|
ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الخلاف شر د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر الحمد لله...؛ أما بعد: فقد أخرج أبو داود في «سننه» (1960)، وأبو يعلى في «مسنده» (5377)، والبيهقي في «سننه الكبير» (5517)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (14174)؛ قال ابن مسعود: "الخلاف شرٌّ". ما هو سبب اختلاف العلماء؟ وما موقف العامة من هذا الخلاف؟ الاختلاف بين العلماء في مسائل الدين قضية شغلت المسلمين عبر التاريخ وما زالت تثير التساؤلات، خاصة لدى عامة الناس الذين يجدون أنفسهم في حيرة بين الآراء المتباينة، ولأهمية هذه المسألة، يجب على المسلمين فهم طبيعة الاختلاف، وكيفية التعامل معه وفق التوجيهات القرآنية والنبوية، والمنهج العلمي الصحيح. حقيقة الاختلاف في القرآن الكريم: أقر القرآن الكريم حقيقة الاختلاف بين البشر كسنة كونية لا مفر منها؛ فقال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ [هود: 118، 119]، وتؤكد هذه الآية أن القضاء التام على الاختلاف أمر مستحيل، فهو جزء من طبيعة الإنسان التي فُطر عليها. أنواع الاختلاف بين العلماء: ينقسم الاختلاف بين العلماء إلى نوعين رئيسين: اختلاف التراحم والتفاهم: وهو اختلاف مشروع، ظهر بين الصحابة والسلف الصالح، ولم يمنعهم من التوحد والتعاون والتقدير المتبادل؛ مسترشدين بقول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [الروم: 31، 32]، وهذا النوع من الخلاف لا يفسد العلاقات، ولا يثير الفرقة. اختلاف التعارض والتضاد: وهو الاختلاف الذي يؤدي إلى التفرق والتعصب، ويزرع بذور الشقاق بين المسلمين، هذا النوع من الاختلاف نهى الإسلام عنه بشدة، مؤكدًا على ضرورة الابتعاد عنه والحذر منه. كيفية تعامل المسلم العامي مع الاختلاف: يواجه المسلمون اليوم تحدياتٍ حقيقيةً في التعامل مع الاختلاف بين العلماء؛ بسبب نقص التوعية الشرعية، وعدم إدراكهم لآداب الخلاف؛ لذلك، ينبغي للمسلم العامي الالتزام بالضوابط التالية عند التعامل مع هذا الاختلاف: أولًا: التحقق من كون المختلفين علماء مؤهلين بالفعل، وليسوا مجرد طلبة علم، أو غيرهم من غير المؤهلين للإفتاء. ثانيًا: النظر في الأدلة التي يقدمها كل طرف، فإن استطاع المسلم التمييز بين الأدلة، فليتبع القول الأقوى دليلًا والأكثر وضوحًا في البرهان، مستعينًا بكلام الإمام ابن القيم[1] رحمه الله: العلم قال الله قال رسوله ![]() قال الصحابة هم ذوو العرفانِ ![]() ما العلم نصبك للخلاف سفاهةً ![]() بين الرسول وبين رأي فلانِ ![]() ثالثًا: إذا تقاربت الأدلة ولم يستطع التمييز، فله أن يأخذ بما يطمئن إليه قلبه، دون اتباع للهوى أو التعصب؛ مسترشدًا بما أخرجه الترمذي في «جامعه» (2007) من قول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "لا تكونوا إمعةً؛ تقولون: إن أحسن الناس أحسنَّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطِّنوا أنفسكم؛ إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا". بناءً على ما سبق، يجب على المسلمين إدراك أن الخلاف بين العلماء واقع لا يمكن إزالته نهائيًّا، وليس مطلوبًا منهم القضاء عليه، وإنما المطلوب هو حسن التعامل مع هذا الخلاف، والاجتهاد في طلب الحق بقدر الاستطاعة؛ لأن الله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها، فإذا تحرَّى المسلم العامي الصواب، واجتهد في معرفته، كان مأجورًا في كل حال، فله أجران إن أصاب، وأجر واحد إن أخطأ، مع ضرورة تجنب التعصب والهوى، وبذلك يكفي الله المؤمنين شر الاختلاف والتفرق. [1] الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية، لابن القيم، المتن، الأبيات رقم: 3594، 3595.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |