|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم قال له بعض الخلفاء: يا سمنون كيف وصلت إلى ما وصلت إليه ؟ قال ما وصلت حتى عملت ستة أشياء. أمت ما كان حياً وهو النفس، وأحييت ما كان ميتاً وهو القلب، وشاهدت ما كان غائباً وهي الآخرة، وغيبت ما كان شاهداً وهي الدنيا، وأبقيت ما كان فانياً وهو المراد، وأفنيت ما كان باقياً وهو الهوى، واستوحشت مما تستأنسون، وأنست مما تستوحشون. ثم أنشد:نسمع كثيرا لفظ مجنون ، ونطلقها على من قلت فطنته، وذهب عقله ، أو ساء حظه في الدنيا، فانزوى عن البشر فلم يعد يفهمهم ولا يفهمونه. ولكن ما أدهشني حقا كتابٌ من أروع ما قرأت اسمه " عقلاء المجانين" فقد قال مؤلف الكتاب ، بأن هذه الدنيا لا يخلو العاقل فيها من ضربٍ من الجنون، وأن الجنون الحق أن نعمل للدنيا وننسى الآخرة ، والمجنون هو المداوم على معصية الله لا يبغي عنها فكاكا. ولكن البشر يرون كل من يخالفهم ويترك الدنيا وملذاتها مجنونا فقد قالت قريش عن النبي صلى الله عليه وسلم حين دعاهم إلى الإيمان بالله: إنَّه مجنون وساحر وشاعر وكاهن. وهو سيد الخلق وأفضلهم ، وحاشاه هذا الوصف الأثيم فالعاقل هو من عمل لما بعد موته ، والمجنون من عاش لدنياه وتمنى على الله الأماني. وهذا مدخل صغير ، تفهموا منه قصدي بعقلاء المجانين ومن يكونوا تعالوا معي لنقرأ بعض ما اقتطفته من مواقفهم وأشعارهم عقلاء المجانين ســـــــــعـــــــــــــدون من أشهر المجانين العقلاء الذين تركوا الدنيا وبهرجتها الزائفة، وذهبوا إلى الله بأرواحهم، كم أحسدهم على هذا الجنون. قال عبد الله بن سويدك رأيت سعدون المجنون وبيده فحمة وهو يكتب بها على جدار قصر خراب: يا خاطب الدنيا إلى نفسه ... إن لها في كل يوم خليل ما أقبح الدنيا لخطابها ... تقتلهم عمداً قتيلاً قتيل تستنكح البعل وقد وطنت ... في موضع آخر منه البديل أنعم في عيشي وأيدي البلا ... تعمل في نفسي قليلاً قليل تزودوا للموت زاداً فقد ... نادى مناديه الرحيل الرحيل قال مالك بن دينار دخلت جبانة البصرة فإذا أنا بسعدون فقلت له كيف حالك وكيف أنت فقال يا مالك كيف يكون حال من أمسى وأصبح يريد سفراً بعيداً بلا أهبة ولا زاد ويقدم على رب عدل، ثم بكى بكاء شديداً، قلت ما يبكيك، قال والله ما أبكي حرصاً على الدنيا ولا جزعاً من الموت لكني بكيت ليوم مضى من عمري لم يحسن فيه عملي، أبكاني والله قلة الزاد وبعد المفازة والعقبة الكؤود ولا أدري بعد ذلك أصير إلى الجنة أو إلى النار، فسمعت منه كلام حكيم، فقلت له إن الناس يزعمون أنك مجنون. فقال وأنت قد اغتررت بما اغتر به بنو الدنيا زعم الناس أنني مجنون وما بي جنة ولكن حب مولاي قد خالط قلبي وأحشائي وجرى بين لحمي ودمي وعظمي فأنا والله من حبه هائم مشغوف ،وأنشد : اعمل وأنت من الدنيا على وجل ... واعلم بأنك بعد الموت مبعوث واعلم بأنك ما قدمت من عمل ... محصى عليك وما خلفت موروث كتب سعدون المجنون إلى جعفر المتوكل: يا أخي، أما بعد، فإنك قد طمعت بالحياة ونسيت تراصف الأقدام وتطاير الصحف في الشمائل والإيمان، فاذكر حسراتك عند انكشاف الغطاء واقرأ قوله تعالى : {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) } سورة المؤمنون وكتب سعدون إلى المأمون وقد بنى قصراً: يا من بنى القصر في الدنيا وشيده ... أسست قصرك حيث السيل والغرق لو كنت تغني بذخر أنت ذاخره ... أسسته حيث لا سوس ولا حرق والموت مصطبح منكم ومغتبق ... فاحتل لنفسك قبل الورد يا حمق واذكر ثموداً وعاداً أين أنفسهم ... فلو بقي أحد من بعدهم لبقوا هذا هو سعدون المجنون كما يراه أهل الدنيا ، أو سعدون الحكيم كما يراه أصحاب الفطر السليمة بـــــــــــــهـــــــــــلول مجنون آخر ممن ذكرهم الكتاب ، متبصر بحقيقة الدنيا ، أزاح الله عن عينيه الغمامة التي غطت عيون عقلائنا، فأصبح من أشهر عقلاء المجانين في عصره. قال محمد بن إسماعيل بن أبي فديك سمعت بهلولاً في بعض المقابر فقلت له ما تصنع ههنا ؟ فقال أجالس أقواماً لا يؤذونني وإن غبت عنهم لا يغتابونني، وأنشأ يقول: يا من تمتع بالدنيا وزينتها ... ولا تنام عن اللذات عيناه شغلت نفسك فيما لست تدركه ... تقول للّه ماذا حين تلقاه ولبهلول: حقيق بالتواضع من يموت ... وحسب المرء من دنياه قوت فما للمرء يصبح ذا اهتمام ... وشغل لا تقوم له النعوت صنيع مليكنا حسن جميل ... وما أرزاقنا مما يفوت فيا هذا سترحل عن قريب ... إلى قوم كلامهم السكوت ســـــــــمــــــــنـــــون روحي إليك بكلّها قد أجمعت ... لو أن فيك هلاكها ما أقلعت تبكي عليك بكلها في كلها ... حتى يقال من البكاء تقطعت انظر إليها نظرةً بمودةٍ ... فلربما منّعتها فــتـــمــنــعت أوفـــــــــــى البدوي قال المدايني: كان بمكة مجنون يقال له أوفى البدوي من مجانين الأعراب وكان يصلي الليل كله، فإذا أحس بالصبح رمى بطرفه إلى السماء وأنشأ يقول: ربّ مكحول بمحلول الأرق ... قلبه وقف بنيران الحرق فكره في اللّه في أوقاته ... وبه يفتح فاه إن نطق عوســـــجة سيدة من أشهر عقلاء المجانين النساء ، ومن أروع ما قالت هذه الأبيات: أرى الدنيا لمن هي في يديه ... عذاباً كلما كبرت لديه تهين المكرمين لها بصغر ... وتكرم كل من هانت عليه إذا استغنيت عن شيء فدعه ... وخذ ما كنت محتاجاً إليه هذا غيض من فيض، مما كتب في الكتاب ليت شعري أين نحن من هذا الجنون، فلن نفرح بعقلٍ بعد اليوم إن لم يكن معينا على طاعة الديان ، وحافظا لنا من دنس المعاصي والآثام. فقد وهبنا الله عقلا وميزنا به عن سائر المخلوقات، فلنشكر ربنا على هذه النعمة ، ونسخرها بما يبيض وجوهنا يوم نلقاه، وإلا فهو نقمة تجر نقمة، وحسبنا بما سمعنا من هؤلاء . ولنتذكر الموت وكفى بالموت واعظا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________
![]() يا أقصى والله لن تهون
|
#2
|
||||
|
||||
![]() جزاك الله خيرًا عن هذا النقل
ما أرانا إلا نحن المجانين، وهم العقلاء. ![]() هدانا الله وإياكم إلى سواء السبيل. في حفظ الله
__________________
***************************
غائب... ولعلّي أعود ... ![]() ![]() *********** |
#3
|
||||
|
||||
![]() شكرا لمرورك أخي الفاضل بالفعل هذا هو الشعور الذي تملكني وأنا أقرأ في الكتاب هدانا الله وإياكم وأعتقنا من قيود المعاصي حياك الله
__________________
![]() يا أقصى والله لن تهون
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |