معية الله: معناها وأسباب حصولها وثمراتها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4862 - عددالزوار : 1821992 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4428 - عددالزوار : 1170915 )           »          شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 531 - عددالزوار : 302058 )           »          محمود شاكر (شيخ العربية) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 91 )           »          داود وسليمان عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 67 )           »          أحداث في غزوة خيبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          شبهات حول موقف الأمويين من الإسلام والردود عليها (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 65 )           »          غزوة خيبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          من أقدار الله في التاريخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          دعوة الملوك إلى الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-11-2022, 09:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,340
الدولة : Egypt
افتراضي معية الله: معناها وأسباب حصولها وثمراتها

خطبة الحرم المكي - معية الله: معناها وأسباب حصولها وثمراتها


مجلة الفرقان

جاءت خطبة الحرم المكي بتاريخ 21 محرم 1444ه الموافق 19 أغسطس 2022 بعنوان: (معية الله: معناها، وأسباب حصولها، وثمراتها) للشيخ: ماهر بن حمد المعيقلي، واشتملت الخطبة على عدد من العناصر أهمها: المقصود الصحيح من إيجاد الخلق، وبعض معاني أسماء الله وصفاته (العلي والأعلى والمتعال) وموجباتها، ومعنى المعية العامة والمعية الخاصة والفرق بينهما، وبعض الأمثلة على معية الله الخاصة لعباده المؤمنين، والفوائد العظيمة لاستشعار معية الله -تعالى-، واستشعار المؤمن لمعية الله -تعالى- في كل وقت، وبعض أسباب حصول معية الله -تعالى.
المقصودَ من إيجاد الخَلق
بين الشيخ المعيقلي أن المقصودَ من إيجاد الخَلق عبادةُ الخالق، ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله، وكلما زادت معرفة العبد بربه، زاد إيمانه وأحبه وأطاعه، وابتعد عن معصيته ومخالفة أمره، ومن أسماء الله -تعالى- الحسنى وصفاته العلا المتعال، العلي الأعلى، قال -جل جلاله- عن نفسه: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}(الرَّعْدِ: 9)، وَقَالَ -سُبْحَانَهُ-: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}(الْحَجِّ: 62)، وقال -جلَّ في علاه-: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}(الْأَعْلَى: 1)، وفي مسند الإمام أحمد، عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: «قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية وهو على المنبر: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ -سُبْحَانَهُ وَتعالى- عَمَّا يُشْرِكُونَ}(الزُّمَرِ: 67)، قال: يقول الله -عز وجل-: أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا المتعالي، يُمجِّد نفسَه، قال: فجعَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُردِّدها حتى رجَف به المنبرُ، حتى ظنَنَّا أنَّه سيخِرّ به»، فالله -جل جلاله-، وتقدَّست أسماؤه هو الأعلى بذاته، وبعظمة صفاته، وكل شيء تحت قهره وسلطانه، وهو العلي الذي لا أعلى منه، فهو -سبحانه- فوق سماواته، مستوٍ على عرشه، بائنٌ مِن خَلقِه، وهو -سبحانه- مع خلقه بعلمه ومشيئته، وإحاطته ونفوذ أمره، وقدرته وقهره، فلا يغيب عنه شيءٌ، ولا يُعجِزه شيءٌ، فالمعية والعلوّ صفتان، قد ثبتَتَا للرحمن بنصوص الكتاب والسُّنَّة، وإجماع سلف الأمة، ولا تنفي إحداهما الأخرى؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}(الشُّورَى: 11)، قال -سبحانه- عن نفسه: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(الْحَدِيدِ:4)، أي: بعلمه، وقال -عز من قائل-: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(الْمُجَادَلَةِ: 7).
معية الله الخاصة
وهذه هي المعية العامَّة، لجميع الخلق، وأمَّا المعية الخاصَّة؛ فهي معيته -تعالى- لرسله وأنبيائه والصالحين من عباده، بالنصر والتأييد، والمحبة والتوفيق، والهداية والإرشاد، والحفظ والرعاية، والتسديد والإعانة؛ فموسى وهارون -عليهما السلام- لَمَّا أمرَهما اللهُ -تعالى- بدعوة فرعون: {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}(طه: 45-46)؛ أي: إنني معكما بحفظي، ونصري وتأييدي، فاطمأنَّتْ قلوبُهما لوعد ربهما، ولَمَّا حاصَر فرعونُ وجنودُه موسى -عليه السلام- وقومَه ظنَّ أصحابُ موسى -عليه السلام- أن السُّبُلَ قد انقطعت بهم، فقالوا: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}(الشُّعَرَاءِ: 61)، قال موسى بكل صدق ويقين، وحُسن ظنٍّ برب العالَمين: {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}(الشُّعَرَاءِ: 62)، ومن كان الله معه كان معه النصر والتأييد، والقوة والتسديد، وقال سبحانه لنبينا - صلى الله عليه وسلم -: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}(الطُّورِ: 48)؛ أي: أنت بمرأى ومنظر منا، وفي حفظنا وحمايتنا، ونحن نرعاك، ونحوطك ونحرسك، فأنت بأعيننا، فكان - صلى الله عليه وسلم - مستشعِرًا معيةَ الله له، وحفظه ونصره، وعنايته ورعايته.
عناية الله تعالى لنبيه في الغار
ثم قال إمام الحرم: ولَمَّا كان في الغار يوم الهجرة، وقف المشركون على شفير الغار حتى قال أبو بكر - رضي الله عنه -: «لو أن أحدهم نظَر تحت قدميه لأبصَرَنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما ظنُّكَ يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما»(رواه البخاري).
وفي حكاية تلك الحادثة، نزل قول الرب -جل جلاله-: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ}(التَّوْبَةِ: 40)، إن الله معنا يُنجِّينا من كل كرب وبلاء، ومشقة وعناء، لا تحزن إن الله معنا بحفظه ورعايته، وقوته وجبروته، وكفايته وعنايته.
حقيقة الحزن
إن حقيقة الحزن -يا عباد الله- ألَّا يكون المرء في معية الله، فيبقى وحيدًا يكابد أحزانه، فاستشعار معية الله يورث السكينة والطمأنينة، ويجلو عن القلب همومه وأحزانه، قال ابن القيم -رحمه الله-: «فإنَّ مَنْ عرَف اللهَ أحَّبه ولا بدَّ، ومَنْ أحبَّه انقشعت عنه سحائبُ الظلمات، وانكشفت عن قلبه الهمومُ والغمومُ والأحزانُ، وعمر قلبُه بالسرور والأفراح، وأقبلت إليه وفودُ التهاني والبشائر من كل جانب، فإنَّه لا حُزنَ مع الله أبدًا»، إلى أن قال: «وإنَّما الحزنُ كلُّ الحزنِ لمن فاتَه اللهُ، فمن حصَل اللهُ له فعلى أيّ شيء يحزن، ومن فاته الله فبأي شيء يفرح؟!».
معية الله الخاصة بإبراهيم
لقد أدرَك معيةَ الله الخاصَّة إبراهيم الخليل -عليه السلام- حين أُلقِيَ في النار فقال الله -تعالى-: {يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}(الْأَنْبِيَاءِ: 69)، وأدركت يونسَ -عليه السلام- حين كان في ظلمات ثلاث: ظلمةِ الليل، وظلمةِ البحر، وظلمةِ بطن الحوت، {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}(الْأَنْبِيَاءِ: 87-88)، فكما نصر الله -تعالى- أنبياءه ورُسُلَه، وأيَّدَهم وأعانهم، فكذلك ينصر ويؤيد أتباعهم؛ {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}(غَافِرٍ: 51)، فلذا دأَب الصالحون من المؤمنين والمؤمنات على الالتجاء إلى الله، وتفويض الأمور إليه، واستشعار قربه، واصطحاب الأنس بلطفه ورحمته، ففي صحيح البخاري، من قصة هاجر زوج إبراهيم -عليه السلام- عندما ترَكَها الخليلُ في وادٍ لا زرعَ فيه ولا ماءَ، ولا أنيسَ ولا جليسَ، فقالت: «يا إبراهيمُ، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟! فقالت له ذلك مرارًا، وجعَل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إِذَنْ لا يضيعنا»، {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}(الْأَنْبِيَاءِ: 88).
استشعار المؤمن لمعية الله
فالمؤمن يستشعر معية الله -تعالى- له في نومه واستيقاظه وصبحه ومسائه، فإذا أصبح قال: أصبحنا وأصبح الملك لله، وإذا أمسى: أمسينا وأمسى الملك لله، وإذا وضع جنبه للنوم قال: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانًا بعدما أماتنا وإليه النشور، فيستشعر معية الله -تعالى- له في عباداته ومعاملاته، وكسبه وإنفاقه، يستشعر معية الله في خلواته وجلواته، بل حتى في مصائره وفَقدِه لأحبابه، ففي الصحيحين لما تُوفِّي إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - دمعت عينَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: «تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، والله -يا إبراهيم- إنَّا بكَ لَمحزونون»، وفي ذيل طبقات الحنابلة تُوفِّي ابن شابّ للإمام ابن عقيل الحنبلي فحَزِنَ لفراقه، فلمَّا صلَّى عليه جاءه وهو ملفوف في أكفانه لا يبين منه إلا وجهه، فأكبَّ عليه فقبَّلَه، وقال: «يا بُنَيّ، استودعتُكَ اللهَ الذي لا تَضِيع ودائعُه، فالربّ خيرٌ لكَ مِنَ الأبِ»، فيعيش المؤمن في معية الله في الشدة والرخاء، وفي السراء والضراء، فدِينه ودنياه ومماته ومحياه كلُّها لله؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}(الْأَنْعَامِ: 162-163).
أسباب حصول معية الله الخاصَّة لأوليائه وأحبابه
ثم أكد فضيلة الشيخ المعيقلي أن من أسباب حصول معية الله الخاصَّة لأوليائه وأحبابه الإيمان به، والتزام فرائضه، والتقرب إليه بنوافله، قال -عز وجل-: {وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}(الْمَائِدَةِ: 12)، وفي صحيح البخاري: «*وَمَا *تَقَرَّبَ *إِلَيَّ *عَبْدِي *بِشَيْءٍ *أَحَبَّ *إِلَيَّ *مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بها، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بها، وَإِنْ سَأَلَنِي لأعطينَّه، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأعيذنَّه».
للصبرِ شأنٌ عظيمٌ ومنزلةٌ رفيعةٌ
ثم وضح فضيلته بأنه لَمَّا كان للصبرِ شأنٌ عظيمٌ ومنزلةٌ رفيعةٌ أمَر اللهُ عبادَه أن يكونوا من الصابرين، ونوَّه بمعيته لهم؛ {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}(الْأَنْفَالِ: 46)، فبالصبر يقوم العبدُ بالطاعة، ويجتنَّب المعصيةَ، ويعان على الأقدار المؤلمة؛ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}(الزُّمَرِ: 10)، وقال عمر - رضي الله عنه -: «وجَدْنا خيرَ عيشنا بالصبر، ويوم القيامة تُحيِّي الملائكةُ المؤمنينَ الصابرينَ في الجنة، فيقولون: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}(الرَّعْدِ: 24)، فالله -سبحانه- مع الصابرين، والمتقين المحسنين، الذين أحسنوا في عبادتهم للخالق، بتوحيده وإخلاص العبادة له، وأحسَنوا في معاملتهم للمخلوقين.
ذِكرُ اللهِ يُورِث معيتَه
وذِكرُ اللهِ يُورِث معيتَه، والقُربَ منه ومحبتَه؛ فمَنْ أكثرَ مِنْ ذِكر الله -تعالى- أكثَر اللهُ مِنْ ذِكرِه في الملأ الأعلى؛ ففي الصحيحين يقول الله -عز وجل-: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا *مَعَهُ *حِيْنَ *يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ».
إذا استشعَر المرءُ بأنَّه في معيةِ اللهِ وفي حِفظِه ورعايتِه أحبَّه وأطاعَه، وتذكَّر أن الله -تعالى- مُطَّلِع عليه، وأنَّه لا تَخفَى عليه خافيةٌ، فيَحمِلُه ذلك على مراقبته وخشيته والحياء منه، والخوف من معصيته؛ وفي القرآن الكريم: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}(فَاطِرٍ: 28)، فكونوا -يا أمةَ الإسلامِ- مع الله، في تفويض الأمور إليه، والثقة بوعده، والتوكل عليه، وحُسن الظن به، وارفعوا أيديَكم لحاجاتكم، في الثلث الأخير من الليل، في الوقت الذي ينادي فيه الربُّ عبادَه فيقول: «مَنْ يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، وذلك في كل ليلة».

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.32 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]