|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() القرآن العظيم حل للمشكلات المستعصية أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري الخطبة الأولى الحمد والثناء...، أما بعد:عباد الله، أوصيكم ونفسي أولًا بتقوى الله جل وعلا. عباد الله، إن الله تبارك وتعالى خلق الأمراض والآفات، وخلق معها أسباب مقاومتها وعلاجها، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاءً"، ولفظ "الداء" في الأحاديث عام يشمل جميع الأمراض، فلا فرق في التداوي بين أن يكون للأمراض الباطنية أو العقلية أو العصبية، أو غيرها. عباد الله، إن الدواء الذي نريد أن نصفه لكم، ونقدمه بين أيديكم، مداوٍ لأمراض واقعية، استعصى على أفراد المجتمع علاجها، من تمسَّك به أحسَّ بسعادة الدنيا، وفاز بسعادة الآخرة، هو دواء - يا عباد الله - للآفات الاجتماعية؛ من سرقة ومخدرات وجرائم، وفواحش، هو دواء لهموم الناس وغمومهم ومشاكلهم، هو حصن للأطفال قبل أن يكون دواءً لهم، هو دواء للوسواس والأوهام والظنون، هو دواء للحسد والبغضاء وأمراض القلوب، هو دواء للجهل والبدع والشرك، إنه القرآن الكريم، كلام رب العالمين، قال جل وعلا مبـينًا عظمة القرآن الكريم: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الحشر: 21]. هذا الكتاب العظيم لا يحتاج إلى سفر ولا جهد عضلي، ولا إلى فواتير ولا استئجار؛ بل هو نور ويقين، وحبل الله المتين، ومنهج مبين، فيه أخبار الأوَّلين والآخرين، والأنبياء والصالحين، من ابتغى الهدى في غيره أضلَّه الله، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هُدِي إلى صراط مستقيم. فيه أحكام العقيدة والشريعة من حلال وحرام وحق وباطل، هو شفاء لـما في الصدور، وفيه للأعمى تبصرة ونور، ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 15، 16]، وقال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]، وقال جل شأنه:﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ [فصلت: 44]. عباد الله، إن إعداد جيل يحفظ كتاب الله عز وجل، ويفقه مقصود آياته، ويعمل بمقتضاه، هو مشروع العمر - يا معاشر المسلمين - مشروع نشارك فيه جميعًا، وأعضاء هذا المشروع، هم الولدان بالدرجة الأولى، أما معلم القرآن، ومدارس التحفيظ وغيرها من الوسائل، فهي بمثابة المعين والمدعم لهذا المشروع الكبير، فقد أخرج الحاكم في المستدرك عن بريدة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ القرآن وتعلَّم وعمل به، ألبس والداه يوم القيامة تاجًا من نور، ضوءه مثل الشمس، ويكسى والداه حلتين، لا يقوم لهما الدنيا، فيقولان: بمَ كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن))؛ قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وحسَّنه محققو المسند. هذا الحديث - عباد الله - فيه بيان للكرامة التي يكرم الله بها الوالدين، الذين تعلم ولدهما القرآن، وحفظه، وعمل بما فيه. ولذا قلت: إن هذا مشروع العمر لكل واحد منا، فاحرصوا على ذلك - يا معاشر المسلمين - وبادروا إلى خدمة كتاب الله عز وجل، وابدؤوا هذا المشروع الطيب المثمر المبارك، نعم، هو مثمر بالأجور والحسنات، لكم ولأبنائكم، مثمر بتفوق أبنائكم ونجاحهم وسعادتهم، قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، مثمر بصلاح المجتمع؛ حيث تتطهَّر الأحياء من أوكار الجريمة والانحلال والفساد، تتطهَّر مدارسنا من الأخلاق الرذيلة، والآداب القبيحة، والآفات المنتشرة في مدارسنا اليوم، والتي لا تخفى على أحد. مثمر في اقتصادنا؛ لأن القرآن يحثُّ على العمل، فتقل البطالة، وهذا من حلول مشكلات الشباب، مثمر في الاقتصاد؛ لأن الإسلام يحث على إتقان العمل، مثمر في اقتصادنا، فالقرآن ينهى عن الربا وأكل الحرام وأخذ أموال الناس بالباطل، القرآن العظيم شفاء وحل لمشاكل اجتماعية، فعدم توافق الزوجين، ونشوز المرأة والرجل، وكثرة الطلاق، وعقوق الوالدين، كلها مشكلات عالجها القرآن الكريم، مشاكل الجيران، مشاكل الميراث، عالجها القرآن الكريم، أوصى بالإحسان إلى النساء، فقال: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]، حث على الإصلاح بين المتخاصمين، فقال: "والصلح خير"، أوصى بالجار الجنب، واليتيم، والصاحب بالجنب، والفقير والمسكين، فلو كان كل الأغنياء يخرجون زكاة أموالهم، ما بقي محتاج ولا فقير، فتقل البطالة، والسرقة، والرشوة، والربا، والمحسوبية، وتقل أطماع الناس في أخذ حق الغير، وتقل الفواحش بتمكين الشباب من الزواج، وتقل كثير من المشاكل الزوجية التي منشؤها الماديات في كثير من الأحيان. وايم الله، إنها عظمة القرآن وجلاله ونفعه؛ ولهذا قال جل وعلا: ﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ﴾ [الرعد: 31]؛ أي: لكان هذا القرآن هو من يفعل ذلك بإذن الله تعالى. بارك الله لي ولكم. الخطبة الثانية الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان.عباد الله، احذروا وأنتم تأتون يوم القيامة محملين بالأوزار والخطايا، فتجدون شكوى عظيمة ضدكم، والذي يشكوكم إلى الله جل وعلا، وهو سيدنا وقائدنا وقدوتنا ورسولنا صلوات الله وسلامه عليه، نعم - يا عباد الله - الرسول يشكو إلى الله سبحانه وتعالى من الذين هجروا القرآن في الدينا، يقول ربنا سبحانه: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30]، يقول ابن القيم في كتاب الفوائد (ص 112): "هجر القرآن أنواع خمسة: أحدهما: هجر سماعه. والثاني: هجر العمل به. والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه. والرابع: هجر تدبُّره وتفهُّمه. والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به. وكل هذا داخل في قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30]، وإن كان بعض الهجر أهون من بعض"؛ ا هـ. ولذا - يا عباد الله - جاء في حديث: ((الدين النصيحة))، قلنا لمن؟ قال: ((لله ولكتابه...))؛ الحديث، ومن النصيحة لكتاب الله: الإيمان بما فيه، واعتقاد أنه كلام الله، والعمل به، وتعظيمه، وتلاوته حق تلاوته، والدعوة إليه، والذب عنه، والتخلُّق بأخلاقه، والتأدُّب بآدابه. فاتقوا الله - عباد الله - واستمسكوا بهذا القرآن من كل وجوانبه، عالجوا بيوتكم وقلوبكم وأبدانكم وعقيدتكم ومشاكـلكم مع الحياة، عالجوها بالقرآن الكريم، وسترون عظمته، وفائدته، ورحمته، وفي الحديث: ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)). اللهم إنا نسألك عيش السعداء، وموت الشهداء، والحشر مع الأتقياء، ومرافقة الأنبياء.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |