|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مقدمة في الأدب الإسلامي د. محمد بن سعد الدبل • ما الأدب الإسلامي؟ • وما خصائصه؟ • وما مدى وجوده بين مرحلة المنهج، ثم مرحلة النظرية والتطبيق ثم مرحلة العطاء المتفاعل الحي النافع؟ • وما مدى وجوده بين المثالية والواقعية والالتزام؟ تساؤلات واستفهامات يجيب عليها الأدب الإسلامي نفسه من خلال إطاره ومضمونه بأنه ذلك اللون الأدبي الذي لا يتجاوز كلمة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. وإذا كان هذا اللون من الأدب قد تخطى مرحلة المنهجية، إلى مرحلة النظرية والتطبيق ثم استوى على سوقه مرحلة عطاء يسهم في انتشال البشرية من واقع الضياع والهلاك إلى واقع الحياة السعيدة الكريمة في ظل تشريعات الإسلام وأحكامه العادلة ومثله الرشيدة. إذا كان هذا هو مفهوم الأدب الإسلامي - ولا أخال لمفهوم سواه فإنه لم يعد لهذه التساؤلات والاستفهام والتردد أي معنى يمكن أن يقف أمام هذا العطاء الأدبي الزاخر الذي مكن لهذا الأدب ومكن لوجوده وجدواه وصحته ومذهبيته حتى أصبح واقعاً ملموساً أخذا في استكناء خصائصه وقيمه الفنية من خلال الدراسات النقدية الأدبية التي تزن الأعمال الأدبية بمعايير الحكمة والعدل والأنصاف والتوجيه الصائب والرأي السديد. وإذا كان الأدب الغائي الهادف يرقى بالوجود وبإنسان هذا الوجود من خلال الخصائص الفنية لأي لون من ألوانه فإن من أجل خصائص الأدب الإسلامي: المثالية، الواقعية، والالتزام، لأن هذه الخصائص ذات أثر كبير في توجيه الأدب والأديب. أما المثالية فتعني أن الأدب الإسلامي هو اللون الأدبي الذي أمكن أن ينتقل بالإنسان البشري الذي استخلفه الله تعالى في عمارة الكون واستصلاحه لخدمته ومنفعته في ظل التصور الإسلامي السليم وكان لزاماً أن يتخرج في مدرسة هذا الأدب إنسان مثالي يحتكم في عطائه الأدبي إلى مقومات الأدب الغائي النبيل الهادف الملتزم الذي يجمع في خصائصه الفنية قوة العقل وسلامة الفن وصفاء المعتقد. وأما الواقعية في هذا اللون من الأدب فتعني الانتقال بالفكر الإنساني. وبالعطاء الأدبي من مراحل ظلت الدراسات الأدبية والنقدية تعيش في متاهاتها زمنا طويلا بين مذاهب متباينة مختلفة لا تستقر على قاعدة ثابتة "كلاسيكية" تلك المذهبية التي تبتعد عن واقع الأكثرية الاجتماعية إلى "رومانسية" تقترب منها، لكن في الخيال دون العقل متوجهة إلى العواطف الإنسانية لكن بواقع سلبي في النظرة إلى الحياة فكان لزاماً أن يكون عطاء هذه المذاهب هدماً لا بناءً. وأما الالتزام: فقضية تستدعي إيراد بعض النقاد المعاصرين حول قضية "الفن للفن، والفن للحياة، لأن أكثر هؤلاء النقاد وحين يعرضون للأدب الإسلامي من خلال مناقشة هذه القضايا تراهم يطلقون أحكاما تتغشاها نظرات عجلى فيقولون: هذا قيد متين، وهذا هدم وبناء، وهذا تقليد واتباعية، وهذا إلزام إلى غير ذلك من الأحكام السريعة التي يمليها حب التشبث بالنقد من غير معيار صحيح يوزن به العمل الأدبي. ولقد بسط النقاد المعتدلون المنصفون القول في الالتزام والقول في قضية "الفن قيد وقضية" الفن للفن، والفن للحياة، وفي جملة هذه الأقوال الصائبة ما حدده الدكتور/ صالح أدم بيلو إذ قال: "يشيع عند بعض الناس: أن الأديب الفنان لا يستطيع أن يبدع إبداعه الحق، ويتجلى تجليه الواسع المدى، إلا إذا رفعت عنه الحواجز والقيود والسدود حتى ولو كانت قيودا فنية تقتضيها طبيعة فنه، وأزيلت من قدامه كل عوامل الحجر والحظر عن كل شيء... بدعوى أن هناك موضوعات لا يصح أن يرتادها الأديب لأنها تمثل قيما دينية، أو أخلاقية، واجتماعية. والأديب المبدع لا يستطيع، بزعم هؤلاء أن يعطي أروع عطائه ويجود بأجمل تجلياته إلا حين يكتسح كل هذه العوائق والحواجز اكتساحا ويخترقها اختراقا لا يبالي بشيء منها. ومن هنا تمادوا في حكمهم المتسرع المغلوط، فقالوا أيضا: أن القصيدة المعروفة عربيا قيد شديد الوطأة، أليم الإسار، ضاغط على الأديب المعاصر غير صالح لاستيعاب أفكاره ومشاعره، وأحاسيسه، يكبح انسيابه وتدفق ينابيعه، لهذا ينبغي تجاوز هذه العوائق، وتعدي القيود الأسرة التي تفرضها. وواضح لكل ذي عين، ولكل ذي قلب،ولكل ذي دين وإيمان أن هذه المسألة بهذا التصور فيها شيء كثير من الغلط والمغالطة، لأنها تعني أن الحياة لا تجمل ويحلو طعمها ويلذ إلا حين تباح على إطلاقها فلنترك للأديب يرتع فيها كيفما يشاء دون تمييز بين طيب وخبيث، وحسن وقبيح، وهو بارتياده لكل هذه الأودية سيمتعنا ويشركنا معه فيما يجد ويلقى[1]. إن الناقد الواعي المخلص المنصف حين يرفض هذا القول، ويرفض قول ورأي من يزعم أن الأديب بخاصة، وأرباب الفنون الجميلة الأخرى بعامة لا يمكن لأحدهم أن ينتج بسخاء ما لم ترفع عنه كل القيود فنية وغير فنية وإلا شاه جمال الفن كما يزعم هؤلاء. ألم يدر هؤلاء بأن هناك معاني ثواني يسبرها النقد في أعمال الأديب فإذا قلنا: إن الأدب – في أبسط تعريف له – هو الأخذ من كل شيء أو من كل فن بطرف، فالمعاني الثواني هنا وفي إطار المنظور الإسلامي هي الاقتدار على الحركة مع الاعتدال والضبط والبراعة في إحسان التحرك، وإجادة التصرف والاقتدار على الحركة داخل هذا الإطار هو المقياس أو المعيار الذي يستطيع به الناقد أن يفرق بين الصادق والدعي، وبين الأصيل المتعمق، والدخيل المتطفل. ومعلوم أن الأديب الحق هو ذلك الأديب الذي يراعي قيم مجتمعه العقدية والخلقية، والاجتماعية حتى في عطائه الذاتي، فهو لا يخرج عن هذه القيم ولا يشوهها، ولا يصيبها بسوء، ومتى أبدع وأجاد دون أن يمس هذه القيم، بشيء من القول والمعنى كان - حقا - هو الأديب المبدع. والشاعر المبدع هو الذي يبلغ أهدافه، ولا يضيق بالقيد الفني في القصيدة إن كان هذا قيدا - كما يزعم هؤلاء النقاد والمتسرعون، نعم لا يضيق بالبناء الفني للقصيدة العربية الأصيلة واهماً بأنها معجزة له عن أن تصير وعاء يستوعب أفكاره ومشاعره التي يحسها في داخل نفسه. إنها لمحاكاة إنه التقليد الذي جرّ كثيرا من هؤلاء المتشبثين بالنقد الأدبي المعاصر، وليسوا منه في شيء، ولذا نسمع أقوالهم، ونقرأ كتاباتهم والكل منهم يغلظ في القول، ويفسح في الرأي، ويتباصر ويتباهى بما يذكر من رأي فجّ أعمى، من مثل قولهم: إن الالتزام بالمحافظة على رسوم القصيدة العربية في جميع خصائصها الفنية من تصريح وتشبيب، ووزن، وروي، وقافية ، وطول نفس كل هذا يصف العمل الأدبي، وخاصة القصيدة منه يصفه بالمرتبة الدون، لأنه نسيج مقلد ومحاكاة محتذٍ، فلا تبعد القصيدة إلا أن تكون من قبيل الوعظ والإرشاد الديني، وخطب الجمع والجماعات. والقصيدة بهذا المنهج – على حد زعمهم – لا تؤدي أثرها ولا تصل إلى غايتها من خلال الخصائص الفنية التي استبدت بها هذه القصيدة في إحكامها الشكلي. والرد على هذه الفرية أن هذا القول فيه تناقض إذ كيف يعمد الأديب أو الشاعر إلى إحكام قصيدته في شكلها ثم يفوت عليه هذا الإحكام بعضاً من خصائص معانيها كالتأثير في المتلقين، إن إحكام الشكل يتبعه إحكام المضمون، والالتزام من حيث هو قضية فإنه من أكبر مميزات وخصائص الأدب الإسلامي. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |