|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() يوم يكشف عن ساق (سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها "13") د. زياد بن حمد العامر ï´؟ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ï´¾ [القلم: 42] وفيه ثلاثة مطالب: المطلب الأول: بيان وجه الإشكال في الآية. المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال. المطلب الثالث: الترجيح. ♦ ♦ ♦ ♦ المطلب الأول: بيان وجه الإشكال في الآية: ï´؟ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ï´¾ [القلم: 42]. يتمثَّل وجْهُ توهُّم الإشكال في هذه الآية في قوله تعالى: ï´؟ عَنْ سَاقٍ ï´¾، فهل تُعَدُّ هذه الآية من نصوص الصفات، وبِناءً على ذلك تُثبت صفة الساق لله؟ استنباطًا من هذه الآية، أم أن هذه الآية لا تُعَدُّ من نصوص الصفات، وعلى ذلك لا يكون فيها دلالة على إثبات صفة الساق لله، وهل الخلاف في هذه الآية يعتبر من التأويل المذموم لنصوص الصفات أم لا؟ وهل تصِحُّ دعوى المخالفين لأهل السنة في نسبة تأويل الصفات لمن لم يثبت صفة الساق لله من أهل السنة استنباطًا من هذه الآية؟ هذا ما أحاول بيانه في المسائل التالية بإذن الله، خصوصًا أن تعدُّد الأقوال في هذه الآية محكيٌّ منذ زمن الصحابة رضي الله عنهم؛ قال شيخ الإسلام: "قد طالعْتُ التفاسير المنقولة عن الصحابة وما رووه من الحديث، ووقفْتُ على أكثر من مائة تفسير، فلم أجِدْ إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنه تأوَّل شيئًا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف؛ بل عنهم من تقرير ذلك وتثبيته، إلَّا مثل قوله تعالى: ï´؟ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ï´¾، ومثل هذا ليس بتأويل؛ إنما التأويل صَرْفُ الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف"[1]. مع الإشارة إلى أنه ليس المقام هنا الكلام على ثبوت صفة الساق من عدمها؛ وإنما الكلام في دلالة آية القلم على صفة الساق من عدمها. المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال: لم يقع التنازع بين الصحابة والتابعين في شيء من نصوص الصفات إلَّا في هذه الآية [2]، وأمثالها [3]. والخلاف في هذه الآية محتمل؛ لأنه من المعلوم "أن قوله تعالى: ï´؟ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ï´¾ ليس نصًّا في أن الساق صفة لله تعالى؛ لأنه جاء مُنكَّرًا غير مُعَرَّف؛ فيكون قابلًا كونه صفةً، وكونه غير صفة، وتعيينُه لواحد من ذلك يتوقَّفُ على الدليل" [4]. وقد اختلف أهل العلم في دلالة هذه الآية على صفة الساق على قولين: القول الأول: أن هذه الآية تُعتبَر من نصوص الصفات، وبِناءً على ذلك فإنه تثبُت لله استنباطًا من هذه الآية صفةُ الساق على الوجه اللائق به سبحانه، ولا يماثل صفات المخلوقين، وممن قال بهذا القول: أبو سعيد الخُدْري [5]، وابن مسعود [6]، والبخاري [7]، وأبو يعلى [8]، وابن القيم [9]، والشوكاني [10]، والسعدي، وابن باز [11]، وابن عثيمين [12]، والألباني [13]، وغيرهم [14]، وذكره ابن تيمية احتمالًا [15]. قال السعدي: "إذا كان يوم القيامة، وانكشف فيه من القلاقل والزلازل والأهوال ما لا يدخل تحت الوهم، وأتى الباري لفصل القضاء بين عباده ومجازاتهم، فكشف عن ساقه الكريمة التي لا يُشبهها شيء، ورأى الخلائق من جلال الله وعظمته ما لا يمكن التعبير عنه، فحينئذٍ يدعون إلى السجود لله، فيسجد المؤمنون الذين كانوا يسجدون لله طوعًا واختيارًا، ويذهب الفُجَّار المنافقون ليسجدوا، فلا يقدرون على السجود"[16]. ومما استدلوا به: 1- ما ورد من التفسير المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم [17] في بيان معنى هذه الآية؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ((إذا جمع الله العباد في صعيد واحد، نادى منادٍ ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، فيلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، ويبقى الناس على حالهم، فيأتيهم فيقول: ما بال الناس ذهبوا وأنتم ها هنا، فيقولون: ننتظر إلهنا، فيقول: هل تعرفونه؟ فيقولون: إذا تعرف إلينا عرفناه، فيكشف لهم عن ساقه، فيقعون سجودًا، وذلك قول الله تعالى: ï´؟ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ï´¾ [القلم: 42]، ويبقى كل منافق فلا يستطيع أن يسجد، ثم يقودهم إلى الجنة" [18]. 2- مطابقة الآية لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل في وصف أحداث يوم القيامة عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه، قال: سمِعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاء وسُمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا))[19]؛ مما يدل على أن معنى الآية محمول على معنى الحديث [20]. وقد يُعترض على لفظة "ساقه" في هذا الحديث بأنها وردت بلفظ "ساق" بدون إضافة، قال ابن حجر بعد ذكره رواية "ساقه": "أخرجها الإسماعيلي كذلك، ثم قال في قوله: "عن ساقه": نُكْرَةً [21]. ثم أخرجه من طريق حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم بلفظ "يكشف عن ساق"، قال الإسماعيلي: هذه أصحُّ لموافقتها لفظ القرآن في الجملة، لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين تعالى الله عن ذلك، ليس كمثله شيء" [22]. والجواب على ذلك: 1- أن هذا اللفظ إضافة لرواية البخاري له، فقد رواه مسلم أيضًا في بعض نُسَخه؛ قال البيهقي بعد ذكره لرواية البخاري: "رواه البخاري في "الصحيح"، عن ابن بكير، ورواه عن آدم بن أبي إياس، عن الليث مختصرًا، وقال في الحديث: ((يكشف ربنا عن ساقه)). ورواه مسلم عن عيسى بن حماد، عن الليث كما رواه ابن بكير" [23]. 2- بما قال الألباني: "وإن كنت أرى من حيث الرواية أن لفظ "ساق" أصحُّ من لفظ "ساقه"، فإنه لا فرق بينهما عندي من حيث الدراية؛ لأن سياق الحديث يدلُّ على أن المعنى هو ساق الله تبارك وتعالى، وأصرح الروايات في ذلك رواية هشام عند الحاكم بلفظ: "هل بينكم وبين الله من آية تعرفونها؟ فيقولون: نعم الساق، فيكشف عن ساق. ...". قلت: فهذا صريح أو كالصريح بأن المعنى إنما هو ساق ذي الجلالة تبارك وتعالى، فالظاهر أن سعيد بن أبي هلال كان يرويه تارة بالمعنى حين كان يقول: "عن ساقه"، ولا بأس عليه من ذلك ما دام أنه أصاب الحق. وأن مما يؤكِّد صحة الحديث في الجملة ذلك الشاهد عن ابن مسعود الذي ذكره البيهقي مرفوعًا، وإن لم أكن وقفت عليه الآن مرفوعًا، وقد أخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" (ص 115)، من طريق أبي الزعراء قال: "ذكروا الدجال عند عبدالله، قال: تفترقون أيُّها الناس عند خروجه ثلاث فرق ... فذكر الحديث بطوله: وقال: ثم يتمثَّل الله للخلق، فيقول: هل تعرفون ربَّكم؟ فيقولون: سبحانه إذا اعترف لنا عرفناه فعند ذلك يكشف عن ساق، فلا يبقى مؤمن ولا مؤمنة إلا خرَّ لله ساجدًا". قلت: ورجاله ثقات، رجال الشيخين غير أبي الزعراء، واسمه عبدالله بن هانئ الأزدي، وقد وثَّقه ابن سعد، وابن حِبَّان، والعجلي، ولم يَرْوِ عنه غيرُ ابن أخته سلمة ابن كهيل. ووجدت للحديث شاهدًا آخر مرفوعًا وهو نصٌّ في الخلاف السابق في "الساق"، وإسناده قوي، فأحببت أن أسوقه إلى القُرَّاء لعزَّته وصراحته، وهو: ((إذا جمع الله العباد بصعيد واحد نادى مُنادٍ: يلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، ويبقى الناس على حالهم، فيأتيهم فيقول: ما بال الناس ذهبوا وأنتم ها هنا؟ فيقولون: ننتظر إلهنا، فيقول: هل تعرفونه؟ فيقولون: إذا تعرف إلينا عرفناه، فيكشف لهم عن ساقه، فيقعون سُجَّدًا، وذلك قول الله تعالى: ï´؟ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ï´¾ [القلم: 42]، ويبقى كل منافق، فلا يستطيع أن يسجد، ثم يقودهم إلى الجنة))" [24]. القول الثاني: أن هذه الآية لا تُعتبَر من نصوص الصفات، وبناء على ذلك فإنه لا تثبت صفة الساق لله من هذه الآية. ومما يحسن التنبيه عليه هنا أنه عند نسبة القول لأحد بنفي صفة الساق من هذه الآية، فإنه لا بد من التصريح بنفي صفة الساق من هذه الآية، ولا يكفي تفسيره الآية بالشدة أو النور، ونحو ذلك، وأكثر الذين نُسِب لهم هذا القول لم أقف على كلام صريح لهم في نفي صفة الساق من هذه الآية، وإنما الذي وقفت عليه - على تقدير ثبوته - هو تفسيرهم لهذه الآية بالكرب والشدة، أو النور العظيم، وهذا التفسير لا يلزم منه نفي دلالة الآية على صفة الساق؛ بل يمكن حمل الآية على المعنيين جميعًا. ويُنسَب هذا القول إلى ابن عباس [25]، ومجاهد [26]، وسعيد بن جبير [27]، وقتادة [28]، وعكرمة [29]، والحسن البصري [30]، والإسماعيلي [31]، وابن تيمية، والقول الثاني المتأخِّر لابن القيم [32]. قال ابن تيمية رحمه الله: "لا ريب أن ظاهر القرآن لا يدلُّ على أن هذه من الصفات، فإنه قال "يوم يكشف عن ساق"، ولم يضفها الله تعالى إلى نفسه، ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنها من الصفات إلا بدليل آخر، ومثل هذا ليس بتأويل؛ إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف" [33]. ومما استدلوا به: 1- ما روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قوله تعالى: ï´؟ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ï´¾ [القلم: 42]، قال: ((عن نور عظيم فيخرُّون له سُجَّدًا))[34]. 2- "أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات؛ فإنه قال: ï´؟ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ï´¾ [القلم: 42] ولم يضفها الله تعالى إلى نفسه، ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنها من الصفات إلا بدليل آخر، ومثل هذا ليس بتأويل؛ إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف" [35]. المطلب الثالث: الترجيح: بعد بيان الأقوال في المطلب السابق يظهر - والله أعلم - أن الأقرب للصواب هو القول بأن هذه الآية تعتبر من نصوص الصفات، وأنه يثبت منها صفة الساق لله سبحانه وتعالى. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |