|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أغلقوا نافذة التصوف (نداء إلى المولعين بإثارة ما جلبته الشعوبية على الإسلام) بقلم الدكتور إبراهيم إبراهيم هلال التصوف قديم قدم الفكر الإنسانى، وهو قد تأصل في البيئات اليونانية وفي الفلسفة اليونانية، وفي الفلسفات أو الأديان التي تطعمت بالفلسفة اليونانية. وهو في مجمله كان يتجه إلى البحث في الوجود، وفي ما وراء الوجود، وفي خالق هذا الوجود، والدعوة إلى تلطيف النفس وتجريدها حتى تدرك خالق هذا الوجود أو من صدر عنه هذا الوجود على حد تعبير من اعترف منهم بالصلة بين الله والعالم. فهو كله اجتهاد، وبحث في هذه الخفايا والأسرار الغيبية، ومحاولة الوصول إلى حقيقتها، حيث حرم هؤلاء نعمة إرسال الرسل فيهم ونعمة الاستجابة لما أتى به هؤلاء الرسل حين سمعوا عنهم أو بلغهم شيء مما أتوا به عن الله سبحانه. فهو أيضا إلحاد في شكل إيمان، يصاغ صياغة خاصة حسب أهواء هؤلاء الفلاسفة، وحسب ما تمليه عليهم خيالاتهم الفاسدة وتصوراتهم القاصرة لله وللوجود، وفي عقد الصلة بين الله والإنسان، كما تبلور ذلك في فلسفة (أفلوطين) الذى اخترع فكرة الجذب والعروج الصوفى إلى الله، أو الاتصال به والصعود إليه فكريا ونفسيا إن لم يكن جسميا أيضا، والذى بنى هذا الاتصال على فكرة صدور الكون عن الله في هيئة العقل الكلى والنفس الكلية ... الخ. فهذا هو التصوف قديما. ونحن نقر جميعا بأننا حين نناقشه نعثر فيه على غلو كثير، لا يليق بجناب الله، ولا يليق بصلة الله بالكون أو صلة الإنسان بالله، وعلى أخطاء وثنية لم يستطيعوا بعقولهم القاصرة أن يتجنبوها عند البحث في الكون والوجود. وهذا هو الإنسان، حين يترك لنفسه دون رسل، ودون رسالات سماوية، ولذلك كانت مهمة الرسل، ومهمة الرسالات السماوية، هي التعرف بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، على ما هو حقيقى بالنسبة لله وصفاته وألوهيته ومخلوقاته، وتعريف الإنسان بصلته بربه، وبما يجب أن يكون عليه بالنسبة لصلاته ببنى جنسه. لذلك كانت مهمة الرسالات السماوية هي سد نافذة التصوف وفتح نافذة الدين، للتعرف على الله وعلى الكون عن طريقها لا غير. وهذا هو ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - على وتيرة ما جاء به الأنبياء قبله، إنه جاء بالحق في هذا الشأن، وفصله تفصيلا، وقدمه لمؤمنين إيمانا كاملا واضحا، لا عوج فيه، ولا التفاف ولا غموض، ولا تناقض كما قال القرآن الكريم: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} ، ثم جاءهم، وهم يتناقشون على طريقة هؤلاء الفلاسفة أو المتصوفة السابقين فقال لهم: (تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في ذاته فتهلكوا) . وقال لهذه المجموعة من الصحابة أيضا: (أبهذا أمرتكم، أم بهذا جئت إليكم؟! عزمت عليكم ألا تفعلوا) . والله سبحانه وتعالى يشير إلينا بذلك في قوله: {قل إن الهدى هدى الله} وفي غير ذلك من الآيات، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم: (( لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا، كتاب الله وسنتى، ألا هل بلغت )) . وعلى هذا درج الصحابة رضوان الله عليهم. ولكن الإسلام حين انتشر في أقطار كان فيها ذلك التصوف، وتلك الفلسفات، ودخله في هذه الأقطار الكثيرون من أهلها، وكان فيهم من له اتصال سابق بهذا التصوف، وكان فيهم أيضا ضعف في اللسان العربى لم يخول لهم أن يتفهموا القرآن والحديث الشريف كما يجب، وكان في بعضهم أيضا حنق على الإسلام والعرب والمسلمين، وغلبت عليهم النعرة الجاهلية، والاعتزاز بالأصل الفارسى أو غيره، فلم يستطيعوا أن يتخلصوا جملة مما كانوا فيه من هذا التصوف، ومزجوا بينه وبين الدين، وربما كان البعض منهم يقصد بذلك الإساءة إلى الإسلام في مظهر المسلمين وتعبدهم وعقيدتهم وإظهاره بالشكل الذي يعرضه للطعن والتجريح، وإيجاده في نفوس الناس بالوضع الذي لا يجعله يختلط بقلوبهم، أو يقر في نفوسهم، فأضافوا إليه من أصول السحر، ونظريات الكهانة والشعوذة والغيبيات التي تسحر القلوب والنفوس التي لم تخالطها بشاشة الإيمان، مما جعل الناس يلتفتون إليهم، ويلتفتون حول المتصوف أو المتمسلم بهذا المظهر، ويتحدثون عنه، ويغلون في الحديث عما وقع له من أخبار بمغيبات، أو مكاشفات، أو كرامات ... إلخ. وبهذا يتأصل التصوف ويروج، ويكمن في نفوس الناس، وخاصة إذا كان هناك انشغال من القائمين على الحكم الإسلامي وعلى الدين الإسلامي بالسياسة، أو القلاقل السياسية. وهذا هو تاريخ التصوف في الإسلام، وإنى لأرى أنه كان ظرفا سياسيا، ووجهة شعوبية، كان لها ما يبررها في نفوس القائمين به، من وجهة نظرهم البعيدة عن الإسلام. ولكننا في هذا العصر والحمد لله، قد تطهرنا من تلك الأحقاد السياسية الشعوبية، وأصبحنا جميعا - مسلمين في مشارق الأرض ومغاربها - لا نعرف لنا أصلا إلا الإسلام، ولا دينا ندين به إلا ما أوحى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، فلنلتزم بهذا الأصل الجميل، وبهذا الدين الخالص الذي أتى به - من عند ربه - محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. وحينئذ فلم يعد هناك داع لأى أسلوب تصوفى يتشابه شكله وأصله مع الفلسفة اليونانية، أو الوثنية الفارسية، ويختلف طبعا عما جاء به القرآن، وحديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وهنا ستجدنا أمام القرآن قلبا وقالبا، وسنجد فيه كل ما يشفى ويغنى ويقنع كما قال الله سبحانه: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} . وفي مجال هذه الآية يا دعاة الشعوبية والتصوف لنتكلم فقط، ودعونا مما قال الحلاج، ومما قال الغزالى، ومن الحب الالهى مما يتشاكل جميعه مع هذا التصوف الذي كان الدين يأتى بين الحين والحين فيقفل نافذته، إلى أن جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - وكان خاتم من أقفلوا هذه النافذة، فلنقفلها من جديد بكتاب الله وسنة رسوله. إذا كان أسلاف لنا قد أخطأوا، وخرجوا على كتاب الله وسنة رسوله، فجروا على المسلمين التأخر والتدهور من ذلك اليوم، وكان هذا هو الذي أراده أولئك الشعوبيون بعمد أو من غير عمد، وفتحوها، فالحق أحق أن يتبع، والله هو الهادى إلى سواء السبيل. د. إبراهيم هلال.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |