أحاديث عن شر الخبيث - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الإسلام يدعو لحرية التملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ملخص من شرح كتاب الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2656 )           »          من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت فانتضح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في حديث إبراهيم عليه السلام من«صحيح البخار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3087 - عددالزوار : 336375 )           »          تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الأمثال الكامنة في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الإيمان بالقدر خيره وشره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الذكر بعد الوتر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-02-2022, 08:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,204
الدولة : Egypt
افتراضي أحاديث عن شر الخبيث

أحاديث عن شر الخبيث (1)








حسام بن عبدالعزيز الجبرين


الحمد لله المتُعالي عن الأنداد، المتُنزِّهِ عن الصاحِبةِ والأوْلاد، قَدَّرَ ما كان وما يكونُ من الضَّلال والرَشاد، وأشهد أنْ لا إِله إِلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له الملكُ الرَّحيمُ بالعباد، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسولهُ المبعوث إلى جميعِ الخلْق في كلِّ البلاد، صلَّى الله وسلم عليه وعلى جميع الآلِ والأصْحابِ والتابعينَ لهم بإحَسانٍ إلى يوم التَّنَاد، أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فمن اتقاه اطمأنت نفسه وطاب عيشه ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾[النحل: 97].



عباد الرحمن: الجنة ورضا الله أعظم مطلوب، و لكن الشيطان يسعى لحرماننا، والنار وسخط الرب أعظم مَرْهُوب، و ولكن الشيطان يسعى لإيقاعنا في هذا الخسران، ولذا شُرعت الاستعاذة بالله من الشيطان في مواضع كثيرة، وقد جاءت نصوص نبوية تدور حول عداوة الشيطان أعاذنا الله منه، فتعالوا نتذاكر بعض الأحاديث عن شر الخبيث!.



لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه العداوة المبكرة؛ ففي الحديث: "ما مِن مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِن نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ، إِلَّا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ. ثُمَّ قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: ﴿ وَإنِّي أُعِيذُهَا بكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [آل عمران: 36]؛ أخرجه الشيخان.



عباد الله: الشياطين تريد مشاركة الإنسان مبيته وطعامه ففي الحديث: " إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قالَ الشَّيْطَانُ: لا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وإذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ، وإذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قالَ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ وَالْعَشَاءَ". رواه مسلم.



وفي هذا إرشاد إلى التسمية عند الأكل وعند دخول البيت، وقد جاء في حديث آخر الإرشاد إلى أكل ما سقط وعدم تركه للشيطان؛ ففي الحديث: " إنَّ الشَّيْطانَ يَحْضُرُ أحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شيءٍ مِن شَأْنِهِ، حتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعامِهِ، فإذا سَقَطَتْ مِن أحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ، فَلْيُمِطْ ما كانَ بها مِن أذًى، ثُمَّ لِيَأْكُلْها، ولا يَدَعْها لِلشَّيْطانِ " رواه مسلم.



عباد الرحمن: الصلاة أعظمُ عبادةٍ بعد التوحيد ولذا يسعى الشيطان للتشويش على المصلي؛ جاء في صحيح مسلم: أنَّ عُثْمَانَ بنَ أَبِي العَاصِ، أَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ الشَّيْطَانَ قدْ حَالَ بَيْنِي وبيْنَ صَلَاتي وَقِرَاءَتي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ذَاكَ شيطَانٌ يُقَالُ له خَنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ باللَّهِ منه، وَاتْفِلْ علَى يَسَارِكَ ثَلَاثًا قالَ: فَفَعَلْتُ ذلكَ فأذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي ".



وفي حديث آخر: إِذَا نُودِيَ بالصَّلَاةِ أدْبَرَ الشَّيْطَانُ وله ضُرَاطٌ، فَإِذَا قُضِيَ أقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بهَا أدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ أقْبَلَ، حتَّى يَخْطِرَ بيْنَ الإنْسَانِ وقَلْبِهِ، فيَقولُ: اذْكُرْ كَذَا وكَذَا، حتَّى لا يَدْرِيَ أثَلَاثًا صَلَّى أمْ أرْبَعًا، فَإِذَا لَمْ يَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّى أوْ أرْبَعًا، سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ " أخرجه الشيخان.



والشياطين - إخوة الإيمان - تسعى للعداوة بين الناس وبالذات تفكيك الأسرة؛ ففي الحديث: " إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ علَى الماءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَراياهُ، فأدْناهُمْ منه مَنْزِلَةً أعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: فَعَلْتُ كَذا وكَذا، فيَقولُ: ما صَنَعْتَ شيئًا، قالَ ثُمَّ يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: ما تَرَكْتُهُ حتَّى فَرَّقْتُ بيْنَهُ وبيْنَ امْرَأَتِهِ، قالَ: فيُدْنِيهِ منه ويقولُ: نِعْمَ أنْتَ." رواه مسلم، وفي حديث آخر: " إنَّ الشَّيْطانَ قدْ أيِسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِنْ في التَّحْرِيشِ بيْنَهُمْ " رواه مسلم.



فلنحذر هذا العدو الملازم ففي الحديث الصحيح" ما منْكُم مِن أحدٍ، إلَّا وقد وُكِّلَ بهِ قرينُه من الجِنِّ، وقرينُه من الملائكَةِ. قالُوا: وإيَّاكَ؟ قالَ: وإيَّايَ، إلَّا إنَّ اللهَ أعانَنِي عليهِ فأسلَمَ، فلا يأمرُني إلَّا بخَيرٍ". (مسلم).



اللهم إنا نعوذ بك من شر الشيطان وشركه، اللهم أعذنا من اتباع خطواته، واستغفروا الله إنه كان غفارا.



الخطبة الثانية

الحمد لله القائل: ﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76] وصلى الله وسلم على نبيه الذي أرشدنا وعلمنا ما يحفظنا من الشياطين وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

عباد الله: فالغضب من الشيطان؛ "اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ أَحَدُهُما يَغْضَبُ وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ، فَنَظَرَ إلَيْهِ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: إنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لو قالَهَا لَذَهَبَ ذَا عنْه: أَعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " رواه مسلم. وكم من مصائبٍ جر إليها الغضب!.



إخوة الإيمان: والشيطان لا يدع حتى النائم! فإنه إن استطاع، آذاه في منامه بالأحلام المزعجة؛ ففي الحديث: " الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، والحُلْمُ مِنَ الشَّيْطانِ، فإذا حَلَمَ فَلْيَتَعَوَّذْ منه، ولْيَبْصُقْ عن شِمالِهِ، فإنَّها لا تَضُرُّهُ " أخرجه الشيخان. والشيطان يسعى لصرف النائم عن الصلاة قال عليه الصلاة والسلام: " يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ ". أخرجه الشيخان.



أيها المؤمنون: الشيطان كيده خطير ولكنه ضعيف يدفعه قوة الإيمان والتوكل على الله، ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [النحل: 99] والاستعاذة بالله وذكر الله عموما يطرده، وصح في السنة أحاديث كثيرة يحفظ الله عبده بها من الشيطان؛ كحديث: « مَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ. في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ... وفيه: « وكانَتْ له حِرْزًا مِنَ الشَّيْطانِ، يَومَهُ ذلكَ حتَّى يُمْسِيَ »؛ أخرجه الشيخان.



وكحديث: " إذا خرجَ الرَّجلُ من بيتِهِ فقالَ: (بِسمِ اللهِ، توكَّلتُ على اللهِ، لا حَولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ)؛ يُقالُ لهُ: حَسبُك، هُدِيتَ وكُفِيتَ ووُقِيتَ، وتَنحَّى عَنهُ الشَّيطانُ ". صححه الألباني.



وكحديث: " لا تَجعَلوا بُيوتَكم مَقابرَ؛ فإنَّ الشَّيطانَ يَفِرُّ مِن البَيتِ الَّذي تُقرَأُ فيه البَقَرةُ " أخرجه مسلم.



وكذا آية الكرسي عند النوم والتسمية عند الأكل والشراب وعند دخول البيت وعند دخول الخلاء وعند الجماع. فكل ذلك مما يحفظ به اللهُ عبدَه من الشيطان كما صح في الأحاديث.



ختامًا: الشيطان يترصد ويتحيّن الفرصة في يقظتنا ومنامنا، عند طعامنا وشرابنا، وفي صلاتنا وعباداتنا، وفي علاقاتنا و تعاملاتنا؛ فلنستعن بالقادر عليه سبحانه بذكر الله وتقوية الإيمان والاستعاذة من الشيطان.




وحذار أن يكون هو منشغل بنا ونحن مشغولون عنه!



ثم صلوا وسلموا..





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14-02-2022, 08:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,204
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحاديث عن شر الخبيث

أحاديث عن شر الخبيث (1)












حسام بن عبدالعزيز الجبرين










الحمدُ لله الَّذي لا مانعَ لما وَهَب، ولا مُعْطيَ لما سَلَب، طاعتُهُ أفْضلُ مُكْتَسب، وأشهَدُ أن لا إِله إلاَّ الله وَحْدهُ لا شريكَ لَهُ هزَمَ الأحْزَابَ وَغَلَب، وأشْهَدُ أن محمدًا عبدهُ وَرَسُولهُ المصطفى المنتخب، صلَّى الله وسلم عَلَيْهِ وعلى أصحابه والتَّابِعين لهم بإحْسَانٍ ما أشرق نجم وغرب، أما بعد:

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإنها الوصية الإلهية للسابقين واللاحقين: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ ﴾ [النساء: 131].



عباد الرحمن، مع يقيننا بأهمية العمل الصالح إلا أننا نفرِّط كثيرًا، ومع وخطورة العمل الطالح إلا أننا نقع فيه ونحن بين مقلٍّ ومستكثرٍ، ولا شك أن من أعظم أسباب ذلك: الشيطان، ولذا نجد كثرة تحذير الله لنا منه في القرآن وبيان عداوته، ونجد في السنة أحاديث كثيرة تؤكد هذا المعنى وتفصِّل بعض أعمال الشيطان، وما ذاك إلا لنحذره ونتخذه عدوًّا ونتحرز منه بذكر الله، فتعالوا نتذاكر بعض ما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم من شر الشيطان.



إخوة الإيمان، الشيطان يحاول الوسوسة في جانب الاعتقاد والإيمان، فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم وأعطانا الدواء لذلك، ففي الصحيحين مرفوعًا: "يَأْتي الشَّيْطَانُ أحَدَكُمْ فيَقولُ: مَن خَلَقَ كَذَا، مَن خَلَقَ كَذَا، حتَّى يَقُولَ: مَن خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ باللَّهِ ولْيَنْتَهِ"، إذًا يستعيذ العبد بالله من الشيطان، ويقطع هذا الهاجس ولا يسترسل معه، ويقول: "آمنتُ باللهِ ورسلِه"؛ (رواه أحمد).



والصلاة عبادة عظيمة وللشيطان فيها كيد للمؤمنين، تقول عائشةُ رضي الله عنها: سَأَلْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الِالْتِفَاتِ في الصَّلَاةِ؟ فَقالَ: هو اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِن صَلَاةِ العَبْدِ؛ أخرجه البخاري.



والاختِلاسُ هو الأخْذُ والخطْفُ بسرعةٍ، وذلك لِيَشْغَلَ المصلي عن الخُشوعِ والخُضوعِ فيها، فيَنقُصَ أجرُه وثَوابُه، ورُبَّما أدَّى به إلى ما هو أكثَرُ مِن ذلك، فتَبطُلُ صَلاتُه كُلُّها، وفي هذا إشارةٌ إلى النَّهيِ عن الالْتِفاتِ في الصَّلاةِ. وفي شأن الصلاة أيضا ما روى أحمد وأبو داود والنسائي مرفوعًا: "رُصُّوا صفوفَكُم وقاربوا بينَها وَحاذوا بالأعناقِ، فَوالَّذي نَفسي بيدِهِ إنِّي لأرَى الشَّيطانَ يَدخلُ من خللِ الصَّفِّ كأنَّها الحذَفُ"؛ صححه الألباني، والحذَف: صغار الغنم.



والشيطان يفر من الأذان، أخرج مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما مرفوعًا: "إنَّ الشَّيْطَانَ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بالصَّلَاةِ ذَهَبَ حتَّى يَكونَ مَكانَ الرَّوْحَاءِ، قالَ سُلَيْمَانُ: فَسَأَلْتُهُ عَنِ الرَّوْحَاءِ فَقالَ: هي مِنَ المَدِينَةِ سِتَّةٌ وثَلَاثُونَ مِيلًا؛ لأن هدَف الشَّيطانِ هو إغواء الناسِ وصدَّهم عن سبيلِ الله وعن توحيدِه، والأذانُ والإقامةُ أشدَّ شَيءٍ عليه، لِمَا اشتَمَلَا عليه من الدُّعاء بالتوحيدِ، وإظهارِ شِعارِ الإسلامِ.



والشيطان - حماك الله - يريد مشاركتك في طعامك؛ أخرج مسلم في صحيحه عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كُنَّا إذَا حَضَرْنَا مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ طَعَامًا لَمْ نَضَعْ أَيْدِيَنَا حتَّى يَبْدَأَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَيَضَعَ يَدَهُ، وإنَّا حَضَرْنَا معهُ مَرَّةً طَعَامًا، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأنَّهَا تُدْفَعُ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا في الطَّعَامِ، فأخَذَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بيَدِهَا، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأنَّما يُدْفَعُ فأخَذَ بيَدِهِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لا يُذْكَرَ اسْمُ اللهِ عليه، وإنَّه جَاءَ بهذِه الجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بهَا فأخَذْتُ بيَدِهَا، فَجَاءَ بهذا الأعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ به فأخَذْتُ بيَدِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، إنَّ يَدَهُ في يَدِي مع يَدِهَا.



وفي هذا أهمية التَّسمية عند الأكل، وفيه: استظهارُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على الشَّيطانِ وقَهرُه له.



وفي أول الليل تنتشر الشياطين، ولذا أُمرنا بمنع الأطفال أول الليل عن الخروج ففي الحديث: "إذا كانَ جُنْحُ اللَّيْلِ، أوْ أمْسَيْتُمْ، فَكُفُّوا صِبْيانَكُمْ، فإنَّ الشَّياطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فإذا ذَهَبَ ساعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ، فأغْلِقُوا الأبْوابَ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَفْتَحُ بابًا مُغْلَقًا، وأَوْكُوا قِرَبَكُمْ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، ولو أنْ تَعْرُضُوا عليها شيئًا، وأَطْفِئُوا مَصابِيحَكُمْ؛ أخرجه الشيخان.



قيل في علَّة ذلك أن الصبيان لا يتحرزون غالبًا بالأذكار، وقيل: لأن النجاسة التي تلوذ بها الشياطين لا تخلو منهم غالبًا والله أعلم.



اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين وشرِّهم، واستغفروا الله إنه كان غفارًا.



الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبيه وعبده وعلى آله وصحبه؛ أما بعد:

فالشَّيطانُ مُنذُ الأزَلِ عدُوٌّ للإنسانِ، يَفعَلُ فيه بالوَساوسِ ما يَجعَلُه يتَّهِمُ الآخرينَ دونَ بيِّنةٍ، ولذلك كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يُحذِّرَ أصحابَهُ رَضيَ اللهُ عنهُمْ مِن وَساوسِ الشَّيطانِ؛ كما في حديث: "علَى رِسْلِكُما إنَّهَا صَفِيَّةُ بنْتُ حُيَيٍّ، فَقالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وإنِّي خَشِيتُ أنْ يَقْذِفَ في قُلُوبِكُما سُوءًا، أوْ قالَ: شيئًا"؛ أخرجه البخاري.



عباد الله، لقدْ قعَدَ الشَّيطانُ للإنسانِ في كلِّ طَريقٍ؛ ليَحولَ بيْنَه وبيْن طاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، والقِيامِ بما أُمِرَ به، لا سيَّما الصَّلاةِ التي هي عِمادُ الدِّينِ، ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ذُكِرَ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ، فقِيلَ: ما زَالَ نَائِمًا حتَّى أَصْبَحَ، ما قَامَ إلى الصَّلَاةِ، فَقالَ: بَالَ الشَّيْطَانُ في أُذُنِهِ"، وفي صحيح مسلم مرفوعًا: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِن مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ فإنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ علَى خَيَاشِيمِهِ"، وبنحوه عند البخاري، قال ابن حجر: "ظاهر الحديث أن هذا يقع لكل نائم ويحتمل أن يكون مخصوصًا بمن لم يحترس من الشيطان بشيءٍ من الذكر...".



عبد الله، حذار أن يضحك منك الشيطان، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري: "إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العُطاسَ، ويَكْرَهُ التَّثاؤُبَ، فإذا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَحَقٌّ علَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أنْ يُشَمِّتَهُ، وأَمَّا التَّثاؤُبُ: فإنَّما هو مِنَ الشَّيْطانِ، فَلْيَرُدَّهُ ما اسْتَطاعَ، فإذا قالَ: ها، ضَحِكَ منه الشَّيْطانُ".




قيل في ذلك: إن الإنسان إذا عطَسَ نَشِطَ، واللهُ سبحانه وتعالى يُحبُّ الإنسانَ النَّشيطَ الجادَّ، والتَّثاؤبُ إنَّما يَكونُ مع ثِقلِ البدنِ وامتلائِه ومَيلِه إلى الكسلِ، ولأجلِ ذلك المعنى صار العُطاسُ مَحمودًا يُحبُّه الله، والتَّثاؤبُ مذمومًا يكرهُه اللهُ تعالى؛ لأنَّ العُطاسَ يُعينُ على الطَّاعاتِ، والتثاؤبَ يُثبِّطُ عَن الخَيراتِ وقضاءِ الواجباتِ.



ختامًا:


الشيطان يترصد ويتحيَّن الفرصة في يقظتنا ومنامنا، عند طعامنا وشرابنا، وفي صلاتنا وعباداتنا، وفي علاقاتنا وتعاملاتنا، فلنستعِنْ بالقادر عليه سبحانه بذكر الله وقوة الإيمان والاستعاذة من الشيطان، ثم صلوا وسلموا...







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.91 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (3.23%)]