ثقافة الداعية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5009 - عددالزوار : 2134035 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4591 - عددالزوار : 1412549 )           »          الشرق والغرب منطلقات العلاقات ومحدداتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 28774 )           »          العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير التأملي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الاستشراق ووسائل صناعة الكراهية: صهينة الاستشراق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 214 - عددالزوار : 138752 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 100 - عددالزوار : 53764 )           »          إعانة الفقيه بتيسير مسائل ابن قاسم وشروحه وحواشيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 54 - عددالزوار : 16396 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 95 - عددالزوار : 17334 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-09-2025, 04:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,769
الدولة : Egypt
افتراضي ثقافة الداعية

ثقافة الداعية


محمد عادل فارس


1- مفهوم الثقافة

لقد دُوّنت كتب كثيرة ومقالات تحت هذا العنوان، أو تحت عنوانات مشابهة، مما يدل على أهمية الموضوع، بحيث تصدى له كتّاب وباحثون. ولنبدأ بتعريف الثقافة.
أحياناً يعرّفون الثقافة بأنها معرفة شيء عن كل شيء.
ويقصدون بذلك أنها سَعَة الاطلاع، وتعدد مجالات المعرفة. فالذي يُكثر القراءة والاستماع، ويحصل معلومات عامة في الدين والأدب والتاريخ والطب والعلوم... يكون مثقفاً.
وهذا التعريف متداول كثيراً، لكنه مؤشر على الثقافة، وليس هو التعريف المعتمد للثقافة.
التعريف المعتمد يدور حول المفهوم الآتي:
الثقافة هي منظومة المفاهيم والقيم والأخلاق والأعراف والآداب والفنون... التي تسود في مجتمع متجانس.
ومما يفيده هذا التعريف:
1) أن الثقافة قيم ومفاهيم... وليست مجرد علوم ومعارف (بعضهم يضيف كلمة "العلوم" إلى مكونات الثقافة).
2) وأنها "منظومة" أي مجموعة منسجمة، وليست مفردات مبعثرة أو متعارضة.
3) أنها تحمل معنىً اجتماعياً. أي لا بد أن تسود في مجتمع أو تجمع.
وهذه النقاط الثلاث تستدعي البيان:
أولاً: أليس هناك علاقة بين الثقافة والمعرفة؟ أو: ألا يوجد رابط بين التعريف المتداول الذي ذكرناه أولاً، والتعريف الذي اعتمدناه؟!
والجواب: إن التعريفين مختلفان فعلاً لكن بينهما تداخلاً، فالمعلومات والمعارف في شتى شؤون الحياة تنعكس بشكل قوي أحياناً، وضعيف أحياناً، على القيم والمفاهيم، فتكون لها علاقة قوية أو ضعيفة بالثقافة، تبعاً لذلك (وهذا ما دعا بعضهم إلى إدخال كلمة العلوم في تعريف الثقافة).
وحين يُختصر مفهوم الثقافة عند بعض الناس لتكون دلالته هي الشهادة الدراسية، فيكون المثقف عندهم هو من يحمل شهادة البكالوريوس أو الدكتوراة... فهذا مسخ لمفهوم الثقافة.
معظم المعلومات الفيزيائية والكيميائية والجغرافية... لا تدخل في مفهوم الثقافة، بينما معظم المعلومات الاعتقادية والفلسفية والسياسية والأدبية تدخل في جوهر الثقافة.
ثانياً: ماذا لو حمل فرد من الناس قيماً تغاير ما يسود في مجتمعه؟ ثم ماذا لو تضاربت القيم في المجتمع حتى لا تكاد تجد قيمة متفقاً عليها، بل توجد قيم متباينة، يتمحور حول كل منها طائفة من المجتمع؟
أما في الحال الأولى فإن الفرد يحمل ثقافة خاصة، ينتمي بها إلى المجتمع الذي أخذ منه تلك الثقافة، وهذا يحدث مثلاً عندما يعيش الفرد في بلد آخر ويتشرّب قيمه، ثم يعود إلى بلده بتلك القيم الوافدة. كما يحدث – على نحو مغاير – عندما يكون الفرد متميزاً جداً، بحيث يسبق عصره، ويحمل أفكاراً وقيماً متطورة جداً، ويدعو إليها.
وأما في الحال الثانية حيث تضطرب القيم في المجتمع الواحد، فهذا يدل على أن المجتمع في حال تحول غير مستقر. فهناك قيم موروثة أو محافظة، وهناك قيم يحملها الغزو الثقافي الذي يأتي من منافذ شتى، وما يؤمن به فرد أو مجموعة، يكون محل اعتراض من أفراد أو مجموعات أخرى. ومعظم مجتمعاتنا الإسلامية اليوم نماذج لهذه الحال.
ثالثاً: إذا التزمنا بالتعريف، بحرفيّته، فهذا يلغي أن نصِف فرداً معيناً، أو شريحة معينة بأنها مثقفة، بل يلغي أن نصِفَ مجتمعاً أو شعباً بأنه مثقف.
فالتعريف يعني، أو يقتضي، أن يكون كل مجتمع متجانس في قيمه مثقفاً، أي أنه يلتزم كله بمنظومة من القيم والمفاهيم.
هنا لا بد أن نقر بأنه يبقى للكلمة دلالة فردية أو فئوية، لا سيما إذا أدخلنا المعنى اللغوي الصرف لكلمة الثقافة، الذي يعني الحِذْق والفاعلية، فالمثقف بهذا المعنى هو الذي تعمق في فهم الثقافة وحذق فيها، وكان قادراً على التعبير عنها والدعوة إليها...
وإذا أقررنا – فوق ذلك – بالصلة بين الثقافة والمعرفة، أمكن أن نقارب بين وجهات النظر المتباينة حول دلالة الثقافة، ونقبل بوصف فرد ما، بأنه مثقف إذا كان أكثر معرفة وأوسع اطلاعاً... من غير أن نقلل من شأن المعنى الأساس للثقافة. والأمر نفسه يقال عن شريحة من المجتمع، أو عن مجتمع بكامله.
في ضوء ما ذكرنا يجب على الدعاة أن يكوّنوا لأنفسهم ثقافة مشتركة، وأن يعمقوا هذه الثقافة في أنفسهم، وأن يعملوا على تعميمها في المجتمع حتى يصبغوا بها المجتمع، ويجعلوها ثقافة هذا المجتمع.
يتحدث الإمام البنا – رحمه الله رحمة واسعة – عن جهده مع إخوانه في أول مراحل تأسيس الجماعة فيقول: "وكان عهد، وكان مَوْثِق، أن يعمل كل منا لهذه الغاية، حتى يتحول العرف العام في الأمة إلى وجهة إسلامية صالحة". [من رسالة المؤتمر الخامس]
ويتحدث في عدد من رسائله عن تغيير مفاهيم الأمة وعاداتها وأعرافها... بما تقتضيه أحكام الإسلام الحنيف وآدابه.
أي إنه – رحمه الله – حمل على عاتقه مسؤولية تصحيح ثقافة المجتمع!.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19-09-2025, 04:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,769
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ثقافة الداعية

ثقافة الداعية(2)


محمد عادل فارس


2- الثقافة الخاصة

بعد بيان مفهوم الثقافة يُمكن الدخول في موضوع الثقافة الخاصة للداعية.
وكما يُقسّم علماء الأصول مصالح الناس إلى ثلاث درجات: ضرورية، وحاجية، وتحسينية، يُمكن استعارة هذا التقسيم في شأن ثقافة الداعية، فنقول: من هذه الثقافة ما هو ضروري، أو هو فرض عين على الداعية، أو يقترب من فرض العين، ونقصد بذلك ما تصح به عقيدته وعبادته ويخرج عن دائرة الجهل المفرط.
ومنها ما هو حاجيّ، وهو ما يجعله في درجات العلم الأولية، ودرجات الوضوح في تصوراته وقيمه وأخلاقه وتعامله مع الناس، ويُعطيه شيئاً من القدرات في حمل الدعوة إلى الآخرين.
ومنها ما هو تحسيني أو كمالي، وهو ما يزيد من قدراته على معرفة عصره ومجتمعه، وقدرته على عرض فكره وكسب الناس إلى دعوته.
ومن البداهة أن نقول: إنه لا بد للداعية من استيعاب الحد الأدنى الضروري بشكل كامل، ثم استيعاب الحد الأوسط كله إن استطاع، أو معظمه، ثم تحصيل ما أمكنه من الحد الأعلى (التكميلي).
الحد الأدنى، حد الضرورة

من ذلك أن تكون عقيدته سليمة واضحة. وإذا كنا لا نشترط أن يعرف شيئاً من مصطلحات "علم الكلام" فإنه لا بد أن تكون أسس اعتقاده بالله واليوم الآخر وأركان الإيمان الأخرى واضحة عنده، وأن يكون إيمانه فوق مستوى التقليد.
وأن تكون تلاوته للقرآن الكريم بمستوى تصح به صلاته.
وأن تكون معلوماته في الفقه والسيرة النبوية وغيرهما بما يُصحح عبادته ومعاملاته ويعرفه بالصفات الأساسية للنبي صلى الله عليه وسلم وهكذا...
الحد الأوسط، حد الحاجيات

وهنا نبدأ بالقرآن الكريم وتفسيره وعلومه، لأن القرآن الكريم حوى أسس العقيدة والتصورات والقيم... وما فصّل فيه القرآن فهو أولى بالاهتمام والتركيز، وما أوجز فيه فحقُّه الايجاز... فحين نجد التفصيل والتكرار وتصريف الآيات في شأن علم الله تعالى وقدرته وإبداعه وإنعامه ووعده ووعيده... فهذا يعني أن تتعمق هذه المعاني في نفس المسلم عامة، والداعية خاصة، حتى تستولي على مشاعره وتتعمق في قلبه... وأما حين يعرِض القرآن قضية المواريث في بضع آيات فحسب، فهذا يعني أن ذلك ليس من القضايا اليومية التي تشغل اهتمام الداعية، بل يمكن أن يحيلها عند الحاجة إلى المختصين.
وحين يكون الحديث في فقه الأولويات وفقه الموازنات فهذا وغيره إنما يُستمد – أول ما يستمد – من كتاب الله تعالى.
فليكن كتاب الله ورد المسلم يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، ويتدبر آياته، ويخشع لتلاوته، ويبحث في كتب التفسير عن دقائق معانيه...
وما يُقال عن القرآن الكريم يقال بعده عن السنة النبوية وعلومها، فهي الشارحة والمفصلة والمترجمة لما في كتاب الله تعالى. فلا ينبغي لداعية أن يكون اطلاعه على السنة بأقل مستوى من دراسة "رياض الصالحين" ونحوه، مع علمه بشيء من مصطلح الحديث وعلومه.
ويُرافق ذلك معرفة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم سواء من الكتب التي استعرضت أحداث السيرة وفق التسلسل التاريخي لها، أو الكتب التي تناولت جوانب هذه السيرة ومزاياها وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله وسُننه في شؤون حياته الشخصية والبيتية وشؤون إدارة المجتمع المسلم.
ونقول مثل ذلك في معرفة العقيدة والفِرَق، لا سيما المعاصرة منها، والفِقهِ وأصوله، وأنظمة الإسلام في شؤون الحياة، والتربية والتزكية والأخلاق...
ونقصد أن يكون للداعية زاد مقبول في كل جانب من الجوانب المذكورة. أما التوسع والتعمق في أي جانب فأمر طيب، ولكنه لا يجوز أن يكون على حساب إهمال جانب آخر. لذلك نعُدّ هذا التوسع من مستحقات الدرجة الأعلى، درجة التحسينات.
الحد الأعلى، حد التحسينات

وقد يبدو لأول وهلة أن هذا الحد كمالي فعلاً، وأن النقص فيه ليس ذا قيمة، والحقيقة إنه مهم جداً، حيث إن ما سبقه من الحد الأدنى والحد الأوسط هو ما يحتاجه المسلم العادي، وإنما يمتاز الداعية بما يتمثله من هذا الحد الأعلى.
إنه إذاً يُمثل مرحلة الاختصاص أو المرحلة التي تخص الداعية وتضعه في صف الدعاة.
ثم إن بدايته هي التحقق بما سبقه، ولكن لا نهاية له، فكلما ارتقى الداعية في مدارجه كان أجدر بالنجاح في عمله الدعوي. وكلما تعددت جوانبه وتنوعت مداركه كان أحرى بالقيام بشرف الدعوة.
الداعية الناجح يستأثر قلوب الناس، ويفرض عليهم احترامه، وهو آلف مألوف.. وحتى يكون كذلك فلا بد من أن يكون إيمانه عميقاً، وأخلاقه عالية، واطلاعاته واسعة، وقدرته على التعبير عن آرائه وإقناع الآخرين بها.. ودحض شبهات الآخرين... كبيرة.
ففضلاً عن صفاته الإيمانية والنفسية والخُلقية نذكر ميادين الثقافة التي كلما تحلى بها أكثر، كان أدعى لأن ينجح في عمله.
- فمن هذه الميادين:

• فقه الدعوة وتاريخ الدعوة
• التاريخ العام والتاريخ الإسلامي
• واقع العالم الإسلامي والقوى الفاعلة في العالم، والوعي السياسي
• العلوم النفسية والاجتماعية (وما يرافقها من تنمية للحس النفسي والتربوي والاجتماعي)
• اللغة والآداب
• العلوم البحتة والعلوم التطبيقية
• البيئة المحلية وما فيها من أعراف وتقاليد


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.39 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (3.41%)]