|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() رسالة إلى حافظ القرآن صالح بن محمد الطامي (الخطبة الأولى) إن الحمدَ لله، نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفِرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفُسِنا وسيئاتِ أعمالنا، من يهده اللهُ فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُهُ ورسولُه، صلى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه وسلم وتسليمًا كثيرًا أما بعد: فاتقوا اللهَ عبادَ الله، فما من عبدٍ أدلجَ في طريقِ التقوى، إلا فتحَ اللهُ عليه من علمِ الكتابِ والسنة، ما يكون سببًا في فلاحِه في الدنيا والآخرة، قال جل وعلا: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282]. أيها المسلمون.. رسالةَ ودٍ وحبٍ وإخاء، أبعثُها إلى حافظِ القرآن، الملازمِ لتلاوته، فأصغِ لها سمعَك واجمع لها قلبَك يا رعاك الله. يا حافظَ القرآن.. إنما يشرفُ الكلامُ بشرفِ من تكلمَ به، وتعظمُ الأوامرُ لعظمةِ من أمرَ بها، وتهفو القلوبُ لرسائلِ الحبِ لمحبةِ من أَرسلها. فما من كلامٍ أشرفُ من كلامِ الله، وما من أوامرَ أعظمُ من أوامرِ الله، وما من رسائلَ حبٍ أحب ُإلى القلوبِ من رسائلِ الله. يا حافظَ القرآن.. لقد أثنى اللهُ على كتابِه العظيم، ثناءً فاقَ من سبَقَه من الكتبِ المنزلة، وجعله مهيمنًا عليها، وجعلَ فضلَه على غيرِه من الكلام كفضلِه على خلقِه، لأنه حوى أعظمَ صفةٍ للهِ جل جلاله، وهي صفةُ الكلام، كما قال في كتابه: ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 87]، ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النساء: 122]. يا حافظَ القرآن.. بخٍ بخٍ!! ومن يدانيكَ بين البشر؟! لقد مَنَّ اللهُ عليكَ بحفظِ كتابِه العظيم، ونسبكَ إلى أهلِ العلم بقوله: ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ [العنكبوت: 49]، وجعلكَ النبي صلى الله عليه وسلم من خيرِ أمته، قال عليه الصلاة والسلام: « خيرُكم من تعلّم القرآنَ وعلّمه »، وذلك من غيرِ حول منك ولا قوة، وذلك فضلُ اللهِ يؤتيه من يشاء واللهُ ذو الفضل العظيم. أيها المبارك.. الإخلاصُ مَركَبُ الخلاص!! فكلما كان حافظُ القرآنِ مخلصًا لله جل جلاله، عاملًا به، كان ذلك رفعةً وعزةً له في الدنيا والآخرة، قال النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم عن صاحبِ القرآنِ في الدنيا: « يؤمُ القومَ أقرؤُهم لكتابِ الله »؛ رواه مسلم، وفي الآخرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: « يقالُ لصاحبِ القرآنِ اقرأ وارتق ورتل كما كنتَ ترتلُ في الدنيا، فإن منزلتَك عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها »؛ رواه أبوداود، فاربأ بنفسِكَ أن تحرِمَها ذلك بعدمِ الإخلاصِ للهِ جل جلاله. يا حافظَ القرآن.. لقد فطرَ اللهُ النفوسَ على حبِ الاقتداء، فقلب ناظريك، وأجل فكرك، لتعرف من هم قدوتُك من الحفاظ لكتاب الله الملازمين لتلاوته، يكفيك فخرًا أن يكونَ إمامُهم رسولُ ربِ العالمين، وصحابتُه الميامين رضي الله عنهم، فلا واللهِ ما جاءَ بعدَهم مثلَهم في تلاوةِ كتابِ الله والعملِ به. يا حافظَ القرآن.. أما لك في رسولِ الله وصحابتِه قدوة؟ اتخذوا كتابَ الله بضاعة، وصرفوها لله آناءَ الليل وأطرافَ النهار، ورضوا بالثمنِ العاجل، « يؤمُ القومَ اقرؤُهم لكتاب الله »، وبالثمنِ الآجل. « يقالُ لصاحبِ القرآنِ » لهم مع كتابِ اللهِ في نهارهم دويٌ كدوي النحل، يسامرون أنفسَهم في ليلهم بتلاوته، كلُ فردٍ منهم يرى أن اللهَ يخاطِبُهُ من خلالِ الآيات، يأمُرُه وينهاه، ويُخوفُهُ ويُؤمِلُه، ويضربُ له الأمثالَ والقصص، حتى أثّر ذلك في نفوسِهم، وتقطّعت قُلُوبُهم من خشيتِه، فكان الواحدُ منهم أُمّة، ويكيفكَ أن تعرفَ أن الملائكة، تنزّلت لتلاوةِ أحدِهم في ليله .. فيا الله!! ما الذي وجده هؤلاء وفقدناه؟! حتى يصلوا إلى هذه المرحلةِ مع كتابِ الله. يا حافظَ القرآن .. إنما ينتفعُ بكتابِ الله، وينالُ ما فيه من الخيرِ والبركة، من قرأَه بتدبرٍ وحضورِ قلب، كما قال جل وعلا: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، فما من عبدٍ تمسكَ بكتابِ الله حكمًا وتحكيمًا، وعلمًا وتعليمًا وعملا، إلا كان ذلك سببًا في نيلِ شفاعةِ القرآنِ يومَ القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: «اقرؤا القرآنَ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه». يا حافظَ القرآن .. رويدك رويدك!! هل سمعتَ بسالمٍ مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما؟ سالم! وما أدراك ما سالم؟ الذي قال عنه عمرُ الفاروقُ رضي الله عنه عند موته: « لو كان سالمٌ حيًّا ما جعلتُها شورى »، فدونكَ الخبر الذي فيه العِبر من صحابةِ خيرِ البشر صلى الله عليه وسلم. الخطبة الثانية الحمدُ للهِ القائل: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9]، والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمد القائل: « تركتُ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتابَ الله »، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد: فاتقوا اللهَ عباد الله .. لما توفي رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، تولى أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه خِلافةَ المسلمين، وكان من صفاتِه الخَلقِيةِ رضي اللهُ عنه أنه كان نحيفًا غايةَ النحافة، ولكنه كان بدينَ الإيمان، ثخينَ العلمِ باللهِ ورسولِه، يحملُ بين جنبيهِ جبالَ التصديقِ للهِ ولرسولِه، لما تولى الخلافةَ رضي الله عنه، ارتدت العربُ عن الإسلام، إلا مكةَ والمدينةَ والطائف، تقولُ عائشةُ رضي الله عنها: « توفي رسولُ الله، وارتدت العرب، واشرأب النفاق، ونزل بأبي ما لو نزل بالجبالِ لهاضها »، فحرّك الجيوشَ والسرايا رحمةً بالمرتدينَ ليعيدَهم إلى الإسلام، فعقد الألويةَ وعين الأمراءَ على الجيوشِ والسرايا، وكان سيدَ الأمراءِ أبو سليمانَ خالدُ بنُ الوليدِ رضي اللهُ عنه ( الكلُ يعرفُهُ في كَرّهِ أَسَدٌ = في كُلَ معركةٍ للفتحِ لم يَخبِ ) وكان من وصايا أبو بكر لخالد ( جُدّ في أمرك ولا تلن، ولا تظفر بأحدٍ من المشركين قَتلَ من المسلمين إلا نَكّلتَ به )، وأيدَ اللهُ أبا بكر بجنودِ الإسلامِ صحابةِ رسولِ اللهُ صلى الله عليه وسلم (في فيلق كالبحر يجري مزبدا) فأنفذَ خالدٌ الوصية، وأدبَهم أحسنَ تأديب، حتى أعادَ اللهُ من أرادَ كرامتَه إلى الإسلامِ طائعين أو مكرهين. أمة الإسلام .. مرت الفتنة، وعصفت بالمسلمين ولكن اللهَ سلّم، وكان من أعظمها فتنة، فتنةُ مسيلمةَ الكذّاب، مدعي النبوةَ في اليمامة، فجمعَ لحربِ الإسلامِ نحوًا من أربعينَ ألف مقاتلٍ حميةً وعصبية، في مقابلِ ثلاثةَ عشرَ ألفَ مقاتلٍ من الصحابةِ ومن سار معهم رضي الله عنهم، وكان من بين هذا الجيش، عددٌ كبيرٌ من حفظةِ كتابِ الله تعالى، وكان من بينهم سالمٌ مولى أبي حذيفةَ رضي الله عنهما، صادقٌ في إيمانه، عاملٌ بكتاب الله، ثابتٌ في كلِّ ما يخدمُ هذا الدين، من السابقين إلى الإسلام وكان يؤمُ الصحابةَ بالمدينة قبلَ الهجرةِ وفيهم عمر، وذلك لكثرةِ حفظه من كتابِ الله، وهو أحدُ الأربعةِ الذين قال فيهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ( استقرئوا القرآنَ من أربعة ) فذكر منهم سالمًا مولى أبي حذيفة، وكان ممن حملَ لواءَ المهاجرين في معركةِ اليمامة، فالتقى الجيشان وحمي الوطيس، وكانت جولةٌ للكفار حتى وصِلوا إلى خيمةِ خالد، واستحر القتلُ في حفاظُ القرآن، فجعلَ الصحابةُ يتنادون بينهم ويقولون: ( يا أصحابَ سورةِ البقرة )، وفي أثناءِ المعركة، يقول المهاجرون لسالمٍ مولى أبي حذيفة وهو حاملٌ للراية: أتخشى أن نؤتى من قبلِك؟ فقال: بئسَ حاملُ القرآنِ أنا إذًا، ( ترى الرجلَ النحيفَ فتزدريه = وفي أثوابِهِ أسدٌ مُزِيرُ) فانقطعت يدُه اليمنى فأخذ الرايةَ بيساره فقُطعت، فاحتضنها رضي الله عنه وهو يقول ( وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل ) ( وما في الناسِ أجودُ من شجاعٍ وإن أعطى القليلَ من النوالِ)، ونادى أبو حذيفة فقال: يا أهلَ القرآن زينوا القرآنَ بالفعال، فحمل خالدٌ والصحابةُ حملةً صادقة حتى أزاحوهم، ونصرَ اللهُ أولياءَه وهزم أعداءَه. أمة الإسلام.. مرت الأيامُ والأعوام، وفي آخرِ خلافةِ عمر أُصيبَ رضي الله عنه، فلما أيقنَ بدنو أجلِه، عَقَدَ أصحابَ الشورى فيمن يولي على المسلمين وقال: لو كان سالمٌ حيًا ما جعلتها شورى. قال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله معناه: أنه كان يصدرُ عن رأيه فيمن يوليه الخلافة. يا حافظ القرآن .. أنت أملُ الأمةِ بعد الله عز وجل، وجعلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم من خير أمته، فاللهَ اللهَ بالعملِ بكتابِ الله، فخذهُ بقوة، وعَلّمه الأُمة، فهذا مما يُغيض أعداء الدين قال تعالى: ﴿ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 52]، فأنت قدوة، بك يقتدي من حولَك من حيثُ لا تشعر، واحذر يا رعاك الله من مخالفةِ القرآن، قال صلى الله عليه وسلم: « القرآنُ حجةٌ لكَ أو عليك »، قال جل وعلا: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ [البقرة: 121]. هذا وصلوا وسلموا على من أمركم اللهُ بالصلاةِ والسلامِ عليه، قال اللهُ جل وعلا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك، على عبدك ونبيك محمد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |