أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ومعانيها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 131 - عددالزوار : 73203 )           »          (موقعة الزلاقة) إنقاذ دولة الإسلام في الأندلس خلفيات وأسباب وتوابع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 17 )           »          قضية التوحيد بين الثوابت والمتغيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          قضايا دعوية معاصرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 359 )           »          الإمام البويطي (حياته وفقهه وصبره وثباته) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الدعاة في مواجهة مشاريع تقسيم الأمة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          (ولا تهنوا في ابتغاء القوم) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مرجعية الحضارة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الأقوال والأفعال فرع على أصل هو العلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مواقف الغرب من الحضارة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-07-2024, 08:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,100
الدولة : Egypt
افتراضي أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ومعانيها

أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ومعانيها

د. محمود بن أحمد الدوسري


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اخْتِيَارَ الْأَسْمَاءِ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي اهْتَمَّ بِهَا الْإِسْلَامُ، وَنَدَبَ إِلَيْهَا؛ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ عِدَّةُ أَسْمَاءٍ، وَكَثْرَةُ الْأَسْمَاءِ تَدُلُّ عَلَى شَرَفِ الْمُسَمَّى، وَعُلُوِّ شَأْنِهِ وَمَكَانَتِهِ، وَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ تَحْمِلُ مِنْ دَلَالَاتِ الْعَظَمَةِ، وَمَعَانِي الْفَخَامَةِ مَا يَلِيقُ بِمَقَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ إِطْلَاقُ الْأَسْمَاءِ الْكَثِيرَةِ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ ذَا شَأْنٍ عَظِيمٍ، وَمَنْزِلَةٍ رَفِيعَةٍ، وَحَدِيثُنَا يَنْصَبُّ عَلَى أَسْمَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا، وَمَعَانِيهَا، وَمِمَّا ثَبَتَ فِي النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ:

عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِي أَسْمَاءً: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي؛ الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ؛ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ؛ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: «لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَالَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ لِي ‌خَمْسَةَ ‌أَسْمَاءٍ ‌أَخْتَصُّ بِهَا، لَمْ يُسَمَّ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي، أَوْ مُعَظَّمَةٌ، أَوْ مَشْهُورَةٌ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، لَا أَنَّهُ أَرَادَ الْحَصْرَ فِيهَا).

وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّي لَنَا نَفْسَهُ أَسْمَاءً، فَقَالَ: «أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَالْمُقَفِّي، وَالْحَاشِرُ، وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ، وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ أَسْمَاءً، مِنْهَا مَا حَفِظْنَا، فَقَالَ: «أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَالْمُقَفِّي، وَالْحَاشِرُ، وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ، وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ» صَحِيحٌ - رَوَاهُ أَحْمَدُ.

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ – عَنْ أَسْمَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (‌وَكُلُّهَا ‌نُعُوتٌ، لَيْسَتْ أَعْلَامًا مَحْضَةً لِمُجَرَّدِ التَّعْرِيفِ؛ بَلْ أَسْمَاءٌ مُشْتَقَّةٌ مِنْ صِفَاتٍ قَائِمَةٍ بِهِ، تُوجِبُ لَهُ الْمَدْحَ وَالْكَمَالَ).

عِبَادَ اللَّهِ.. وَأَمَّا مَعَانِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الْفَاخِرَةِ فَهِيَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
1- مَعْنَى: «أَنَا مُحَمَّدٌ»: هُوَ أَشْهَرُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ، وَهُوَ "اسْمُ مَفْعُولٍ" مِنَ التَّحْمِيدِ مُبَالَغَةً؛ يُسَمَّى بِهِ ‌لِكَثْرَةِ ‌خِصَالِهِ ‌الْمَحْمُودَةِ، أَوْ لِأَنَّهُ حُمِدَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، أَوْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَمِدَهُ حَمْدًا كَثِيرًا بَالِغًا غَايَةَ الْكَمَالِ، وَكَذَا الْمَلَائِكَةُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ، أَوْ تَفَاؤُلًا؛ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ حَمْدُهُ كَمَا وَقَعَ، أَوْ لِأَنَّهُ؛ يَحْمَدُهُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، وَهُمْ تَحْتَ لِوَاءِ حَمْدِهِ، فَأَلْهَمَ اللَّهُ أَهْلَهُ أَنْ يُسَمُّوهُ بِهَذَا الِاسْمِ؛ لِمَا عَلِمَ مِنْ حَمِيدِ صِفَاتِهِ.

2- مَعْنَى: «أَنَا أَحْمَدُ»: أَيْ: أَحْمَدُ الْحَامِدِينَ، أَوْ أَحْمَدُ الْمَحْمُودِينَ، فَهُوَ "أَفْعَلُ" بِمَعْنَى: "الْفَاعِلِ" كَــ«أَعْلَمُ»، أَوْ بِمَعْنَى "الْمَفْعُولِ" كَــ«أَشْهَرُ»، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ فِي "أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ" أَكْثَرُهُ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ لَفْظِ: "أَحْمَدَ" وَ"مُحَمَّدٍ"، مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ "مُحَمَّدًا" هُوَ الْمَحْمُودُ حَمْدًا بَعْدَ حَمْدٍ، فَهُوَ دَالٌّ عَلَى ‌كَثْرَةِ ‌حَمْدِ ‌الْحَامِدِينَ ‌لَهُ؛ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ كَثْرَةَ مُوجِبَاتِ الْحَمْدِ فِيهِ، وَ"أَحْمَدُ" أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنَ الْحَمْدِ؛ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَمْدَ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ أَفْضَلُ مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُ، فَــ"مُحَمَّدٌ" زِيَادَةُ حَمْدٍ فِي الْكَمِّيَّةِ، وَ"أَحْمَدُ" زِيَادَةٌ فِي الْكَيْفِيَّةِ، فَيُحْمَدُ أَكْثَرَ حَمْدٍ، وَأَفْضَلَ حَمْدٍ حَمِدَهُ الْبَشَرُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ "مُحَمَّدًا" هُوَ الْمَحْمُودُ حَمْدًا مُتَكَرِّرًا، وَ"أَحْمَدُ" هُوَ الَّذِي حَمْدُهُ لِرَبِّهِ أَفْضَلُ مِنْ حَمْدِ الْحَامِدِينَ غَيْرِهِ؛ فَدَلَّ أَحَدُ الِاسْمَيْنِ - وَهُوَ "مُحَمَّدٌ" - عَلَى كَوْنِهِ مَحْمُودًا، وَدَلَّ الِاسْمُ الثَّانِي - وَهُوَ "أَحْمَدُ" - عَلَى كَوْنِهِ أَحْمَدَ الْحَامِدِينَ لِرَبِّهِ.

3- مَعْنَى: «أَنَا الْمَاحِي؛ الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ»: فَالْمَاحِي: هُوَ الَّذِي مَحَا اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ، ‌وَلَمْ ‌يُمْحَ ‌الْكُفْرُ ‌بِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ مَا مُحِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ بُعِثَ وَأَهْلُ الْأَرْضِ كُلُّهُمْ كُفَّارٌ، إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُمْ مَا بَيْنَ عُبَّادِ أَوْثَانٍ، وَيَهُودَ مَغْضُوبٍ عَلَيْهِمْ، وَنَصَارَى ضَاِلِّينَ، وَصَابِئَةٍ دَهْرِيَّةٍ لَا يَعْرِفُونَ رَبًّا وَلَا مَعَادًا، وَبَيْنَ عُبَّادِ الْكَوَاكِبِ، وَعُبَّادِ النَّارِ، وَفَلَاسِفَةٍ لَا يَعْرِفُونَ شَرَائِعَ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا يُقِرُّونَ بِهَا، فَمَحَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكُفْرَ، حَتَّى ظَهَرَ دِينُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ دِينٍ، وَبَلَغَ دِينُهُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَسَارَتْ دَعْوَتُهُ مَسِيرَ الشَّمْسِ فِي الْأَقْطَارِ.

4- مَعْنَى: «أَنَا الْحَاشِرُ؛ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي»: أَيْ: عَلَى أَثَرِي؛ أَيْ: ‌إِنَّهُ ‌يُحْشَرُ ‌قَبْلَ ‌النَّاسِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ - فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: «يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى عَقِبِي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَيُحْتَمَلُ: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْقَدَمِ الزَّمَانَ؛ أَيْ: وَقْتَ قِيَامِي عَلَى قَدَمِي، بِظُهُورِ عَلَامَاتِ الْحَشْرِ؛ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ، وَلَا شَرِيعَةٌ.

5- مَعْنَى: «أَنَا الْعَاقِبُ؛ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ»: فَهُوَ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ، ‌وَالْعَاقِبُ ‌وَالْعَقُوبُ: الَّذِي يَخْلُفُ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ فِي الْخَيْرِ.

6- مَعْنَى: «الْمُقَفِّي»: فَهُوَ الَّذِي ‌قَفَّى ‌عَلَى ‌آثَارِ ‌مَنْ تَقَدَّمَهُ؛ فَقَفَّى اللَّهُ بِهِ عَلَى آثَارِ مَنْ سَبَقَهُ مِنَ الرُّسُلِ، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْقَفْوِ؛ يُقَالُ: قَفَاهُ يَقْفُوهُ: إِذَا تَأَخَّرَ عَنْهُ، وَمِنْهُ: قَافِيَةُ الرَّأْسِ، وَقَافِيَةُ الْبَيْتِ، فَالْمُقَفِّي: الَّذِي قَفَّى مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ، فَكَانَ خَاتَمَهُمْ وَآخِرَهُمْ.

7- مَعْنَى: «نَبِيُّ التَّوْبَةِ»: فَهُوَ الَّذِي ‌فَتَحَ ‌اللَّهُ ‌بِهِ ‌بَابَ ‌التَّوْبَةِ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ؛ فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ تَوْبَةً لَمْ يَحْصُلْ مِثْلُهَا لِأَهْلِ الْأَرْضِ قَبْلَهُ. وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ النَّاسِ اسْتِغْفَارًا وَتَوْبَةً؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ! تُوبُوا إِلَى اللَّهِ؛ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَكَذَلِكَ تَوْبَةُ أُمَّتِهِ أَكْمَلُ مِنْ تَوْبَةِ سَائِرِ الْأُمَمِ، وَأَسْرَعُ قَبُولًا، وَأَسْهَلُ تَنَاوُلًا، وَكَانَتْ تَوْبَةُ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ أَصْعَبِ الْأَشْيَاءِ؛ حَتَّى كَانَ مِنْ تَوْبَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ قَتْلُ أَنْفُسِهِمْ، وَأَمَّا هَذِهِ الْأُمَّةُ؛ فَلِكَرَامَتِهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى جَعَلَ تَوْبَتَهَا النَّدَمَ وَالْإِقْلَاعَ.

8- مَعْنَى: «نَبِيُّ الرَّحْمَةِ»: فَهُوَ ‌الَّذِي ‌أَرْسَلَهُ ‌اللَّهُ ‌رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ؛ فَرُحِمَ بِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ كُلُّهُمْ؛ مُؤْمِنُهُمْ وَكَافِرُهُمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 107]. ‌لَكِنِ ‌الْمُؤْمِنُونَ ‌قَبِلُوا هَذِهِ الرَّحْمَةَ، فَانْتَفَعُوا بِهَا دُنْيَا وَأُخْرَى، وَالْكُفَّارُ رَدُّوهَا، فَلَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ رَحْمَةً لَهُمْ، لَكِنْ لَمْ يَقْبَلُوهَا؛ كَمَا يُقَالُ: "هَذَا دَوَاءٌ لِهَذَا الْمَرَضِ"؛ فَإِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ الْمَرِيضُ، لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَنْ يَكُونَ دَوَاءً لِذَلِكَ الْمَرَضِ.

9- مَعْنَى: «نَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ»: وَفِي رِوَايَةٍ: «نَبِيُّ الْمَلَاحِمِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. فَهُوَ الَّذِي ‌بُعِثَ ‌بِجِهَادِ ‌أَعْدَاءِ ‌اللَّهِ، فَلَمْ يُجَاهِدْ نَبِيٌّ وَأُمَّتُهُ قَطُّ مَا جَاهَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتُهُ، وَالْمَلَاحِمُ الْكِبَارُ الَّتِي وَقَعَتْ وَتَقَعُ بَيْنَ أُمَّتِهِ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهَا قَبْلَهُ؛ فَإِنَّ أُمَّتَهُ يَقْتُلُونَ الْكُفَّارَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، عَلَى تَعَاقُبِ الْأَعْصَارِ، وَقَدْ أَوْقَعُوا بِهِمْ مِنَ الْمَلَاحِمِ مَا لَمْ تَفْعَلْهُ أُمَّةٌ سِوَاهُمْ. فَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْمَةٌ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، وَحَرْبٌ عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ.

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ... عِبَادَ اللَّهِ.. وَالسُّؤَالُ هُنَا: هَلْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءٌ أُخْرَى؟ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَأَسْمَاؤُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: خَاصٌّ، لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنَ الرُّسُلِ؛ كَمُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدَ، وَالْعَاقِبِ، وَالْحَاشِرِ، وَالْمُقَفِّي، وَنَبِيِّ الْمَلْحَمَةِ.

وَالثَّانِي: ‌مَا ‌يُشَارِكُهُ ‌فِي ‌مَعْنَاهُ غَيْرُهُ مِنَ الرُّسُلِ، وَلَكِنْ لَهُ مِنْهُ كَمَالُهُ، فَهُوَ مُخْتَصٌّ بِكَمَالِهِ دُونَ أَصْلِهِ؛ كَرَسُولِ اللَّهِ، وَنَبِيِّهِ، وَعَبْدِهِ، وَالشَّاهِدِ، وَالْمُبَشِّرِ، وَالنَّذِيرِ، وَنَبِيِّ الرَّحْمَةِ، وَنَبِيِّ التَّوْبَةِ.

وَأَمَّا إِنْ جُعِلَ لَهُ مِنْ كُلِّ وَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِهِ اسْمٌ، تَجَاوَزَتْ أَسْمَاؤُهُ الْمِائَتَيْنِ؛ كَالصَّادِقِ، وَالْمَصْدُوقِ، وَالرَّؤُوفِ، وَالرَّحِيمِ، إِلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ. وَفِي هَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنَ النَّاسِ: "إِنَّ لِلَّهِ أَلْفَ اسْمٍ، وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْفُ اسْمٍ"، وَمَقْصُودُهُ: الْأَوْصَافُ).

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَسْمَاءٍ كَثِيرَةٍ؛ هَلْ تَصِحُّ نِسْبَتُهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الَّذِي لَهُ أَصْلٌ فِي النُّصُوصِ: إِمَّا اسْمٌ؛ وَهُوَ الْقَلِيلُ، أَوْ وَصْفٌ؛ وَهُوَ أَكْثَرُ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَلَا أَصْلَ لَهُ، فَلَا يُطْلَقُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حَذَرًا مِنَ الْإِفْرَاطِ، وَالْغُلُوِّ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.59 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]