|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من نصيحة التابعي الجليل وهب بن منبه أوجهها لشبابنا اليوم: مرهف عبد الجبار سقا الحمد لله ،والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد: ما منا من أحد إلا ويطوف في الشبكة العنكبوتية متنقلا بين مواقعها يقرأ أخبار العالم الإسلامي ، وشأني شأن الكثيرين أتابع الأخبار، فوقفت عند أخبار قوم قدموا من وراء السراب لا نعلم منشأهم ولا ندري أصولهم، إلا أنهم بهيئة المسلمين وأشكال المتقين، ادعوا نصرتنا واستحكموا أرضنا،وانجرف وراءهم بعض الشباب المحبين لدينهم والمستبسلين للشهادة في سبيل إعلاء كلمة الله، إلا أن تداول الأيام كشف اللثام عن عقول لا ترى في الوجود غيرها، فلا مؤمن إلا مؤمنهم ولا مقاتل إلا مقاتلهم وما سوى مبايعهم فهو مراق الدم، حلال المال، وقفت طويلا أمام هذا الفكر العجيب حتى شدتني الذاكرة إلى نصيحة لوهب بن منبه رضي الله عنه، كان ينصح فيها رجلا من صنعاء اليمن يدعى بذي خولان وكان قد تأثر بالحرورية وهم الخوارج، يرويها داود بن قيس، ومختصر القصة أن الحرورية أرسلوا بكتاب مختوم منهم لأبي شمر ذي خولان ، وكان يميل إليهم ويطيعهم لما رأى فيهم البأس ونصرة الإسلام وقوة السلاح، ويخبرنا ذو خولان عن بعض قولهم له – عندما سأله وهب بن منبه لما قابله - يقولون: (زكاتك الَّتِي تؤديها إِلَى الْأُمَرَاء لَا تجزي عَنْك فِيمَا بَيْنك وَبَين الله لأَنهم لَا يضعونها فِي موَاضعهَا فأدها الينا فَإنَّا نضعها فِي موَاضعهَا نقسمها فِي فُقَرَاء الْمُسلمين وَنُقِيم الْحُدُود). ولما كان ذو خولان مهتما خائفا وحريصا على الرسالة لعلمه أن تجاهلها فيه ضرب الرقاب، أخبر داود بن قيس بأن الخوارج فرقة مبغوضة وأبلغ ذا خولان برأي التابعي الجليل وهب بن منبه بهم وأنهم فقال : (قلت: إِنِّي وَأَصْحَاباً لِي نُجَالِسُ وَهْبَ بنَ مُنَبِّهٍ، فَيَقُوْلُ لَنَا: احْذَرُوا أَيُّهَا الأَحْدَاثُ الأَغْمَارُ هَؤُلاَءِ الحَرُوْرَاءَ، لاَ يُدْخِلُوْنَكُم فِي رَأْيِهِم المُخَالِفِ، فَإِنَّهُم عُرَّةٌ [أي:شر] لِهَذِهِ الأُمَّةِ.)، ثم أشار داود بن قيس على صاحبه ذي خولان بأن يسمع رأي الإمام التابعي المؤرخ القاضي المحدث وهب بن منبه الصنعاني (ت 114هـ) في الخوارج بنفسه، ولما وصلا إلى الإمام وهب بن منبه، سأل الإمام وهب ذا خولان عما يقوله الخوارج له ويأمرونه به، فقال ذو خولان الصنعاني: (إِنَّهُم يأمرونني أن لَا أَتصدق الا على من يرى رَأْيهمْ وَلَا أسْتَغْفر إِلَّا لَهُ)، فَقَالَ وهب: (صَدَقْتَ، هَذِهِ مِحْنَتُهُم الكَاذِبَةُ) ثم شرع ينصحه وكان مما قاله وهب رضي الله عنه هذا النص المقتطف من نصيحته، ووقع الاختيار عليه لأنه يتوافق مع منهج هؤلاء المذكورين سابقا في عصرنا، الذين يسلكون في المسلمين مسلك الخوارج الحرورية، فيقول التابعي الجليل وهب بن منبه: (يَا ذَا خَوْلاَنَ، إِنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ صَدْرَ الإِسْلاَمِ، فوَاللَّه مَا كَانَت للخوارج جمَاعَة قطّ إلا فرقها الله على شَرّ حالاتهم، وَمَا أظهر أحدٌ مِنْهُم قَوْلَه إلا ضرب الله عُنُقه، وَمَا اجْتمعت الْأمة على رجلٍ قطّ من الْخَوَارِج. وَلَو أمكن الله الْخَوَارِج من رَأْيهمْ لفسدت الأَرْض، وَقُطِّعت السبل، وَقُطع الْحَج عَن بَيت الله الْحَرَام، وَإِذن لعاد أمْر الاسلام جَاهِلِيَّة، حَتَّى يعود النَّاس يستعينون برؤوس الْجبَال كَمَا كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة، وَإِذن لقام أكثر من عشرَة اَوْ عشْرين رجلا لَيْسَ مِنْهُم رجل إلا وَهُوَ يَدْعُو إلى نَفسه بالخلافة، وَمَعَ كل رجل مِنْهُم أَكثر من عشرَة آلَاف يُقَاتل بَعضهم بَعْضًا، وَيشْهد بَعضهم على بعض بالْكفْر، حَتَّى يصبح الرجل الْمُؤمن خَائفًا على نَفسه وَدينه وَدَمه وَأَهله وَمَاله، لَا يدْرِي أَيْن يسْلك أوْ مَعَ من يكون. غير أن الله بِحكمِهِ وَعلمه وَرَحمته نظر لهَذِهِ الْأمة فَأحْسن النّظر لَهُم فَجَمعهُمْ وَألف بَين قُلُوبهم على رجل وَاحِد لَيْسَ من الْخَوَارِج فحقن الله بِهِ دِمَاؤُهُمْ وستر بِهِ عَوْرَاتهمْ وعورات ذَرَارِيهمْ وَجمع بِهِ فرقتهم وأمن بِهِ سبلهم وَقَاتل بِهِ عَن بَيْضَة الْمُسلمين عدوهم وَأقَام بِهِ حدودهم وأنصف بِهِ مظلمومهم وجاهد بِهِ ظالمهم رَحْمَة من الله رَحِمهم بهَا) "1". فاللهم هيئ لهذه الأمة ذلك الرجل الرشيد الذي يقيم شرعك ويرفع كلمتك ويحقن دماءنا ويستر عوراتنا ويحمي بيضة المسلمين وينصف المظلوم من الظالم ويقيم العدل في الأرض. د. مرهف سقا. ------------------------------------------------------------ 1- انظر النصيحة كاملة في تاريخ ابن عساكر 63/ 381، ط: دار الفكر 1415هـ، وتهذيب الكمال للمزي31/ 150 ط: مؤسسة الرسالة 1400هـ، وسير أعلام النبلاء للذهبي 4/553، ط: الرسالة 1405 هـ، ثم طبعها عبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم (المتوفى: 1425هـ) مستقلة بعنوان: مناصحة الإمام وهب بن منبه لرجل تأثر بمذهب الخوارج، الناشر: مكتبة ابن قتيبة - دار السلف – السعودية، الطبعة: الأولى، 1419هـ.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |