|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() أثر الإيمان في السلوك د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي إن الإيمان الصادق هو الضابط والمحرك والموجه للإنسان المسلم نحو تطبيق شرع الله تعالى، فهناك إذن تلازم قوي وكبير جدًّا بين الإيمان والسلوك، فكلما قوي إيمان العبد المسلم، وتمكن من شغاف قلبه، استقام سلوكه للالتزام بشرع الله تعالى بيقين وراحة بال، دون تردد أو تسويف، والعكس صحيح إذا ضعف الإيمان أو انعدم؛ حصل الانحراف والبعد عن منهج الله تعالى؛ فجاءت المصائب، والنكبات، والأحزان، والأمراض الحسية، والمعنوية. وقد جاء في الحديث الشريف: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَـهُ، وَمَـنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ))[1]. وورد أيضًا في الحديث الشريف: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:((لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَـا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْـرُوضَةٌ بَعْدُ))[2]. وبالتأمل والنظر في هذين الحديثين الشريفين المشار إليهما يتبين بكل جلاء ووضوح الارتباط الوثيق بين الإيمان والسلوك؛ وعلى هذا يكون من لازم القول أن نكرر ونؤكد على أهمية الإيمان في حياة المسلم؛ بل هو سفينة النجاة التي بها ينجو المسلم من عقاب ربه، ويسعد في الدنيا والآخرة. وفي ذلك يقول الشاعر: ما بال دينك ترضى أن تدنسه ![]() وثوبك – الدهرَ - مغسول من الدنسِ؟ ![]() ترجو النجاة ولم تسلك طريقتها ![]() إن السفينة لا تجري على اليبسِ ![]() وقال آخر: إذا الإيمان ضاع فلا أمان *** ولا دنيا لمن لم يحي دينا وبعد ذلك أعرج على معنى الإيمان عند أهل السنَّة والجماعة فهو: قول باللسان، وعمل بالجوارح، واعتقاد بالقلب، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية. ويعرف الإيمان بشكل مفصل ودقيق بأنه: "التصديقُ الجازم بوجود الله تعالى، واتصافه بكل صفات الكمال، ونعوت الجلال، واستحقاقه وحده العبادة، واطمئنان القلب بذلك اطمئنانًا تُرى آثاره في سلوك الإنسان، والتزامه بأَوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه[3]. وخلاصة القول؛ فإن الله تعـالى يقول: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التغابن: 11]، ويعلق الشوكاني رحمه الله على هذه الآية في تفسيره؛ فيقول: أي: من يصدق، ويعلم أنه لا يصيبه إلا ما قدَّره الله تعالى عليه؛ يهدي قلبه للصبر والرضا بالقضاء، وقيل: يهدي قلبه عند المصيبة فيعلـم أنها من الله تعالى، فيسلم لقضائه ويسترجـع، فيقــول: ﴿ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 156]، وقيل: هـو إذا ابتلي صبر، وإذا أنعم عليه شكر، وإذا ظُلم غَفر، ويظهر أنها هداية عامة؛ أي: يهديه الله تعالى لكل عمل صالح؛ فيه سعادة الدنيا والآخرة[4]. صفات المؤمنين: ربما يتساءل شخص هل للمؤمنين صفات معينة؟ فأقول: إن الله سبحانه وتعالى قد ذكر جملة من الصفات، جاءت مبثوثة في عدد من الآيات وسور القرآن الكريم، ومن الآيات التي حددت صفـات معينة للمؤمنين ما يلي: أولًا: قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 2 - 4]. لعلماء التفسير - أثابهم الله - كلام واسع حول هذه الآيات الكريمات، والمهم أنها حددت وحصرت خمس صفات للمؤمنين، وهي: 1- إذا ذكر الله تعالى وجلت قلوبهم. 2- إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا. 3- على ربهم يتوكلون. 4- الذين يقيمون الصلاة. 5- ومما رزقناهم ينفقون. ثم ختمت الآيات الكريمات بأن أولئك الموصوفين بهذه الصفات الخمس هم المؤمنين حقًّا، لهم درجات عند ربهم، ولهم قبل ذلك مغفرة لذنوبهم، ورزق كريم لا تنغيص فيه ولا تكدير. ثانيًا: قوله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 11]. وقد حددت الآيات الكريمات جملة من صفات المؤمنين وهي: 1- الخشوع في الصلاة. 2- إعراضهم عن اللغو؛ وهو: كل قول وعمل وفكر لم يكن فيه لله تعالى نصيب. 3- أداؤهم لفريضة الزكاة الواجبة عليهم. 4- حفظ فروجهم من كشفها، ومن وطء غير الزوج، أو الجارية المملوكة بوجه شرعي. 5- مراعاة الأمانات والعهود بمعنى محافظتهم على ما ائتمنوا عليه من قول أو عمل. 6- المحافظة على الصلوات الخمس بأدائها في أوقاتها المحددة لها؛ فلا يقدمونها ولا يؤخرونها، مع المحافظة على شروطها من طهارة الخبث، وطهارة الحدث، وإتمام ركوعها، وسجودها، واستكمال أكثر سننها، وآدابها. ويقول الجزائري رحمه الله في تفسيره: فمن اتصف بهذه الصفات الستِّ كَمُل إيمانه، وصدق عليه اسم المؤمن، وكان من المفلحين الوارثين للفردوس الأعلى، جعلنا الله تعالى وجميع المسلمين منهم[5]. وهناك تكامل واضح بين الآيات في سورتي الأنفال والمؤمنون من حيث تركيز جانب كبير من الآيات في سورة الأنفال على أعمال القلوب، وقدم الله تعالى أعمال القلوب؛ لأنها أصل لأعمال الجوارح وأفضل منها، كما يقول الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره لآيات سورة الأنفال المشار إليها[6]. ثم تناولت بقية الآيات في سورتي الأنفال والمؤمنون التركيز الشديد على بعض الأعمال الظاهرة، والصفات المهمة التي يجب أن يتحلى بها المسلم، ويحافظ عليها أشد المحافظة، وهي: ♦ إقامة الصلاة والمحافظة عليها. ♦ أداء الزكاة والإنفاق في وجوه الخير والإحسان. ♦ حفظ العلاقات الزوجية. ♦ أداء الأمانات الواجبة عليهم. ♦ الإعراض عن اللغو والإقبال على الخير. اللهم حبِّب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. والحمد لله رب العالمين. [1] البخاري؛ صحيح البخاري، حديث رقم: 6019. [2] مسلم؛ صحيح مسلم، حديث رقم: 208. [3] انظر: الأثري؛ الوجيز في عقيدة السلف الصالح، ص 35. [4] الشوكاني؛ فتح القدير، ج 7، ص 235. [5] الجزائري؛ أيسر التفاسير، ج 3، ص 24. [6] انظر: السعدي؛ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص 315.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |