القصدية واللاعبثية في الخلق بين تحديات الجحود وضرورات الإيمان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 48 - عددالزوار : 30256 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 170 - عددالزوار : 53345 )           »          التمدد الشيعي في المغرب العربي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 6 )           »          المشروع الصهيوني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 768 )           »          الصالون الأدبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 25408 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 43 - عددالزوار : 15704 )           »          وقفات مع حديث الشفاعة العظمى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 5338 )           »          شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 867 - عددالزوار : 75202 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 32713 )           »          من أحكام سجود السهو (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-01-2021, 04:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,988
الدولة : Egypt
افتراضي القصدية واللاعبثية في الخلق بين تحديات الجحود وضرورات الإيمان

القصدية واللاعبثية في الخلق بين تحديات الجحود وضرورات الإيمان
نايف عبوش





تتصاعد في الكثير من المحافل هذه الأيامَ أصواتٌ وكِتاباتٌ تُنكر وجودَ الله، وتُقِرُّ بأزليَّة المادَّة، وتعتقد بالضرورية الحتمية للخلق، في عمليةِ تنكُّر متهافتة لحقيقة حدوث الكون، وكون المادة مسبوقةً بخالِقِها، واستحالة أزليَّة المادة، ويأتي انتعاش ثقافة الإلحاد، وكفران الخالق، وعبثية الخلق - كتداعيات سلبية لما أفرزه هوسُ اعتماد منهج البحث الماديِّ للحضارة المعاصرة، وما أنجزه من منافعَ وإيجابيَّات للبشرية، عزَّزت ثقة الإنسان المعاصر الجامحة بإمكاناته وقدراته على البحث والكشف والإنجاز.

ويقوم هذا المنهج - كما هو معلوم - على اعتماد أسلوب استكشاف الظواهر الحسيَّة أولًا، وبحثِ الأسباب التي تحكُم العلاقة بينها، ومن ثم الوصول إلى النتائج العملية، واستقراء مستقبل الصيرورات، والتنبُّؤ بما سيصير عليه الحال في ضوء مُعطيات نتائج تلك المنهجيةِ المعرفية التي سادت الساحةَ العلمية والثقافية في عالم اليوم، الأمر الذي استبعد من دائرة الاهتمام - في ضوء ذلك - كلَّ ما لا يخضع لمعايير تلك المنهجية في البحث من غير المحسوسات، مما لا قِبَل للعقل الإنسانيِّ بإدراكه.

وإذا كان منهج البحث العلمي المادي التجريدي يصحُّ استخدامه بدرجة عالية من اليقين، والاطمئنان إلى نتائجه في المحسوس من الظواهر التي تقع ضمن حدود وإمكانات ما يُعرف بالبحث الإمبريقي له، ممَّا يقع ضمن قدرات الإنسان، فإنه بكل تأكيد، قد لا يصحُّ أن يكون كذلك فيما يخصُّ بحث الظواهر التي تقع خارج نطاق المحسوس، والتي ليس بمستطاع عقل الإنسان في طبيعته أن يُدركها، أو يهضم آليات تلمُّسها، وفي مقدمة تلك الحقائق بالطبع الظواهر الغيبيَّة التي تبقى لُغزًا مُحيِّرًا، ليس بمستطاع آلية البحث سالفة الذكر أن تستكنه جوهر حقيقتِها، مهما بالغت في التجريد، والتعمُّق في البحث، والتفلسف في هرطقة النتائج، وهو ما يعني عجز العلم الفيزيقي الراهن - بكلِّ آليات عمله الإمبريقية المتاحة - عن الإلمام الكُلِّي بحقائق الحياة والوجود.

وعلى ضوء ما تقدم من مُعطيات، يبقى خلق الله للكون والوجود حقيقةً قصديةً، يقينيَّةً مطلقة، تتعالى على عبثية الحدوث، وتلقائية الخلق، تساوقًا مع مضمون القانون الإلهيِّ المركزي للقصدية: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115]، الأمر الذي يسوغ الإيمان على الفطرة بحقيقة الخلق الإلهي، على مراد الله من الخلق، على قاعدة: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]، حتى دون الحاجة إلى دليل علميٍّ أو مادي.


ومن هنا يصحُّ القول عندئذٍ: إن راعي الغنم الذي يرعى أغنامه في عمق الصحراء، ولا يرى في غير المحسوس أمامه من المجسَّمات موجوداتٍ أخرى غيرها، كجبال الهمالايا مثلًا، ثم يُنكر حقيقة وجودها ويجحدها؛ لأنه لم يرها بأُمِّ عينيه ماثلةً أمامه في اللحظة، فإن ما توصَّل إليه من حدس وهميٍّ بعدم الوجود - لا يعني بتاتًا أنها غير موجودة حقًّا، في الوقت الذي تكون فيه موجودة على الحقيقة في فضاء آخر، ولكنها خارج إمكانات حسِّه، ومن ثم فلا يسوغ له جحدها تحت أية ذريعة، حتى وإن كانت نتائج البحث التجريبي بالوسائل التقنية المتاحة أمامه ساعتئذٍ غير قادرة على إثبات وجودها.

ومن هنا؛ فإن الإيمان بحقيقة الخلق الإلهي للوجود، على مراد الله سبحانه وتعالى من الغائية والقصدية - يظلُّ حاجةً فطريةً في الإنسان، ولا يحتاج إلى دليل ماديٍّ، أو برهان عملي، مع أن الله تعالى قد شحذ همَّةَ الإنسان للبحث والنظر في ملكوت السماوات والأرض، وفي نفسه؛ فإن فيها آياتٍ للموقنين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.73 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.45%)]