شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 76 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 629 - عددالزوار : 114672 )           »          المخدرات دمار للعقول والمجتمعات كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          القلقاس: خضار لذيذ بفوائد عديدة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          10 أسباب للدوخة والغثيان عند النساء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الدعم النفسي لذوي الاحتياجات الخاصة: دليلك الشامل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          7 نصائح للتعامل مع مريض الذهان: طرق بسيطة وعملية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          علاج حساسية الوجه: دليلك الشامل للتغلب عليها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          كيف أحمل بولد: طرق طبيعية وطبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          قصور الغدة الدرقية أثناء الحمل: كا ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الأعراض والتحديات النفسية لقصور الدرقية، تعرف عليها | الطبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-07-2025, 06:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,905
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [442]
الحلقة (474)






شرح سنن أبي داود [442]

من رحمة الله بالرقيق أن جعل لهم ما يستخلصون به من رقهم، ومنه: المكاتبة، وتكون بأن يتفق العبد مع سيده على مبلغ من المال منجماً مقابل حريته، فإن وفى فهو حر وإلا فهو عبد ما بقي عليه درهم، وإن باعه سيده انتقل إلى السيد الجديد بما كان له عند الأول، ويعتبر في الحرية الولاء، فهو لحمة كلحمة النسب، ويكون الولاء لمن أعتق، ومن اشترط الولاء دون أن يعتق فشرطه باطل.

ما جاء في المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت



شرح حديث (المكاتب عبد ما بقي من مكاتبته درهم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب العتق. باب في المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت. حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا أبو بدر حدثني أبو عتبة إسماعيل بن عياش حدثني سليمان بن سليم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المكاتب عبد ما بقي من مكاتبته درهم) ]. أورد أبو داود كتاب العتق، والعتق: هو إزالة الرق وتحول المملوك إلى الحرية، فبعد أن كانت منافعه مملوكة لغيره صارت منافعه مملوكة له، فيتصرف في نفسه كيف يشاء، وكان قبل ذلك لا يتصرف في نفسه بل منافعه ملك لسيده. وأورد المصنف باباً في المكاتب يؤدي بعض كتابته ثم يعجز أو يموت. أي: أن العبد يتفق معه سيده على أن يدفع له مقداراً من المال منجماً كأن يدفع له في السنة كذا، ثم إذا دفع ذلك المقدار الذي اتفق معه عليه فإنه يعتق بعد أن يؤدي الذي عليه، وإن أدى بعض ما عليه وعجز عن الباقي فإنه باق على عبوديته ورقه، وإن مات مات وهو رقيق، فالمال الذي وصل إلى سيده هو مال حصل عليه من عبده، ولم يصل العبد إلى الحرية بل إنه مات في أثناء ذلك، فمات وهو عبد. وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المكاتب عبد ما بقي من مكاتبته درهم)، ومعناه: أنه لا تحصل له الحرية إلا إذا أدى كل ما عليه، فإذا أدى كل ما عليه حصلت له الحرية، وأما إن مات قبل أن يؤدي ما عليه فإنه يموت وهو عبد، أو يكون قد عجز ولم يستطع أن يسدد الشيء الذي عليه فإنه يبقى عبداً، وإنما تحصل له الحرية فيما إذا سدد الذي عليه ولم يعجز عن التسديد، وإلا فإنه يكون عبداً، فالمكاتب يعتبر عبداً ما بقي عليه درهم من مكاتبته، فإذا سدد آخر قسط، أو طلب المساعدة من غيره فجمع مالاً ودفعه لسيده فإنه يعتق بذلك.

تراجم رجال إسناد حديث (المكاتب عبد ما بقي من مكاتبته درهم)


قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ]. هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو بدر ]. هو شجاع بن الوليد ، صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني أبو عتبة إسماعيل بن عياش ]. أبو عتبة إسماعيل بن عياش صدوق إذا روى عن الشاميين، وهذا من روايته عنهم، ومخلط في غيرهم، وحديثه أخرجه البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن. [ عن سليمان بن سليم ]. سليمان بن سليم شامي ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [ عن عمرو بن شعيب ]. عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. شعيب بن محمد وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن. عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها إلا عشر أواق فهو عبد...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثني عبد الصمد حدثنا همام حدثنا عباس الجريري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها إلا عشر أواق فهو عبد، وأيما عبد كاتب على مائة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد). قال أبو داود : ليس هو عباس الجريري ، قالوا: هو وهم، ولكنه شيخ آخر ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله في أن من كاتب فلا يزال في الرق إلى أن يسدد ما عليه، إلا أن اللفظ الأول كان أشد مبالغة من الثاني ومعناهما واحد. هذا قال: إذا كاتب على مائة دينار وبقي عليه عشرة -أي العُشر- وأما ذاك فهو أخص، لأنه قال: ما بقي درهم، وهو شيء قليل جداً، ولكن النتيجة واحدة والمؤدى واحد، وكلا الطريقين دال على أنه لا يكون حراً إلا إذا سدد الذي عليه. مسألة: هل يجوز للسيد بيع المكاتب أثناء دفعه للأقساط؟ والجواب: نعم يجوز بيعه، ولكنه ينتقل إلى المشتري كما كان عليه عند البائع.
تراجم رجال إسناد حديث (أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها إلا عشر أواق فهو عبد...)


قوله: [ قال حدثنا محمد بن المثنى ]. محمد بن المثنى أبو موسى العنزي الملقب بالزمن ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثني عبد الصمد ]. عبد الصمد بن عبد الوارث ، صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا همام ]. همام بن يحيى العوذي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عباس الجريري ]. عباس الجريري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده ]. عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، مر ذكرهم. قال أبو داود : [ ليس هو عباس الجريري ، قالوا: هو وهم، ولكنه شيخ آخر ]. وهذا يوجد في بعض النسخ، فإن كان الجريري فهو ثقة، وإن كان غيره فالحديث الذي قبله متابع له.

شرح حديث (إذا كان لإحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا سفيان عن الزهري عن نبهان مكاتب أم سلمة ، قال: سمعت أم سلمة رضي الله عنها تقول: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان لإحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه) ]. أورد أبو داود حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان لإحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه)، وهذا يفيد أن المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي أن سيدته تحتجب منه ولم لم يكن قد أدى؛ لأن المرأة لا تحتجب من مملوكها، وقد جاء في القرآن استثناؤه مع من استثني: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ [النور:31] ، ولكنه إذا كوتب ثم أدى آخر ما عليه احتجبت منه؛ لأنه صار أجنبياً ولا علاقة له بها، وهذا مثل الرجل إذا تزوج المرأة وطلقها فإنها تحتجب منه؛ لأنه لا علاقة له بها، فكذلك المرأة لا تحتجب عن عبدها ولكنه إذا عتق فإنها تحتجب منه. وهذا اللفظ يخالف ما تقدم لأنه لا يعتبر حراً أن الحرية إلا إذا سدد آخر ما عليه، ولهذا جاء في الحديث السابق: (عبد ما بقي عليه درهم) ، ويمكن أن يقال: إن هذا الاحتجاب على سبيل الاحتياط، ما دام أنه في طريقه إلى التسديد، ولكن الحرية لا تحصل إلا بعد التسديد، وحصول الحرية هو الذي يجعل المولى والرقيق ليس داخلاً في ملك سيدته ومولاته، فلا يكون امتناعها من الاحتجاب عنه إلا إذا حصل التسديد الذي حصل به العتق. والحديث في إسناده شخص متكلم فيه، وعلى هذا فما تقدم في الحديثين السابقين الدالين على أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم هو الراجح، وما دل عليه هذا الحديث مخالف للحديث المتقدم، والحديث المتقدم هو الصحيح، فيكون الاحتجاب إنما هو بعد حصول العتق وليس قبل ذلك.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا كان لإحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه)


قوله: [ حدثنا مسدد بن مسرهد ]. مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا سفيان عن الزهري ]. سفيان بن عيينة ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، والزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نبهان مكاتب أم سلمة ].. نبهان مكاتب أم سلمة مقبول، أخرج له أصحاب السنن. [ عن أم سلمة ].. أم سلمة رضي الله عنها هند بنت أبي أمية أم المؤمنين، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة. * تنبيه: الكفالة الموجودة في الوقت الحاضر ليست مثل المكاتب كما يظن البعض؛ لأن الكفيل يطلب من المكفول دفع مبلغ معين كل سنة، وهذا ما ليس له علاقة بباب الرق والعتق، كما أن هذا العمل غير سائغ، فالإنسان عندما يكون كافلاً لأحد معناه أنه استقدمه ليشتغل عنده، ويحصل الأجر في مقابل عمله، فهذا هو الأمر السائغ، وأما أن يأتي به ويفلته ثم ذاك يكتسب ويعطي الكفيل بعض المال في مقابل كفالته فهذا غير صحيح، وليس هذا مما تقره الدولة عندما أذنت وسمحت باستقدام العمال، فإنه يؤتى به ليعمل تحت نظره وإشرافه، أو يعمل له ويحصل أجراً على ذلك، وأما كونه يأتي بأناس يكفلهم ثم يرسلهم ويعطونه في كل شهر أو في كل سنة مقداراً من المال، فهذا غير صحيح.
ما جاء في بيع المكاتب إذا فسخت المكاتبة



شرح حديث (... ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة. حدثنا عبد الله بن مسلمة و قتيبة بن سعيد قالا: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة : (أن عائشة رضي الله عنها أخبرته: أن بريرة رضي الله عنها جاءت عائشة تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئاً، فقالت لها عائشة : ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت، فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون لنا ولاؤك، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابتاعي فأعتقي؛ فإنما الولاء لمن أعتق، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال أناس يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فليس له وإن شرطه مائة مرة، شرط الله أحق وأوثق) ]. أورد أبو داود باباً في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة، ومعناه: أن بيع المكاتب سائغ لأنه عبد، والعبد يجوز بيعه، وهو عبد ما بقي عليه درهم. وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها في قصة بريرة ، ومكاتبة أهلها لها على تسع أواق، وأنها لم تقض منها شيئاً، وأنها جاءت إلى عائشة أم المؤمنين تطلب منها أن تعينها بمقدار من المال من أجل أن تدفعه لأهلها، فعائشة رضي الله عنه وأرضاها أرادت أنها تدفع المبلغ كله وتعتقها ويكون الولاء لها، فلما جاءت إلى أهلها وأخبرتهم قالوا: إن كانت تريد أن تساعدك وتحتسب الأجر على الله عز وجل فلها ذلك ويكون الولاء لنا وهذا معناه: أن الولاء يكون لهم وهم غير معتقين، فهي التي ستعتق وليسوا هم. فهم أرادوا أن يكون لهم الولاء، وما كانوا يعرفون الحكم الشرعي في ذلك، وظنوا أنه ما دام حصلت المكاتبة من قبلهم، وأنها في طريقها للعتق، فهم من أعتقها، لكن الأمر ليس كذلك؛ لأن عائشة تريد أن تشتريها وأن تعتقها، ويكون ولاؤها لها، فأبوا، ولما أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بأن تبتاعها وأن تعتقها، وأن الولاء لها، لأن الولاء إنما يكون لمن أعتق، ولا يحصل الولاء شخص غير معتق؛ لأن الولاء مثل النسب لا يصير إلا لمن حصل منه العتق، ولا يباع ولا يوهب. (وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون لنا ولاؤك، فذكرت ذلك لرسول صلى الله عليه وسلم فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابتاعي فأعتقي). يعني: اشتريها أنت وأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق، فأنت لم تعطيها مساعدة من أجل أن تذهب بها إلى قومها ثم يعتقونها ويكون الولاء لهم، وإنما أنت دفعت كل المبلغ الذي طلبوه منها؛ لتتولي عتقها فيكون ولاؤها لك. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس، وبين لهم الأمر، وكان من عادته عليه الصلاة والسلام أنه إذا بلغه شيء عن أناس حصل منهم أمر لا يسوغ فإنه يخطب ويقول: (ما بال أقوام يقولون كذا وكذا)، ولا يسمي الذين حصل منهم، فيكون بذلك قد بين الحكم الشرعي لسائر الناس، والذين حصل منهم المخالفة يعرفون أنفسهم، ويعرفون أنه قد حصل منهم ذلك فيتركونه، وغيرهم ممن لم يكن له دخل في هذا الموضوع يعرف الحكم الشرعي، فكان هذا من هديه ومن طريقته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا من كمال خلقه عليه الصلاة والسلام، أنه ما كان يصرح ويعلن أسماءهم، وأنه حصل منهم كذا وكذا، وإنما أتى به بهذه الطريقة التي تفيدهم وتفيد غيرهم. قوله: (ابتاعي فأعتقي؛ فإنما الولاء لمن أعتق) حصر للولاء فيمن حصل منه العتق، ولو كان امرأة، والنساء لا يرثن بعصوبة النفس إلا في باب الولاء فقط؛ لأن النساء إما عصبة بالغير، أو عصبة مع الغير، ولا يكن عصبة بالنفس، ولكن في باب الولاء تكون المعتقة عصبة بالنفس، ولهذا يقول الرحبي: وليس في النساء طراً عصبه إلا التي منت بعتق الرقبة أي: وليس في النساء جميعاً عصبة بالنفس إلا التي أعتقت، فإنها تكون عاصبة بنفسها. قوله: (ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال أناس يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله). المقصود من هذا كونهم قالوا: إن أرادت أن تحتسب الأجر عند الله بكونها تساعدك بهذا المبلغ ويكون الولاء لنا؛ لأننا قد كاتبناك ودخلنا معك في أمر يؤدي إلى العتق، فإذاً: يكون الولاء لنا. قوله: (من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فليس له وإن شرطه مائة مرة). قوله: (في كتاب الله)، المقصود به حكم الله، وسواء كان ذلك في كتاب الله عز وجل أو سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، سواء في القرآن المتلو المتعبد بتلاوته والمتعبد بالعمل به، أو في السنة التي هي شقيقة القرآن، والتي هي مثل القرآن في وجوب العمل بها. ويمكن أن يقصد بقوله: (في كتاب الله) القرآن، ولكن تدخل السنة في عموم قوله: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، ولهذا جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال لما ذكر النامصة والمتنمصة: ( ما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله، فقالت امرأة: إنني قرأت المصحف من أوله إلى آخره فما وجدت فيه هذا الذي تقول، فقال رضي الله عنه: إن كنت قرأته فقد وجدته، قال الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] ]، فكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو مأمور به بالكتاب، إذاً فهذا من أوامر الكتاب ومما أمر به الكتاب. فإما أن يكون المقصود به القرآن وتكون السنة داخلة في مثل هذا الأمر العام، أو أنه يراد به حكم الله؛ فيكون ذلك مشتمل على الكتاب وعلى السنة. وقوله: (شرط الله أحق وأوثق)، يعني: هو الذي يعول عليه، وكل شرط لم يأت ثبوته وإقراره بالشرع، أو لم يأت في الشرع ما يمنع منه فإنه لا يعول عليه، وإنما يعول على ما ثبت في الشرع كتاباً أو سنة.
تراجم رجال إسناد حديث (... ابتاعي فأعتقي، فإنما الولاء لمن أعتق...)


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة و قتيبة بن سعيد ]. عبد الله بن مسلمة مر ذكره. و قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قالا: حدثنا الليث ]. الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. ابن شهاب مر ذكره. [ عن عروة ]. عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
من أحكام المكاتبة والولاء


جاء في ترجمة أبي داود للباب قوله: [ إذا فسخت الكتابة ]، ومعنى ذلك: إذا حصل الاتفاق على فسخها ثم حصل البيع، ومعلوم أنه يمكن أن تفسخ الكتابة فيما بين السيد والعبد ويمكن أن تبقى، ولكن يباع المكاتب ويدفع المبلغ، ويحل المشتري محل البائع، بمعنى: أنه يسدد له ثم يعتق، ويكون ولاؤه لمن أعتقه، أي: أنه في الحالين يمكن أن تفسخ المكاتبة بين السيد والعبد، فهي بهذه الطريقة التي حصلت بينها وبين عائشة لأنها ما سددت أي شيء من المبلغ، فكأن المكاتبة فسخت بينها وبينهم؛ لأن أولئك باعوها وأخذوا كامل المبلغ، وتلك اشترتها وأعتقتها، ويمكن أن يكون قد سُدِّد شيء ويتفق البائع مع المشتري على أنه يدفع له المبلغ، وهذا يحل محله بالتسديد، ثم يصير العتق بعد ذلك. ثم ما هو الولاء؟ وماذا يستفيد المعتق من الولاء؟ الولاء كما قال العلماء: لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب، والفائدة فيه: أنه ينسب إلى مولاه، ولهذا يقال: فلان مولاهم، يعني: الذي كان عتيقاً لهم ينسب إليهم نسبة ولاء. وكذلك يحصل الميراث، فلو مات ذلك العتيق وليس له بنون ولا أب، ولا أحد يرثه؛ فإن الذي أعتقه يرثه، ومعلوم أن الإرث بالولاء متأخر عن الإرث بالنسب؛ لأن الذين يرثون بالنسب مقدمون على الذين يرثون بالولاء، فمعنى ذلك: أن العبد أو العتيق إذا مات وليس له ورثة من نسبه فإن المعتق يستفيد أنه هو الذي يرثه، ولا يذهب ماله إلى بيت المال؛ لأن له وارثاً.
شرح حديث (ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق...) من طريق أخرى، وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (جاءت بريرة رضي الله عنها لتستعين في كتابتها فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني، فقالت: إن أحب أهلك أن أعدها عدة واحدة وأعتقك ويكون ولاؤك لي فعلت فذهبت إلى أهلها -وساق الحديث نحو الزهري ، زاد في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم في آخره- ما بال رجال يقول أحدهم: أعتق يا فلان والولاء لي! إنما الولاء لمن أعتق) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله. قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل عن وهيب ]. موسى بن إسماعيل مر ذكره، وهيب بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام بن عروة ، عن أبيه ]. هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وأبوه و عائشة مر ذكرهما.
شرح حديث (... أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني حدثني محمد -يعني: ابن سلمة - عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت: (وقعت جويرية بنت الحارث بن المصطلق رضي الله عنها في سهم ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه أو ابن عم له، فكاتبت على نفسها، وكانت امرأة ملاحة تأخذها العين، قالت عائشة رضي الله عنها: فجاءت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابتها، فلما قامت على الباب فرأيتها كرهت مكانها، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرى منها مثل الذي رأيت، فقالت: يا رسول الله! أنا جويرية بنت الحارث ، وإنما كان من أمري ما لا يخفى عليك، وإني وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس ، وإني كاتبت على نفسي، فجئتك أسألك في كتابتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: فهل لك إلى ما هو خير منه؟! قالت: وما هو يا رسول الله؟! قال: أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك، قالت: قد فعلت، قالت: فتسامع -يعني: الناس- أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد تزوج جويرية فأرسلوا ما في أيديهم من السبي، فأعتقوهم وقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها، أعتق في سببها مائة أهل بيت من بني المصطلق). قال أبو داود : هذا حجة في أن الولي هو الذي يزوج نفسه ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها في قصة جويرية بنت الحارث بن المصطلق رضي الله تعالى عنها وأنها وقعت في السبي، وكانت من سهم ثابت بن قيس بن شماس ، وأنها كاتبته على نفسها، واتفقت معه على أنها تجمع مقداراً من المال، فإذا سددته فإنها تعتق، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستعين به على كتابتها كما حصل من بريرة مع عائشة عندما جاءت تستعين بها على كتابتها، وهذه جاءت تستعين بالنبي صلى الله عليه وسلم على كتابتها، أي: تطلب منه مقداراً من المال يساعدها في الوصول إلى ما تريد من العتق، وذلك بدفعه إلى ثابت بن قيس بن شماس رضي الله تعالى عنه. قالت عائشة : (وكانت امرأة ملاحة) يعني: فائقة الجمال (تأخذها العين) أي: أن العين إذا وقعت عليها فإنها تعجب بها، وخشيت أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآها أنه يحصل منه مثل الذي حصل منها بكونها أعجبتها فتعجبه، فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أمر كتابتها فقال: (هل لك ما هو خير من ذلك؟ قالت: وما هو؟! قال: أدفع عنك وأتزوجك، قالت: قد فعلت) فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها، فتسامع الناس وانتشر الخبر، فقال الناس: هؤلاء هم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقوا ما بأيديهم إكراماً لأصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: (فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها؛ أعتق في سببها مائة أهل بيت من بني المصطلق). والمقصود من ذلك: أن المكاتب يتم بيعه ويتم إعتاقه، والولاء لمن أعتق. ثم قال أبو داود : وفي الحديث دليل على أن الولي هو الذي يزوج نفسه، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أعتقها وصار ولياً لها؛ لأن المعتق ولي ووارث، وليس هناك أحد يلي زواجها، فأبوها قيل إنه لم يسلم في ذلك الوقت، وإنما أسلم بعد الزواج، والرسول هو الولي فهو الذي يزوج نفسه، أي: هو الولي والزوج فيكون منه الإيجاب والقبول.
تراجم رجال إسناد حديث (... أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك...)


قوله: [ حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني ]. عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني صدوق ربما وهم، أخرج له أبو داود والنسائي . [ حدثني محمد -يعني: ابن سلمة - ]. محمد بن سلمة الحراني الباهلي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن جعفر بن الزبير ]. محمد بن جعفر بن الزبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة بن الزبير ]. عروة بن الزبير مر ذكره. [ عن عائشة ]. عائشة مر ذكرها.
ما جاء في العتق على الشرط



شرح أثر (أعتقك وأشرط عليك أن تخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عشتَ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في العتق على الشرط. حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا عبد الوارث عن سعيد بن جمهان عن سفينة رضي الله عنه قال: كنت مملوكاً لأم سلمة رضي الله عنها، فقالت: أعتقك وأشرط عليك أن تخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عشت، فقلت: إن لم تشترطي عليَّ ما فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقتني واشترطت علي ]. أورد أبو داود رحمه الله باباً في العتق على شرط، أي: أن ذلك سائغ إذا كان شرطاً معلوماً، وكان شيئاً محدداً ليس شيئاً مبهماً أو شيئاً ليس له أمد، فإنه سائغ بأن يقول مثلاً: أعتقك على أن تخدم لمدة شهر أو لمدة سنة، لكن كونه يكون دائماً وأبداً فإن هذا ينافي مقتضى العتق، ولكن الذي ورد في الحديث شيء يتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن مرافقة الرسول صلى الله عليه وسلم وملازمته شرف عظيم لمن يحصل له، وكان الصحابة يتنافسون في ذلك ويحرصون عليه، ويحبون كثيراً أن يخدموا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يكون لهم صلة وثيقة بالنبي صلى الله عليه وسلم عن طريق الملازمة، كأن يكون أحدهم مولاه أو خادماً له. وإذا أعتق الإنسان عبداً على أن يخدمه ما عاش كان هذا منافياً لمقتضى العتق، وكأنه ما أعتقه، ولكن إذا حدد مدة سنة أو شهر أو أي زمن معلوم فإنه يعتق، قالوا: وإذا كان دائماً فإنه يشتري منه هذه الخدمة التي التزم بها، أي: يعتق ولكنه يدفع له مقابل هذا الذي لا يمكنه أن يأتي به، ولأنه ينافي مقتضى العتق؛ لأن معنى ذلك أنه سيخدمه ما عاش مثل الرقيق، إذاً: ما الفرق بينه وبين الرقيق؟ لكن الذي ورد فيه الحديث شرف كان يحرص عليه كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم. أورد أبو داود حديث سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد أعتقته أم سلمة رضي الله تعالى عنها واشترطت عليه أن يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إنني لا أفارقه حتى أموت، يعني: وإن لم يحصل ذلك فأنا يعجبني ويهمني أن أرافقه وأن ألازمه حتى أموت، فأعتقته واشترطت عليه خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد أثر (أعتقك وأشرط عليك أن تخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عشتَ...)


قوله: [ حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا عبد الوارث ]. مسدد بن مسرهد مر ذكره، و عبد الوارث بن سعيد العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن جمهان ]. سعيد بن جمهان صدوق له أفراد، أخرج له أصحاب السنن. [ عن سفينة ]. سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن.
الأسئلة



انقطاع النكاح بالسبي

السؤال: هل قصة جويرية رضي الله عنها تدل على أن السبي يقطع النكاح السابق إثر وقوع السبي مباشرة؟ الجواب: السبي يقطع النكاح، ولكن إن م تكن حاملاً فإنه لابد من استبرائها بحيضة ويقطع النكاح السابق، كما حصل لـ مثل صفية رضي الله عنها، فقد سبيت عام خيبر، فتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، فالسبي يقطع النكاح، ولكنها تستبرأ. لكن إذا أسلم الزوجان لم ينقطع النكاح، ويبقيان على نكاحهما.

جواز أن يكون العتق مهراً

السؤال وهل يكون العتق مهراً؟ الجواب: نعم. يمكن أن يكون مهراً، فالرسول صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها، وهنا في قصة جويرية دفع مبلغاً من المال في مقابل عتقها؛ لأنه اشتراها شراء، وأما صفية فقد كانت له في السهام.

حكم عتق الكافر ومكاتبته


السؤال: هل يجوز عتق الكافر ومكاتبته؟ الجواب: يجوز، لكن عتق المسلم أولى من عتق الكافر.


توجيه رؤية الرسول لوجه جويرية


السؤال: هل في حديث جويرية دلالة على كشف الوجه والنظر إلى الأجنبية؟ الجواب: النظر إلى الأجنبية لا يجوز، ونظر الرسول صلى الله عليه وسلم على اعتبار أنه سيخطبها، ومعلوم أن الخاطب له أن ينظر إلى المخطوبة، أو أنه رآها لأول وهلة وبعد ذلك كف بصره.


توجيه كون سفينة مولى للرسول والمعتق إنما هو أم سلمة


السؤال: كيف كان سفينة مولى لرسول صلى الله عليه وسلم والمعتق إنما أم سلمة ؟ الجواب: الولاء لها، ولكن الفائدة والمنفعة والسبب في العتق هو خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: أنه مولاه في الخدمة، وأما من ناحية العتق فمعتقه هي أم سلمة .

حكم تصدق المرأة من مالها بغير إذن زوجها


السؤال: هل يدل حديث بريرة على أن للمرأة أن تتصدق من مالها من غير إذن زوجها لفعل عائشة رضي الله عنها؟ الجواب: نعم يدل على ذلك، والحديث ليس فيه صدقة وإنما فيه بيع وشراء؛ لأن الذي حصل هو شراء، وإن كانت بريرة جاءت تستعين؛ وتطلب منها الصدقة والمساعدة لكن الذي أرادته عائشة هو أن تشتريها وتدفع المبلغ كله وتعتقها، ويكون الولاء لها."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-07-2025, 03:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,905
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [447]
الحلقة (479)



شرح سنن أبي داود [447]

قد تختلف الأحاديث الواردة في القراءات صحة وضعفاً، إلا أن القراءة قد تكون ثابتة بأسانيد ثابتة محفوظة بحفظ الله تعالى، حتى وإن وجد في رسم المصحف ما يخالف ما ثبتت أسانيده أو تواترت قراءته في قراءات أخرى.

تابع ما جاء في الحروف والقراءات


شرح حديث (كان رسول الله إذا دعا بدأ بنفسه...)


قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى عن حمزة الزيات عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دعا بدأ بنفسه، وقال: رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر لرأى من صاحبه العجب، ولكنه قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي [الكهف:76]) طولها حمزة ]. سبق البدء بكتاب الحروف والقراءات، وعرفنا أن الحروف يحتمل أن يراد بها الأحرف السبعة، ويحتمل أن يكون المراد بها القراءات، ولكن الذي يظهر أن المراد بها القراءات وليس الأحرف السبعة؛ لأن كل الأحاديث التي أوردها أبو داود رحمه الله في هذا الكتاب إنما هي في القراءات وليس شيئاً منها في الأحرف السبعة، أما الحديث الذي يتعلق بالأحرف السبعة فقد أورده أبو داود رحمه الله في كتاب الوتر حيث قال هناك: [ باب أنزل القرآن على سبعة أحرف ]، وذكر في ذلك الحديث المتعلق بهذا، وعلى هذا فتكون الحروف هنا بمعنى القراءات، والحروف يقال لها قراءات. وسيأتي في كلام أحد القراء تعبيره عن القراءات بالحروف إشارة إلى ما تضمنته هذه الأحاديث التي أوردها أبو داود رحمه الله في هذا الكتاب الذي هو كتاب الحروف والقراءات، وقد أورد هنا حديث أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا بدأ بنفسه وقال: رحمة الله علينا وعلى موسى)، يعني: في قصته مع الخضر عندما جاء وأشار إلى اجتماعه مع الخضر، وأنه سأل عن أسئلة، وأنه كان لا يصبر على الأشياء التي يراها وهي غريبة وعجيبة، فكان يسأله حتى أنه بعد ذلك قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي [الكهف:76]، وبعد ذلك سأله سؤالاً فقال: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا [الكهف:78].
تفاضل الأنبياء

قال: (رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر لرأى من صاحبه العجب)، يعني: لرأى من الخضر مثل هذه القصص التي هي عجيبة وغريبة، وهذا كما هو معلوم من إطلاع الله عز وجل للخضر على هذه الأمور، ولا يعني ذلك أنه أفضل من موسى، فموسى عليه الصلاة والسلام أفضل الرسل بعد نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وبعد إبراهيم، فهو يلي الخليلين محمداً وإبراهيم عليهما السلام، وهو من أولي العزم من الرسل. والخضر اختلف فيه هل هو نبي أو ولي؟ ولكن الصحيح أنه نبي وليس بولي؛ لأن ما جاء في سياق هذه الآية التي تتعلق بقصة موسى مع الخضر واضح في أنه نبي، وفي أولها وآخرها ما يدل على ذلك، وأيضاً جاء في نفس الحديث أنه قال لما لقيه: (أنا على علم من الله لا تعلمه، وأنت على علم من الله لا أعلمه)، يعني: كل واحد منهما قد أوحى الله إليه بما شاء، وكونه جاء إلى الخضر وأراد أن يستفيد منه لا يدل على أن المستفاد منه أفضل من موسى، بل أفضل الرسل الخليلان محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام، ثم بعدهما كليم الرحمن موسى عليه الصلاة والسلام. ونبينا محمد أيضاً هو كليم؛ لأنه خليل وكليم، وإبراهيم خليل، وموسى كليم، ونبينا محمد عليه السلام اجتمع فيه ما تفرق في غيره.
خرافة الخضر في قصص واعتقاد الصوفية


ما جاء في الآيات والأحاديث يدل على أن الخضر نبي وليس بولي، وبعض الناس ولاسيما أهل الخرافة والتصوف يبالغون في مسألة الخضر وأنه موجود في الدنيا، وأنه يلتقي ببعض الناس، وأنه معمر، وأنه باق. وهذا كلام غير صحيح، إذ لو كان الخلد لأحد لكان لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34]، والخضر بشر، فما جعل الله الخلد لأحد قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حتى يكون له، والله تعالى كتب الموت والفناء على كل حي، فليس الخضر بحي. وقد استدل على ذلك بأدلة منها هذه الآية الكريمة التي أشرت إليها: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34]، وكذلك كون النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر يلجأ إلى الله عز وجل ويفزع إليه، ويسأله أن ينصر العصابة التي معه ويقول: (اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض) والشاهد أن هؤلاء هم المؤمنون ولو هلكوا فإن الخضر موجود يعبد الله، والرسول صلى الله عليه وسلم قد قال: (إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض). ثم أيضاً لو كان الخضر موجوداً كيف يكون في الدنيا يسرح ويمرح ولا يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويتشرف بلقائه ولو مرة واحدة؟ وكيف لا يكون معه ويؤيده وينصره؟ إن كل هذا يدل على أنه غير موجود، وأنه قد مات كما مات غيره من الأنبياء الذين تقدموا. وكذلك الحديث الذي فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في آخر حياته، وكان في ليلة من الليالي ورأى طفلاً صغيراً قال: (إنه لن تأتي مائة سنة ونفس تطرف ممن هو موجود الآن), فمعنى هذا أنه لن يبقى أحد بعد مائة سنة من هذا الكلام الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم. وأيضاً: الأدلة تدل على أنه نبي وليس بولي؛ لأن الأولياء إنما يحصلون الخير باتباع الأنبياء، والأولياء لا ينزل عليهم وحي، وإنما يأخذون الوحي والحق والهدى ممن ينزل عليهم الوحي وهم الرسل والأنبياء، إذاً الخضر نبي وليس بولي، وهو ميت وليس بحي. كل هذه أمور تدل على موته وعدم بقائه.
موافقة حمزة لقراءة حفص عن عاصم في قراءة (لدني) بالتشديد


قال: [ (لرأى من صاحبه العجب، ولكنه قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي [الكهف:76]), طولها حمزة ]. قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي [الكهف:76]؛ لأنه في المرة الأولى عندما ركب في السفينة وخرقها استغرب وقال: أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا * قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا [الكهف71-78]، يعني: بناء على قوله الذي التزمه وأبداه حيث قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا [الكهف:76]. وقد أورد أبو داود الحديث من أجل قوله: (( مِنْ لَدُنِّي )) يعني: أنها بالتشديد، وهي قراءة أكثر القراء، ومنهم حمزة الذي جاء في الإسناد، والذي قال عنه أبو داود هنا: [ طولها حمزة ]، يعني: ثقل النون من: (لدُنِّي)؛ لأن في إحدى القراءات (لَدُنِي) وقراءة حمزة وقراءة عاصم بن أبي النجود التي بين أيدينا: (( قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا )). قال: [ طولها حمزة ] وحمزة هو ابن حبيب الزيات أحد القراء السبعة, وقد جاء ذكره في هذا الإسناد. والقراء السبعة هم: حمزة بن حبيب الزيات و نافع بن عبد الرحمن و عاصم بن أبي النجود و ابن عامر و ابن كثير و أبو عمرو بن العلاء و الكسائي . هؤلاء هم القراء السبعة المشهورون أصحاب القراءات السبع، ومنهم حمزة الذي جاء معنا في هذا الإسناد.
تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله إذا دعا بدأ بنفسه...)

قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى ]. إبراهيم بن موسى الرازي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا عيسى ]. عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حمزة الزيات ]. حمزة بن حبيب الزيات صدوق ربما وهم أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي إسحاق ]. أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن جبير ]. سعيد بن جبير ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ عن أبي بن كعب ]. أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه، صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأحد القراء المشهورين في الصحابة رضي الله تعالى عنه، وهو الذي سأله النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (أي آية في كتاب الله أعظم؟ فقال: الله ورسوله أعلم، فقال: أي آية في كتاب الله أعظم؟ فقال: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255] فضرب على صدره، وقال: ليهنك العلم أبا المنذر), وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إن الله أمرني أن أقرأ عليك: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا [البينة:1] قال: أو سماني لك يا رسول الله؟ قال: نعم, فبكى أبي) يعني: فرحاً وسروراً بكون الله أمر رسوله أن يقرأ عليه.

مواضع استخدام (لو) في الحديث النبوي

قوله في الحديث: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه) ]، يعني: عندما يدعو لغيره يبدأ بنفسه، وقد جاء في القرآن في قصة نوح: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا [نوح:28]، فبدأ بنفسه عليه الصلاة والسلام. وقال: (رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر), وقال في حديث آخر: (فإن لو تفتح عمل الشيطان)، فكيف يجمع بينهما؟ نقول: لو هذه تفتح عمل الشيطان إذا كانت فيما يتعلق في الاعتراض على القدر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذه الجملة تابعة لكلام؛ وذلك في حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم في صحيحه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء الله فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) فهذه قالها فيما يتعلق بالقدر، مثلما لو قال: لو أنني ما سافرت ما حصلت لي هذه المشكلة وهذا الحادث, لو أني ما دخلت في هذه التجارة ما خسرت، وهكذا. فلا يعلم الغيب إلا الله، ولكن الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ليس من هذا القبيل؛ لأن هذه قصص عجيبة وغريبة وعنده مثلها، ولو أن موسى صبر لرأى عجباً كما رأى في هذه الأمور العجب. وأما الذي فيه لو تفتح عمل الشيطان فهو من قبيل: (لو أني فعلت لكان كذا وكذا) يعني: شيء حصل له فتألم منه وتأثر، وقال: (لو أني فعلت لكان كذا وكذا).

شرح حديث (أنه قرأها (قد بلغت من لدني) وثقلها) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله العنبري حدثنا أمية بن خالد حدثنا أبو الجارية العبدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أنه قرأها: (( قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي ))[الكهف:76] وثقلها) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن أبي وأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها: (( قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا )) مثل القراءة السابقة التي قال فيها: [ طولها حمزة ]. قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله العنبري]. محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله العنبري ثقة أخرج له أبو داود . [ حدثنا أمية بن خالد ]. أمية بن خالد صدوق أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا أبو الجارية العبدي ]. أبو الجارية العبدي مجهول أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب ]. وقد مر ذكر الأربعة.
فائدة في طول وقصر الأسانيد


فائدة: أبو الجارية قال عنه الحافظ : من العاشرة. وشعبة كما هو معلوم أدركه بعض شيوخ أبي داود ، ومثل سفيان الثوري و قتيبة بن سعيد ، و محمد بن كثير العبدي ، و مسلم بن إبراهيم الفراهيدي كل هؤلاء أدركوا المتقدمين، فيمكن أن يكون من العاشرة وأن يكون ممن أدرك شعبة. وكما هو معلوم أن الأسانيد تكون عالية وتكون نازلة، ومعلوم أن العلو والنزول المسافة واحدة, ولكن النزول أن يكثر الرواة في سند فيطول، والعلو أن يقل الرواة في سند فيقصر، والمدة هي نفس المدة, فمثلاً أبو داود عنده أحاديث عشارية، وعنده أحاديث رباعية, فله أحاديث بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة أشخاص, وأخرى بينه وبين الرسول أربعة أشخاص, فيكون الرواة يروي بعضهم عن بعض فينزل السند، وكلهم في مدة واحدة, وكلهم شيوخ لأبي داود فقد يكون فيهم قبل شيخه ثلاثة، وفي بعض الأسانيد قبل شيخه شيخه تسعة أشخاص, وبعض الأحاديث يكون فيها ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض في إسناد واحد، مثل حديث: (إنما الأعمال بالنيات) فإن هذا الحديث يرويه عن عمر بن الخطاب علقمة بن وقاص الليثي وهو من كبار التابعين، ويرويه عن علقمة بن وقاص محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو من أوساط التابعين، ويرويه عن محمد بن إبراهيم يحيى بن سعيد الأنصاري وهو من صغار التابعين, فثلاثة من التابعين في إسناد واحد وهم في طبقة واحدة, إلا أن بعضهم من كبارها ومن أوساطها ومن صغارها. والإسناد فيه رجل مجهول، ولكن كما هو معلوم القراءة متواترة، والإسناد الذي قبله صحيح.
شرح حديث (... (في عين حمئة) مخففة) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن مسعود بن المصيصي حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا محمد بن دينار حدثنا سعد بن أوس عن مصدع أبي يحيى قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: (أقرأني أبي بن كعب رضي الله عنه كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ [الكهف:86] مخففة). ]. أورد أبو داود هذا الحديث عن ابن عباس : (أن أبي بن كعب أقرأه كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ [الكهف:86] مخففة) يعني: ليس فيها مد كالقراءة التي ستأتي وهي (حامية)، وكلها قراءات صحيحة ثابتة، و(حامية) إحدى القراءات، فهذه قراءة وهذه قراءة، (فحمئة) ليس فيها مد. قوله: [ حدثنا محمد بن مسعود المصيصي ]. محمد بن مسعود المصيصي ثقة أخرج له أبو داود . [ حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ]. عبد الصمد بن عبد الوارث صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن دينار ]. محمد بن دينار صدوق سيئ الحفظ أخرج له أبو داود و الترمذي . [ حدثنا سعد بن أوس ]. سعد بن أوس صدوق له أغاليط أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن مصدع أبي يحيى ]. مصدع أبي يحيى هو الأعرج مقبول أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن عباس عن أبي بن كعب ]. وقد مر ذكرهما.
شرح حديث (إن الرجل من أهل عليين ليشرف على أهل الجنة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن الفضل حدثنا وهيب -يعني: ابن عمرو النمري - أخبرنا هارون أخبرني أبان بن تغلب عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إن الرجل من أهل عليين ليشرف على أهل الجنة فتضيء الجنة لوجهه كأنها كوكب دري -قال: وهكذا جاء الحديث (دريٌ) مرفوعة الدال لا تهمز- وإن أبا بكر و عمر لمنهم وأنعما) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً قال: (إن الرجل من أهل عليين ليشرف على أهل الجنة فتضيء الجنة لوجهه كأنها كوكب دري)، يعني: الذي يضيء من فوق الأرض، فكذلك هذا الذي يكون في أعلى الجنة وينظر إلى أهل الجنة دونه، فتضيء الجنة كما يضيء الكوكب الدري للأرض. (وإن أبا بكر و عمر لمنهم وأنعما) يعني: أنهما منهم وهما أهل لذلك الفضل. والحديث ليس فيه ذكر شيء من القراءات، ولكن فيه كلمة قد جاءت في القرآن، وقد جاءت في الحديث هنا: (كوكب دري) يعني: بدون همز، وفيها قراءات متعددة، لكن القراءة المشهورة هي قراءة عاصم التي بين أيدينا: كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ [النور:35] بدون همز، وفي بعض القراءات بهمز.
تراجم رجال إسناد حديث (إن الرجل من أهل عليين ليشرف على أهل الجنة)


قوله: [ حدثنا يحيى بن الفضل ] يحيى بن الفضل صدوق أخرج له أبو داود وابن ماجة . [ حدثنا وهيب -يعني: ابن عمرو النمري - ]. وهيب بن عمرو النمري مستور، أخرج له أبو داود و ابن ماجة في التفسير، وكلمة مستور بمعنى مجهول الحال. [ أخبرنا هارون ]. هارون هو ابن موسى ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ أخبرني أبان بن تغلب ]. أبان بن تغلب ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عطية العوفي ]. عطية العوفي صدوق يخطئ كثيراً ويدلس، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبي سعيد الخدري ]. أبو سعيد الخدري سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث في سنده رجل مجهول الحال، وهيب بن عمرو النمري: وفيه أيضاً عنعنة عطية ، ولكن القراءة بهذا اللفظ متواترة.
شرح حديث (... أخبرنا عن سبأ ما هو ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة و هارون بن عبد الله قالا: حدثنا أبو أسامة حدثني الحسن بن الحكم النخعي حدثنا أبو سبرة النخعي عن فروة بن مسيك الغطيفي رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكر الحديث، فقال رجل من القوم: (يا رسول الله! أخبرنا عن سبأ ما هو؛ أرض أم امرأة؟ فقال: ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب، فتيامن ستة وتشاءم أربعة). قال عثمان: الغطفاني مكان الغطيفي، وقال: حدثنا الحسن بن الحكم النخعي ]. أورد أبو داود حديث فروة بن مسيك الغطيفي رضي الله عنه، أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث، يعني: أنه يوجد كلام قبل هذا الكلام طوي وأشار إليه بقوله: فذكر الحديث، ووصل إلى الشيء الذي يريده. (فقال رجل من القوم: يا رسول الله! أخبرنا عن سبأ هل هو أرض أو امرأة؟) يعني: هل المقصود بها أرض أم امرأة، وهي التي جاءت في القرآن في موضعين في سورة سبأ وفي سورة النمل: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ [النمل:22]، لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ [سبأ:15]، وهذه الكلمة فيها قراءتان: قراءة الجمهور وهي التي في قراءة عاصم منْ سَبَإٍ [النمل:22] بهمزة مكسورة، وفي قراءة أخرى مع الفتح. (رجل ولد عشرة من العرب فتيامن ستة وتشاءم أربعة)، (تيامن) يعني صاروا في اليمن، (وتشاءم) صاروا في الشام، أي: سنة سكنوا اليمن والأربعة سكنوا الشام.

تراجم رجال إسناد حديث (... أخبرنا عن سبأ ما هو ...)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ وهارون بن عبد الله ]. هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو أسامة ]. أبو أسامة حماد بن أسامة البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني الحسن بن الحكم النخعي ]. الحسن بن الحكم النخعي صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي و ابن ماجة . [ حدثنا أبو سبرة النخعي]. عبد الله بن عابس مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي و ابن ماجة . [ عن فروة بن مسيك ]. فروة بن مسيك رضي الله عنه وحديثه أخرجه أبو داود و الترمذي . [ قال عثمان : (الغطفاني) مكان: (الغطيفي) ]. عثمان هو الشيخ الأول لأبي داود ، لأنه ذكر شيخين عثمان و هارون بن عبد الله ، وهو ساقه على لفظ هارون الشيخ الثاني، فقال: (الغطيفي)، ولما ساقه على لفظ شيخه الثاني أشار إلى الاختلاف الذي بينه وبين الشيخ الأول حيث عبر شيخه الأول بـ(الغطفاني) وهذا عبر بـ(الغطيفي). [ وقال: حدثنا الحكم بن حسن النخعي ]. هارون قال: (حدثني) وعثمان قال: (حدثنا) والفرق بينهما أنهم يستعملون (حدثني) فيما إذا كان التلميذ سمع من الشيخ وحده وليس معه أحد، ولكن إذا حدثه ومعه غيره عبر بـ(حدثنا).
شرح حديث (فذلك قوله تعالى (حتى إذا فزع عن قلوبهم) ) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن عبدة و إسماعيل بن إبراهيم أبو معمر الهذلي عن سفيان عن عمرو عن عكرمة أنه قال: حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم -قال إسماعيل: عن أبي هريرة رواية- فذكر حديث الوحي، قال: (فذلك قوله تعالى: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ [سبأ:23]) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه في ذكر حديث الوحي ثم قال: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ [سبأ:23] يعني: القراءة بالتشديد، وهذه هي القراءة المشهورة التي بين أيدينا، وهي قراءة عاصم . قوله: [ حدثنا أحمد بن عبدة ]. أحمد بن عبدة الضبي الكوفي ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ و إسماعيل بن إبراهيم أبو معمر الهذلي ]. إسماعيل بن إبراهيم أبو معمر الهذلي ثقة أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن سفيان عن عمرو ]. سفيان هو ابن عيينة ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. وعمرو بن دينار ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة ]. عكرمة مولى ابن عباس ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: حدثنا أبو هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثرهم على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه. [ قال إسماعيل: عن أبي هريرة رواية ]. إسماعيل هو الشيخ الثاني (عن أبي هريرة رواية) يعني ذاك قال: حدثنا أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وصرح بقوله: (عن النبي صلى الله عليه وسلم) وأما إسماعيل فقال: (عن أبي هريرة رواية)، ورواية هي بمعنى (حدثنا)، إلا أنها كلمة تؤدي المعنى، ولهذا فقولهم: (رواية أو يرفعه أو ينميه) كل هذه عبارات بمعنى الرفع، فبدلاً من أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، يأتي الراوي عنه فيقول: ينميه، أو يرفعه، أو رواية، أو يرويه. وهذا يبين مدى العناية والدقة التي عند المحدثين؛ لأن أبا داود رحمه الله لما ذكر الإسناد عن طريق الشيخين ذكر أن أحدهما فرق بين إضافته للنبي صلى الله عليه وسلم من أبي هريرة ، فأحدهما قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم، والثاني قال: عن أبي هريرة رواية، يعني: رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-07-2025, 06:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,905
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله



شرح سنن أبي داود [443]

من أسباب تكفير الذنوب والسيئات ورفعة الدرجات إعتاق الرقاب المؤمنة، وقد حث الشارع إلى إعتاق العبيد ورغب في ذلك، وتشوف الشارع إلى الحرية في حق الأرقاء، وإذا اعتق رجل نصيباً له في مملوك فإنه إن كان موسراً يستحب له أن يدفع ثمنه لشريكه حتى يكمل أجره ويكون العبد قد عتق كله، والعتق له أحكام جلية في الشريعة الإسلامية.
ما جاء فيمن أعتق نصيباً له من مملوك


شرح حديث (أن رجلاً أعتق شقصاً له من غلام...)

قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب فيمن أعتق نصيباً له من مملوك. حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا همام /ح وحدثنا محمد بن كثير المعنى، أخبرنا همام عن قتادة عن أبي المليح -قال أبو الوليد - عن أبيه رضي الله عنه: (أن رجلاً أعتق شقصاً له من غلام، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ليس لله شريك). زاد ابن كثير في حديثه: (فأجاز النبي صلى الله عليه وآله وسلم عتقه) ]. قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب فيمن أعتق نصيباً له من مملوك ]. أي: أن المملوك إذا كان مشتركاً بين شخصين أو أكثر فأعتق أحدهم نصيبه، فإن ذلك العتق ينفذ، وعلى هذا المعتق أيضاً أن يقوم بعتق الباقي، وذلك بأن يدفع قيمة ما تبقى لشريكه فيعتق كله بذلك، حيث يكون الشخص المعتق موسراً فإنه يعتق سهمه، وعليه أن يقوم بدفع قيمة الجزء الباقي لشريكه حتى يكون بذلك قد عتق كله. وهذا فيه تشوف الشرع إلى الحرية في حق الأرقاء، وأن الشرع جاء بالاهتمام والعناية بحصول الإعتاق، فإذا أعتق شخص سهماً له في عبد فإن عليه -إذا كان موسراً- أن يدفع قيمة جزئه الباقي لشريكه فيعتق بذلك كله، وهذا في حال كونه موسراً. ومن المعلوم أن من بين الأمور التي يكفر بها عن المرء ذنوبه إعتاق الرقبة، بل إنها تُقدم في كثير من الكفارات كما في القتل الخطأ، وكما في الجماع في نهار رمضان والظهار، فإن العتق يكون أولاً ثم ينتقل بعده إلى صيام الشهرين، وإنما جاء التخيير بين العتق وبين غيره في كفارة اليمين، وإلا فإن كثيراً من الكفارات يبدأ فيها أولاً بالعتق، وهو مقدم على صوم الشهرين المتتابعين، وهذا كله يدل على الاهتمام والعناية من الشرع بالأرقاء والحث والترغيب وبيان الوسائل التي يكون بها الإعتاق. وقد أورد أبو داود حديث أسامة بن عمير الهذلي رضي الله عنه قال: (أن رجلاً أعتق شقصاً له من غلام، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ليس لله شريك). زاد ابن كثير في حديثه: (فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم عتقه). قوله: (أن رجلاً أعتق شقصاً له في غلام) ، يعني: عبداً مشتركاً، (فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ليس لله شريك) بمعنى: أنه أعتق بعضه وصار حراً لوجه الله، فإن الشرع جاء بإضافة الجزء الباقي إلى الذي عتق فيعتق كله ويكون كله خالصاً لله. وهذا فيما إذا كان المعتق موسراً، وأما إذا كان معسراً فله حالة أخرى كما سيأتي في الأحاديث. قوله: (فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم عتقه). أي: أن العتق معتبر، ولكن الشيء الذي أضيف إلى هذا العتق هو قيام المعتق لجزء منه بدفع قيمة الجزء الباقي لشريكه؛ فيكون العبد كله حراً لوجه الله عز وجل.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً أعتق شقصاً له من غلام...)

قوله: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي ]. أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا همام ]. عن همام بن يحيى العوذي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا محمد بن كثير ]. محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا همام عن قتادة ]. همام مر ذكره، وقتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي المليح ]. أسامة بن عمير ، قيل: اسمه عامر وقيل غير ذلك، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. عن أبيه أسامة بن عمير الهذلي رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج حديثه أصحاب السنن.
شرح حديث (.. فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم عتقه وغرمه بقية ثمنه...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرني همام عن قتادة عن النضر بن أنس ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رجلاً أعتق شقصاً له من غلام فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم عتقه، وغرمه بقية ثمنه) ]. حديث أبي هريرة مثل الذي قبله إلا أن فيه التنصيص على تغريمه أو قيامه بقيمة السهم الباقي لشريكه، فأبو هريرة يروي: (أن رجلاً أعتق شركاً له في مال فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم عتقه، وغرمه بقية ثمنه لشريكه)، بمعنى: أن الجزء الذي يملكه قد أعتقه، وعليه أن يقوم بإعتاق الباقي بأن يدفع قيمة الجزء الباقي لشريكه، فيكون كله حراً، ويكون ولاؤه له.
تراجم رجال إسناد حديث (... فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم عتقه وغرمه بقية ثمنه...)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرني همام عن قتادة عن النضر بن أنس ]. النضر بن أنس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بشير بن نهيك ]. بشير بن نهيك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً رضي الله عنه وأرضاه.
شرح حديث (من أعتق مملوكاً بينه وبين آخر فعليه خلاصه)، وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر ح وحدثنا أحمد بن علي بن سويد حدثنا روح قالا: حدثنا شعبة عن قتادة بإسناده عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من أعتق مملوكاً بينه وبين آخر فعليه خلاصه) ، وهذا لفظ ابن سويد ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن أبي هريرة وهو مثل الذي قبله: (أن من أعتق شركاً له في عبد فعليه خلاص باقيه من شريكه)، وذلك بدفع ثمنه أو قيمة جزئه الباقي له، فيكون على المعتق الأول الذي أعتق الجزء الذي يملكه أن يعتق الباقي بأن يدفع قيمته لشريكه، ويكون كله حراً. وفي الحديث أن الشريك في العبد المعتق بعضه يجبر على بيع نصيبه منه ليعتق. قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ]. محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب بالزمن ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة. [ حدثنا محمد بن جعفر ]. محمد بن جعفر الملقب غندر البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا أحمد بن علي بن سويد ]. ثم قال ح، وهي للتحول من إسناد إلى إسناد، وأحمد بن علي بن سويد صدوق أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي. [ حدثنا روح ]. روح بن عبادة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة بإسناده ]. قتادة بالإسناد المتقدم.
شرح حديث (من أعتق نصيباً له في مملوك...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن المثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي. ح وحدثنا أحمد بن علي بن سويد حدثنا روح حدثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة بإسناده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أعتق نصيباً له في مملوك عتق من ماله إن كان له مال). ولم يذكر ابن المثنى النضر بن أنس ، وهذا لفظ ابن سويد ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم: أنه يعتق عليه باقيه إن كان له مال، بمعنى: أنه يلزمه أن يدفع قيمة الجزء الباقي لشريكه ويعتق بذلك. قوله: [ حدثنا ابن المثنى عن معاذ بن هشام ]. معاذ بن هشام صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هشام بن عبد الله الدستوائي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا أحمد بن علي بن سويد حدثنا روح حدثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة بإسناده. ولم يذكر المثنى النضر بن أنس ، وهذا لفظ ابن سويد ]. أي: لم يذكر المثنى إحدى الطريقين وهي طريق النضر بن أنس الذي هو في الطريق السابقة قبل بشير بن نهيك . وهذا لفظ ابن سويد الذي هو الشيخ الثاني.
الأسئلة


جواز الاشتراك في العبد سواء كان ذكراً أم أنثى

هل يجوز الاشتراك في العبد سواء كان ذكراً أو أنثى؟ نعم يمكن الاشتراك، وأيضاً الاشتراك أحياناً يحصل في الميراث، بحيث إنه لا مندوحة منه، فيمكن أن يكون الاشتراك فيه سواء بالشراء أو بالميراث. وأما إن كانت جارية فلا يكون حق التسري لهما جميعاً، ويمكن أن تكون لواحد منهما.
استسعاء العبد


شرح حديث (... وإلا استسعي العبد غير مشقوق عليه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من ذكر السعاية في هذا الحديث. حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبان -يعني: العطار - حدثنا قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أعتق شقيصاً في مملوكه فعليه أن يعتقه كله إن كان له مال، وإلا استسعي العبد غير مشقوق عليه) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب من ذكر السعاية في هذا الحديث ] يعني: من زاد السعاية، فالذي مر هو أن المعتق الذي أعتق شقصه إن كان له مال لزمه إعتاق الباقي، لكن إذا لم يكن له مال فقد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على أنه يعمل أيضاً على العتق، وذلك بأن يستسعى العبد، بمعنى: أنه يسعى لتحصيل قيمة الجزء الباقي للشريك فيجمعها ويحصلها ثم تدفع إليه ويعتق، وهذه هي السعاية أو الاستسعاء. والمعنى أنه: إذا كان الشريك الذي أعتق موسراً يلزمه عتق الباقي، وإن لم يكن موسراً سعى إلى تحصيل العتق بعد الرق، وذلك بأن يطلب من العبد أن يسعى في تحصيل قيمة الجزء الباقي ويدفعها للشريك الذي لم يعتق، ثم يعتق بعد ذلك. قوله: (شقيصاً) مثل شقص، يعني جزءاً، والشقص السهم. (في مملوكه) يعني: هو مشترك بينه وبين غيره فإن كان للمالك مال، قام بعتق الباقي ودفع المال للشريك، وإن لم يكن فإنه يستسعى العبد بأن يقوم قيمة عدل لا وكس ولا شطط ولا ارتفاع ولا انخفاض، وإنما هي القيمة التي لا زيادة فيها ولا نقصان، ويسعى العبد في تحصيل قيمة الجزء الباقي، ثم يدفع لمالكه الذي لم يحصل منه العتق. يقول: (وإلا استسعي العبد غير مشقوق عليه)، فلا يكلف ولا يشق عليه في ذلك، يعني: أنه يقوم بهذا على حسب طاقته ووسعه. والترجمة فيها إشارة إلى اختلاف الرواة؛ فمن العلماء من تكلم فيها وقال: إن هذه الزيادة ذكرها بعض الرواة دون بعض، لكن الصحيح أنها معتبرة وثابتة، وذلك أن صاحبي الصحيح أخرجاها في صحيحيهما، وجاءت عن جماعة من العلماء رووها واتفقوا على روايتها، فهي معتبرة، والأصل عدم الإدراج، وكون صاحبي الصحيح أثبتاها وأثبتها غيرهما بدون إدراج فإن هذا يدل على أنها من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنها حكم من الأحكام الشرعية، وهي زيادة رواها ثقات، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
تراجم رجال إسناد حديث (...وإلا استسعى العبد غير مشقوق عليه)

قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبان -يعني: العطار - ]. أبان بن يزيد العطار ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة]. وقد مر ذكرهم. تنبيه: إذا أعتق الشريكان العبد المشترك بينهما فإن الولاء يكون لهما جميعاً.
شرح حديث (..وإلا استسعي العبد غير مشقوق عليه) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي أخبرنا يزيد -يعني: ابن زريع . ح وحدثنا علي بن عبد الله حدثنا محمد بن بشر -وهذا لفظه- عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من أعتق شقصاً له -أو شقيصاً له- في مملوك فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال قوم العبد قيمة عدل، ثم استسعي لصاحبه في قيمته غير مشقوق عليه) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله. قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا يزيد -يعني: ابن زريع - ]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا علي بن عبد الله ]. هو ابن المديني ، وهو ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة في التفسير. [ حدثنا محمد بن بشر ]. محمد بن بشر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن أبي عروبة ]. سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة ]. وقد مر ذكرهم. قال أبو داود : [ في حديثهما جميعاً: (استسعي غير مشقوق عليه) وهذا لفظ علي ]، أي: الشيخ الثاني في الإسناد.
شرح حديث (..وإلا استسعي العبد غير مشقوق عليه) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا يحيى و ابن أبي عدي عن سعيد بإسناده ومعناه ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وأحال على ما تقدم. [ حدثنا محمد بن بشار ]. هو الملقب بندار البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يحيى ]. يحيى بن سعيد القطان البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و ابن أبي عدي ]. هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بإسناده ومعناه ]. وهو ابن أبي عروبة.
ذكر الاختلاف بين الرواة في حديث أبي هريرة في الاستسعاء

قال أبو داود : [ ورواه روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة لم يذكر السعاية ]. يعني: أنه وقف عند ذكر أن على صاحبه الذي أعتق شقصه خلاصه إن كان له مال. ولم يذكر السعاية التي مرت في هذه الطرق. [ ورواه جرير بن حازم و موسى بن خلف جميعاً عن قتادة بإسناد يزيد بن زريع ومعناه، وذكرا فيه السعاية ]. وهذا فيه أن جماعة من الرواة رووه أيضاً بإسناد آخر وذكروا فيه السعاية، وهؤلاء بالإضافة إلى الذين ذكروه من قبل ورووه عن سعيد بن أبي عروبة . قوله: [ ورواه جرير بن حازم ]. جرير بن حازم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و موسى بن خلف ]. موسى بن خلف صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود و النسائي . ومن قال بأن هذه الزيادة مدرجة فالمعنى أنها ليست بلازمة، أعني السعاية أو الاستسعاء.
من روى أنه لا يستسعى


شرح حديث (... وأعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن روى أنه لا يستسعى. حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أعتق شركاً له في مملوك أقيم له قيمة العدل، فأعطى شركاءه حصصهم، وأعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: باب فيمن روى أنه لا يستسعى، ومعناه: أنه اقتصر على ذكر إلزام المعتق إن كان له مال أن يعتقه، وإلا فإنه قد عتق منه ما عتق، فليس هناك سعاية، أي فالذي عتق قد عتق والباقي باق على رقه ولم تذكر السعاية، فيكون مبعضاً: نصفه حر ونصفه عبد. قوله: (أقيم عليه)، يعني: قوم قيمة معتدلة ليس فيها زيادة أو نقصان. قوله: (فأعطى شركاءه)، أي: أن الذي أعتق الشرك أو الشقص يعطي شركاءه حصصهم من المال وعتق باقي العبد على المعتِق الأول، وإن لم يكن له مال فقد عتق من العبد ما عتق والباقي يبقى على رقه، أي: في ملك الشريك الثاني الذي لم يحصل منه العتق. ولكن الاستسعاء ثابت في الصحيحين وفي غيرهما، فإذا احتيج إليه يصار إليه، وإن كان العبد لم يقم بالسعي فإنه يعتق ما عتق، ويكون العبد مبعضاً: نصفه حر ونصفه عبد.
تراجم رجال إسناد حديث (...وأعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق)

قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. مالك بن أنس إمام دار الهجرة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمر ]. عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
تعريف المبعض

المبعض: هو الذي نصفه حر ونصفه عبد، أو بعضه حر وبعضه عبد، ومنافعه لا يملكها الذي يملك جزأه، وإنما يملك بعض منافعه، بمعنى: أنه يوم له ويوم للثاني مثلاً، أو شهر له وشهر لنفسه، فهو يستفيد مما به من الحرية، فلا يملك إلا نصف منافعه ونصفها الآخر مملوك سيده.
شرح حديث (... وأعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل حدثنا إسماعيل عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعناه، قال: وكان نافع ربما قال: (فقد عتق منه ما عتق)، وربما لم يقله ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وقال بأن نافعاً ربما قال في روايته: (فقد عتق منه ما عتق) وهذا مثل ما في الرواية السابقة، وربما لم يقله وسكت عن هذه الجملة، ولم يتعرض لها لا إثباتاً ولا نفياً. قوله: [ حدثنا مؤمل ]. هو ابن إهاب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي ]. [ عن إسماعيل ]. وهو ابن علية ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب ]. أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ، عن ابن عمر ]. وقد مر ذكرهما.
شرح حديث (.. وأعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن داود العتكي حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا الحديث، قال أيوب : فلا أدري هو في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو شيء قاله نافع : (وإلا عتق منه ما عتق) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وذكر أيوب أن جملة: (وإلا عتق منه ما عتق) لا يدري هل هي من الحديث أو من كلام نافع . قوله: [ حدثنا سليمان بن داود العتكي ]. هو أبو الربيع الزهراني ، ثقة أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا حماد ]. هو ابن زيد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ]. وقد مر ذكر الثلاثة.
شرح حديث (... وأعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى عليه وآله وسلم: (من أعتق شركاً من مملوك له فعليه عتقه كله إن كان له ما يبلغ ثمنه، وإن لم يكن له مال عتق نصيبه) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى غير طريق نافع ، وفيها ما في التي قبلها: (وإلا عتق منه ما عتق)، فتكون مطابقة للرواية الأولى التي صدر بها أبو داود رحمه الله الروايات التي جاءت عن ابن عمر ، فإن رواية عبيد الله عن نافع مطابقة للرواية الأولى التي هي عن نافع عن ابن عمر . قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي ]. إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا عيسى بن يونس ]. عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبيد الله ]. عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المصغر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ، عن ابن عمر ]. نافع و ابن عمر مر ذكرهما.
شرح حديث (... وأعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مخلد بن خالد حدثنا يزيد بن هارون أخبرني يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعنى إبراهيم بن موسى ]. أورد الحديث من طريق أخرى وهي إحالة على الطريق الأخيرة التي فيها ما في الطريق الأولى التي هي أنه عتق منه ما عتق. قوله: [ حدثنا مخلد بن خالد ]. مخلد بن خالد ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود . [ حدثنا يزيد بن هارون ]. يزيد بن هارون الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني يحيى بن سعيد ]. يحيى بن سعيد الأنصاري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع عن ابن عمر ]. وقد مر ذكرهما. والأحاديث تدل على أن الذي أعتق نصيبه وهو موسر يجب عليه عتق نصيب غيره.
شرح حديث (... وأعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق) من طريق سادسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء حدثنا جويرية عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعنى مالك ، ولم يذكر: (وإلا فقد عتق منه ما عتق) ، انتهى حديثه إلى: (وأعتق عليه العبد) على معناه ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم. قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ]. عبد الله بن محمد بن أسماء ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا جويرية ]. هو عمه جويرية بن أسماء ، وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن نافع عن ابن عمر ]. وقد مر ذكرهما.
شرح حديث (... من أعتق شركاً له في عبد عتق منه ما بقي ..) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من أعتق شركاً له في عبد عتق منه ما بقي في ماله إذا كان له ما يبلغ ثمن العبد) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى وهي طريق سالم والطرق التي مرت كلها من طريق نافع عن ابن عمر ، وهذه من طريق ابنه سالم بن عبد الله بن عمر ولفظه: (من أعتق شركاً له في عبد عتق منه ما بقي في ماله إذا كان له ما يبلغ ثمن العبد)، فإذا كان للمعتق شقصه ما يبلغ ثمن العبد فإنه يعتق عليه في ماله. قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم ]. سالم بن عبد الله بن عمر ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم؛ لأن فقهاء المدينة السبعة ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع مختلف فيه على ثلاثة أقوال: الأول: أنه سالم بن عبد الله بن عمر ، والثاني: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، والثالث: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف . والستة الباقون متفق على عدهم في الفقهاء السبعة وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، و خارجة بن زيد بن ثابت ، و القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، و عروة بن الزبير بن العوام ، و سعيد بن المسيب ، و سليمان بن يسار . [ عن أبيه ]. وقد مر ذكره.
شرح حديث (إذا كان العبد بين اثنين...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه فإن كان موسراً يقوم عليه قيمة لا وكس ولا شطط ثم يعتق) ]. وهذا مثل الذي قبله. قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سفيان ]. هو ابن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن دينار ]. عمرو بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم عن أبيه ]. وقد مر ذكرهما. [ يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ]. معناه: أنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويوصله إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ويحتمل أن يعبر بهذه العبارة عندما يكون الإنسان غير جازم بالصيغة التي قالها في إضافتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هل قال: (سمعت) أو قال: (قال) أو قال: (عن)، فإن كلمة (يبلغ به) هذه تحتمل هذه الأمور كلها، ومعناها أنه يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (أن رجلاً أعتق نصيباً له من مملوك...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن خالد عن أبي بشر العنبري عن ابن التلب عن أبيه رضي الله عنه: (أن رجلاً أعتق نصيباً له من مملوك فلم يضمنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم). قال أحمد : إنما هو بالتاء، يعني: التلب، وكان شعبة ألثغ لم يبين التاء من الثاء ]. أورد أبو داود حديث ابن التلب عن أبيه رضي الله تعالى عنه: (أن رجلاً أعتق نصيباً له من مملوك فلم يضمنه النبي صلى الله عليه وسلم). قوله: (لم يضمنه) يخالف كل ما تقدم من الأحاديث السابقة التي فيها تضمينه وإلزامه بأن يدفع قيمة الجزء الباقي منه ويعتق عليه بذلك. والحديث فيه رجل مستور، أي: مجهول الحال، فهو غير ثابت، لكن لو ثبت فإنه يحمل على أنه كان معسراً، فإنه لا يضمن إذا كان معسراً، وإنما يضمن إذا كان موسراً، لكن الحديث كما هو معلوم فيه مجهول الحال، وعلى هذا فلا يقاوم الأحاديث الكثيرة السابقة التي فيها التنصيص على أنه يعتق عليه، وأنه يلزمه قيمة الجزء الباقي لشريكه. قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن خالد ]. خالد هو ابن مهران الحذاء ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بشر العنبري ]. وهو الوليد بن مسلم ، ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأبو داود و النسائي . [ عن ابن التلب ]. عن ابن التلب أو الثلب واسمه ملقام ، وهو مستور، أخرج حديثه أبو داود و النسائي . [ عن أبيه ]. وهو صحابي أخرج حديثه أبو داود و النسائي . [ قال أحمد : إنما هو بالتاء -يعني: التلب -، وكان شعبة ألثغ لم يبين التاء من الثاء ].
الأسئلة



معنى الاستسعاء

السؤال: ما معنى: (إلا استسعي)؟ الجواب: أي أن العبد لا يكلف بأن يبحث ويسعى في تحصيل قيمة الجزء الباقي من قيمته ليدفعها للشخص الذي لم يحصل منه العتق، (وهو الشريك).

حكم المكاتبة إذا طلبها العبد

السؤال: هل المكاتبة واجبة إذا طلبها العبد من سيده؟ الجواب: لا، ليست واجبة؛ لأن المكاتبة معناها حصول العتق ولزومه بها، والإنسان ليس ملزماً بأن يعتق مملوكه، وقوله: (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا [النور:33] ليس للوجوب.

الولاء لمن أعتق

السؤال: إذا أعتق بعض العبد وبقي بعضه الآخر، فهل يكون الولاء لمن أعتق باعتبار ما أعتق منه؟ الجواب: نعم يكون الولاء والإرث له، لكن إن كان له أولاد أو أقارب من النسب فهم مقدمون، والولاء يكون آخر شيء، فالولاء يأتي عندما تنتهي جميع الجهات التي تكون من طريق النسب؛ لأنه آخر طبقة من طبقات الوارثين.

صحة عتق بعض العبد وعبودية البعض الآخر

السؤال: ذكر كل هذه الروايات من أبي داود هل يريد من ورائها أن رواية: (فقد عتق منه ما عتق) مدرجة في الحديث؟ الجواب: لا يدل على هذا؛ لأن قوله: (وإلا عتق منه ما عتق) جاءت مجزوماً بها بدون تردد؛ لأن الذي حصل هو التردد أو الجزم، والجزم حصل من طريق نافع و سالم ، ومعلوم أن العتق حصل لبعضه والبعض الثاني حيث لم يقم العبد بالسعاية، وكان معتق الشقص معسراً، فالآن ليس له إلا أن يعتق ما عتق، لأنه لا يمكن أن يلغى هذا الإعتاق، فهو ثابت، وكونه يعتق بعضه لا شك أنه أحسن من كونه يبقى كله مملوكاً، لأنه يملك بعض منافعه.

حكم مكاتبة البعض للسيد الثاني

السؤال: إذا أعتق المعسر نصيبه فهل للعبد المكاتبة على الجزء الباقي للسيد الثاني؟ الجواب: له أن يكاتبه، وله أن يسعى.

الفرق بين الشاذ والمنكر

السؤال: الحديث الأخير فيه مستور وهو مخالف للأحاديث الكثيرة السابقة، فهل يقال: بأنه منكر أو شاذ؟ الجواب: لا يقال: إنه شاذ، وإنما يقال: منكر؛ لأن مخالفة الضعيف للثقة أو الثقات هو المنكر، وأما الشاذ فهو مخالفة الثقة للثقات، وأما مخالفة غير الثقة للثقات يقال له: منكر.

ميراث المبعض

السؤال: إذا أعتق بعض العبد فهل يرث، أم أن ما بقي فيه من رق يكون مانعاً له من الإرث؟ الجواب: يرث بقدر ما فيه من الحرية.

معنى الولاء في حق العبد المعتق

السؤال: أشكل علي مما تقدم أن الولاء لمن أعتق، أليس يكون بذلك حراً أم ماذا؟ وما معنى الولاء هاهنا؟ الجواب: الولاء هو النعمة التي حصلت من المعتق على عتيقه، وهي نعمة العتق، فهذه يقال لها: ولاء، معنى ذلك أنه يكون كأنه مضافاً إليه في النسب، ولكنه متأخر عن النسب، ولهذا فالنسب لا يباع ولا يوهب، والولاء كذلك لا يباع ولا يوهب، لا يمكن أن يقول أحد: أنا أتنازل عن ولائي لفلان؛ لأنه مثل النسب، والنسب شيء ثابت لا يتصرف فيه، والولاء شيء ثابت لا يتصرف فيه، وهو خاص بمن حصل منه العتق أو ورثته الذين حلوا محله وقاموا مقامه. وأما كون صاحب الولاء يبيعه ويأخذ ثمنه فليس له ذلك، أو يهبه ويأخذ في مقابله تعويضاً أو هدية ليس له ذلك؛ لأن هذا مثل النسب، ولهذا يقولون: الولاء لحمة كلحمة النسب، وسببها نعمته على عتيقه بالعتق.

الفرق بين المكاتبة والاستسعاء

السؤال: ما الفرق بين المكاتبة والاستسعاء؟ الجواب: المكاتبة أن يبرم السيد مع العبد عقداً ويتفق معه على أنه يدفع كل شهر أو كل سنة كذا من النقود، وإذا دفع آخر قسط فإنه يعتق بذلك، وأما الاستسعاء فإنما يكون عندما يعتق بعضه، ويكون المعتق لا يملك قيمة الجزء الثاني، فإن للعبد أن يسعى لتحصيل قيمة الجزء الباقي. والفرق بينهما: أن الاستسعاء إنما يكون مع عتق بعضه وعدم قدرة المعتق لبعضه على أن يدفع قيمة الباقي، وأما المكاتبة فهي اتفاق من البداية، وليس لها علاقة بإعتاق البعض، سواء كان عبداً خالصاً أو كان لأحد الأشخاص جزؤه الباقي ولم يحصل عتقه فإنه يتفق معه.

تقويم العبد المبعض

السؤال: إذا أجبر الشريك على البيع ولم يرض بالبيع فما العمل؟ الجواب: القضية ليس فيها بيع، ولكن تقويم القيمة، فيقوم نصيبه الباقي ويعطى القيمة دون أن يفاوض أو يقال له: بكم تبيع؟ وإنما يقال له: الجزء الباقي قيمته كذا وكذا، وإن أعتقه هو فهذا خير، وإن لم يحصل منه فإن انتزاع حصته لحصول العتق لازم، وهذا من جنس انتزاع حصة الشريك بالشفعة.

الفرق بين المبعض بالعتق وبالمكاتبة

السؤال: قلتم: إن بقي على العبد درهم واحد فهو باق على رقه وعبوديته، وإن أعتق أحد الشركاء شقصاً منه فإن منافعه تكون بينه وبين الشريك الآخر الذي لم يعتق، فما الفرق؟ الجواب: المقصود أنه ما حصلت له الحرية إذا بقي عليه شيء من مال الكتابة، أي أنه إذا كاتب سيده على مقدار من المال فإنه لا يزال عبداً إلى أن يدفع آخر درهم، ولا يقال: إنه كلما دفع شيئاً عتق بقدره، وإنما العتق هو بدفع المال بأكمله، وأما هذا الذي معنا فقد عتق بعضه وبقي بعضه، فصار بعضه حراً وبعضه مملوكاً.

نقد مقولة (إن الإسلام جاء بإلغاء الرق)

السؤال: نجد عند بعض الكتاب المعاصرين مقولة: إن الإسلام جاء بإلغاء الرق تدريجياً، فهل هذا صحيح؟ الجواب: لم يأت الإسلام بإلغاء الرق أبداً، فالرق -كما هو معلوم- سببه الكفر وقتال المشركين وسبي ذراريهم ونسائهم، وهذا كان موجوداً من زمان، والآن بسبب أن المسلمين لا يغزون الكفار، لم يعد هذا الأمر موجوداً، بل الكفار هم الذين يغزون المسلمين، والمسلمون هم الذين يخافون من الكفار، بينما الكفار لا يخافون من المسلمين. فأسباب الرق غير موجودة من كون المسلمين يغزون الكفار في بلادهم ويقاتلونهم في سبيل الله، فإما أن يدخلوا في هذا الدين، وإما أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، أو يستولوا عليهم بالقوة ويسترقون ذراريهم ونساءهم، والكبار كذلك أيضاً يسترقونهم.

حكم صيام الثلاثين من شعبان إن وافق يوماً يصام من قبل

السؤال: إذا كان الرجل يعتاد أن يصوم الإثنين والخميس، فهل يجوز له أن يصوم يوم الخميس وإن وافق الثلاثين من شعبان؟ الجواب: نعم، فالذي من عادته أن يصوم الإثنين أو الخميس ثم وافق يوم الثلاثين من شعبان يوم الخميس أو الإثنين فإنه يصوم ذلك اليوم الذي اعتاده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تتقدموا رمضان بيوم أو يومين إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه)، فمن كان يصوم الاثنين والخميس فلا حرج عليه في ذلك، لأنه لم يصم من أجل الاحتياط للشهر، وإنما صام على عادته.

حكم تقديم صلاة الجنازة لمن فاتته الفريضة

السؤال: فاتتني الفريضة ولم أدرك إلا الصلاة على الميت فهل أصليها مع الإمام ثم أصلي الفريضة، أم يجب علي صلاة الفريضة أولاً؟ الجواب: صل على الجنازة ثم صل الفريضة، فما دام أن الجماعة قد فاتتك فأدرك هذا الفضل وهذا الأجر وهذا الدعاء للميت، ثم إن المجال عندك واسع، فصل على الجنازة ثم صل الفريضة، فلا تشتغل بالفريضة وتفوتك صلاة الجنازة، بل أد صلاة الجنازة وبعد ذلك صل الفريضة.

حكم استخدام بطائق التهنئة للتهنئة بعيد الفطر

السؤال: هل في استخدام البطاقة الخاصة للتهنئة بمناسبة عيد الفطر تشبه بالكفار؟ الجواب: لا أعلم أن ذلك تشبه بالكفار، وكون الإنسان يرسل رسائل أو يكتب مثلاً بطاقات مختصرة فيها تهنئات بالعيد لا بأس به وليس فيه تشبه بالكفار.

حكم الدعاء في الصلاة بغير العربية

السؤال: هل يجوز الدعاء في الصلوات بغير اللغة العربية؟ الجواب: على الإنسان أن يتعلم اللغة العربية ويأتي بالأذكار المشروعة باللغة العربية، وأما الأدعية العامة فإذا كان لا يستطيعها فله أن يدعو بغير العربية.

أحكام تكفير المعين

السؤال: الأول: هل نطلق كلمة مشرك على شخص يعبد القبور ويسأل أهلها المطر والولد من دون الله، إذا بينت له التوحيد ودعوته إليه؟ وما الدليل على ذلك؟ وهل من يعبد البدوي أو يطوف بقبره يعتبر مشركاً، خصوصاً أن الدعوة إلى التوحيد أصبحت منتشرة؟ والثاني: كثيراً ما نسمع العلماء يقولون: لا يكفر المعين إلا إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع، فما هي تلك الشروط والموانع؟ الجواب: من الشرك أن يدعو المرء غير الله، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لابن مسعود عندما سأله: (أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك)، فالله سبحانه وتعالى تفرد بالخلق والإيجاد فكيف يشرك معه غيره في العبادة! فالذي يعبد غير الله ويدعو غير الله، سواء كان يدعو الأموات ويستغيث بهم، أو يدعو الملائكة، أو الجن، أو الأحجار، أو ما إلى ذلك.. فكل هذا شرك بالله عز وجل، وكل هذا كفر بالله عز وجل. والإنسان الذي ابتلي بذلك عن جهل تقام عليه الحجة ويبين له، فإن تاب وأناب فذلك خير، وإلا فإنه يحكم بكفره، وهذا هو الشرك الأكبر، وهذا هو الكفر الأعظم الذي يخرج من الملة؛ لأن دعوة غير الله عز وجل وسؤاله ما لا يقدر عليه إلا الله هو الشرك بالله، وما معنى الشرك إذا لم يكن هذا شركاً؟ إن العبادة يجب أن تكون خالصة لله، وألا يشرك معه أحد فيها، فالذي يدعو الأموات أو الجن أو الملائكة ويستغيث بهم ويطلب منهم قضاء الحاجات مشرك بالله وكافر بالله. وأما كون الدعوة انتشرت وكل الناس يسمعون بها، فهذا غير صحيح، فليس كل الناس يسمع الحقيقة، وأيضاً قد ابتلي العامة ابتلوا بأناس يشبهون عليهم، أو يقتدون بهم، وهم أنفسهم قدوة في الشر، لكن إقامة الحجة والإيضاح والبيان أمر مطلوب.

الكتب التي ألفت في تكفير المعيّن

السؤال: هل يوجد كتاب تكلم عن تكفير المعين بوجود الشروط وانتفاء الموانع؟ الجواب: لا يوجد كتاب معين خاص بهذا الشيء، لكن الإنسان يمكن أن يرجع إلى الكتب التي ألفت في العقيدة والتوحيد ونقلت فيها أقوال أهل العلم وكلامهم في ذلك، وبه يتضح المطلوب.

حكم المشرك إن مات على شركه

السؤال: إذا مات من يطوف بالقبور على هذا الشرك ونحن لم نقم عليه الحجة، فهل يحكم عليه بالكفر ولا يدفن في مقابر المسلمين؟ الجواب: لا شك أنه مات على غير التوحيد، ولكن كونه يبادَر إليه وهو حي أفضل حتى يبَّن له، لكن إن استمر ومات على هذا فإنه لا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يصلى عليه، ولا يعامل معاملة المسلمين؛ لأنه مات على الشرك بالله عز وجل.

حكم التبرع بالعقيقة

السؤال: هل يجوز في العقيقة أن يقوم بها أحد أقرباء الطفل مع وجود أبيه تبرعاً؟ الجواب: يجوز للإنسان أن يتولى العقيقة عن صاحبه أو ولده أو قريبه، وله أن يعطيه القيمة ويشتري ذاك. كل ذلك سائغ.

حكم رفع اليدين في قنوت الفجر

السؤال: أكثر الأئمة عندنا يقنتون في صلاة فجر، فهل نرفع أيدينا معهم في القنوت، مع أننا نرى بدعية ذلك؟ الجواب: القنوت قنوتان: قنوت في النوازل، وقنوت في الوتر، والقنوت في النوازل جاء رفع اليدين فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقنوت في الوتر جاء عن عمر و أبي هريرة وبعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم. والقنوت في الفجر بصفة دائمة ليس من السنة؛ لأنه لم تأت فيه سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما جاء القنوت في النوازل، ولم يأت بصفة مستمرة، فإذا صلى إمام وقنت في الفجر فعليك أن تصلي وراءه، ولا تترك الصلاة وراءه لأنه يقنت، لكنك لا ترفع يديك؛ لأن هذا القنوت غير مشروع، ولكن لك أن تستمر معه في الصلاة وتوافقه في الصلاة دون أن ترفع يديك.

أحكام الرق المعاصر

السؤال: هل الرق الموجود الآن في بعض البلاد صحيح؟ وهل تجرى عليهم أحكام الرقيق؟ الجواب: إن كان مبنياً على توارث وتناسل من شيء قديم فيمكن أن يكون له وجه، وأما إذا كان سرقة أو شبه سرقة وما إلى ذلك فهذا اغتصاب وليس رقاً شرعياً، ولا أدري أنا عن الحقيقة.

كيفية قيام الحجة على الشخص المبتدع

السؤال: لم يتضح لي الجواب فيمن لم نقم عليه الحجة أو عنده من علماء السوء من لبس عليه، هل لو مات نقول: إنه مشرك؟ الجواب: نعم يحكم عليه بهذا، لكنه في حياته لا يكفر بمجرد حصول ذلك منه ويؤاخذ عليه، لا وإنما تقام عليه الحجة، فإن تاب وأناب وإلا فإنه يعتبر مرتداً، ويعامل معاملة المرتد.

من أمثلة مشركي اليوم

السؤال: إن بعض من ينتسب إلى الإسلام يدعون غير الله مثل أصحاب القبور، وإذا قيل لهم: إن هذا الفعل شرك بالله قالوا: إنه ليس يكون شركاً؛ لأننا لا نعتقد أن له الصمدية، فهل هذا صحيح؟ الجواب: الصمد من أسماء الله الخاصة به والتي لا تضاف إلى غيره ولا يسمى بها غيره، ومثله الرحمن، لكن دعاء غير الله هو شرك المشركين الذين قال الله فيهم: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3].

حكم الخواطر السيئة التي ترد على الإنسان

السؤال: ما حكم الشرع في الخواطر التي تسيطر على الإنسان؟ الجواب: الأشياء التي تهجم على الإنسان وهي رديئة وغير طيبة، وهو يكرهها ولا يرضاها ويحاول التخلص منها، هو معذور فيها، ولكن الشيء الذي يولده الإنسان ويحييه ويذكيه بالاستسلام والانقياد له هو الذي يؤثر على الإنسان، ولهذا جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان لا يزال بأحدكم يقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا..؟ حتى يقول له: من خلق الله؟ فمن وجد شيئاً من ذلك فلينته وليقل: آمنا بالله). فلا يجعل المرء هذه الأفكار تتولد وينشأ بعضها عن بعض، ويلد بعضها بعضاً، وإنما يصرف نفسه عنها، فإذا كرهها وصرف نفسه عنها فهو على خير، وإن أصر عليها وأبقاها ولم يصرف نفسه عنها بل استحسنها فهذا على شر.

عدم اشتراط الخيرية في المكاتبة

السؤال: هل الشرط الذي جاء في القرآن من علم الخيرية في العبد المكاتب لازم، كما في قوله تعالى: (( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ))؟ الجواب: قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا [النور:33]، الذي يبدو أنه ليس بلازم؛ لأن الإعتاق والمكاتبة -كما هو معلوم- تكون حتى مع غير مستقيم، فيجوز ذلك ولو كان فاسقاً، والآية فيها التأكيد على أنهم إذا كانوا على خير فيهم حقيقون بهذا الشيء، لكن لا يعني أن يكون ذلك مقصوراً عليهم لا يتعداهم إلى غيرهم، وأن من عنده شيئاً من المعاصي لا يكاتب، فليس الأمر كذلك.

حكم المدني يحرم من الطائف لأمر عارض

السؤال: رجل أراد أن يؤدي العمرة من الطائف وهو من أهل المدينة، فذهب إلى الطائف مع أهله، وبعد قضاء حوائجه أحرم من الطائف، فما الحكم في ذلك؟ الجواب: إذا كانوا سيذهبون إلى الطائف ثم يأتون منها ويعتمرون فلا بأس بذلك؛ لأن دخولهم إلى مكة أولاً كان بغير قصد العمرة في هذه السفرة، وإنما كانوا يريدونها بعد مجيئهم من الجهة التي ذهبوا إليها، كأنهم ذهبوا إلى أبها أو الطائف وقالوا: إننا سنجعل العمرة آخر الأمر ولا نريد أن نعتمر من الآن ولكن سنعتمر إذا جئنا، فلهم ذلك؛ لأنهم ما دخلوا مكة واعتمروا، وإنما دخلوا مكة وخرجوا منها، فهم عابرو سبيل مروا بمكة ما دخلوها يريدون العمرة حتى تلزمهم فدية لو حصل منهم إحرام، فهؤلاء سيتجاوزون ويحرمون من مكان هو من المواقيت.

الجمع بين طلب العلم وقراءة القرآن في رمضان

السؤال: هل طلب العلم في رمضان من العبادات المقربة إلى الله عز وجل؟ وهل الأفضل لطالب العلم التفرغ لقراءة القرآن فقط، أم يجمع بين ذلك وبين طلب العلم؟ الجواب: إذا وجد من يستفيد منه علماً فليستفد منه علماً، ويجمع بين قراءة القرآن والاشتغال بذكر الله وبين تعلم العلم؛ لأنه لن يستمر على قراءة القرآن في كل وقت في الغالب، فإذا وجد مجالاً لأن يحضر درساً من الدروس فهذا شيء طيب."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-07-2025, 06:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,905
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله



شرح سنن أبي داود [444]

من ملك ذا رحم أو قريباً من أقربائه فإنه يعتق عليه بمجرد ملكه له، ومن وطئ أمة فحملت منه لم يجز له بيعها، وإن ولدت له أصبحت أم ولد له تعتق بعد موت سيدها، ومن دبر غلاماً ثم احتاج إلى المال جاز له بيعه؛ لأنه وصية، والوصية يجوز تغييرها أو إلغاؤها.

ما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم


شرح حديث (من ملك ذا رحم محرم فهو حر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن ملك ذا رحم محرم. حدثنا مسلم بن إبراهيم و موسى بن إسماعيل قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال موسى في موضع آخر: عن سمرة بن جندب رضي الله عنه فيما يحسب حماد ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من ملك ذا رحم محرم فهو حر) ]. قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب فيمن ملك ذا رحم محرم ]، أي: فإنه يكون حراً بملكه إياه، وذلك بأن يملك قريبه أو من كان ذا رحم محرم. وضابط ذي الرحم المحروم أن يفترض أحدهما أنثى فلا يجوز للآخر أن يتزوجها لوجود المحرمية فيما بينهما. فكل من ملك ذا رحم محرم فإنه يعتق عليه بذلك، فلا يكون الملك في حق من يكون من محارمه وأقاربه. وبعض أهل العلم قيد ذلك بالآباء والأبناء، ولكن الذي ورد في الحديث هو ما كان بهذا الوصف، فكل من كان كذلك فإنه بمجرد ملكه إياه يكون حراً ويعتق عليه، وذلك لأن مقتضى الملك أن يكون عبداً له وتكون منافعه له، فذو الرحم المحرم لا يليق في حقه إذلاله، وأن يكون بمنزلة المملوكين الذين يباعون ويشترون ويستخدمون، بل بمجرد ملكه إياه يعتق عليه. وقد أورد أبو داود حديث سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ملك ذا رحم محرم فهو حر)، يعني: ذلك الذي يملكه ممن هو بهذا الوصف يكون حراً بمجرد ملكه إياه ويعتق، ولا تبقى العبودية إذا ملكه من هو من محارمه. والحديث جاء عن الحسن عن سمرة مرفوعاً وجاء موقوفاً، ولكنه جاء من وجه آخر عن عبد الله بن عمر وهو يشهد لذلك، فيكون الحكم الذي دل عليه حديث سمرة معتبراً صحيحاً، وأن من ملك ذا رحم محرم فإنه يعتق عليه ويكون حراً، ولا يبقى رقيقاً لمن هو من محارمه.
تراجم رجال إسناد حديث (من ملك ذا رحم محرم فهو حر)


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وموسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد بن سلمة ]. حماد بن سلمة بن دينار البصري ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن ]. الحسن بن أبي الحسن البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سمرة ]. سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ وقال موسى في موضع آخر: عن سمرة بن جندب فيما يحسب حماد ]. يعني: أنه ظن. قال أبو داود : [ روى محمد بن بكر البرساني عن حماد بن سلمة عن قتادة ، وعاصم عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك الحديث ]. أورد أبو داود رحمه الله طرقاً معلقة فيها بيان وجود ذلك عن الحسن عن سمرة كما تقدم. [ محمد بن بكر البرساني ]. محمد بن بكر البرساني صدوق قد يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حماد عن قتادة ، و عاصم عن الحسن ]. حماد و قتادة مر ذكرهما، وأما عاصم ففي ترجمة الحسن بن أبي الحسن ما وجدت أحداً اسمه عاصم يروي عنه، ولا أدري هل هو عاصم بن أبي النجود أو عاصم بن سليمان الأحول ، وهؤلاء كما هو معلوم من رجال الكتب الستة، ولكنه ما ذكر في الرواة عن الحسن بن أبي الحسن من اسمه عاصم. قال أبو داود : [ ولم يحدث ذلك الحديث إلا حماد بن سلمة ، وقد شك فيه ]. أي قال: فيما أحسب، كما مضى.
شرح حديث (من ملك ذا رحم محرم فهو حر) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: من ملك ذا رحم محرم فهو حر ]. أورد أبو داود هذا الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: [من ملك ذا رحم محرم فهو حر]، وهذا أثر موقوف على عن عمر ، وفيه انقطاع؛ لأن قتادة لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري ، صدوق أخرج له أبو داود . [ حدثنا عبد الوهاب ]. عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وفي بعض طرق هذا الحديث ذكروا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف ، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن سعيد عن قتادة ]. سعيد بن أبي عروبة ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، و قتادة مر ذكره، وعمر بن الخطاب هو أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (من ملك ذا رحم محرم فهو حر) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن سليمان حدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن الحسن قال: من ملك ذا رحم محرم فهو حر ]. أورد أبو داود هذا الأثر وهو موقوف على الحسن : [ من ملك ذا رحم محرم فهو حر ]. قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان حدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن الحسن ]. وقد مر ذكر هؤلاء جميعاً.
شرح حديث (من ملك ذا رحم محرم فهو حر) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد والحسن مثله ]. أورد أبو داود الأثر عن جابر بن زيد ، وهو أبو الشعثاء ، وعن الحسن مثل ما تقدم، أي: موقوف عليهما. قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ]. هو عبد الله بن محمد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا أبو أسامة ]. أبو أسامة هو حماد بن أسامة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد ]. سعيد و قتادة مر ذكرهما، و جابر بن زيد هو أبو الشعثاء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [والحسن مثله ]. وقد مر ذكره. [ قال أبو داود : سعيد أحفظ من حماد ]. يعني: في روايته عن قتادة ، فهناك حماد يروى عن قتادة ، وهنا سعيد يروي عن قتادة ، وسعيد إنما جاء به موقوفاً على الحسن وعلى الحسن و جابر بن زيد . والخلاصة: أن من ملك ذا رحم مثل أم زوجته فإنها تعتق عليه؛ لأنها من محارمه، وكذلك إذا ملكت المرأة أبا زوجها؛ لأنه من محارمها، وكذلك زوجة الأب إن كان الأب كافراً، وإن كان الكافر لا يكون تحته مسلمة، لكن يبدو أن الحكم عام؛ لأنه قال: (ذا رحم محرم)، فما دام أبوه قد عقد عليها وهو زوجها ولو كان ذلك في حال الكفر؛ لأنه لا يقال: إنها تحل لابنه. وقوله: (ذا رحم محرم) يخرج به ابن العم وابن العمة؛ لأنهما ليسا من ذوي المحارم.
ما جاء في عتق أمهات الأولاد



شرح حديث (... أعتقوها فإذا سمعتم برقيق...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في عتق أمهات الأولاد. حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن خطاب بن صالح مولى الأنصار عن أمه عن سلامة بنت معقل رضي الله عنها -امرأة من خارجة قيس عيلان- قالت: قدم بي عمي في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو ، فولدت له عبد الرحمن بن الحباب ، ثم هلك، فقالت امرأته: الآن والله تباعين في دينه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: (يا رسول الله! إني امرأة من خارجة قيس عيلان، قدم بي عمي المدينة في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو ، فولدت له عبد الرحمن بن الحباب ، فقالت امرأته: الآن والله تباعين في دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ولي الحباب ؟ قيل: أخوه أبو اليسر بن عمرو ، فبعث إليه، فقال: أعتقوها، فإذا سمعتم برقيق قدم علي فائتوني أعوضكم منها، قالت: فأعتقوني، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رقيق فعوضهم مني غلاماً) ]. أورد أبو داود باب في عتق أمهات الأولاد وأمهات الأولاد من الإماء اللاتي يحصل وطؤهن ثم تلد إحداهن لسيدها ولداً وهي أمة، فيقال لها: أم ولد. وأمهات الأولاد اختلف العلماء في حكم بيعهن: هل يبعن أو لا يبعن؟ فمن العلماء من قال بجواز بيعهن، وأنهن مثل الإماء، ومنهم من قال: إن أمهات الأولاد لا يبعن، وإنما يبقين مع السادة حتى يموتوا، حتى يموت، وإذا ماتوا فإنهن يعتقن بمجرد موتهم، وقد وردت الأحاديث في بيعهن وعدم بيعهن، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم عندما يقسم عليهم السبي كانوا بحاجة إلى غشيان الإماء، ولكنهم كانوا يعزلون، وذلك من أجل ألا يحملن؛ لأنهن إذا حملن لم يتمكنوا من التصرف فيهن، لأنهن يصرن أمهات أولاد، وأمهات الأولاد لا يبعن ولا يستفيد الإنسان منهن من حيث البيع والشراء والإهداء والهبة وما إلى ذلك، وإنما تبقى وتعتق بعد موته، فكانوا إذا جامعوهن عزلوا لئلا يحملن؛ لأنهن يصرن به أمهات أولاد فلا يتمكنون من الاستفادة منهن بالتصرف، فالخلاف حاصل في هذه المسألة: فمنهم من أجاز البيع ومنهم من لم يجزه. وقد أورد أبو داود جملة من الأحاديث في ذلك، منها: حديث: سلامة بنت معقل ، فقد قدم بها عمها في الجاهلية وباعها على رجل يقال له الحباب أخو أبي اليسر ، وولدت له ابناً اسمه عبد الرحمن ، ومعنى ذلك: أنها صارت أم ولد، ثم إنه مات عنها، والحكم في أمهات الأولاد أنهن يعتقن، فقالت امرأته: لتباعين في دين عليه، أي: أنه كان عليه دين وأنت مملوكة له، فأنت تباعين وقيمتك تدفع ثمناً لسداد الدين الذي عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ولي الحباب ؟ قالوا: أخوه أبو اليسر ، فجاء إليه وأخبره وقال: أعتقوها وأعوضكم عنها من الفيء الذي سيأتي، فلما جاءه سبي أعطاهم مكانها غلاماًً. وهذا فيه: عدم بيع أمهات الأولاد، وفيه أيضاً ما يدل على أنه قد حصل التعويض، وحصول التعويض يشعر بأن الحكم فيه شيء من ناحية أنه ليس هناك مجرد عتق لوجود التعويض، وقيل: إن هذا إكرام من الرسول صلى الله عليه وسلم. والحديث ضعيف غير ثابت؛ لأن في إسناده امرأة مجهولة لا يعرف حالها، وابنها الذي يروي عنها مقبول، وهو خطاب بن صالح فالحديث غير صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (... أعتقوها فإذا سمعتم برقيق...)


قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ]. عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا محمد بن سلمة ]. محمد بن سلمة الباهلي الحراني ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن، وهذا في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود ؛ و أبو داود يروي عن اثنين يمسى بمحمد بن سلمة: أحدهما في طبقة شيوخه، والثاني في طبقة شيوخ شيوخه، فإذا جاء محمد بن سلمة شيخ لأبي داود فالمراد به المرادي المصري ، وإذا جاء محمد بن سلمة في طبقة شيوخ شيوخه يروي عنه أبو داود بواسطة فيراد به الحراني الباهلي ، وهذا في طبقة شيوخ شيوخه، فهو الحراني الباهلي ، وهو -كما قلت- ثقة أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن إسحاق ]. محمد بن إسحاق المدني ، صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن خطاب بن صالح ]. خطاب بن صالح مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن أمه ]. وهي لا تعرف، أخرج لها أبو داود . [ عن سلامة بنت معقل ]. سلامة بنت معقل صحابية أخرج لها أبو داود .
شرح حديث (بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن قيس عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأبي بكر رضي الله عنه، فلما كان عمر رضي الله عنه نهانا فانتهينا) ]. أورد حديث جابر قال: (بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق ، فلما كان عمر نهانا فانتهينا)، وهذا قيل فيه: لعل الأمر كان سائغاً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم حصل النهي عنه ولكنه لم ينتشر لقلته وندرته، ولكون عهد أبي بكر كان قصيراً ومدته وجيزة؛ لأنها سنتان وأشهر، ولما جاء زمن عمر رضي الله عنه حصل ذلك، فنهاهم عمر رضي الله تعالى عنه عن ذلك؛ لأنه قد جاء شيء يدل عليه، فانتهوا عن ذلك الذي كانوا يفعلونه من قبل.
تراجم رجال إسناد حديث (بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم...)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن قيس ]. قيس هو قيس بن سعد المكي وهو ثقة أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عطاء ]. عطاء بن أبي رباح المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أحكام أمهات الأولاد

الراجح في المسألة: أن أمهات الأولاد لا يبعن، ويدل لذلك أيضاً الحديث الذي أشرت إليه، وهو أنهم كانوا يعزلون من أجل ألا تحمل، ولو كان الأمران سيان ما احتاجوا إلى العزل، لكنهم كانوا يعزلون من أجل ألا تكون أم ولد، وهذا هو سبب العزل كما في حديث جابر : (كنا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيء ينهى عنه لنهانا عنه القرآن)، فكانوا يعزلون لئلا تحمل الإماء فيكن أمهات أولاد، وهذا قد جاء في بعض الأحاديث في السبي أنهم قسم عليهم السبي فكانوا يطئونهن ويعزلون؛ لئلا يحصل الحمل، فقوله: (كنا نعزل والقرآن ينزل) يدل على جواز العزل، وهم إنما فعلوا أمراً جائزاً، والرسول صلى الله عليه وسلم لم ينه عن العزل، وإنما أخبر أن العزل لا يرد شيئاً قدره الله؛ لأن الله إذا قدر الولد فإنه يحصل الحمل ولو وجد العزل، فقد تندفق نقطة وقطرة يكون بها الحمل من غير اختيار الإنسان، وقد جاء في صحيح مسلم في نفس أحاديث العزل: (ليس من كل المني يكون الولد)، معناه: أن الولد يكون بشيء يسير جداً قد يفوت ويتسرب فيكون منه الولد، ومعناه: أن الحمل قد يكون مع وجود عزل، بل إن شيئاً يسيراً جداً قد يحصل به فوات الحرص ويحصل به الحمل بإذن الله. ولا تعتق الأمة بمجرد أن تلد لسيدها، بل تبقى في ملكه، وليس له أن يبيعها وهو يستمتع بها، وإذا مات عتقت عليه، ولا تعتق في الحال؛ ولو عتقت في الحال لم يبق مجال للبيع، ولكن كون هناك فترة موجودة بين ولادتها وبين موت سيدها فإنها لا تباع في هذه الفترة، وتعتق بموته. ولا يجوز بيع الأمة وهي حامل، وأولاد الإماء تبع للإماء في الرق، فإذا كانت الأمة رقيقة فإن يكون ولدها يكون رقيقاً، إلا في بعض الأحوال المستثناة وهي: إذا تزوج الإنسان الحر أمة واشترط أن يكون ولده حراً، فهنا لا يكون تابعاً لها، فالحر يجوز له أن يتزوج الأمة إذا عجز عن الحرة ولم يستطع الطول الذي يتزوج به الحرة، ولكنه إذا اشترط حرية ولده فإن الولد يكون حراً. وأما من حملت منه فهي أم ولد له، وليس له أن يبيعها، ومعنى أنه يبعها أن يبيع ولده؛ لأن الذي في بطنها ولد له، ولكن الكلام في ما إذا كانت متزوجة وقد حملت، فإن الذي يملكها يبيعها، ومعلوم أن ولدها إنما هو تابع لها في الرق إلا فيما استثني. وهناك مسألة أخرى وهي: مسألة الغرر، وهذه ذكروها في مباحث الفرائض فيما يتعلق بموانع الإرث، وهي: الرق والقتل واختلاف الدين. وقد ورد في سنن النسائي : (كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد والنبي صلى الله عليه وسلم حي لا يرى بذلك بأساً)، وهذا يجاب عليه بما مر عن جابر : أنهم كانوا يفعلون ذلك في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنه نسخ، فقد جاء عن عمر أنه نهاهم عنه فيما بعد.
ما جاء في بيع المدبر


شرح حديث (أن رجلاً أعتق غلاماً عن دبر منه ولم يكن له مال غيره...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في بيع المدبر. حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء وإسماعيل بن أبي خالد عن سلمة بن كهيل عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن رجلاً أعتق غلاماً له عن دبر منه ولم يكن له مال غيره، فأمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبيع بسبعمائة أو بتسعمائة) ]. أورد أبو داود رحمه الله: [ باب في بيع المدبر ]، والمدبر: هو الذي يعلق السيد عتقه على وفاته، فيقول: إنه حر بعد وفاته، ويوصي أو يكتب ذلك. وقيل له: مدبر؛ لأن العتق علق على الموت، والموت دبر الحياة، أي: بعد الحياة، فالعتق لم يكن ناجزاً وإنما كان معلقاً بالموت، فلهذا قيل له: المدبر، والتدبير: هو العتق بعد الموت، والعتق بعد الموت يعتبر وصية، وللإنسان أن يرجع في هذه الوصية وأن يبقيها، ولكنها تحسب من الثلث، ويكون هذا الذي أعتق عن دبر بعد الموت من جملة الثلث. وفي هذا الحديث: (أن رجلاً أعتق غلاماً له عن دبر بعد الموت ولم يكن له مال غيره، وكان بحاجة إلى مال، فالرسول باعه وأعطاه إياه، وقال: أنفقه على نفسك فأنت أولى به ما دمت فقيراً) فقيمته تنفقها على نفسك وتستفيد منها، وإذا علق الإنسان ذلك على الموت وهو بحاجة فإنه يبيع ذلك الغلام ويستفيد منه؛ لأن هذا من جملة الوصية، والوصية يمكن تغييرها، ويمكن الرجوع عنها، ويمكن تركها.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً أعتق غلاماً عن دبر منه ولم يكن له مال غيره...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام، ثقة فقيه أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشيم ]. هشيم بن بشير الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الملك بن أبي سليمان ]. عبد الملك بن أبي سليمان ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عطاء ]. عطاء بن أبي رباح ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و إسماعيل بن أبي خالد ]. إسماعيل بن أبي خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سلمة بن كهيل ]. سلمة بن كهيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء عن جابر ]. وجابر هو ابن عبد الله مر ذكره.
شرح حديث (...أنت أحق بثمنه والله أغنى عنه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا جعفر بن المسافر حدثنا بشر بن بكر أخبرنا الأوزاعي حدثني عطاء بن أبي رباح حدثني جابر بن عبد الله بهذا، زاد: وقال -يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم-: (أنت أحق بثمنه، والله أغنى عنه) ]. أورد أبو داود حديث جابر من طريق أخرى وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنت أحق بثمنه، والله أغنى عنه) المقصود: أن الإنسان يعتق وهو قادر متمكن، وأما أن يكون الإنسان بحاجة وهو فقير فهو أولى به. ولو مات حسبت قيمة العبد من ثلث التركة كما سيأتي، ولكنه باعه وهو حي، وأعطاه قيمته وتخلص منه، ولم يقره على ذلك، بل باعه وأعطاه إياه، فدل هذا على جواز بيع المدبر؛ لأنه محتاج إليه.
تراجم رجال إسناد حديث (... أنت أحق بثمنه، والله أغنى عنه)


قوله: [ حدثنا جعفر بن المسافر ]. جعفر بن المسافر، صدوق ربما أخطأ، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا بشر بن بكر ]. بشر بن بكر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ أخبرنا الأوزاعي ]. هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء بن أبي رباح حدثني جابر ]. عطاء بن أبي رباح و جابر مر ذكرهما.
شرح حديث (... إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أيوب عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه: (أن رجلاً من الأنصار يقال له: مذكور ، أعتق غلاماً له يقال له يعقوب عن دبر، ولم يكن له مال غيره، فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من يشتريه؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بن النحام رضي الله عنه بثمانمائة درهم، فدفعها إليه، ثم قال: إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه، فإن كان فيها فضل فعلى عياله، فإن كان فيها فضل فعلى ذي قرابته، أو قال: على ذي رحمه، فإن كان فضلاً فهاهنا وهاهنا) ]. أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه (أن رجلاً من الأنصار يقال له أبو مذكور ) أعتق عبداً له عن دبر، ولم يكن له مال غيره، فالرسول صلى الله عليه وسلم باعه بثمانمائة درهم وأعطاه إياها، وقال: (إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه، ثم على من يعول، ثم يفرق هاهنا وهاهنا إذا كان زائد).
تراجم رجال إسناد حديث (... إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ]. إسماعيل بن إبراهيم بن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أيوب ]. أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزبير ]. أبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر مر ذكره.
الأسئلة



حكم عتق العبد إذا أسلم وحسن إسلامه


السؤال: هل يجب إعتاق العبد إذا أسلم وحسن إسلامه؟ الجواب: الاسترقاق سببه الكفر، فقد يبقى العبد على كفره وقد يسلم، فأما عن الوجوب فلا يجب عتق العبد ولو أسلم، ولكن -كما هو معلوم- أن الشريعة جاءت بالترغيب في العتق وتسهيل الوصول إليه، وجاء ذكر الكفارات في ذلك، وأن الإعتاق مقدم في كثير من الكفارات.

حكم الزواج بالأمة الموطوءة حال العتق


السؤال: إذا أعتق الحر أمة وقد وطئها قبل ذلك ثم أعتقها، فهل يجوز له أن يطأها أو لا بد من أن يعقد عقد نكاح لأنها صارت حرة؟ الجواب: إذا أعتقها ملكت نفسها، وإذا قبلت الزواج به فله أن يعقد عليها.

درجة رواية الضحاك عن ابن عباس في التفسير


السؤال: ما درجة رواية الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما في التفسير؟ الجواب: لا أذكر، لكنني ذكرت في الفوائد المنتقاة، بعض الطرق عن ابن عباس في التفسير.

حكم العزل

السؤال: ما حكم العزل؟ الجواب: العزل جائز؛ لحديث: (كنا نعزل والقرآن ينزل، ولو كان شيء ينهى عنه لنهانا عنه القرآن)، ولكنه لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها وبموافقتها.

حكم الرجوع في الصدقة

السؤال: هل في الحديث الأخير الرجوع في الصدقة؟ الجواب: الحديث فيه الإقرار بأن الإنسان يتصدق على نفسه أولاً؛ فلا يوسع على غيره ويضيق على نفسه، فهو ومن يعول أولى.

صورة عتق الأب

السؤال: كيف ينزل حديث: (من يشتري أباه فيعتقه)، كما جاء في الحديث؛ فهل بمجرد الشراء يكون حراً؟ الجواب: نعم، بمجرد دخوله في ملكه يكون حراً.

كيفية بيع الذهب


السؤال: ما هي كيفية بيع الذهب؟ الجواب: إذا بيع ذهب بذهب فلا بد من التساوي، ولا بد من التقابض، ولا بد من التماثل في الوزن، ولو كان أحدهما جيداً والثاني رديئاً، فلا بد من التقابض في الحال، وأما إن باع الذهب بفضة أو بعملة من العمل فلا بد من التقابض، والتفاضل سائغ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)، وقوله: (إذا كان يداً بيد) يريد به التقابض، فالحاصل: أنه إن كان بيع ذهب بذهب فلا بد من التماثل والتقابض، وإن كان ذهب بغيره فلا بد من التقابض، والتفاضل لا بأس به.

شرح حديث (رأيت ربي في أحسن صورة)


السؤال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (رأيت ربي في أحسن صورة)، هل يدل على أنه كان في اليقظة؟ الجواب: هذا الحديث في المنام، وأما اليقظة فلم ير النبي صلى الله عليه وسلم ربه، وفي ليلة المعراج سئل رسول الله عليه الصلاة والسلام: هل رأيت ربك؟ فلم يقل: نعم رأيته، ولو حصلت الرؤية لأخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن جاء عنه ما يدل على عدم الرؤية، لأنه قال: (رأيت نوراً)، وقال: (نور أنى أراه؟!)، يعني: كيف أراه وقد منعني النور من رؤيته، ورؤية الله عز وجل ادخرها الله عز وجل في الدار الآخرة لتكون أكمل نعيم يكون لأهل دار النعيم، ولم يشأ أن يرى في الدنيا؛ لأنه لو رئي في الدنيا لصار نعيم الآخرة في الدنيا قبل الآخرة، وقد جاء في صحيح مسلم عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا)، فالله شاء ألا يرى في الدنيا؛ لأن رؤية الله أكمل نعيم في الجنة، ولو حصلت الرؤية في الدنيا لكان نعيم الجنة جاء في الدنيا، ولهذا (لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الكسوف عرضت عليه الجنة والنار، فمد يده ليتناول عنقوداً من العنب من العناقيد المتدلية وهو يصلي، فلم يأخذ شيئاً، ولما فرغ من الصلاة قالوا: يا رسول الله! رأيناك مددت يدك كأنك تتناول شيئاً -فهم رأوا يده ممدودة إلى شيء وما رأوا ذلك الشيء الممدودة إليه يده صلى الله عليه وسلم، فقال: عرضت علي الجنة فرأيت عناقيد متدلية، فمددت يدي لآخذ عنقوداً، ولو أخذت منه لأكلتم ما بقيت الدنيا)، يعني: ولو أخذت منه عنقوداً لأكلتم من هذا العنقود إلى نهاية الدنيا، وهذا يبين عظم نعيم الجنة وعظم شأنه، وأن الله تعالى شاء ألا يأتي نعيم الجنة في الدنيا؛ حتى يتميز من يؤمن بالغيب ومن لا يؤمن بالغيب، فالذي يؤمن بالغيب ويصدق ذلك يجده في المستقبل، والذي لا يؤمن إلا بالمشاهدة والمعاينة لا يجده، فشاء الله تعالى ألا يشاهد نعيم الجنة في الدنيا حتى يتميز من يؤمن بالغيب ومن لا يؤمن بالغيب.

حكم مكاتبة أم الولد

السؤال: هل تجوز مكاتبة أم الولد؟ الجواب: الذي يبدو أنه جائز؛ لأن هذا سبيل إلى المبادرة بعتقها.

عتق الأمة بحملها وإن أسقطت


السؤال: قال ابن القيم : والمحفوظ في رواية سفيان الثوري عن أبيه عن عكرمة عن عمر أنه قال في أم الولد: أعتقها ولدها وإن كان سقطاً، فما معنى ذلك؟ الجواب: هذا يدل على أن السقط حكمه حكم المولود.

زيارة القبر النبوي والسلام عليه عند الحجرة


السؤال: هل هناك فرق بين زيارة القبر النبوي وبين السلام عليه عند الحجرة؟ الجواب: زيارة القبر النبوي والسلام عليه عند الحجرة شيء واحد، فكونه يسلم عليه عند الحجرة هو نفس الزيارة، فهو يزور القبر ويسلم عند الحجرة، فلا فرق بين الشيئين المسئول عنهما.

حكم تعبئة الكتب في كراتين السيجارة


السؤال: هل يجوز شراء الكراتين التي تعبأ فيها علب السيجارة من المحلات التي تبيع هذه السيجارة حتى توضع فيها الكتب عند إرسالها إلى البلاد الأخرى؟ الجواب: لا ينبغي أن تعبأ الكتب في كراتين السجاير، بل إن الإنسان إذا استعملها فإنه يتهم بأنه مورد سجاير، ويقولون عنه: إن معه دخاناً، وليس معه إلا كتب، ولكن المصيبة جاءت من الغلاف، فالإنسان لا ينبغي له أن يستعمل هذا الشيء، ولا تعبأ الكتب في أوعية الدخان.

حكم ذبح الأضحية عن الميت


السؤال: هل يجوز أن أضحى عن الميت، أو أتصدق عنه فقط؟ الجواب: الأضحية جائزة، ولكن الأولى أن تكون من الحي عن نفسه وعن أمواته، وكونها تكون على الميت فقط لا نعلم دليلاً خاصاً بهذا، ولكن أن يكون تبعاً وأن الإنسان يضحي عن أحيائه وأمواته فإنه ينفعهم ذلك، وإن ضحى نرجو ألا يكون فيه محذور، لأن هذا من جملة الصدقة.

حكم الدبلة في الأعراس

السؤال: عند الزواج توجد عندنا عادة منتشرة وهي: أنه إذ يشترط على من يريد أن يتزوج أن يأتي بخاتم يعرف بـ(الدبلة) فهل هذا يجوز؟ الجواب: على الخاطب أن يبين السنة ويقول: إن هذا أمر منكر ومحدث، ونحن مسلمون، والمسلمون يستسلمون لما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، والرسول نهى عن التشبه بالكفار، وهذا من تقاليد الكفار، فيقنعهم بأن هذا غير سائغ، وأنه لا يفعل ذلك، فإن اقتنعوا وإلا فإنه يبحث عن أناس يتبعون السنة ولا يصرون على الأخذ بالبدعة.

جواز مخالفة الوصية إن كانت للمضارة

السؤال: إذا أوصى أحد بألا يباع عبده إن هو مات، وكان أهله فقراء في حاجة إلى بيعه، فهل يباع ويخالفون الوصية؟ الجواب: ليس له ذلك، كيف يقول: لا يعتق أبداً؟ فالعتق مطلوب، وهو يملك ذلك في حياته، وأما بعد وفاته فليس له دخل.

عدد ركعات صلاة التراويح


السؤال: إذا وجدنا مسجدين الأول تصلى فيه صلاة التراويح إحدى وعشرين ركعة، وأكثر الناس يصلون فيه، ولكن يوجد فيه بعض الأفعال البدعية مثل الصلاة على النبي وعلى الخلفاء الراشدين بصوت مرتفع، والثاني: تصلى فيه إحدى عشرة ركعة، ولكن لا يصلي فيه إلا عدد قليل من المسلمين، ففي أيهما نصلي؟ الجواب: أما قضية الصلاة إحدى وعشرين ركعة فمعلوم ليس هناك مانع يمنع منها، بل هي سائغة وجائزة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر له ما مضى)، فهذا يدلنا على أن الأمر في ذلك واسع، ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يقيد بإحدى عشرة ولا بثلاث عشرة، نعم هو فعل هذا ولكنه لم يقل: إنه لا يجوز الزيادة على ذلك، بل هذا الحديث يدل على جواز الزيادة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر ما مضى). أما عن فعل الصلاة على النبي وعلى الخلفاء الراشدين بصوت مرتفع والمأمومون يجيبون بالصلاة عليهم؛ فلا شك أن هذا من الأمور المبتدعة، والواجب قبل كل شيء هو تنبيههم على هذا الشيء، وأنه لا يقال مثل هذا، فأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الإنسان يصلي عليه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه بينه وبين نفسه، وأما أن يكون هناك أمور مبتدعة مثل هذا فالواجب هو تنبيههم، ولا شك أن المسجد الذي يصلى فيه وهو خال من البدع لا شك أنه الأولى، لكن إذا كان المسجد الذي يصلى فيه إحدى وعشرين ليس فيه أشياء محذورة والجماعة فيه كثيرة، فيكون مع هؤلاء الذين يصلون، ولا يقال: إن صلاة إحدى وعشرين ركعة خلاف السنة، بل هي من السنة، وهي داخلة فيما هو سائغ وجائز.

أفضلية صلاة المرأة في بيتها


السؤال: أيهما أفضل للمرأة: أن تصلي التراويح في بيتها منفردة، أو في مسجد جماعة؟ الجواب: صلاة المرأة في بيتها أفضل في جميع الأحوال، في الفرائض والنوافل، وإن صلت في المسجد سواء فريضة أو تراويح فذلك جائز. وكذلك بالنسبة لليلة القدر؛ فهي في العشر الأواخر لكن ليست معلومة التحديد، والإنسان الذي يجتهد في العشر الأواخر يكون متحرياً لها، فإذا جاءت فهو على عمل صالح. فصلاة المرأة في بيتها أفضل في جميع الأحوال، سواء في العشر الأواخر أو قبلها أو بعدها، وإن جاءت المسجد في العشر أو في رمضان أو في سائر الشهور فإن ذلك جائز.


حكم تناول المرأة لحبوب منع الحمل


السؤال: متى يجوز للمرأة أن تتناول حبوب منع الحمل؟ الجواب: إذا كانت المرأة مريضة والحمل يلحقها بها مضرة، أو أن الأولاد يتوالون فلا تستطيع القيام بهم، فلها أن تعمل شيئاً يؤخر الحمل ولا يقطعه، وأما قطع الحمل أصلاً فلا يجوز، ولكن كونها تحتاج إلى ذلك من أجل مرض فيها، أو من أجل توالي الأولاد وعدم قدرتها على القيام بهم؛ فإن لها أن تفعل ذلك مدة يسيرة.

حكم استخدام كراتين السجارة


السؤال: بالنسبة لكراتين الدخان إذا أزيلت الدعاية من على ظاهرها هل يمكن استخدامها؟ الجواب: إذا أمكن أن تزال فلا بأس، لكن ما أدري هل يمكن أن تزال أو أنه تبقى الآثار والعلامة بينة، والذين يستعملون الدخان يعرفون أوعية الدخان، وننبه إلى أنه لا يصح أن يشتريها الإنسان أصلاً، لكن إذا وحدها وأراد أن يعبئها أي شيء وقد ذهبت الدعاية منها فلا بأس بذلك إن شاء الله، لكن إذا بقيت فيها علامات، أو أن أصحاب الدخان يعرفونها فما ينبغي للإنسان أنه يفعل هذا الشيء، وأما عن الشراء فلا؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان؛ لأن ذاك يبيع الدخان ويبيع كراتين الدخان.

حكم الذبح عن الميت وجمع الأقارب لذلك


السؤال: هل يجوز ذبح ذبيحة في رمضان عن الميت وجمع الأقارب عليها، وتسمى (الذكيرة) عند العوام؟ الجواب: يمكن أن يتصدق عن الميت بلحم أو بأي شيء، وأما جمع الأقارب عليها فلا حاجة إليه؛ لأن الناس إذا أرادوا أن ينفعوا الأموات فإنهم يعطونها للفقراء والمساكين، ولا يأكلونها هم ثم يقولون: هذه عن الأموات، فهم يأكلون كل يوم، فالصدقة تكون للفقراء والمساكين ولا تكون لهم هم.

حكم الغُسل من المني إن خرج بغير دفق


السؤال: خروج المني من غير دفق ولا لذة هل يوجب الغسل؟ الجواب: المعروف أن المني يخرج بدفق ولذة، ولعل هذا الخارج ليس بمني.


رد النبي عليه الصلاة والسلام السلام على من سلم عليه


السؤال: حديث: (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي)، هل فيه دلالة على حياته في قبره باستمرار؛ لأنه لا يخلو وقت من السلام عليه؟ الجواب: أمور الغيب لا يعلمها إلا الله عز وجل، والإنسان يصدق بكل ما جاء من أمور الغيب، ولا يقاس ذلك على ما هو معلوم ومدرك في أمور الحياة الدنيا؛ لأن أمور الآخرة والبرزخ تختلف عن الحياة الدنيا، فعلى الإنسان أن يصدق بالغيب، فالرسول صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء التي أخبر الله عنها في القرآن بقوله: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169]، بل إن المخلوقين من أصحاب القبور أحياء في قبورهم حياة برزخية ينعمون أو يعذبون، فالموفق منعم والمخذول معذب، والله تعالى أخبر عن النعيم وعن العذاب كما في القرآن: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46]، وهذا في عذاب القبر والحاصل لآل فرعون قبل يوم البعث والنشور، وفي حديث البراء بن عازب أنه يفتح -لمن وفقه الله- باب إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها، ويفتح لغيره باب إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها.

حكم التصدق عن الدائن إذا لم يعثر عليه


السؤال: أقرضني شخص مبلغاً من المال وذهب عني فلم أجده ولا أعرف مكانه في البلدة، وأريد أن أخرج عنه صدقة، فهل يجوز أن أعطيها لمن هو محتاج من أرحامي؟ الجواب: إذا تمكنت من الوصول إلى هذا الشخص الذي هو صاحب الحق فعليك أن تدفعها إليه، وأما إذا يئست منه ولم تتمكن من معرفته فتصدق بها عنه، وأعطها لمن هو مستحق لها.

ثبوت التحريم بالرضاع


السؤال: أرضعت امرأة في الستين من عمرها ابن ابنها، وكان زوجها قد توفي، فهو لبن ليس له صاحب، وقد بلغت المرأة من الكبر عتياً، فهل تثبت بهذه الرضاعة أي نوع من أنواع المحرمات؟ الجواب: إذا حصل الرضاع ووجد وكان محرماً فإنه يعتبر."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-07-2025, 06:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,905
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله



شرح سنن أبي داود [445]

وردت السنة بأن من أعتق عبيداً وليس له مال غيرهم فإنه يعتق منهم الثلث فقط، ومن أعتق عبداً وله مال فإن مال العبد له إلا أن يشترط السيد. كما استحب في العتق أكمل الناس خَلقاً وخُلقاً؛ إذ بكل عضو من العبد يعتق الله به عضواً من النار.

ما جاء فيمن أعتق عبيداً له لم يبلغهم الثلث



شرح حديث (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته ولم يكن له مال غيرهم...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن أعتق عبيداً له لم يبلغهم الثلث. حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته، ولم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال له قولاً شديداً، ثم دعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء، فأقرع بينهم، فأعتق اثنين وأربعة) ]. قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ فيمن أعتق عبيداً له لم يبلغهم الثلث ] أي: أنه أعتق عبيده ولم يكن ذلك العتق في حدود الثلث، وهذا إنما يكون في مرض الموت، فيكون حكمه حكم ما يكون بعد الموت، وأنه بمثابة وصية، فيعتبر ويقر منه ما كان في حدود الثلث، وما زاد على ذلك فإنه يبقى على ما كان عليه. وقد أورد أبو داود حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: أن رجلاً أعتق في مرض موته ستة أعبد ليس له مال غيرهم، ومعنى هذا: أنه لو كان هؤلاء الستة يشكلون الثلث، وأن هناك شيئاً وراء هؤلاء الستة يعادل الثلثين؛ فإنه يمكن أن يعتبر ذلك، لكن ما دام أن هذا هو كل ماله وليس له مال سواه، فإنه يعتق منه في حدود الثلث. فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له في ذلك قولاً شديداً ولامه؛ وذلك أنه تصرف تصرفاً يكون فيه حرمان الورثة وعدم إبقاء شيء لهم، ثم إنه جزأهم ثلاثة أجزاء، وأقرع بينهم، فالذين خرجت لهم القرعة -وهم اثنان من الستة- اعتبروا أحراراً، والأربعة الباقون اعتبرهم أرقاء؛ لأن ما زاد على الاثنين خارج عن الثلث، فيكون للورثة، وفي هذا دليل على اعتبار الوصية بالثلث، وقد جاء في ذلك الحديث الذي فيه: (الثلث والثلث كثير). ويدل أيضاً على أن هذا العتق الذي حصل يجمع ولا يفرق بحيث يكون الستة كلهم مبعضون، فيكون ثلث كل واحد منهم قد عتق ويبقى الثلثان، وإنما جزأهم وأقرع بينهم، ومن خرجت له القرعة وهم اثنان من الستة فيعتقان والباقون يبقون على الرق.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته ولم يكن له مال غيرهم...)


قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد بن زيد ]. حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب ]. أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي قلابة ]. أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي المهلب الجرمي ]. أبو المهلب الجرمي هو عم أبي قلابة وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. عن عمران بن حصين أبو نجيد رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو كامل حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن مختار - حدثنا خالد عن أبي قلابة بإسناده ومعناه، ولم يقل: فقال له قولاً شديداً ]. أورد أبو داود حديث عمران بن حصين من طريق أخرى، وهو بمعنى الذي قبله، وليس فيه: أنه قال له قولاً شديداً، وأغلظ له الكلام لكونه تصرف هذا التصرف الذي فيه حرمان الورثة. قوله: [ حدثنا أبو كامل ]. أبو كامل الجحدري فضيل بن حسين ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن المختار - ]. عبد العزيز بن المختار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن خالد ]. خالد بن مهران الحذاء ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي قلابة ]. مر ذكره. [ بإسناده ومعناه ]. يعني: إسناده عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين أبي نجيد.
شرح حديث (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته...) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية حدثنا خالد بن عبد الله -هو الطحان- عن خالد عن أبي قلابة عن أبي زيد رضي الله عنه: أن رجلاً من الأنصار بمعناه، وقال -يعني: النبي صلى الله عليه وسلم-: (لو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن في مقابر المسلمين) ]. وهذا الحديث من طريق أبي زيد أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عمرو بن أخطب، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذا الذي عمل هذا العمل: (لو شهدته قبل أن يدفن ما دفنته في مقابر المسلمين)، وهذا من إغلاظ القول في حقه، وفي الطريق الأولى قال: (فقال له قولاً شديداً)، وكأن هذا تفسير للإغلاظ الذي جاء مجملاً في الرواية السابقة في كونه قال له قولاً شديداً. وهذا فيه بيان سوء فعله وأنه فعل قبيح، لكن لا يكون كافراً بذلك، وإنما هو جائر وغير عادل وغير محسن إلى ورثته، ولا يكون كافراً؛ لأن كل من لم يكن من أهل الشرك والكفر بالله عز وجل فهو من أهل الذنوب والمعاصي، وأهل الذنوب والمعاصي أمرهم إلى الله عز وجل، لكن هذا فيه تغليظ القول في حقه، وبيان أن عمله قبيح وسيئ.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته...) من طريق ثالثة


قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ]. وهب بن بقية الواسطي ، ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا خالد بن عبد الله هو الطحان ]. خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن خالد عن أبي قلابة عن أبي زيد ]. خالد وأبو قلابة مر ذكرهما، وأبو زيد هو عمرو بن أخطب، وهو صحابي، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
شرح حديث (أن رجلاً أعتق ستة أعبد موته...) من طريق رابعة، وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق وأيوب عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: (أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته، ولم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرقّ أربعة) ]. أورد أبو داود حديث عمران بن حصين من طريق أخرى، وهو مثل الطريق الأولى. قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق ]. يحيى بن عتيق ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم و أبو داود و النسائي . [ وأيوب ]. أيوب مر ذكره. [ عن محمد بن سيرين ]. محمد بن سيرين البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمران بن حصين ]. عمران بن حصين مر ذكره. يلاحظ أنه في حديث أبي زيد قال: (لو شهدته قبل أن يدفن)، ومعنى ذلك: أنه مات ودفن، بينما في الأحاديث الأخرى المتقدمة أنه قال له قولاً شديداً، ويجمع بينهما بأنه أغلظ عليه القول، ولما علم بموته وأنه دفن في مقابر المسلمين قال فيه هذا القول.
ما جاء فيمن أعتق عبداً وله مال


شرح حديث (من أعتق عبداً وله مال فمال العبد له إلا أن يشترط السيد)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن أعتق عبداً وله مال. حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني ابن لهيعة والليث بن سعد عن عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن الأشج عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أعتق عبداً وله مال فمال العبد له إلا أن يشترطه السيد) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [ باب من أعتق عبداً وله مال ]، ومعلوم أن العبد ماله لسيده وأما هو فلا يملك، وما بحوزته هو ملك لسيده، كما أنه أيضاً ملك لسيده، وقد سبق أن مر الحديث: (من ابتاع عبداً وله مال فماله لبائعه، إلا أن يشترط المبتاع). قوله: (وله مال) يعني: في يد وحوزة ذلك العبد، أو مكن منه للانتفاع به، كأن يكون مثلاً أسكن في بيت وله أثاث يستفيد منه فهو لسيده. قوله: (ما لم يشترط المبتاع)، فالعبد لا يملك، وملكه إنما هو ملك لسيده، فهو يكون للبائع إلا أن يشترط المبتاع، وهنا قال: (من ابتاع عبداً وله مال) يعني: بيده وبحوزته، (فماله له، إلا أن يشترط السيد)، يعني: المال للعبد، وقيل: إن المقصود بهذا الندب والاستحباب، وأنه كان ينبغي للسيد أن يسامحه وأن يحسن إليه عند إعتاقه؛ لأن كونه يخرج من الرق وبيده شيء قد أحسن إليه السيد به خير من كونه يعتقه ثم يخرج خالي اليدين وليس معه شيء، فمن تمام الإحسان أن يحسن إليه ويمتعه ويعطيه ما يستمتع به ويستفيد منه، فإذاً يكون: (فماله له) أي: للعبد على سبيل الندب للسيد. قوله: (إلا أن يشترط السيد) بأن يقول: المال لي، ولا يوافق على إعطائه إياه، فإنه حينئذٍ يكون للسيد، ولكن كونه يصير للعبد يكون منحة من السيد، فهذا من تمام الإحسان، وهذا هو الذي ينبغي، وهو خير من كونه يعتقه ثم يذهب خالي اليدين وليس بيده شيء.

تراجم رجال إسناد حديث (من أعتق عبداً وله مال فمال العبد له إلا أن يشترطه السيد)


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا ابن وهب ]. عبد الله بن وهب ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني ابن لهيعة ]. ابن لهيعة صدوق اختلط، ورواية العبادلة الأربعة ومنهم عبد الله بن وهب معتبرة، فهم سمعوا منه قبل الاختلاط وقبل احتراق كتبه، فتكون رواية هؤلاء معتبرة. وعبد الله بن لهيعة أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ والليث بن سعد ]. الليث بن سعد ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله بن أبي جعفر ]. عبيد الله بن أبي جعفر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بكير بن الأشج ]. بكير بن عبد الله بن الأشج ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ما جاء في عتق ولد الزنا


شرح حديث (ولد الزنا شر الثلاثة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في عتق ولد الزنا. حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا جرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ولد الزنا شر الثلاثة). وقال أبو هريرة : لأن أمتع بسوط في سبيل الله عز وجل أحب إلي من أن أعتق ولد زنية ]. أورد أبو داود : [ باب في عتق ولد الزنا ]، العتق كما هو معلوم يكون للمسلم وللكافر، ويكون للطيب والرديء، ويكون للصالح والطالح، وولد الزنا هو أحد هؤلاء، فقد يكون صالحاً ويحصل له العتق، وقد يكون فاسقاً ويحصل له العتق، والكافر أيضاً كذلك يعتق، فالمقصود: أن العتق يحصل على كل مسلم سواء كان صالحاً أو طالحاً. وأورد المصنف حديث أبي هريرة قال: (ولد الزنا شر الثلاثة)، والثلاثة هم: الزاني والزانية والولد الذي تحدر منهما، فقيل: إن معنى شر الثلاثة إذا كان على طريقتهما وعلى منهجهما، وقيل: إنه شر لأنه حصل من ماء حرام ومن لقاء حرام، وتكون من نطفة خبيثة. لكن كما هو معلوم أنه ليس مؤاخذاً على ما حصل وإنما المؤاخذة على الزاني والزانية، وأما الولد فلا دخل له ولا ذنب له ولم يكن متسبباً في شيء، وإنما هو نتيجة لأمر حرام، ولكن قد يكون حال من كان كذلك أنه يغلب عليه الخبث، لكن هذا لا يعني أن كل من كان كذلك فإنه يكون كذلك، فمن أولاد الزنا من يكون فيه خير وصلاح وتقى، ومنهم من يكون بخلاف ذلك. إذاً: فالأصل أنه شر إذا كان مثل أبويه، وكان على طريقة أبويه واقتدى بهما وسار على منهاجهما في فعل الفاحشة؛ فإنه يكون شر الثلاثة، وقد ذكر صاحب عون المعبود حديثاً: (ولد الزنا شر الثلاثة إذا عمل عمل أبويه)، رواه أحمد في المسند، فلا أدري هل هذا اللفظ من الحديث أم لا؟ فإذا كان من الحديث فلا إشكال، وقد جاء عن بعض العلماء أنه قال هذا، فلا أدري هل هو ثابت أو مدرج، فإذا كان ثابتاً زال الإشكال ولا يحتاج إلى أن يبحث عن تفسيره وتأويله، ويحتمل أن يكون المعنى: أنه شر حيث ولد من نطفة خبيثة، ولكن هذه النطفة قد يكون صاحبها سليماً فلا يضره ذلك، وقد يكون خبيثاً فيكون ناشئاً ومتولداً من خبث. وقيل أيضاً: بأن ولد الزنا ورد فيه حديث يتعلق بأنه لا يدخل الجنة، ولكن هذا يحمل على ما إذا كان ملازماً لهذا الشيء، ومتلبساً به لتمكنه منه، وذلك مثل ابن السبيل، فما سمي ابن السبيل كذلك إلا لملازمته إياه، وهذا لملازمته للزنا. وقول أبو هريرة: [ لأن أمتع بسوط في سبيل الله ] يعني: يعطي ويعين أحداً يجاهد في سبيل الله بسوط خير من أن يعتق ولد الزنا، وفيه إشارة إلى قلة الفائدة من إعتاقه، وذلك فيما إذا كان على منهاج وطريقة أبويه؛ إذ يكون فيه الخبث، فإعتاقه لا تحصل منه الفائدة المرجوة الكبيرة، وأن سوطاً ينفق في سبيل الله ويجاهد به في سبيل الله خير من عتق من يكون هذا شأنه.
تراجم رجال إسناد حديث (ولد الزنا شر الثلاثة)


قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى ]. إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا جرير ]. جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهيل بن أبي صالح ]. سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبو صالح السمان ذكوان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً.
من أحكام ولد الزنا


قد يتبادر إلى الذهن سؤال، وهو: أننا ذكرنا في قضية العتق جواز عتق حتى الكافر، وكذلك هنا بوب المصنف فقال: [ باب في عتق ولد الزنا ]، فهل هذا في الكفارة أم في عتق التطوع؟ والصحيح أنه في عتق التطوع، وأما ولد الزنا فهو موصوف بالإيمان، فيكون أيضاً في الكفارة، وإنما ذلك الكافر وأما ولد الزنا فهو مسلم، وحيث يكون مسلماً وليس بكافر فإن حكمه حكم المسلمين؛ لأن قوله: (رقبة مؤمنة)، أي: غير كافرة، وليس المقصود بذلك أنه يكون صالحاً تقياً، وأنه إن كان فيه فسق لا يعتق، وإنما هو مقابل الكافر، وشرط الإيمان يخرج الكافر لا الفاسق؛ لأن الفاسق مؤمن ناقص الإيمان. وأما الدليل على جواز عتق الكافر، فما جاء من الإطلاق في العتق.
ما جاء في ثواب العتق


شرح حديث (أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في ثواب العتق. حدثنا عيسى بن محمد الرملي حدثنا ضمرة عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الغريف بن الديلمي قال: أتينا واثلة بن الأسقع رضي الله عنه فقلنا له: حدثنا حديثاً ليس فيه زيادة ولا نقصان، فغضب وقال: إن أحدكم ليقرأ ومصحفه معلق في يده فيزيد وينقص، قلنا: إنما أردنا حديثاً سمعته من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صاحب لنا أوجب -يعني: النار- بالقتل فقال (أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النا) ]. ثم أورد أبو داود باب في ثواب العتق، وهو أن المعتق يجزيه الله عز وجل بأن يعتق منه من النار بكل عضو منه عضواً من أعضائه، ومعنى ذلك: أن ثوابه عظيم؛ لأن فيه النجاة والسلامة من النار، وأن كل عضو من أعضاء المعتق الذي حصل له الحرية في الدنيا يجازي الله عز وجل المعتق بأن يعتق كل عضو منه من النار, وهذا من باب الجزاء من جنس العمل، فكما أنه في الدنيا أعتق هذا الشخص واستفاد من حريته فإن الله عز وجل يجازي المعتق بأن يخلصه من النار، وأن يكون كل جزء منه قد سلم من النار في مقابل تلك الأجزاء التي هي في العبد الذي حرره وأعتقه, فهذا يدل على فضله. وقد أورد أبو داود حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في صاحب لهم قد أوجب فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أعتقوا عنه يعتق الله به كل عضو من أعضائه من النار)، والحديث في إسناده ضعف؛ لأن فيه الغريف وهو مقبول، لكن العتق من النار بسبب الإعتاق جاء في أحاديث ثابتة عن رسول صلى الله عليه وسلم سيذكر المصنف بعضها. قوله: [ قال: أتينا الرسول صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا أوجب -يعني: النار- بالقتل ] يعني: كأنه قتل عمداً وليس خطأ، ومعلوم أن القتل الذي جاء فيه الكفارة والدية هو القتل الخطأ, وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً [النساء:92]، ثم ذكر التفصيل في ذلك: بأن يكون مؤمناً قتل مؤمناً، أو قتل مؤمناً من قوم كفار محاربين، أو أنه قتل شخصاً من قوم معاهدين، أي: كافر من قوم كفار، فتلزم فيه الدية والكفارة وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء:92]. وهو يقصد القتل العمد، والقتل العمد كما هو معلوم ليس مثل القتل الخطأ الذي يكون فيه دية مخففة، وأصحاب القتيل عمداً لهم أن يأخذوا الدية، ولهم أن يأخذوا ما يريدون ولو طلبوا مبلغاً كبيراً أضعاف الدية؛ لأن بيدهم القتل أو ما يقوم مقامه مما يرضون به ولو بلغ ما بلغ في الكثرة.
تراجم رجال إسناد حديث (أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار)


قوله: [ حدثنا عيسى بن محمد الرملي ]. عيسى بن محمد الرملي ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا ضمرة ]. ضمرة بن ربيعة الفلسطيني وهو صدوق يهم قليلاً، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن إبراهيم بن أبي عبلة ]. إبراهيم بن أبي عبلة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن الغريف بن الديلمي ]. الغريف بن الديلمي مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن واثلة ]. واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا الإسناد فيه ضعف. فائدة: ذكر الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (2/308 رقم907) أن: الغريف لقب له، واسمه عبد الله، وقال: هي فائدة لا تجدها في كتب الرجال. قوله: (يعتق الله بكل عضو منه عضواً من النار)، هذا في الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة، وأما الرجل بالنسبة للنساء فإنه يكون فكاكه في إعتاق امرأتين، وإعتاق المرأة لرجل أو امرأة يكون فيه فكاكها.
ما جاء في أي الرقاب أفضل



شرح حديث (... أيما رجل أعتق رجلاً مسلماً فإن الله جاعل وقاء كل عظم...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب أي الرقاب أفضل. حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أبي نجيح السلمي رضي الله عنه قال: حاصرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقصر الطائف، قال معاذ : سمعت أبي يقول: بقصر الطائف بحصن الطائف كل ذلك، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول (من بلغ بسهم في سبيل الله عز وجل فله درجة) وساق الحديث. وسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول (أيما رجل مسلم أعتق رجلاً مسلماً فإن الله عزوجل جاعل وقاء كل عظم من عظامه عظماً من عظام محرره من النار، وأيما امرأة أعتقت امرأة مسلمة فإن الله جاعل وقاء كل عظم من عظامها عظماً من عظام محررها من النار يوم القيام) ]. أورد المصنف: [ باب أي الرقاب أفضل ] يعني: أي الرقاب يكون عتقها أفضل، ومعلوم أن عتق الرجال فيه فائدة كبيرة تختلف عن النساء من جهة ما عندهم من القدرة والفائدة التي تحصل من الرجال في الأمور المطلوبة منهم، وأيضاً من ناحية أن الرجل إذا أعتق الرجل يكون فكاكه من النار، وأنه إذا اعتق امرأتين يكن فكاكه من النار، بمعنى: أنه لو أعتق امرأة لا يكون فيها فكاكه من النار، فتكون دون إعتاق الرجل، فهذا يدلنا على أن إعتاق الرجل أكمل وأفضل من إعتاق المرأة؛ لأنه جاء ما يدل على أن عتق امرأتين يعادل عتق رجل واحد, وهو يدل على تفضيل عتق الرجال على النساء. وقد أورد أبو داود حديث أبي نجيح السلمي عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: [ حاصرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقصر الطائف أو حصن الطائف ]. يعني: هذا أو هذا. فقال: (من بلغ بسهم في سبيل الله)، يعني: بلغ الغاية والقصد من إرساله، بمعنى: أنه حصل فيه النكاية بالعدو، وأثر فيهم، فله درجة ومنزلة في الجنة. [ ثم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أيما رجل مسلم أعتق رجلاً مسلماً فإن الله عز وجل جاعل وقاء كل عظم من عظامه عظماً من عظام محرره من النا) ]. يعني: أن الرجل إذا اعتق الرجل يكون فيه فكاكه من النار، وهذا فيه تنصيص على المسلم، بينما الحديث ا لسابق فيه: (يعتق الله بكل عضو منه عضواً من النار). ولا شك أن هذا العتق في حق المسلم، وأما الكافر فهل يكون له ذلك؟ لا شك أنه يؤجر، لكن هذا ورد فيه التقييد بأنه مسلم، وهو الذي نفعه أكمل، وعتقه أتم وأفضل.
تراجم رجال إسناد حديث (... أيما رجل أعتق رجلاً مسلماً فإن الله جاعل وقاء كل عظم...)


[ حدثنا محمد بن المثنى ]. محمد بن المثنى أبو موسى العنزي الملقب بالزمن ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة, وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا معاذ بن هشام ]. معاذ بن هشام صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني أبي ]. أبوه هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة [ عن سالم بن أبي الجعد ]. سالم بن أبي الجعد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معدان بن أبي طلحة اليعمري ]. معدان بن أبي طلحة ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي نجيح السلمي ]. أبو نجيح السلمي صحابي، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
شرح حديث (من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بقية حدثنا صفوان بن عمرو حدثني سليم بن عامر عن شرحبيل بن السمط رضي الله عنه أنه قال لعمرو بن عبسة رضي الله عنه: حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول (من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداؤه من النار) ]. أورد أبو داود حديث عمرو بن عبسة من طريق أخرى، وهناك ذكره بالكنية وهنا ذكره بالاسم، وهو صحابي واحد، وقد طلبوا منه أن يحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً، فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداؤه من النا)، ولفظ الرقبة عام فيشمل الذكور والإناث, لكن جاء فيما يتعلق بالإناث بأن إعتاق الرجل لاثنتين يكون بهما فكاكه من النار. [ حدثنا عبد الوهاب بن نجدة ]. عبد الوهاب بن نجدة ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا بقية ]. بقية بن الوليد صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [ حدثنا صفوان بن عمرو ]. صفوان بن عمرو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثني سليم بن عامر ]. سليم بن عامر ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن شرحبيل بن السمط ]. شرحبيل بن السمط قال له وفادة على النبي صلى الله عليه وسلم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عمرو بن عبسة ]. عمرو بن عبسة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
شرح حديث (أيما رجل أعتق رجلاً مسلماً...) من طرق أخرى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن شرحبيل بن السمط أنه قال لكعب بن مرة أو مرة بن كعب رضي الله عنه: حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكر معنى معاذ إلى قوله: (وأيما امرئ أعتق مسلماً، وأيما امرأة أعتقت امرأة مسلمة) زاد: [ وأيما رجل أعتق امرأتين مسلمتين إلا كانتا فكاكه من النار، يجزى مكان كل عظمين منهما عظم من عظامه. قال أبو داود : سالم لم يسمع من شرحبيل ، مات شرحبيل بصفين ]. أورد أبو داود حديث كعب بن مرة أو مرة بن كعب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من اعتق، مثل الأول ثم زاد: (وأيما رجل اعتق امرأتين مسلمتين إلا كانتا فكاكه من النار، يجزى بكل عضوين من أعضائهما عضواً له حتى يخلص من نار جهنم)) وهذه المسألة إحدى المسائل الخمس التي النساء فيها على النصف من الرجال, لأنه قد ورد في الكتاب والسنة أن النساء على النصف من الرجال في خمسة أمور, الأول: الميراث، فللذكر مثل حظ الأنثيين. والثاني: العتق, فالرجل إذا اعتق امرأتين يكون فكاكه بذلك من النار, والثالث: الشهادة, فإذا لم يكن هناك رجلان فرجل وامرأتان, والرابع: الدية, فدية المرأة على النصف من دية الرجل, والخامس: العقيقة, فعن الغلام شاتان وعن الجارية شاة واحدة. فهذه المسائل الخمس النساء فيهن على النصف من الرجال. والحديث قال أبو داود فيه: إن سالم بن أبي الجعد لم يسمع من شرحبيل . لكن قد جاء الحديث عند الترمذي عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه ذكره الحافظ في البلوغ، وفيه أن إعتاق جاريتين يكون بهما فكاك المعتق لهما من النار, فيكون هذا الذي أشار إليه أبو داود من ناحية الانقطاع وعدم السماع, وله شاهد من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.
تراجم رجال إسناد حديث (أيما رجل أعتق رجلاً مسلماً...) من طرق أخرى


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر النمري أخرج حديثه البخاري و أبي داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن مرة ]. عمرو بن مرة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم بن أبي الجعد عن شرحبيل بن السمط أنه قال لكعب بن مرة أو مرة بن كعب ]. كعب بن مرة أو مرة بن كعب صحابي أخرج له أصحاب السنن.
ما جاء في فضل العتق في الصحة


شرح حديث (مثل الذي يعتق عند الموت كمثل الذي يهدي إذا شبع)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في فضل العتق في الصحة. حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي حبيبة الطائي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسل (مثل الذي يعتق عند الموت كمثل الذي يهدي إذا شبع) ]. أورد أبو داود باب في فضل العتق في الصحة، يعني: كون الإنسان يعتق في حال صحته وعافيته وليس مشرفاً على الهلاك ترخص عنده الدنيا فيعتق، لكن الأفضل أن يعتق في وقت تكون الدنيا غالية عنده، وكان حريصاً يأمل الحياة ويخشى الفقر, فهذا هو الذي تكون الصدقة الإعتاق فيه أفضل من غيره. وقد أورد أبو داود حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال صلى الله عليه وسلم: (مثل الذي يعتق عند الموت كمثل الذي يهدي إذا شبع)، والذي يهدي وهو جائع لا شك أنه أكمل وأفضل من الذي يهدي وهو شبعان، ومعلوم أن كون الإنسان يهدي وهو شبعان فهذا شيء جيد، ولكن المقصود منه الترغيب في أن الإنسان يعتق وينفق في حال الصحة وهو يأمل الحياة ويخشى الفقر، فهذا هو الذي يكون أفضل وأكمل، وإلا فإن كون الإنسان يهدي أويتصدق بعد ما يشبع فلا شك أن هذا شيء جيد ولكن أجود منه وأحسن كونه ينفق في حال صحته وعافيته وأمله في الحياة، وخوفه من الفقر. والحديث في إسناده أبو حبيبة وفيه كلام، ولكن معناه صحيح.
تراجم رجال إسناد حديث (مثل الذي يعتق عند الموت كمثل الذي يهدي إذا شبع)


قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. محمد بن كثير العبدي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سفيان ]. هو ابن سعيد بن مسروق الثوري وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق ]. أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي حبيبة الطائي ]. أبو حبيبة الطائي مقبول أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أبي الدرداء ]. أبو الدرداء عويمر رضي الله عنه وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة



أفضلية عتق عبد كامل الأعضاء


السؤال: هل في هذه الأحاديث تفضيل تقديم عتق من كان كامل الأعضاء على غيره؟ الجواب: لا شك في ذلك؛ لأن هذا ينفع ويحصل فيه النفع أكمل من غيره.

جواز عتق عبد ناقص الأعضاء

السؤال: إذا كان العبد ينقصه عضو من أعضائه فهل لا يجعل هذا العضو وقاء من النار لمعتقه؟ الجواب: هذا فيه خير، لكن الأكمل والأحسن هو الذي يحصل به الأجر والثواب عند الله.

حكم من أعتق مدبراً أكثر من ثلث ماله


السؤال: من أعتق عبداً مدبراً أكثر من ثلث ماله هل يعتق أم يجزّأ بين الحرية والرق؟ الجواب: مر بنا أن الرسول باعه وأعطى المال لصاحبه الذي ليس له مال، وقال له: (أنت أحق به).

جواز عتق ولد الزنا الغير صالح


السؤال: هل يجوز إعتاق ولد الزنا الغير صالح؟ الجواب: يجوز.

حكم عتق الرقاب غير المؤمنة


السؤال: لماذا لا يحمل المطلق على المقيد في إعتاق الرقبة فإنها قيدت في أحاديث كثيرة وفي القرآن بأنها مؤمنة أو مسلمة؟ الجواب: جاء الإطلاق وجاء التقييد, ولا شك أن إعتاق الرقبة المؤمنة هو الأفضل، والذي تبرأ به الذمة من ناحية الكفارة، وأما العتق فيجوز عتق الكافر، وقد يكون المن على كافر بالعتق سبباً لإسلامه.

نسبة ولد الزنا


السؤال: رجل زنا بامرأة غير محصنة وهي كارهة فولدت ثم تزوج بها رجل آخر، هل يعد ولدها عبداً لزوجها الثاني؟ الجواب: ليس له أن يتزوجها وهي حامل، وإنما يتزوجها إذا خلا بطنها ولم يكن فيها حمل، وهذا يقال له: ولد زنا, وهو ليس للزاني ولا للزوج الجديد.

حال زيادة (ولد الزنا شر الثلاثة إذا عمل عملهم)


السؤال: ذكر الشيخ الألباني رحمه الله أن زيادة (إذا عمل عملهم) من قوله: (ولد الزنا شر ثلاثة إذا عمل عملهم) أنها من أحد الرواة، وهي تفسير منه للحديث؟ الجواب: لكن هذا الذي ذكر أنه جاء في مسند الإمام أحمد إذا كان الإسناد صحيحاً وأنه لا شيء يفيد الإدراج، فهذا يزيل الإشكال ولا يحتاج معه إلى التأويل، ولكن لا أدري عن ثبوتها وعن كونها غير مدرجة. والسند في (العون) هو: وفي مسند أحمد من طريق إبراهيم بن عبيد بن رفاع عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولد الزنا شر الثلاثة إذا عمل عمل أبويه)، وفي معجم الطبراني من حديث ابن عباس مرفوعاً مثله. وفي سنن البيهقي عن الحسن قال: [ إنما سمي ولد الزنا شر الثلاثة أن امرأة قالت له: لست لأبيك الذي تدعى له فقتلها، فسمي شر الثلاثة ] قاله السيوطي في مرقاة الصعود. وهذا إذا ثبت يكون في شخص واحد حصل منه ما حصل لما قيل له ما قيل، لكن الأحاديث جاءت مطلقة، فتحمل على أنه إذا كان مثلهما أو عمل عملهما؛ لأنه متولد من ماء خبيث فصار فيه الخبث، فيكون أخبث منهما؛ لأن منبته خبيث وماءه الذي خرج منه خبيث، وهو بخلافهما فإنهما من ماء طيب ومن نكاح لا من سفاح وهو من سفاح فيكون شرهما إذا كان مثلهما، فيصير زائداً عليهما.


حكم التصدق عن قاتل نفسه


السؤال: هل يستحب التصدق أو الإعتاق عمن قتل، أو تسبب في قتل نفسه؟ الجواب: الذي قتل نفسه لا شك أنه عاص، والإحسان إليه والصدقة عنه والدعاء له ينفعه كما ينفع سائر المسلمين.

وصول ثواب الصدقات لغير الوالدين


السؤال: وصول ثواب العمل إلى الميت من غير الوالدين هل هو خاص بالعتق، أو عام مع أن الأدلة واردة في وصول ثواب الابن الذي يهدي إلى أبويه؟ الجواب: كون الإنسان ينفع والديه وغير والديه لا بأس به، وقد ورد في حق غير الوالدين ما يدل عليه, فإذا جاء ذلك فيما يتعلق بقضية شخص سأل عن أمه وأبيه وأجيب بذلك دل على أنه تدخله النيابة، وأنه يجوز أن يبذل مثل هذا لشخص ميت, فلا بأس بأن يتعدى إلى الغير وينتفع به الغير ولا يكون الحكم مقصوراً على القريب فقط، فما دام أن الإجابة سائغة وأن ذلك ينفع فإن ذلك يجوز للقريب وللبعيد.

فداء المؤمن بكافر يوم القيامة


السؤال: هل ورد أنه يأتى بمن وجبت له النار من المسلمين يوم القيامة فيعطى كافراً ليرمي به في جهنم فيقال هذا فكاكك من النار؟ الجواب: نعم ورد هذا في حديث.

فك الأسير


السؤال: إذا أخذ العدو أسيراً من المسلمين وأرادوا مالاً لكي يخلون سبيله، فدفع أحد المسلمين مالاً لكي يسلموا هذا الرجل, فهل هذا العمل يعتبر عتقاً؟ الجواب: لا يعتبر عتق رقبة؛ لأنه لم ينقلها إلى الحرية، ولكن هذا فداء وتخليص من ولاية الكفار، ولا شك أن فيه أجراً عظيماً، لكن لا يقال له عتق، ولا يجزي في الكفارة.

تقديم إرث النسب على الولاء


السؤال: إذا اشترى رجل أمه وهي من ذوات المحارم فإنها تعتق بعد الشراء مباشرة, السؤال: هل يرث هذا الرجل المرأة على صفة أنه المعتق؟ الجواب: ويرثها بالنسب, والنسب مقدم على الولاء، والولاء لا يورث به إلا إذا علم الميراث الذي قبله الذي هو العصوبة وصلة النسب. ويمكن أن تجتمع في الإنسان الصفات الثلاث، فلو أن إنساناً وجد ابنة عمه رقيقة فاشتراها وأعتقها وتزوجها ثم مات فإن أسباب الإرث كلها موجودة فيه: فهو ابن عم من النسب، وهو زوج، وهو معتق, فميراثه يكون بالفرض والتعصيب، فالنصف فرضاً والباقي تعصيباً.

حكم الإحرام بالعمرة وتأخير أداء المناسك


السؤال: رجل ذهب إلى مكة في آخر يوم من شعبان، وأحرم من الميقات في آخر اليوم، ثم أخر العمرة إلى يوم من رمضان، فهل ينال أجر العمرة في رمضان؟ وآخر يقول: أريد أن أسافر إلى مكة ليلة الخميس لأداء العمرة، ولكن أريد أن أمكث في مكة حتى صباح الجمعة، ثم أؤدي مناسك العمرة، فهل يجوز لي هذا أن أمكث؟ الجواب: العمرة في رمضان حيث يكون الإحرام في رمضان, وحرص الإنسان على أن يعمل عملاً صالحاً في رمضان جيد, لكن العمرة ما حصلت في رمضان وحصلت في شعبان، وما دام أن الإحرام قد حصل في شعبان فلا يقال: إن العمرة في رمضان بل تكون في رمضان إذا حصل الإحرام في رمضان. وأما إذا خرج من خارج المواقيت وجاء إلى المدينة أو ذهب إلى الرياض ورجع فإنه يأتي بعمرة أخرى له أو لغيره.

حكم إخراج الدائن الزكاة كسداد دين عن المدين المعسر


السؤال: رجل عليه مبلغ خمسة آلاف ريال دين لأحد الأشخاص والمدين معسر ومفلس وممن تجب له الزكاة، فهل لصاحب الدين أن يخرج هذا المبلغ يحسبه من زكاة ماله ويتصدق به على المدين، وهل يبلغه بذلك، علماً أن هذا المبلغ من ثمان سنوات؟ الجواب: ليس له أن يسدد الدين عن الزكاة، ولا أن يكون تحصيل الدين عن طريق الزكاة؛ لأن معنى ذلك أنه يستوفي بالزكاة وهذا لا يجوز، ولكن هذا المعسر أعطه هو من زكاة مالك الذي عندك لأنه معسر يحتاج إلى صدقة, أما كونك توقت الزكاة عليه وتقول: أنا خلاص أخصمها ويكون معنى ذلك أني استوفيت الدين، فهذا لا يصلح, بل يعطيه من الزكاة والدين يبق في ذمته، وإن سامحه فذلك خير؛ لأن الله قال: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ)[البقرة:280]، يعني: يتصدقوا بالمسامحة والإحسان إلى الفقير فذلك خير, فالإنسان لا يحصل ويستوفي دينه عن طريق الزكاة فهذا لا يجوز.

حكم من أخر طواف الإفاضة والسعي والوداع


السؤال: امرأة حجت وأخرت طواف الإفاضة والسعي مع الوداع وهي مفردة, وقد طافت على غير طهارة, فماذا يجب عليها الآن، علماً أن هذا الأمر قد حصل قبل سنوات؟ الجواب: الواجب عليها أنها ترجع إلى مكة وتطوف طواف الإفاضة الذي عليها والسعي أيضاً إذا كان لم يحصل قبل الحج, فإذا كانت ما سعت قبل الحج فإنها تطوف وتسعى؛ لأن عليها الطواف والسعي، ولكن إذا كان لها زوج وقد جامعها فإنه يكون عليها فدية وهي شاة تذبح بمكة وتوزع على فقراء الحرم؛ لأن الجماع حصل قبل التحلل الثاني.

درجة حديث (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)


السؤال: ما حال حديث: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)؟ الجواب: هذا الحديث ثابت.


حكم اتفاق الورثة على عطية غير وارث من إرث مختلط بالحرام


السؤال: إذا توافق ورثة الميت أن يعطوا قطعة الأرض لأحد غير الورثة هل عليه أن يقبل ذلك الإعطاء؛ علماً أن الميت كان كسبه مختلطاً بين الحلال والحرام؟ الجواب: إذا كان الغالب على ماله الحلال فلا بأس، وإن كان الغالب على ماله الحرام فالابتعاد عنها هو الأولى.

حكم اعتكاف النساء في المسجد


السؤال: هل اعتكاف النساء في الحرم النبوي أفضل أم جلوسهن في بيوتهن، مع ذكر الدليل؟ الجواب: جلوسهن في بيوتهن أفضل ولا شك؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة المرأة في بيتها أفضل), إلى آخر الحديث الذي ورد في أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المساجد, ولكنها لا تمنع من المساجد إذا أرادت، ومعنى ذلك: أن بقاءها في بيتها وعدم مجيئها إلى المسجد أفضل لها, ولكن الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد ولا يكون في البيوت, فإذا أرادت أن تعتكف فلها ذلك، كما أن لها أن تأتي وتصلي ولكن بيتها أفضل لها.

درجة حديث (لا يقول أحدكم عبدي...)


السؤال: ما درجة حديث (لا يقول أحدكم: عبدي، ولكن ليقل: غلامي)؟ الجواب: هو صحيح.

حكم الدخول بالمرأة قبل الزفاف والوليمة

السؤال: رجل عقد على امرأة، فهل يجوز له أن يدخل بها قبل أن يولم، وقبل أن يكون حفل الزفاف؟ الجواب: هذا جائز، ولكن الأولى أن يكون الدخول بعد الإعلان، وأما لو خلا بها واتصل بها قبل أن يحصل الإعلان فإنه دخول زوج على زوجته، فهما يتوارثان، والزوجية حاصلة وقائمة في العقد، ولو مات أحدهما ورثه الآخر."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-07-2025, 07:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,905
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [446]
الحلقة (478)




شرح سنن أبي داود [446]

أنزل الله عز وجل كتابه على سبعة أحرف تخفيفاً على عباده، ثم لما اجتمع شمل العرب كانت القراءات التي هي مأخوذة من تلك الأحرف، وقد جمع عثمان رضي الله عنه الأمة فيما بعد على قراءة واحدة.
ما جاء في الحروف والقراءات


شرح حديث (أن النبي قرأ (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أول كتاب الحروف والقراءات: باب. حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حاتم بن إسماعيل ح وحدثنا نصر بن عاصم حدثنا يحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125] ].
الفرق بين الحرف والقراءة في القرآن

قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ أول كتاب الحروف والقراءات ] فهناك أحرف نزل بها القرآن، وكانت في أول الأمر من أجل التخفيف على الناس، وهنا قال أبو داود: الحروف والقراءات، فيحتمل أنه يريد بالحروف والقراءات الألفاظ المترادفة، ويحتمل: أن يكون المراد بالحروف الأحرف السبعة, لكن الأحرف السبعة سبق أن مرت في كتاب الوتر حيث عقد لها باباً، فقال: [ باب أنزل القرآن على سبعة أحرف ]، والأحرف والقراءات بينهما فرق, فالأحرف قيل فيها: إنها لغات أو لهجات؛ وذلك أن القرآن أول ما نزل نزل بلغة العرب، والعرب متشتتون متفرقون يسود بينهم الاختلاف والتناحر والتباعد، حتى أن بعضهم لا يكاد يعرف لغة غيره، وقد نزل القرآن في أول الأمر على أحرف -أي: على لغات- من أجل التخفيف على الناس والتسهيل والتيسير عليهم، ولكنه بعد ذلك وفي زمن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه قصر الناس على حرف واحد من الأحرف السبعة؛ وذلك أن الأحرف السبعة نزلت في الأول للتخفيف والتسهيل، وهي عدة لغات من لغات العرب، وبعد أن دخل الناس في الإسلام، ووحد الإسلام بين من دخل فيه من العرب، وصار العرب أمة واحدة، وذلت ألسنتهم، واتصل بعضهم ببعض، وعرف كل لغة الآخر، لم يكن هناك حاجة إلى بقاء هذه الأحرف؛ لما يترتب على ذلك من الاختلاف , فعثمان رضي الله عنه رأى أن من المصلحة ومن الفائدة عند جمعه للقرآن أن يقتصر على حرف واحد وهو حرف قريش أو لغة قريش وأحرق ما سوى ذلك, ومن المعلوم أنه لما كان نزوله أولاً من أجل التخفيف والمقصود الذي نزل من أجله القرآن على هذه الأحرف انتهى باتصال العرب بعضهم ببعض، وفهم بعضهم لغة الآخرين، فلغة قريش إذا اقتصر عليها أو على الحرف الذي نزل بها فإن بقية العرب يعرفون ذلك، وهذا من المصلحة والفائدة. وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين تسعة وتسعين دليلاً من أدلة سد الذرائع التي توصل إلى محذور، وجعل الدليل التاسع والتسعين من هذه الأدلة: جمع عثمان رضي الله عنه القرآن على حرف واحد؛ لأن البقاء عليها يؤدي إلى الاختلاف، وقد كان نزولها من أجل أنهم كانوا متفرقين، وبعد ذلك لم تكن هناك حاجة إلى بقائها، لذلك اقتصر على حرف واحد.
أمثلة للقراءات المتفقة مع رسم المصحف


وأما القراءات فهي موجودة ولم تنته، وهي موجودة في المصحف، ولهذا جاء رسم المصحف على وجه يشملها ويتحملها ويحتملها؛ وذلك أن الاختلاف بينها يكون بالنقط والشكل، فأما الاختلاف في النقط فمثل: (تعملون ويعملون)، وأما الشكل فمثل: (عجبتَ، وعجبتُ)، والحروف هي نفس الحروف: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ [الصافات:12], (بل عجبتُ ويسخرون)، فهذا إنما هو في الشكل مع بقاء الحروف على ما هي عليه، وقد كان رسم المصحف أولاً بدون نقط، والناس يعرفون ذلك، ولكن بعد ذلك احتيج إلى النقط، وصارت بعض القراءات لها هيئة في بعض المصاحف تختص بها، وكذلك القراءات الأخرى على هيئة أخرى، فيأتي في بعض المصاحف (تعملون) وفي بعضها (يعملون) في الموضع الواحد، وهذه قراءة وهذه قراءة، وقد يأتي بزيادة ألف أو نقص ألف، ولهذا جاء الرسم على وجه يحتمل القراءتين مثل: (قال) في سورة الزخرف: قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ [الزخرف:24]، وفي آخر سورة الأنبياء: قَالَ رَبِّ احْكُمْ ?بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [الأنبياء:112] وفي قراءة: (قل رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون)، فجاء رسم المصحف على وجه يستوعب القراءتين، بأن تكون القاف متصلة باللام في القراءتين كلها، ولكن عندما تأتي قراءة (قل) يجعل ضمة على القاف وسكون على اللام، وعندما تأتي قراءة (قال) يجعل فتحة على القاف واللام مفتوحة والقاف متصلة باللام، ولكن توضع ألف صغيرة بين القاف واللام تدل على المد وعلى أن فيها ألفاً، فلما رسمت القاف متصلة باللام أصبحت تحتمل قراءة (قل) وقراءة (قال)؛ لأن القاف متصلة باللام في قراءة قل، ولكن عند قراءة (قال) القاف مفتوحة وهناك ألف صغيرة بعدها ولا تكون ألفاً واقفة؛ إذ لو جاءت ألف واقفة لم يمكن أن تأتي قراءة (قل)، ولهذا فإنها في المواضع التي تأتي فيها فعل ماض مثل: قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:23]، فالقاف بعدها ألف واقفة واللام مفصولة؛ لأنه لا توجد قراءة سوى (قال)، لكن القراءة التي فيها (قال وقل) تأتي على هذه الهيئة وعلى هذا الرسم، ورسم القرآن يكون بهذه الطريقة، ولهذا لا يجوز أن يغير رسم المصحف، وبعض الناس ممن ليس لديهم فهم وإدراك ينادون بأن يكتب القرآن بالحروف الإملائية التي يتعارف عليها الناس، لكن هذه الكتابة على هذا الوضع لا يمكن معها الاحتفاظ بالرسم الذي يتحمل (قل)، فلا يجوز أن يغير رسم المصحف عما هو عليه، وإنما يبقى ويكون بذلك مستوعباً للقراءات، وقد يكون في بعضها زيادة حرف منفصل مثل (واو) أو ما إلى ذلك، ولكن هذا يكون في بعض المصاحف، ويكون الرسم الواحد لا يتحمل غيره، لكن في بعض المصاحف التي وزعها عثمان رضي الله عنه في الآفاق كل مصحف فيه قراءة أو إشارة إلى قراءات، فالرسم فيه زيادة (واو)، وزيادة (الواو) كما هو معلوم تختلف عن نقص (الواو). فعلى هذا فإن المراد بالحروف اللغات، وإن كان المراد بها القراءات فيكون من عطف الشيء على مثيله وعلى نظيره، وهو للتغاير اللفظي فقط مثل قول الشاعر: (وألفوا قولها كذباً وميناً) والمين هو الكذب، ولكن حصل العطف من أجل التغاير باللفظ مع الاتحاد في المعنى. أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]؛ وذلك في حجة الوداع، وهذا قطعة من حديث جابر الطويل، وهو أكمل حديث في صفة الحج، وقد أورده أبو داود في الحج، وهنا أورد هذه القطعة منه وهي قوله: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]، والآية فيها قراءتان: (واتخِذوا) بالأمر (واتخَذوا) بالماضي.
موافقات عمر للشرع وإلهاماته


جاء في بعض الروايات الصحيحة أن عمر رضي الله عنه هو الذي اقترح على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ من مقام إبراهيم مصلى, فنزل القرآن مطابقاً لما أشار به عمر رضي الله عنه، وهذه من المسائل التي يقولون عنها: موافقات عمر رضي الله عنه، أي: أنه يقول القول ثم ينزل القرآن مطابقاً له، فأطلق على ذلك موافقات عمر، وهي عديدة منها هذا الموضع. ومنها: اقتراحه على النبي عليه الصلاة والسلام أن يحجب نساءه، ومنها: عدم أخذ الفداء في أسارى بدر. وهذا مما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (قد كان في الأمم قبلكم محدثون؛ فإن يكن من أمتي أحد فإنه عمر)، والملهَم أو المحدَّث هو: من يقول الشيء فيكون مطابقاً للصواب وللحق، وهذا شأن عمر رضي الله عنه في هذه المسائل، وكذلك أيضاً كان يحصل منه الشيء فيأتي في السنة ما يدل عليه، ومن أمثلة ذلك أنه رضي الله عنه لما ذهب إلى الشام ولقيه أبو عبيدة بن الجراح وأمراء الأجناد في أثناء الطريق بعدما قرب من بلاد الشام فقالوا له: إن الطاعون قد وقع في الشام ولا نرى أن تدخل بالصحابة على الطاعون، فتعرضهم للفناء، وبعض الصحابة ومنهم أبو عبيدة كان يرى أنه يدخل ولا يرجع، فعمر رضي الله عنه استشار ثلاث طوائف من الناس، فقال لابن عباس: ادع لي المهاجرين، فجاء إليه المهاجرون واستشارهم وانقسموا قسمين: منهم من يقول: ادخل ولا تفر من قدر الله, ومنهم من يقول: لا تدخل بالصحابة على الطاعون فيكون ذلك سبباً في موتهم, فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي الأنصار، فدعا له الأنصار، فجاءوا إليه وسألهم، وأجابوا بجواب المهاجرين, وانقسموا قسمين، ثم قال: ادع لي مسلمة الفتح وهم الذين أسلموا عام الفتح وهاجروا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الفتح، فدعاهم فاستشارهم فاتفق رأيهم على أنه يرجع، ولم يختلفوا كما اختلف المهاجرون والأنصار، ثم ترجح عند عمر رضي الله عنه الرجوع، وقال: إني مصبح على ظهر، أي: إذا جاء الصباح أركب بعيري وأمشي, فأبو عبيدة وهو من الذين لا يرون الرجوع ويرون الدخول قال: أتفر من قدر الله يا أمير المؤمنين؟! قال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نفر من قدر الله إلى قدر الله, ثم أتى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وقد كان معهم ولكنه تغيب لحاجة من الحاجات، فجاء وعلم بالذي حصل من المشاورة، فقال: عندي فيها علم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا وقع الطاعون وأنتم في بلد فلا تخرجوا فراراً منه، وإن كنتم خارجها فلا تدخلوا عليه). فبلغ ذلك عمر فسر؛ لأن اجتهاده جاء مطابقاً لما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا مصداق ما جاء عن النبي الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه: (إن يكن في هذه الأمة منهم أحد فإنه عمر) والحديث صحيح. فالملهَم هو الذي يجري الصواب على لسانه، ويقول الشيء فيكون موافقاً للصواب، ولا يعني ذلك أنه إذا اختلف الصحابة مع عمر أن الحق يكون مع عمر دائماً وأبداً، فأحياناً قد يكون الحق والصواب مع غيره، ولكن عمر رضي الله عنه إصابته كثيرة، وموافقته للأدلة كثيرة خصوصاً فيما لم يبلغه فيه دليل واجتهد فيه، وقد يكون الحق مع غيره، وبعض المسائل يختلف فيها هو و أبو بكر وغيره من الصحابة فيكون الحق والصواب مع أبي بكر. وأورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125] ]. وهذه هي قراءة الجمهور، والقراءة الثانية وهي قراءة ثابتة وهي بالفتح على الماضي، وهذه بالأمر. والماضي إخبار عن أنهم اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى.
تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي قرأ (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) )


قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ]. عبد الله بن محمد النفيلي ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا حاتم بن إسماعيل ]. حاتم بن إسماعيل صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا نصر بن عاصم ]. نصر بن عاصم لين الحديث أخرج له أبو داود . [ حدثنا يحيى بن سعيد ]. يحيى بن سعيد القطان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. ومعلوم أن هذه الطريق فيها من هو لين الحديث، ولكن جاء الحديث من طريق أخرى وهي الأولى التي فيها عبد الله بن محمد النفيلي وهو ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن، فوجود من هو لين لا يؤثر لوجود موافق له في شيوخ أبي داود وهو عبد الله بن محمد النفيلي . [ عن جعفر بن محمد ]. وهو ابن محمد بن علي بن حسين الملقب الصادق ، وهو صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. محمد بن علي بن حسين ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما الصحابي ابن الصحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ويلاحظ أن المصنف رحمه الله لم يذكر إلا باباً واحداً بعد الكتاب بدون ترجمة، والباب مطلق، فكأنه باب واحد يتعلق بالقراءات وبيان القراءات، وكأنه لم يجعل أبواباً؛ لأنها كلها من نوع واحد وهو بيان اختلاف القراءات.
شرح حديث (أن رجلاً قام من الليل فقرأ... فلما أصبح قال رسول الله: يرحم الله فلاناً كائن من آية أذكرنيها الليلة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى -يعني: ابن إسماعيل - حدثنا حماد عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: (أن رجلاً قام من الليل فقرأ فرفع صوته بالقرآن، فلما أصبح قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: يرحم الله فلاناً! كائن من آية أذكرنيها الليلة كنت قد أسقطتها) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع قارئاً يقرأ من الليل، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يرحم الله فلاناً ذكرني آية كنت أسقطها نسياناً)، يعني: أنه عندما يقرأ في بعض الأحيان تسقط عليه آية، وليس المقصود بالنسيان أنه ينسى شيئاً أمر بتبليغه؛ لأن هذا لا يصح ولا يجوز، بل الرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ لكل ما أمر به ولا يسقط مما أمر به شيء، ولكنه عندما يقرأ القرآن وهو حافظ له يحصل منه أنه ينسى آية كما هو مشاهد معاين من حفاظ متقنين، فإنه يقرأ ولكنه في بعض الأحيان تسقط عليه آية نسياناً, فهذا هو معنى قوله: (أسقطتها)، يعني: نسياناً.
مميزات الشريعة المحمدية

إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ كل شيء من القرآن وغير القرآن، فكل ما أمر به عليه الصلاة والسلام قام بتبليغه على التمام والكمال، ولم يترك شيئاً يحتاج إلى تبليغ أو أمر بتبليغه دون أن يبلغه، فقد بلغ البلاغ المبين، وأدى كل ما عليه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه, كما جاء عن الإمام الزهري عند البخاري في صحيحه، قال: [ من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم ], فالله تعالى منه الرسالة، وقد حصل أنه أرسل الرسل: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]، وعلى الرسول البلاغ، وهذا قد حصل, فإن الرسل قد بلغوا، وعلينا التسليم، وهذا الذي ينقسم الناس فيه إلى موفق ومخذول, فمن الناس من يسلم ومنهم من لا يسلم، ومنهم من يتقبل الحق ومنهم من يرده، فالذي من الله قد حصل، والذي من الرسول صلى الله عليه وسلم قد حصل، والذي من الناس هذا هو الذي يفترق الناس فيه وينقسمون إلى مستسلم ومنقاد، وإلى معرض ومنحرف عن الجادة وعن الحق والهدى. إذاً: فالرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ كل شيء، كما جاء عن أبي هريرة وعن سلمان رضي الله عنهما قال: (علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة؟ -يعني: حتى ما يتعلق بقضاء الحاجة- قال: نعم, أمرنا رسولنا ألا نستنجي برجيع ولا عظم ولا روث)، وذكر شيئاً من آداب قضاء الحاجة، وجاء عن بعض الصحابة أنه قال: [ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحه في السماء إلا وأعطانا منه علماً ] أي: أن الشريعة كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه. وشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تختصر في ثلاث صيغ: الأولى: صيغة الكمال فلا نقص فيها، ولهذا لا يضاف إليها شيء ويقال: هذه سنة حسنة، بل هي من البدع والأمور المنكرة، فهي لا تحتاج إلى أن تضاف إليها إضافات أو أن تكمل فهي كاملة لا نقص فيها, فهذه من صفات هذه الشريعة، فهي كاملة لا نقص فيها، إذاً فالبدع مردودة كما جاء في الحديث: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) متفق عليه، وفي لفظ لمسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). والثانية: الخلود والبقاء، فهي مستمرة إلى قيام الساعة ليس لها وقت تنتهي إليه كالرسالات السابقة، ولا أن يأتي رسول بشريعة مع بقاء الشريعة السابقة، وقد يجتمع رسولان في وقت واحد مثل إبراهيم ولوط، فهذا مرسل وهذا مرسل، وكل مرسل إلى قوم، وكل مأمور باتباع من أرسل إليهم، وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فختم الله به الرسالات، ورسالته مستمرة ولا نبي بعده صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهي كاملة لا نقص فيها، ومستمرة لا تنتهي ولا تنقطع ما بقيت الدنيا. والثالثة: لزوم اتباع كل أحد لها، وأنه ليس لأحد العذر بأن يتخلى عنها أو أن يقول: أنا لست من أهلها كما يقول اليهود: نحن أصحاب موسى، والنصارى يقولون: نحن أصحاب عيسى، وهذا بعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وليس لهم هذا ولا يقبل منهم، فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والذي نفسي بيده! لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا كان من أصحاب النار)، فاليهود والنصارى من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة الدعوة، فالأمة أمتان: أمة دعوة وأمة إجابة, فأمة الدعوة هم كل الإنس والجن من حين بعثته وإلى قيام الساعة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه, أي: أنهم مدعوون إلى الدخول في دينه، ومن لم يدخل في دينه بعد بعثته فإنه ليس له إلا النار: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ [هود:17]، وفي هذا الحديث: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني)، فذكر أن النصارى واليهود من أمة الدعوة، (ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا كان من أصحاب النار)، قال بعض السلف: فكنت إذا سمعت الحديث تأملته وجدت مصداقه في القرآن، قال الله عز وجل: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ [هود:17]. إذاً: فشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم شاملة لكل الناس، ولازمة لكل الإنس والجن, وموجهة لكل من الجن والإنس، وخالدة باقية لا تنتهي، وكاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه. فعن عائشة رضي الله عنها: (أن رجلاً قام من الليل فقرأ فرفع صوته بالقرآن)، وهذا يدلنا على جواز رفع الصوت بالقراءة، لكن هذا مشروط فيما إذا لم يحصل أذى في قراءته، فإذا عَرف أن أحداً يتأذى بقراءته فإنه لا يرفع صوته بالقرآن، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه سمع هذا القارئ وترحم عليه؛ لأنه قرأ موضعاً من القرآن كان النبي صلى الله عليه وسلم نسي عنده آية من الآيات, وهذا القارئ إنما قرأ الشيء الذي بلغه النبي صلى الله عليه وسلم, وهذه الآية إنما جاءته عن طريق إبلاغ الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن القرآن لا يعرف إلا عن طريق الرسول عليه الصلاة والسلام. فلما أصبح قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يرحم الله فلاناً كائن من آية أذكرنيها الليلة كنت قد أسقطتها). و(كائن) قراءة في كأين من آية: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا [يوسف:105] ووَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ [آل عمران:146]، وجاءت مواضع كثيرة فيها (كأين) وفي قراءة (كائن).
تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً قام من الليل فقرأ ... فلما أصبح قال رسول الله: يرحم الله فلاناً كائن من آية أذكرنيها الليلة...)

قوله: [ حدثنا موسى -يعني: ابن إسماعيل - ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو ابن سلمة بن دينار البصري ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة ]. عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح سبب نزول قوله تعالى: (وما كان لنبي أن يغل...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا خصيف حدثنا مقسم مولى ابن عباس قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: (نزلت هذه الآية: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ [آل عمران:161] في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر، فقال بعض الناس: لعل رسول صلى الله عليه وآله وسلم أخذها، فأنزل الله عز وجل: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ [آل عمران:161] إلى آخر الآية). قال أبو داود : يغل مفتوحة الياء ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس : أنه في يوم بدر فقدت قطيفة فقال الناس: لعل الرسول أخذها، ومعلوم أنه إن أخذها فيكون أخذها اصطفاء لا غلولاً؛ لأن الرسول كما هو معلوم يصطفي من الغنيمة ما يشاء، ونصيبه الخمس، وليس المقصود أنهم يريدون أنه غل؛ لأن الغلول محرم ولا يضاف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله هذه الآية: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ [آل عمران:161]، وفيها قراءتان: يَغلُ ويُغَلُ، يعني يخون، أو يُغَلُ: يخان, فهذه قراءة وهذه قراءة.
تراجم رجال إسناد سبب نزول قوله تعالى: (وما كان لنبي أن يغل...)

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الواحد بن زياد ]. عبد الواحد بن زياد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا خصيف ]. خصيف بن عبد الرحمن صدوق سيئ الحفظ أخرج له أصحاب السنن. [ حدثنا مقسم مولى ابن عباس ]. مقسم مولى ابن عباس صدوق أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن ابن عباس رضي الله عنه كان إسلامه بعد الحديبية مع أبيه في زمن متأخر، وهذا يحكي عن قصة وقعت في أول الهجرة وهي وقعة بدر، ومن المعلوم أن الصحابة يروي بعضهم عن بعض، وقد يخبر الصحابي عن شيء لم يشهده وإنما كان قبل إسلامه، وهذا كما يحصل من أبي هريرة عندما يحدث بشيء وقع قبل إسلامه، فـ ابن عباس هنا يحدث بشيء كان قبل إسلامه، ومعلوم أن الروايات إنما هي عن الصحابة، وأنهم كانوا يأخذون عن الصحابة، ولهذا قال بعض أهل العلم: إن الأحاديث التي صرح فيها ابن عباس بالسماع قليلة جداً؛ لأن أكثر روايته إنما هي عن الصحابة, والحافظ ابن حجر ذكر أنه وقف على مواضع كثيرة صرح فيها بالسماع؛ لأن الذي صرح به بالسماع شاهده ولا توجد واسطة بينه وبينه، وأما ما لم يشاهده فإنما هو من الرواية عن الصحابة.
شرح حديث (اللهم إني أعوذ بك من البخل والهرم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا معتمر قال: سمعت أبي قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من البخل والهرم) ]. أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من البخل والهرم)، وفيها قراءتان: قراءة البَخل وقراة البُخل، وليس هناك آية في هذا المعنى، وإنما البُخل جاء في القرآن في مواضع متعددة مثل سورة الحديد: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ [النساء:37] فهذا دعاء وليس هناك آية بهذا اللفظ, وهي غير مطابقة للباب الذي ذكره اللهم إلا أن يقال: إن الذي جاء في الحديث مثل الذي جاء في القرآن، فيكون هذا قد جاء على روايتين، وهناك تعدد في الرواية، فرواية بفتح الباء والخاء، ورواية بضم الباء وسكون الخاء.
تراجم رجال إسناد حديث (اللهم إني أعوذ بك من البخل والهرم)


قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ]. محمد بن عيسى الطباع ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا معتمر ]. معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سمعت أبي ]. سليمان بن طرخان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سمعت أنس ]. أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-07-2025, 07:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,905
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح حديث (فقال النبي لا (تحسِبن) ولم يقل لا (تحسَبن) )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: كنت وافد بني المنتفق أو في وفد بني المنتفق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فذكر الحديث فقال -يعني: النبي صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا تحسِبن) ولم يقل: لا تَحْسَبَنَّ [آل عمران:169]) ]. حديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه أن النبي قال في القراءة: (لا تحسِبن) بكسر السين، والقراءة الثانية: لا تَحْسَبَنَّ يعني: أنه سمعه يقول تحسِبن ولم يقل تحسبَن، ولكن القراءة المشهورة والمعروفة لا تَحْسَبَنَّ [آل عمران:169] بفتح السين، فهذه قراءة وهذه قراءة. قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يحيى بن سليم ]. يحيى بن سليم صدوق سيئ الحفظ أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسماعيل بن كثير ]. إسماعيل بن كثير أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن عاصم بن لقيط بن صبرة ]. عن عاصم بن لقيط ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن أبيه لقيط بن صبرة ]. وهو صحابي أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
شرح سبب نزول قوله تعالى: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا سفيان قال حدثنا عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لحق المسلمون رجلاً في غُنَيمة له فقال: السلام عليكم, فقتلوه وأخذوا تلك الغُنَيمة, فنزلت: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [النساء:94] تلك الغنيمة) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس : أن جماعة من المسلمين كانوا يقاتلون الكفار فلحقوا بصاحب غُنيمة -تصغير غنم- وهي مجموعة من الغنم، فلما جاءوا إليه قال: السلام عليكم، فظنوا أنه قال ذلك من أجل أن يسلم على نفسه وعلى غنيمته، فقالوا: إنما قال ذلك من أجل السلامة، وظنوا أنه ما حصل ذلك منه يعني ظاهراً وباطناً فنزلت الآية: (( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )) أي: تلك الغنيمة، ولهذا قال: كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ [النساء:94] يعني: كنتم على الحالة التي كان عليها هو الآن من قبل. والقراءات هي: السلام والسلم، والسلم: هو الاستسلام.
تراجم رجال إسناد سبب نزول قوله تعالى: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً)


قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا سفيان ]. محمد بن عيسى مر ذكره, وسفيان هو ابن عيينة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عمرو بن دينار ]. عمرو بن دينار ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء ]. هو ابن أبي رباح أخرج له أصحاب الكتب الستة ثقة. و ابن عباس مر ذكره.
شرح حديث (أن النبي كان يقرأ: (غير أولي الضرر) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سعيد بن منصور حدثنا ابن أبي الزناد، وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا حجاج بن محمد عن ابن أبي الزناد وهو أشبع، عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ: غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ [النساء:95] ولم يقل سعيد : كان يقرأ ]. أورد أبو داود حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ: غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ [النساء:95]، والقراءة الثانية: (غيرِ أولي الضرر), فهذا فيه هذه القراءة، ومعلوم أن فيها قراءات وهي: (غيرَ وغيرُ وغيرِ). قوله: [ حدثنا سعيد بن منصور ]. سعيد بن منصور ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن أبي الزناد ]. هو عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد تعليقاً، و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن, و عبد الرحمن هذا هو أكبر أولاد أبيه أبو الزناد، فأبوه يكنى بأبي عبد الرحمن وأبو الزناد ليست كنيته، واسمه عبد الله بن ذكوان, و أبو الزناد لقبه، وهو على صيغة الكنية، وكنيته أبو عبد الرحمن، وهذا هو ابنه الذي يكنى به، وهو يروي عن أبيه، وأما الذي اشتهر به أبوه وهو على صيغة الكنية أبو الزناد فهذا لقب وليس بكنية, ومثل أبي هريرة فهذا لقب له وليس كنية، فليس له ولد اسمه هريرة وإنما هو لقب على صيغة الكنية. [ ح وحدثنا محمد بن سليم ]. (ح) للتحول من إسناد إلى إسناد, محمد بن سليمان الأنباري صدوق أخرج له أبو داود . [ حدثنا حجاج بن محمد ]. حجاج بن محمد المصيصي الأعور ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي الزناد وهو أشبع ] يعني: أن الطريق الثانية أتم وأكمل من الطريق الأولى، فقد ذكره من طريقين وكل منهما ينتهي إلى أبي الزناد ، لكن الطريق الثانية التي هي عن شيخ أبي داود محمد بن سليمان الأنباري عن حجاج بن محمد المصيصي عن ابن أبي الزناد أتم وأكمل من الطريق الأولى. [ عن أبيه ]. هو أبو الزناد عبد الله بن ذكوان المدني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن خارجة بن زيد بن ثابت ]. خارجة بن زيد بن ثابت ثقة فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو زيد بن ثابت رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ ولم يقل سعيد : كان يقرأ ]. سعيد هو الشيخ الأول وجملة: (كان يقرأ) ليست عنده.
شرح حديث (قرأ رسول الله (والعينُ بالعين) )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة و محمد بن العلاء قالا: حدثنا عبد الله بن المبارك حدثنا يونس بن يزيد عن أبي علي بن يزيد عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والعينُ بالعين)) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ آية: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ [المائدة:45] قرأها: (والعينُ بالعين)، وكذلك ما بعدها قرأها بالضم: (العينُ بالعين والأنفُ بالأنف والأذنُ بالأذن والسنُ بالسن والجروحُ قصاص)، والقراءة الأخرى بالنصب: الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ [المائدة:45]، وهناك قراءة ثالثة: كلها بالنصب إلا: الْجُرُوحَ قِصَاصٌ [المائدة:45] فإنها بالضم. إذاً: فهي ثلاث قراءات: قراءة بالنصب فيها جميعاً: النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ [المائدة:45] إلى آخرها، وقراءة ثانية: المنصوب هو: (النفسَ بالنفس والعينَ بالعينَ) فما بعدها مرفوع، والقراءة الثالثة: كله منصوب إلا: (والجروحُ قصاص) فإنها مرفوعة، وهذه القراءات كلها ثابتة وصحيحة، ولكن هذا الإسناد فيه مجهول، وأما عن القراءة فهي ثابتة.
تراجم رجال إسناد حديث (قرأ رسول الله (والعينُ بالعين) )


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ و محمد بن العلاء ]. محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الله بن المبارك ]. عبد الله بن المبارك المروزي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يونس بن يزيد ]. يونس بن يزيد الأيلي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أبي علي بن يزيد ]. أبو علي بن يزيد هو أخو يونس بن يزيد وهو مجهول، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي . [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه مر ذكره.
شرح حديث (قرأ رسول الله (والعينُ بالعين) ) من طريق ثانية، وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن المبارك حدثنا يونس بن يزيد عن أبي علي بن يزيد عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: (وكتبنا عليهم فيها أن النفسَ بالنفس والعينُ بالعين) ]. وهذا مثل الذي قبله. قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبي ]. أبوه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الله بن المبارك حدثنا يونس بن يزيد ]. عبد الله بن المبارك فمن بعده هم رجال الإسناد الأول.
شرح حديث (... (الله الذي خلقكم من ضُعف)...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية بن سعد العوفي قال: (قرأت على عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ [الروم:54]فقال: (من ضُعف), قرأتها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما قرأتها علي فأخذ علي كما أخذت عليك) ]. حدثنا محمد بن يحيى القطعي حدثنا عبيد -يعني: ابن عقيل- عن هارون عن عبد الله بن جابر عن عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من ضُعف) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر وحديث أبي سعيد وكلاهما يتعلق بـ: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ [الروم:54]وفي قراءة: (ضُعف)، فأورد أولاً حديث ابن عمر أن عطية بن العوفي قال: قرأت على عبد الله بن عمر : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ [الروم:54] فقال: (من ضُعف)، يعني: أنها بضم الضاد بدل فتحها، وقال: إني قرأتها على النبي صلى الله عليه وسلم، وأنني قلت كما قلت، وأنه أخذ علي كما أخذت عليك، يعني: أنه قال لي: (ضُعف) بدل (ضَعف)، وهما قراءتان، وكذلك الطريقة الثانية. ومن حيث ثبوت القراءة فإنها ثابتة، وعطية فيه كلام وهو مدلس، لكن قوله هنا: قرأتها في الأول يفيد الاتصال، وهو صدوق يخطئ كثيراً والقراءة ثابتة. والألباني صحح الحديث.
تراجم رجال إسناد حديث (...(الله الذي خلقكم من ضُعف) ...)


قوله: [ حدثنا النفيلي حدثنا زهير ]. زهير بن معاوية ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا فضيل بن مرزوق ]. فضيل بن مرزوق صدوق يهم، أخرج له البخاري في رفع اليدين و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عطية بن سعد العوفي ]. عطية بن سعد العوفي صدوق يخطئ كثيراً ويدلس، أخرج له حديثاً البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن عبد الله بن عمر ]. عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله: [ حدثنا محمد بن يحيى القطعي ]. محمد بن يحيى القطعي صدوق أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي. [ حدثنا عبيد -يعني: ابن عقيل- ]. عبيد بن عقيل صدوق أخرج له أبو داود و النسائي ، وفي بعض النسخ المطبوعة في التقريب أبو داود دون النسائي والصواب أبو داود و النسائي، ففي تهذيب الكمال ذكر في آخر ترجمته أنه أخرج له أبو داود و النسائي، وأيضاً قد جاء في أحاديث عند النسائي فيه عبيد بن عقيل هذا. [ هارون ]. هارون بن موسى ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن عبد الله بن جابر ]. عبد الله بن جابر مقبول أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن عطية عن أبي سعيد ]. أبو سعيد هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله تعالى عنه الصحابي الجليل، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح قراءة أبي: (بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا)، وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن أسلم المنقري عن عبد الله عن أبيه عبد الرحمن بن أبزى قال أبي بن كعب رضي الله عنهما: (بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا). قال أبو داود : بالتاء ]. أورد أبو داود حديث أبي بن كعب رضي الله عنه في قراءة: (بفضل الله فلتفرحوا) والقراءة المشهورة: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس:58]، فهذا فيه الإشارة إلى هذه القراءة (فلتفرحوا)، وكما قلت: فهذه من القراءات التي يكون فيها الفرق بالنقط؛ لأن هنا قراءة (يفرحوا) وقراءة (تفرحوا) وكلها قراءات صحيحة. قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. هو العبدي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أسلم المنقري ]. أسلم المنقري ثقة أخرج له أبو داود . [ عن عبد الله ]. عبد الله مقبول أخرج له البخاري تعليقاً و أبو داود و النسائي . [ عن أبيه عبد الرحمن بن أبزى ]. عبد الرحمن بن أبزى صحابي صغير أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بن كعب ]. أبي بن كعب رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح قراءة أبي: (بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا) من طريق ثانية، وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا المغيرة بن سلمة حدثنا ابن المبارك عن الأجلح حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ: (بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون) ]. أورد أبو داود طريقاً أخرى، وفيها الإشارة إلى القراءة في (يفرحوا) و(يجمعون) وهي: (تفرحوا وتجمعون)، والقراءة المشهورة (يفرحوا) و(يجمعون), وكلها قراءات ثابتة. وفي الأول نسب القراءة إلى أبي, وهنا: عن أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ، وكلاهما قراءة ثابتة. قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الله ]. هو ابن المبارك المخرمي وهو ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا المغيرة بن سلمة ]. المغيرة بن سلمة ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا ابن المبارك عن الأجلح ]. الأجلح صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي ]. وقد مر ذكرهم.
شرح حديث (أن النبي قرأ: (إنه عَمِل غير صالح) ) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا ثابت عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ: (إنه عَمِلَ غير صالح) ]. أورد أبو داود حديث أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ: (إنه عَمِلَ غير صالح) يعني: بالفعل الماضي، و(غير) منصوبة على أنها معمول للفعل الماضي، أي: إنه عمل عملاً غير صالح، والقراءة المشهورة: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرَ صَالِحٍ [هود:46], وكل منهما قراءة صحيحة ثابتة. قوله: [ حدثنا موسى بن اسماعيل عن حماد عن ثابت ]. ثابت بن أسلم البناني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شهر بن حوشب ]. شهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والأوهام، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أسماء بنت يزيد ]. أسماء بنت يزيد رضي الله عنها صحابية، أخرج لها البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
شرح حديث (أن النبي قرأ (إنه عَمِل غير صالح) ) من طريق أخرى، وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو كامل حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن المختار - حدثنا ثابت عن شهر بن حوشب قال: سألت أم سلمة رضي الله عنها: (كيف كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ هذه الآية: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ [هود:46] فقالت: قرأها: (إنه عمِلَ غير صالح)) ]. وهذا مثل الذي قبله. قوله: [ حدثنا أبو كامل ]. هو فضيل بن حسين الجحدري ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن المختار - ]. عبد العزيز بن المختار ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ثابت عن شهر بن حوشب عن أم سلمة ]. يعني: أن الحديث هنا عن أم سلمة وهناك عن أسماء، وأم سلمة هي أم المؤمنين هند بنت أبي أمية رضي الله عنها أخرج لها أصحاب الكتب الستة. وقد يرد هنا احتمال وهو: أن كنية أسماء هي أم سلمة، ذكر هذا الحافظ في النكت الظراف، لكن يشكل على هذا أن الإمام أحمد أخرج هذا الحديث في مسنده عن أم سلمة هند بنت أبي أمية . [ قال أبو داود : رواه هارون النحوي و موسى بن خلف عن ثابت كما قال عبد العزيز ]. هارون النحوي هو هارون بن موسى الذي مر. [ و موسى بن خلف ]. موسى بن خلف صدوق له أوهام أخرج حديثه البخاري تعليقاً و أبو داود و النسائي . [ عن ثابت كما قال عبد العزيز ]. يعني: مثل رواية عبد العزيز . و موسى بن خلف ذكروا في ترجمته أنه يعد من الأبدال، والأبدال ما نعلم فيهم حديثاً إلا حديث: (إن الله يبعث لكل أمة من يجدد لها دينها على رأس كل مائة سنة), فإن هذا هو الثابت، والمقصود بالأبدال الذين يأتي بهم الله عز وجل بعدما يذهب أناس نفع الله بهم، وهم مرجع للناس، ويبينوا للناس أمور دينهم، فيأتي بأناس يحلون محلهم ويقومون مقامهم، والشخص إذا كان معروفاً مشهوراً متميزاً يقولون فيه مثل هذه الكلمة مثل عبد الرحمن بن أبي الحاتم يقال عنه مثل هذه الكلمة: كان يعد من الأبدال.
الأسئلة



أفضلية الجمع بين تعلم القراءات والفقه في الدين

السؤال: هل يستحب تعلم القراءات والاشتغال بذلك عن الفقه في الدين؟ الجواب: كون الإنسان يشتغل بها عن الفقه في الدين ليس جيداً، بل يتفقه في الدين ويتعلم القراءات لكي يجمع بين الحسنيين.

حكم الصلاة بقراءة غير معروفة لدى المصلين


السؤال: هل يستحب القراءة بإحدى هذه القراءات في بلاد الحجاز؟ الجواب: البلاد التي نشأت على قراءة معينة لا يصلح أن يقرأ فيها بغير هذه القراءة؛ لأن هذا يشوش على الناس, لكن كون الإنسان يتعلم ويقرأ بالقراءات من أجل التعلم فهذا طيب، وأما كونه يأتي إلى بلاد لا يعرفون إلا قراءة واحدة ثم يصلي بهم ويقرأ قراءة تشوش عليهم فهذا لا يصلح.

حكم التجويد

السؤال: ما حكم تعلم التجويد؟ الجواب: تعلم التجويد من الأمور المستحبة, فكون الإنسان يقرأ قراءة مجودة فهذا من الأمور المستحبة، وسبق أن ذكرت في مناسبات متعددة كلام الحافظ بن حجر الذي ذكره عند شرح حديث ابن مسعود : (هذاً كهذ الشعر) في صحيح البخاري, قال: لا خلاف بين أهل العلم -أو عبارة نحوها- أن القراءة بالتجويد أحسن وأفضل، وأنه يجوز القراءة بدونه.

تقديم الأكثر حفظاً للإمامة


السؤال: رجل حافظ غير مجود ورجل مجود غير حافظ أيهما يقدم للصلاة؟ الجواب: الإنسان الأكثر حفظاً إذا كانت قراءته سليمة هو الأولى.

أصل علم القراءات


السؤال: ما هو السبب في الاختلاف في القراءات، وما منشأ ذلك رغم أن القراء أخذوا من أئمة محدودين، وما أثر هذا الخلاف في الأحكام؟ الجواب: الخلاف أصله مأخوذ عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فالقراءات إنما هي مأخوذة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أين تأتي القراءات إلا من الرسول عليه الصلاة والسلام؟! لكنها اشتهرت بأسماء أناس معينين وإلا فإن أصلها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

حكم لبس الأحمر الخالص


السؤال: هل لبس الجاكيت الأحمر الخالص فوق الثوب الأبيض أو غيره من الألوان يدخل في النهي الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس الأحمر؟ الجواب: هناك حديث يدل على لبسه، وحديث يدل على عدم لبسه، فقيل: إن المقصود بذلك إذا كان خالصاً، يعني: أن النهي يحمل على ما إذا كان خالصاً، وأما إذا كان معه لون غيره فلا إشكال فيه. والذي يبدو أن اللبس هو لكل قطعة, ولا يكون معناه: أنه لو كان عليه ثوب آخر غير أحمر يزول المحذور، لا.

حكم كتابة المصحف بالرسم الإملائي للحاجة

السؤال: في اختبار القرآن نحن نكتب آيات القرآن بالكتابة الإملائية، فهل هذا يدخل في باب الرخصة أو لا يجوز لنا؟ الجواب: الإنسان الذي يعرف القراءة يكتبها على رسمها، ومادام أن الإنسان يكتب كتابة خاصة لنفسه وهو لا يعرف القراءات فله أن يكتب؛ لأن كتابته هذه لا تعتبر مرجعاً للقرآن.

الاختلاف في مكان مقام إبراهيم

السؤال: هل صحيح أن المقام كان ملاصقاً للكعبة، ثم حول من مكانه في زمن عمر ؟ الجواب: فيه قولان مشهوران ذكرهما ابن كثير، وأنا ذكرت في الفوائد المنتقاة القولين، والأدلة على كونه في مكانه الذي هو فيه الآن، أو أنه كان تحت الكعبة ثم أخر.

حكم تحريك المقام من مكانه والصلاة عنده


السؤال: هل يجوز تحريك المقام من مكانه في زمننا للمصلحة؟ الجواب: فيه خلاف: هل يؤخر أو لا يؤخر؟ ولكن الأولى أن يبقى في مكانه، وقبل ذلك كان يحجز مكاناً؛ لأنه كان فيما مضى على شكل غرفة إلى عهد قريب، وفي زمن الملك فيصل رحمه الله جعل على هذا الوضع الذي هو عليه كأنه عمود لا يؤثر، وأيضاً صار على وجه مدور وليس له زوايا بحيث أنها تؤثر, ومن قبل كان على شكل حجرة مرتفعة وعليه شبك من جميع الجهات، والآن جعل في هذه الزجاجة التي هي على شكل عمود، فالعلماء اختلفوا في زمن فيصل رحمه الله، ولكن رأوا أنه يبقى في مكانه وألا يغير، والمحذور الذي كان موجوداً قد زال بوجوده على وجه لا يؤثر. لكن على القول بأنه كان عند الحجر ثم أخر وعلى القول بأن هذا هو مكانه وأن هذا هو موضعه ففيه إشكال، ولكن كونه الآن على هذا الوضع الذي هو عليه فإنه على وجه لا يؤثر؛ لكونه مثل العمود وهو مدور، ولا يحصل به ضرر فبقاؤه هو المناسب، وإذا طاف الناس من ورائه فلا يجوز لأحد أن يصلي في المكان؛ لأن الطائفين في المكان أولى من المصلين, فالمصلين يصلون في مكان بعيد من المسجد، ولكن الطائفين يطوفون حول الكعبة، فالذي يأتي ويصلي عند المقام مع كثرة الازدحام هذا خطأ؛ لأن هذا إيذاء للناس وإضرار بهم؛ لأنه يترتب عليه ازدحام، وكون الناس يسقط بعضهم على بعض بسبب وجود واحد يصلي، ثم يستدير الناس حوله ويمنعون الناس من أن يطئوه، فهذا إضرار بالناس لا يجوز.

حدّ الغيبة

السؤال: إذا ذكرت شخصاً في نفسي بما يكره هل يعد هذا غيبة؟ الجواب: لا, الغيبة هي الذكر والكلام، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل)، ولكن الإنسان لا يبقي الشيء الذي في ذهنه ويثبته وينميه، وإنما يصرف نفسه عنه.

حفظ القرآن بجمع عثمان له

السؤال: إذا كانت الحروف التي نسخها عثمان رضي الله عنه تعتبر قرآناً فإن ذلك ينافي قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]؟ الجواب: معلوم أن حفظه على وضعه هذا هو حفظه، وأما تلك فقد كانت نزلت من أجل التخفيف، والسبب الذي نزلت من أجله قد زال، وقبل ذلك طلب الزيادة ثم طلب الزيادة حتى وصل إلى سبعة أحرف، ولهذا الصحابة رضي الله عنهم اتفقوا على هذا، وأقروا عثمان على هذا العمل، فلو كان ذلك أمراً لازماً متحتماً ما تركوه، إذاً فالقرآن محفوظ، وأما الشيء الذي نزل من أجله التخفيف فقد زال وانتهى, ولا يقال: إنه ترك شيئاً تكفل الله بحفظه؛ لأن هذا الموجود هو الذي تكفل الله بحظفه، والقرآن الذي هو على حرف واحد مشتمل على القراءات.

الاستدلال بحديث (لو أن فيكم محدثين...) على فضل عمر على سائر الصحابة


السؤال: هل حديث: (لو أن فيكم محدثين لكان عمر) دليل على أن عمر رضي الله عنه أفضل الصحابة؟ الجواب: لا, بل يدل على فضله لا على أفضليته، ومعلوم أن أبا بكر أفضل منه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيئاً يدل على أنه لا يمكن أن يساويه أحد، والحديث ليس معناه أن هذا الذي حصل لعمر مقصور عليه، وهناك أمور مقصورة على أبي بكر كالحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً), فأخبر عن أمر لا يكون أن لو كان كيف يكون، وأمر ما وقع ولا يقع، لكن لو وقع فإن الأولى به أبو بكر رضي الله عنه, فهذا يدل على أفضليته على غيره؛ لأنه أخبر عن شيء لا يكون وهو أن يتخذ الرسول خليلاً، لكنه لو كان متخذاً خليلاً لكان الخليل المتخذ هو أبا بكر رضي الله عنه."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-07-2025, 03:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,905
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله


شرح حديث (قراءة النبي (بلى قد جاءتكِ آياتي...) )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن رافع النيسابوري حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي سمعت أبا جعفر يذكر عن الربيع بن أنس عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها قالت: (قراءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( بلى قد جاءتكِ آيَاتِي فكذبتِ بها وَاستكبرتِ وكنتِ من الكافرين ))) قال أبو داود : هذا مرسل؛ الربيع لم يدرك أم سلمة ]. أورد أبو داود حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ: (( بلى قد جاءتكِ آيَاتِي فكذبتِ بها وَاستكبرتِ وكنتِ من الكافرين )) والقراءة المشهورة: بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ [الزمر:59]، والقراءة هذه التي فيها التأنيث ترجع إلى النفس، أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا [الزمر:56] فالخطاب للنفس، والنفس مؤنثة، وهي بمعنى الإنسان، فعلى قراءة: (( بلى قد جاءتكِ آيَاتِي فكذبتِ بها )) جاءت النفس على أنها بمعنى الإنسان، على اعتبار أنه لفظ مؤنث، كما قال: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس:7-8].
معنى المرسل والمنقطع في اصطلاح المحدثين

[ قال أبو داود : هذا مرسل، الربيع لم يدرك أم سلمة ]. هذا مرسل بالمعنى العام، وهو غير المشهور في اصطلاح المحدثين؛ لأن المرسل عند المحدثين هو: ما قال فيه التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وأما بالمعنى العام فإنه يأتي للانقطاع فيقال: مرسل، وهو أن الراوي يروي عن شخص ما لقيه أو ما أدركه، فهو أعم من المرسل في الاصطلاح المشهور عند المحدثين، وهو الذي قصروه على كون التابعي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا يقال في تعريفه كما قال بعض العلماء وهو تعبير غير دقيق: الذي سقط منه الصحابي، مثلما يقول صاحب البيقونية: (ومرسل منه الصحابي سقط)، فهذا التعبير غير دقيق، والتعبير الدقيق أن يقال: ما قال فيه التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو لم يسقط إلا الصحابي فلا مشكلة، والحديث صحيح، ولا يكون ضعيفاً؛ لأن جهالة الصحابة لا تؤثر، فلو عرف أنه لم يسقط إلا صحابي فإن الإسناد ليس فيه شيء، خصوصاً إذا كان التابعي الذي أرسل ثقة، وإنما اعتبروه من قبيل الضعيف، لأن التابعي إذا قال: قال رسول الله، يحتمل أن يكون الساقط صحابياً أو تابعياً، وعلى فرض أنه تابعي يحتمل أن يكون ثقة وأن يكون ضعيفاً، ومن أجل الاحتمال الثاني اعتبروه ضعيفاً. والمرسل من قبيل المردود وليس من قبيل المقبول. والانقطاع له أحوال: إما أن يكون في أعلى السند بأن يقول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يكون في أوله فيقال إنه معلق، أو أن يكون فيه راويان متواليان فأكثر فيقال له معضل، أو يسقط من الإسناد واحد أو أكثر من واحد ولكنهم متفرقون فيقال له: منقطع، ولكن الانقطاع بالمعنى العام هو من هذا القبيل الذي ذكره أبو داود هنا لما قال: مرسل؛ لأنه لا توجد إضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هنا أضافه إلى أم سلمة ، فإذاً الانقطاع أو الإرسال وقع بين الربيع بن أنس وإضافته إلى أم سلمة وهو لم يدركها، فهو مرسل بالمعنى العام المشهور الذي هو بمعنى المنقطع. وهو من المرسل الجلي لا الخفي. والمرسل الخفي هو أن يروي عمن عاصره ولم يعرف أنه لقيه، وأما إذا كان لم يدركه فإنه يكون مرسلاً جلياً وواضحاً، والمرسل الخفي شبيه بالمدلس؛ لكن التدليس خاص بمن عرف لقاؤه إياه، أما إن عاصره ولم يعرف أنه لقيه فهو المرسل الخفي.
تراجم رجال إسناد حديث (قراءة النبي (بلى قد جاءتكِ آياتي...) )


قوله: [ حدثنا محمد بن رافع النيسابوري ]. محمد بن رافع النيسابوري هو شيخ مسلم وغيره، ولكن روى له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ، فهو ثقة، ولكن مسلماً أخرج له وأكثر من الرواية عنه، وكل الأحاديث التي في صحيح مسلم من صحيفة همام بن منبه هي من طريق شيخه محمد بن رافع النيسابوري ، و محمد بن رافع هذا هو من قبيلته؛ لأن مسلماً قشيري وهذا قشيري، و مسلم نيسابوري وهذا نيسابوري، فهو شيخه وبلديه وقبيلتهما واحدة. [ حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي]. إسحاق بن سليمان الرازي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ سمعت أبا جعفر ]. هو الرازي ، عيسى بن أبي عيسى، سيئ الحفظ أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن الربيع بن أنس ]. الربيع بن أنس صدوق له أوهام أخرج له أصحاب السنن. [ عن أم سلمة ]. أم سلمة أم المؤمنين هند بنت أبي أمية رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (سمعت النبي يقرؤها (فروح وريحان) )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هارون بن موسى النحوي عن بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرؤها: فَرُوْحٌ وَرَيْحَانٌ [الواقعة:89]) ]. مر في الإسناد السابق: [ حدثنا يحيى بن الفضل حدثنا وهيب -يعني: ابن عمرو النمري - أخبرنا هارون ]. فهارون كان بينه وبين أبي داود اثنين، وهنا مسلم بن إبراهيم يروي عنه مباشرة، فليس بينه وبينه إلا واحد في هذا الإسناد، ومسلم بن إبراهيم متقدم؛ لأنه معمر، وقد أدرك المتقدمين، مثل قتيبة بن سعيد ، فقد ولد سنة مائة وخمسين، ومات سنة مائتين وأربعين، فعمر تسعين سنة، حتى أدرك شعبة وأدرك سفيان الثوري وهم متقدمون، ولهذا كما قلت: الأسانيد تطول وتقصر باعتبار تتابع الرواة ورواية بعضهم عن بعض وكثرتهم في زمن واحد، وقد تطول بمعنى أن شخصاً معمراً يروي في صغره، ثم يروي عنه أحد في صغره، ثم يعمر ويروي عنه واحد في كبره فيقصر الإسناد. [ قالت: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها: فَرُوْحٌ وَرَيْحَانٌ [الواقعة:89]) ]. (فروح) بضم الراء بدل فتحها.

تراجم رجال إسناد حديث (سمعت النبي يقرؤها (فروح وريحان) )


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هارون بن موسى النحوي عن بديل بن ميسرة ]. بديل بن ميسرة ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن شقيق ]. عبد الله بن شقيق العقيلي ، ثقة فيه نصب أخرج له البخاري الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. عندما يقال: (فيه تشيع) معناه أن عنده ميلاً إلى أهل البيت، والناصبة عندهم ميل إلى غيرهم، ومعلوم أن أهل البيت والصحابة تجب محبتهم كلهم وموالاتهم، وأن تكون منزلة الجميع في القلوب على أحسن حال، فهذه من الأشياء التي يغمز بها بعض الأشخاص، يقال: فيه تشيع، فيه نصب، رمي بالقدر بالإرجاء... إلى آخره. وشيخ الإسلام ابن تيمية ذكر في العقيدة الواسطية أن من أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويذمونهم، ومن طريقة النواصب الذين يذكرون أهل البيت بما لا يليق بهم.
شرح حديث (سمعت النبي على المنبر يقرأ (ونادوا يا مالك) )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل و أحمد بن عبدة قالا: حدثنا سفيان عن عمرو عن عطاء قال ابن حنبل : لم أفهمه جيداً عن صفوان ، قال ابن عبدة: ابن يعلى ، عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر يقرأ: وَنَادَوْا يَا مَالِكُ [الزخرف:77]). قال أبو داود : يعني: بلا ترخيم ]. أورد أبو داود حديث يعلى بن أمية رضي الله عنه قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: (( يَا مَالِكُ ))[الزخرف:77] بلا ترخيم)) أي: فيه الكاف، والترخيم أن تحذف منه الكاف ويضم ما قبلها فيقال: (يا مالُ) بدل (يا مالك)، واللفظ المرخم هو الذي يحذف منه آخر حرف، ثم يعطى الحرف الذي قبله الحركة التي له. كما لو قال: أعائش، بدل عائشة.

تراجم رجال إسناد حديث (سمعت النبي على المنبر يقرأ (ونادوا يا مالك) )


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ و أحمد بن عبدة قالا: حدثنا سفيان ]. أحمد بن عبدة مر ذكره، وسفيان هو ابن عيينة . [ عن عمرو عن عطاء ]. عمرو بن دينار مر ذكره، وعطاء بن أبي رباح ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال ابن حنبل : لم أفهمه جيداً عن صفوان ]. يعني: رواية عمرو عن عطاء لم يفهمها جيداً (عن صفوان)، ويعني: أن الإسناد اتصل عن عطاء . وصفوان بن يعلى ثقة أخرج له أصحاب الكتب. أي: أن رواية أحمد عن صفوان فقط ولم ينسبه، وأما أحمد بن عبدة الشيخ الثاني فقد نسبه، فقال: ابن يعلى . [ عن أبيه ]. يعلى بن أمية صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (أقرأني رسول الله (إني أنا الرزاق ذو القوة المتين) )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي أخبرنا أبو أحمد أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (أقرأني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إني أنا الرزاق ذو القوة المتين)) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني أنا الرزاق ذو القوة المتين ))، والقراءة التي بين أيدينا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:58]. وهذه من القراءات التي لا يتحملها الرسم؛ لأن الرسم أحياناً يتحمل القراءات، وأحياناً لا يتحملها كما هنا: ( إني أنا الرزاق ) والقراءة المشهورة عندنا فيها (إن الله)، والرسم لا يتحمل، إلا القراءة الثانية. وهي ليست من القراءات العشر المشهورة، والإسناد صحيح، ولكن القراءة غير متواترة أي أنها شاذة، لكن قد يأتي في القراءة المتواترة زيادة حرف، وكما أسلفت أن هذه مما لا يتحملها الرسم؛ لأن المصاحف وزعت، وبعضها فيه شيء يتحمله الرسم وشيء لا يتحمله الرسم، فليست القضية أنه لا يوجد في القراءات شيء لا يتحمله الرسم، بل يوجد ذلك مثل زيادة واو ونقص واو؛ وهذه لا يتحملها الرسم. و ابن مسعود له مصحف، ولكن بعد جمع القرآن على يد عثمان لم يكن بأيدي الناس إلا هذه المصاحف التي جمعها عثمان رضي الله عنه، ولكن هذه المصاحف منها ما يتحد في الرسم بالقراءات، ومنها ما يتفاوت في الرسم، مثل زيادة واو أو نقص واو؛ لأن هذه لا يتحملها الرسم، فتكون في أحد المصاحف، إذ بعض المصاحف فيها ما ليس في الآخر، وكلها صحيحة.
تراجم رجال إسناد حديث (أقرأني رسول الله (إني أنا الرزاق ذو القوة المتين) )


قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ، اسم أبيه يوافق اسم جد أبيه، نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أبو أحمد ]. هو محمد بن عبد الله الزبيري، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا إسرائيل ]. إسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق ]. هو عمرو بن عبد الله الهمداني مر ذكره. [ عن عبد الرحمن بن يزيد ]. عبد الرحمن بن يزيد النخعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله ]. عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (أن النبي كان يقرؤها (فهل من مدكر) ) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرؤها: فَهل مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:15] يعني: مثقلاً). قال أبو داود : مضمومة الميم مفتوحة الدال مكسورة الكاف ]. عن عبد الله بن مسعود أن النبي كان يقرؤها: (فهل من مدكر) في سورة القمر، يعني مضمومة الميم مكسورة الكاف مثقلة الدال، وهذه هي القراءة المشهورة. قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج ، وأبو داود في الإسناد السابق يروي عن شعبة وكان بينه وبينه ثلاثة، وهنا بينه وبينه واحد، أي أن حفص بن عمر و مسلم بن إبراهيم و قتيبة بن سعيد وأشخاصاً تكرر ذكرهم يدركون المتقدمين. [ عن أبي إسحاق عن الأسود ]. الأسود بن قيس النخعي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله ]. عبد الله مر ذكره.
شرح حديث (رأيت النبي يقرأ (أيحسب أن ماله أخلده) )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري حدثنا سفيان حدثني محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ: ( أيحسب أن ماله أخلده )) ]. أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: ( أيحسب أن ماله أخلده )) وقد سبق أن مر بنا آية مثلها فيها القراءتان في أول كتاب الحروف والقراءات، وهي: (لا تحسبَن) و (لا تحسبِن).

تراجم رجال إسناد حديث (رأيت النبي يقرأ (أيحسب أن ماله أخلده) )


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ، ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري]. عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري صدوق أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا سفيان حدثني محمد بن المنكدر ]. سفيان هو الثوري ، ومحمد بن المنكدر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث قراءة رسول الله (فيومئذ لا يعذَّب عذابه أحد ولا يوثَق وثاقه أحد)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن خالد عن أبي قلابة عمن أقرأه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (فيومئذٍ لا يُعَذَّب عذابه أَحد * وَلا يوثَق وثاقه أَحد [الفجر:25-26]). قال أبو داود : بعضهم أدخل بين خالد وأبي قلابة رجلاً ]. أورد أبو داود هذا الحديث عن أبي قلابة عمن أقرأه، يعني: أنه مجهول مبهم، وهو صحابي، ومعلوم أن جهالة الصحابة لا تؤثر. أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها: ( فيومئذ لا يعذَّب عذابه أحد ) ( ولا يوثَق وثاقه أحد )، وهذه إحدى القراءات، والقراءة المشهورة: لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ [الفجر:25-26].

تراجم رجال إسناد حديث قراءة رسول الله (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد...)


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن خالد ]. خالد هو خالد بن مهران الحذاء ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي قلابة ]. أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث قراءة (فيومئذ لا يعذَّب) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد عن خالد الحذاء عن أبي قلابة قال: أنبأني من أقرأه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو من أقرأه من أقرأه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (فيومئذ لا يعذَّب) ]. هذه رواية أخرى، ولكن فيها شك من خالد : هل الذي أقرأه صحابي هو الذي أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم، أو أقرأه من أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يحتمل أن يكون صحابياً وأن يكون غير صحابي؛ لأن الذي أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم صحابي ولا إشكال في هذا، والصحابي قد يقرئ صحابياً وقد يقرئ تابعياً. ولكن القراءة ثابتة، فهي من القراءات المتواترة. قوله: [ حدثنا محمد بن عبيد ]. محمد بن عبيد بن حساب ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا حماد ]. حماد هو ابن زيد ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن خالد الحذاء عن أبي قلابة قال: أنبأني من أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم أو من أقرأه من أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم.

ذكر من قرأ (يعذب) بكسر الذال

[قال أبو داود : قرأ عاصم و الأعمش و طلحة بن مصرف و أبو جعفر يزيد بن القعقاع و شيبة بن نصاح و نافع بن عبد الرحمن و عبد الله بن كثير الداري و أبو عمرو بن العلاء و حمزة الزيات و عبد الرحمن الأعرج و قتادة و الحسن البصري و مجاهد و حميد الأعرج و عبد الله بن عباس و عبد الرحمن بن أبي بكر : (لا يعذب ولا يوثق) إلا الحديث المرفوع فإنه: ( يعذَّب ) بالفتح ]. ثم ذكر أبو داود أن هؤلاء الستة عشر وفيهم أشخاص من الصحابة ومن بعد الصحابة قرءوا: ( لا يعذَّب ) إلا الحديث المرفوع: (يعذِّب)؛ ولكن القراءة الثانية ثابتة كما أشرت. بالمناسبة من كتب التفسير التي تعتني بذكر القراءات تفسير الشوكاني ، فهو مظنة البحث عن القراءات في كتب التفسير، أما ابن كثير وإن كان يأتي بالقراءات لكن ليس باستمرار، فمن يريد أن يجد قراءة ويريد أن يعرفها في المصحف وفي التفسير فليرجع إلى تفسير الشوكاني فإنه يذكر القراءة والقراء الذين قرءوا.

تراجم الذين قرءوا (يعذب) بكسر الذال

[ قال أبو داود : قرأ عاصم ]. عاصم هو ابن أبي النجود ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وروايته في الصحيحين مقرونة. [ و الأعمش ]. الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و طلحة بن مصرف ]. طلحة بن مصرف ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و أبو جعفر يزيد بن القعقاع ]. أبو جعفر يزيد بن القعقاع ثقة أخرج له أبو داود ، وهذا أبو جعفر أحد القراء المشهورين، وهو من القراء الثلاثة الذين بعد السبعة، لأن هناك القراءات العشر المشهورة، والسبعة هم: نافع و عاصم و حمزة و أبو عمرو و الكسائي و ابن كثير و ابن عامر ، ثم بعدهم ثلاثة ومنهم: أبو جعفر يزيد بن القعقاع وهو ثقة أخرج له أبو داود . [ و شيبة بن نصاح ]. شيبة بن نصاح ثقة أخرج له النسائي ، ولم يذكر أن أبا داود ممن خرج له؛ لأنه لم يذكره في الأسانيد. [ و نافع بن عبد الرحمن ]. نافع بن عبد الرحمن صدوق ثبت في القراءة، أخرج له ابن ماجة في التفسير. [ و عبد الله بن كثير الداري ]. عبد الله بن كثير الداري صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و أبو عمرو بن العلاء ]. أبو عمرو بن العلاء ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و أبو داود في القدر و ابن ماجة في التفسير. [ و حمزة الزيات و عبد الرحمن الأعرج ]. عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و الحسن البصري ]. الحسن بن أبي الحسن البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و مجاهد ]. مجاهد بن جبر المكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و حميد الأعرج ]. حميد الأعرج هو حميد بن قيس ليس به بأس وهي بمعنى صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و عبد الله بن عباس ]. عبد الله بن عباس صحابي مر ذكره. [ وعبد الرحمن بن أبي بكر ]. عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قرءوا: (لا يعذب ولا يوثق) ]. وهي القراءة المشهورة التي في المصحف الذي بين أيدينا. [ إلا الحديث المرفوع فإنه ( يعذب ) بالفتح ]. وهي أيضاً قراءة ثابتة، وقد ذُكِر هنا من القراء عاصم و نافع و حمزة و أبو عمرو بن العلاء و أبو جعفر يزيد بن القعقاع، و عبد الله بن كثير، وهم ستة، ويبقى أربعة وهم: الكسائي و ابن عامر وهما من السبعة، وذكر هنا من الثلاثة الذين بعد السبعة: يزيد بن القعقاع، وبقي منهم: يعقوب بن إسحاق و خلف بن هشام ، وهؤلاء جميعاً هم العشرة أصحاب القراءات المشهورة، وقراءاتهم اشتمل عليها كتاب النشر في القراءات العشر. وفي الحديث الذي سيأتي ذكر الحروف والمراد بها القراءات؛ لأن خلفاً هو أحد القراء قال: منذ أربعين سنة لم أرفع القلم عن كتابة الحروف، أي: أنه اشتغل بعلم القراءات، ولكن قال: ما أعياني شيء ما أعياني جبريل وميكائيل.
الأسئلة



القراءات في كلمة (فُزِّع)


السؤال: المعروف في القراءات: فُزِّعَ [سبأ:23] بالبناء للمجهول، والقراءة الأخرى: ( فَزَّع ) بالبناء للمعلوم، وهي قراءة ابن عامر و يعقوب ؟ الجواب: نعم بالتخفيف، وفي قراءة أخرى: ( فُرِغ )، وهي قراءة أبي هريرة ، كما نقل السيوطي في الدر المنثور، أما قراءة: فَزَّع فقد قرأ بها يعقوب و ابن عامر ، ويعقوب بن إسحاق هو من الثلاثة، و ابن عامر من السبعة.

ضعف الإسناد الذي فيه الشك

السؤال: ما درجة الحكم على هذا الإسناد الذي فيه شك: أنبأني من أقرأه النبي، أو من أقرأه من أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: لا شك أن هذا إسناد غير صحيح.

صحة حديث (وجنبوه السواد) وأحاديث الطاعون في عهد عمر


السؤال: هل الحديث الذي ورد في تجنيب الشعر الصبغة السوداء صحيح، وكذا الطاعون في عهد عمر ؟ الجواب: نعم حديث النهي عن الصبغ بالسواد صحيح. أما أحاديث الطاعون في عهد عمر فهي في صحيح البخاري .

ضعف الأحاديث المشتملة على الغرائب

السؤال: هذا منشور بعنوان: الحديث الشريف الذي جمع فأوعى، عن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال: (جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! جئتك أسألك عما يغنيني في الدنيا والآخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل عما بدا لك، قال: أريد أن أكون أعلم الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: اتق الله تكن أعلم الناس، قال: أريد أن أكون أغنى الناس، قال: كن قانعاً تكن أغنى الناس، قال: أحب أن أكون أعدل الناس، قال: أحب للناس ما تحب لنفسك تكن أعدل الناس) سرده ثم قال: قال الإمام المستغفري: ما رأيت أعظم وأشمل لمحاسن الدين وأنفع من هذا الحديث جمع فأوعى، ثم قال في ختامه: رواه الإمام أحمد بن حنبل . الجواب: يمكن أن يرجع إلى مسند الإمام أحمد في مسند خالد بن الوليد ويعرف ما درجته، لكن مثل هذه الأحاديث الطوال التي فيها ذكر أشياء غريبة لا تكون صحيحة في الغالب."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 02-07-2025, 03:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,905
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [448]
الحلقة (480)





شرح سنن أبي داود [448]

في القرآن الكريم ألفاظ كثيرة تنطق على لهجات مختلفة، وقد وردت القراءة بالنطق بها مختلفة، وكل ذلك جائز إذا صحت القراءة به عن النبي صلى الله عليه وسلم، كجبريل وجبرائيل وحامية وحمئة.

تابع ما جاء في الحروف والقراءات


شرح حديث (حدث رسول الله حديثاً ذكر فيه جبريل وميكال...)


قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى في كتاب الحروف والقراءات: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة و محمد بن العلاء أن محمد بن أبي عبيدة حدثهم قال: حدثنا أبي عن الأعمش عن سعد الطائي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً ذكر فيه جبريل وميكال، فقال: جبرائيل وميكائيل). قال أبو داود : قال خلف : منذ أربعين سنة لم أرفع القلم عن كتابة الحروف، ما أعياني شيء ما أعياني جبريل وميكائل. حدثنا زيد بن أخزم حدثنا بشر -يعني: ابن عمر - حدثنا محمد بن خازم قال: ذكر كيف قراءة جبرائيل وميكائيل عند الأعمش ، فحدثنا الأعمش عن سعد الطائي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الصور فقال: (عن يمينه جبرائيل وعن يساره ميكائيل) ]. سبق ذكر جملة من الأحاديث المتعلقة بالحروف والقراءات، وبقيت في هذا الكتاب جملة من تلك الأحاديث في كتاب الحروف والقراءات. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: (حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاًَ ذكر فيه جبريل وميكال) فهذا حديث، ولكن لا يتعلق بالقراءات، ولكنه بلفظ ما جاء في القرآن، ومعلوم أنه جاء في القرآن: (جبريل وميكال) كما في سورة البقرة، فهذا فيه الإشارة إلى تلك القراءة، وهذه القراءة هي إحدى القراءات المتواترة والموجودة في المصحف الذي بين أيدينا، وهي قراءة عاصم بن أبي النجود ، ففيها جبريل وميكال في سورة البقرة: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ [البقرة:98] وفي سورة التحريم قول الله عز وجل: وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ [التحريم:4]، و(جبريل) فيه قراءة أخرى بفتح الجيم، وقراءة على وزن سلسبيل، وكل هذه الثلاث من القراءات المتواترة. وكذلك أيضاً (ميكال) جاءت به قراءة متواترة في سورة البقرة، والحديث كما هو واضح فيه ذكر هذا اللفظ الذي جاء في الحديث، وهو مطابق لإحدى القراءات المتواترة التي جاءت في القرآن الكريم. ثم بعد ذلك ذكر أبو داود مقولة خلف ، ويحتمل أن يكون أحد القراء العشرة، ويحتمل أن يكون أحد الرواة عن القراء السبعة، ولا أدري من المراد بخلف هذا الذي أشار إليه أبو داود والذي قال: [ منذ أربعين سنة لم أرفع قلمي عن كتابة الحروف ]، وهذا يبين لنا أن الحروف يراد بها القراءات لا الأحرف السبعة، وقد أشرت فيما مضى إلى أن قوله: [ كتاب الحروف والقراءات ] المقصود به القراءات، فتكون الحروف والقراءات من الألفاظ المترادفة، المتفقة في المعنى المختلفة في اللفظ، مثل قول الشاعر: (وألفى قولها كذباً ومينا)، والكذب هو المين، فيعطف الشيء على نفسه مع التغاير في اللفظ، وليس مع اتحاد اللفظ. والعبارة التي ذكرها أبو داود عن خلف تبين أن المقصود بالحروف القراءات وليس الأحرف السبعة، وسبق أن أشرت إلى أن الأحرف السبعة ذكرها أبو داود في كتاب الوتر حيث عقد لذلك باباً وقال: [ باب أنزل القرآن على سبعة أحرف ]. [ قال أبو داود : قال خلف: منذ أربعين سنة لم أرفع القلم عن كتابة الحروف، ما أعياني شيء ما أعياني جبريل وميكائيل ]. وذلك لكثرة اللغات والقراءات فيها؛ لأن فيها قراءات ولغات كثيرة تبلغ ثلاث عشرة، لكن المتواتر منها هو: جبريل وجبرائيل. وفي الحديث الآخر: عن أبي سعيد قال: (ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الصور، فقال: عن يمينه جبرائيل وعن يساره ميكائيل). وهذا حديث آخر، وصاحب الصور المراد به الذي ينفخ في الصور، وقد اشتهر بأنه إسرافيل، ولا نعلم حديثاً صحيحاً يدل على تسميته بذلك ولكنه مشهور، وذكره ابن كثير في تفسيره وقال: الصحيح أنه إسرافيل، وأن إسرافيل ينفخ في الصور، وذلك في سورة الأنعام عند قوله: قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ [الأنعام:73] لكن لم أقف على حديث في الصحيح يدل على التسمية، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يتوسل إلى الله عز وجل بربوبيته لجبريل وميكائيل وإسرافيل كما جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)، فكان يتوسل إلى الله عز وجل بهؤلاء الأملاك الثلاثة. وقال بعض العلماء في سبب نصه على هؤلاء الملائكة الثلاثة: لأن كل واحد منهم موكل بنوع من أنواع الحياة، فجبريل موكل بالوحي الذي به حياة القلوب، وميكائيل موكل بالقطر الذي به حياة الأبدان، وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور الذي به الحياة بعد الموت، فكان صلى الله عليه وسلم يتوسل لله بربوبيته لهؤلاء الأملاك الثلاثة لأنهم موكلون بأنواع الحياة: حياة القلوب، وحياة الأبدان، والحياة بعد الموت عند نفخة البعث التي يخرج الناس بها من القبور. وقيل: إن الذي يتولى ذلك هو إسرافيل وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [الزمر:68] نفخة الموت ونفخة البعث؛ لأن نفخة الموت إذا حصلت يموت من كان حياً، فيتساوى أول الخلق وآخرهم بالموت، ثم تحصل النفخة الثانية فيقوم الأولون والآخرون من قبورهم من لدن آدم إلى الذين قامت عليهم الساعة، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أول من ينشق عنه القبر، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا سيد الناس يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع) فقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أول القبور انشقاقاً عن صاحبه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. قال صاحب العون: وأخرج سعيد بن منصور و أحمد و الحاكم وصححه و البيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم (إسرافيل صاحب الصور، وجبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وهو بينهما) كذا في الدر المنثور. لكن لا أدري عن صحته، لكن ابن كثير رحمه الله قال: في الصحيح، ولا أدري ما المقصود بالصحيح، وغالباً أنه عندما يذكر الصحيح يقصد الصحيحين أو أحدهما، وقد يراد به الحديث الصحيح، فيكون أعم من أن يكون في الصحيحين وفي غيرهما.
تراجم رجال إسناد حديث (حدث رسول الله حديثاً ذكر فيه جبريل وميكال...)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ ومحمد بن العلاء ]. محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن محمد بن أبي عبيدة ]. محمد بن أبي عبيدة ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا أبي ]. أبوه ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن الأعمش ]. الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعد الطائي ]. سعد الطائي لا بأس به، وهي بمعنى صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن عطية العوفي ]. عطية بن سعد العوفي صدوق يخطئ كثيراً ويدلس، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبي سعيد الخدري ]. أبو سعيد الخدري رضي الله عنه هو سعد بن مالك بن سنان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود : قال خلف ]. وخلف بن هشام هو الذي يروي عن حمزة الزيات ، وهو ينفرد أحياناً بقراءة مستقلة، فلذلك يقولون: يخالف له اختيارات. خلف بن هشام ثقة أخرج له مسلم و أبو داود . [ حدثنا زيد بن أخزم ]. زيد بن أخزم ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا بشر -يعني: ابن عمر - ]. بشر بن عمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
دقة علماء الحديث في أسانيد الأحاديث وتراجم الرواة


كلمة [ يعني: ابن عمر ] المقصود منها: أن زيد بن أخزم تلميذ بشر بن عمر عبر عنه ببشر فقط ولم ينسبه، ولم يقل: ابن عمر، فمن دون أبي داود من الرواة عن أبي داود هم الذين نسبوه فقالوا: ابن عمر. وهذا من دقة المحدثين أنهم يأتون بالإسناد على ما هو عليه، وإذا زادوا شيئاً للتوضيح فيأتون بعبارة تبين أن هذه الزيادة ليست من التلميذ، والتلميذ اقتصر على الاسم، فمن جاء من دون التلميذ وأراد أن ينسبه نسبة يتبين ويعرف بها أتى بكلمة (يعني) حتى يعرف أنها ليست من التلميذ، وهذا من الدقة وتمام العناية في الرواية والمحافظة على الألفاظ في الأسانيد، وعدم الزيادة فيها، وإذا وجدت زيادة فإنه يؤتى بما يدل عليها، إما بكلمة (يعني) كما هنا أو بكلمة (هو) وتأتي كثيراً في بعض الأسانيد: فلان هو ابن فلان، عن فلان هو ابن فلان، فيعبر بـ: هو، أو يعبر بـ: يعني. وكلمة (يعني) فعل مضارع لها قائل ولها فاعل، ففاعلها ضمير مستتر يرجع إلى التلميذ الذي هو زيد بن أخزم ، والذي قالها هو أبو داود أو من دون أبي داود من أجل التوضيح والبيان.

ترجمة أبي معاوية الضرير وروايته لحديث جبرائل وميكائل


[ حدثنا محمد بن خازم ]. محمد بن خازم هو أبو معاوية الكوفي الضرير ، مشهور بكنيته، وكثيراً ما يأتي بكنيته فيقال: أبو معاوية ، وأحياناً يأتي باسمه كما هنا، وأكثر ما يأتي في الروايات بكنيته، وإتيانه باسمه قليل. ومعرفة الكنى للمحدثين هي من أنواع علوم الحديث التي تأتي في علم المصطلح؛ لأن من علوم الحديث التي هي جزئيات علم المصطلح معرفة الكنى، قالوا: وفائدة معرفتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين، بحيث إذا ذكر مرة باسمه ومرة بكنيته فالذي لا يعرف الحقيقة يظن أن أبا معاوية شخص وأن محمد بن خازم شخص آخر، لكن من كان على علم بأن محمد بن خازم كنيته: أبو معاوية ، فلا يلتبس عليه الأمر، إن جاء محمد بن خازم فهو الذي يكنى بأبي معاوية ، وإن جاء بأبو معاوية فاسمه: محمد بن خازم ، وليس في ذلك لبس. وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ذكر كيف قراءة جبرائيل وميكائيل عند الأعمش ، فحدثنا الأعمش عن سعد الطائي عن عطية العوفي عن أبي سعيد ]. ثم إنه قال: أبو معاوية ذكر قراءة جبريل وميكائيل عند الأعمش فذكر عن سعد الطائي عن عطية عن أبي سعيد قال: (ذكر صلى الله عليه وسلم صاحب الصور فقال: عن يمينه جبرائل وعن يساره ميكائل). تنبيه: جبريل وميكال هي قراءة حفص عن عاصم ، أما شعبة عن عاصم فقرأ: جبرائيل وميكائيل يعني: القراءة التي بأيدينا قراءة عاصم بن أبي النجود من رواية حفص ، ومعلوم أن من رواته حفص و شعبة ، والمصحف الذي بين أيدينا هو من رواية حفص . والمشهور عند الناس أن اسم ملك الموت: عزرائيل، ولكن لا أعلم لذلك شيئاً يدل عليه.
شرح حديث (... يقرءون (مالك يوم الدين) وأول من قرأها...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري -قال معمر : وربما ذكر ابن المسيب - قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم و أبو بكر و عمر و عثمان رضي الله عنهم يقرءون: (مالك يوم الدين) وأول من قرأها: (ملك يوم الدين) مروان). قال أبو داود : هذا أصح من حديث الزهري عن أنس ، و الزهري عن سالم عن أبيه ]. أورد أبو داود أثراً مرسلاً عن الزهري ، وربما ذكر سعيد بن المسيب ، فيكون مرسلاً من الزهري أو من سعيد بن المسيب و سعيد بن المسيب من كبار التابعين، و الزهري من صغار التابعين يروي عن صغار الصحابة؛ لأنه يروي عن أنس بن مالك وهو من صغار الصحابة الذين عمروا حتى أدركهم مثل الزهري وروى عنهم. وسواء كان المرسل هو الزهري أو سعيد بن المسيب فكل يقال له مرسل، والمرسل: هو الذي يقول فيه التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، ويضيف المتن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو المرسل في اصطلاح المحدثين ومعنى ذلك أن الواسطة محذوفة. (كان النبي صلى الله عليه وسلم و أبو بكر و عمر و عثمان يقرءون: (مالك يوم الدين)) يعني: بالألف بعد الميم، وهي قراءة متواترة، وكذلك قراءة: ( ملك يوم الدين ) قراءة متواترة، والحديث هذا وإن كان مرسلاً والمرسل من قسم الضعيف وهو لا يصح؛ لأن المشهور المعروف عند المحدثين أن التابعي إذا قال قال رسول صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون المحذوف صحابياً وأن يكون المحذوف تابعياً، وعلى احتمال أنه تابعي يحتمل أن يكون ثقة وأن يكون ضعيفاً، فمن أجل ذلك رد المرسل؛ لكن القراءة متواترة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي القراءة التي في المصحف التي بأيدينا كقراءة حفص عن عاصم . قال: [ وأول من قرأها: ( ملك يوم الدين ) مروان ]. يعني: أنه سمع منه ذلك، أو أنه أظهر ذلك، وإلا فإن القراءة ثابتة، وأول من قرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن القراءات كلها مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أيضاً قضية أول من قرأ بها من الأمراء هذا يحتاج إلى بحث ونظر؛ لأنه يحتاج إلى أن ينظر في الخلفاء الراشدين وكذلك من بعدهم مثل معاوية هل حصل منهم هذه القراءة أم لا؟
تراجم رجال إسناد حديث (... يقرءون (مالك يوم الدين) وأول من قرأها ...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال معمر : وربما ذكر ابن المسيب ]. أي: قال معمر : وربما ذكر الزهري ابن المسيب ، ومعناه: أن الإرسال قد يكون من ابن المسيب ، وقد يكون من الزهري، وعلى كل حال هو مرسل، سواء كان الذي أرسله الزهري أو ابن المسيب .
فقهاء المدينة السبعة

وابن المسيب ثقة، وأحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والفقهاء السبعة ستة متفق على عدهم وواحد مختلف فيه، والمتفق على عدهم هم: سعيد بن المسيب و خارجة بن زيد و القاسم بن محمد و سليمان بن يسار و عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود و عروة بن الزبير . والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، هؤلاء الثلاثة مختلف في عدهم في الفقهاء السبعة. و ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين ذكر في مقدمته جملة من الفقهاء المفتين المعروفين بالفتوى في مختلف الأمصار من الصحابة والتابعين، ولهذا يقال للكتاب: إعلام الموقعين وليس أعلام الموقعين، لأنه ليس كتاب تراجم حتى يقال له أعلام، وإنما هو إعلام، بمعنى إخبار الموقعين، وهم الذين يفتون ويبينون الأحكام الشرعية، ويوقعون عن الله بأن يبينوا الأحكام الشرعية، فذكر في أول كتابه إعلام الموقعين جملة من أهل الفتوى من الصحابة ومن بعدهم في مختلف الأمصار في المدينة ومكة والبصرة والشام ومصر، ولما جاء عند المدينة وجاء عند ذكر التابعين ذكر أن منهم الفقهاء السبعة، وذكر السابع منهم: أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وما ذكر غيره، وذكر بيتين من الشعر يشتمل البيت الثاني منهما على السبعة: إذا قيل من في العلم سبعة أبحر روايتهم ليست عن العلم خارجة فقل هم عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة فهذا البيت الثاني يشتمل على أسماء الفقهاء السبعة والسابع فيهم هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام . [ قال أبو داود : هذا أصح من حديث الزهري عن أنس والزهري عن سالم عن أبيه ]. ومعلوم أن هذا الذي ذكره مرسل ليس بصحيح، لكن سواء صح أو لم يصح فإن القراءة متواترة: ( مالك يوم الدين )، وهي القراءة التي في المصحف الذي بين أيدينا.
المكثرون في رواية الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم


[ عن أنس ]. أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، و الزهري يروي عن أنس ، وأنس من صغار الصحابة والزهري من صغار التابعين، فصغار التابعين يروون عن صغار الصحابة. [ و الزهري عن سالم عن أبيه ]. الزهري عن سالم عن أبيه من طريق آخر، وسالم هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب وهو أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع، وأبوه عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهم: عبد الله بن عمر و عبد الله بن عمرو و عبد الله بن عباس و عبد الله بن الزبير . وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم: أبو هريرة و ابن عمر و ابن عباس و أبو سعيد و جابر و أنس وأم المؤمنين عائشة ، ستة رجال وامرأة واحدة، وقد جمعهم السيوطي في ألفيته بقوله: والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر وأنس والحبر كالخدري وجابر وزوجة النبي والمشهور عند العلماء أن المرسل ليس بحجة، وإن كانوا متفقين على قبول مراسيل سعيد لكن كما عرفنا أن المقصود بالحديث ليس فيه إشكال؛ لأن القراءة متواترة.
شرح حديث قراءة (ملك يوم الدين...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سعيد بن يحيى الأموي حدثني أبي حدثنا ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة عن أم سلمة رضي الله عنها: (أنها ذكرت -أو كلمة غيرها- قراءة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:1-4]، يقطع قراءته آية آية). قال أبو داود : سمعت أحمد يقول: القراءة القديمة ( مالك يوم الدين ) ]. أورد أبو داود حديث أم سلمة الذي فيه: أنها ذكرت -أو كلمة نحو كلمة ذكرت- يعني: عبارة تشبهها ليس متأكداً من لفظ الكلمة التي ذكرت عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع قراءته فيقول: ( بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:1-4] يقف عند كل آية، ويأتي بكل آية على حدة، ويقف على رأس كل آية. و(ملك يوم الدين) هذه التي جاءت في هذه الرواية عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها في كيفية قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم لسورة الفاتحة كما عرفنا هي إحدى القراءات المتواترة. [ قال أبو داود : سمعت أحمد يقول: القراءة القديمة ( مالك يوم الدين ) ]. هي كلها متواترة كما عرفنا، فلا أدري ما وجه التعبير بالقديمة، لأنها كلها ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث قراءة (ملك يوم الدين...)


قوله: [ حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ]. سعيد بن يحيى الأموي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثني أبي ]. أبوه هو يحيى بن سعيد الأموي ، وهو صدوق يغرب أخرج له أصحاب الكتب الستة. و يحيى بن سعيد في الصحيحين أربعة أشخاص: اثنان في طبقة، واثنان في طبقة، فاثنان في طبقة متقدمة وهم: يحيى بن سعيد الأنصاري المدني ، و يحيى بن سعيد التيمي ، في طبقة صغار التابعين، و يحيى بن سعيد الأموي و يحيى بن سعيد القطان في طبقة متأخرة؛ لأن كلاً منهما من طبقة شيوخ شيوخ أبي داود ، قالوا: و يحيى الأموي يعرف برواية ابنه عنه، فاثنان في طبقة متأخرة وهي طبقة شيوخ شيوخ أصحاب الكتب الستة، وطبقة متقدمة وهي طبقة صغار التابعين. [ حدثنا ابن جريج ]. ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن أبي مليكة ]. عبد الله بن أبي مليكة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أم سلمة ]. أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (... فإنها تغرب في عين حامية)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة و عبيد الله بن عمر بن ميسرة المعنى، قالا: حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو على حمار، والشمس عند غروبها، فقال: (هل تدري أين تغرب هذه؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها تغرب في عين حامية) ]. أورد أبو داود حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتدري أين تغرب الشمس؟). قوله: (كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار)، هذا يفيد بأن أبا ذر ممن أردفه النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، وقد جمع ابن مندة الذين أردفهم النبي صلى الله عليه وسلم خلفه فبلغوا ثلاثين رجلاً، وأفردهم ابن مندة رحمه الله في جزء، ومنهم أبو ذر كما جاء في هذا الحديث، ومنهم معاذ في الحديث المشهور: (أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟). قال: (هل تدري أين تغرب هذه؟ قلت: الله ورسوله أعلم) والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم عندما يسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء وهم لا يعرفون جوابه، يقولون: الله ورسوله أعلم، والرسول صلى الله عليه وسلم يسألهم مثل هذا السؤال من أجل أن يتهيئوا ويستعدوا لمعرفة الجواب، فإذا كان لا يعلم يقول: الله ورسوله أعلم، ويكون في ذلك استعداد وتهيؤ لمعرفة الجواب، وكثيراً ما يحصل من رسول الله عليه الصلاة والسلام، أن يسأل مثل هذا السؤال فيقول المسئول: الله ورسوله أعلم. وقول: (الله ورسوله أعلم) كان عندما يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، أما بعد ذلك فإن المسئول يقول: الله أعلم، ولا يقول: الله ورسوله أعلم، لأنه قد يسأل عن أمر غيبي لا يعلمه إلا الله، مثل لو أن إنساناً قال: متى تقوم الساعة؟ فلا يجوز لأحد أن يقول: الله ورسوله أعلم؛ لأن الرسول لا يعلم وقت قيام الساعة، ولكن يضاف العلم إلى الله عز وجل فيقال: الله أعلم، ولا يقال: الله ورسوله أعلم، وإنما كان هذا يقوله الصحابة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يسألهم. وهذا السؤال من كمال بيانه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فإنه يأتي بطرق من أجل فهم الشيء مثل هذا السؤال، ومثل كونه يأتي بالشيء موصوفاً بأوصاف، مثل قوله: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان)، يصف الكلمتين بأوصاف تجعل الذي يسمع يتشوف إلى معرفة هاتين الكلمتين، ثم قال: (سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) إلى أمثال ذلك، فهذا من كمال بيانه وفصاحته وبلاغته وكمال نصحه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهو عليه الصلاة والسلام أنصح الناس للناس، وأكملهم بياناً وأفصحهم لساناً صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. قال: (تغرب في عين حامية) وهذه قراءة أيضاً متواترة، وفي القراءة التي سبق أن مرت: (عين حمئة)، وهي التي في المصحف الذي بين أيدينا، والمقصود من ذلك أنها في نهايتها، فعندما يكون الإنسان في نهاية الأرض فإنه يراها رأي العين كأنها تسقط في البحر، ومعلوم أنها تدور في فلكها، وهي تغيب عن أناس وتظهر على أناس، لا أنها تغادر وتبقى الدنيا كلها في ظلام دامس لا وجود لها، بل إنها تكون موجودة، ولكنها تغيب عن أناس وتظهر على أناس، كما هو الواقع المشاهد وكما هو معلوم من قبل. جاء عن ابن عباس في حديث صحيح ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره، وابن كثير أورده عنه في تفسير سورة لقمان عند قول الله عز وجل: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ [لقمان:29] وقال: إنه إسناد صحيح، وذكر عن ابن عباس : (أن الشمس عندما تغرب تكون عند أناس آخرين وأنها تكون في جهة أخرى). وهذا يبين أيضاً أن الأرض كروية؛ لأنها لو كانت مسطحة فإنها إذا ظهرت ظهرت على الأرض كلها من أولها إلى آخرها، لكن كونها تظهر على أناس وتغيب عن أناس هذه دلالة على أنها كروية، وهذا شيء معروف من قديم الزمان، وليس هذا من المحدثات التي وجدت في هذا العصر، فيذكرون في علم الجغرافيا من الأدلة التي تدل على كرويتها أن الإنسان لو وضع له ثلاثة أعمدة متساوية وجعل بعضها وراء بعض ثم نظر من مكان بعيد رأى أنها غير متساوية، فهذا من الأدلة الحسية التي يستدلون بها على أن الأرض كروية. وقد ذكر أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين وكان إماماً أشعرياً ووفقه الله عز وجل إلى ترك مذهب الأشاعرة إلى مذهب أهل السنة، فألف رسالة قيمة ينصح فيها شيوخه وتلاميذه وزملاءه أن يكونوا على منهج وطريقة السلف في إثبات الصفات وترك التأويل، وهي رسالة من أحسن الرسائل وفائدتها قيمة، وذلك أنه كما يقولون: حديث القلب، أو من القلب إلى القلب؛ لأنه حريص على هداية شيوخه، ويحب أن يهتدوا كما اهتدى، فله رسالة قيمة وهي مطبوعة ضمن مجموعة الرسائل المنيرية، وقد ذكر فيها شيئاً حول الأرض وكرويتها، قال: لو أن إنساناً انطلق من نقطة معينة متجهاً إلى الغرب ثم واصل السير باستمرار وبدون انقطاع فإنه سيئول به الأمر إلى أن يصل إلى مكان نقطته من الشرق. وعندما وجد العلم الحديث وحصلت الاتصالات تأكد الناس أن جماعة عندهم ليل وجماعة عندهم نهار. إذاً: هذا شيء معروف من قديم الزمان. إذاً: من يكون في آخر اليابس وطرف البحر أو من يكون مثلاً في مكان غربه بحر فإنه يرى أن الشمس كأنها غربت في البحر وهي ما دخلت فيه، وإنما هي في مسارها، لكن في رأي العين هي كذلك.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 02-07-2025, 03:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,905
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث (... فإنها تغرب في عين حامية)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة مر ذكره. [ وعبيد الله بن عمر بن ميسرة ]. عبيد الله بن عمر بن ميسرة هو القواريري ثقة أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ قالا: حدثنا يزيد بن هارون ]. يزيد بن هارون الواسطي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان بن الحسين ]. سفيان بن الحسين ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ عن الحكم بن عتيبة ]. الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إبراهيم التيمي ]. إبراهيم بن يزيد التيمي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. يزيد بن شريك ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. وهذا يتفق مع إبراهيم النخعي في اسمه واسم أبيه، إبراهيم بن يزيد ، إبراهيم بن يزيد النخعي و إبراهيم بن يزيد التيمي ، إلا أن هذا تيمي وذاك نخعي. [ عن أبي ذر ]. أبو ذر هو جندب بن جنادة رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشهور بكنيته، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
سجود الشمس تحت العرش وكروية الأرض

لكي نجمع بين القول بأن الشمس عندما تغرب تطلع على أناس آخرين، والقول بأن الشمس عندما تغرب تذهب وتسجد تحت العرش، نقول: هذا على حقيقته، ومعلوم أنها في مسارها إلى تحت العرش، وأنها تسجد، ولكن لا يقال: إن الشمس تذهب من الدنيا وتخلو منها، ويبقى الناس في فترة من الفترات في ظلام دامس لا وجود للشمس عندهم، فهو على حقيقته، هي في مسارها وهي تسجد تحت العرش. وبما أننا تطرقنا إلى كروية الأرض، ومعلوم أن في علم الجغرافيا أن الأرض تدور، والشمس ثابتة، وكما هو معلوم فإن العلماء في هذا الزمان مختلفون، وشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه قرر أنها ثابتة وأنها مستقرة ساكنة، وألف في ذلك رسالة اسمها: الأدلة الحسية والنقلية على سكون الأرض وجريان الشمس وإمكان الوصول إلى الكواكب، وهي مطبوعة.
شرح حديث (أي آية في القرآن أعظم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرني عمر بن عطاء : أن مولى لابن الأسقع -رجل صدق- أخبره عن ابن الأسقع رضي الله عنه أنه سمعه يقول: (إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جاءهم في صفة المهاجرين، فسأله إنسان: أي آية في القرآن أعظم؟ قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [البقرة:255]) ]. أورد أبو داود حديث ابن الأسقع رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءهم في صفة المهاجرين، وهو مكان في المسجد يأوي إليه فقراء المهاجرين الذين ليس لهم مساكن، فيكونون فيه ويقال لهم: أهل الصفة، فسأله إنسان: أي آية في القرآن أعظم؟ فقال: ((الله لا إله إلا هو الحي القيوم))، يعني: آية الكرسي، وهذه القراءة في (القيوم)، هي إحدى القراءات، وفي بعض القراءات (القيام). قال صاحب عون المعبود: قال البغوي : قرأ عمر و ابن مسعود : ( القيام ) وقرأ علقمة: ( القيم ) وكلها لغات بمعنى واحد. انتهى. وفي روح المعاني: القيوم صيغة مبالغة للقيام، وأصله قيوم ] يعني: القراءة المشهورة والتي هي في السبع المتواترة (القيوم) كما هو موجود عندنا في المصحف. والرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه في الحديث الصحيح: أن أبي بن كعب رضي الله عنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (تدري أي آية في كتاب الله هي أعظم؟ فقال: الله ورسوله أعلم، قال: أي آية في كتاب الله أعظم؟ قلت: (( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ))[البقرة:255] فضرب على صدره وقال: ليهنك العلم أبا المنذر) وكنية أبي بن كعب هي: أبو المنذر رضي الله تعالى عنه.
تراجم رجال إسناد حديث (أي آية في القرآن أعظم)


قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ] محمد بن عيسى هو الطباع ، وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة. [ حدثنا حجاج ] حجاج هو ابن محمد المصيصي الأعور، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، قد مر ذكره. [ عن عمر بن عطاء ] عمر بن عطاء ثقة أخرج له مسلم و أبو داود . وعمر بن عطاء هذا الذي هو يروي عنه ابن جريج، وهو عمر بن عطاء بن أبي الخوار ، ويوجد عمر بن عطاء بن وراز، حجازي ضعيف من الثالثة، وقد وهم من خلطه بالذي قبله، أخرج له أبو داود و ابن ماجة. والذي قبله هو: عمر بن عطاء بن أبي الخوار المكي مولى بني عامر، ثقة أخرج له مسلم وأبو داود. [ أن مولى لابن الأسقع رجل صدق أخبره ] هذا تعديل مع الإبهام، ومعلوم أن التعديل مع الإبهام فيه نظر، وغير معول عليه، وقد قال بعض أهل العلم: إنه لا يكفي التعديل مع الإبهام؛ لأنه قد يكون ثقة عنده ومجروحاً عند غيره، لكن الحديث موجود في الصحيح من حديث أبي بن كعب، وهو ثابت أن آية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله. [ عن ابن الأسقع ] واثلة بن الأسقع صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وصف صفة المهاجرين

صفة المهاجرين أو الصفة، أحياناً يذكر الشيء غير مضاف لكنه محلى بالألف واللام، يعني أن (أل) تأتي مكان المضاف إليه، وهذا كثيراً ما يأتي في القرآن والسنة وكلام العرب وكلام العلماء مثلما يقال: قال الحافظ في الفتح، يعني فتح الباري، قال الحافظ في البلوغ، يعني بلوغ المرام، وقد جاء في القرآن: فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات:41] يعني: فإن الجنة هي مأواه. وأما: هل المنصة التي تكون وراء مقام النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه مكان أهل الصفة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فالله أعلم. وهذا المكان المرتفع الذي وراء القبر الحقيقة أنه لا ينبغي أن يوجد، وذلك أنه يأتي إليه أناس يقصدونه فيصلون وراء القبر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا إليها).
شرح أثر قراءة ابن مسعود (هيت لك...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري حدثنا عبد الوارث حدثنا شيبان عن الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ: هَيْتَ لَكَ [يوسف:23] فقال شقيق: إنا نقرؤها: (هِئْتُ لك)، يعني قال ابن مسعود: أقرؤها كما عُلَّمت أحب إلي ]. أورد المصنف حديث شقيق عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قرأ هَيْتَ لَكَ [يوسف:23] في قصة يوسف مع امرأة العزيز: وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ [يوسف:23] بفتح الهاء والياء الساكنة والتاء المفتوحة، فقال شقيق: إنا نقرؤها: ( هِئْتُ لك ) بالهاء المكسورة والهمزة الساكنة والتاء المضمومة، يعني: تهيأت لك وأعددت نفسي لك، فقال عبد الله : إنا نقرؤها كما علمنا، يعني أن الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي أخذه عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (( هَيْتَ لَكَ ))، وهذه القراءة التي هي (( هَيْتَ لَكَ )) هي القراءة الموجودة في المصحف الذي بين أيدينا.
تراجم رجال إسناد أثر قراءة ابن مسعود (هيت لك...)


قوله: [ حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري ] ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الوارث ] عبد الوارث بن سعيد العنبري، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شيبان ] شيبان بن عبد الرحمن، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش عن شقيق ] الأعمش مر ذكره، وشقيق هو ابن سلمة أبو وائل ، ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته ومشهور باسمه، فأحياناً يقال: أبو وائل دون أن يذكر اسمه، وأحياناً يقال شقيق دون أن تذكر كنيته، وهو ثقة مخضرم أخرج له أصحاب الكتب الستة. وعبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح أثر قراءة ابن مسعود (هيت لك...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق قال: قيل لعبد الله رضي الله عنه: إنا أناساً يقرءون هذه الآية: وَقَالَتْ هِيْتَ لَكَ [يوسف:23] فقال: إني أقرأ كما علمت أحب إلي (( وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ )) ]. قوله: [ حدثنا هناد ] هناد بن السري أبو السري، ثقة أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو معاوية ]. أبو معاوية محمد بن خازم . [ عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله ] وقد مر ذكرهم.
شرح حديث (قال الله عز وجل لبني إسرائيل ( ... تغفر لكم خطاياكم ) ) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ح وحدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب أخبرنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (قال الله عز وجل لبني إسرائيل: ( ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة تغفر لكم خطاياكم )) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في قصة بني إسرائيل: ( ادخلوا الباب سجداً تغفر لكم خطاياكم ) بالتاء، وهي قراءة متواترة، وجاء أيضاً قراءة: نَغْفِرْ لَكُمْ [البقرة:58] وهي القراءة التي بين أيدينا، وجاءت بقراءة: ( يغفر )، وكل هذه القراءات الثلاث متواترة. قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ، ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل. [ سليمان بن داود المهري ]. سليمان بن داود المهري المصري، ثقة أخرج له أبو داود والنسائي. وإنما جاء بالتحويل بين الشيخين؛ لأن صيغة الشيخين مختلفة؛ لأن الشيخ الأول عبر بحدثنا والشيخ الثاني عبر بأخبرنا، فمن أجل ذلك أتى بالتحويل حتى يتبين لفظ هذا من لفظ هذا، وإلا فإن الغالب على استعمال أبي داود عند الاتحاد في الصيغة أنه يقول: حدثنا فلان وفلان عن فلان، ولكنه هنا قال: حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا ح حدثنا سليمان بن داود أخبرنا، فالمقصود من ذلك التفريق يبن حدثنا وأخبرنا. ومعلوم أن حدثنا وأخبرنا ليس بينهما فرق، فيعبر بأخبرنا وحدثنا، ولكن المشهور أن حدثنا فيما سمع من لفظ الشيخ، وأخبرنا فيما إذا قرئ على الشيخ والذي يروي عنه يسمع، وأحياناً يؤتى بحدثنا مكان أخبرنا وأخبرنا مكان حدثنا. [ أخبرنا ابن وهب ]. عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا هشام بن سعد ]. هشام بن سعد صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن زيد بن أسلم ]. زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء بن يسار ]. عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعيد الخدري ]. أبو سعيد الخدري مر ذكره.

طريق أخرى لحديث: (قال الله لبني إسرائيل (تغفر لكم خطاياكم) ) وتراجم رجالها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا جعفر بن مسافر حدثنا ابن أبي فديك عن هشام بن سعد بإسناده مثله ]. أورد الحديث من طريق آخر وأحال إلى الإسناد المتقدم. قوله: [ جعفر بن مسافر ]. صدوق ربما أخطأ، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ عن ابن أبي فديك ]. ابن أبي فديك هو محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام بن سعد بإسناده مثله ]. هشام بن سعد مر ذكره.
شرح حديث ( ... فقرأ علينا (سورة أنزلناها وفرضناها) )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا هشام بن عروة عن عروة أن عائشة رضي الله عنها قالت: (نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقرأ علينا: سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا [النور:1]). قال أبو داود: يعني مخففة، حتى أتى على هذه الآيات ]. أورد أبو داود حديث عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليه الوحي فقرأ علينا: سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا أي: بالتخفيف في (( وَفَرَضْنَاهَا )) وفي قراءة: ( فرَّضناها ) يعني: فصلناها وبيناها. والمقصود من قوله بالتخفيف في (( وَفَرَضْنَاهَا )) أي: تخفيف الراء غير مشددة، والقراءة الثانية هي: ( فرَّضناها ) وهي متواترة. قال في العون: مخففة كما في قراءة الأكثرين، قال البغوي : قرأ ابن كثير وأبو عمرو : (وفرَّضناها) بتشديد الراء.

تراجم رجال إسناد حديث [ فقرأ علينا (سورة أنزلناها وفرضناها) ]


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد بن سلمة بن دينار البصري ، ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا هشام بن عروة ]. هشام بن عروة بن الزبير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة ]. عروة بن الزبير بن العوام، ثقة فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ] عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الأسئلة



طهارة الماء المشمس


السؤال: هل الماء المشمس ترتفع عنه الطهارة؟ الجواب: لا ترتفع عنه الطهارة، فالماء الذي في الشمس أو في الظل كله طهور.

حديث ( خيار أمتي علماؤها ... ) موضوع


السؤال: (خيار أمتي علماؤها، وخيار علمائها رحماؤها، ألا وإن الله تعالى ليغفر للعالم أربعين ذنباً قبل أن يغفر للجاهل ذنباً واحداً، ألا وإن العالم الرحيم يجيء يوم القيامة وإن نوره قد أضاء يمشي فيه ما بين المشرق والمغرب كما يضيء الكوكب الدري) ما حكم هذا الحديث؟ الجواب: قال عنه الشيخ ناصر موضوع.

حكم بيع أمهات الأولاد

السؤال: هل النهي عن بيع أمهات الأولاد من النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول عمر؟ الجواب: سبق أن مر بنا هذا، وأنه ثابت في الحديث. على كل فإن القول الصحيح أنه منهي عنه، وأنه لا تباع أمهات الأولاد لأن أمهات الأولاد يعتقن بالموت، وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يعزلون عن الإماء خشية أن يحملن، لأنهن إذا حملن منعوا من التصرف فيهن بالبيع، فكانوا يعزلون عنهن لئلا يحملن ليتمكنوا من بيعهن؛ لأنهن لو حملن وولدن يكن أمهات أولاد، وأمهات الأولاد لا يبعن. ومر معنا حديث سلامة بنت معقل قالت: (قدم بي عمي في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو ، وقالت لها ضرتها: الآن والله تباعين في دينك، فلما جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ولي الحباب ؟ قيل: أخوه أبو اليسر بن عمرو ، فبعث إليه فقال: أعتقوها، فإذا سمعتم برقيق قدم علي فائتوني أعوضكم عنها، قالت: فأعتقوني، وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم رقيق فعوضهم مني غلاماً) . وجاء عن جابر قال: (بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبي بكر ، فلما كان عمر نهانا فانتهينا) وهذا إذا صح يمكن أنه لم يكن معلوماً عند البعض.

حكم قول المأموم (بلى) في صلاة الفريضة


السؤال: هل يجوز للمأموم أن يقول: بلى، في الصلاة يجهر بها إذا قرأ الإمام: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ [التين:8] أو: أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى [القيامة:40] ؟ الجواب: ما ثبت في: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ [التين:8] لكنه ثبت في: أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى [القيامة:40] لكن كونها تقال في صلاة الفريضة لا أدري.

حكم قول (صدق الله العظيم) بعد القراءة


السؤال: ما حكم من يقول بعد انتهاء القراءة: صدق الله العظيم؟ الجواب: لا نعلم شيئاً يدل على مشروعية هذا، وهذا من الشيء الذي انتشر في هذا الزمان، ولا أعلم له أصلاً.

حكم الاجتماع للقراءة ثم الذبح عند الختم


السؤال: هل الاجتماع لقراءة القرآن وختمه وذبح شاة عند الختم جائز أم لا؟ وإن كان جائزاً فما الدليل؟ الجواب: قراءة القرآن وختمه على سبيل التناوب بحيث إن هذا يقرأ مقطعاً من القرآن والذي بعده يقرأ والباقون يسمعون ويتابعون، هذا صحيح، لأن كل واحد يعتبر إما قارئاً أو مستمعاً، وإذا فعلوا شيئاً بعد ذلك شكراً لله عز وجل على هذه النعمة، وأعطوه للفقراء والمساكين فلا أعلم شيئاً يمنعه، لكن لا يقال: إن هذا سنة وإنه مشروع أن الإنسان يفعل هذا الشيء، وإنما يقال: جائز من باب الشكر لله عز وجل، كمن حصل له شيء فيذبح شاة، لكن لا على أنه سنة.

حكم العقيقة عن الذكر بشاة واحدة


السؤال: رزقت بمولود ذكر ولا أستطيع أن أعق عنه شاتين، فهل تكفي واحدة وتكون الثانية قضاء بعد فترة؟ الجواب: السنة كما هو معلوم أن الغلام عنه شاتان، والجارية عنها شاة واحدة.

حكم القراءة في الصلاة بعدة قراءات

السؤال: هل يجوز تعدد القراءات في صلاة واحدة، بأن يقرأ الفاتحة بقراءة وبعض الآيات بقراءة وينوع في صلاة واحدة؟ الجواب: ليس بجيد، لاسيما عند الناس الذين لا يعرفون القراءات، فإن هذا يشوش عليهم، وقد يردون عليه يحسبون أنه أخطأ، وقد يحصل منه خطأ والناس لا يعرفون أنه أخطأ ما دام يقرأ بقراءة أخرى، فقد يأتي بشيء هو خطأ، فلا يصلح هذا إلا للتعليم، بأن يأتي بالآية على قراءة ما، ثم يأتي بها على قراءة أخرى، أما كونه يأتي بها في الصلاة أو في غير الصلاة ويشكل فيها، ويشوش على الناس، فإن هذا لا ينبغي."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 449.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 443.20 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.31%)]