|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() همسة حاضر في ذكرى غائب د. عوض بن حمد الحسني وجدت مقالةً تقول: القلب لا يُشفى من الفقد، بل يتعلم أن يمشي وهو يعرج؛ فكل غائب يترك فراغًا لا يملؤه الحاضرون، بل يملؤه الصمت والصبر، ودمعة لا تُرى. فكتبت تلك الهمسة تصحيحًا من وجهة نظري للفِكر؛ لأن هناك مقالاتٍ تُكتب من جانب، ربما تسهم في توجيه العقل المجتمعي لتبنِّي الأحزان، وهم لا يشعرون، من خلال الانغماس مع تلك المقالة أو أخرى؛ لذا أحببت المساهمة في توجيه البوصلة إلى الرؤية الإيجابية والفكر الإيجابي؛ إسهامًا في انتشال الأحزان والتغلب على الآلام؛ لأنه ينظر من زاوية شمولية للحدث والفعل، وبتوازن وعقلية، وعاطفة ومشاعر في نفس الوقت، وهذا ما يتوافق مع الهَدْيِ المحمدي، على صاحبه أفضل صلاة وأتم تسليم. فأقول في همستي هذه: الوفاء من الصفات الجميلة، وتذكر الغائب وجمال الأيام التي قضيت معه - أو معها أو معهم - من الوفاء الجميل، ولكن الغياب في حياتنا نوعان: غياب يمكن أن يكون هناك لقاء بعده، وغياب لا يمكن أن يكون هناك لقاء بعده هنا - أي في الدنيا - يجمع بين المتحابين بغض النظر عن رابطة المحبة وسببها؛ فهنا تذكر الأول مطلب ومادة لحياة القلب، والتشوق إلى لُقياها، وجمال تلك الأيام التي مضت، وربما تُعاد أيام أجمل مما مضى؛ فيرتاح القلب لتلك الذكرى، وينشط صاحبها للحياة! والنوع الثاني: تذكر غياب من لا يمكن اللقاء به؛ فتذكره وفاء والدعاء له مطلب وإضافة حسنات، ولكن ألَّا يشغل القلب بحيث لا يشفى من الفقد، ويكون تذكره حزنًا وألمًا وتفويتًا على القلب سعادته؛ فالحياة مرحلة تتقلب بها الأحوال، ولكن في نهاية المطاف نتجاوز الأحزان، ونجدد الأحباب والأصحاب، ونكمل ما تبقى لنا من الرحلة، ونحن نسعى لتحقيق هدف وزيادة استثمار للعمر، ولكن مع مرحلتنا القادمة التي نقترب منها أكثر، وفي نفس الوقت لا ننسَ مرحلتنا الحالية التي نكاد نبتعد عن ديارها ومرابعها وأهلها، وإن طال بنا المقام بها أصبحنا فيها غرباء؛ لذهاب الأحباب والرفاق، والأصحاب والأقران، والبقاء في عالم يكاد لا نعرفه ولا يعرفنا؛ فتذهب اللذة، وتطول بنا الوحشة! هي همسة للارتقاء؛ فالحياة تحتاج منا جميعًا أن نتناسى بعض ما يؤلم القلبَ ذكراه؛ لنعيش حياةً أسعد، فالعمر قصير، ولا يحتاج أن نقصره بالأحزان، وهي جزء من تركيبة الحياة، ولكن يفرح بها الشيطان، كما يفرح بانغماس الإنسان في فرح زائد عن حد الفرح المجدد للحياة، حتى ينغمس الإنسان فيه هنا أو هناك؛ فهو - أي الشيطان - لا يبالي بأيهما ظفِر به من الإنسان، ولكن تغليب الجوانب الإيجابية، والميل إلى الاعتدال والتوازن، هو ما يكدر الشيطان ويُحبط خططه؛ لأنه لا ينجح في الغالب في الظَّفَر بالإنسان إلا في حالتين؛ هما: انغماس في حزن يسيطر على القلب، أو فرح يسيطر على العقل. ولذلك فإن التربية الإسلامية، التي مصدرها الكتاب والسنة، وهي الموجهة لسلوكيات الإنسان المسلم، تمتاز بخاصية لا توجد في غيرها؛ ألَا وهي خاصية التوازن بين متطلبات الحياة الدنيا والآخرة، والروح والجسد، والعقل والعاطفة، وهكذا في بقية المتطلبات؛ قال تعالى: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77]، وهذا ما يميز المسلم عن غيره؛ فتربيته مصدرها الوحي.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 18 ( الأعضاء 0 والزوار 18) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |