معنى اسم الله الحكيم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الإسلام يدعو لحرية التملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ملخص من شرح كتاب الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2657 )           »          من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت فانتضح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في حديث إبراهيم عليه السلام من«صحيح البخار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3087 - عددالزوار : 336388 )           »          تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الأمثال الكامنة في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الإيمان بالقدر خيره وشره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الذكر بعد الوتر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 15-01-2021, 09:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,204
الدولة : Egypt
افتراضي معنى اسم الله الحكيم

معنى اسم الله الحكيم


الشيخ وحيد عبدالسلام بالي


واسم الله الحكم


الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاِسْمَيِ (الحَكِيمُ وَالحَكَمُ)[1]:
الحَكِيمُ فِي اللُّغَةِ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، فِعْلُهُ حَكَمَ يَحْكُمُ حُكْمًا وَحُكُومَةً، وَالحَكِيمُ يَأَتِي عَلَى عِدَّةِ مَعَانٍ؛ مِنْهَا الإِحَاطَةُ وَالمَنْعُ، فَحَكَمَ الشَيءَ يَعْنِي مَنَعَهُ وَسَيْطَرَ عَلَيْهِ وَأَحَاطَ بِهِ، وَمِنْهَا حَكَمَةُ اللِّجَامِ وَهِيَ الحَدِيدَةُ المَانِعَةُ لِلدَّابَّةِ عَنِ الخُرُوجِ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُ حَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه:
فَنَحْكُمُ بِالقَوَافِي مَنْ هَجَانَا ♦♦♦ وَنَضْرِبُ حِينَ تَخْتَلِطُ الدِّمَاءُ[2]

أَيْ نَمْنَعُ بِالقَوَافِي مَنْ هَجَانَا، وَقَوْلُ الآَخَرِ:
أَبَنِي حَنِيفَةَ حَكِّمُوا سُفَهَاءَكُمْ ♦♦♦ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُو أَنْ أَغْضَبَا[3]

أَيِ: امْنَعوا سُفَهَاءَكُم، وَيَأْتِي الحَكِيمُ عَلَى مَعْنَى المُدَقِّقِ فِي الأُمُورِ المُتْقِنِ لِهَا، فَالحَكِيمُ هُوَ الذِي يُحْكِمُ الأَشْيَاءَ وَيُحْسِنُ دَقَائِقَ الصِّنَاعَاتِ وَيُتْقِنُهَا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ حَكِيمًا قَدْ أَحْكَمَتْهُ التَّجَاربُ[4].

وَالحَكِيمُ أَيْضًا هُوَ الذِي يُحْكِمُ الأَمْرَ وَيَقْضِي فِيهِ وَيَفْصِلُ دَقَائِقَهُ وَيُبَيِّنُ أَسْبَابَهُ وَنَتَائِجَهُ، فَالحَكِيمُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى حَاكِمٍ مِثْلَ قَدِيرٍ بِمَعْنَى قَادِرٍ وَعَلِيمٍ بِمَعْنَى عَالِمٍ، وَاسْتَحْكَمَ الرُّجُلُ إِذَا تَنَاهَى عَمَّا يَضُرُّهُ فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ[5].

وَالحَكِيمُ سُبْحَانَهُ هُوَ المُتَّصِفُ بِحِكْمَةٍ حَقِيقِيَّةٍ عَائِدَةٍ إِلَيْهِ وَقَائِمَةٍ بِهِ كَسَائِرِ صِفَاتِهِ وَالتِي مِنْ أَجَلِهَا خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، وَأَسْعَدَ وَأَشْقَى، وَأَضَلَّ وَهَدَى، وَمَنَعَ وَأَعْطَى، فَهُوَ المُحْكِمُ لِخَلْقِ الأَشْيَاءِ عَلَى مُقْتَضَى حِكْمَتِهِ، وَهُوَ الحَكِيمُ فِي كُلِّ مَا فَعَلَهُ وَخَلَقَهُ، حِكْمَةً تَامَّةً اقْتَضَتْ صُدُورَ هَذَا الخَلْقِ، وَنَتَجَ عَنْهَا ارْتِبَاطُ المَعْلُولِ بِعِلَّتِهِ وَالسَّبَبِ بِنَتِيجَتِهِ، وَتَيْسِيرَ كُلِّ مَخْلُوقٍ لِغَايَتِهِ، وَإِذَا كَانَ اللهُ عز وجل يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ لَهُ قَضَاءٌ، مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، إِلَّا أَنَّهُ الحَكِيمُ الذِي يَضَعُ الأَشْيَاءَ فِي مَوَاضِعِهَا، وَيَعْلَمُ خَوَاصَّهَا وَمَنَافِعَهَا، وَيُرَتِّبُ أَسْبَابَهَا وَنَتَائِجَهَا[6].

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: "الحَكِيمُ مِنْ أَسْمَائِهِ الحُسْنَى، وَالحِكْمَةُ مِنْ صِفَاتِهِ العُلَى، وَالشَّرِيعَةُ الصَّادِرَةُ عَنْ أَمْرِهِ مَبْنَاهَا عَلَى الحِكْمَةِ، وَالرَّسُولُ المَبْعُوثُ بِهَا مَبْعُوثٌ بِالكِتَابِ وَالحِكْمَةِ، وَالحِكْمَةُ هِيَ سُنَّةُ الرَّسُولِ وَهِيَ تَتَضَمَّنُ العِلْمَ بِالحَقِّ وَالعَمَلَ بِهِ وَالخَبَرَ عَنْهُ وَالأَمْرَ بِهِ، فَكُلُّ هَذَا يُسَمَّى حِكْمَةً، وَفِي الأَثَرِ الحِكْمَةُ ضَالَّةُ المُؤْمِنِ، وَفِى الحَدِيثِ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةٌ، فَكَمَا لَا يَخْرُجُ مَقْدُورٌ عَنْ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ فَهَكَذَا لَا يَخْرُجُ عَنْ حِكْمَتِهِ وَحَمْدِهِ، وَهُوَ مَحْمُودٌ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي الكَوْنِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ حَمْدًا اسْتَحَقَّهُ لِذَاتِهِ وَصَدَرَ عَنْهُ خَلْقُهُ وَأَمْرُهُ، فَمَصْدَرُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَنِ الحِكْمَةِ"[7].

الحَكَمُ: بِفَتْحَتَيْنِ هُوَ الحَاكِمُ، وَهُوَ الذِي يَحْكُمُ وَيَفْصِلُ فِي سَائِرِ الأُمُورِ.

وَالحَكَمُ سُبْحَانَهُ هُوَ الذِي يَحْكُمُ فِي خَلْقِهِ كَمَا أَرَادَ، إِمَّا إِلْزَامًا لَا يُرَدُّ وَإِمَّا تَكْلِيفًا عَلَى وَجْهِ الابْتِلاَءِ لِلعِبَادِ، فَحُكْمُهُ فِي خَلْقِهِ نَوْعَانِ:
أَوَّلًا: حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالتَّدْبِيرِ الكَوْنِيِّ وَهُوَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالمَشِيئَةِ، وَمَشِيئَةُ اللهِ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالمَعْنَى الكَوْنِيِّ، فَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَمِنْ ثَمَّ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَلَا غَالِبَ لِأَمْرِهِ وَلَا رَادَّ لِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وَمِنْ هَذَا الحُكْمِ مَا وَرَدَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد: 41]، وَكَذَلِكَ قَوْلِهِ: ﴿ قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 112]، أَيِ: افْعَلْ مَا تَنْصُرُ بِهِ عِبَادَكَ، وَتَخْذُلُ بِهِ أَعْدَاءَكَ.

ثَانِيًا: حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالتَّدْبِيرِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ حُكْمٌ تَكْلِيفِيٌّ دِينِيٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثَوَابٌ وَعِقَابٌ وَمَوْقِفُ المُكَلَّفِينَ يَوْمَ الحِسَابِ، وَمِثَالُهُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴾ [المائدة: 1]، وَمِثَالُ الحُكْمِ الشَّرْعِيِّ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 10]، وَقَوْلُهُ: ﴿ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 43].

قَالَ القُرْطُبِيُّ: "فَالحَكَمُ مَنْ لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ تَنْفِيذُ القَضَايَا، وَإِمْضَاءُ الأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَذَلِكَ بِالحَقِيقَةِ هُوَ اللهُ تَعَالَى، فَهَذَا الاسْمُ يَرْجِعُ تَارَةً إِلَى مَعْنَى الإِرَادَةِ، وَتَارَةً إِلَى مَعْنَى الكَلاَمِ، وَتَارَةً إِلَى الفِعْلِ، فَأَمَّا رُجُوعُهُ إِلَى الإِرَادَةِ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى حَكَمَ فِي الأَزَلِ بِمَا اقْتَضَتْهُ إِرَادَتُهُ، وَنَفَذَ القَضَاءُ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، يَجْرِي القَلَمُ فِيهِ عَلَى وِفَاقِ حُكْمِ اللهِ، ثُمَّ جَرتِ الأَقْدَارُ فِي الوُجُودِ بِالخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالعُرْفِ وَالنُّكْرِ عَلَى وِفَاقِ القَضَاءِ وَالحُكْمِ، وَإِذَا كَانَ رَاجِعًا إِلَى مَعْنَى الكَلاَمِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ المُبَيِّنُ لِعِبَادِهِ فِي كِتَابِهِ مَا يُطَالِبُهُمْ بِهِ مِنْ أَحْكَامِهِ، كَمَا يُقَالُ لِمَنْ يُبَيِّنُ لِلنَّاسِ الأَحْكَامَ وَيَنْهَجُ لَهُمْ مَعَانِي الحَلَالِ وَالحَرَامِ: حَكَمٌ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَكُونُ فِي الوُجُودِ حَكَمٌ إِلَّا كِتَابُهُ، فَعِنْدَهُ يُوقَفُ إِذْ هُوَ الحَكَمُ العَدْلُ، وَإِذَا كَانَ رَاجِعًا إِلَى الفِعْلِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ الحَكَمُ الذِي يُنْفِذُ أَحْكَامَهُ فِي عِبَادِهِ بِإِشْقَائِهِ إِيَّاهُمْ وَإِسْعَادِهِ، وَتَقْرِيبِهِ إِيَّاهُمْ وَإِبْعَادِهِ، عَلَى وِفْقِ مُرَادِهِ"[8].

وُرُودُهُ فِي القُرآنِ الكَرِيمِ[9]:
وَرَدَ اسْمُهُ (الحَكَمُ) فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا ﴾ [الأنعام: 114].

وَوَرَدَ (الحَاكِمُ) بِصِيغَةِ الجَمْعِ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْهَا:
قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾ [الأعراف: 87].
قَوْلُهُ: ﴿ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ﴾ [هود: 45].
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾ [التين: 8].

وَأَمَّا الاسْمُ (الحَكِيمُ) فَقَدْ وَرَدَ أَرْبَعًا وَتِسْعِينَ مَرَّةً مِنْهَا:
قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 228]، [البقرة: 240].
قَوْلُهُ: ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النساء: 26].
قَوْلُهُ: ﴿ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 18]، [الأنعام: 73].

قَوْلُهُ: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 10].
قَوْلُهُ: ﴿ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [الشورى: 51].
قَوْلُهُ: ﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 130].

المَعْنَى فِي حَقِّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا ﴾ [الأنعام: 114]: "قُلْ: فَلَيْسَ لِي أَنْ أَتَعَدَّى حُكْمَهُ وَأَتَجَاوَزَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَكَمَ أَعْدَلَ مِنْهُ، وَلَا قَائِلَ أَصْدَقَ مِنْهُ"[10].
قَالَ القُرْطُبِيُّ: "وَالمَعْنَى أَفَغَيْرَ اللهِ أَطْلُبُ لَكُمْ حَاكِمًا"[11].

وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: "الحَكَمُ الحَاكِمُ وَمِنْهُ المَثَلُ: (فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الحَكَمُ)؛ وَحَقِيقَتُهُ هُوَ الذِي سَلِمَ لَهُ الحُكْمُ وَرُدَّ إِلَيْهِ فِيهِ الأَمْرُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88]، وَقَوْلِهِ: ﴿ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ [الزمر: 46]"[12].

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: "وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾ [التين: 8]؛ أَيْ: أَمَا هُوَ أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ الذِي لَا يَجُورُ وَلَا يَظْلِمُ أَحَدًا"[13].
وَقَالَ الحُلَيمِيُّ: "مَعْنَى (الحَكَمِ): وَهُوَ الذِي إِلَيْهِ الحُكْمُ، وَأَصْلُ الحُكْمِ مَنْعُ الفَسَادِ، وَشَرَائِعُ اللهِ تَعَالَى كُلُّهَا اسْتِصْلَاحُ العِبَادِ"[14].

أَيُّهُمَا أَبْلَغُ (الحَكَمُ) أَمْ (الحَاكِمُ):
"قِيلَ إِنَّ الحَكَمَ أَبْلَغُ مِنَ الحَاكِمِ؛ إِذْ لَا يَسْتَحِقُّ التَّسْمِيَةَ بِحَكَمٍ إِلَّا مَنْ يَحْكُمُ بِالحَقِّ؛ لِأَنَّهَا صِفَةُ تَعْظِيمٍ فِي مَدْحٍ، وَالحَاكِمُ جَارِيَةٌ عَلَى الفِعْلِ، فَقَدْ يُسَمَّي بِهَا مَنْ يَحْكُمُ بِغَيْرِ الحَقِّ"[15] اهـ.

قَالَ الرَّاغِبُ الأَصْفَهَانِيُّ رحمه الله: "وَيُقَالُ حَاكِمٌ وَحُكَّامٌ لِمَنْ يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ﴾ [البقرة: 188]، وَالحَكَمُ المُتَخَصِّصُ بِذَلِكَ فَهُوَ أَبْلَغُ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا ﴾ [الأنعام: 114]، وَقَالَ عز وجل: ﴿ فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 35]"[16] اهـ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ مَا يُفِيدُ كَرَاهَةَ التَّكَنِّي بِالحَكَمِ[17].

وَأَمَّا عَنْ مَعْنَى (الحَكِيمِ):
فَقَدْ قَالَ الزَّجَّاجُ: "الحَكِيمُ مِنَ الرِّجَالِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعِيلًا فِي مَعْنَى فَاعِلٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى مُفْعِلٍ، وَاللهُ حَاكِمٌ وَحَكِيمٌ.

وَالأَشْبَهُ أَنْ تَحْمِلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَعْنًى غَيْرِ مَعْنَى الآخَرِ، لِيَكُونَ أَكْثَرَ فَائِدَةً، فَحَكِيمٌ بِمَعْنَى مُحْكِمٌ وَاللهُ تَعَالَى مُحْكِمٌ لِلْأَشْيَاءِ، مُتْقِنٌ لَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [النمل: 88]"[18] اهـ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: "(الحَكِيمُ) الذِي لَا يَدْخُلُ تَدْبِيرَهُ خَلَلٌ وَلَا زَلَلٌ".
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: "حَكِيمٌ فِيمَا قَضَى بَيْنَ عِبَادِهِ مِنْ قَضَايَاه"[19].
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: "الحَكِيمُ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ فَيَضَعُ الأَشْيَاءَ فِي مَحَالِّهَا بِحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ"[20].

وَقَالَ الحُلَيْمِيُّ: "(الحَكِيمُ) وَمَعْنَاهُ الذِي لَا يَقُولُ وَلَا يَفْعَلُ إِلَّا الصَّوَابَ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُوصَفَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَهُ سَدِيدَةٌ، وَصُنْعَهُ مُتْقَنٌ وَلَا يَظْهَرُ الفِعْلُ المُتْقَنُ السَّدِيدُ إِلَّا مِنْ حَكِيمٍ، كَمَا لَا يَظْهَرُ الفِعْلُ عَلَى وَجْهِ الاخْتِيَارِ إِلَّا مِنْ حَيٍّ عَالِمٍ قَدِيرٍ"[21].

وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ القَيِّمِ الكَلَامَ عَلَى اسْمِهِ (الحَكِيمِ) فِي النُّونِيَّةِ، فَقَدْ قَالَ:
وَهُوَ الحَكِيمُ وَذَاكَ مِنْ أَوْصَافِه
نَوْعَانِ أَيْضًا مَا هُمَا عَدَمَانِ

حُكْمٌ وَأَحْكَامٌ فَكُلٌّ مِنْهُمَا
نَوْعَانِ أَيْضًا ثَابِتَا البُرْهَانِ

وَالحُكْمُ شَرْعِيٌّ وَكَوْنِيٌّ وَلَا
يَتَلَازَمَانِ وَمَا هُمَا سِيَّانِ

بَلْ ذَاكَ يُوجَدُ دُونَ هَذَا مُفْرَدًا
وَالعَكُسُ أَيْضًا ثُمَّ يَجْتَمِعَانِ

لَنْ يَخْلُوَ المَرْبُوبُ مِنْ إحْدَاهِمَا
أَوْ مِنْهُمَا بَلْ لَيْسَ يَنْتَفِيَانِ

لَكِنَّمَا الشَّرْعِيُّ مَحْبُوبٌ لَهُ
أَبَدًا وَلَنْ يَخْلُو مِنَ الأَكْوَانِ

هُوَ أَمْرُهُ الدِّينِيُّ جَاءَتْ رُسْلُهُ
بِقِيَامِهِ فِي سَائِرِ الأَزْمَانِ

لَكِنَّمَا الكَوْنِيُّ فَهُوَ قَضَاؤُهُ
فِي خَلْقِهِ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ

هُوَ كُلُّهُ حَقٌّ وَعَدْلٌ ذُو رِضًى
وَالشَّأْنُ فِي المَقْضِيِّ كُلَّ الشَّانِ

فَلِذَاكَ نَرْضَى بِالقَضَاءِ وَنَسْخُطُ ال
مَقْضِيَّ حِينَ يَكُونُ بِالعِصْيَانَ

فَاللهُ يَرْضَى بِالقَضَاءِ وَيَسْخُطُ ال
مَقْضِيَّ مَا الأَمْرَانِ مُتَّحِدَانِ

فَقَضَاؤُهُ صِفَةٌ بِهِ قَامَتْ وَمَا ال
مَقْضِيُّ إِلَّا صَنْعَةُ الإِنْسَانِ


يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 210.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 208.47 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.82%)]