|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حق الله تعالى (1) د. أمير بن محمد المدري الحمد لله الذي خشعت له القلوب وخضعت، ودانت له النفوس ورقّت، وعنت له الوجوه وذلّت، أحمده سبحانه حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ وبعد: نعيش وإياكم مع سلسلة الحقوق في الإسلام، سلسلةٌ منهجية إيمانية مباركة، سلسلة تضيء الطريق للمسلم ليعرف ما له وما عليه، سلسلة تضع النقاط على الحروف وتبني مجتمعًا مسلما متحابًا، كل فرد فيه يعي واجباته نحو ربه ونبيه ودينه وأهله وجيرانه ومجتمعه. واليوم نعيش وإياكم مع أهم حق، وأسمى حق، وأعظم حق إنه حق الله تعالى. فتعالوا بنا أيها الأحبة الكرام لنتعرف على حق الله جل وعلا. ولكن أيها الأحبة الكرام قبل أن نعيش مع حق الله سبحانه وتعالى لا بد أن نعرف الله عزوجل وتقدست أسماءه. فإذا عرفنا الله أدّينا حقوقه، إذا عرفنا الله عبدناه حق العبادة وشكرناه حق شكره وقدرناه حق قدره. إن في الدنيا جنة من لم يدخلها ولم يذقها لم يذق جنة الآخرة إنها معرفة الله. من هو الله؟ إنه الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد. خلق فسوى، وقدّر فهدى، وأخرج المرعى فجعله غُثاءً أحوى، السماء بناها، والجبال أرساها، والأرض دحاها، أخرج منها ماءها ومرعاها، يبسط الرزق ويغدق العطاء ويُرسل النعم. إنه الله رب السماوات والأرض، ورب العرش العظيم، فالق الحب والنوى، مُنزل التوراة والإنجيل والفرقان، هو الأول فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فليس فوقه شيء، وهو الباطن فليس دونه شيء، يُنفّس الكرب، ويفرِّج الهم، ويُذهب الغم، ويقضي الدين ويُغني من الفقر. إنه الله حبيب الطائعين، وملاذ الهاربين، وملجأ الملتجئين، وأمان الخائفين، يُـحب التوابين ويُـحب المتطهرين. إنه الله الذي: ﴿ لَا إِلَهَ إلّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 70]. مع الله الذي له: ﴿ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الجاثية: 36-37]. إنه الله الذي: ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ﴾ [لقمان: 10]. إنه الله الذي: ﴿ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾ [الرعد: 8]. إنه الله الذي: ﴿ لَا إِلَهَ إلّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [الحشر22]. إنه الله الذي: ﴿ جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 5]. الحديث عن الله وعن معرفة الله. حديث من الضعفاء عن ربهم القوي. حديث من الفقراء عن ربهم الغني. حديث عن الأذلاء عن ربهم العزيز. إنه الله: إنه الملاذ في الشدة، والأنيس في الوحشة، والنصير في القلة، يتجه إليه المريض الذي استعصى مرضه على الأطباء، ويدعوه آملًا في الشفاء ويتجه إليه المكروب يسأله الصبر والرضا، والخَلَف من كل فائت، والعوض من كل مفقود. ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 156] ويتجه إليه المظلوم آملًا يومًا قريبًا ينتصر فيه على ظالمه فليس بين دعوة المظلوم وبين الله حجاب قائلًا: ﴿ إنّي مَغْلُوبٌ فانتَصِرْ ﴾ [القمر: 10]. ويتجه إليه المحروم من الأولاد سائلًا أن يرزقه ذريةً طيبة: ﴿ رَبّ إِنّي وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنّي وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيًّا ﴾. إنه الله: إليه وإلاّ لا تُشدّ الركائب ![]() ومنه وإلاّ فالمؤمل خائب ![]() وفيه وإلاّ فالغرام مضيّعٌ ![]() وعنه وإلاّ فالمحدث كاذب ![]() من علَّق نفسه بمعروف غير معروف الله فرجاؤه خائب، ومن حدّث نفسه بكفاية غير كفاية الله فحديثه كاذب، لا يغيب عن علمه غائب، ولا يعزب عن نظره عازب ﴿ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61]. إنه الله عز وجل: ﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ ﴾ [الرحمن: 29]. سبحانه يغفر ذنبًا، ويفرّج كربًا، يرفع قومًا، ويضع آخرين، يحيي ميتًا ويميت حيًا، ويجيب داعيًا، ويشفي سقيمًا. يُعز من يشاء، ويُذل من يشاء، يجبر كسيرًا، ويُغني فقيرًا، ويُعلم جاهلًا، ويهدي ضالًا، ويرشد حيرانًا ويغيث لهفانًا، ويفك عانيًا، يُشبع جائعًا، ويكسو عاريًا، ويشفي مريضًا، ويُعافي مبتلىً، يقبل تائبًا، ويجزي محسنًا، وينصر مظلومًا، ويقصم جبارًا، ويقيل عثرةً، ويستر عورةً، ويؤمن روعةً. إنه الله: لو أن أشجار الأرض كلها من حين وجدت إلى أن تنقضي الدنيا أقلام والبحر وراءه سبعة أبحر تمده من بعده مداد فكتب بتلك الأقلام، وذلك المداد لفنيت الأقلام ونفد المداد ولم تنفد كلمات الخالق تبارك وتعالى الدالة على جلال الله وعظمة الله وكمال الله وكرم الله وجود الله: ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا في الأرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَـاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [لقمان: 26-27]. إنه الله: التواب الرحيم، ذو الفضل العظيم، الواسع العليم، العزيز الحكيم، ابتلى إبراهيم بكلمات، وسمع نداء يونس في الظلمات، واستجاب لزكريا فوهبه على الكبر يحي هاديًا مهديا، وحنانًا من لدنه وكان تقيًا، أزال الكَرب عن أيوب وألان الحديد لداود، وسخر الريح لسليمان، وفلق البحر لموسى، ورُفع إليه عيسى وشق القمر لمحمد - صلى الله وعليه وسلم -، ونجَّا هودًا وأهلك قومه، ونجَّا صالحًا من الظالمين، فأصبح قومه في دارهم جاثمين، وجعل النار بردًا وسلامًا على إبراهيم، وفدى إسماعيل بذبحٍ عظيم، وجعل عيسى وأمه آيةً للعالمين، ونجَّا لوطًا وأرسل على قومه حجارةً من سجيلٍ منضود، ونجَّا شعيبًا برحمته، وأهلك أهل مدين بعدله، قال جل شأنه: ﴿ أَلاَ بُعْدًا لّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ ﴾ [هود: 95]. إنه الله عز وجل: الذي أغرق فرعون وقومه، ونجّاه ببدنه ليكون لمن خلفه آية، وخسف بقارون وبداره الأرض: ﴿ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [القصص: 82]، ونجّا يوسف من غياهب الجب، وجعله على خزائن الأرض. إنه الله: الذي أضحك وأبكى، وأمات وأحيا، وأسعد وأشقى، وأوجد وأبلى، ورفع وخفض، وأعز وأذل، وأعطى ومنع، ورفع ووضع. إنه الله: هدى نوحًا وأضل ابنه، واختار إبراهيم وأبعد أباه، وأنقذ لوطًا وأهلك امرأته ولعن فرعون وهدى زوجته، واصطفى محمد - صلى الله وعليه وسلم - ومقت عمه، فسبحانه عدد خلقه، وسبحانه رضا نفسه، وسبحانه زنة عرشه، وسبحانه مداد كلماته. إنه الله: الذي أرغم أنوف الطغاة، وخفض رؤوس الظلمة، ومزَّق شمل الجبابرة ودمّر سد مأرب بفأرة، وأهلك النمرود ببعوضة، وهزم أبرهة بطير أبابيل، عذَّب امرأة في هِرَّة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، وغفر لامرأة بغيّ لأنها سقت كلبًا كاد يموت من العطش. إنه الله... الذي من تقرّب إليه شبرًا تقرّب إليه ذراعًا، ومن تقرّب إليه ذراعًا تقرّب إليه باعًا، ومن أتاه يمشي أتاه هرولة، فالباب مفتوح ولكن من يلج؟ والمجال مفسوح ولكن من يُقبل؟ والحبل ممدود ولكن من يتشبث به؟ والخير مبذول ولكن من يتعرض له؟ فأين الباحثون عن الأرباح؟ وأين خُطّاب الملاح؟ أين عشّاق العرائس؟ وطلاّب النفائس؟! إنه الله: من أقبل إليه، تلقاه من بعيد، ومن أعرض عنه، ناداه من قريب، ومن ترك من أجله أعطاه فوق المزيد، ومن أراد رضاه، أراد ما يريد، ومن تصرف بحوله وقوته، ألان له الحديد، أهل ذكره هم أهل مجالسته، وأهل شكره هم أهل زيادته، وأهل طاعته هم أهل كرامته، وأهل معصيته لا يقنطهم من رحمته إن تابوا إليه فهو حبيبهم، وإن لم يتوبوا فهو رحيم بهم، يبتليهم بالمصائب ليطهرهم من المعايب، الحسنة عنده بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، والسيئة عنده بواحدة، فإن ندم عليها واستغفر غفرها له، يشكر اليسير من العمل، ويغفر الكثير من الزلل. إنه الله: سبحانه من خالق عظيم، جوادٌ كريم، الكرم صفة من صفاته، والجود من أعظم سماته، والعطاء من أجلَّ هباته، فمن أعظم منه جودًا؟ الخلائق له عاصون وهو لهم مراقب، يكلؤهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوه، ويتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوا، يجود بالفضل على العاصي، ويتفضل على المسيء، من ذا الذي دعاه فلم يستجب له؟ أم من ذا الذي سأله فلم يعطه؟ أم من ذا الذي أناخ ببابه فنحّاه؟ فهو ذو الفضل ومنه الفضل، وهو الجواد ومنه الجود، وهو الكريم سبحانه ومنه الكرم. فليتك تحلو والحياة مريرةٌ ![]() وليتك ترضى والأنام غضاب ![]() وليت الذي بيني وبينك عامرٌ ![]() وبيني وبين العالمين خراب ![]() إذا صح منك الود فالكل هيّن ![]() فكل الذي فوق التراب تراب ![]() مَن استيقَن قلبه هذه المعاني لا يرهَب غيرَ الله، ولا يخاف سِواه، ولا يرجو غيرَه، ولا يتحاكم إلاّ له، ولا يذلّ إلا لعظمتِه، ولا يحبّ غيرَه. أمّا الذين يهجرون القرآنَ، ويرتكبون المحرمّات، ويفرّطون في الطاعات والصلوات، أمّا الذين يتحاكمون إلى شرع غيرِ الله، ما قدروا الله حق قدره. أمّا الذين يسخرون من الدّين، ويحاربون أولياء الله، ويستهزئون بسنّة سيّد البشر، ما قدروا الله حقَّ قدره. أسأل الله أن يوفقنا لطاعته، وأن يجنبنا معصيته، إنه خير مسؤول، وصلى الله وسلم على الرسول وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |