|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ماهر وياسمين في معركة الخيانة التاريخية مصطفى العادل بعد 18 شهرًا تربَّع قلبُ ماهر على عرشها، واستسلمت كلُّ الحواس أمام سلطة عشقها وحبِّها، ولم يعد ماهر يعرف أصل ومنبعَ تلك المحن التي أصبحت تباغته كلَّ يوم، وتلك المشاعر التي تهاجم البسمة على وجنتَيه كما تواجه جماعات الحمير الوحشي مرتعًا أخضر. ظن ماهر أنه قطع كلَّ المراحل ليصل أخيرًا إلى خط النهاية؛ حيث الظفر بالمحبوبة التي انتظرها منذ زمان، كان في قمة سعادته في تلك الأيام؛ لدرجة أنه قال لي يومًا: ♦ تحققت أمنيتي، وشعرْتُ بسعادةٍ أقرب إلى سعادة أهل اليمن بعودة قوافل الحنطة في العام السابع من القحط، أو بقدوم الغيث بعد سنوات الجفاف كذلك. لكن مع ذلك لا يمكن أن نتصوَّر الموقف؛ فماهر نفسه لم يدرك كيف يتمُّ اغتيالُ كثيرٍ من الرجال في معركة الخيانة العاطفية، يعلم ذلك دون أن يستفيدَ منه ولو درسًا واحدًا، كثير من الرجال الأغبياء يقفلون جميع حواسِّهم، ثم يسلِّمون المفاتيح إلى نساءٍ لم يبذلْنَ أيَّ شيء في السعي لإنجاح المعركة العاطفية وتحقيق مطالب الحبِّ والسعادة. نحن أغبياء أيها الرجال، وربما أكثر مما تتصوَّرون، لا لأننا خُلقنا هكذا فطريًّا، وإنما لعدم استفادتنا من الدروس التي تُلقى أمام أنظارنا في كلِّ لحظة...، في كل لحظة يقصف رجل وتسيل دموعه، فلماذا لا نقدِّر دموعَ الرجال، ونحن ندرك أنها أغلى من الذهب؟ إذا بكى الرجل فاعلم أن سبب بكائه لو أصاب امرأةً لبكت جميعُ النساء على هذا الكوكب، مشكلة الرجال أنهم لا يتعلَّمون إلا بالدموع، كثير منا حضر مواقفَ بكى فيها الرجال، فأبى أن يعيش دون أن يعيد المشهد نفسه بنفسه. لقد أدركت حينما استعرضت أمامكم هذه الصور أنها لن تكون من أجل الوقاية، بقدر ما ستلعب دور دروس تدريبية قبل القيام بالعمليات العاطفية الفاشلة، لغباء الرجال؛ فإنهم سيتخذون هذه الأدوار تدريبًا للقيام بها في قَصص مشابهة، لذلك فلست مسؤولًا عن كل الدموع التي ستذرفها عيونُكم أحبابي. بلا شك سوف يكون أحدُنا في موقف ماهرٍ بعد شهور من الحُبِّ والسعادة الوهمية، وربما سيعيش وراء هذا السراب لفترة أكثر من ماهر، ليتفاجأ بذلك اليوم الحزين، سيصطدم يومها قوة بجدار الحقيقة المُرَّة فيعود إلى رُشْده، ويستفيق مِن غفلته الشريرة. تشعرون في بعض الأوقات أنكم تربَّعتم على عروش قلوب مَن ترون فيهن منبع السعادة العاطفية؛ بل زوجات المستقبل ورفيقات الدَّرْب، في تغاضٍ تامٍّ عن هذه القَصص...، لكن مع ذلك وبدون شكٍّ أنتم حزانى لشعوركم بحجم الدركات التي تنتظركم في هذه الحالة، عليكم بالصبر وطلب العُلا مع من تستنشقون الأكسجين برؤيتهن، وتعودون إلى الحياة بعد صراع مع الموت، بمجرد سماع صوتهن واسترجاع شريط الوقوف بجانبهن ومحاورتهن والنظر في عيونهن. معذرة...، عُدْ إلى رشدك، فلا أطلب منك أن تعيد الشريط الآن، ولا أرغب في رؤية هذه الابتسامة بمجرَّد تفكيرك في الماضي المزيَّف، لا أريد منك شيئًا من هذا، كلُّ ما عليك بعد هذه النكسة هو أن تشمِّر على ساعديك؛ فالنسيان غاية في قمة شامخة عليك أن تتحمَّل عناء الصعود للفوز بها. دعوني قبل كلِّ شيء أحكي قصة ماهر مع ياسمين؛ فالكلمات تسرقني وتوجِّهني حيث لا يريد العاشقون الآن والتائهون في هذا العالم...، احتياطًا وكي لا أتحمَّل مسؤولية أمام الله كان عليَّ أن أكتب في بداية الكتاب: "يمنع قراءة هذا الكتاب من قبل التائهين في العشق الشبابي دون الزواج، والراغبين في تأسيس علاقات عاطفية مرحلية"، ما كان عليَّ أن أتجاهل ذلك، وقد خِفتُ أن يفشل كلامي- وهذه قصة كانت من الممكن أن تصبح بعد سنوات واقعيةبكل المقاييس- أو يعطل سعادة بدأت تتدرَّب على الوقوف والسَّير إلى الأمام. أيها الرجال الذين ظنُّوا أنهم امتلكوا قلبَ أنثى، عليكم بإغلاق الكتاب، فأنا هنا لا أريد سوى استهدافِ بعض النساء اللواتي تسلَّلن عبر النوافذ إلى رياض الكتاب، ليلعبن دور طائرات التجسُّس والمخابرات العالمية، كان هذا مقصدي بكل صدق، لكن لا تخافوا، لن نقوم بقصفهن كما تقصف طائرات التجسُّس؛ ففي تسلُّلهن إلى هذا الكتاب قصف أكبر. اعتاد ماهر أن يهاتف ياسمين كلَّ يوم في الساعة السابعة مساءً، ليسمع عبارات الحبِّ وألحان الهيام، ويعيش لحظة في فردوس الحياة الزوجية قبل أوانها، لم يكن لغبائه يؤمن بأنه قد يجيءُ يومٌ تنقلِب فيه الموازين، بكل صدق لم يكن يستفيد من الحياة! في خميس أسود ذاق مرارة الحياة بكل معاني المرارة، وقد عهدنا أخيرًا في الحياة العربية أن نسمع أنواعًا عديدة من الأيام، الخميس في العقلية العربية لم يعد له معنًى واحد، ولم يعد يعني يومًا في الأسبوع فقط، هناك خميس الغضب، وخميس الانتفاضة، وخميس النصر، وخميس الموت، وخميس الحرب...، لكن الخميس هذه المرة ليس في سوريا أو ليبيا، أو في أحد البلاد التي ثارت على حكَّامها المستبِدِّين، وليس خميس الغضب في انتفاضة طنجة ضد وحشية أمانديس، ولا خميس الحزن في انتفاضة الجبل الصامد الراحل على الأقدام تنديدًا بالعذاب الذي صار واحدًا من أهلهم وذويهم على قمم الجبال...، قد يكون هذا الخميس بكلِّ هذه المعاني، وقد نضيف إليه كذلك خميس الرحيل والوجع والألم، لكن ميزته أنه يوم في مملكة ماهر العاطفية لا غير، مملكة كان ماهر حاكمًا بها قبل أن تدمر حصونها، وتقصف قواعدها بجحافل ياسمين الطاغية. ثم أُسر ماهر واستشهد جيشُه في معركة ياسمين يوم الخميس التاريخي. بعد أسبوع لم ترُدَّ ياسمين على مكالماته، وما يزال ذلك الأمل الأحمق يدفع ماهرًا إلى أخذ الهاتف، هذا المخلوق الذي صار جزءًا من حياتنا من الصعب أن يستغني الإنسان عن الجهاز الهاتفي في هذا العصر، اللهم إلا إذا كان قادرًا على الاستغناء عن الجهاز العصبي والتنفسي والهضمي...، الجهاز الهاتفي لم يعُد أقل مكانة من كلِّ هذه الأجهزة في حياة الإنسان. ظل ماهر يعيد الاتصال يومًا كاملًا دون جدوى، فبدأ يقدِّم لها أعذارًا لبَلَهِه من أجل تبرير تجاهلها، كان كل شيء يقود لاطمئنانه: ♦ لعلها مشغولة، أو مسافرة. ♦ لعل لصًّا سرق هاتفها في المدينة. ♦ قد يكون هاتفها تعرَّض للإتلاف، فانتفخت بطاريته. ♦ ربما في صحبة والديها مما جعلها تخجل من مهاتفتي. مسكين...، يصنع العذاب بنفسه، كالذي عاش الاستبداد مع التقديس الأبدي للمستبدِّين، لو أعاد النظر في الموقف لحظةً لاستطاع بلوغَ معنى تغريدة الخميس الأسود. ♦ قبل أن نورد التغريدة، كيف يمكن أن نفسِّر هذه الأعذار في نظركم يا معشر أُولي الألباب؟ تيقنت رغم هذه النكسات أن فطنة الرجال قد لا تجابهها فطنة النساء، ولا شكَّ أنكم ستقولون بلسان رجل واحد، ولتجربتكم العاطفية، أو ممن عاشوا حروبًا من محيطكم اليومي: ♦ إنها مسافرةٌ إلى غيره؛ حيث تلتقي رجلًا غيره، أو لعل لصًّا عاطفيًّا سرق قلبها، أو صارت لصًّا فسرقت قلبًا آخر مِن نوع s5 لم تعد في الحاجة إلى قلب من نوع x2، أو لعل قلبها تعرَّض للإتلاف، فانتفخ من شدَّة الخيانة والغدر، ولما لا نقول: إنها مشغولة بعملية اصطياد فارس جديد، في هذه الحالة يكون وجودُ ماهرٍ في حياتها عائقًا وعاملًا سلبيًّا أمام نجاح الحكاية. يا معشر الأغبياء...، عفوًا: معشر الشباب، هل فهمتم الحقيقة بعد حقيقة التماس الأعذار...، إنها المرأةُ ياسمين، سيدة قلب ماهر، هذا الشاب الذي أحبَّ السراب وعشق الترقيم على الماء لبرهة من الدهر. بعد أسبوع من ألم الانتظار...، أخيرًا ظهرت شمس ياسمين، وسطعت على عالم ماهر المظلم بتغريدة على فيس بوك، انتبه المسكين فقرأ الجملة في تلعثم مقيت دون أن يصدِّق، فرك عينيه لمرَّات عديدة، وما يزال يتردَّد في تصديقها، نظر إلى اسمها وتأكَّد من صفحتها فبقي حائرًا، كان حاله أقرب إلى صناديد قريش؛ حيث تزعزعت قلوبُهم أمام حقيقة القرآن، بينما حجب عنهم كبرهم وعنادهم طريق الإيمان به وتصديقه. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |