعام أي يفعل عنه ما يقوم مقام الصيام وهو الإطعام وفرقوا بينه وبين الحج بأن الحج تدخله النيابة في الحياة ولا تدخل الصوم النيابة في الحياة بلا خلاف هذا هو المشهور عند الاصحاب (والقول الثاني) وهو القديم أنه يجوز لوليه أن يصوم عنه ولا يلزمه ذلك وعلى هذا القول لو أطعم عنه جاز فهو على القديم مخير بين الصيام والإطعام هكذا نقله البيهقي وغيره وهو متفق عليه على القديم وهذا القديم هو الصحيح عند جماعة من محققي أصحابنا الجامعين بين الفقه والحديث واستدلوا له بالأحاديث الصحيحة (منها) حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" رواه البخاري ومسلم وعن ابن عباس قال "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها فقال لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها قال نعم قال فدين الله أحق أن يقضى" رواه البخاري ومسلم وعن ابن عباس أيضا قال "جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت."

يارسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها قال أفرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها قالت نعم قال فصومي عن أمك "رواه مسلم ورواه البخاري أيضا تعليقا بمعناه وعن بريدة قال" بينا أنا جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة فقالت يارسول الله إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت فقال وجب أجرك وردها عليك الميراث قالت يارسول الله إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها قال صومي عنها قالت إنها لم تحج قط أفأحج عنها قال حجي عنها "رواه مسلم وعن ابن عباس أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله نجاها أن تصوم شهرا فنجاها الله سبحانه وتعالى فلم تصم حتى ماتت فجاءت بنتها أو أختها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تصوم عنها" رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح رجاله رجال الصحيحين وفي المسألة أحاديث غير ما ذكرته وروى البيهقي في السنن الكبير هذه الأحاديث وأحاديث كثيرة بمعناها ثم قال فثبت بهذه الأحاديث جواز الصيام قال وكان الشافعي قال في القديم قد روي في الصوم عن الميت شئ فإن كان ثابتا صيم عنه كما يحج عنه (وأما) في الجديد فقال روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه يصوم عنه وليه" قال وإنما لم أخذ به لأن الزهري روى عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن النبي
صلى الله عليه وسلم نذرا ولم يسمه مع حفظ الزهري وطول مجالسة عبيد الله لابن عباس فلما روى غيره عن
رجل عن ابن عباس غير مافى حديث عبيد الله أشبه أن لا يكون محفوظا قال البيهقي يعني به حديث الشافعي عن مالك عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس "أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أمي ماتت وعليها نذر فقال النبي صلى الله عليه وسلم اقضه عنها" قال البيهقي وهذا الحديث صحيح رواه البخاري ومسلم من رواية مالك وغيره عن الزهري إلا أن في رواته سعيد بن جبير عن ابن عباس

"أن امرأة سألت" يعني عن الصوم عن أمها وكذلك رواه الحكم بن عيينة وسلمة بن كهيل عن مجاهد عن ابن عباس وفى رواية عن مجاهد عن ابن عباس وفى رواية عن مجاهد وعطاء وسعيد بن جبير عن ابن عباس ورواه عكرمة عن ابن عباس ورواه بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال البيهقي أيضا في معرفة السنن والآثار قد ثبت جواز قضاء الصوم عن الميت برواية سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة عن ابن عباس وفي رواية أكثرهم "أن امرأة سألت" وقد ثبت الصوم عنه من رواية عائشة ورواية لم بريدة ثم قال البيهقي في الكتابين فالأشبه أن تكون قصة السؤال عن الصيام بعينه غير قصة سعد بن عبادة التي سأل فيها عن نذر مطلق كيف وقد ثبت الصوم عنه بحديث عائشة وحديث بريدة قال البيهقي وقد رأيت بعض أصحابنا يضعف حديث ابن عباس بما روى عن بريدة بن زريع عن حجاج الأحول عن أيوب بن موسى عن عطاء عن ابن عباس قال "لا يصوم أحد عن أحد ويطعم عنه" وفي رواية عن ابن عباس أنه في صيام رمضان يطعم عنه وفي النذر يصوم عنه وليه قال ورأيت بعضهم ضعف حديث عائشة بما روي عن عمارة بن عمير عن امرأة عن عائشة في امرأة ماتت وعليها صوم قالت يطعم عنها وروي عن عائشة
"لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم" قال البيهقي وليس فيما ذكروا ما يوجب ضعف الحديث في الصيام عنه لأن من يجوز الصيام عن الميت يجوز الإطعام عنه قال وفيما روي عنها في النهي عن الصوم عن الميت نظر والأحاديث المرفوعة أصح إسنادا وأشهر رجالا وقد أودعها صاحبا الصحيحين كتابيهما ولو وقف الشافعي على جميع طرقها ونظائرها لم يخالفها إن شاء الله تعالى
* هذا آخر كلام البيهقي قلت الصواب الجزم بجواز صوم الولي
عن الميت سواء صوم رمضان والنذر وغيره من الصوم الواحب للأحاديث الصحيحة السابقة ولا معارض لها ويتعين أن يكون هذا مذهب الشافعي لأنه قال إذا صح الحديث فهو مذهبي واتركوا قولي المخالف له وقد صحت في المسألة أحاديث كما سبق والشافعي إنما وقف على حديث ابن عباس من بعض طرقه كما سبق ولو وقف على جميع طرقه وعلى حديث بريدة وحديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخالف ذلك كما قال البيهقي فيما قدمناه عنه في آخر كلامه فكل هذه الأحاديث صحيحة صريحة
فيتعين العمل بها لعدم المعارض لها (وأما) حديث ابن عمر في الإطعام عنه فقد سبق قول الترمذي فيه أنه لا يصح مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأن الصحيح أنه موقوف على ابن عمر وكذا قال البيهقي وغيره من الحفاظ لا يصح مرفوعا وإنما هو من كلام ابن عمر وإنما رفعه محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يموت وعليه رمضان لم يقضه قال

"يطعم عنه لكل يوم نصف صاع بر" قال البيهقى هذا خطأ من وحهين (أحدهما) رفعه وإنما هو موقوف (الثاني)

قوله نصف صاع فإنما قال ابن عمر مدا من حنطة قلت وقد اتفقوا على تضعيف محمد ابن ابي ليلي وانه لا يحتح بروايته وإن كان إماما في الفقه (وأما) ما حكاه البيهقي عن بعض أصحابنا من تضعيف حديث ابن عباس وعائشة بمخالفتهما لروايتهما فغلط من زاعمه لأن عمل العالم وفتياه بخلاف حديث رواه لا يوجب ضعف الحديث ولا يمنع الاستدلال به وهذه قاعدة معروفة في كتب المحدثين والاصوليين لاسيما وحديثاهما في إثبات الصوم عن الميت في الصحيح والرواية عن عائشة في فتياها من عند نفسها بمنع الصوم ضعيف لم يحتج بها لو لم يعارضها شئ كيف وهي مخالفة للأحاديث الصحيحة (وأما) تأويل من تأول من أصحابنا "صام عنه وليه" أي أطعم بدل الصيام فتأويل باطل يرده باقى الا حديث
* {فرع} إذا قلنا لا يصام عن الميت بل يطعم عنه فإن مات قبل رمضان الثاني أطعم عنه لكل يوم مد من طعام بلا خلاف عندنا وإن مات بعد مجئ رمضان الثاني فوجهان حكاهما المصنف والأصحاب وهما مشهوران ذكر المصنف دليلهما (أحدهما) قاله ابن سريج يطعم لكل يوم مد (وأصحهما) عن كل يوم مدان وبه قال جمهور

أصحابنا المتقدمين واتفق المتأخرون على تصحيحه وقد سبقت هذه المسألة واضحة مع نظائرها قبل هذا الفصل بقليل وسبق تفريع كثير على القولين
* {فرع} حكم صوم النذر والكفارة وجميع أنواع الصوم الواجب سواء في جميع ما ذكرناه (ففي) الجديد يطعم عنه لكل يوم مد (وفي) القديم للولي أن يطعم عنه وله أن يصوم عنه كما سبق والصحيح هو القديم كما سبق
* {فرع} إذا قلنا إنه يجوز صوم الولى عن الميت وصوم الاجنبي باذن الولي فصام عنه ثلاثون إنسانا في يوم واحد هل يجزئه عن صوم جميع رمضان فهذا مما لم أر لأصحابنا كلاما فيه وقد ذكر البخاري في صحيحه عن الحسن البصري أنه يجزئه وهذا هو الظاهر الذي نعتقده
* {فرع} قال أصحابنا وغيرهم ولا يصام عن أحد في حياته بلا خلاف سواء كان عاجزا أو قادرا
*
{فرع} لو مات وعليه صلاة أو اعتكاف لم يفعلهما عنه وليه ولا يسقط عنه بالفدية صلاة ولا اعتكاف
* هذا هو المشهور في المذهب والمعروف من نصوص الشافعي في الام وغيره ونقل البويطي عن الشافعي أنه قال في الاعتكاف يعتكف عنه وليه وفى وراية يطعم عنه قال البغوي ولا يبعد تخريج هذا في الصلاة فيطعم عن كل صلاة مد (فإذا قلنا) بالإطعام في الاعتكاف فالقدر المقابل بالمد هو اعتكاف يوم بليلته هكذا ذكره إمام الحرمين عن نقل شيخه ثم قال الإمام وهو مشكل فإن اعتكاف لحظة عبادة تامة ونقل صاحب البيان في آخر كتاب الاعتكاف أن الصيدلاني حكى أنه يطعم في الاعتكاف عنه لكل يوم مسكين قال ولم أجد هذا لغير الصيدلاني

* {فرع} في حكم الفدية وبيانها سواء الفدية المخرجة عن الميت وعن المرضع والحامل والشيخ الكبير والمريض الذي لا يرجى برؤه ومن عصى بتأخير قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر ومن أفطر عمدا وألزمناه الفدية على وجه ضعيف وغيرهم ممن تلزمه فدية في الصوم وهي مد من طعام لكل يوم جنسه جنس زكاة الفطر فيعتبر غالب قوت بلده في أصح الأوجه وفي الثاني قوت نفسه
وفي الثالث يتخير بين جميع الأقوات ويجئ فيه الخلاف والتفريع السابق هناك ولا يجزئ الدقيق ولا السويق ولا الحب المعيب ولا القيمة ولا غير ذلك مما سبق هناك ومصرفها الفقراء أو المساكين وكل مد منها منفصل عن غيره فيجوز صرف أمداد كثيرة عن الشخص الواحد والشهر الواحد إلى مسكين واحد أو فقير واحد بخلاف إمداد الكفارة فإنه يجب صرف كل مد إلى مسكين ولا يصرف إلى مسكين من كفارة واحدة مدان لان الكفارة شئ واحد (وأما) الفدية عن أيام رمضان فكل يوم مستقل بنفسه لا يفسد بفساد ما قبله ولا ما بعده وممن صرح بمعنى هذه الجملة البغوي والرافعي
* {فرع} في مذاهب العلماء فيمن مات وعليه صوم فاته بمرض أو سفر أو غيرهما من الأعذار ولم يتمكن من قضائه حتى مات
* ذكرنا أن مذهبنا أنه لا شئ عليه ولا يصام عنه ولا يطعم عنه بلا خلاف عندنا وبه قال أبو حنيفة ومالك والجمهور قال العبدري وهو قول العلماء كافة إلا طاوسا وقتادة فقالا يجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين لأنه عاجز فأشبه الشيخ الهرم
* واحتج البيهقي وغيره من أصحابنا لمذهبنا بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" رواه البخاري ومسلم
* واحتجو أيضا بالقياس على الحج كما ذكره المصنف وفرقوا بينه وبين الشيخ الهرم بأن الشيخ عامر الذمة ومن أهل العبادات بخلاف الميت
* {فرع} في مذاهبهم فيمن تمكن من صوم رمضان فلم يصمه حتى مات
* قد ذكرنا أن في مذهبنا قولين (أشهرهما) يطعم عنه لكل يوم مد من طعام (وأصحهما) في الدليل يصوم عنه وليه وممن قال بالصيام عنه طاوس والحسن البصري والزهري وقتادة وأبو ثور وداود وقال ابن عباس وأحمد وإسحق





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 19-03-2025, 10:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان



المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي

(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى

كتاب الصيام

373الى 381

(19)



يصام عنه صوم النذر ويطعم عن صوم رمضان وقال ابن عباس وابن عمر وعائشة ومالك وأبو حنيفة والثوري يطعم عنه ولا يجوز الصيام عنه لكن حكى ابن المنذر عن ابن عباس والثوري أنه يطعم عن كل يوم مدان
*
{فرع} في مسائل تتعلق بكتاب الصيام
(إحداها) يستحب أن يدعو عند رؤية الهلال بما رواه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان "إذا رأى الهلال قال اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله" رواه الترمذي وقال حديث حسن وعن ابن عمر
قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما تجب وترضى ربنا وربك الله" رواه الدارمي في مسنده وروى أبو داود في كتاب الأدب من سننه عن قتادة قال "بلغني أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال هلال خير ورشد هلال خير ورشد هلال خير ورشد آمنت بالذي خلقك ثلاث مرات ثم يقول الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وجاء بشهر كذا" هكذا رواه عن قتادة مرسلا وفي المسألة أذكار أخر ذكرتها في كتاب الأذكار (الثانية) يستحب للصائم أن يدعو في حال صومه بمهمات الآخرة والدنيا له ولمن يحب وللمسلمين لحديث أبي هريرة قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر والإمام العادل والمظلوم"

رواه الترمذي وابن ماجه قال الترمذي حديث حسن وهكذا الرواية حتى بالتاء المثناة فوق فيقتضي استحباب دعاء الصائم من أول اليوم إلى آخره لأنه يسمى صائما في كل ذلك (الثالثة) عن أبي بكرة رضي الله عنه قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا يقول أحدكم إني صمت رمضان كله وقمته فلا أدري أكره التزكية أو قال لا بد من نومة أو رقدة "رواه أبو داود والنسائي بأسانيد حسنة أو صحيحة وممن ذكره من أصحابنا صاحب البيان (الرابعة) قال المصنف في التنبيه وغيره من أصحابنا يكره صمت"
يوم إلى الليل للصائم ولغيره من غير حاجة لحديث علي رضي الله عنه قال "حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى الليل" رواه أبو داود بإسناد حسن وعن قيس بن أبي حازم قال "دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم فقال مالها لا تتكلم فقالوا حجت مصمتة فقال لها تكلمي فإن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية فتكلمت" رواه البخاري في صححيه (قوله) امرأة من أحمس هو بالحاء والسين المهملتين وهي
قبيلة معروفة والنسبة إليهم أحمسي قال الخطابي في معالم السنن في تفسير الحديث الأول كان أهل الجاهلية من نسكهم الصمات وكان أحدهم يعتكف اليوم والليلة فيصمت لا ينطق فنهوا يعني في الإسلام عن ذلك وأمروا بالذكر والحديث بالخير هذا كلام الخطابي وهذا الذي ذكرناه هو المعروف لأصحابنا ولغيرهم أن الصمت إلى الليل مكروه وقال صاحب التتمة في هذا الباب جرت عادة بعض الناس بترك الكلام في رمضان جملة وليس له أصل في الشرع لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يلازم أحد منهم الصمت في رمضان لكن له أصل في شرع من قبلنا وهو قصة زكريا عليه السلام

(إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم انسيا) أراد بالصوم الصمت فمن قال من أصحابنا شرع من قبلنا يلزمنا عند عدم النهي جعل ذلك قربة ومن قال شرع من قبلنا لا يلزمنا قال لا يستحب ذلك هذا كلام صاحب التتمة وهو كلام بناه علي أن شرعنا لم يرد فيه نهي وقد ورد النهي كما قدمناه فهو الصواب (الخامسة) قال الشافعي والاصحاب رحمهم الله تعالي الجود والأفضال يستحب في كل وقت وهو في رمضان آكد ويسن زيادة الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان ودليل المسألتين الأحاديث الصحيحة (منها) حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة" رواه البخاري وسلم قال العلماء (قوله) كالريح المرسلة أي في الإسراع والعموم وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا دخل العشر الاواخر أحيى الليل وأيقظ أهله وشد المئزر" رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم "كان يجتهد في العشر الاواخر مالا يجتهد"

في غيره "وعن علي رضي الله عنه قال" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر الأواخر ويرفع المئزر "رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وعن أنس قال" قيل يارسول الله أي الصدقة أفضل قال صدقة رمضان "رواه البيهقي"
* قال أصحابنا والجود والأفضال مستحب في شهر رمضان وفي العشر الأواخر أفضل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالسلف ولأنه
شهر شريف فالحسنة فيه أفضل من غيره ولأن الناس يشتغلون فيه بصيامهم وزيادة طاعاتهم عن المكاسب فيحتاجون إلى المواساة وإعانتهم
* {فرع} قال الماوردي ويستحب للرجل أن يوسع على عياله في شهر رمضان وأن يحسن إلى أرحامه وجيرانه لاسيما في العشر الأواخر منه (السادسة) قال أصحابنا السنة كثرة تلاوة القرآن في رمضان ومدارسته وهو أن يقرأ على غيره ويقرأ غيره عليه للحديث السابق قريبا عن ابن عباس ويسن الاعتكاف فيه وآكده العشر الأواخر منه لحديث ابن عمر وعائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان" رواهما البخاري ومسلم وفي الصحيح عن جماعة من الصحابة وغيرهم معناه وثبت في الصحيح "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأولى والعشر الوسط من رمضان" من رواية أبي سعيد الخدري (السابعة) يستحب صون نفسه في رمضان عن الشهوات فهو سر الصوم ومقصوده الأعظم وسبق أنه يحترز عن الغيبة والكلام القبيح والمشاتمة والمسافهة وكل مالا خير فيه من الكلام (الثامنة) يستحب تقديم غسل الجنابة من جماع أو احتلام على طلوع الفجر والأحاديث الصحيحة في تأخيره محمولة على بيان الجواز والا فالكثير من من رسول الله صلى الله عليه وسلم تقديمه على الفجر (التاسعة) قال الشافعي والأصحاب يكره للصائم السواك بعد الزوال هذا هو المشهور ولا فرق بين صوم النفل والفرض وقال القاضي حسين لا يكره في النفل ليكون أبعد من الرياء وهذا غريب ضعيف وللشافعي قول غريب أن السواك لا يكره في كل صوم لا قبل الزوال ولا بعده وقد سبقت المسألة في باب السواك مبسوطة قال أصحابنا وإذا استاك فلا فرق بين السواك الرطب واليابس بشرط أن يحترز عن ابتلاع شئ منه أو من رطوبته فإن ابتلعه أفطر والاستياك قبل الزوال بالرطب واليابس جائز بلا كراهة وبه قال ابن عمر وعروة ومجاهد وأيوب وأبو حنيفة وسفيان الثوري والأوزاعي وأبو ثور وداود كرهه بالرطب جماعة حكاه ابن المنذر
عن عمرو بن شرحبيل والشعبي والحكم وقتادة ومالك واحمد واسحق وعن أحمد رواية أخرى أنه لا يكره وقال ابن المنذر وممن قال بالسواك للصائم قبل الزوال وبعده عمر بن الخطاب وابن عباس
وعائشة وعروة بن الزبير وابن سيرين والنخعي وأبو حنيفة ومالك وكرهه بعد الزوال عطاء ومجاهد واحمد واسحق وأبو ثور (العاشرة) قد سبق أن الحيض والنفاس والجنون والردة كل واحد منها يبطل الصوم سواء طال أم كان لحظة من النهار وصوم الصبي المميز صحيح والذي لا يميز لا يصح وكذا لا يصح صوم السكران قال أصحابنا شرط الصوم الإسلام والتمييز إلا المغمى عليه والنائم كما سبق فيهما والنقاء عن الحيض والنفاس والوقت القابل للصوم احترازا عن العيد والتشريق (الحادية عشرة) عن أم عمارة الأنصارية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم "دخل عليها فقدمت له طعاما فقال كلي فقالت إني صائمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل عنده حتى يفرغوا" رواه الإمام أحمد والترمذي وقال حديث حسن

* [باب صوم التطوع] (والايام التي نهى عن الصوم فيها) * قال المصنف رحمه الله
* {يستحب لمن صام رمضان أن يتبعه بست من شوال لما روى أبو أيوب رضي الله عنه قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام رمضان واتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر" }

* {الشرح} حديث أبي أيوب رواه مسلم ولفظه "من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر" ورواه أبو داود بإسناد صحيح بلفظه في المهذب واسم أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري النجاري بالنون والجيم شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله صلى الله عليه وسلم "بست من شوال أو ستا من شوال" من غير هاء التأنيث في آخره هذه لغة العرب الفصيحة المعروفة يقولون صمنا خمسا وصمنا ستا وصمنا عشرا وثلاثا وشبه ذلك بحذف الهاء وإن كان المراد مذكرا وهو الأيام فما لم يصرحوا بذكر الأيام يحذفون الهاء فإن ذكروا المذكر أثبتوا الهاء فقالوا صمنا ستة أيام وعشرة أيام وشبه ذلك وهذا مما لا خلاف بينهم في جوازه وممن نقله عن العرب من أهل اللغة المشهورين وفضلائهم المتقنين ومعتمديهم المحققين الفراء ثم ابن السكيت
وغيرهما من المتقدمين والمتأخرين قال أبو إسحق الزجاج وفى تفسير قول الله تعالى (أربعة أشهر وعشرا) إجماع أهل اللغة سرنا خمسا بين يوم وليلة وأنشد الجعدى
* فطفت ثلاثا بين يوم وليلة
* ومما جاء مثله في القرآن العظيم قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا) مذهبنا ومذهب الجمهور أن المراد عشرة أيام بلياليها ولا تنقضي العدة حتى تغرب الشمس من اليوم العاشر وتدخل الليلة الحادية عشر ومئله قوله سبحانه وتعالى (يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا) أي عشرة أيام بدليل قوله تعالى (إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما) قال أهل اللغة في تعليل هذا الباب وإنما كان كذلك لتغليب الليالي على الأيام وذلك لأن أول الشهر الليل فلما كانت الليالي هي الأوائل غلبت لأن الأوائل أقوى ومن هذا قول العرب خرجنا ليالي الفتنة وخفنا ليالي إمارة الحجاج والمراد الأيام بلياليها والله أعلم
* (أما) حكم المسألة فقال أصحابنا يستحب صوم ستة أيام من شوال لهذا الحديث قالوا ويستحب ان يصومها متتايعة في أول شوال فإن فرقها أو أخرها عن أول شوال جاز وكان فاعلا لأصل هذه السنة لعموم الحديث وإطلاقه وهذا لا خلاف فيه عندنا وبه قال أحمد وداود
* وقال مالك وأبو حنيفة يكره صومها قال مالك في الموطإ وصوم ستة أيام من شوال لم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغه ذلك عن أحد من السلف وأن أهل العلم كانوا يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان أهل الجفاء والجهالة ما ليس منه لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم ورأوهم يعملون ذلك هذا كلام مالك في الموطإ

* ودليلنا الحديث الصحيح السابق ولا معارض له (وأما) قول مالك لم أر أحدا يصومها فليس بحجة في الكراهة لأن السنة ثبتت في ذلك بلا معارض فكونه لم ير لا يضر وقولهم لأنه قد يخفى ذلك فيعتقد وجوبه ضعيف لأنه لا يخفى ذلك على أحد ويلزم على قوله إنه يكره صوم عرفة وعاشوراء وسائر الصوم المندوب إليه وهذا لا يقوله أحد * قال المصنف رحمه الله
* {ويستحب لغير الحاج ان يصوم يوم عرفة لما روى أبو قتادة قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوم عاشوراء كفارة سنة وصوم يوم عرفة كفارة سنتين سنة قبلها ماضية وسنة بعدها مستقبلة" ولا يستحب ذلك للحاج لما روت ام الفضل بنت الحارث "ان اناسا اختلفوا عندها في يوم عرفة في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس بصائم فارسلت إليه بقدح من لبن وهو واقف علي بعيره بعرفة فشرب" ولان الدعاء في هذا اليوم يعظم ثوابه والصوم يضعفه فكان الفطر افضل}

*
{الشرح} حديث أبي قتادة رواه مسلم بمعناه قال "عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال يكفر السنة الماضية والسنة الباقية" وحديث أم الفضل رواه البخاري ومسلم من رواية أم الفضل ورويا أيضا مثله من رواية أختها ميمونة أم المؤمنين واسم أم
الفضل لبابة الكبرى وهي أم ابن عباس وإخوته وكانوا ستة نجباء ولها أخت يقال لها لبابة الصغرى وهي أم خالد بن الواليد وكن عشر أخوات وميمونة بنت الحرث أم المؤمنين إحداهن وذكر ابن سعد وغيره أن أم الفضل أول امرأة أسلمت بعد خديجة رضي الله عنهما (أما) حكم المسألة فقال الشافعي والأصحاب يستحب صوم يوم عرفة لغير من هو بعرفة (وأما) الحاج الحاضر في عرفة فقال الشافعي في المختصر والأصحاب يستحب له فطره لحديث أم الفضل وقال جماعة من أصحابنا يكره له صومه وممن صرح بكراهته الدارمي والبندنيجي والمحاملي في المجموع والمصنف في التنبيه وآخرون ونقل الرافعي كراهته عن كثيرين من الأصحاب ولم يذكر الجمهور الكراهة بل قالوا يستحب فطره كما قاله الشافعي (وأما) قول المصنف وامام الحرمين لا يستحب ذلك للحاج فعبارة ناقصة لأنها لا تفيد استحباب فطره كما قاله الشافعي والأصحاب
* واحتج لمن قال بالكراهة بحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة" رواه أبو داود والنسائي بإسناد فيه مجهول وعن أبي نجيح قال "سئل ابن عمر عن صوم يوم عرفة قال حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصمه ومع أبي بكر فلم يصمه ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه فأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه" وراه الترمذي وقال حديث حسن وهذان الحديثان لا دلالة فيهما لمن قال بالكراهة لأن الأول ضعيف والثاني ليس فيه نهي وإنما هو خلاف الأفضل كما قاله الشافعي والجمهور
* {فرع} ذكرنا أن المستحب للحاج بعرفة الفطر يوم عرفة هكذا أطلقه الشافعي والجمهور وقال المتولي إن كان الشخص ممن لا يضعف بالصوم عن الدعاء وأعمال الحج فالصوم أولى له وإلا فالفطر وقال الروياني في الحلية إن كان قويا وفي الشتاء ولا يضعف بالصوم عن الدعاء فالصوم أفضل له قال وبه قالت عائشة وعطاء وأبو حنيفة وجماعة من أصحابنا هذا كلام الروياني وقال البيهقي في معرفة السنن

والآثار قال الشافعي في القديم لو علم الرجل أن الصوم بعرفة لا يضعفه فصامه كان حسنا واختار الخطابي هذا والمذهب استحباب الفطر مطلقا وبه قال جمهور أصحابنا وصرجوا بأنه لا فرق
* {فرع} في مذاهب العلماء في صوم عرفة بعرفة
* ذكرنا أن مذهبنا استحباب فطره ورواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ونقله الترمذي والماوردي وغيرهما عن أكثر العلماء ونقله العبدري عن عامة الفقهاء غير ابن الزبير وعائشة ونقله ابن المنذر عن مالك والثوري وحكى ابن المنذر عن ابن الزبير وعثمان بن أبي العاص الصحابي وعائشة واسحق بن راهويه استحباب الصوم واستحبه عطاء في الشتاء والفطر في الصيف وقال قتادة لا باس
بالصوم إذا لم يضعف عن الدعاء وحكى صاحب البيان عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال يجب الفطر بعرفة ودليلنا ما سبق
* {فرع} قد ذكرنا أن المستحب للحاج فطر عرفة ليقوى على الدعاء هكذا علله الشافعي والاصحاب قال الشافعي في المختصر ولأن الحاج ضاح مسافر والمراد بالضاحي البارز للشمس لأنه يناله من ذلك مشقة ينبغي أن لا يصوم معها وقد سبق في باب صلاة الاستسقاء أنه يستحب صوم يوم الاستسقاء وإن كان يوم دعاء وسبق هناك الفرق بينهما ومختصره أن الوقوف يكون آخر النهار ووقت تأثير الصوم مع أنه مسافر والاستسقاء يكون في أول النهار قبل ظهور أثر الصيام مع أنه مقيم
* {فرع} قال الشافعي والأصحاب أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة كما جاء في الحديث هكذا ذكروه هنا وسنوضحه في الوقوف بعرفات

* {فرع} قال البغوي وغيره يوم عرفة أفضل أيام السنة وقال السرخسي في هذا الباب اختلف في يوم عرفة ويوم الجمعة أيهما أفضل فقل بعضهم يوم عرفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل صيامه كفارة سنتين ولم يرد مثله في يوم الجمعة وقال بعضهم يوم الجمعة أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة" هذا كلام السرخسي والمشهور تفضيل يوم عرفة وسنعيد المسألة في فصل
الوقوف بعرفات وفي كتاب الطلاق في تعليق الطلاق في تعليق على أفضل الأيام ومما يدل لترجيح يوم عرفة أنه كفارة سنتين كما سبق ولأن الدعاء فيه أفضل أيام السنة ولأنه جاء في صحيح مسلم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال "مامن يوم يعتق الله فيه من النار أكثر من يوم عرفة"

* {فرع} قوله صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة "يكفر السنة الماضية والمستقبلة" قال الماوردي في الحاوي فيه تأويلان
(أحدهما)
أن الله تعالى يغفر له ذنوب سنتين
(والثاني)
أن الله تعالى يعصمه في هاتين السنتين فلا يعص فيهما وقال السرخسي أما السنة الأولى فتكفر ما جرى فيها قال واختلف العلماء في معنى تكفير السنة الباقية المستقبلة وقال بعضهم معناه إذا ارتكب فيها معصية جعل الله تعالى صوم يوم عرفة الماضي كفارة لها كما جعله مكفرا لما في السنة الماضية وقال بعضهم معناه أن الله تعالى يعصمه في السنة المستقبلة عن ارتكاب ما يحتاج فيه إلى كفارة وقال صاحب العدة في تكفير السنة الأخرى يحتمل معنيين
(أحدهما)
المراد السنة التي قبل هذه فيكون معناه أنه يكفر سنتين ماضيتين (والثاني) أنه أراد سنة ماضية وسنة مستقبلة قال وهذا لا يوجد مثله في شئ من العبادات أنه يكفر الزمان المستقبل وإنما ذلك خاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر بنص القرآن العزيز وذكر إمام الحرمين هذين


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 20-03-2025, 10:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان



المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى
كتاب الصيام
382الى 388
(20)



الاحتمالين بحروفهما قال إمام الحرمين وكل ما يرد في الأخبار من تكفير الذنوب فهو عندي محمول على الصغائر دون الموبقات هذا كلامه وقد ثبت في الصحيح ما يؤيده فمن ذلك حديث عثمان رضي الله عنه قال "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من إمرى مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت له كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة وذلك الدهر كله" رواه مسلم وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصلاة الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر "رواه مسلم وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول" الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن من الذنوب إذا اجتنب الكبائر "رواه مسلم قلت وفي معنى هذه الأحاديث تأويلان"
(أحدهما)
يكفر الصغائر بشرط أن لا يكون هناك كبائر فإن كانت كبائر لم يكفر شيئا لا الكبائر لا الكبائر ولا الصغائر
(والثاني)
وهو الأصح المختار أنه يكفر كل الذنوب

الصغائر وتقديره يغفر ذنوبه كلها إلا الكبائر قال القاضي عياض رحمه الله هذا المذكور في الأحاديث من غفران الصغائر دون الكبائر هو مذهب أهل السنة وأن الكبائر إنما تكفرها التوبة أو رحمة الله تعالي (فإن قيل) قد وقع في هذا الحديث هذه الألفاظ ووقع في الصحيح غيرها مما في معناها فإذا كفر الوضوء فماذا تكفره الصلاة وإذا كفرت الصلوات فماذا تكفره الجمعات ورمضان وكذا صوم يوم عرفة كفارة سنتين ويوم عاشوراء كفارة سنة وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه (فالجواب) ما أجاب به العلماء أن كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفره وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتبت به حسنات ورفعت له به درجات وذلك كصلوات الأنبياء والصالحين والصبيان وصيامهم ووضوئهم وغير ذلك من عباداتهم وإن صادف كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغائر رجونا أن تخفف من الكبائر وقد قال أبو بكر في الأشراف في آخر كتاب الاعتكاف في باب التماس ليلة القدر في قوله صلى الله عليه وسلم "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" قال هذا قول عام يرجى لم قامها إيمانا واحتسابا أن تغفر له جميع ذنوبه صغيرها وكبيرها
*
* قال المصنف رحمه الله

* {ويستحب أن يصوم يوم عاشورا لحديث أبي قتادة ويستحب أن يصوم يوم تاسوعاء لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن بقيت الي قابل لاصومن اليوم التاسع" }
* {الشرح} حديث أبي قتادة سبق بيانه ولفظ مسلم فيه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن"
صيام يوم عاشورا فقال يكفر السنة الماضية "وأما حديث ابن عباس فرواه مسلم بلفظه وفى رواية مسلم زيادة" قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم "وعاشوراء وتاسوعاء اسمان ممدودان هذا هو المشهور في كتب اللغة وحكى عن ابن عمر والشيبابى قصرهما قال أصحابنا عاشورا هو اليوم العاشر من المحرم وتاسوعاء هو التاسع منه هذا مذهبنا وبه قال جمهور العلماء وقال"
ابن عباس عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم ثبت ذلك عنه في صحيح مسلم وتأوله على أنه مأخوذ من إظماء الإبل فإن العرب تسمي اليوم الخامس من أيام الورد ربعا بكسر الراء وكذا تسمي باقي الأيام على هذه النسبة فيكون التاسع على هذا عشرا بكسر العين والصحيح ومما قاله الجمهور وهو أن عاشوراء هو اليوم العاشر وهو ظاهر الأحاديث ومقتضى إطلاق اللفظ وهو المعروف عند أهل اللغة (وأما) تقدير أخذه من إظماء الإبل فبعيد وفي صحيح مسلم عن ابن عباس ما يرده قوله لأنه قال أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يصوم عاشوراء فذكروا أن اليهود والنصارى تصومه فقال صلى الله عليه وسلم إنه في العام المقبل يصوم التاسع" وهذا تصريح بأن الذي كان يصومه صلى الله عليه وسلم ليس هو التاسع فتعين كونه العاشر واتفق أصحابنا وغيرهم علي استحباب صوم عاشورا وتاسوعا وذكر العلماء من أصحابنا وغيرهم في حكمة استحباب صوم تاسوعاء أوجها (أحدها) أن المراد منه مخالفة اليهود في اقتصارهم على العاشر وهو مروي عن ابن عباس وفي حديث رواه الإمام أحمد بن حنبل عن ابن عباس قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود وصوموا قبله يوما وبعده يوما" (الثاني) أن المراد به وصل يوم عاشوراء بصوم كما نهى أن يصوما يوم الجمعة وحده ذكرهما الخطابي وآخرون (الثالث) الاحتياط في صوم العاشر خشية نقص الهلال ووقوع غلط فيكون التاسع في العدد هو العاشر في نفس الأمر

* {فرع} اختلف أصحابنا في صوم يوم عاشوراء هل كان واجبا في أول الإسلام ثم نسخ أم لم يجب في وقت أبدا على وجهين مشهورين لأصحابنا وهما احتمالان ذكرهما الشافعي (أصحهما) وهو ظاهر مذهب الشافعي وعليه أكثر أصحابنا وهو ظاهر نص الشافعي بل صريح كلامه أنه لم يكن واجبا قط (والثاني) أنه كان واجبا وهو مذهب أبي حنيفة وأجمع المسلمون على أنه اليوم ليس بواجب وأنه سنة فأما دليل من قال كان واجبا فأحاديث كشيرة صحيحة (منها) أن النبي صلى الله عليه وسلم "بعث رجلا يوم عاشوراء إلى قومه يأمرهم فليصوموا هذا اليوم ومن طعم منهم فليصم بقية يومه" رواه البخاري ومسلم من رواية سلمة بن الاكوع وروياه في صحيحهما بمعناه من رواية الربيع بضم الراء وتشديد الباء بنت معوذ وعن عائشة قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصيام يوم عاشوراء قبل أن يفرض رمضان فلما فرض صيام رمضان كان من شاء صام عاشوراء ومن شاء أفطر" رواه البخاري ومسلم من طرق وعن ابن عمر "أن رسول الله"
صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء أو المسلمون قبل أن يفرض رمضان فلما افترض رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء صام ومن شاء ترك "رواه مسلم وعن ابن مسعود في يوم عاشوراء قال" إنما كان يوما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان ترك "رواه مسلم وعن جابر بن سمرة قال" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام عاشورا ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده "رواه مسلم وعن أبي موسى الأشعري وعن ابن عباس" أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصيامه "رواهما البخاري ومسلم قال أصحاب أبي حنيفة والأمر للوجوب (وقوله) صلى الله عليه وسلم" من شاء صام ومن شاء أفطر "دليل على تخييره مع أنه سنة اليوم فلو لم يكن قبل ذلك واجبا لم يصح التخيير"
* واحتج أصحابنا على أنه لم يكن واجبا بل كان سنة بأحاديث صحيحة (منها) حديث معاوية بن أبي سفيان "أنه يوم عاشوراء قال وهو على المنبر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن هذا اليوم يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر" رواه البخاري ومسلم قال البيهقي وقوله "لم يكتب عليكم صيامه" يدل على أنه لم يكن واجبا قط لأن لم لنفي الماضي وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يوم عاشوراء يوم كان يصومه أهل الجاهلية فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه ومن كرهه فليدعه" رواه مسلم وعن عائشة قالت "كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية فلما جاء الإسلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء صامه ومن شاء تركه" رواه مسلم (وأما) الجواب عن الأحاديث فهو أنها محمولة على تأكد الاستحباب جمعا بين الا حديث (وقوله) فلما فرض رمضان ترك أي ترك تأكد الاستحباب وكذا قوله فمن شاء صام ومن شاء أفطر
*
* قال المصنف رحمه الله
* {ويستحب صيام ايام البيض وهي ثلاثة من كل شهر لما روى أبو هريرة قال "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر} "

* {الشرح} حديث أبي هريرة رواه البخاري ومسلم وثبتت أحاديث في الصحيح بصوم ثلاثة أيام من كل شهر من غير تعيين لوقتها وظاهرها أنه متى صامها حصلت الفضيلة وثبت في صحيح مسلم عن معاذة
العدوية أنها سألت عائشة "أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام قالت نعم قالت قلت من أي أيام الشهر قالت ما كان يبالي من أيام الشهر كان يصوم" وجاء في غير مسلم تخصيص أيام البيض في أحاديث (منها) حديث أبي ذر رضي الله عنه قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صمت من الشهر ثلاثا فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة" رواه الترمذي والنسائي قال الترمذي حديث حسن وعن
قتادة ابن ملحان قال كان "رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد فيه مجهول وعن جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر أيام البيض ثلاث عشرة ورابع عشرة وخمس عشرة" رواه النسائي بإسناد حسن ووقع في بعض نسخه والأيام البيض وفي بعضها وأيام البيض بحذف الألف واللام وهو أوضح وقول المصنف أيام البيض هكذا هو في نسخ المهذب أيام البيض بإضافة أيام إلى البيض وهكذا ضبطناه في التنبيه عن نسخة المصنف وهذا هو الصواب ووقع في كثير من كتب الفقه وغيرها وفي كثير من نسخ التنبيه أو أكثرها الأيام البيض بالألف واللام وهذا خطأ عند أهل العربية معدود في لحن العوام لأن الأيام كلها بيض وإنما صوابه أيام البيض أي أيام الليالي البيض واتفق أصحابنا على استحباب صوم أيام البيض قالوا هم وغيرهم وهي اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر هذا هو الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور من أصحابنا وغيره وفيه وجه لبعض أصحابنا حكاه الصيمري والماوردي والبغوي وصاحب البيان وغيرهم أنها الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر وهذا شاذ ضعيف يرده الحديث السابق في تفسيرها وقول أهل اللغة أيضا وغيرهم (وأما) سبب تسمية هذه الليالي بيضا فقال ابن قتيبة والجمهور لأنها تبيض بطلوع القمر من.
أولها إلى آخرها وقيل غير ذلك
* {فرع} أجمعت الأمة على أن أيام البيض لا يجب صومها الآن قال الماوردي اختلف الناس هل كانت واجبة في أول الإسلام أم لا فقيل كانت واجية فنسخت بشهر رمضان وقيل لم تكن واجبة قط وما زالت سنة قال وهو أشبه بمذهب الشافعي رحمه الله
*
* قال المصنف رحمه الله

{ويستحب صوم يوم الاثنين والخميس لما روى اسامة ابن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يصوم الاثنين والخميس فسئل عن ذلك فقال أن الاعمال تعرض يوم الاثنين والخميس" }
* {الشرح} حديث أسامة رواه أحمد بن حنبل الدارمي وأبو داود والنسائي من رواية أسامة لفظ الدارمي كلفظه في المهذب (وأما) لفظ أبي داود وغيره فقال عن أسامة قال "قلت يارسول الله إنك تصوم حتى لا تكاد تفطر وتفطر حتي لا تكاد أن تصوم إلا في يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما قال أي يومين قلت يوم الاثنين والخميس قال ذانك يوما تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم" وقد ثبتت أحاديث كثيرة في صوم الاثنين والخميس (منها) حديث أبي قتادة رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الاثنين قال"
ذلك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل علي فيه "رواه مسلم وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدا بينه وبين أخيه شحناء فيقال اتركوا هذين حتى يفيئا "رواه مسلم وفي رواية" تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا "وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم "رواه الترمذي وقال حديث حسن وعن عائشة قالت" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى يوم الاثنين والخميس "رواه الترمذي والنسائي قال الترمذي حديث حسن قال أهل اللغة سمي يوم الاثنين لأنه ثاني الأيام قال أبو جعفر النحاس سبيله أن لا يثنى ولا يجمع بل يقال مضت أيام الاثنين قال وقد حكى البصريون اليوم الاثن والجمع الثنى وذكر الفراء أن جمعه الأثانين والأثان وفي كتاب سيبويه اليوم الثني فعلى هذا جمعه الأثناء وقال الجوهرى لا يثني ولا يجمع لانه متي فإن أحببت جمعه قلت أثانين (وأما) يوم الخميس فسمي بذلك لأنه خامس الأسبوع قال النحاس جمعه أخمسة وخمس وخمسان كرغيف ورغف ورغفان وأخمساء كأنصباء وأخامس حكاه الفراء والله أعلم"
* أما حكم المسألة فاتفق أصحابنا وغيرهم على استحباب صوم الاثنين والخميس والله أعلم
*
(فرع)
قال أصحابنا ومن الصوم المستحب صوم الاشهر الحرم وهي ذوالقعدة وذو الحجة والمحرم ورجب وأفضلها المحرم قال الروياني في البحر أفضلها رجب وهذا غلط لحديث أبي هريرة الذي سنذكره إن شاء الله تعالى "افضل الصوم بعد مضان شهر الله المحرم" ومن المسنون صوم شعبان ومنه صوم الأيام التسعة من أول ذي الحجة وجاءت في هذا كله أحاديث كثيرة (منها) حديث مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها "أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حالته وهيئة فقال يارسول الله أما تعرفني قال ومن أنت قال أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول قال فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة قال ما اكلت"

طعاما منذ فارقتك إلا بليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم عذبت نفسك ثم قال صم شهر الصبر ويوما من كل شهر قال زدني فإن بي قوة قال صم يومين قال زدني قال صم ثلاثة أيام قال زدني قال صم من الحرم واترك صم من الحرم واترك صم من الحرم واترك وقال بأصابعه الثلاث ثم أرسلها "رواه أبو داود وغيره (قوله) صلى الله عليه وسلم صم من الحرم واترك إنما أمره بالترك لأنه كان يشق عليه إكثار الصوم كما ذكره في اول الحديث (فأما) من لا يشق عليه فصوم جميعها فضيلة وعن أبي هريرة قال" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل "رواه مسلم وعن عائشة قالت" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان "روراه البخاري ومسلم من طرق وفي رواية لمسلم" كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلا "قال العلماء اللفظ الثاني مفسر للأول وبيان لأن مرادها بكله غالبه وقيل كان يصومه كله في وقت ويصوم بعضه في سنة أخرى وقيل كان يصوم تارة من أوله وتارة من وسطه وتارة من آخره ولا يخلي منه شيئا بلا صيام لكن في سنين وقيل في تخصيصه شعبان بكثرة الصيام لأنه ترفع."
فيه أعمال العباد في سنتهم وقيل غير ذلك (فإن قيل) فقد سبق في حديث أبي هريرة أن أفضل الصيام بعد رمضان المحرم فكيف أكثر منه في شعبان دون المحرم (فالجواب) لعله صلى الله عليه وسلم لم يعلم فضل المحرم إلا في آخر الحياة
قبل التمكن من صومه أو لعله كانت تعرض فيه أعذار تمنع من إكثار الصوم فيه كسفر ومرض وغيرهما قال العلماء وإنما لم يستكمل شهرا غير رمضان لئلا يظن وجوبه وعن ابن عباس قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مامن أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ" رواه البخاري في صحيحه في كتاب صلاة العيد وعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر وأول اثنين من الشهر والخميس" رواه أبو داود ورواه أحمد والنسائي وقالا وخميسين (وأما) حديث عائشة قالت "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط وفي رواية" لم يصم العشر "رواهما مسلم في صحيحه فقال العلماء هو متأول علي انها لم تره ولا يلزم منه تركه في نفس الأمر لأنه صلى الله عليه وسلم كان يكون عندها في يوم من تسعة أيام والباقي عند باقي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أو لعله صلى الله عليه وسلم"

كان يصوم بعضه في بعض الأوقات وكله في بعضها ويتركه في بعضها لعارض سفر أو مرض أو غيرهما وبهذا يجمع بين الاحاديث * قال المصنف رحمه الله
* {ولا يكره صوم الدهر إذا أفطر أيام النهي ولم يترك فيه حقا ولم يخف ضررا لما روت أم كلثوم مولاة أسماء قالت "قيل لعائشة تصومين الدهر وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام الدهر قالت نعم وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن صيام الدهر ولكن من افطر يوم النحر ويوم الفطر فلم يصم الدهر" وسئل عبد الله بن عمر عن صيام الدهر فقال "أولئك فينا من السابقين ايعني من صام الدهر" فان خاف ضررا أو ضيع حقا كره "لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخا بين سلمان وبين أبي الدرداء فجاء سلمان يزور أبا الدرداء فرأى أم سلمة متبذلة فقال ما شانك فقالت إن اخاك ليس له حاجة في شئ من الدنيا فقال سلمان يا أبا الدرداء إن لربك عليك حقا ولاهلك عليك حقا ولجسدك عليك حقا فصم وأفطر وقم ونم وأت اهلك واعط كل ذى حق حقه فذكر أبو الدرداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال سلمان فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما قال سلمان" }
*
{الشرح} حديث أبي الدرداء وسلمان رواه البخاري في صحيحه وينكر على المصنف قوله فيه روي بصيغة التمريض وإنما يقال ذلك في حديث ضعيف كما سبق بيانه مرات (وقوله) فرأى أم سلمة متبذلة هكذا في جميع نسخ المهذب أم سلمة وهو غلط صريح وصوابه فرأى أم الدرداء وهي زوجة أبي الدرداء هكذا هو في صحيح البخاري وجميع كتب الحديث وغيرها واسم أم الدرداء هذه خيرة وهي صحابية ولأبي الدرداء زوجة أخرى يقال لها أم الدرداء وهي تابعية فقيهة فاضلة حكيمة اسمها هجيمة وقيل جهيمة وقد أوضحتها في تهذيب الأسماء (وأما) حديث أم كلثوم عن عائشة (١) وأما الأثر المذكور عن ابن عمر فرواه البيهقي ولفظه "كنا نعد أولئك فينا من السابقين" (أما) حكم المسألة فقال الشافعي والأصحاب في صوم الدهر نحو قول المصنف والمراد بصوم الدهر سرد الصوم في جميع الأيام إلا الأيام التي لا يصح صومها وهي العيدان وأيام التشريق وحاصل حكمه عندنا انه
====================
(١)
كذا بالاصل فحرر






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 260.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 254.97 كيلو بايت... تم توفير 5.85 كيلو بايت...بمعدل (2.24%)]