|
ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() سمكة قرش .. للتحفيز هنادي الشيخ نجيب يقول أحد الحكماء: "لا تهتمَّ بالتفكير إذا كنتَ سعيدًا أم لا، بل ابقَ منهمكًا في العمل، عندئذٍ يبدأ دمُك في الدوران، وعقلك بالتفكير، وسرعان ما تُذهِب الحياةُ الجديدة القلقَ من عقلك! اعملْ وابقَ منهمكًا في العمل، فإن هذا أرخص دواءٍ موجود على وجه الأرض، وأفضله"! نعم - قرَّاءنا الكرام - إنه دواء منطقيٌّ، ووصفة حكيمة؛ لتحاشي "رفاهية التفكير". لكن، ماذا تعني هذه العبارة؟ وهل يُؤذَن للتفكير أيضًا بـ"إجازة" يتخلَّى فيها عن مهمته ليترفَّه، ثم يعود من نزهته متابعًا وظيفته؟! إننا - ومنذ سنوات طويلة - نعاني من تفشِّي ظاهرة "رفاهية التفكير"، فتَرَى الواحد منا يجلس مع نفسه في استراحة "عقلية"، ويختلي بها في نوبة عصف "ذهنية"؛ ليسألها عدة أسئلة: • لماذا لستُ سعيدًا؟ • بماذا يجب أن أفكِّر حتى أفرح؟ • ما الذي ينقصني؟ ومن أين أحصل عليه؟ وكيف؟ وغيرها من الأسئلة النظرية، التي تقلِّب عليه المواجع، وتهيِّج عنده الدوافع، وتخرجه من خلوته: حزينًا، مقهورًا، عاجزًا، متحسِّرًا...، ثم تضعُه في مواجهة الحياة، فينتظر أيَّ موقف مفاجئ يدفعُه إلى الأمام دفعًا دفعًا، أو أي حادثة طارئة، تدبُّ الطاقة في أوصاله دفقًا دفقًا، فيتحرَّك، ويتحمَّس، ويتفاعل...؛ لعله يصبح سعيدًا. لقد تفشَّت في أوصالنا تلك الرفاهيةُ، لدرجة أننا صرنا بحاجة إلى هزَّات عنيفة ومؤلمة، تضطرنا للتحرك، أو قولوا: تدفعنا لأخذ ردات فعل (ساخنة وقوية)، ثم ما تلبثُ أن تبرد وتضعف، ليلفَّنا الجمود والصقيع، والرفاهية الفكرية مرة أخرى. ولنشرح أكثر هذا المفهوم الجديد، تعالوا بنا نحكِ قصةً مستوردة من شواطئ الجزر اليابانية؛ فقد اشتهر اليابانيون بحبِّهم الشديد للسمك الطازج، لكن الأسماك لم تكن متوفِّرة بكثرة قريبًا من الشواطئ؛ لذلك كان على الصيِّادين الغوص بعيدًا في عرض البحر، وكلما زادتِ المسافة، تأخَّروا في طريق العودة، مما يعني أن السمك الذي يصطادونه لن يصل طازجًا، وتلك هي المشكلة! قام الصيَّادون بتركيبِ ثلاجات كبيرةٍ على ظهر المراكب، لكي يحفظوا الأسماك لحين عودتِهم، لكنَّ الزبائن ظلوا يفرِّقون جيدًا بين الطازج والمثلَّج! فاقترح أحدُهم وضع خزَّان مملوء بالماء فوق القارب، بحيث يتمُّ اصطياد السمك، وتفريغه في الخزان حيًّا، إلا أن الخزان كان صغيرًا بالنسبة لكمية الأسماك، مما يُبْقِيها محبوسة دون حِرَاك؛ كأنها مكبوسة وشبه ميتة، فيشعر المشترون بأنها ليست طازجة! اضطرَّ اليابانيون - أخيرًا - إلى وضع عدَّة أسماك قرش صغيرة في الخزَّان، وهي - بسبب صغر حجمها - لا تؤذي الأسماك، بل تبعثُ الرعب في أوصالها، فتظل متحفِّزة طوال الرحلة إلى أن تصل إلى الشاطئ، وهي في قمة النشاط! الخلاصة - قرَّاءنا الأعزاء - أن كثيرًا من الناس يعيشون في خزَّانات - كما تعيش تلك الأسماك - دون نشاط أو حركة، لا يملكون خطة عمل، لا يفكرون إلا في الطعام والشراب والنوم، والرفاهية طبعًا؛ حتى يستفحل أمرهم، إلى درجةٍ يحتاجون فيها إلى سمكة قرش، تشعل حماستهم، وتوقظ غفلتهم، وتبعث رقدتهم، أما حجمها، فيعتمد على مدى كسلهم وتراخيهم. وبنظرةٍ خاطفة لحجم أسماك القرش التي تغزو ساحتنا، فإننا نستطيع أن نعرف مقدارَ ترهُّلنا، الذي عطَّل إنتاجنا، وأرخى مفاصلَنا، وحوَّلنا إلى مجرد أرقام للأكل؛ طازجة أو حتى مثلجة! فالرسوم الدانمركية، والفيلم الهولندي، والمجازر في الصين وبورما، والتعذيب في السجون في فلسطين والعراق، والقتل القتل في سوريا، والإسلاموفوبيا في أوروبا، والحرب على الإسلام بحجَّة الإرهاب في أمريكا، كلها أسماك قرش هائلة ومخيفة، تعبِّر عن قوة التحفيز التي نحتاج إليها لنتحرك ونتفاعل! فهل نحن بحاجة فعلاً إلى كل تلك الـ"خضَّات" لنُفِيق من سباتنا، ونخرج من حالة "الكبيس" التي درجنا عليها منذ وقت طويل؟! هل تحوَّلت أمَّة (وأَعدُّوا) إلى أمة (انتظروا)، حتى يأتي السيل فيجرف مَن لم يكن مستعدًّا؟! ألم يَعُدْ يَكفِينا أن نستحضرَ أننا مُستَخْلفون، وإلى ربنا سائرون، وسينظر ما نحن فاعلون؟! أسئلة، ربما تنتظر سمكة قرش جديدة، لنجيب عليها!
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |