|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() أول منازلنا بعد الموت عالم البرزخ ذلك العالم الغريب! الحمد لله القائل - كما في الحديث القدسي الصحيح -: ((ومَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَىْءٍ أنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدي عَن نَفْسِ المُؤْمِن، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنَا أكْرَهُ مَسَاءَتَهُ))[1]، والصَّلاة والسَّلام على مَن لا نبيَّ بعدَه، الذي قال الله له: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}[2]. أمَّا بعد: أيُّها الأحبَّة في الله، السَّلام عليْكم ورحْمة الله وبركاتُه، لقد أنعم الله عليْنا بِهذا الدِّين الكامِل الشَّامل، الَّذي كلَّما تأمَّلتَ في مسألةٍ ما، وجدتَه يُجيب عليْها إجابةً منطقيَّة مُقْنِعة عادِلة، ووجدت أنَّ مَن حُرِموا منْه قد تخبَّطوا في كثيرٍ من المسائل، وماتوا بقَهْرِ اللاَّمعرفة، ومِن ذلك هذه المسْألة الَّتي تُحَلِّق بها أفكارُنا، وهي مسألة "عالم البرزخ". - تَجِد بعض المحرومين من هذا النُّور يقول قائلهم: جِئْتُ لا أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ وَلَكِنِّي أَتَيْتُ وَلَقَدْ أَبْصَرْتُ قُدَّامِي طَرِيقًا فَمَشَيْتُ وَسَأَبْقَى سَائِرًا إِنْ شِئْتُ هَذَا أَوْ أَبَيْتُ كَيْفَ جِئْتُ كَيْفَ أَبْصَرْتُ طَرِيقِي؟! لستُ أدري![3] غابوا عن الحقيقة الكُبْرى وهي: أنَّنا خُلِقْنا لعبادة الله، وسوف نُحاسَب على أعمالِنا، ولنا هدفٌ أبدي وهو الجنَّة ورِضا الرَّحمن. لا شكَّ أنَّ هناك عدلاً قامتْ عليْه السَّموات والأرض، وإلاَّ فهل يَقْبَل العقْل السَّليم أنَّه لا يُحاسَب الظَّلمة والطَّواغيت بعد أن مات بعضُهم على الأرائِك، هناك تتمَّة لهذه الحياة، حتى وإن أسدل الستار عن إحْدى فصولها، العقل يستحثُّنا: لا ترْحَلوا، هناك فصول أخرى، من غيْر المقْبول أو المعْقول أنَّ القصَّة قدِ انتهتْ هنا. الدُّور ثلاثة - كما قال الطَّحاوي، رحِمه الله -: دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار[5]، ويُضيف ابن القيِّم - رحِمه الله - دارًا رابعةً وهي الدَّار الأولى[6]. قال تعالى: {وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ}[7]. ونَحن هنا سوف نتحدَّث عن دار البرْزخ أو عالم البرْزخ، ذلِكم العالم الغيْبِي، ومنهجُنا - أهلَ السنَّة والجماعة -: أنَّ الحكم على الغيبيَّات لا يكون بالعقْل أو الرَّأْي، أو الذَّوق أو المنامات والسَّمعيَّات؛ بل منهجنا: أنَّ الغيبيَّات تأْخذ حكم التَّوقيف على الكتاب والسنَّة. تعريف البرزخ: لغة: هو الحاجز بين الشيْئين، والمانِع من اختِلاطِهما وامتِزاجهما. البرزخ شرعًا: ما بين الدُّنيا والآخِرة قبل الحَشْر من وقت الموت إِلى البعث، فمَن مات فقدْ دخَل البرزخ. - وقد جاء ذِكْر البرزخ في القُرآن الكريم بالمعنى اللغوي؛ كما في قولِه تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ}[8]، قال ابن عبَّاس - رضِي الله عنْهما -: برْزخ: حاجز. وكما في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا}[9]. - وبالمعنى الشَّرعي؛ كما في قوله تعالى: {وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[10]. قال رسول اللَّهِ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إنَّ القَبْرَ أوَّلُ مَنازِلِ الآخِرَة، فإنْ نَجَا مِنْهُ فما بَعْدَهُ أيْسَرُ مِنْهُ، وإنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فما بَعْدَهُ أشَدُّ مِنْه))، وقالَ رَسُولُ اللَّه - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((ما رَأيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إلاَّ والقَبْرُ أفْظَعُ مِنْه))[11]. وعَن البَراءِ بْنِ عَازِبٍ قالَ: بيْنَما نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - إذْ بَصُرَ بِجَماعَةٍ فقَالَ: ((عَلامَ اجْتَمَعَ علَيْه هَؤُلاءِ))، قِيلَ: على قَبْرٍ يَحْفرونَه، قَالَ: ففَزِعَ رَسُولُ اللَّه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فبَدَرَ بَيْنَ يَدَيْ أصْحَابِه مُسْرِعًا حتَّى انْتَهَى إلى القَبْرِ فجَثا عليه - قالَ - فاسْتَقبلْتُه مِن بَيْنِ يَديْه لأَنْظُرَ ما يصْنَعُ، فبَكَى حتَّى بَلَّ الثَّرى مِنْ دُمُوعِه، ثُمَّ أقْبَل عَلَيْنَا، قال: ((أيْ إخْواني، لمِثْلِ هَذا اليَوْمِ فأعِدُّوا))[12]. حال المسلم وحال الكافر في عالم البرزخ: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إنَّما نسمة المؤمِن طائرٌ يَعلَقُ في شجرِ الجنَّة، حتَّى يرْجِعه الله - تبارك وتعالى - إلى جسدِه يوم يبْعثه))[13]، ومعنى يعلق: يأكل. قال ابن كثير: هذا الحديث فيه البِشارة لكلِّ مؤمنٍ بأنَّ رُوحَه في الجنَّة، تسرح فيها وتأكُل من ثِمارِها، وترى ما فيها من النُّضْرة والسُّرور، وتُشاهِد ما أعدَّه الله لها من الكرامة. روح المؤمِنِين في عالم البرْزخ لَم تُذْكَر إلاَّ في هذا الحديث السَّابق، وحديث أرْواح الشُّهداء في حواصل طير، وهو حديث ابن مسعود - رضي الله عنْه - الَّذي رواه الإمام مسلم وغيرُه، قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((أرْواحُهُم في جوف طيرٍ خُضْرٍ لها قناديل معلَّقة بالعرْش، تسْرح من الجنَّة حيث شاءت، ثُمَّ تأْوِي إلى تلك القناديل))[14] الحديث. وحالُ روح الكافِر في البرزخ؛ قال تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[15]. عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنْه - عَن النَّبِيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((العَبْدُ إذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ، وتُوُلِّي وذَهَبَ أصْحَابُهُ حَتَّى إنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالهِم، أتَاهُ مَلَكانِ فأقْعَدَاهُ فيَقُولانِ لهُ: ما كُنْتَ تَقُولُ في هَذا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ - صلَّى الله عليْه وسلَّم؟ فيَقُولُ: أشْهَدُ أنَّهُ عَبْد اللَّه ورَسُولُه، فيُقَالُ: انْظُرْ إلى مَقْعَدِك مِن النَّارِ، أبْدَلَكَ اللَّهُ بِه مَقْعَدًا مِن الجَنَّة - قالَ النَّبِيُّ، صلَّى الله عليْه وسلَّم -: فيَرَاهُمَا جَمِيعًا، وأمَّا الكَافِرُ - أوِ المُنَافِقُ - فيَقُول: لا أدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فيُقَالُ: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بمِطْرَقَةٍ مِن حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أذُنَيْهِ، فيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا منْ يلِيه إلاَّ الثَّقَلَيْنِ))[16]. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنْهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنَّهُ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبانِ فقَالَ: ((إنَّهُما لَيُعَذَّبانِ، وما يُعَذَّبانِ في كَبِيرٍ، أمَّا أحَدُهُما فكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وأَمَّا الآخَرُ فكَانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَة))، ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّها بنِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ في كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، فقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ هَذا؟ فقَال: ((لعَلَّهُ أنْ يُخَفَّفَ عَنْهُما مَا لَم يَيْبَسا))[17]. هل العمل ينقطع في عالم البرزخ؟ - إنَّ مِن النَّصائح والتَّواصي التي اعتدْنا سماعَها من صِغَرِنا عند العزاء: قولَهم لأهل الميت: البُكاء لا يفيده بل ربَّما يضرُّه، وقد وردَ كما في حديث عُمَر - رضِي الله عنْه - قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكاءِ الحَيِّ - أو بِبُكاء أهلِه عليْه))[18]. ثم يقول المعزِّي: فإن أردتُم أن تنفعوهُ - رحِمه الله - فعليْكُم بالدُّعاء والصَّدقة؛ قال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُه إلاَّ مِنْ ثَلاثَةٍ: إلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَه))[19]. وبعدُ، أيُّها الأحبَّة: مَثِّلْ لِنَفْسِكَ أَيُّهَا المَغْرُورُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَاءُ تَمُورُ ختامًا:إِذْ كُوِّرَتْ شَمْسُ النَّهَارِ وَأُدْنِيَتْ حَتَّى عَلَى رَأْسِ العِبَادِ تَسِيرُ وَإِذَا النُّجُومُ تَسَاقَطَتْ وَتَنَاثَرَتْ وَتَبَدَّلَتْ بَعْدَ الضِّيَاءِ كُدُورُ وَإِذَا البِحَارُ تَفَجَّرَتْ مِنْ خَوْفِهَا وَرَأَيْتَهَا مِثْلَ الجَحِيمِ تَفُورُ وَإِذَا الجِبَالُ تَقَلَّعَتْ بِأُصُولِهَا فَرَأَيْتَهَا مِثْلَ السَّحَابِ تَسِيرُ وَإِذَا العِشَارُ تَعَطَّلَتْ وَتَخَرَّبَتْ خَلَتِ الدِّيَارُ فَمَا بِهَا مَعْمُورُ وَإِذَا الجَلِيلُ طَوَى السَّمَا بِيَمِينِهِ طَيَّ السِّجِلِّ كِتَابُهُ المَنْشُورُ وَإِذَا الصَّحَائِفُ نُشِّرَتْ فَتَطَايَرَتْ وَتَهَتَّكَتْ لِلمُؤْمِنِينَ سُتُورُ وَإِذَا السَّمَاءُ تَكَشَّطَتْ عَنْ أَهْلِهَا وَرَأَيْتَ أَفْلاكَ السَّمَاءِ تَدُورُ وَإِذَا الجَحِيمُ تَسَعَّرَتْ نِيرَانُهَا فَلَهَا عَلَى أَهْلِ الذُّنُوبِ زَفِيرُ وَإِذَا الجِنَانُ تَزَخْرَفَتْ وَتَطَيَّبَتْ لِفَتًى عَلَى طُولِ البَلاءِ صَبُورُ وَإِذَا الجَنِينُ بِأُمِّهِ مُتَعَلِّقٌ يَخْشَى القِصَاصَ وَقَلْبُهُ مَذْعُورُ هَذَا بِلا ذَنْبٍ يَخَافُ لِهَوْلِهِ كَيْفَ المُصِرُّ عَلَى الذُّنُوبِ دُهُورُ؟! أَسألُ الله لي ولكم، أن يَجعل الحياة زيادةً لنا في كلِّ خيْر، والموتَ راحةً لنا من كلِّ شرٍّ، وأن يَرْزُقنا حُسْن الخاتمة، وأن يَجعل خير أعمالِنا خواتيمَها وخيْرَ أيَّامِنا يوْم نلْقاه، وأن يَجعل آخِرَ كلامِنا من الدُّنيا شهادة أن لا إلهَ إلاَّ الله، وأنَّ محمَّدًا رسولُ الله، والحمدُ لله والصَّلاة والسَّلام على الرَّحمة المهْداة، نبيِّنا محمَّد وعلى آلِه وصحْبِه أجْمعين. ــــــــــــــــ [1] - متَّفق عليْه. [2] - سورة الزمر آية 30. [3] - قصيدة الطَّلاسم لإيليا أبو ماضي. [4] - أسئلة أفلاطون. [5] - العقيدة الطحاوية. [6] - الروح لابن القيم. [7] - سورة النحل آية 30. [8] - سورة الرحمن آية 19. [9] - سورة الفرقان آية 53. [10] - سورة المؤمنون آية 100. [11] - رواه الترمذي، وقال: حسن غريب. [12] - رواه أحمد وابن ماجه. [13] - أخرجه أحمد ومالك والترمذي والنسائي وابن ماجه. [14] - صحيح مسلم. [15] - غافر 46. [16] - رواه البخاري. [17] - متفق عليه. [18] - متفق عليه. [19] - رواه مسلم. ناصر بن هزاع المعجل الألوكة
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() جزاكم الله خيرا على النقل المبارك والطرح الطيب الذي أسال الله أن ينفع به
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم |
#3
|
||||
|
||||
![]() آمين يارب العالمين جزانا الله وإياكم
__________________
|
#4
|
|||
|
|||
![]() السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
صدق رسول الله اللهم صلى على سيدنا محمد و على آله و صحبه موضوع مؤلم ورائع ومفيد لا أدري الأبيات تبين لنا ضعفنا أمام قوة الله عز و جل ويا رب لك مثل دعاؤك الموجود في خاتمة موضوعك أشكرك يا أختي جزاك الله خيرا |
#5
|
||||
|
||||
![]() السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة اللهم ارزقنا حُسن الخاتمه وكل المسلمين اللهم آمين بارك الله فيكِ اختنا الغاليه ام عبد الله على الموضوع الاكثر من رائع موضوع مميز كما عهدنا منكِ غاليتى فى الله ام عبد الله لا تحرمينا هذه الدرر الرائعه وفقكِ الله وجعل اعمالك الصالحه بميزان حسناتك ودمتم بود |
#6
|
||||
|
||||
![]() اللهم انا نسألك حسن الخاتمة
بارك الله فيك اختي الكريمة جعله الله في ميزان حسناتك بالتوفيق |
#7
|
||||
|
||||
![]() وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اشكر لكم المرور وجزاكم الله خير الجزاء على الكلام الطيب سائله المولى عز وجل ان يرزقنا حسن الخاتمة
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() أختي الكريمة / أم عبد الله جزاك الله خيرا وأثابك وأثقل موازينك في أمان الله
__________________
![]() يا أقصى والله لن تهون
|
#9
|
||||
|
||||
![]() حزانا الله وإياكم اسعدني مرورك غاليتي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |