|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مقاصد الصلاة د. حماد محمد إبراهيم جعل الله عز وجل للعبادات مقاصد وغايات، وحكماً وأسراراً، والصلاة هي عمود الإسلام وغرة العبادات ومن أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى، من حافظ عليها حفظه الله، وكانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن مقاصد الصلاة ما يأتي: 1- ذكر الله عز وجل والتقرب إليه وتجديد العهد به: المقصود الأعظم للصلاة هو ذكر الله تعالى والتقرب إليه وتجديد العهد به، قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 14] قال العلامة ابن عاشور في تفسير هذه الآية: "وَاللَّامُ فِي لِذِكْرِي لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِأَجْلِ أَنْ تَذْكُرَنِي، لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُذَكِّرُ الْعَبْدَ بِخَالِقِهِ. إِذْ يَسْتَشْعِرُ أَنَّهُ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لِمُنَاجَاتِهِ. فَفِي هَذَا الْكَلَامِ إِيمَاءٌ إِلَى حِكْمَةِ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ". وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ [العنكبوت: 45]. لذلك اشتملت الصلاة من أعمال القلوب والألسن والجوارح فرضا وندبا ما لم يشتمل عليه غيرها؛ كل ذلك ليتفرغ المكلف للإقبال عليها؛ لأن مقصودها تجديد العهد بالله؛ ولذلك جعلت لها مواقيت متقاربة؛ لئلا يبعد عهد العبد بذكر الله. 2- تعظيم الله عز وجلَّ: من مقاصد الصلاة تعظيم الله عز وجل وتبجيله، ولذلك اشتملت الصلاة على أعلى أنواع التعظيم من دعاء وتلاوة وركوع وسجود وتكبير وتحميد وتسبيح. 3- الخضوع والانقياد لله تعالى: الصلاة وما تشتمل عليه من أحكام تعبدية مثل الطهارة والقيام والركوع والسجود والأوقات وعدد الركعات، تعلم المسلم الخضوع والانقياد لأمر الله تعالى سواء علم الحكمة من الأمر أم لم يعلمها. 4- تزكية النفس: التزكية هي التطهير والزيادة والنماء في الخير. فالنفس تطهر وتنمو وتكبر بالطاعات وفعل الخيرات، وتدنس وتصغر وتحقر بالذنوب والمعاصي والتهالك على الشهوات والملذات، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2] وقوله تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103] والصلاة من أعظم العبادات التي تطهر النفس وتزكيها، وتجعل للمسلم روحاً زكية ونفساً مطمئنة. 5- النهي عن الفحشاء والمنكر وتهذيب الأخلاق: الصلاح النفساني والنهي عن الفحشاء والمنكر وتهذيب الأخلاق مقصد من مقاصد الصلاة وثمرة من ثمراتها، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45] فالصلاة الحقيقية تترك أثرا في نفس صاحبها يجعله يتجنب الفحشاء والمنكر والأخلاق السيئة، ويجعله يتحلى بمكارم الأخلاق؛ وذلك -كما يقول ابن عاشور- أَنَّ الصَّلَاةَ تَشْتَمِلُ عَلَى مُذَكِّرَاتٍ بِاللَّهِ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَكُونَ لِلْمُصَلِّي كَالْوَاعِظِ الْمُذَكِّرِ بِاللَّهِ تَعَالَى إِذْ يَنْهَى سَامِعَهُ عَنِ ارْتِكَابِ مَا لَا يُرْضِي اللَّهَ. وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: صَدِيقُكَ مِرْآةٌ تَرَى فِيهَا عُيُوبَكَ. فَفِي الصَّلَاةِ مِنَ الْأَقْوَالِ تَكْبِيرٌ لِلَّهِ وتحميده وتسبيحه والتوجيه إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى التَّحْمِيدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَالِاعْتِرَافِ بِالْعُبُودِيَّةِ لَهُ وَطَلَبِ الْإِعَانَةِ وَالْهِدَايَةِ مِنْهُ وَاجْتِنَابِ مَا يُغْضِبُهُ وَمَا هُوَ ضَلَالٌ، وَكُلُّهَا تُذَكِّرُ بِالتَّعَرُّضِ إِلَى مَرْضَاةِ اللَّهِ وَالْإِقْلَاعِ عَنْ عِصْيَانِهِ وَمَا يُفْضِي إِلَى غَضَبِهِ فَذَلِكَ صَدٌّ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ. وَفِي الصَّلَاةِ أَفْعَالٌ هِيَ خُضُوعٌ وَتَذَلُّلٌ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَذَلِكَ يُذَكِّرُ بِلُزُومِ اجْتِلَابِ مَرْضَاتِهِ وَالتَّبَاعُدِ عَنْ سَخَطِهِ. وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَصُدُّ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ. وَفِي الصَّلَاةِ أَعْمَالٌ قَلْبِيَّةٌ مِنْ نِيَّةٍ وَاسْتِعْدَادٍ لِلْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَذَلِكَ يُذَكِّرُ بِأَنَّ الْمَعْبُودَ جَدِيرٌ بِأَنْ تُمْتَثَلَ أَوَامِرُهُ وَتُجْتَنَبَ نَوَاهِيهِ. فَكَانَتِ الصَّلَاةُ بِمَجْمُوعِهَا كَالْوَاعِظِ النَّاهِي عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَمْ يَقِلْ تَصُدُّ وَتَحُولُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي صَرْفَ الْمُصَلِّي عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ. 6- الصلاة غذاء للروح: خلق الله الإنسان من جسد و روح وجعل لكل منها غذاء، ولما كان الجسد أصله من الأرض جعل الله غذاءه ما يخرج من الأرض، ولما كانت الروح من أمر الله، قال تعالى: ( ونفخ فيه من روحه) جعل غذاءها في ذكره سبحانه والاتصال به. وأعظم العبادات ذكرا لله تعالى هي الصلاة، فهي صلة بين العبد وربه، وقد قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 14] وقال تعالى: ﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ [العلق: 19] وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء». يقول العلامة ابن القيم رحمه الله: "فاعلم أنه لا ريب أن الصلاة قرة عُيون المحبين، و لذة أرواح الموحدين، و بستان العابدين و لذة نفوس الخاشعين، و محك أحوال الصادقين، و ميزان أحوال السالكين، و هي رحمةُ الله المهداة إلى عباده المؤمنين.... و لما امتحن الله سبحانه عبده بالشهوة وأشباهها من داخل فيه وخارج عنه، اقتضت تمام رحمته به وإحسانه إليه أن هيأ له مأدبة قد جمعت من جميع الألوان والتحف والخلع والعطايا، ودعاه إليها كل يوم خمس مرَّات، وجعل في كل لون من ألوان تلك المأدبة، لذة و منفعة ومصلحة ووقاراً لهذا العبد.. فيصدر المدعو من هذه المأدبة وقد أشبعه وأرواه، وخلع عليه بخلع القبول، وأغناه، و ذلك أن قلبه كان قبل أن يأتي هذه المأدبة، قد ناله من الجوع والقحط والجذب والظمأ والعري والسقم ما ناله، فصدر من عنده وقد أغناه وأعطاه من الطعام والشراب واللباس والتحف ما يغنيه".. 7- الصلاة جلاء للهموم والأحزان: من ثمرات الصلاة أنها تجلي الهموم وتذهب الأحزان، يقول العلامة ابن عاشور: "عَلَى أَنَّ فِي الصَّلَاة سرا إِلاهيَا لَعَلَّه ناشئ عَنْ تَجَلِّي الرِّضْوَانِ الرَّبَّانِيِّ عَلَى الْمُصَلِّي فَلِذَلِكَ نَجِدُ لِلصَّلَاةِ سِرًّا عَظِيمًا فِي تَجْلِيَةِ الْأَحْزَانِ وَكَشْفِ غَمِّ النَّفْسِ". ويقول الإمام ابن راشد: "فالعبادات هي أدوية لأمراض القلوب، وإن الله تعالى أنزلها رحمة للعباد وصقالًا لمرآة قلوبهم؛ ليتوصلوا بذلك إلى محل أنسه، وسكنهم في حظيرة قدسه". ولذلك أمرنا الله بالاستعانة بها في الشدائد، فقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة: 153] وفي هذا يروي الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن محمد بن الحنفية قال: "دخلت مع أبي بكر على صهر لنا من الأنصار، فحضرت الصلاة، فقال: يا جارية ائتيني بوضوء لعلي أصلي فأستريح، فرآنا أنكرنا ذلك عليه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قم يا بلال فأرحنا بالصلاة" وروى أيضاً بسنده عن حذيفة بن اليمان قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر - أي نزل به - صلى "ومن ذلك أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: "وجعلت قرة عيني في الصلاة ". فعلى المسلم أن يستشعر هذه المعاني السامية والمقاصد النبيلة عند أداء الصلاة حتى تؤتي الصلاة ثمارها المرجوة، والحكم والغايات التي شرعت من أجلها.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |