أمانة الأولاد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         10 استخدامات غير تقليدية لورق الفويل في بيتك.. من سن المقص لتنظيف الفرن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          7 نصائح لازم تسمعها قبل ما الغيرة تبوظ حياتك.. اعترف بمشاعرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          وصفات طبيعية لتقوية ونمو الرموش.. من الشاي الأخضر لجل الصبار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          منيو العروسة.. 6 أطعمة تعزز نضارة البشرة دخليها في أكلك لو فرحك في العيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          7 مشاكل بتهدد أولادك لو ما بيسمعوش منك كلمة "آسف" أبدًا.. انعدام الثقة الأبرز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          طريقة عمل صدور الدجاج الباردة.. أكلة سهلة وهيحبها أطفالك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          7 نصائح لحماية شعرك من التلف والتجعد في فصل الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          5 أخطاء في المكياج تفسد مظهرك وتهدد صحة بشرتك وسلامتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          4 خطوات للتعامل مع الشخصية المسيطرة.. عشان تتجنب مضايقته ليك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          طريقة عمل لفائف الخس بالدجاج والأفوكادو.. جددي مطبخك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-09-2020, 01:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,004
الدولة : Egypt
افتراضي أمانة الأولاد

أمانة الأولاد


السيد طه أحمد






الحمد لله رب العالمين، أمرنا بالمحافظة على الصغار وتوجيههم فقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مريم: 54، 55].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.. أمرنا بتربية أولادنا التربية الصالحة فقال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].

وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضح مسؤولية الآباء عن أبنائهم فقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته". صحيح أورده الألباني في صحيح الترغيب.

فاللهم صل على سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا...

أما بعد: فيا أيها المؤمنون:
فإنه من أهم ما يطمح إليه الإنسان في دنياه، ومن أعز الأمنيات على قلبه، وأجمل الرغبات في نفسه: أن يرزقه الله ذرية طيبة وولداً صالحاً؛ وقد وصف الله عزَّ وجلَّ عباده بأنهم يدعونه أن يهب لهم ذرية نقية صالحة تسعدهم، يقول الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

فالأطفال نعمة كبرى على الناس؛ تملأ حياتهم بهجة وسروراً، وتزيدها أنساً وحبوراً، وتمنحهم راحة واستقراراً، ويعيشون سعادة وأماناً.

وهم مصابيح البيوت، وقرة العيون، وفلذات الأكباد، وبهجة الأعياد، ونبض المجتمعات، وهم أحباب الرحمن، وهم زهرة اليوم وثمرة الغد وأمل المستقبل، ويقاس بنضجهم وتقدمهم ونجاحهم تقدم الأمم ونجاحها، قال الله تعالى: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46].

ولقد عظم الله أجر تربية الولد وتنشئته التنشئة الصالحة وفهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عظم المسؤولية واستشعار الأجر فاعتروا الأولاد أمانة من الأمانات التي يسأل عنها يوم القيامة، ومن أجل عظمة الأمانة والمسؤولية يكون موضوعنا ( أمانة الأولاد) وذلك من خلال العناصر الرئيسية التالية:
1 - تعريف التربية والهدف منها.
2 - عظم تربية الأولاد في الإسلام.
3 - الأجر والثواب في تربية الأولاد.
4 - الوسائل العملية في تربية الأولاد.
5 - خطورة إهمال التربية.

العنصر الأول: تعريف التربية:
التربية تعني التنمية، والزيادة وهذا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يقبل الصدقات ويربيها لأحدكم كما يربي أحدكم فلوه (أي مهره )حتى إن اللقمة لتصير مثل الجبل) وقال تعالى ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [البقرة: 276].

والتربية التي نريدها: هي تنمية الشخصية الإنسانية في جميع مجالات الحياة. وهي تحتوي على ثلاثة أشياء: تخلية ثم تحلية ثم تنمية.

أو هي: الأسلوب الأمثل في التعامل مع الفطرة توجيهًا مباشرًا بالكلمة أو غير مباشر بالقدوة، ولكن وفق منهج خاص ووسائل خاصة، وهو خبرة تُؤثِّر في السلوك؛ ولذلك فإن الدعاة والمصلحين أول ما يقصدون تربية النفوس وتقوية الأخلاق ويعتقدون أن ذلك هو الأساس الأول الذي تبني به نهضة الأمم والشعوب، وعليه فإن التربية هي محور المعركة الحقيقية، فبالتربية نستطيع أن نقف أمام الذين يهدفون إلى طمس الهوية الإسلامية فيتمكنون من تضليل غاية الشباب.

هدف التربية في الإسلام:
إن التربية الإسلامية تستهدف هدفين:
الهدف الديني: ويقصد به التنشئة للعمل للآخرة، حتى يلقى العبدُ ربَّه وقد أدى ما عليه من حقوق.
الهدف الدنيوي: وهو ما يعرف بالإعداد للحياة، حتى يستطيع مواجهة الحياة بما فيها ويكون منتجا فاعلا فيها.

العنصر الثاني: عظم تربية الأولاد في الإسلام:
إن الله عز وجل عرض الأمانة على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان فقال تعالى ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].

فالأمانات كثيرة وكثيرة ليست مقتصرة على الودائع فحسب وإنما مفهوما كبير كما بين القرآن الكريم فالبيت والأولاد أمانة ومسؤولية أمام الله عز وجل..

قال تعالى: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾[الصافات: 24].
وقال تعالى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ [النساء: 11].
يقول الإمام الغزالي رحمه الله:
"إن الصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما ينقش فيه ومائل إلى كل ما يمال به إليه فإن عُّود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة مربيه والقيّم عليه.

من هنا نصل إلي أن التربية الإسلامية فريضة في أعناق جميع الآباء والمعلمين وأمانة يحملها الجيل للجيل الذي بعده ويؤديها المربون للناشئين وكان الويل لمن يخون هذه الأمانة أو ينحرف بها عن هدفها أو يسيء تفسيرها أو يغير محتواها". قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال: 27، 28].

وقال تعالى عن نبيه إسماعيل ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مريم: 54، 55].

روى الترمذي عن أيوب بن موسي عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن).

وروى الحاكم وأبو داود عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (علموا أولادكم الصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع)..

وروى الطبراني عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أدبوا أولادكم علي ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب آل بيته، وتلاوة القرآن فإن حملة القرآن في ظل عرشه).

وعن الحاطبي قال: سمعت ابن عمر يقول لرجل: "أدب ابنك فإنك مسؤول عن ولدك ماذا أدبته؟ وماذا علمته؟ وإنه لمسئول عن برك وطواعيته لك" رواه البيهقي.

وهكذا يجمع العلماء على ضرورة تربية الأولاد تربية صحيحة قوامها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن من يقوم بهذه المهمة إنما يقوم بعمل عظيم هو امتداد لمهمة الأنبياء والمرسلين الذين أرسلهم الله تعالى لهداية البشر وتعليمهم.

والطفل كما يقولون صحيفة بيضاء نقية في أيدي أبويه ومن يربيه.

فإذا نقشوا فيه صالحا نشأ صالحا، وإن نقشوا فيه شيئا فاسدا نشأ على السوء والفساد.

فإذا أدرك الآباء والمربون هذه الأمانة وحملوها بصدق وإخلاص فلتبشر الأمة بالنصر القريب عملا بقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

فتربية الأولاد من الأمانات والمسئوليات التي يحاسب عليها العبد يوم القيامة فإذا فرّط العبد فيها عرض نفسه لغضب الله ومقته، وإذا قام العبد بدوره تجاه الأبناء أثيب عليه الثواب الجزيل ومنحه الله عز وجل أجرا عظيما.

العنصر الثالث: الأجر والثواب في تربية الأولاد:
لكي نتفاعل في التطبيق وننجح في أداء المهمة لا بد من استحضار ثواب الله الذي ورد في النصوص النبوية وهي كالآتي:
1- روي الطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم "يتبع الرجل يوم القيامة أمثال الجبال من الحسنات فيقول: يارب أني هذا؟ فيقول باستغفار ولدك لك ".

2- روي الإمام أحمد وابن ماجة "أن الله عز وجل ليرفع للعبد درجته يوم القيامة في أعالي الجنة فيتساءل يارب أنّي هذا؟ فيقول باستغفار ولدك لك".

3- ذهب النبي صلى الله عليه وسلم لخطبة أم هانئ بنت أبى طالب أخت سيدنا على تخيل امرأة يتقدم لخطبتها النبى صلى الله عليه وسلم الرد الطبيعي موافقة سريعة دون نقاش، ولكنها اعتذرت عن ماذا؟ أنها تصبح أم للمؤمنين و زوج للنبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة. " وقالت والله يا رسول الله ما بى رغبةً عنك ولكن لي صبية صغار ".

اعتذرت عن الزواج بالنبي صلى الله عليه وسلم لأمرين خافت أن تنشغل بالنبي صلى الله عليه وسلم و تهمل أولادها أو أنها تنشغل بأولادها و تهمل أداء حق النبى صلى الله عليه وسلم فأعجب بها النبي صلى الله عليه وسلم وامتدحها " فقال صلى الله عليه وسلم " خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه لزوج في ذات يد "رواه أبو داود.

4- قال صلى الله عليه وسلم " أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين في الجنة وأشار بالسبابة والوسطى " ولم يفرق بينهما في حديث كافل اليتيم فرق بين السبابة والوسطى. والمقصود المرأة التي مات زوجها وترملت علي أولادها الصغار.

5- و قال صلى الله عليه وسلم " أنا أول من يفتح أبواب الجنة فإذا امرأة تبادرني فيسألها النبي صلى الله عليه وسلم فتقول أنا امرأة تيتمت على أبنائها الصغار " تسابق النبى صلى الله عليه وسلم في فتح باب الجنة.

6- نماء العمل وزيادته إلي يوم القيامة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم(وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " (رواه مسلم).

لذلك لما علم الصحابة الكرام رضي الله عنهم هذا الثواب والأجر رفعوا شعاراً واحداً ألا وهو أولادنا أولاً.

فنبغ منهم العلماء وخرج منهم المجاهدون والقادة والعظماء فعندما تذكر أحد الصحابة تجد ابنه يجاوره من أمثال عبد الله ابن عباس، وعبد الله ابن الزبير، وزيد ابن ثابت، وأسامة ابن زيد، وعبد الله ابن عمر، وعبدالله ابن عمرو ابن العاص، وجابر ابن عبدالله، وقيس ابن سعد ابن عبادة وغيرهم كثير...

فحري بنا أن نقتدي بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن خاصة حتي ننال الشرف العظيم في الدنيا والآخرة..

العنصر الرابع: الوسائل العملية في تربية الأولاد:

أولا: النية الصالحة:
لما كان إنجاب الولد عبادة يتقرب بها العبد إلي الله عز وجل ويأخذ العبد عليها الثواب كان لا بد للمربي من نية سابقة في تربيته لولده وماذا يريده من الولد، قال تعالى ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].

وقال صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) رواه البخاري ومسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم (وفي بضع أحدكم صدقة) رواه مسلم.

هذه قصة رجل وامرأة أنظر ماذا كانت نيتهما في الزواج...

نجم الدين أيوب (والد صلاح الدين) والخاتون عصمة الدين (والدة صلاح الدين )..

قال نجم الدين أيوب.. أريد أن أتزوج امرأة تتّق الله، يكون لي منها ولد، تحسن تربيته، حتى يكون فارسا يفتح الله على يديه بيت المقدس! فكان مرة جالسا في قصر الملك، فإذا به يسمع امرأة تحدّث الملك من وراء حجاب، يقول لها الملك، عندما تقدم لها رجل للزواج، ورفضت: لما لم تقبليه زوجا؟ فأجابت: إني لا أريده؛ إنما أريد رجلا يتق الله، يكون لي منه ولد، يحسن تربيته، حتى يكون فارسا يفتح الله على يديه بيت المقدس! فتعجّب نجم الدين أيوب (والد صلاح الدين) ممّا سمع، فهو نفس كلامه الذي يحلم بتحقيقه، مع أنه لم يرها ولم يقابلها أبدا في حياته!

إنما حقّق الله له هدفه...(فتأمل أخي عندما يضع الإنسان هدفا أمامه و يثق بالله!) عندها طلب نجم الدين من الملك أن يزوجه تلك المرأة، وفعلا تمّ ذلك.. وأنجبا صلاح الدين.. ذات مرة وجدته أمه يلعب مع البنات، فأخذته وضربته ضربا شديدا، مع أنه كان صغيرا، و قالت له: ما لهذا أنجبتك! إنما أنجبتك لتفتح بيت المقدس..

ولم تتوقف عند ذلك، بل أخبرت عنه أبوه عندما جاء، فعنّفه أبوه مع شرح سبب ذلك، ثم حمله (و كان الأب طويل القامة) ثمّ أسقطه من بين يديه على التراب، بعدها قال له: أأوجعتك السقطة؟! فأجاب ذلك البطل الصغير: ما كان ينبغي لرجل سيحرر الله به بيت المقدس أن يتعثر من سقطة كهذه..

صلاح الدين الأيوبي الذي كان يقول (لولا أنّ الموت أتاني لجعلت جميع الدول الأوروبيّة إسلامية)! هذه نية صالحة وهدف سامي في الزواج. ما أعظمها من نية، وما أرقاه من هدف عظيم.

ثانيا: حسن اختيار الأم:
على المسلم أن يختار لأبنائه الأم المسلمة التي تعرف حق ربها، وحق زوجها، وحق ولدها، والأم التي تعرف رسالتها في الحياة، الأم التي تعرف موقعها في هذه المحن، الأم التي تغار على دينها، وعلى سنة نبيها صلى الله عليه وسلم.

وذلك لأن الأم هي المصنع الذي سيصنع فيه أبناؤك وهي المدرسة التي سيتخرجون منها فإن كانت صالحة أرضعتهم الصلاح والتقوى، وإن كانت غير ذلك فالنكال والهوان.

كان أبو الأسود الدؤلي يقول لأبنائه لقد أحسنت إليكم في حياتكم وقبل أن تولدوا فقالوا عرفنا إحسانك في حياتنا فكيف إحسانك قبل أن نولد فقال اخترت لكم أما صالحة.

ولذا فعلى أي رجل مقبل على الزواج أن يحسن اختيار الزوجة الصالح التي يجد فيها القدرة على التربية السليمة، وغرس القيم في الأولاد، فان رعاية الأبناء من جانب الأم لا يقتصر على اهتمامها بأكلهم و لبسهم و دراستهم.

إنما التربية السليمة هي عبارة عن إضافة صفة حميدة للطفل أو إصلاح سلوك يشوبه.

وكذلك حسن اختيار الزوج المناسب ليكون أباً يشعر بمسئولياته، ويقوم بواجباته تجاه زوجته وأولاده، فالأب الناجح (غالباً) في إدارة الأسرة هو الإنسان الصحيح أخلاقياً ونفسياً واجتماعياً وجسمياً، وهو الذي يستطيع ألاَّ يُحْدِثُ فجوات بينه وبين زوجته، وقل مثل ذلك في الزوجة الناجحة.

ثالثا: حسن اختيار الاسم: لعل من أهم حقوق الطفل نفسياً وفكرياً أن تكون له شخصيته وهويته، وبالتالي يحمل اسماً يعتز به، ولا يكون موضع هزء وسخرية، ولا موضع تهكم واحتقار، بل يكون اسماً ذا معنى محمود، أو صفة طيبة يرتاح لها القلب وتطمئن لها النفس، أو اسماً يبعث على الأمل والفأل الحسن، أو اسماً يدل على الشجاعة والنشاط والهمة.

والحكمة من تحسين الأسماء، وانتقائها من الكلمات التي تبعث البهجة والتفاؤل: ألا يشمئز الطفل من اسمه، ولا يشعر بنفور الناس منه، فيدعوه ذلك إلى كراهة المجتمع حوله واعتزاله إياه.

إن الاسم معيار اجتماعي يحتاجه كل ليمارس شؤون حياته، وفى هذا العصر تعتبر شهادة الولادة الرسمية هي الدليل المادي لاسم الطفل وحقِه في الرعاية في مجتمعه أو الدولة التي ينتمي إليها، والمنهج الإسلامي لا يكتفي بمجرد التسمية للطفل ولكنه يدعو إلى تسميته بالاسم الحسن.

والشريعة الإسلامية اعتنت بتسمية الطفل واهتمت بها، ودعت إلى تسميته منذ الأيام الأولى من حياته بل منذ الساعات الأولى التي يولد فيها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم"(مسلم). وقال رسول صلى الله عليه وسلم: "كل غلام رهين بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويُحْلَق رأسه"(أبوداود).

إن من حق الطفل أن ينتقى له الأهل من الأسماء أحسنها وأجملها وأوضحها معنى استجابة لتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم فقد جاء توجيه الشريعة إلى ذلك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "تسموا بأسماء الأنبياء"(رواه أبوداود)، وقال صلى الله عليه وسلم: "أحب أسمائكم إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن"(رواه مسلم).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وبأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم"(رواه أبوداود بإسناد حسن).

وعلى الأهل أن يجنبوا الأطفال الأسماء القبيحة التي تمس كرامتهم، وتكون مدعاة للاستهزاء بهم والسخرية منهم، كما جاء عن عائشة: كان يغير الاسم القبيح(رواه الترمذي).

وعن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حق الولد على الوالد أن يحسن أدبه ويحسن اسمه"(رواه البيهقي).

رابعا: الصبر والدعاء:
إن موضوع التربية وتغيير السلوك من أصعب الأعمال التي يقوم بها الإنسان لذلك يحتاج إلي صبر واستعانة بالله عز وجل، لذلك لو أدرك المربي الأجر العظيم الذي يناله من وراء ذلك لبذل كل وسعه وتحلي بالصبر الجميل ولو نظرنا إلي بعض الناس نجده يكون صبورا مع المجتمع، ولكن لا يتحمل داخل بيته بل يكون سريع الانفعال والغضب ولقد أمر الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالصبر مع الأهل فقال تعالى ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].

ما إن نزلت هذه الآية إلا وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم على خيمة ابنته فاطمة وزوجها على رضي الله عنهما ينادى "الصلاة الصلاة " في كل صلاة.

واعلم أن الخطأ وارد دائما مع الكبير فما بالك بالصغير، وإياك أن تعامل ولدك بالمفروض وتنسي أنه بشر يخطئ ويصيب. وتذكر قول الله تعالى ﴿ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 94].

لذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء علي الأولاد مهما فعلوا، فعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكُم، لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم) رواه أبو داود بإسناد صحيح. وذكر الإمام الغزالي أن رجلا جاء إلي عبدالله ابن المبارك يشكو له عقوق ولده، فقال له هل دعوت له: هل دعوت عليه؟ فقال بلي فقال عبدالله ابن المبارك: أنت أفسدته!!!

أيه الوالد الكريم.. لا تكن سببا في إفساد ولدك بالدعاء عليه، وإن عقك يوما ولم يستجب لندائك، فكن سمحا كسيدنا يعقوب عليه السلام عندما قال لأبنائه ﴿ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يوسف: 98].

وليكن قدوتنا الرسول صلى الله عليه وسلم إذ كان حريصا علي الدعاء للأبناء حتي في وقت السفر، (اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا، واطوي عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل).
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 146.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 144.39 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.18%)]