|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() غسل الجنابة: أحكام ومسائل رمضان صالح العجرمي 2- مُوجِبَاتُ الغُسْلِ. 3- ما يَحرُمُ على الجُنُبِ. 4- الأغسَالُ المُستَحَبة. 5- صفة الغُسل. 6- مَسَائل فِي الغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ. الهدف من الخطبة: التذكير بهذه العبادة الجليلة التي ربما يتهاون فيها كثيرٌ من الناس؛ مما يترتب عليه بطلان الصلاة التي لا تصح إلا بالطهارة من الحدثين: الأصغر والأكبر، ومن باب: شمولية الطرح والبيان لجميع أبواب الدين. مقدمة ومدخل للموضوع: أيها المسلمون عباد الله، عبادةٌ من العبادات يحتاج إليها كل مسلم ومسلمة، عبادةٌ خفيةٌ غيرُ ظاهرة للناس، أُمِرَ فاعِلُها بالتستر عن الناس حال فعلها، عبادةٌ مشتقةٌ من النظافة؛ بل هي النظافة بعينها، وأعظم ما في هذه العبادة أنها أمانةٌ ائتمن الله تعالى عليها الناس. إنها عبادة: [الغُسْل من الجَنَابَةِ]. روى أبو داود عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خمسٌ من جَاءَ بِهن مَعَ إِيمَان دخل الْجنَّة: من حَافظ على الصَّلَوَات الْخمس: على وضوئهن، وركوعهن، وسجودهن، ومواقيتهن، وَصَامَ رَمَضَان، وَحج الْبَيْت إِن اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَآتى الزَّكَاة طيبَة بهَا نَفسُه، وَأدَّى الْأَمَانَة)). وفي رواية: قيل: يَا رَسُول الله، وَمَا أَدَاء الْأَمَانَة؟ قَالَ: ((الْغُسْل من الْجَنَابَة؛ إِن الله لم يَأْمَن ابْن آدم على شَيْء من دينه غَيرهَا))؛ [رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد جيد كما قال المنذري]. عباد الله، الغسل من الجنابة شعيرة عظيمة وعبادة جليلة، ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيئًا إلا وبيَّنه، وكما أن المحدث حدثًا أصغر لا تُباح له الصلاة إلا بالوضوء، فكذلك من أصابه حدث أكبر لا تُباح له الصلاة وغيرها من العبادات إلا بعد الغُسل. فمن المعلوم أن من شروط صحة الصلاة: الطهارة من الحدثين: الأصغر، والأكبر. 1- فأما الحدث الأصغر، وهو ما يجب به الوضوء؛ فيكفي في رفعه الوضوء. 2- وأما الحدث الأكبر، وهو ما يجب به الغسل، فلا يرفعه إلا الغُسل. قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾ [المائدة: 6]، قال البغوي رحمه الله: أي: اغتسلوا. وقال تعالى: ﴿ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾ [النساء: 43]. فما هو الغُسْلُ، وما هي مُوجِباتُهُ ومستحباتُهُ، والأحكام المترتبة عليه؟ وما هي صفته؟ هيا بنا نتعرف على كُلِّ ذلك بشيء من الاختصار؛ وذلك من خلال هذه الوقفات. الوقفة الأولى: موجباتُ الغُسْلِ. متى يجب الغسل؟ يجب الغسل للأسباب التالية: 1- خروج المنيِّ في اليقظة، أو في النوم: ففي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ))، وفي رواية: ((إذا فَضَخْتَ الماء فاغتسل)). والمرأة كالرجل سواء؛ ففي الصحيحين عَنْ أَنَسِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ قَالَ: ((تَغْتَسِلُ))، وفي الصحيحين عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغُسْلُ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: ((نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ)). وعلامة المنيِّ والتفريق بينه وبين المذي والودي: أن يكون كثيرًا لزجًا ثخينًا، وهذا ما يميزه عن غيره. وهنا مسائل مهمة تتعلق بالمنيِّ: الأولى: إذا احتلم ولم يجد منيًّا فلا غسل عليه، وإذا انتبه من النوم فوجد بللًا ولم يذكر احتلامًا، فإن تيقَّن أنه منيٌّ فعليه الغسل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ))؛ أي: الاغتسال من الإنزال، فالماء الأول الماء المطهر، والثاني المنيُّ. لثانية: إذا رأى في ثوبه منيًّا، ولا يعلم وقت حصوله، وكان قد صلَّى، يلزمه إعادة الصلاة من آخر نومة له، إلا أن يرى ما يدل على أنه قبلها، فيعيد من أدنى نومة يحتمل أنه منها؛ [فقه السنة]. 2- الجِماع وإن لم يحصل إنزال: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ))، وفي رواية: ((إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ، ومسَّ الختانُ الختانَ، وجب الغسل)). 3- إسلام الكافر: في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي قِصَّةِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ، عِنْدَمَا أَسْلَم، وَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَنْ يَغْتَسِلَ. 4- انقطاع دم الحيض والنفاس: لحديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لفاطمة بنت أبي حبيش: ((إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصَلِّي))؛ والنفاس كالحيض بالإجماع. 5- الموت: في الصحيحين عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نُغَسِّلُ ابْنَتَهُ، فَقَالَ: ((اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ)). وَفي الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الرجل الَّذِي سَقَطَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَمَاتَ: ((اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلا تُحَنِّطُوهُ، وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا)). الوقفة الثانية: ما يَحرُمُ على الجُنُبِ. 1- الصلاة: لقول الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾ [المائدة: 6]. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ)). 2- الطواف: عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: ((الطواف صلاة إلا أن الله تعالى أحَلَّ فيه الكلام؛ فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير))؛ [رواه الترمذي، وغيره]. وفي حديث جابر رضي الله عنه، في قصة حجة الوداع قال: فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، فَقَالَ لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ، وَأَحْرِمِي، وافعلي ما يفعل الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت)). 3- المكث في المسجد: لقوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾ [النساء: 43]، وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ))؛ [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ]. 4- مس المصحف ببشرته بلا حائل: لقوله تعالى: ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79]، ولما في الموطأ: أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: ((أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ)). 5- قراءة القرآن: عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ مَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا"؛ [رَوَاهُ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ]. الوقفة الثالثة: الأغسَالُ المستَحَبةُ. فمن الأغسال المستحبة: 1- الغسل ليوم الجمعة؛ وهو آكد الأغسال المستحبة. ففي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ))، وفي السنن عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ)). وأخذ العلماء من الجمع بين الحديثين: بتأكيد استحباب الغسل ليوم الجمعة، وعدم وجوبه. 2- الاغتسال عند كل جِماع: لحديث أبي رافع أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كان ذات ليلة يغتسل عند هذه وعند هذه، قال: فقلت: يا رسول الله، ألا تجعله واحدًا؟ قال: ((هذا أزكى وأطيب وأطهر)). وَفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا)). 3- الاغتسال للعيدين: فهو مستحب لكل اجتماع عام للمسلمين؛ كالجمعة والعيدين وغيرهما؛ وقد ثبت عن نافع أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر، قبل أن يغدو إلى المصلى؛ [رواه مالك في الموطأ] وما ينطبق على عيد الفطر ينطبق أيضًا على عيد الأضحى. 4- الاغتسال عند الإحرام بالعمرة والحج: فإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اغتسل لإحرامه. 5- الاغتسال لدخول مكة: في الصحيحين عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْدُمُ مَكَّةَ إِلَّا بَاتَ بِذِي طُوَى حَتَّى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ، وَيَذْكُرُ ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. 6- الغسل من غسل الميت: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ غَسَّلَ ميتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ))؛ [رواه أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ]. نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عباده المتطهرين. الخطبة الثانية مع صفة الغسل، وبعض المسائل. أيها المسلمون عباد الله، فإن للغسل من الجنابة صفتين: صفة إجزاء، وصفة استحباب: 1- فأمَّا صفة الإجزاء: أن يُعمم بدنه بالماء، مع النية، ولا بد من التنبيه على أمر النية. 2- وأما صفة الاستحباب: فهي ما جاء من صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم. ففي الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ، فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ، حتى إذا رأى أنْ قدِ اسْتَبْرَأَ، ثُمَّ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ)). ولا يلزم المرأة نقض أضفار شعرها لغسل الجنابة؛ ففي صحيح مسلم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ شَعْرَ رَأْسِي، أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَ: ((لَا، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ)). الوقفة الأخيرة: مَسَائل فِي الغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ. فمن المسائل في الغسل: 1- وجوب التستُّر عند الاغتسال؛ فلا يجوز الاغتسال عريانًا بين الناس؛ لأن كشف العورة مُحرَّم. عَن يَعلَى بنِ أُمَيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم رَأَى رَجُلًا يَغتَسِلُ بِالبَرَازِ بِلَا إِزَارٍ، فَصَعِدَ المِنبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثنَى عَلَيهِ؛ ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ، يُحِبُّ الحَيَاءَ وَالسَّترَ، فَإِذَا اغتَسَلَ أَحَدُكُم فَليَستَتِر))؛ [رواه أبو داود، والنسائي، وصححه الألباني في صحيح أبي داود]. 2- ومن المسائل أيضًا: يُستحَبُّ الدعاء عند دخول الخلاء بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم. في الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ)). وَفي السنن عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ الْغَائِطِ قَالَ: ((غُفْرَانَكَ)). 3- ومن المسائل: أنه يُشترط لغسل الجنابة أن يكون بالماء الطهور. 3- ومن المسائل المهمة: أن الغسل الواجب يُغني عن الوضوء؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه سُئل عن الوضوء بعد الغسل، فقال: "وأي وضوء أعم من الغسل". قال العثيمين رحمه الله: "الاستحمام إن كان عن جنابة، فإنه يكفي عن الوضوء؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾ [المائدة: 6]، فإذا كان على الإنسان جنابة، وانغمس في بِرْكَةٍ، أو في نهر، أو ما أشبه ذلك، ونوى بذلك رفع الجنابة، وتمضمض واستنشق؛ فإنه يرتفع الحدث عنه الأصغر والأكبر؛ لأن الله تعالى لم يُوجِب عند الجنابة سوى أن نطهر؛ أي: أن نعمَّ جميع البدن بالماء غسلًا، وإن كان الأفضل أن المغتسل من الجنابة يتوضأ أولًا". 5- ومن المسائل أيضًا: ذهب الفقهاء إلى أن من مكروهات الغسل الإسراف في الماء. في الصحيحين عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إلى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ". وعن عبدالله بن مغفل رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء)). وفي الصحيحين عن جَابِرٍ رضي الله عنه، عِنْدَما سَأَلهُ قَوْمٌ عَنْ الْغُسْلِ؟ فَقَالَ: يَكْفِيكَ صَاعٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكْفِينِي، فَقَالَ جَابِرٌ: كَانَ يَكْفِي مَنْ هُوَ أَوْفَى مِنْك شَعَرًا، وَخَيْرًا مِنْكَ؛ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. 6- ومن المسائل أيضًا: من أصبح صائمًا وهو جُنُب صحَّ صومه، فيغتسل ويتم صومه. ففي صحيح البخاري عن عَائِشَةَ رضي الله عنها: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ". 7- ومن المسائل المهمة أيضًا: أن من كان جُنُبًا، ولم يجد ماءً، أو وجد الماء وعجز عن استعماله لمرضٍ، أو شدة برد؛ فله أن يتيمَّم. ففي الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا مُعْتَزلًا لَمْ يُصَلِّ فِي الْقَوْمِ؟ فَقَالَ: ((يَا فُلانُ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْقَوْمِ؟))، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، وَلا مَاءَ، فَقَال: ((عَلَيْك بِالصَّعِيدِ، فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ)). وفي الصحيحين عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ، فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: ((إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا))، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ، وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ)). نسأل الله العظيم أن يُفقِّهنا في ديننا، وأن يُعلِّمَنا ما جهلنا، وأن يجعلنا من عباده التوَّابين المتطهرين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |