تدبير الله للإنسان خير من تدبيره لنفسه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مكانة المال وقواعد الميراث في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          أسماء الله وصفاته على مذهب أهل السنة والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الحديث الضعيف “الذي تلقته الأمة بالقبول” وأثره من جهة العمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          سورة العصر .. حبل النجاة من الخسران ووصايا الحق والصبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          لا خوف عليهم ولا هم یحزنون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          وقفات في رحاب سورة غافر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          ما هو اليقين: معناه وحقيقته ومنزلته وكيفية تحصيله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أحاديث الربا: تصنيف الأحاديث النبوية في الربا وأحكامه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          طلعها كأنه رؤوس الشياطين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          صور من هجرة الصحابة رضوان الله عليهم إلى المدينة المنورة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 09:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,603
الدولة : Egypt
افتراضي تدبير الله للإنسان خير من تدبيره لنفسه

تدبير الله للإنسان خير من تدبيره لنفسه
محمد عطية


يفكر الإنسان في يومه وغده؛ مشغولاً بالقوت والأمن والوظيفة ومستقبل الأبناء. يضع أهدافه ويرسم الطريق لبلوغها ويبحث عمن يساعده. يرتاح بعد أن يرى الصورة اكتملت، فها هو الهدف واضح وهؤلاء الذين سيستعين بهم عند الحاجة مستعدون لتقديم ما يطلبه منهم أو يأمرهم به. لكن إيمان المؤمن يجعله وهو يفكر – بل قبل أن يفكر – ينتبه إلى تدبير الله تعالى لأمور الإنسان والكون. هذا الانتباه يجعله مطمئناً مستعداً لاستقبال النتائج أياً ما كانت بصدر رحب وثقة تامة في أن الخيرة فيما اختاره الله.
الثقة في تدبير الله ليست سذاجة

وهذه الثقة المطلقة ليست سذاجة أو خروجاً عن إطار التفكير العلمي السليم والتخطيط الاستراتيجي الذي يراعي جميع الأبعاد ويراقب حركات مراكز القوى. فأول خطوات التفكير الصحيح هو الإلمام بالظرف الراهن وحساب القوى حساباً دقيقاً والانتباه إلى الموارد المتاحة، وهل ستوصلنا للهدف الذي نرجوه أم لا؟ كل ذلك مبني على العلم والحكمة.
قصور العلم البشري

علم البشر قاصر ومحدود. كل يوم يكتشف كائناً لم يكن يعرف عنه شيئاً، بل يكتشف معلومات جديدة عن كائنات تعيش بيننا منذ ألوف السنين، بل يعرف الجديد عن ذاته بدناً وروحاً وعقلاً وقلباً مما لم يكن يعرفه من قبل.

قطار العلم لا يتوقف، وكل لحظة يخرج لنا من مكنونات أسرار الله تعالى ما يأذن به الحق سبحانه مما يبهر الأبصار ويدهش العقول.

فإذا اتفقنا أن علمنا قاصر – وهذه الحقيقة يؤكدها العلم كل لحظة – فيجب أن يكون تدبيرنا قاصراً أيضاً بناءً على ذلك. ومعنى هذا أننا إذا أردنا شيئاً ودبرنا له بكل ما يمكننا من قوة ثم جاءت النتائج على غير ما نحب، فلماذا نحزن؟

لماذا لا نتذكر قوله تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 216]؟
تدبير الله في الكون: من الجمال إلى الإتقان

ننظر إلى الكون من حولنا وما فيه من عجائب المخلوقات الهائلة الضخمة كالأرض والشمس والمجرة الشمسية وما نعلم وما لا نعلم من المخلوقات؛ نعجب بجمالها ونصور هذا الجمال بقلم أديب أو بكاميرا هاوٍ أو محترف، ونتداول الصور بل نقطع ألوف الأميال لكي نشاهد هذا الجمال بأعيننا.

بعضنا يقول: “تبارك الله أحسن الخالقين” وينتقل من هذه الجملة القرآنية الكريمة إلى التأمل في شيء آخر.

فمع عظمة هذا الخلق – الذي يدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى – هناك شيء آخر: كيف يسير هذا الكون متناسقاً مع بعضه؟؟ ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ [الملك: 3]

كيف يسوق الله تعالى أرزاق هذه الكائنات من بذور وأوراق وثمار وكائنات دقيقة وكائنات بالغة الضخامة؟؟ كيف يدبر الله تعالى أمرها ويهيئ شؤونها؟؟

إننا لا نعلم عنها إلا أقل القليل – فتصور التدبير الإلهي على حقيقته غير ممكن – لكننا ننتفع من التفكر في جمال المخلوقات وجمال التدبير الإلهي وكماله أن نرسخ الإيمان العميق الذي يظهر في رضانا عن الله وعن تدبيره ويحسن من استقبالنا لأقداره جل جلاله.
التدبير الإلهي في السيرة: غزوة الأحزاب نموذجاً

الذي يعمل بصيرته في مسار أحداث التاريخ يرى لطف الله تعالى بالمسلمين وحسن تدبيره جل وعلا لهم مهما اشتد الكفار وازداد مكرهم وكيدهم.

ففي غزوة الأحزاب، اجتمعت الجموع لكي تهدم المدينة على رؤوس ساكنيها، بل لتمحوا الإسلام من خريطة الأديان وخريطة الكون كله. كانت جيوشاً كثيرة كفيلة بتحقيق هذه الغاية بالقوة – فميزان القوة معهم.

وقد أضيف عنصر جديد للقوة لم يكن في حسبانهم وهو خيانة اليهود الذين حالفوا رسول الله – ﷺ – من بداية دخوله للمدينة. وكان الأمر عسيراً؛ حصار من الخارج وخيانة من الداخل عرف المسلمون بها. كان وضعاً صعباً وصفه الحق سبحانه بقوله:

﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 10-11]
لطف التدبير الإلهي

لكن انظر إلى تدبير الله تعالى للمسلمين؛ فقد ألقى الله عز وجل الإسلام في قلب رجل اسمه نُعيم بن مسعود فأسلم سراً. وجاء إلى النبي – ﷺ- يعلنه بإسلامه ويعرفه أن هذا السر لم يصل لأحد.

قال له ﷺ: «إِنَّمَا أَنْتَ فِينَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، ‌فَخَذِّلْ ‌عَنَّا [فرّق بين القوم حتى يخذل بعضهم بعضا] إِنْ اسْتَطَعْت، فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ.»

استفاد نُعيم من صداقته للأحزاب واليهود فسعى إلى التفريق بينهم بجمل بسيطة منطقية يقبلها كل من له فكر. وقع الخلاف بين الكفار المحاصرين من الخارج واليهود الخائنين من الداخل.

وفي هذه الأجواء الملتبسة، أرسل الله تعالى ريحاً شديدة في ليلة مظلمة باردة؛ قلعت خيام الكفار وكفأت قدورهم وألقت الرعب في قلوبهم فانصرفوا كما قال سبحانه في وصف نتائج هذه الغزوة:

﴿ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ﴾ [الأحزاب: 25-27]

انظر إلى تدبير الله تعالى للمسلمين؛ كان نُعيم بن مسعود الذي ساقه الله تعالى لنبيه كافراً، فألقى الله عز وجل الإسلام في قلبه في هذا الظرف الحرج وبقي إسلامه سراً. وكانت كلماته التي وفّقه الله تعالى لحسن صياغتها، سبباً في إيقاع الفرقة والعداوة والبغضاء بين أعداء الإسلام.

كان من الممكن أن يبقى نعيم كافراً أو أن يسلم ويعلم الناس بإسلامه أو لا يوفق لهذه الكلمات، ولكن الله تعالى غالب على أمره يدبر لعباده بأسباب يدركونها أو تغيب عنهم.
عندما يخالف الواقع تدبيرك: الخيرة فيما اختاره الله

فإذا كان الواقع والتاريخ يخبرنا عن حسن تدبير الله تعالى للخلق، فهل يحزن أحدنا إذا تعلق قلبه بفتاة ورأى أنها مناسبة له وأنه لا يستطيع الحياة بدونها وقد بادلته نفس المشاعر لكن قدر الله تعالى ألا يلتقيان مع توافر الأسباب التي تؤهل لزواج ناجح؟

أو يسعى الإنسان لتحقيق معدل دراسي مرتفع يمكنه من الوصول إلى التخصص الذي يحبه أو يظن فيه أنه مصدر للوجاهة الاجتماعية والثروة لكنه لم يصل إلى هذا المعدل رغم ما بذله من أسباب؟

أو يحدد موعداً لشيء وبعد الاستعداد له ينتقل الموعد لوقت آخر أو يلغى أو يعجز عن الوصول في الوقت المناسب، فيحزن أشد الحزن فقد عقد آمالاً كبيرة على هذا اللقاء؟

أو غير ذلك مما يشغلنا ونجد أن الله تعالى دبر لنا أحسن التدبير فحجب عنا شروراً كثيرة عندما منعنا مما كنا نتمناه، وساقنا إلى مسار كان بعيداً عنا بل لم نفكر فيه أبداً.

ثم رأينا بعد التسليم لأمر الله والرضا بتدبيره أن اختيار الله تعالى لنا خير من اختيارنا لأنفسنا. لكننا لن نصل إلى هذه النتيجة إلا إذا رضينا بقدر الله تعالى لنا رضاً تاماً يظهر في قلوبنا وعلى ألسنتنا. عند ذلك ندرك كم لطف الله تعالى بنا وحفظنا من الشر، وندرك كم كانت نظرتنا قاصرة محدودة ما خفي عنها أكبر بكثير مما تعرف، ولذلك كان تدبيرها قاصراً كقصور البشر.
التوازن بين التدبير البشري والتوكل على الله

لكن هل يعني ذلك أن نتوقف عن التفكير والتدبير ودراسة مواقفنا والتطلع لمستقبل أفضل ووضع الخطط التي تقربنا من أهدافنا الدينية والدنيوية؟ لأن تدبير الله تعالى لنا خير من تدبيرنا فعلينا أن نتوقف عن التدبير ولا نحرك ساكناً!

بالطبع لا.

إن عدم التخطيط للنجاح هو تخطيط للفشل. والنية التي تعني تحديد القصد من العمل، هذا التحديد هو جزء من التدبير، وعمل بلا نية منزوع البركة. فانظر كيف ارتبط التدبير بالعمل الصالح الذي ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة.

وفي سير الأنبياء ما يرشدنا إلى أهميةالأخذ بالأسباب والتدبير والتفكير في الحاضر والمستقبل.

ففي غزوة الأحزاب التي رأينا فيها تدبير الله تعالى للمسلمين، هذا التدبير الذي حمى الله تعالى فيه نبيه ودينه والمسلمين وأعاد الكفار خاسئين مدحورين لم ينالوا خيرا كما قال سبحانه: ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا﴾ [الأحزاب: 27] مع يقين النبي – ﷺ – التام أن الله تعالى معه يدبر له ويصونه ويحفظه، كان ﷺ يقوم بجهده؛ يدبر حسب ما وصل إليه علمه.

فقد استشار أصحابه حين علم بقدوم الكفار فأشاروا عليه بالخندق، فحفر الصحابة بجد وجهد. وكانت هذه استراتيجية حربية لم تعرفها العرب من قبل، وظل المسلمون على يقظتهم يتحسسون عروق الخيانة وينظرون إلى عدوهم في الجهة الأخرى من الخندق يراقبونه.

وهكذا كانت سائر أعماله – ﷺ – فيها تدبير وعمل، ويقين بحسن تدبير الله تعالى.
خلاصة: ارضَ بتدبير الله

إذا دخلت في مكان، اسأل الله تعالى أن يدبر أمرك فيسخر لك خيار خلقه الذين يدلونك على الخير ويعينونك عليه.
إذا أغلق الله تعالى باباً بحكمته، سيفتح أبواباً برحمته.
الخيرة فيما اختاره الله لك قال الله تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]. قد ترى ذلك مباشرة، وقد تراه بعد سنين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.28 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]