|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() أيام العيد واستغلال الفرص عبدالوهاب محمد المعبأ الخطبة الأولى الحمد لله، الحمد لله المتفرِّد بكمال الذات، وجميل الصفات، المنزَّه عن مشابَهة المخلوقات، أحاط عِلمًا بجميع الكائنات، ووَسِعَ سمعُه جميعَ الأصوات، في مختلف اللغات، أحمده -سبحانه- وأشكره، على سوابغِ نِعَمِه المتواتراتِ، وآلائه المتكاثراتِ، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادةً أرجو بها بلوغَ عالي الدرجات من الجنَّات، وأشهدُ أنَّ سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ اللهِ رسولُه، الهادي إلى سُبُل الخيرات، المحذِّر من طُرُق المهالِكِ والضلالات، صلَّى اللهُ وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابه، أُولي الفضلِ والْمَكرُماتِ، والتابعينَ ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا مزيدًا، مادامت الأرض والسموات.أما بعدُ: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله -رحمكم الله-، واعلموا أنَّه قد حصَّل السعادة مَنْ كان مطيعًا لربه، وبلَغ السيادةَ، مَنْ كان آمِنًا في سربه، ونال الزيادةَ مَنْ كان غِنَاهُ في قلبه، وحقَّق الريادةَ مَنْ كان راضيًا بِكَسْبِه، والعاقل مَنْ عَلِمَ أن الدنيا غرَّارة خدَّاعة، لا تساوي هَمَّ ساعة، واللبيبُ مَنْ صرَفَها لربِّه في العبادة والطاعة، كيف يَضِيق مَنْ كان اللهُ ربَّه؟! وكيف يحزن من كان اللهُ حِزبَه، الحزنُ يزولُ بسجدةٍ، والبهجةُ تَحُلُّ بدعوةٍ. يا عبدَ اللهِ: العافية إذا أُلفت نُسيت، وإذا فُقدت عُرفت، اغسل قلبَكَ قبل بدنِكَ، ولسانَكَ قبلَ يَدِكَ، وأَحسِنِ الظنَّ بربِّكَ، وأعظَمُ السعادةِ أن تعيشَ بِسَترِ اللهِ؛ ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 49]. عباد الله: نعيش وإياكم بفضل الله وكرمه في أيام التشريق الفاضلة في الثاني من أيامها ويوم الغد تنتهي به أيام التشريق الثلاث. والعيد، وأيام التشريق، أيام من أيام الله المعظمة، لها عند الله مكانة، خصها الله بالذكر في محكم التنزيل، فقال: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: الأيام المعدودات: أيام التشريق، والأيام المعلومات: أيام العشر. هذه الأيام قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أيام التشريق أيامُ أكل وشرب وذكرٍ لله"؛ (رواه مسلم)، فأكثروا فيها من ذكر الله بالتكبير والتهليل، والتحميد في أدبار الصلوات وفي جميع الأوقات. واعمروا أيامَكم بالطاعات، ورطِّبوا ألسنتكم بذكر رب البريات. والذكر - عباد الله - سنة سنها الله تعالى عقب انتهاء بعض العبادات: ففي الذكر عقب الصلاة جاء القرآن العظيم بالأمر به في قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ﴾ [النساء: من الآية103]. وفي ذكر صلاة الجمعة قال تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة:10]. وعقب الحج أمر بذلك فقال تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [البقرة: من الآية200]. وينبغي للذاكر أن يتدبر الذكر الذي يقوله، ويفهم معناه فذلك أدعى للخشوع والتأثر به، ومن ثم صلاح القلب يكون بالذكر الذي يربط الذاكر به لسانه وقلبه فيعظم الله جل وعلا. وبعد عباد الله؛ لا زلنا نعيش أيام العيد الجميلة.. انتهزوا فرصة الأيام فإنها لا تطول، ولا تفسدوها بالشقاق والإعراض والجفاء والنزاع حول أتفه الأسباب، واملؤوا أعيُنكم من وجوه الأحباب، وارتفعوا عن الصغائر لتجعلوا من رحلة العمر إبحارًا جميلا في بحر السلام! ". فاستغلوا الفرص في التنازل عن بعض الخصام والخلاف.. فخيركم من يبدأ بالسلام... علاقات الأهل التي يشوبها بين وقت وآخر بعضُ سوء الفهمِ والخلافِ، فالأعياد فرصة للتجاوز والتواصل ومد جسور المحبة والمصالحة والأخوة. فبادر - رحمك الله - بالزيارة ولو قطعوك، كن أنت السابق بالاتصال، كن أنت السابق بالزيارة، كم من أخ لم يكلم أخاه سنين عديدة! كم من ابن عم هجر ابن عمه بسبب خلاف تافه على مال أو زواج، أو أرض أو عَرَضٍ من الدنيا زائل! أنسَ ذلك الحقد أو تناسَه، طهّر قلبك، صفِّ نيتك، اصعد وترفع على الأحقاد والأغلال، لا تقل: أنا الكبير هو من يجب أن يتصل عليَّ، الكبير كبير الأخلاق والروح لا كبير العمر، افتح صفحة جديدة وارجُ العوضَ من الله الذي لن يخذلك في يوم أشد ما تكون حاجتك فيه إلى العفو، اعف يعف الله عنك، تجاوز فالله أولى بأن يتجاوز عنك وعن ذنبك، فلن تكون أكرم من الله وهو أكرم الأكرمين. العيد فرصة عظيمة لكلِّ عاقٍ أو قاطعٍ أو مقصرٍ؛ ليقول لأبيه: "أبي أريدُ برَّك فسامحني وأعني".. وليقول لأمه: "أمي أريدُ برَّك فسامحيني وأعينيني".. وليقول لكلِ واحدٍ من قرابتِه: أخي أختي عمي عمتي خالي خالتي ابن عمي أريدُ صلتَكم فأعينوني وتَقَبْلُونِي.. عفوتُ عنكم للهِ فاعفوا عني للهِ.. رجاءَ عفوِ الله – تعالى - القائل: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى:40]، عفوتُ وصفحتُ امتثالًا لأمرِ ربِنا، ورجاءَ مغفرتِه، فهو القائل: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22]؛ فمن كان بينه وبين قريبٍ له أيُّ خلافٍ فليبادر في مثل هذه الفرص والمناسبات وليقل: "عفوتُ، أحبُّ أن يغفرَ اللهُ لي".. العيد وئامٌ وسلام، يبذل فيه المؤمنون التهاني والدعاء، ونفوسهم صافية من الضغائن والشحناء، والعاقل الحصيف من كان من أهل العفو والتجاوز، والتغافل عن الزَّلات والهفوات. فسابقوا - يا عباد الله - إلى العفو، طهروا قلوبكم، وسلموا صدوركم، واصفحوا عن إخوانكم؛ ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133، 134]. أيها المسلمون الكرام؛ هذه الأعياد والمناسبات فرصٌ سانحة لترسيخ قيم الإسلام وتقاليدنا النبيلة، وربط الأبناء والبنات بالعادات والقيم الأصيلة الكريمة الموافقة للشرع، وتعليمهم مكارم الأخلاق والآداب، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستثمرها في التوجيه والتهذيب، والتعليم والتأديب وكم من أب جمعته هذه المناسبة بأهله وأولاده بعد فراق وغربة، إنَّ أعظم تخطيطٍ لك -أيها الأب- هو أن تخطط كيف تقضي أطول فترة ممكنة بصحبة أولادك؟ وكيف تستمتع معهم؟ وتورث أبناءك وبناتك أن الأسرة والعائلة والأقارب هم أهم من الأصحاب والأصدقاء بالدرجة الأولى؛ وذلك أن الله أمر بصلة الأرحام. وَينشأ ناشِئُ الفتيانِ منَّا ![]() علَى ما كان عوَّده أبوه ![]() وما دَان الفتى بحجى ولكنْ ![]() يعوِّدُه التَّدينَ أقربُوه ![]() حتى وإن كنا في منطقة أخرى نُعوِّدُهم على الاتصال بأعمامهم وعماتهم، والبنت على أخوالها وخالاتها، ولا أقل أن نعطيهم الجوال ونقول له: "خذْ سلِّمْ على عمِّك وعمتِك، وخالِك وخالتِك". أنت أيها الأب، لماذا لا تغير أسلوبك مع أولادك؟ نريدك أن تثني على أولادِك بدلُّ أن ترمي عليهم بعباراتِ الفشل والسبِّ والشتم، يمكنك أن تثني على ابنتِك على إعدادها لتلك السفرة أو لترتيبها البيت أو لعنايتها بدراستها وأدبها. أيها الزوج، وأنت مع زوجتك نذكرك بفرصة التغيير كم من كلمةٍ قليلةِ الحروف صنعتِ الحبَّ وزادته في قلبِ زوجتك! امدح محاسن زوجتك ولو كانت فوق الأربعين أو الخمسين، أشعرها بأنها لازالت جميلةً في عينك، امدح عنايةَ زوجتك بطعامِك وحسنِ طبخها، زوجتُك تنتظرُ ثناءك على تفاصيل دقيقة في حياتها معك، إن هذا الكلام ينمي الحبَّ ويقوي شجرتَه في قلبِ زوجتِك. وأيضًا، نحن الرجال نحتاجُ إلى لغة الشكر من زوجاتنا، إنَّ الرجلَ يتعب ويكدح من أجل لقمة العيش وخدمةِ أهله، فيا ترى؛ ماذا يضيرُ تلك الزوجة من أن تشكرهُ على ما يقدمه لها ولأولادها؟ إن زوجاتنا قد يتناسين حاجتنا لكلمةٍ طيبة لعلها تمسحُ منا عرقَ الحياةِ ونصبَها. عباد الله؛ من جوانب فرص التغيير في حياتنا وأعيادنا الاجتماعية بثُّ روح الأمل في نفوس المرضى، نعم أيها الكرام، إن المريض يشعرُ بنوعٍ من الحزن والأسى، ولعله يعاني من هجر بعضِ الناسِ له، ولعل مرضهُ من النوعِ الذي يحتاجُ لعلاج طويل، فما أجمل أن نحفز المريض، ونقوي عزيمته، ونذكرهُ بجميلِ صبرهِ، ونشجعهُ على الثبات على الإيمان والرضا بالله تعالى! يا من لديه مريضٌ، ابتسم مع مريضك، وأخبرهُ بقصصِ الذين شفاهم الله، وحدثه عن فضائل الصابرين، وأنهم ممن يحبهم الله، وأن الله يقول: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155]. اجلس مع مريضك وأنت مسرورٌ، وافتح له بابَ الأمل، وادع له، أحضر له كتابًا عن السعادة، وافتح له بعضَ المقاطع الصوتية والمرئية التي تضيءُ طريق الحياةِ بالخير والتفاؤل، والزيارةُ للمريض هي نوع من التحفيز النفسي. أخي المبارك: إن المريض الذي يعيشُ بيننا في أمسّ الحاجة للزيارة؛ ولهذا جاءت النصوص بفضل زيارة المريض، والزيارة عبادة عظيمة ولها من الفضائل المحفزة لطالب الأجر والثواب سواء للمريض وغير المريض وهي في مثل هذه المناسبات من أهم ما تبنى عليه العلاقات والأخوة والصداقات؛ وقد جاء في حديث أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: "ما من عبدٍ أتى أخاه يزورُه في الله إلا ناداه منادٍ من السماء: أن طبتَ وطاب ممشاكَ، وتبوأتَ من الجنة منزلًا"؛ (رواه الترمذي، وابن ماجه، بسند صحيح). وفي حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال الله تعالى، في الحديث القدسي: "وجبت محبَّتي للمتحابِّين فيَّ، وللمتزاورين فيَّ"؛ (أخرجه مالك وأحمد، بسند صحيح). نسأل الله الكريم من فضله... أقول قولي هذا وأستغفِر اللهَ لي ولكم ولسائر المسلمين، من كل ذنب وخطيئة، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الدنيا فرح وترح.والدهر يدور بين فرح وحزن. والأيام لا تدوم على حال. مريض اليوم صحيح الغد. وسجين اليوم طليق الغد. وفقيد اليوم حاضر الغد. طُرد محمد عليه الصلاة والسلام من مكة فأصبحت مدينته موطن اﻷفئدة. وبِيع يوسف بثمن بخس فصار عزيز مصر. وبحث ابن عوف عن سوق المدينة لفقره فصار من أثريائها. لا تحزن... فكل غائب سيعود. لا تحزن... فكل بعيد سيرجع. لا تحزن... فكل مكروب فرجه قريب. ميتك الذي فقدته.. أحسن الظن بربك أنه في روضة وجنان. أسيرك الذي غاب عنك.. سيعود فحوادث اﻷيام قد علمتنا هذا. أمنياتك التي طال انتظارها.. ستحقق وأن طال الزمان، ولعل في تأخيرها خيرًا لا تدرك حقيقته. مَنْ غيرُ اللهِ يَقْدِرُ على تغييرِ مُجرياتِ حياتكَ؟، فعلِّقْ قلبكَ بربِّكَ، ولا تَلْجأْ لأحدٍ غيرَه، كن مع الله في جميع أمورك وحياتك ولا تبالي يكن الله معك ولو كنت في جوف المخاطر المهلكة، ولو كنت في قلب أمواج وأعماق البحار العالية العاتية المتلاطمة، ولو كنت في وسط الرياح الشديدة العاصفة المدمرة وتذكر قوله تعالى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ [الزمر: 36]، وقوله جل وعلا: ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، وقوله: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [مريم: 64].. وصلوا وسلموا...
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |