|
استراحة الشفاء , وملتقى الإخاء والترحيب والمناسبات هنا نلتقي بالأعضاء الجدد ونرحب بهم , وهنا يتواصل الأعضاء مع بعضهم لمعرفة أخبارهم وتقديم التهاني أو المواساة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ورع وإخلاص طلاب علم الأمس... مشاعل تنير دروب الحاضر نوال محمد سعيد حدور قال الله تعالى في محكم تنزيله: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]؛ آية جليلة ترسم لنا البوصلة الحقيقية للعلم، فليست الغاية منه مجرد إدراك الحقائق والمعارف، بل الثمرة الأجلُّ هي تلك الخشية المتجلِّية في القلب، خشيةٌ تحمل في طيَّاتها تواضعًا جمًّا يغدو للعالم لباسًا، وإخلاصًا صادقًا يمثل لُبَّه وروحه التي تُحييه. هكذا استنارت بصائر طلاب عِلمِ الأمس بتلك الركائز الوضَّاءة، فجعلوها نبراسًا يهتدون به في رحلتهم المُضنية لطلب العلم، لم تكن غايتهم يومًا مجرد التحصيل النظري، بل العمل بما استوعبوا، ونشره في الآفاق ابتغاءَ مرضاة الله ونفع العباد، لم تثنِهم وعورة الطريق ولا ندرة الوسائل، بل ضربوا أكباد الإبل قاصدين مجالسَ العلماء، ينهلون من مَعينهم الصافي، يجتهدون في حفظ المتون التي ترسخ العلم في صدورهم، ويتعمَّقون في فَهم الشروح التي تفتح لهم مغاليقَ المعرفة، كان العلم عندهم يُقتنى بالصبر الجميل، والمثابرة الدؤوبة، والجهد الذي يبذل عن طيبِ خاطرٍ. لقد تجلى فيهم التواضع جليًّا أمام شيوخهم وأساتذتهم، فكانوا يصغون بإنصات تامٍّ، يستوعبون كل كلمة، حريصين على اقتناص كل فائدة، لم تكن قيمة العالم تُقاس آنذاك بعدد المتابعين أو بريق الصور، بل كانت محكها الحقيقي ما وقر في القلب من علمٍ، وما تجلَّى في العمل من صدق، لم يعرفوا التزلُّف بالقول ليبهروا الأسماع بفصاحة زائفة، بل كانت فصاحتُهم نابعةً من رسوخ العلم في نفوسهم، وصدق المقصد في بيانه. لقد ضرب لنا أولئك الأعلام أروعَ الأمثلة في الورع والزهد في متاع الدنيا الزائل، فكانت قلوبهم معلَّقة بالآخرة، وأفعالهم شاهدةً على صدقهم وأمانتهم في نقل العلم كما هو، دون تحريف أو تزييف. أما طلاب علم اليوم، ويا له من عناء هذا الاستثناء الذي نلجأ إليه إنصافًا للمجتهدين المخلصين، فقد اختلط على الكثيرين منهم الهدف الأسمى، تداخلت الرغبة الصادقة في العلم مع شهوة الشهرة السريعة، والبحث عن إعجابات زائفة ومتابعين عابرين، أو حتى تحقيق مكاسب دنيوية دنيئة من خلال الانتساب إلى سلك العلماء. ومع وفرة الوسائل، وسهولة الوصول إلى بحور المعلومات عبر شبكة الإنترنت، وهو سلاح ذو حدين، قد يؤدي هذا اليسر إلى سطحية في التعلم، والاكتفاء بالنتف الجاهزة دون عناء البحث، والتحقيق والتعمق في أصول المسائل. بل قد يطغى الاهتمام بالصورة الشخصية الأنيقة، والتقديم الجذاب على جوهر العلم ومحتواه الأصيل، يتحول "المتعالم" إلى نجم يسعى خلف الأضواء والشهرة، بدلًا من أن يكون باحثًا متواضعًا ينشد المعرفة لذاتها، ويسعى لنشرها خالصة لوجه الله. وقد تُفضي وفرة الخيارات، وسرعة تدفق المعلومات إلى قلة الصبر على التعلم العميق، والضجر من المسائل التي تستدعي تفكيرًا طويلًا، وتدبرًا مليًّا. ختامًا، نصيحة أوجهها إلى كل طالب علم يسعى للرقي: اجعل بوصلة قلبك هي التي توجه خطواتك في دروب العلم، صوب الحق والحقيقة، لتنال زهرة العلم الحقيقية التي يفوح عطرها نفعًا يمتد عبر الأجيال، كما فعل سلفنا الصالح الذين كانوا بحقٍّ خيرَ خلفٍ لخير سلف، ثبتوا كثبات الجبال الراسيات، علمًا وعملًا. تذكر - أيها الطالب - أن العلم أمانة عظيمة تُحمل بصدق وإخلاص، فهو ميراث الأنبياء، الذين لم يورثوا مالًا ولا دينارًا، بل ورثوا علمًا نافعًا، أما الشهرة الزائفة فهي سراب زائل لا يُغني ولا يسمن من جوع. وصية إلى قلب طالب العلم: يا أيها السائر في طلب العلم، اجعل الإخلاص وقود مسيرتك، وتجمَّل بالتواضع، ولا تغفُل عن نفع غيرك فهو غايتك، لا يغرنَّك بريق شهرة فيه زيف زائل، فجوهر العلم أن يحيي القلوب من غفلة الجهل، لا أن يبهر السمع والمُقل.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |