الاكتئاب المَرَضي – بين حتمية العلاج.. وخطورة المفاهيم المغلوطة! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كُن مُحسنًا الظن بالله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          يوميات مسعفين من قلب الحرب في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          ‏التسبيح ثقيل في الميزان يوم القيامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          من أسماء ﷲ عز وجل: الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          لذة التضرع بالدعاء عند وقوع الابتلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 98 - عددالزوار : 89421 )           »          الجمعة قرة عين الأتقياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ضلع آدم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          نصيحة في تربية الحيوانات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم الطبي و آخر الإكتشافات العلمية و الطبية > الملتقى الطبي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الطبي كل ما يتعلق بالطب المسند والتداوي بالأعشاب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-04-2025, 04:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,081
الدولة : Egypt
افتراضي الاكتئاب المَرَضي – بين حتمية العلاج.. وخطورة المفاهيم المغلوطة!




الاكتئاب المَرَضي – بين حتمية العلاج.. وخطورة المفاهيم المغلوطة!


  • الاكتئاب: اضطراب نفسي شائع، يصيب ما يقارب 5% من البالغين حول العالم، بحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، وهو ليس مجرد حزن عابر، بل حالة مستمرة من الانخفاض في المزاج، وفقدان الاهتمام
  • يُطلق على الاكتئاب «مرض العصر» في الأدبيات الطبية والاجتماعية وذلك بسبب انتشاره عالميا وارتباطه الوثيق بأنماط الحياة الحديثة
  • الجهل بحقيقة المرض وتغليب النظرة النمطية يوقعان في فخ التفسيرات المغلوطة كربطها المباشر بالذنوب أو ضعف الإيمان أو بوساوس الشيطان
  • أثبتت الأبحاث أن نسبة كبيرة من المصابين بالاكتئاب يتحسن حالهم تحسنا ملحوظا عند خضوعهم للعلاج المناسب
  • تؤكد النظريات النفسية المعاصرة أن الاكتئاب لا ينبع من سبب واحد بل من تفاعل معقد بين عوامل بيولوجية ونفسية وبيئية وفكرية متعددة
  • من المهم التأكيد على أن العلاج الروحي والإيماني لايتعارض مع العلاج النفسي لكن لا يجوز اعتباره بديلا علميًا عنه
  • الإصابة بالاضطراب أو المرض النفسي مثل (الاكتئاب) وغيره لا يُنقص الإيمان ولا يدل على ضعف الشخصية بل هو ابتلاء رباني وامتحان إنساني يتطلب منا الرحمة والعلم والحكمة
  • قد يستحوذ الشيطان على المريض في تلك الفترة الحرجة فيوهمه أنه عديم النفع وأنه شرير وأن الله غاضب عليه! بل قد يتجاوز ذلك الأمر إلى التشكيك في المعتقدات والغيبيات!!
  • ضرورة المسارعة إلى العلاج المبكر وطلب المساعدة النفسية دون خجل؛ لأن تأخر التشخيص وعدم اللجوء إلى المراكز الطبية والنفسية المعتمدة يفاقم المشكلة
  • التوجه إلى مراكز العلاج النفسي المعتمدة لا يعني الضعف والعار بل الشجاعة والأخذ بالأسباب التي دعا الشرع إلى اتخاذها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما أنزل اللهُ داءً إلا أنزل له شفاءً»
  • المرء حال المرض الشديد غير مؤاخذ على تلك الظنون التي قد يكون السبب فيها اضطرابات نفسية وذهنية واختلالات هرمونية وعضوية، حتى لا يتسلل إليه القنوط واليأس من رحمة الله !
  • ليس من العدالة وصف المصابين بالاضطرابات النفسية بالجنون أو ضعف الإيمان! وهذه الوصمة الاجتماعية ناتجة عن تصورات ومفاهيم مغلوطة تخالف الدقة العلمية والعدالة الشرعية
في عصر تتزايد فيه الاضطرابات النفسية والاجتماعية، أصبح من الضروري إعادة النظر في فهمنا لحقيقة الاضطرابات النفسية، وعلى رأسها الاكتئاب والقلق المرضي؛ لأن مثل تلك الاضطرابات النفسية لم تعد مجرد حالات عابرة من الحزن والتوتر، بل أصبحت تمثل حالات مرضية حقيقية، موثقة علميا، وتؤثر بعمق على حياة الأفراد وعلاقاتهم ومدى إنتاجيتهم، وقد تؤدي - في ظل غياب الفهم الصحيح والتعامل المهني - إلى نتائج مأساوية، كالعزلة واليأس والانتحار في بعض الحالات المتقدمة.
وعلى الرغم من تقدم العلاجات النفسية والدوائية، لا تزال بعض المجتمعات - في ظل الجهل بحقيقة المرض وتغليب النظرة النمطية أحيانا - تقع في فخ التفسيرات غير الدقيقة لتلك الاضطرابات، كربطها المباشر بالذنوب أو الضعف الإيماني أو وساوس الشيطان، ما يزيد الطين بِلة، ويؤخر التشخيص السليم وتلقي العلاج، بل قد يرى بعضهم أن اللجوء إلى مراكز العلاج النفسي يمثل وصمة عار، ونظرا لخطورة تلك النظرة القاصرة، وارتفاع معدلات الاكتئاب حول العالم يأتي هذا الملف من أجل وضع النقاط على الحروف، والمساهمة في تصحيح المفاهيم وتوضيح الحقائق.
حقيقة الاكتئاب
الاكتئاب(Depression): هو اضطراب نفسي شائع، يصيب ما يقارب 5% من البالغين حول العالم، وذلك بحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، وهو ليس مجرد حزن عابر، بل حالة مستمرة من الانخفاض في المزاج، وفقدان الاهتمام، وتراجع مستويات الطاقة، يصاحبها اضطرابات في النوم، وتغيرات شديدة في الشهية، وشعور دائم بالذنب أو عدم القيمة، وقد تتطور إلى أفكار انتحارية، وضلالات مرضية، أو محاولات لإيذاء النفس! ومن المهم هنا التفريق بين الحزن الطبيعي - وهو رد فعل صحي لفقد أو ضغط - وبين الاكتئاب المرضي الذي يحتاج إلى تدخل نفسي ودوائي، ويتطلب دعمًا متكاملًا من البيئة المحيطة، وقد بكى النبي - صلى الله عليه وسلم - لموت ابنه، وقال: «إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون..».
مرض العصر!
يُطلق على الاكتئاب «مرض العصر» في الأدبيات الطبية والاجتماعية؛ وذلك بسبب الانتشار المتزايد له عالميا وارتباطه الوثيق بأنماط الحياة الحديثة؛ حيث تشير الدراسات إلى أن معدلات الاكتئاب ارتفعت ارتفاعا ملحوظا في العقود الأخيرة، ولا سيما في المجتمعات التي شهدت تسارعًا في وتيرة التمدن والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية،أسباب ارتباط الاكتئاب بالعصر الحديث إلى مايلي:
  • ارتفاع معدلات العزلة الاجتماعية، وضغوط العمل والدراسة، وتغير أنماط الحياة (قلة الحركة، وسوء التغذية، وقلة النوم، ونقص التعرض للشمس).
  • زيادة الأمراض المزمنة المرتبطة بنمط الحياة الحديث (مثل السمنة)، التي ترتبط بدورها بارتفاع معدلات الاكتئاب.
  • تراجع الروابط الاجتماعية وارتفاع معدلات التنافسية وعدم المساواة، ما يخلق بيئة اجتماعية محفزة للاكتئاب.
أنواع الاكتئاب
1- الاكتئاب الجزئي: (الخفيف): وهي حالة من سوء المزاج تستمر لفترات طويلة نسبيا، لكنها لا تؤثر بشكل ملحوظ على أداء الشخص لمهامه اليومية والعملية. 2- الاكتئاب الذُهاني: هو إصابة الشخص باكتئاب شديد، فضلا عن نوع من الاضطرابات العقلية (مثل: الهلوسات والأوهام)، وتكون أعراضه مرتبطة بأوهام كئيبة مثل هلوسات الفقر والمرض وغيرهما. 3- الاكتئاب ثنائي القطب: يختلف اضطراب ثنائي القطب عن الاكتئاب، ولكنه يُذكَر ضمن أنواع الاكتئاب، لأن المصاب بثنائي القطب يواجه نوبات من الاكتئاب الشديد تتناوب مع نوبات ابتهاج عالية، والأمران متناقضان بلا شك.
  • وهناك أنواع من الاكتئاب تظهر في ظروف خاصة، مثل:
4- الاكتئاب الموسمي: يتميز بحدوثه خلال موسم الشتاء؛ حيث تقلّ فيه أشعة الشمس، ويزول غالبًا بحلول فصل الربيع، ويكون مصحوبًا بالعزلة الاجتماعية، وكثرة النوم، وزيادة الوزن. 5- اكتئاب ما بعد الولادة: هو أشد خطورة من الكآبة النفاسية التي تصيب أغلب النساء لمدة أسبوعين بعد الولادة؛ حيث تواجه المرأة المصابة باكتئاب ما بعد الولادة اكتئابًا شديدا في أثناء الحمل وبعد الولادة، بما يؤثر على أنشطتها اليومية وعنايتها بنفسها وطفلها.
الأسباب وعوامل الخطورة
لعل من أبرز أسباب الإصابة بالاكتئاب ما يلي: (التاريخ العائلي، وصدمات الطفولة، ونمط الشخصية، والإصابة بالأمراض المزمنة والخطيرة (مثل السرطان)، وأمراض الشيخوخة، والإدمان على المخدرات والكحول، والحوادث والتعرض للعنف والضغوط الشديدة ولا سيما في بيئة العمل والدراسة كالتنمر وعدم الأمان الوظيفي.. الخ).
جذور عميقة ومشكلات متراكمة
تؤكد النظريات النفسية المعاصرة أن الاكتئاب لا ينبع من سبب واحد، بل من تفاعل معقد بين عوامل بيولوجية، ونفسية، وبيئية، وفكرية متعددة:
  • تشير العوامل البيولوجية إلى وجود خلل في توازن النواقل العصبية (مثل هرموني السيروتونين والدوبامين)، والعوامل الوراثية، وبعض التغيرات الهرمونية.
  • في حين ترتبط العوامل النفسية والاجتماعية بالتجارب الصادمة، أو فقدان الأحبة، أو الطلاق، أو البطالة، أو سوء العلاقات الأسرية.
  • وفي الجانب المعرفي قد يعود السبب إلى وجود خلل في طريقة تفكير الفرد، مثل الميل للتشاؤم، وتضخيم الأخطاء، وتبني الاعتقادات السلبية حول الذات والعالم والمستقبل.
أعراض وفوارق مهمة
كما ذكرنا، فإن الحزن والتوتر العادي هو شعور فطري يحفّز الإنسان على الحذر من المخاطر، لكنه قد يتحول إلى اضطراب مرضي عندما يفقد المرء توازنه، ويشعر باضطراب المزاج أو الخوف والهلع والتوتر لمدة أسبوعين أو أكثر، دون مسوغ واضح؛ بحيث يؤثر في التفكير والسلوك والمشاعر، والتأثير على الوظائف اليومية، وتأتي تلك الاضطرابات عادة مصحوبة بأعراض جسدية، مثل: تسارع نبضات القلب، والدوخة، والتعرق، والأرق، وصعوبة التركيز، وغالبًا ما تترافق هذه الأعراض مع أفكار تشاؤمية كالشعور بعدم القيمة، والرغبة في إنهاء الحياة وفقدان الطاقة والشعور بالإرهاق، وسيناريوهات كارثية لا تتوقف من تفاقم مشاعر الذنب وجلد الذات، والأفكار الانتحارية (في الحالات الشديدة). ومن الأعراض الاجتماعية الميل للانعزالية، وعدم الاهتمام بواجبات العمل أو المدرسة، والابتعاد عن الأهل والأصدقاء المقربين، وأحيانا اللجوء إلى المهدئات والإدمان وما إلى ذلك.
الضلالات المَرَضية
قد يستحوذ الشيطان على المريض في تلك الفترة الحرجة؛ لأنها مرحلة ضعف، وقد يوهمه بأنه عديم النفع في هذه الحياة، وأن الله غاضب عليه! وقد يشعر بأنه شخص شرير، بل قد يتجاوز ذلك الأمر إلى التشكيك في المعتقدات والغيبيات؛ بحيث تختلط لديه الأمور والمفاهيم، ويشعر تجاه الناس بالعدوانية، وتسيطر عليه عقلية المؤامرة، وهذه كلها من الضلالات المرضية المتوقعة، ومن المهم جدا في تلك المرحلة أن تتم التوعية بأن المرء حال فترة المرض الشديد غير مؤاخذ على تلك الظنون التي قد يكون السبب فيها اضطرابات نفسية وذهانية واختلالات هرمونية وعضوية، حتى لا يتسلل إليه القنوط واليأس من رحمة الله !
ضرورة العلاج
أثبتت الأبحاث أن نسبة كبيرة من المصابين بالاكتئاب يتحسن حالهم تحسنا ملحوظا عند خضوعهم للعلاج المناسب، وتتعدد وسائل العلاج وفق ما يلي:
  • العلاج المعرفي السلوكي (CBT):
وهو الأكثر فاعلية؛ حيث يقوم المعالج النفسي بالعمل على إعادة بناء المعرفة السلوكية المقترنة بتلك الاضطرابات النفسية، وتحويل الأفكار السلبية والنظرة التشاؤمية، والسلوكيات المضطربة إلى وضعها الصحيح المتوازن.
  • العلاج الدوائي:
وذلك باستخدام مضادات الاكتئاب والقلق (مثل: SSRIs - SNRIs)، بتدرج علاجي علمي، وتحت إشراف طبي دقيق، أو العلاج الهرموني (عند الحاجة).
  • العلاج الجماعي والأسري:
وهذا النوع من العلاج يستهدف توفير الدعم الاجتماعي والتواصل الأسري الإيجابي، من أجل شفاء المريض.
  • العلاج التكاملي:
وذلك بالجمع بين متطلبات النفس والروح والجسد، وذلك من خلال جلسات العلاج النفسي وتعزيز المعاني الإيمانية والإيجابية المتزنة، وممارسة الرياضة الخفيفة، والحرص على توفير التغذية الصحية، والنوم الكافي للمريض، إلى جانب الالتزام بالجرعات الدوائية إذا لزم الأمر، وهذا النوع هو من أفضل الطرائق العلاجية.
  • هنالك أنواع أخرى مثل:
العلاج الجدلي (DTB)، والعلاج بالتعرض في حالات القلق والوساوس القهرية، والعلاجات البيولوجية بالصدمات الكهربائية (ECT) للحالات الشديدة المقاومة للعلاج، والعلاجات المساندة كاليقظة الذهنية للوقاية من الانتكاس. ومن الأساليب الحديثة للعلاج:
  • تعزيز النشاط البدني المنتظم: وذلك من خلال ممارسة الرياضة بانتظام ترفع من مستوى الإندورفين وتحسين المزاج للتقليل من خطر الاكتئاب.
  • تكثيف العلاقات الاجتماعية والدعم: وذلك من خلال الانخراط في مجموعات الدعم أو الحديث مع الأصدقاء والعائلة فذلك من شأنه أن يقلل من العزلة ويعزز الصحة النفسية.
  • التحكم في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي: وذلك من خلال تقليل الوقت المهدر على وسائل التواصل الاجتماعي ولا سيما لدى الشباب.
  • الوعي الذاتي والتدخل المبكر: وذلك من خلال التعرف على العلامات المبكرة للاكتئاب وطلب المساعدة مبكرًا فإن ذلك من شأنه أن يقلل من تطور الحالة.
تفنيد المفاهيم المغلوطة
وفق تلك الحقائق العلمية - وهذا المنظور الشمولي - يصبح من الظلم الشديد اختزال تلك المعاناة في إحالتها إلى «التقصير في العبادات»، وإلى «الوساوس الشيطانية»، أو إلى «تلبّس الجنّ» ! الأمر الذي من شأنه إرباك المريض، وحرمانه من فرص التعافي النفسي والعلاجي.. هذا من جانب النظرة النمطية والوصمة الاجتماعية، ومن ناحية أخرى فإن التوجه إلى مراكز العلاج النفسي المعتمدة لا يعني الضعف والعار، بل الشجاعة والأخذ بالأسباب التي دعا الشرع إلى اتخاذها كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أنزل اللهُ داءً إلا أنزل له شفاءً، علمَهُ من علمه وجهلَه من جهِله». ومن المهم هنا التأكيد على أن العلاج الروحي والإيماني لا يتعارض مع العلاج النفسي، لكن لا يجوز اعتباره بديلًا علميًا عنه، وربما يكون بعض هؤلاء المرضى من المصلين الذاكرين المجتهدين، لكنهم يحملون في أذهانهم وفطرتهم مشاعر وأفكاراً لا يمكن كبحها بالدعاء فقط، بل تحتاج إلى فهم وتشخيص ومساعدة وعلاج وربما دواء لعلاج الأسباب العضوية، فالتداوي من سنن الدين، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً إِلَّا الْهَرَمَ»، لا أن يُستبدل العلاج الطبي والنفسي بالدعاء وحده.. فإن الخلل في هرمونات النواقل العصبية على سبيل المثال لا بد له من جرعات يقررها الطبيب المعالج، كما إن المشكلات الأسرية وتحديات العمل والدراسة - وما إلى ذلك - لا بد من التعامل معها بعقلانية واتزان، والسعي من أجل معالجة الأسباب الباعثة على الاضطرابات المتصلة بها، ولن يكفي فيها مجرد الدعاء.. وربما يتطلب الأمر أبعد من ذلك من خلال اللجوء إلى الاستشارات القانونية والأسرية وربما العمالية أحيانا، لإزالة أي تهديد أو مخاطر حقيقية.
أرقام وإحصاءات مهمة
  • تقدر منظمة الصحة العالمية عدد المصابين بالاكتئاب عالميًا بنحو 280 مليون شخص، أي حوالي 5% من البالغين، وفي أمريكا وحدها - على سبيل المثال- تعرض (21 مليون شخص للاكتئاب).
  • الاكتئاب مسؤول عن 4.3% من عبء المرض العالمي، ويعد من الأسباب الرئيسية للإعاقة عالميًا.
  • ترتبط نحو 87% من حالات الانتحار المكتملة باضطراب الاكتئاب الشديد، و46% من المنتحرين لديهم اضطراب نفسي معروف.
  • تتركز النسبة الأعلى للاكتئاب لدى المراهقين والشباب من بين الفئات العمرية، والنساء أكثر عرضة للإصابة به من الرجال.
  • برامج الوقاية المعرفية السلوكية مثل «التكيف مع الاكتئاب» (CWD) تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة تصل إلى 38%.
  • الاكتئاب يمكن الوقاية منه في بعض الحالات، وفي المقابل فإن الاستمرار في العلاج والمتابعة ضروريان للتقليل من مخاطر الانتكاس.
أبرز التوصيات
  • ليس شرطا أن المصاب بالاكتئاب «بعيد عن الله»، أو أن يكون «الشيطان» هو السبب في ذلك، وليس صحيحا أن المؤمن لا يحزن، ولا يبكي! فالاكتئاب مرض نفسي، قد يصيب المتدين وغير المتدين.
  • ضرورة التوجيه إلى العلاج المبكر وطلب المساعدة النفسية دون خجل؛ لأن تأخر التشخيص واللجوء إلى المراكز الطبية والنفسية المعتمدة قد يفاقم المشكلة، ويبطئ من مرحلة العلاج ويقلل من فاعليته.
  • أهمية تشجيع البحوث والدراسات النفسية في المجتمعات الإسلامية لكسر الوصمة الاجتماعية والنظرة النمطية السلبية.
  • ضرورة إطلاق برامج توعية نفسية في المدارس والمساجد والمؤسسات الخيرية حول مخاطر الاكتئاب وسبل الوقاية والعلاج.
  • تضمين مبادئ الصحة النفسية الأساسية في المناهج الدراسية والدورات التربوية، وبعض المبادرات المجتمعية.
  • تدريب الأئمة والدعاة والمربين على فهم أسس الاضطرابات النفسية بلغة علمية مبسطة، وتوجيههم إلى الدور الوقائي والداعم لمرحلة العلاج والتشافي.
  • أهمية تشجيع المرضى على التحدث وطلب المساعدة دون خجل أو خوف من الأحكام المجتمعية والنظرة النمطية القاصرة.
  • السعي لإدماج العلاج النفسي ضمن خدمات الرعاية الأولية، ولا سيما في المجتمعات الإسلامية.
الخاتمة..
خلاصة الأمر أن الإصابة بالاضطراب أو المرض النفسي مثل (الاكتئاب) وغيره، لا يُنقص الإيمان، ولا يدل على ضعف الشخصية، بل هو ابتلاء رباني، وامتحان إنساني يتطلب منا الرحمة والعلم والحكمة، وكلما ازداد وعي المجتمع، وتم كسر حاجز الخوف، ارتفعت نسب الشفاء، وعادت الأرواح إلى الحياة والعطاء. كما إن المصاب بالاكتئاب ليس حالة شاذة؛ فالاكتئاب (مرض العصر)؛ حيث يرتبط انتشاره بأنماط الحياة المعاصرة والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، حتى أصبح من أبرز أسباب الإعاقة الصحية عالميًا، ومن هذا المنطلق ليس من العدالة أن يوصف أولئك الذين يعانون من الاضطرابات النفسية بالجنون أو ضعف الإيمان! وهذه الوصمة الاجتماعية والتفسيرات الخطأ ما هي إلا تصورات ومفاهيم مغلوطة بعيدة كل البعد عن الدقة العلمية والعدالة الشرعية، والصواب والحق أن الصحة النفسية لا تُعارض الإيمان، بل تُكمله، وهو الخطوة الأولى، والطريق الأمثل نحو التعافي بإذن الله -تعالى-، مع تمنياتنا للجميع بالسلامة والشفاء.


اعداد: ذياب أبو سارة





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.67 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.59%)]