|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() ![]() ![]() سورة الجن د.عبدالعظيم بدوي الحلقة لأولى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فسورةٌ الجن مكية، شأنها شأن السور المكيّة في الاهتمام بترسيخ العقيدة وبيان أصول الدين وأركان الإيمان، ولا سيما هذه الأركان: التوحيد، والرسالة، والبعث. ومحورُ السورة يدور حولَ هذا العالم من عوالم الغيب، وهو عالم الجنّ، هذا العالَم الذي ضلّ بسببه أكثرُ الناس: "فلقد كان العرب المخاطبون بهذا القرآن أوّل مرةٍ يعتقدون أن للجنّ سلطانًا في الأرض، فكان الواحدُ منهم إذا أمسى بوادٍ أو قفرٍ لجأ إلى الاستعاذة بعظيم الجنّ الحاكم لما نزل فيه من الأرض، فقال: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، ثم بات آمنًا. كذلك كانوا يعتقدون أن الجنّ تعلمُ الغيب، وتخبرُ به الكهّان فيتنبأون بما يتنبأون، وفيهم من عَبَدَ الجنّ، وجعل بينهم وبين الله نسبًا، وزعم له سبحانه وتعالى زوجةً منهم تلد له الملائكة. والاعتقادُ في الجنّ على هذا النحو أو شِبهه كان فاشيًا في كل جاهلية، ولا تزالُ الأوهامُ والأساطيرُ من هذا النوع تسود بيئاتٍ كثيرةً إلى يومنا هذا، وقد تكفّلتْ هذه السورة بتصحيح ما كان مشركو العرب وغيرُهم يظنّونه عن قدرة الجنّ ودورهم في هذا الكون، كما تكفّلت بوضع حقيقة هذا الخلق المغيب في موضعها بلا غُلو ولا اعتساف. وأنا الآن أقدم لك بين يدي تفسير السورة مقدمةً عن هذا العالم، مأخوذةً مما ذكر عنه في غير هذه السورة، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن هم الجنّ؟ ومتى خُلِقُوا؟ ومِمَ خُلِقُوا؟ وأين يسكنون؟ وهل يأكلون ويشربون؟ وهل يتناكحون ويتناسلون؟ وما هي حقيقة الحرب المشتعلة بين الجنّ والإنس؟ ومتى بدأت؟ وما هي قدراتُ الجنّ؟ وهل يقدرون على إيذاء الإنس؟ ولماذا يؤذونهم؟ وكيف يصون الإنسان نفسه عن أذاهم؟ أقول وبالله التوفيق: الجنّ عالمٌ غيرُ عالمِ الإنس والملائكة، وبينهم وبين الإنس قدر مشتركٌ في العقل والإدراك، والقدرة على سلوك طريق الخير والشر وسُمِّي بهذا الاسم- عالم الجنّ- لاجتنانهم، أي استتارهم عن أعين الإنس، قال الله تعالى عن الشيطان: إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم {الأعراف: 27}، فهو إذن من عوالم الغيب، وإنما قلنا بوجوده لإخبار الله عنه، وقد كان خلق الجن قبل خلق الإنس، قال تعالى: فهذه الآية تبين متى خُلق الجانّ، كما تُبين مم خُلِقَ، وقال تعالى: وهم ثلاثةٌ أصناف: صِنْفٌ لهم أجنحةٌ يطيرون في الهواء، وصنفٌ حيّاتٌ وكلاب، وصنف يحلّون ويظعنون، وهؤلاء يسكنون الأماكن الخربة والفلوات، كما يسكنون في الحشوش وهي أماكن الخلاء، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إنّ هذه الحشوش محتَضَرةٌ فإذا أتى أحدُكم الخلاءَ فليقل: اللهم إني أعوذُ بك من الخُبُث والخبائث". {أبو داود:6، وابن ماجه: 296} وقد يسكنون بيوتَ الإنسِ حين يَنْسَوْن ذِكْرَ الله، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا دخلَ الرجلُ بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم ولا عشاءَ، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله قال الشيطانُ أدركتمُ المبيت، وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء". {مسلم: 2018، وأبو داود: 3747، وابن ماجه: 3887}. وقال صلى الله عليه وسلم : "أغلقوا الأبوابَ واذكروا اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا". {البخاري: 3304} والجنّ يأكلون ويشربون. ولذا نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء بالعظم والرّوث، وقال: "إنها طعام إخوانكم من الجن". {مسلم: 450} وقد يشاركون الإنسانَ طعامَه وشرابَه، وذلك إذا لم يذكر اسم الله عليهما، كما سبق في الحديث، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يشرب قائمًا، فأمره أن يستقيء، فقال: لم يا رسول الله؟ قال: أيسرك أن يشرب معك الهرّ؟ قال: لا، قال: قد شرب معك من هو شرّ منه، الشيطان. {السلسلة الصحيحة: 175}. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إذا سقطت لقمةُ أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها، ولا يَدَعْها للشيطان". {صحيح: رواه مسلم: 2034} الجن يتناكحون ويتناسلون والجنّ يتناكحون ويتناسلون، قال تعالى عن نساء الجنة- الحور العين-: قدرات الجن وللجن قُدُرات، منها أنهم يقدرون على التشكل بأشكال مختلفة، وقد تشكلّ إبليس يوم بدر بصورة سراقة بن مالك، وخرج مع المشركين يحثّهم على الثبات ويعدُهم النصر، فلما التقى الجمعان ونزلت الملائكة فرّ عدو الله، وفي ذلك يقول ربنا سبحانه: {الأنفال: 45- 48}. كما جاء أن الشيطان تمثّل في صورة رجل وسرق من مال الصدقة، فعل ذلك ثلاث مرات، في كل مرة يمسكه أبو هريرة، وكان الموكل بحفظ الصدقة، فيشتكي له فقرًا وحاجة، فيتركه أبو هريرة، وهو يظنه واحدًا من أهل المدينة، حتى أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه الشيطان. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "وكلّني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتى آتٍ، فجعل يحثو من الطعام، فأخذْتُه وقلت: لأرفعنك إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، قال: إني محتاج، وعليّ عيال، وبي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "يا أبا هريرة، ما فعل أسيرُك البارحة؟" قلت: يا رسول الله، شكا حاجةً وعيالاً، فرحمتُه فخلّيت سبيله، قال: أما إنّه قد كذَبك وسيعود، فعرفتُ أنه سيعود، لقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فرصَدتُه، فجاء يحثو من الطعام، فأخذتُه، فقلت: لأرفعنك إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، قال: دعني فإني محتاج، وعليّ عيال، لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحتُ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : يا أبا هرّ، ما فعلَ أسيرُك؟ قلت: يا رسول الله، شكا حاجةً شديدةً وعيالاً، فرحمتُه فخليتُ سبيله، قال: أما إنه قد كذبك وسيعود، فرصدتُه الثالثة، فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا آخرُ ثلاثِ مرات، إنّك تزعم لا تعود، ثم تعود، قال: دعني أُعلمك كلماتٍ ينفعُك الله بها. قلتُ: ما هنّ؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: {البخاري تعليقًا 2311} وقال الحافظ في الفتح (4-487، 488): "هكذا أورد البخاري هذا الحديث هنا ولم يصرح فيه بالتحديث، وقد وصله النسائي والإسماعيلي وأبو نُعيم من طرق إلى عثمان المذكور، وذكرته في تغليق التعليق من طريق عبد العزيز بن منيب وعبد العزيز بن سلام وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني وهلال بن بشر الصواف ومحمد بن غالب الذي يقال له تمتام، وأقربهم لأن يكون البخاري أخذه عنه- إن كان ما سمعه من ابن الهيثم- هلال بن بشر، فإنه من شيوخه، أخرج عنه في جزء "القراءة خلف الإمام"، وله طريق أخرى عند النسائي أخرجها من رواية أبي المتوكل الناجي عن أبي هريرة، ووقع مثل ذلك لمعاذ بن جبل، أخرجه الطبراني وأبو بكر الروياني. اه. صور أخرى للجن وقد يتشكل بشكل الحيّة، فعن أبي سعيد الخدري قال: كان فتى منا حديث عهدٍ بعُرس، فخرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فكان ذلك الفتى يستأذنُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأنصافِ النهار، فيرجع إلى أهله، فاستأذنه يومًا، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "خُذْ عليك سلاحَك، فإني أخشى عليك قريظة". فأخذ الرجل سلاحه، ثم رجع، فإذا امرأته بين البابين قائمة، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به، وأصابته غَيْرةٌ، فقالت له: اكْفُف عليك رُمْحَك، وادخُل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني؟ فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش، فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به، ثم خرج فركزه في الدار، فاضطربت عليه، فما يُدْرَى أيهما كان أسرع موتًا: الحيّة أم الفتى؟ قال: فجئنا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، وقلنا: ادعُ الله يحييه لنا، فقال: "استغفروا لصاحبكم". ثم قال: "إنّ بالمدينة جنًا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئًا فآذنوه ثلاثة أيام، فإنْ بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان". {مسلم: 2236، وأبو داود: 5235}. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. |
#2
|
|||
|
|||
![]() اللهما أرزقنا حفظ كتابك وتدبر اياتك امين
__________________
![]() ![]() |
#3
|
|||
|
|||
![]() شكرا على المرورالطيب
والسلام |
#4
|
|||
|
|||
![]() جزاك الله خيرا على الطرح
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تفسير سورة الليل(8-13) | ريحانة دار الشفاء | الملتقى الاسلامي العام | 6 | 28-11-2006 03:08 PM |
تفسير سورة الليل (1-7) | ريحانة دار الشفاء | الملتقى الاسلامي العام | 4 | 28-11-2006 01:02 AM |
تفسير سورة الليل ( 14-21 ) | ريحانة دار الشفاء | الملتقى الاسلامي العام | 5 | 28-11-2006 12:58 AM |
تفسير سورة البينة(1-5) | ابو نصير | ملتقى القرآن الكريم والتفسير | 2 | 28-08-2006 03:03 PM |
تفسير سورة الاخلاص | يانورالنور | الملتقى الاسلامي العام | 1 | 06-01-2006 06:37 PM |
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |