|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من علامات الساعة ندرة الماء وانقطاع المطر من السماء الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه. ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد: فإنَّ أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار، أعاذني الله وإياكم من النار، ومن كل عمل يُقرِّب إلى النار، اللهم آمين. خطبتنا اليوم عن أهونِ موجودٍ وأعزِّ مفقودٍ، أهون موجود يعني لا يهتم الإنسان به إذا كان موجودًا، وأعزُّ مفقود لو فُقِد يصبح ثمينًا وغاليًا، ويبحث الناس عنه، عرفتموه؟ إنه الماء! الماء أعزُّ مفقود، وأهونُ موجود، ومن هوانه علينا أننا نُسرِفُ فيه إسرافًا عجيبًا، سواء كان ماءً غيرَ صالح للشرب، نسرف فيه في الغَسْل والتغسيل، غسل النفس، وتغسيل السيارات والبيوت، ومسحها ونحو ذلك، ونُسرِف فيه في أمور أخرى إذا كان عذْبًا، فالعالم في هذا الزمان يُعاني من هذا، ولنرجع إلى قول الله عزَّ وجلَّ في مصدر هذا الماء. مصدرُ هذا الماء سواء كان في الأنهار أو في الآبار، أو في العيون، مصدره من السماء، قال سبحانه: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ * فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ ﴾ [المؤمنون: 18 - 20]. يَقُولُ الله سبحانه وتَعَالَى في هذه الآيات: إِنَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ماءً ومَطَرًا وغيثًا، بقدر؛ أي بِحَسَبِ الحَاجَةِ إِلَيْهِ، لَا كَثِيرًا فَيُفْسِدُ الأَرْضَ والعُمْرَانَ، وَلَا قَلِيلًا فَلَا يَكْفِي الزُّرُوعَ والثِّمَارَ، وَيَسْتَقِرُّ هَذَا الماءُ فِي الأَرْضِ، وَالله جَعَلَه فِي الأَرْضِ اسْتِعْدَادًا للانْتِفَاعِ بِهِ لإِخْرَاجِ النَّبَاتِ والثِّمَارِ والزُّرُوعِ، وَلَوْ شَاءَ اللهُ أَلَّا تُمْطِرَ السَّمَاءُ لَفَعَلَ، وَلَوْ شَاءَ اللهُ سبحانه وتعالى صَرْفَ الـمَطَرِ عَنِ النَّاسِ إِلَى الأَرَاضِي السَّبخَةِ التي لَا تُنْبِتُ شيئًا لَفَعَلَ، وَلَوْ شَاءَ سبحانه لَجَعَلَهُ مِلْحًا يُضِرُّ بالأرْضِ والنَّبَاتِ ولا يُنْتَفعُ بِهِ لَفَعَلْ، وَلَوْ شَاءَ سبحانه لَجَعَلَهُ يَغُورُ فِي الأَرْضِ فَلَا يُوصَلُ إِلَيْهِ لَفَعَلَ ذَلِكَ أيضًا؛ وَلَكِنَّهُ تَعَالَى بِلُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ، يُنَزِّلُ عَلَيْكُمُ الـمَطَرَ عَذْبًا فَيُسْكِنُهُ فِي الأَرْضِ، وَيَسْلكُهُ يَنَابِيعَ فِيها، فَيَفْتَحُ العُيُونَ والأَنْهَارَ، وَتُسْقَى بِهِ الزُّرُوعُ والثِّمَارُ، تَشْرَبُونَ مِنْهُ أَنْتُم وَدَوَابُّكُم وأَنْعَامُكُمْ، وَتَسْتَعمِلُونَه فِي طُهُورِكُم في الوضوء والاغتسال، وَنَظَافَتِكُم، فِللَّهِ الْحَمْدُ والمِنَّةُ. وذلك كله بِمقْدَارِ، ما من حبَّةٍ ولا قطرةِ مطرٍ تنزل على الأرض إلَّا بمقدار، ولا تنزل من مكان معين إلا بمقدار، وهذا بسبب الحَاجَةِ والـمَصْلَحَةِ، فَأَخْرَجَ اللهُ بِهَذَا الـمَاءِ الذي أَنْزَلَهُ مِنَ السمَاءِ بَسَاتِينَ وَحَدَائِقَ ذات بهجة وجَنَّاتٍ، فِيهَا النَّخِيلُ والأَعْنَابُ والزَّيْتُونُ، ومِنَ الفَوَاكِهِ الكَثِيرَةِ التِي يَأْكُلُهَا النَّاسُ، وَيَتَمتَّعُونَ بِهَا. وَيُخْرِجُ اللهُ تَعَالَى بِهَذَا الماءِ أيضًا شَجَرَةَ الزَّيْتُونِ، وَهِيَ شَجَرَةٌ تَنْبُتُ فِي جَبَلِ طُورِ سينَاءَ، الذي كَلَّمَ اللهُ تَعَالَى فِيهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَشَجَرَةُ الزَيْتُونِ الـمُبَارَكَةُ يُسْتَخْرَجُ مِنْ ثَمَرِهَا الزَّيْتُ، وهو (الدُّهْن)، ويَكُونُ زَيْتُها إِدْمًا يُؤْتَدَمُ بِهِ فِي الطَّعَامِ، قال: ﴿ وَصِبغٍ لِلآكِلِينَ ﴾ صبغ من الصبغة؛ أي: إِدَام لَهُمْ يُغْمَسُ فِيهِ الخُبْزُ، فيصبح مغموسًا مصبوغًا بالزيت فيأكلونه؛ من أيسر التفاسير لأسعد حومد، بتصرُّف. وَفِي الحَدِيثِ الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: ((كُلوا الزَّيْتَ، وادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ))؛ (ت) (1851)، (جه) (3319)، (حم) (16054)، (16055) صَحِيح الْجَامِع: (18)، الصَّحِيحَة: (379). وهذا كلُّه من بركات الماءِ النازل من السماء؛ لكن إنْ نزَع اللهُ البركة من ماء السماء، فلن نجد هذه النباتاتِ، ولا هذه النِّعَمَ والخيراتِ، ولن نجد الزيتونَ والنخيلَ والأعناب والثمرات، ولن نجد الدوابَّ والأنعام والحيوانات؛ لأنها تعيش على ماء السماء، فقد ثبت عند مسلم وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَيْسَتِ السَّنَةُ))؛ أَي: ليس العام الذي فيه الجدب والقحط وقلة النبات؛ ((بِأَلَّا تُمْطَرُوا))؛ أي: لا يوجد فيها مطر، يعني: هذه سنةُ جدب، لا، قال: ((وَلَكِنِ السَّنَةُ))؛ أي: والجدب حقيقةً ((أَنْ تُمْطَرُوا وَتُمْطَرُوا))، مطرًا كثيرًا لا بركة فيه، ((وَلَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ شَيْئًا))، (م) 44- (2904). فَلَيْسَ عَام الْقَحْط الَّذِي لَا تمطر السَّمَاء فِيهِ مَعَ وجود الْبركَة؛ بل أن تُمْطِرَ وَلَا تنْبت الأرض؛ بتصرُّف يسيرٍ من التيسير بشرح الجامع الصغير المناوي القاهري (ت ١٠٣١هـ) (2/ 331). قال الشاعر: أَظَلَّتْ عَلَيْنَا مِنْ نَدَاكَ غَمَامَةٌ ![]() أَضَاءَ لَنَا بَرْقٌ وَأَبْطَا رَشَاشُهَا ![]() فَلَا غَيْمُهَا يَجْلُو فَيَيْأَس طَامِعٌ ![]() وَلَا غَيْثُهَا يَهْمِي فَيَرْوِي عِطَاشهَا ![]() الكاشف عن حقائق السُّنَن للطِّيبي (٧٤٣ هـ): (4/ 1326 – 1327)، وفيض القدير المناوي القاهري (ت ١٠٣١هـ): (5/ 391). جاء عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُمْطَرَ النَّاسُ مَطَرًا عَامًّا، وَلَا تَنْبُت الْأَرْضُ شَيْئًا))، (حم) (12429)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (5447)، والصحيحة: (2773). وقِوامُ الناسِ والحيواناتِ والأشجار ونحوها في موارد المياه، على الآبار والأمطار، والعيون والأنهار، فإذا غارت مياه الآبار، ونُزِعت البركة من الأمطار، وجفَّت العيون، أو انحسرت مياه الأنهار، فقد اقتربت الساعة، وهذا ما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم، في ذَهاب ماء الفرات، وهو النهر الذي يجري في العراق، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: (كُنْتُ وَاقِفًا مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه) (فَقَالَ لِي: أَلَا تَرَى النَّاسَ مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا؟)؛ يعني: يخرجون ويهاجرون طالبين للدنيا، (قُلْتُ: بَلَى!) (قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ): ((يُوشِكُ))؛ أَيْ: يَقْرُب ((الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ))؛ أَيْ: يَنْكَشِف ماؤُه، ولا يبقى فيه ماء، ينكشف عن ماذا؟ قال: ((عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النَّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ، فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ: لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأخُذُونَ مِنْهُ، لَيُذْهَبَنَّ بِهِ كُلِّهِ، قَالَ: فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ))، ((وَيَبْقَى وَاحِدٌ))، ((يَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو)) (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم): ((فَمَنْ حَضَرَهُ فلَا يَأخُذْ مِنْهُ شَيْئًا))؛ الحديث بزوائده عند (خ) (7119) (م) (2895)، (م) (2894)، (حم) (21297)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح. (حم) (8540)، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن. قال ابن حجر رحمه الله قَوْله: ((فَمَنْ حَضَرَهُ))؛ أي: من المسلمين ((فَلَا يَأخُذ مِنْهُ شَيْئًا))، هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُ مُمْكِنٌ، إذن الجبل ليس كلُّه ذهبًا مصبوبًا وكتلة واحدة، قال: وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَنَانِيرَ، قطع قطع، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِطَعًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تِبْرًا؛ أي: ذهب مع التراب، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ أَخْذِهِ؛ لِمَا يَنْشَأُ عَنْ أَخْذِهِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالْقِتَالِ عَلَيْهِ؛ فتح الباري (ج13/ ص80، ٨١). أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. الخطبة الآخرة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، واهتدى بهُداه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:وعندما يقلُّ الماء في مكان؛ تقلُّ فيه الأرزاق، ويرحل عنه أهله، ويهجرونه إلى غيره. جاء في إتحاف الجماعة: وروى الحاكم بسنده عن قيس بن أبي حازم؛ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: خَرَجَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه بِظَهْرِ الْكُوفَةِ- أي: في العراق- وَمَعَهُ رَجُلٌ فَالْتَفَتَ إِلَى جَانِبِ الْفُرَاتِ، فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: (كَيْفَ أَنْتُمْ يَوْمَ تَرَاهُمْ يَخْرُجُونَ- أَوْ يخْرجُونَ- مِنْهَا)- يخرجون من قبل أنفسهم من ديارهم لوجود الضائقة في الأرزاق فيخرجون، أو يُخرَجون يُخرجهم منها أعداؤهم من الروم والعجم- (لَا يَذُوقُونَ مِنْهَا قَطْرَةً) - من قلة المياه وندرتها لا يوجد في العراق قطرة- (قَالَ رَجُلٌ: وَتَظُنُّ ذَاكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟!) قَالَ: (مَا أَظُنُّهُ وَلَكِنْ أَعْلَمُهُ)؛ رواه الحاكم في مستدركه، (8640)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرِّجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه، وقد رواه ابن أبي شيبة بنحوه، وقال فيه: (ما أظنه؛ ولكن أستيقنه). ومن علامات آخر الزمان أنَّ الأراضيَ القاحلةَ الجرداءَ، والصحاريَ الصفراءَ، ستجري فيها الأنهار، وتترعرعُ فيها المروج الخضراء، فقد جاء أنَّ أرض العرب تعودُ مروجًا وأنهارًا، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ، حَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأنْهَارًا))، (م) (157)، وفي رواية لأحمد: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا، وَحَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ بَيْنَ الْعِرَاقِ وَمَكَّةَ، لَا يَخَافُ إِلَّا ضَلَالَ الطَّرِيقِ، وَحَتَّى يَكْثُرَ الْهَرْجُ))، (قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ): ((الْقَتْلُ))؛ (حم) (8833). وأرضُ جزيرةِ العربِ أرضٌ قاحلةٌ؛ لا أنهار فيها؛ وإنما تُسقَى نخيلُها وزروعها من مياه الآبار... وقد ظهر مصداق ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض العرب؛ بما ظهر فيها الآن من الآبار الأرتوازية، التي ينبعُ الماءُ منها بكثرة، وعملِ السدود التي تحبس مياه الأمطار والسيول، فتكون أنهارًا تجري إلى الأراضي الطيبة، وسيتمُّ ذلك فيما بعد، فتكون مروجًا وأنهارًا؛ كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه. [انتهى بتصرُّف من إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة للتويجري، (ت ١٤١٣هـ): (2/ 189- 191)]. فالأمطارُ إذا بركتُها نُزِعَتْ والمياه إذا نضبَتْ، يبحثُ عنها الناس بأوانيهم، فَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه قَالَ: (يُوشِكُ أَنْ تَطْلُبُوا فِي قُرَاكُمْ هَذِهِ طَسْتًا مِنْ مَاءٍ فَلَا تَجِدُونَهُ، يَنْزَوِي كُلُّ مَاءٍ إِلَى عُنْصُرِهِ) - ترجع المياه إلى أصلها ما يبقى ماء- (فَيَكُونُ فِي الشَّامِ بَقِيَّةُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَاءُ)، (ك) 8538)، وقال: (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ)؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم- ط العلمية (4/ 549)، وانظر الصحيحة: (3078). قال الألباني: والحديث وإن كان موقوفًا؛ فهو في حكم المرفوع؛ لأنه لا يُقال من قِبَل الرأي كما هو ظاهر. جاء أثرٌ يُبيِّنُ سببَ قول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عند عَبْدِالرَّزَّاقِ، في مصنفه، أنه شُكِيَ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ الْفُرَاتُ، يعني: نهر الفرات ماذا فعل؟ فَقَالُوا: ((نَخَافُ أَنْ يَتَفَتَّقَ عَلَيْنَا، فَلَوْ أَرْسَلْتَ مَنْ يَسْكُرُه))، حتى ما يخرج على الناس ويفيض عليهم، فَقَالَ عَبْدُاللهِ رضي الله عنه: (لَا نَسْكُرُهُ، فَوَاللهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَوِ الْتَمَسْتُمْ فِيهِ مِلْءَ طَسْتٍ مِنْ مَاءٍ مَا وَجَدْتُمُوه، وَلَيَرْجِعَنَّ كُلُّ مَاءٍ إِلَى عُنْصرِهِ، وَيَكُونُ بَقِيَّةُ الْمَاءِ وَالْمُسْلِمُونَ بِالشَّامِ)، مصنف عبدالرزاق (10/ 390)، ط التأصيل الثانية، رقم: (21856). وها نحن أوروبا مصفرَّة بعد أن كانت مخضرَّةً، وهناك أمطارٌ في بلاد أخرى كثيرةٌ جدًّا، بلاد فيها فيضانات، نسأل الله السلامة، وبلادٌ تفتقد الماء، وأنهارٌ تنحسرُ وتنكشفُ عدة أمتار، ولقد تمَّتْ دراساتٌ في ثمانينات القرن الماضي فيما يتعلَّقُ بنضوبِ المياه من العالم: أحد المعاهد الأمريكية "دراسة تشير إلى أن العالم استخرج كميات كبيرة من المياه الجوفية، وفي (تكساس)- وهذه ولاية أمريكية- و(نيومكسيكو)، أصبح هناك احتمال بنضوب المياه الجوفية تمامًا في هذه المنطقة، وفي الأقاليم الشمالية يهبط مستوى المياه الجوفية بمقدار (12) قدمًا كل عام – أي: كل عام تنزل الماء تقريبًا ثلاثة أمتار وستين سنتمترًا تقريبًا"؛ [نقلًا عن جريدة (الأهرام 1/ 10/ 1985)]. وأشارت دراسة أخرى في الولايات الأمريكية أن العالم- وانظر كيف أنهم يتكلمون في ذلك الزمان ثمانينات القرن الماضي، ونحن في عشرينات الألفين، أشارت دراسة في هذه الولايات أن العالم سوف يتعرض لنقص في موارد المياه التي لا علاج لها، ولن تفيد الطرق التقليدية في توفير المياه؛ مثل: السدود والخزَّانات والقنوات؛ (أهرام 2/ 10/ 1985). كما أعلن مركز تحليل المناخ الفيدرالي في الولايات المتحدة في بيان له أن درجة حرارة مياه المحيط الهادي آخذةٌ في الارتفاع. وهذه الظاهرة تؤثر على الأحوال المناخية في جميع أنحاء العالم، وتؤدي إلى تفاقم حالة الجفاف في إفريقيا وأستراليا، وفيضانات في الصين - هذا الكلام في عام 1986م- وسيول رعدية في (بيرو) و(أكوادور)، وعواصف وأعاصير على الولايات المتحدة وكندا، وجنوب إفريقيا؛ (أهرام 16/10/ 1986)، من سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فِقْهِها وفوائدها للألباني: (7/ 211). فحافظوا يا عباد الله على قطرات المياه التي تنساب من الصنابير والحنفيات وما شابه ذلك، فكيف بمن يترك المياه عبثًا كثيرًا، وهذا فيه إسراف سنُسأل عنه يوم القيامة، سنُسأل عن جميع أنواع الإسراف يوم القيامة، ومنها الإسراف في المياه، التي يشكو العالم أجمع منها، هذه المياه المالحة مياه البلديات ونحوها، أو المياه العذبة التي نشتريها بفلوسنا، ليس معناها أنك إذا اقتنيتها واشتريتها أنه يجوز لك أن تُسرِف فيها! لذلك نُهينا عن الإسراف في الوضوء أكثر من ثلاث مرات، ثلاث مرات فقط، ما زاد فهو إسراف، هذا في الطهارة والوضوء فكيف بغيرها. صلُّوا على رسول الله فقد صلَّى الله عليه في كتابه وملائكته فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. اللهُمَّ صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وسائر الصحابة أجمعين، وارض عنا معهم بمنِّكَ وكَرَمِك يا أكرمَ الأكرمين. اللهم اجعلنا ممن قلت فيهم: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾ [النساء: 57]. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيب الدعوات يا رب العالمين. اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دَينًا إلا قضيتَه، ولا مريضًا إلا شفيتَه، ولا مبتلًى إلا عافيته، ولا غائبًا أو سجينا إلَّا رددته إلى أهله سالمًا غانمًا يا رب العالمين. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |