|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#51
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س" مالذكر الذي يقوله الإنسان بعد وضوئه وبعد الغسل والتيمم؟ «ويقول ما وَرَدَ» ، وهو حديث عمر رضي الله عنه: «أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التَّوابين، واجعلني من المتطهِّرين، فإِنَّ من أسبغ الوُضُوء ثم قال هذا الذِّكر؛ فُتِحَتْ له أبوابُ الجنَّة الثَّمانية، يدخل من أيّها شاء»[( رواه مسلم، كتاب الطهارة: باب الذكر المستحبِّ عقب الوضوء، رقم (234).)]. س"ما رأي الشيخ في قول هذا الذكر بعد الغسل والتيمم؟ يري الشيخ رحمه الله" الاقتصار على قوله بعد الوُضُوء ـ أرجح؛ لأنَّه لم يُنقل بعد الغُسل والتَّيمم، وكلُّ شيء وُجِدَ سَبَبُهُ في عهد النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم ولم يمنعْ منه مانع، ولم يفعله، فإِنه ليس بمشروع. نعم؛ لو قال قائل باستحبابه بعد الغُسل إِن تَقَدَّمهُ وُضُوء لم يكن بعيداً إِذا نواهُ للوُضُوء. وقول هذا الذِّكر بعد الغسل أقربُ من قولِه بعد التيمُّم؛ لأنَّ المغتسل يصدق عليه أنه متوضِّئ. س" ماحكم معونة المتوضئ ومالدليل وتصحيح الشيخ للمذهب فيها؟ تُباحُ معونة المتوضِّئ، كتقريب الماء إليه وصَبِّه عليه، وهو يتوضَّأ، وهذه الإباحة لا تحتاج إلى دليل؛ لأنها هي الأصل. الدليل" أن المغيرةَ بن شعبة رضي الله عنه صَبَّ الماءَ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يتوضَّأ[(رواه مسلم، كتاب الطهارة: باب المسح على الخفين، رقم (274).)]. س" فإن قيل ألا يكون هذا مشروعاً؛ لأنَّه من باب التَّعاون على البِرِّ والتقوى، فلا يقتصر على الإباحة فقط، بل يُقال: إنه مشروع؟ 1- المذهب"لا شك أنَّه من باب التَّعاون على البِرِّ والتَّقوى، ولكن هذه عبادة ينبغي للإِنسان أن يُباشِرَها بنفسه، ولم يردْ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه كُلَّما أراد أن يتوضَّأ طلب من يُعينه فيه. وهو الأصح 2- بعضُ العلماء: تُكرَهُ إِعانةُ المتوضِّئ إلا عند الحاجة[(] انظر: «الإِنصاف» (1/369)]؛ لأنَّها عبادة ولا ينبغي للإِنسان أن يستعينَ بغيره عليها. س" ماحكم تنشيف أعضاء المتوضئ؟ التنشيف بمعنى: التجفيف. والدَّليل: عدم الدَّليل على المنع، والأصل الإباحة. س"فإن قلت: كيف تجيبَ عن حديث ميمونة رضي الله عنها بعد أن ذكرت غُسْلَ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: «فَنَاولتُهُ ثَوباً فلم يأخُذْهُ، فانطلق وهو يَنْفُضُ يديه»[( رواه البخاري، كتاب الغسل: باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة، رقم (276)]. الجواب: أن هذا قضيَّة عين تحتمل عِدَّة أمور: ما لسببٍ في المنديل، كعدم نظافته، أو يُخشى أنْ يُبِلَّهُ بالماء وبلَلُه بالماء غيرُ مناسب أو غير ذلك. وقد يكونُ إِتيانُها بالمنديل دليلاً على أنَّ من عادتِه أن ينشِّفَ أعضاءه وإلا لم تأت به. س"مالذي صوبه الشيخ في مسألة التجفيف؟ الصَّوابُ: ما قاله المؤلِّف أنه مباحٌ. انتهي الباب ويتبعه باب المسح علي الخفين
__________________
|
#52
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن بابُ نَواقِضِ الوُضُوءِ المتن:يَنْقُضُ ما خَرَجَ من سَبِيلٍ . وخَارجٌ مِنْ بَقيَّةِ البَدَنِ إِنْ كَان بَوْلاً، أو غَائِطاً،أو كثيراً نَجساً غَيْرَهُماوَزَوَالُ العَقْلِ إِلاَّ يَسِيرَ نَوْمٍ مِنْ قَاعِدٍ أوْ قَائِمٍ وَمَسُّ ذَكَرٍ مُتَّصلٍ، أَوْ قُبُلٍ بظَهْرِ كَفِّه، أَوْ بَطْنِه،.ولَمْسُهُمَا من خُنْثَى مُشْكِلٍ، وَلَمْسُ ذَكَرٍ ذَكَرَه، أَوْ أُنْثَى قُبُلَه لِشَهوةٍ فِيهِمَا وَمَسُّهُ امرأةً بشهوةٍ . أو تَمَسُّهُ بهَا ومَسُّ حَلْقَةِ دُبُرٍ،.لاَ مَسَّ شَعرٍ وَظُفُرٍوأَمْرَدٍ،ولا مَعَ حَائِلٍ، ولا مَلْمُوسٍ بَدَنُه، وَلَوْ وُجِدَ منه شَهْوَةٌ، وَيَنْقُضُ غَسْلُ مَيِّتٍ،، وأكْلُ اللَّحْمِ خاصَّة من الجَزُور وكُلُّ ما أَوْجَبَ غُسْلاً، أَوْجَبَ وُضُوءاً،..إِلاَّ الموتَومَنْ تَيَقَّنَ الطهارةَ وشَكَّ في الحَدَثِ، أَوْ بِالْعَكْسِ بَنَى على اليقينِ،فإِن تَيَقّنَهُمَا، وَجَهلَ السابقَ، ويَحْرُمُ على المحدِثِ مسُّ المُصْحَفِ،.والصَّلاةُ،والطَّوافُ ___________________________________________ س:مالمراد بالنواقض؟ النَّواقض: المفسدات، أي: التي إِذا طرأت عليه أفسدته. س:عرف الوضوء؟ والوُضُوء بالضَّمِّ: الطَّهارة التي يرتفع بها الحَدَث، وبالفتح: الماءُ الذي يُتَوَضَّأُ به . س:عدد أنواع النواقض؟ والنَّواقض نوعان: الأول: مجمع عليه، وهو المستند إلى كتاب الله وسُنَّةِ رسوله صلّى الله عليه وسلّم. الثاني: فيه خلافٌ، وهو المبنيُّ على اجتهادات أهل العلم رحمهم الله. س: مالذي يشمله الخارج من سبيل مع الدليل؟ هذا هو النَّاقض الأوَّل :من نواقض الوُضُوء. وهو ثابت بالنَّصِّ، والإِجماع، إِلا ما لم يكن معتاداً، ففيه الخلاف[(انظر: «المغني» (1/230).)]. «ما خرج » يشمل كلَّ خارج. «من سبيل» مطلق يتناول القُبُل، والدُّبر، وسُمِّيَ «سبيلاً»، لأنَّه طريق يخرج منه الخارج. وقوله: «ما خرج» عام يشمل المعتاد(فالمعتاد كالبول، والغائط، والرِّيح من الدُّبر،).وغير المعتاد؛( كالرِّيح من القُبُل).ويشمل الطَّاهر: كالمنيِّ. والنَّجس ما عداه من بولٍ، ومذيٍ، ووَدْيٍ، ودَمٍ. [(انظر: «المغني» (1/230). 1- الدليل من الكتاب: قال الله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] . 2-من السنة :وفي حديث صفوان بن عَسَّال: «ولكن من بول، وغائط، ونوم» 3-وفي حديث أبي هريرة، وعبد الله بن زيد رضي الله عنهما: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً»[( حديث أبي هريرة رواه مسلم، كتاب الحيض: باب الدَّليل على أن من تيقَّن الطهارة ثم شكَّ في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك، رقم (362))]. س:إذا خرجت الريح من القبل؟ علي خلاف بين الفقهاء: 1-المذهب: تنقض [(انظر: «الإقناع» (1/57).)]. 2- آخرون: لا تنقض[(انظر: «الإنصاف» (2/5).)]. وهذه الرِّيح تخرج أحياناً من فُروج النساء، ولا أظنُّها تخرج من الرِّجَال، اللهم إلا نادراً جداً. س:إذا خرجت الحصاة من القُبُل، أو الدُّبُر ؟ وتنقضُ الحصاةُ إِذا خرجت من القُبُل، أو الدُّبُر؛ لأنه قد يُصابُ بحصوة في الكِلى، ثم تنزلُ حتى تخرجَ من ذكره بدون بول. س:إذا ابتلع خرزة، فخرجت من دبره، ؟ فإِنه ينتقض وضوءُه لدخوله في قوله: «ينقض ما خرج من سبيل». س:إذا كان الخارج من بقية البدن بولاً، أو غائطاً»؟ هذا هو النَّاقض الثَّاني من نواقض الوُضُوء.: 1- قيل: ينقضُ خارجٌ من بقيَّة البَدن، إن كان بولاً، أو غائطاً، وهذا ممكن ولا سيَّما في العصور المتأخِّرة، كأن يُجرى للإِنسان عمليَّةٌ جراحيَّةٌ حتى يخرج الخارج من جهة أخرى.فإِذا خرج بول، أو غائط من أيِّ مكان فهو ناقض، قلَّ أو كَثُرَ. 2-وقال بعض أهل العلم: إن كان المخرج من فوق المعدة فهو كالقيء، وإن كان من تحتها فهو كالغائط، وهذا اختيار ابن عقيل رحمه الله[(انظر: «الإنصاف» (1/218)، (2/11، 12).)]. وهذا قولٌ جيد،
__________________
|
#53
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س: إِذا تقيَّأ من المعدة،؟ 1-على القول الرَّاجح: فإنه لا ينتقض وضوءُه ،. 1- المشهور من المذهب: ينتقض إِن كان كثيراً . س: مالذي يُستثنى مما ينقض الوضوء مما يخرج من البدن ؟ 1- مَنْ حَدَثُه دائمٌ، فإِنَّه لا ينتقضُ وضوءهُ بخروجه؛ كَمَنْ به سلسُ بول، أو ريح، أو غائط. س: إِذا خرجت الريح من المكان الذي فُتِحَ عوضاً عن المخرج،؟ 1- المذهب: الرِّيح لا تنقض إِذا خرجت من هذا المكان الذي فُتِحَ عوضاً عن المخرج، ولو كانت ذات رائحة كريهة، . 2-وقال بعضُ العلماء: إِنها تنقضُ الوُضُوء[(انظر: «الإنصاف» (2/13).)]، لأن المخرج إِذا انسدَّ وانفتح غيره كان له حكمُ الفَرج في الخارج، لا في المسِّ، لأنَّ مسَّه لا ينقض الوُضُوء كما سيأتي إن شاء الله. س:إذاكان الخارج كثيراً نجساً غير البول والغائط؟ فقيَّد المؤلِّفُ غير البول، والغائط بقيدين. الأول: كونُه كثيراً. الثاني: أن يكون نجساً. ولم يقيِّد البولَ والغائط بالكثير النَّجس؛ لأن كليهما نجس، ولأنَّ قليلَهُما وكثيرَهُما ينقض الوُضُوء. س: ما مرجع ما أتى، ولم يُحدَّدْ بالشَّرع؟ فمرجعُه إلى العُرف، كما قيل: وكلُّ ما أتى ولم يحدَّدِ بالشَّرع** كالحِرْزِ فبالعُرف احدُدِ. [(انظر: «منظومة في أصول الفقه وقواعد فقهية» للمؤلف رحمه الله ص(16).)] 1- ماصححه الشيخ رحمه الله.الكثير: بحسب عُرف النَّاس، فإن قالوا: هذا كثيرٌ، صار كثيراً، وإن قالوا: هذا قليلٌ، صار قليلاً. 2-وقال بعض العلماء: إِن المعتبر عند كلِّ أحد بحسبه[(انظر: «الإنصاف» (2/16).)]، فكلُّ من رأى أنَّه كثيرٌ صار كثيراً، وكلُّ من رأى أنه قليلٌ صار قليلاً. س: ِذا خرج من بقية البدن شيء طاهر، ولو كَثُرَ مع التمثيل ؟ غيرُ ناقض مثال:كالعَرَق، واللُّعاب ودمع العين. س:إذا كان الخارج من بقية البدن غير البول والغائط، مع الدليل؟ فدخل في هذا الدَّمُ، والقيءُ، ودَمُ الجروح، وماءُ الجروحِ وكلُّ ما يمكن أن يخرج مما ليس بطاهر. 1- القول الأول فالمشهور من المذهب: أنَّه ينقض الوُضُوء إن كان كثيرا، وإن كان قليلاً لم ينقض. واستدلُّوا على ذلك بما يلي: 1- أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَاءَ، فأفطرَ، فتوضَّأ[(قال ابن حجر: «حديث قوي الإسناد». ثم قال: «هذا حديث صحيح». انظر: «التلخيص الحبير» رقم (885)، «موافقة الخُبر الخَبر» (1/441). وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] ، فلما توضَّأ بعد أن قاء فالأُسوة الحسنة أن نفعل كفعله. 2- أنها فضلات خرجت من البدن فأشبهت البول والغائط، لكن لم تأخذْ حكمهما من كلِّ وجهٍ؛ لاختلاف المخرج، فتُعطى حكمهما من وجه دون وجه، فالبول والغائطُ ينقض قليلهُ وكثيرُه؛ لخروجه من المخرج، وغيرهما لا ينقض إلا الكثير. 2-القول الثاني في المذهب، وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية: إلى أنَّ الخارج من غير السَّبيلين لا ينقض الوُضُوء قلَّ أو كثُر إلا البول والغائط، [(انظر: «الإنصاف» (2/13))]، . واستدلُّوا بما يلي: 1 ـ أن الأصل عدم النَّقض، فمن ادَّعى خلاف الأصل فعليه الدَّليل. 2 ـ أن طهارته ثبتت بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي، فإنه لا يمكن رفعه إِلا بدليل شرعي. س:عدد أنواع زوال العقل؟ هذا النَّاقض الثَّالث من نواقض الوُضُوء، وزوال العقل على نوعين: الأول: زواله بالكُلِّيَّة، وهو رفع العقل، وذلك بالجنون. الثاني: تغطيته بسبب يوجب ذلك لمدَّة معيَّنة كالنَّوم، والإِغماء، والسُّكر، وما أشبه ذلك. وزوال العقل بالجنون والإِغماء والسُّكْرِ هو في الحقيقة فَقْدٌ له، وعلى هذا فيسيرُها وكثيرُها ناقضٌ، فلو صُرِعَ ثم استيقظَ، أو سَكِرَ، أو أُغمي عليه انتقضَ وضوءُه سواءٌ طال الزَّمنُ أم قَصُرَ. س: عدد أقوال العلماء هل ناقض أو مظنة النقض؟ اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ على أقوالٍ : وما صححه الشيخ رحمه ا الله اختيار شيخ الإسلام، ـ: أنَّ النَّوم مظنَّة الحَدَث، فإِذا نام بحيث لو انتقض وضوءُه أحسَّ بنفسه، فإِن وضوءَه باقٍ، وإِذا نام بحيث لو أحدث لم يحسَّ بنفسه فقد انتقض وضوءُه[(انظر: «مجموع الفتاوى» (21/230)، «الاختيارات» ص(16).)]. وبهذا القول تجتمع الأدلة، فإن حديث صفوان بن عسَّال دلَّ على أنَّ النَّوم ناقض، وحديث أنس رضي الله عنه دلَّ على أنه غيرُ ناقض. فيُحمل ما ورد عن الصَّحابة على ما إذا كان الإِنسانُ لو أحدث لأحسَّ بنفسه، ويُحمل حديثُ صفوان على ما إذا كان لو أحدث لم يحسَّ بنفسه. ويؤيِّد هذا الجمع الحديثُ المروي «العين وكَاء السَّه، فإِذا نامت العينان استطلق الوكاء»[(حسنه الألباني رحمه الله)]. فإِذا كان الإِنسانُ لم يُحكِمْ وكاءَه بحيث لو أحدث لم يحسَّ بنفسه فإِن نومه ناقضٌ، وإِلا فلا. س:إذا كان النوم يسير من قاعد أو قائم ومالمراد باليسير؟ لا ينقض ،.واليسيرُ: يُرجَعُ فيه إلى العُرف، : فتارة يكونُ يسيراً في زمنه :بحيث يغفل غفلة كاملة، وربما يرى في منام شيئاً، لكنه شيء يسير؛ لأنَّه استيقظ سريعاً، ولو خرج منه شيء لشمَّه. وتارة يكون يسيراً في ذاته: بحيث لا يَغْفُل كثيراً في نومه، فمثلاً يسمع المتكلِّمين، أو إِذا كلَّمه أحدٌ انتبه بسرعة، أو لو حصل له حَدَث لأحسَّ به. س:إذا كان النائم محتبياً أو متَّكِئاً أو مستنداً؟ فإِنه ينتقض وضوؤُه؛ لأنه في الغالب يستغرق في نومه، وإذا استغرقَ في نومه، فإنه قد يُحدِثُ ولا يحسُّ بنفسه. س: لو أن رجلاً نام وهو ساجدٌ نوماً خفيفاً،؟ 1- فالمذهب: ينتقضُ وضوؤُه؛ لأنه ليس قاعداً ولا قائماً. 2-وعلى القول الرَّاجح: لا ينتقض إِلا في حالِ لو أحدث لم يحسَّ بنفسه.
__________________
|
#54
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س: ماحكم مسُّ ذكر متَّصل؟ هذا هو النَّاقض الرابع من نواقض الوُضُوء: والمسُّ لا بُدَّ أن يكون بدون حائلٍ؛ لأنَّه مع الحائل لا يُعَدُّ مسّاً. وقوله: «ذكرٍ»، أي: أن الذي ينقض الوُضُوءَ مسُّ الذَّكرِ نفسِه، لا ما حوله. قوله: «متَّصلٍ»، اشترط المؤلِّف أن يكون متَّصلاً احترازاً من المنفصل، س:إذا قُطِع ذكرُ إِنسان في جناية، أو علاج، وأخذه إِنسان ليدفنه فهل ينقض مسه الوضوء؟ فإِن مسَّه لا ينقض الوُضُوء. س:إذا مس ذكر خنثي؟ لا بُدَّ أن يكون أصليًّا؛ احترازاً من الخُنثى؛ لأن الخُنثى ذكره غيرُ أصليٍّ؛ لأنَّه إن تبيَّن أنَّه أنثى فهو زائد، وإِن أشكل فلا ينتقضُ الوُضُوءُ مع الإِشكال. س:إذا مس قبل الأنثي؟ قوله: «أو قُبُلٍ» ، القُبُل للمرأة، ويُشترَطُ أن يكونَ أصليًّا ليخرج بذلك قُبُل الخُنثى. س: ماهو المس الناقض للوضوء؟ قوله: «بظهر كفِّه أو بطنه» متعلِّق بـ«مسَّ»، أي: لا بُدَّ أن يكون المسُّ بالكفِّ، سواء كان بحرفه، أو بطنه، أو ظهره. ونصَّ المؤلِّف على ظهر الكفِّ؛ لأن بعض أهل العلم يقول: إنَّ المسَّ بظهر الكفِّ لا ينقض الوُضُوء[(انظر: «الإنصاف» (2/31).)]؛ لأن المسَّ والإِمساك عادة إِنَّما يكون بباطن الكَفِّ. س: ماحكم المس إذا كان بغير الكف مع الدليل؟ والمسُّ بغير الكَفِّ لا ينقض الوُضُوء؛ لأن الأحاديث الواردة في المسِّ باليد كقوله صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ أفضى بيده إلى ذَكره ليس بينهما سِترٌ، فقد وجب عليه الوضوءُ»[(والحديث صحَّحه: الحاكم، وابن حبان، وابن عبد البر، وعبد الحق الإِشبيلي، والنووي. انظر: «الخلاصة» رقم (270)، «التلخيص الحبير» رقم (166).)]. واليد عند الإِطلاق لا يُراد بها إلا الكَفُّ لقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ، أي: أكُفَّهُما. س:هل مسِّ الذَّكر والقُبُل، ينقضان الوُضُوءَ أم لا؟ على أقوال: القول الأول: وهو المذهب أنَّه ينقض الوُضُوءَ،. واستدلُّوا بما يلي: 1- حديث بُسْرَة بنت صفوان أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «مَنْ مَسَّ ذكرَه فليتوضأ»[(صححه الألباني الإرولء (116))]. 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «إذا أفضى أحدُكُم بيده إلى ذكره؛ ليس دونها سِتْر فقد وجب عليه الوُضُوء». وفي رواية: «إلى فرجه»[(هي رواية ابن حبان انظر ص(246).)]. 3- أن الإنسان قد يحصُل منه تحرُّكُ شهوةٍ عند مسِّ الذَّكر، أو القُبُل فيخرج منه شيء وهو لا يشعر، فما كان مظَّنة الحدث عُلِّق الحكم به كالنَّوم. القول الثاني: أن مسَّ الذَّكَرِ لا ينقضُ الوضوءَ[(انظر: «الإنصاف» (2/26، 27).)]،: واستدلُّوا بما يلي: 1- حديث طَلْقِ بْنِ عليٍّ أنه سأل النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم عن الرَّجُل يمسُّ ذَكَرَه في الصَّلاة: أعليه وُضُوءٌ؟ فقال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا، إِنَّما هو بَضْعة منك»[(قال الألباني سنده صحيح وقد صح القول به عن جماعة من الصحابة عبد الله بم مسعود وعمار بن ياسر)]. 2- أنَّ الأصل بقاءُ الطَّهارة، وعدمُ النقض، فلا نخرج عن هذا الأصل إِلا بدليل متيقَّن. وحديث بُسرة وأبي هريرة ضعيفان، وإِذا كان فيه احتمالٌ؛ فالأصل بقاءُ الوُضُوء. قال صلّى الله عليه وسلّم: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً» القول الثَّالث: أنَّه إنْ مسَّهُ بشهوة انتقض الوُضُوء وإلا فلا[(انظر: «الإنصاف» (2/27).)]، وبهذا يحصُل الجمع بين حديث بُسرة، وحديث طَلْق بن عليٍّ، وإِذا أمكن الجمع وجب المصير إليه قبل التَّرجيح والنَّسخ؛ لأنَّ الجَمْعَ فيه إِعمال الدَّليلين، وترجيح أحدهما إِلغاء للآخر. ويؤيد ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِنمَّا هو بَضْعَة منك). لأنك إِذا مسَسْتَ ذَكَرَكَ بدون تحرُّكِ شهوة صار كأنما تمسُّ سائر أعضائك، وحينئذٍ لا ينتقض الوُضُوء، وإِذا مَسَسْتَه لشهوةٍ فإِنَّه ينتقض؛ لأن العِلَّة موجودة، وهي احتمال خروج شيء ناقض من غير شعور منك، فإِذا مسَّه لشهوةٍ وجب الوُضُوء، ولغير شهوة لا يجب الوُضُوءِ،.. وجمع بعض العلماء بينها :بأنَّ الأمر بالوُضُوء في حديث بُسْرة للاستحباب، والنَّفيَ في حديث طَلْق لنفي الوجوب[(انظر: «المجموع شرح المهذب» (2/42)، «نيل الأوطار» (1/251).)]؛ بدليل أنه سأل عن الوجوب فقال: «أعليه»، وكلمة: «على» ظاهرة في الوجوب. القول الرَّابع: وهو اختيار شيخ الإسلام أن الوُضُوء من مسِّ الذَّكَر مستحبٌ مطلقاً، ولو بشهوةٍ[(انظر: «مجموع الفتاوى» (20/524)، (21/222)، «الاختيارات» (16).)]. والخلاصة: أن الإنسان إِذا مسَّ ذكره استُحِبَّ له الوُضُوءَُ مطلقاً، سواء بشهوة أم بغير شهوة، وإِذا مسَّه لشهوة فالقول بالوجوب قويٌ جدًّا، لكنِّي لا أجزم به، والاحتياط أن يتوضَّأ. س: عدد صور مس قبل ودبر الخنثي المشكل؟ الصُّور كما يلي: 1- مسُّ أحد فرجي الخنثى المشكل بدون شهوة، فإِنه لا ينقض مطلقاً، سواء كان اللامس ذكراً أم أنثى. 2- مسُّهُما جميعاً، فإِنه ينتقض الوُضُوء مطلقاً. 3- مسُّ أحد فرجي الخُنثى المشكل بشهوة؛ فله أربع حالات: حالتان ينتقض الوُضُوء فيهما وهما: 1- أن يمسَّ الذَّكرُ ذَكَره. 2- أن تمسَّ الأنثى فرجه. وحالتان لا ينتقضُ الوُضُوء فيهما وهما: 1- أن يمسَّ الذَّكرُ فرجه. 2- أن تمسَّ الأنثى ذَكَرَه.
__________________
|
#55
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن «ومسُّه امرأةً بشهوة» هذا هو النَّاقض الخامس من نواقض الوُضُوء. س: عدد أقوال اهل العلم في نقض الوضوء يمس المرأة؟ اختلف أهل العلم في هذا النَّاقض على أقوال: 1-القول الأول: ـ وهو المذهبُ ـ أن مسَّ المرأة بشهوة ينقض الوُضُوء[(انظر: «الإنصاف» (2/42).)]. القول الثَّاني: أنه ينقضُ مطلقاً، ولو بغير شهوة، أو قصد. القول الثَّالث: أنه لا ينقض مسُّ المرأة مطلقاً، ولو الفرج بالفرج، ولو بشهوة . فالرَّاجح: أن مسَّ المرأة، لا ينقضُ الوُضُوءَ مطلقاً إِلا إِذا خرج منه شيءٌ فيكون النَّقضُ بذلك الخارج. س: ماحكم مس المرأة الرجل بشهوة مع الدليل؟ فينتقض وضوءُها. والدَّليل على ذلك: القياس، فإِذا كان مسُّ الرَّجل للمرأة بشهوة ينقض الوُضُوء، فكذا مسُّ المرأة للرَّجُل بشهوة ينقضُ الوُضُوءَ، وهذا مقتضى الطَّبيعة البشرية، وهذا قياسٌ واضحٌ جليٌّ. س: إذا مست إمرأة إمرأة بشهوة؟ 1-قيل: أن المرأة لو مسَّت امرأة لشهوة فلا ينتقض وضوءها، لأن المرأة ليست محلاً لشهوة المرأة الأخرى كما أنَّ الرَّجُل ليس محلاً لشهوة الرَّجُل. 2-ويمكن أن نقول: إِنَّ المرأة إِذا مسَّت امرأة لشهوة انتقض وضوءُها بالقياس على ما إِذا مسَّت الرَّجُل بشهوة؛ لأن العِلَّة واحدة، . السادس من نواقض الوضوء: «ومسُّ حلْقةِ دُبُرٍ: س: مالسبب في إفراد مس حلقة دبر مع أنه داخل في عموم مس الفرج؟ «ومسُّ حلْقةِ دُبُرٍ» ، هذا من النواقض، ولا يحتاج إلى أن يُخصَّ؛ لأنَّه داخل في عموم مسِّ الفَرْج، ولكن لما ذكر المؤلِّفُ «مسَّ الذَّكر احتاج إلى أن يقول: «ومسُّ حلْقة دُبُرٍ»، ولو قال هناك: «مسُّ الفَرْج» لكان أعمَّ ولم يحتج إلى ذكر الدُّبر. س:هل الدبر قرج؟ وقد روى الإِمامُ أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من مسَّ فرجه فليتوضَّأ»، والدُّبُر فَرْجٌ ـ لأنه منفرجٌ عن الجوف، ويخرج منه ما يخرج. س: مااختيار الشيخ_رحمه الله في_ نقض الوضوء بمس حلقة دبر؟ لا ينقض الوضوء ولكنه يستحب فقط. س:ماذا لو مسَّ ما قَرُب منها كالصفحتين، وهما جانبا الدُّبُر، أو مسَّ العجيزة، أو الفخذ، أو الأنثيين؟ فلا ينتقض الوُضُوء. س:إذا مس شعر امرأته بشهوة مع التمثيل؟ المذهب:لا ينقض مسُّ شعرٍ . مثاله: رجلٌّ مسَّ شَعْر امرأته بشهوة، ولم يخرجْ منه شيءٌ، فإِنَّه لا ينتقض وضوءه، لأن الشَّعْر في حكم المنفصل.، ولا حياة فيه. س:إذا مس ظفر إمرأته بشهوة مع التمثيل؟ لم ينقضْ وضوءه[(انظر: «المغني» (1/260).)]، سواء طال هذا الظُّفْر، أو قَصُر. س:لو مس سن إمرأته بشهوة وقول ابن عقيل في هذا؟ لا ينتقضُ وضوءهُ، لأنَّه في حكم المنفصل ولا حياة فيه ولا شعور. وقال ابن عقيل: إذا قلتم: إن هذه الثَّلاثة لا حياة فيها، فقولوا: إنَّ المسَّ بالعضو الأشلِّ لا ينقض الوُضُوء أيضاً، وأنتم تقولون بأنَّه ينقض[(انظر: «الإنصاف» (2/47).)]. س: من هو الامرد؟ هو من طرّ شاربُه، أي: اخضَرَّ ولم تنبت لحيتُه؛. س:هل ينتقض وضوء من مس الأمرد؟ المؤلف: لا ينقضُ الوُضُوء مَسُّ الأمرد لأنه ليس محلاً للشهوة، ولذا قال لوط لقومه: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ *وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ *} [الشعراء] . فالذَّكَر لم يُخلق للذَّكر فهو كما لو مسَّ بنت ثلاثة أشهر؛ لأن كُلًّا منهما ليس محلًّا للشَّهوة. س: ما الذي صوبه الشيخ_ رحمه الله_في نقض الوضوء بمس الأمرد؟ والصَّواب: أن مسَّ الأمرد كمسِّ الأُنثى سواء، حتى قال بعض العُلماء: إِنَّ النظر إلى الأمرد حرامٌ مطلقاً كالنظر إلى المرأة فيجب عليه غَضُّ البصر[(انظر: «الإنصاف» (20/56).)]. س: ماقول شيخ الإسلام بن تيمية في الخلوة بالأمرد؟ وقال شيخ الإسلام: لا تجوز الخلوةُ بالأمرد، ولو بقصد التَّعليم[(انظر: «مجموع الفتاوى» (21/245، 250، 251))]؛ لأن الشَّيطان يجري من ابن آدم مجرى الدَّم، وكم من أُناس كانوا قتلى لهذا الأمرد، فأصبحوا فريسة للشَّيطان والأهواء، وهذه المسألة يجب الحذر منها. س: مارجحه الشيخ_ رحمه الله_ في عقوبة اللوطي؟ القول الرَّاجح أن عقوبةَ اللوطيِّ ـ فاعلاً كان أو مفعولاً به إذا كان راضياً ـ القتلُ بكلِّ حالٍ إِذا كانا بالغين عاقلين، حتى وإن لم يكونا محصنين. س: ماقول شيخ الإسلام بن تيمية في عقوبة اللوطي؟ قال شيخ الإسلام رحمه الله: إِن الصَّحابةَ رضي الله عنهم أجمعوا على قتلِ الفاعلِ والمفعولِ به، لكن اختلفوا كيف يُقتلُ[(انظر: «مجموع الفتاوى» (11/543)، (28/335).)]. س: ماحكم المس مع حائل؟ أي: ولا ينقض مسٌّ مع حائل؛ لأنَّ حقيقة المسِّ الملامسةُ بدون حائل. س: هل ينتقض وضوء مس الملموس بدنه ولو حدث منه شهوة؟ 1- قيل:لا ينتقضُ وضوءُ ملموسٍ بدنُه، فلو أن امرأة مسَّها رَجُلٌ بشهوةٍ، فلا ينتقض وضوءُها، وينتقض وضوءُ الرَّجُل. القول الصَّحيح في هذه المسألة: أن الملموس إِذا وُجِدَ منه شهوةٌ انتقض وضوءُه؛ على القول بأنَّ اللامس ينتقض وضوءُه، وهو القياس. س:ما قول الموفق رحمه الله(ابن قدامة): في كل بشرتين حصل الحدثُ بمسِّ إحداهما؛؟ فإِن الطَّهارة تجبُ على اللامس والملموس، كالختانين فيه مُجَامَع ومُجَامِع، إِذا التقى الختانان بدون إِنزال منهما وجب الغسل عليهما جميعاً[(انظر: «المغني» (1/261)]. وهو ماصوبه الشيخ_رحمه الله_. الناقض السابع غَسْلُ مَيِّتٍ. س: مالمراد بالغُسل؟ والغَسل بالفتح: بمعنى التغسيل، وبالضم، المعنى الحاصل بالتغسيل،. س: مالمراد بقوله:و ينقض غَسلُ ميِّت،؟ أي: تغسيل ميِّت، سواء غَسَل الميِّتَ كلَّه أو بعضَه. س:مالذي يشمله الميت؟ وقوله: «ميِّت» يشمل الذَّكرَ والأنثى، والصَّغيرَ والكبيرَ، والحُرَّ والعبدَ،. س: عدد أقول العلماء في نقض الوضوء بغسل الميت؟ 1- + ينفض 2- وهو مارجحه الشيخ رحمه الله: أن تغسل الميت لا ينقض الوضوء وهو اختيار الموفق وشيخ الإسلام وجماعة من أهل العلم.( المغني 1\25)،. (النَّاقضُ الثامن أكْلُ اللَّحْمِ خاصَّة من الجَزُور ) س:مالذي يشمله لحم الإبل؟ وقوله: «وأكل اللحم» يشمل النِّيء والمطبوخ؛ لأنَّه كلَّه يُسمَّى لحماً. س: ماذا لو مضغه ولم يبلعه،؟ فإِنه لا ينتقض وضوءُه؛ لأنه لا يُقال لمن مضغ شيئاً ثم لفظه: إنه أكله. س:هل نقض الوضوء يتعلق باللحم خاصة أم به وبغيره من أجزاء الإبل مع الدليل؟ القول الأول:- المشهور من المذهب:: «أن هناك فرق بين الهبر وبقية الأجزاء من كِرْش، وكبد، وشَّحم، وكلية، وأمعاء، وما أشبه ذلك. والدَّليل على ذلك: 1- أن هذه الأشياء لا تدخل تحت اسم اللَّحم، بدليل أنك لو أمرت أحداً أن يشتريَ لك لحماً، واشترى كرشاً؛ لأنكرت عليه، فيكون النقضُ خاصًّا باللَّحم الذي هو «الهَبْرُ»[( ] الهَبْرَةُ: القطعة من اللحم لا عظم فيها. «المحيط» مادة (هَبَرَ).)]. 2- أنَّ الأصل بقاءُ الطَّهارة، ودخولُ غير «الهَبْر» دخولٌ احتماليٌّ، واليقينُ لا يزول بالاحتمال. 3- أنَّ النَّقْضَ بلحم الإِبل أمرٌ تعبُّديٌّ لا تُعرف حكمته، وإِذا كان كذلك، فإِنه لا يمكن قياس غير الهَبْرِ على الهَبْر؛ لأن من شرط القياس أن يكون الأصل معلَّلاً، إِذ القياس إِلحاق فرع بأصل في حُكم لِعلَّةٍ جامعة، والأمور التعبُّدية غير معلومة العِلّة. القول الثاني وهو مااختاره الشيخ رحمه الله :والصَّحيح: أنه لا فرق بين الهَبْرِ وبقيَّة الأجزاء، والدَّليل على ذلك: 1- أنَّ اللَّحم في لُغَة الشَّرع يشمل جميعَ الأجزاء، بدليل قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3] . 2- أنَّ في الإِبل أجزاءً كثيرة قد تُقارب الهَبْر، ولو كانت غير داخلة لبيَّن ذلك الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم لعِلْمِهِ أنَّ النَّاس يأكلون الهَبْر وغيره. 3- أنَّه ليس في شريعة محمَّد صلّى الله عليه وسلّم حيوانٌ تتبعَّضُ أجزاؤه حلًّا وحُرمةً، وطَهارةً ونجاسةً، وسلباً وإيجاباً، وإِذا كان كذلك فلتكن أجزاء الإِبل كلُّها واحدة. 4- أنَّ النَّصَّ يتناول بقيَّة الأجزاء بالعموم المعنوي، على فرض أنه لا يتناولها بالعُموم اللَّفظي؛ إِذْ لا فرق بين الهَبْر وهذه الأجزاء، لأنَّ الكُلَّ يتغذَّى بدمٍ واحد، وطعام واحد، وشراب واحد. 5- أنَّه إِذا قلنا بوجوب الوُضُوء وتوضَّأنا وصلَّينا، فالصَّلاة صحيحةٌ قولاً واحداً، وإِن قلنا بعدم الوجوب وصلَّينا بعد أكل شيء من هذه الأجزاء بلا وُضُوء، فالصَّلاة فيها خلاف؛ فمن العلماء من قال بالبطلان، ومنهم من قال بالصِّحة، ففيها شُبهة، وقد قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «من اتَّقى الشُّبهات فقد استبرأ لدينه وعِرضه»[( رواه البخاري، كتاب الإيمان: باب فضل من استبرأ لدينه، رقم (52)]. وقال صلّى الله عليه وسلّم: «دَعْ ما يَريبُكَ إلى ما لا يَرِيبُكَ». 6- أنَّه روى أحمد في «مسنده» بسندٍ حسن عن أُسيد بن حُضير أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «تَوضَّؤوا من ألبان الإِبل»[( قال البوصيري: «إسناده ضعيف)]. وإِذا دلَّت السُّنَّة على الوُضُوء من ألبان الإِبل، فإِن هذه الأجزاء التي لا تنفصل عن الحيوان من باب أَوْلَى. وعلى هذا يكون الصَّحيحُ أنّ أكل لحم الإِبل ناقضٌ للوُضُوء مطلقاً، سواءٌ كان هَبْراً أم غيره. س: هل اللحم المحرم ينقض الوضوء؟ اللحم المحرَّم لا ينقض الوضوء، كما لو اضطر إِنسانٌ إِلى أكلِ لحم حمار أو ميتة فإِنه لا ينقض الوُضُوء، وكذا لو أكل اللحم المحرَّم لغير ضرورة، فإِنه لا ينقض وضوءه، لأن الأصل بقاء الطهارة. س: هل هناك فرق بين الكبير والصغير من الجزور؟ ظاهره أنه لا فرق بين القليل والكثير، والمطبوخ والنِّيء، وسواء كانت الجزور كبيرة أم صغيرة لا تجزئ في الأضحية لعموم الحديث. ولا يُقال: إِنَّ لحم الصَّغير يُترفَّه به كلحم الضأن، فلا يوجب الوُضُوء؛ لأن هذه علَّة مظنونة، والعموم أقوى منها، فنأخذ به. س:عدد أقول أهل العلم في نقض الوضوء من أكل لحم الجزور مع الدليل؟ القول الأول ينقض : وهو من مفردات مذهب أحمد رحمه الله: واستدلُّوا على ذلك بما يلي: 1- حديث جابر بن سَمُرَة رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم: أنتوضَّأ من لحوم الإِبل؟ قال: «نعم، فتوضَّأ من لحوم الإِبل»، قال: أنتوضَّأ من لحوم الغنم؟ قال: «إن شئت فتوضَّأ، وإِن شئت فلا تتوضَّأ»[( رواه مسلم، كتاب الحيض: باب الوضوء من لحوم الإِبل، رقم (360).)]. وجه الدَّلالة: أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم علَّق الوُضُوء بالمشيئة في لحم الغَنَم، فدلَّ هذا على أنَّ لحم الإِبل لا مشيئة فيه ولا اختيار، وأن الوُضُوء منه واجب. 2- حديث البراء، وفيه: «توضَّؤوا من لحوم الإبل»[( رواه أبو داود، كتاب الطهارة: باب الوضوء من لحوم الإبل، رقم (184)]. والأصل في الأمر الوجوب:، قال الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه: فيه حديثان صحيحان عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: حديث البراء، وحديث جابر بن سَمُرة[(انظر: «المغني» (1/251).)]. القول الثاني: أنه لا ينقض الوُضُوء[(انظر: «المغني» (1/251).)]،: واستدلُّوا على ذلك بما يلي: 1- حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ـ: «كان آخر الأمرين من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تركُ الوُضُوء مما مسَّت النار»، رواه أهل السُّنن. وجه الدلالة: أن قوله: «مما مسَّت» عام يشمل الإِبل وغيرها، وقد صرَّح بقوله: «كان آخرُ الأمرين»، وإِذا كان آخر الأمرين، فالواجب أن نأخذ بالآخر من الشَّريعة؛ لأن الآخر يكون ناسخاً للأول. 2- حديث ابن عباس، أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «الوُضُوء ممَّا خَرَج، لا ممَّادخل»[( ضعفه الألباني في الضعيفة(959) وقال منكر)]. س: بما نجيب عن هذين الدَّليلين؟ وأجيب عن هذين الدَّليلين بما يلي: أما حديث جابر: «كان آخر الأمرين ترك الوُضُوء مما مسَّت النار»، فلا يعارض حديث الوُضُوء من لحم الإِبل، فضلاً عن أن يكون ناسخاً له؛ لأنه عام، والعام يُحمل على الخاصِّ، باتِّفاق أهل العلم، فيخرج منه الصُّور التي قام عليها دليل التَّخصيص، ولا يُقال بالنسخ مع إِمكان الجمع؛ لأن النَّسخ مع إمكان الجمع إبطال لأحد الدَّليلين، مع أنه ليس بباطل. والغرض من حديث جابر: بيان أن الوُضُوءَ مما مسَّت النَّار ليس بواجب؛ فإِن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان قد أمر بالوُضُوء مما مَسَّت النارُ، وصحَّ عنه الأمر بذلك، فقال جابر: «كان آخُر الأمرين تركَ الوُضُوء مما مسَّت النار». والنبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إِذا أمر بأمرٍ وفعل خلافه، دَلَّ على أن الأمر ليس للوجوب. فظهر بذلك ضعفُ دليل من قال: إِن لحمَ الإِبل لا ينقضُ الوضوءَ، ويبقى حديثُ الوُضُوءِ من لحمِ الإِبل سالماً من المعارض المقاوم، وإِذا كان كذلك، وجب الأخذ به، والقول بمقتضاه. س هل يجب الوضوء من ألبان الإبل؟ فالصَّحيح أنَّه مستحبٌّ وليس بواجب؛ لوجهين: الأول: أنَّ الأحاديث الكثيرة الصَّحيحة واردة في الوُضُوء من لحوم الإِبل، والحديث في الوضوء من ألبانها إِسناده حسن وبعضهم ضعَّفه. الثَّاني: ما رواه أنس في قصة العُرنيين أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أمرهم أن يلحقوا بإِبل الصَّدقة، ويشربوا من أبوالها وألبانها[(رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب أبوال الإِبل والدواب والغنم ومرابضهما، رقم (233))]... ولم يأمرْهم أن يتوضؤوا من ألبانها، مع أن الحاجة داعية إلى ذلك، فدلَّ ذلك على أن الوُضُوء منها مستحبٌّ. س: إذا شرب من مرقِ لحم الإِبل. 1-المذهب: أن الوضوء غير واجب، ولو ظهر طعمُ اللَّحم؛ لأنه لم يأكل لحماً. 2- اختيار الشيخ رحمه الله .الأحوط أن يتوضَّأ، أما إِذا كان المرق في الطَّعام، ولم يظهر فيه أثره فإِنه لا يضرُّ. س:ما الحكمة من وجوب الوُضُوء من أكل لحم الإبل؟ فالجواب من وجهين: الأول: أن الحكمة أمرُ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وكل ما أتى به النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم من الأحكام فهو حكمة. قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}} [الأحزاب: 36] . الثاني: أن بعض العلماء التمس حكمةً فقال: إِن لحم الإِبل شديدُ التَّأثير على الأعصاب، فيُهَيِّجها[(انظر: «إِعلام الموقعين» (1/395).)]؛ ولهذا كان الطبُّ الحديث ينهى الإِنسان العصبي من الإِكثار من لحم الإِبل، والوُضُوء يسكِّن الأعصاب ويبرِّدها، كما أمر النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بالوُضُوء عند الغضب[(رواه أحمد (4/226)، وأبو داود، كتاب الأدب: باب ما يقال عند الغضب، رقم (4784) من طريق عروة بن محمد بن عطية السعدي عن أبيه عن جده به. 562)]؛ لأجل تسكينه. وسواء كانت هذه هي الحكمة أم لا؛ فإِن الحكمة هي أمر النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، لكن إِن علمنا الحكمة فهذا فَضْلٌ من الله وزيادة علم، وإن لم نعلم فعلينا التَّسليم والانقياد. التاسع من نواقض الوضوء كُلُّ ما أَوْجَبَ غُسْلاً، أَوْجَبَ وُضُوءاً،. س: مارأي الشيخ_رحمه الله_ في هذا الضابط الذي وضعه المؤلف؟ هذا الضَّابط في النَّفس منه شيء لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] . فأوجب الله في الجنابة الغسل فقط، ولم يوجب علينا غسلَ الأعضاء الأربعة، فما أوجب غُسْلاً لم يوجب إِلا الغُسْل، إلا إِن دَلَّ إِجماع على خلاف ذلك، أو دليل.ولهذا فالراجح: أن الجنب إِذا نوى رفع الحدث كفى، ولا حاجة إلى أنْ ينويَ رفع الحدث الأصغر.
__________________
|
#56
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س: هل الموت يوجب الوضوء؟ 1- المذهب: «إلا الموت» ، فالموت موجبٌ للغسل، ولا يوجب الوُضُوءَ بمعنى أنه لا يجب على الغاسل أن يوضِّئ الميِّت أولاً. مثال ذلك:فلو جاء رجل وغمس الميِّتَ في نهرٍ ناوياً تغسيله ثم رفعه فإنه يجزئ. اعتبار الشيخ رحمه الله ماذهب إليه المؤلف من غرائب العلم ورده علي ذلك وهذا من غرائب العلم، كيف ينفون وجوب الوُضُوء في تغسيل الميِّت مع أن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «ابدأن بميامنها، ومواضع الوُضُوء منها»[( رواه البخاري، كتاب الجنائز: باب ما يستحب أن يُغسل وتراً، رقم (1254)، ومسلم، كتاب الجنائز: باب في غسل الميت، رقم (939) عن أم عطية.)]. والتعليلُ على المذهب لاستثناء الموت: أن الشَّارعَ إِنما أمر بتغسيل الميت فقط. فيُقال: وكذا الشارع أمر بتغسيل الميت والبداءة بمواضع الوضوء منه. فإن قالوا: إِن الموت حَدَث لا يرتفع. قلنا: ولكن الأثر الحاصل بتغسيله عندكم بمعنى ارتفاع الحَدَث، لأننا غسَّلناه وحكمنا بطهارته مع أن الحَدَث الموجب للطَّهارة ما زال باقياً، فيكون بمعنى ارتفاع الحدث. ونحن نوافق أن الموت موجبٌ للغسل، ولا يوجب الوُضُوء، لعدم الدَّليل الصريح على وجوب الوُضُوء. وإِن كان يحتمل أن الوُضُوء واجب؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «ومواضع الوُضُوء منها»[( رواه البخاري، كتاب الجنائز: باب ما يستحب أن يُغسل وتراً، رقم (1254)، ومسلم، كتاب الجنائز: باب في غسل الميت، رقم (939) عن أم عطية.)]. س: اختيار الشيخ رحمه الله فيما يوجب الغسل؟ الظَّاهر أن موجبات الغُسْل لا توجب إِلا الغُسْل لعدم الدَّليل على إِيجاب الوُضُوء. س:إذا تيقن طهارة وشك في حدث ومثال ذلك؟ إِذا تيقَّن أنه طاهر، وشك في الحدث فإِنه يبني على اليقين، وهذا عام في موجبات الغُسل، أو الوُضُوء. مثاله: رجل توضَّأ لصَلاةِ المغرب، فلما أذَّن العِشَاء وقام ليُصلِّي شَكَّ هل انتقض وضوءُه أم لا؟ فالأصل عدم النَّقضِ فيبني على اليقين وهو أنه متوضِّئ. مثال آخر: استيقظ رجلٌ فوجد عليه بللاً، ولم يرَ احتلاماً، فشكَّ هل هو منيٌّ أم لا؟ فلا يجب عليه الغسل للشَّكِّ. إذا رأى عليه أثر المنيِّ وشكَّ هل هو من الليلة البعيدة أم القريبة مع الدليل؟ يجعله من القريبة لأنها مُتيقَّنة، وما قبلها مشكوك فيه. ودليل ذلك حديث أبي هريرة، وعبد الله بن زيد رضي الله عنهما في الرَّجُل يجد الشيءَ في بطنه، ويُشْكِلُ عليه: هل خرج منه شيء أم لا؟ فقال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا ينصرف حتى يسمعَ صوتاً، أو يجد ريحاً»، وفي حديث أبي هريرة: «لا يخرج» أي: من المسجد «حتى يسمعَ صوتاً أو يجدَ ريحاً» مع أن قرينةَ الحَدَثِ موجودةٌ، وهي ما في بَطْنِهِ من القرقرة والانتفاخ. س: إذا تيقن الحدث وشك في الطهارة مع الدليل؟ أن من تَيَقَّنَ الحدثَ وشكَّ في الطَّهارة، فالأصْل الحدث. الدليل: حديث أبي هريرة وعبد الله بن زيد من باب قياس العكس. قياس العكس وثبوته في الشريعة؟ وقياس العكس ثابت في الشَّريعة، قال صلّى الله عليه وسلّم: «وفي بُضْعِ أحدكم صدقة»، قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدُنا شهوَتَه، ويكون له فيها أجْرٌ؟ قال: «نعم، أرأيتم لو وَضَعَها في حرام؛ أكان عليه وِزْر؟»، قالوا: نعم، فقال: «فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجرٌ[(رواه مسلم، كتاب الزكاة: باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، رقم (1006) من حديث أبي ذَرٍّ.)]. وكذا لو كان عليه جنابة، وشكَّ هل اغتسل أم لا؟ فإِنه يغتسل، ولا يتردَّد. س:إذا تيقن الطهارة والحدث وجهل السابق منهما وأمثلة ذلك؟ 1 المذهب: فإِن تيقَّن الطَّهارة والحَدَث؛ وجهل السَّابق منهما؛ وجهل حاله قَبْلَهُمَا؛ وَجَبَ عليه الوُضُوء؛ لأنه ليس هناك حال متيقَّنة ويُحَالُ الحكم عليها. وقال بعض العُلماء: إِنه يجب الوُضُوء مطلقاً[(انظر: «الإِنصاف» (2/68).)]. والتَّعليل: أنَّه تيقَّن أنه حصل له حالان، وهذان الحالان مُتَضَادَّان ولا يدري أيُّهما الأسبق، فلا يدري أيُّهما الوارد على الآخر فيتساقطان، وقد تيقَّن زوال تلك الحال الأولى، فيجب عليه الوُضُوء احتياطاً كما لو جهل حاله قبلهما. س: ما اختيار الشيخ رحمه الله في هذه المسألة؟ والقول بوجوب الوُضُوء أَحْوَطَ، لأنه مثلاً بعد طلوع الشمس متيقِّن أنه أَحْدَثَ وتَوَضَّأ، ولا يدري الأسبق منهما، وفيه احتمال أنه توضَّأ تجديداً ثم أحدث، فصار يجب عليه الوُضُوء الآن، وإِذا كان هذا الاحتمال وارداً فلا يخرج من الشَّكِّ إِلا بالوُضُوءِ. وهذا الوُضُوء إِنْ كان هو الواجب فقد قام به، وإِلا فهو سُنَّةٌ. والفقهاء رحمهم الله قالوا: إِذا قَوِيَ الشَّكُّ فإِنه يُسَنُّ الوُضُوء؛ لأجل أن يُؤَدِّي الطَّهارة بيقين[(انظر: «الإِنصاف» (2/67).)].
__________________
|
#57
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س: عرف المصحف؟ المصْحَفُ: ما كُتِبَ فيه القرآن سواء كان كاملاً، أو غير كامل، حتى ولو آية واحدة كُتِبَتْ في ورقة ولم يكن معها غيرها؛ فحكمها حكم المصحف. وكذا اللَّوح له حكم المصحف؛ إِلا أن الفقهاء استثنوا بعض الحالات. س: مالمراد بالمحدث؟ وقوله: «المحدِث»، أي: حدثاً أصغر أو أكبر؛ لأن «أل» في المحدث اسم موصول فتشمل الأصغر والأكبر. س: مالمراد بالحدث ؟ الحَدَثُ: وصف قائم بالبَدَن يمنع مِنْ فِعْلِ الصلاة ونحوها مما تُشترط له الطَّهارة. والدَّليل على ذلك: س: ماحكم مس المصحف للمحدث مع الدليل؟ القول الأول" يحرم علي المحدث مس المصحف وهو قول جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة[(انظر: «المغني» (1/202)، «مجموع الفتاوى» (21/266).)]. الدليل: 1- قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ *فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ *لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ *تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ *} [الواقعة] . وجه الدِّلالة: أنَّ الضَّمير في قوله: «لا يمسُّه» يعود على القرآن، لأن الآيات سِيقت للتَّحدُّث عنه بدليل قوله: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ *} [الواقعة] والمنزَّل هو هذا القرآن، والمُطَهَّر: هو الذي أتى بالوُضُوء والغُسُل من الجنابة، بدليل قوله: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: 6] [(] انظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (17/217 ـ 218))]. فإن قيل: يَرِدُ على هذا الاستدلال: أنَّ «لا» في قوله: «لا يمسُّه» نافية، وليست ناهية، لأنه قال: «لا يمسُّه» ولم يقل: «لا يمسَّه»؟. قيل: إِنه قد يأتي الخبر بمعنى الطَّلب، بل إِن الخبر المراد به الطَّلب أقوى من الطَّلب المجرَّد، لأنه يُصوِّر الشيءَ كأنه مفروغ منه، ومنه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] ، فقوله: «يَتَرَبَّصْنَ» خبر بمعنى الأمر. وفي السُّنَّة: «لا يبيع الرَّجُل على بيع أخيه»[( رواه البخاري، كتاب البيوع: باب لا يبيع على بيع أخيه، رقم (2140)، ومسلم، كتاب النكاح: باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه حتى يأذن أو يترك، رقم (1413)، من حديث أبي هريرة.)] بلفظ الخبر، والمراد النَّهي. 2- ما جاء في كتاب عمرو بن حزم: الذي كتبه النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إلى أهل اليمن وفيه: «... ألا يمسَّ القرآن إلا طاهر...»[( الألباني النفس تطمئن لصحة هذا الحديث وقد احتج به إمام أهل السنة أحمد بن حنبل وصحَّحه: إِسحاق بن راهويه، والشافعي، وابن عبد البر)]. والطَّاهر: هو المُتطهِّرُ طهارة حسِّيَّة من الحَدَث بالوُضُوء أو الغُسُل، لأن المؤمن طهارته معنوية كاملة، والمصحف لا يمسُّه غالباً إلا المؤمنون، فلما قال: «إلا طاهر» عُلم أنها طهارة غير الطَّهارة المعنوية، بل المراد الطَّهارة من الحَدَث، ويَدُلُّ لهذا قوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}} [المائدة: 6] أي طهارة حسِّيَّة؛ لأنه قال ذلك في آية الوضوء والغُسل. 3- من النَّظر الصَّحيح: أنَّه ليس في الوجود كلام أشرف من كلام الله، فإذا أَوْجَبَ الله الطَّهارة للطَّواف في بيته، فالطَّهارة لِتِلاوَةِ كتابه الذي تَكَلَّم به من باب أولى، لأننا نَنْطق بكلام الله خارجاً من أفواهنا، فَمُمَاسَّتنا لهذا الكلام الذي هو أشرف من البناء يقتضي أن نكون طاهِرِين؛ كما أن طوافنا حول الكعبة يقتضي أن نكون طاهرين، فتعظيماً واحتراماً لكتاب الله يجب أن نكون على طهارة. القول الثاني داود الظَّاهري وبعض أهل العلم: لا يحرم على المُحْدِثِ أن يَمَسَّ المصحف[(انظر: «المحلَّى» (1/77).)]. استدلُّوا: بأن الأصل براءة الذِّمة، فلا نُؤَثِّم عباد الله بفعل شيء لم يَثْبُتْ به النَّص. وأجابوا عن أدلَّة الجمهور: أما الآية: فلا دلالة فيها، لأن الضَّمير في قوله: «لا يمسُّه» يعود إلى «الكتاب المكنون»، والكتاب المكنون يُحْتَمَلُ أن المرادَ به اللوحُ المحفوظ، ويُحْتَملُ أن المرادَ به الكتب التي بأيدي الملائكة. فإن الله تعالى قال: {كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ *فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ *فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ *مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ *بِأَيْدِي سَفَرَةٍ *كِرَامٍ بَرَرَةٍ *} [عبس] ، وهذه الآية تفسير لآية الواقعة، فقوله: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ *}كقوله: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ *} [الواقعة] قوله: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ *}}، كقوله: {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ *} [الواقعة] . والقرآنُ يُفسِّر بعضه بعضاً، ولو كان المراد ما ذَكَرَ الجمهور لقال: «لا يمسُّه إلا المطَّهِّرون» بتشديد الطاء المفتوحة وكسر الهاء المشددة، يعني: المتطهرين، وفرق بين «المطهَّر» اسم مفعول، وبين «المتطهِّر» اسم فاعل، كما قال الله تعالى: {{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}} [البقرة: 222] . وقولهم: إن الخبر يأتي بمعنى الطَّلب،:هذا صحيح لكن لا يُحْمَلُ الخبر على الطلب إِلا بقرينة، ولا قرينة هنا، فيجب أن يبقى الكلام على ظاهره، وتكون الجملة خَبَريَّة، ويكون هذا مؤيِّداً لما ذكرناه من أن المراد بـ«المطهَّرون»، الملائكة كما دلَّت على ذلك الآيات في سورة «عبس». وأما قوله: {{تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ *}} [الواقعة]، فهو عائدٌ على القرآن، لأن الكلام فيه، ولا مانع من تداخل الضَّمائر، وعود بعضها إلى غير المتحدَّث عنه، ما دامت القرينة موجودة. ثم على احتمال تساوي الأمرين فالقاعدة عند العلماء إنه إِذا وُجِدَ الاحتمال بَطلَ الاستدلال. فيسقط الاستدلال بهذه الآية، فنرجع إلى براءة الذِّمة. وأما بالنسبة لحديث عمرو بن حزم: فهو ضعيف، لأنه مُرسَل، والمرسل من أقسام الضَّعيف، والضَّعيف لا يُحْتَجُّ به في إثبات الأحكام؛ فضلاً عن إِثبات حُكْمٍ يُلْحِقُ بالمسلمين المشَقَّة العظيمة في تكليف عباد الله ألا يقرؤوا كتابه إلا وهو طاهرون، وخاصَّة في أيام البرد. وإذا فرضنا صِحَّتَهُ بناء على شُهْرَتِهِ فإن كلمةَ «طاهر» تَحْتَمِلُ أن يكونَ طاهرَ القلب من الشِّرك، أو طاهر البَدَنِ من النَّجَاسَة، أو طاهراً من الحدث الأصغر؛ أو الأكبر، فهذه أربعة احتمالات، والدَّليل إِذا احتمل احتمالين بَطلَ الاستدلال به، فكيف إِذا احتمل أربعة؟ وكذا فإِن الطَّاهر يُطْلَقُ على المؤمن لقوله تعالى: {{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}} [التوبة: 28] ، وهذا فيه إثبات النَّجاسة للمُشرك. وقال صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ المؤمنَ لا يَنْجُس». وهذا فيه نَفْيُ النَّجاسة عن المؤمن، ونفي النَّقيضِ يستلزم ثبوت نقيضه، لأنَّه ليس هناك إِلا طَهَارة أو نَجَاسة، فلا دلالة فيه على أن من مَسَّ المصْحَفِ لا يكون إِلا من مُتَوضِّئ. وأما بالنِّسبة للنَّظَر: فنحن لا نُقِرُّ بالقياس أصلاً، لأن الظَّاهِريَّة لا يقولون به. وعندي: أن ردَّهم للاستدلال بالآية واضح، وأنا أوافقهم على ذلك.
__________________
|
#58
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س: مالذي كان يميل له الشيخ رحمه الله ومالذي تبين له؟ تبين له كان الشيخ يميل لرأي الظاهرية تبين له لمَّا تأمَّلتُ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يمسُّ القرآن إلا طاهر»، والطَّاهرُ يُطْلَق على الطَّاهر من الحدث الأصغر والأكبر لقوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: 6] ، ولم يكن من عادة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أن يُعَبِّرَ عن المؤمن بالطَّاهر؛ لأنَّ وَصْفَهُ بالإِيمان أَبْلَغُ، تبيَّن لي أنَّه لا يجوز أن يمسَّ القرآنَ مَنْ كان محدثاً حدثاً أصغر، أو أكبر، والذي أَرْكَنُ إِليه حديث عمرو بن حزم، والقياس الذي استُدلَّ به على رأي الجمهور فيه ضعف، ولا يقوى للاستدلال به، وإِنما العُمْدَة على حديث عمرو بن حزم. وقد يقول قائل: إِنَّ كتابَ عمرو بن حزم كُتِبَ إلى أهل اليَمَنِ، ولم يكونوا مسلمين في ذلك الوقت، فَكَوْنُهُ لِغَيْرِ المسلمين يكون قرينة أنَّ المراد بالطَّاهر هو المؤمِن. وجَوَابُه: أن التَّعبير الكثير مِنْ قوله صلّى الله عليه وسلّم أن يُعَلِّقَ الشَّيء بالإيمان، وما الذي يَمْنَعُهُ مِنْ أن يقول: لا يَمَسُّ القرآنَ إِلا مُؤْمِنٌ، مع أنَّ هذا واضح بَيِّن. فالذي تَقَرَّرَ عندي أخيراً: أنَّه لا يجوز مَسُّ المصْحَفِ إِلا بِوُضُوء.هل س: هل المحرَّمُ مَسُّ القرآنِ، أو مَسُّ المصحفِ الذي فيه القرآن؟ فيه وَجْهٌ للشَّافعية: أن المحرَّم مسُّ نَفْس الحروفِ دونَ الهوامِش[(انظر: «المجموع شرح المهذَّب» (2/67).)]، لأنَّ الهوامِش وَرَقٌ، قال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ *فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ *} [البروج] ، والظَّرف غير المظروف. وقال صلّى الله عليه وسلّم: «لا يَمَسَّ القرآنَ إِلا طَاهِرٌ»[(579)]. وقال الحنابلة: يَحْرُمُ مَسُّ القرآن وما كُتِبَ فيه؛ إِلا أنَّه يجوز للصَّغير أن يَمَسَّ لوحاً فيه قُرآن بِشَرْطِ ألاَّ تقع يَدُهُ على الحروف[(انظر: «الإِقناع» (1/61).)]. وهذا هو الأحوط؛ لأنه يَثْبُتُ تبعاً ما لا يَثْبُتُ استقلالاً. س:هل يَشْمُل هذا الحُكْم مَنْ دونَ البُلُوغ؟ قال بعض العلماء: لا يَشْمُل الصِّغار لأنَّهم غير مكلَّفين[(انظر: «الإِنصاف» (2/73)، «المجموع شرح المهذب» (2/69).)]، وإِذا كانوا غير مكلَّفين فكيف نُلزمهم بشَيءٍ لا يتعلَّق به كُفْر، ولا ما دون الكُفْرِ؛ إِلا أنه مَعْصِيَة للكبير، وهؤلاء ليسوا من أهل المعاصي لِرَفْعِ القلمِ عنهم. س: هل يلزم وَلِيُّهُ أنْ يأمره بذلك، أو لا يلزمه؟ الصَّحيح عند الشَّافعية: أنه لا يلزمه الوُضُوء، ولا يَلزم وليَّه أن يُلزِمه به[(انظر: «الإِنصاف» (2/73).)]؛ لأنه غير مكلَّف. ولأن إِلزام وليِّه به فيه مَشَقَّة وهو غير واجب عليه، وإِذا كان فيه مشقَّة في أمر لا يجب على الصَّغير، فإِنه لا يُلزِمه به وَلِيُّه. والمشهور عند الحنابلة: أنه لا يجوز للصَّغير أن يَمَسَّ القرآن بلا وُضُوء، على وليِّه أن يُلزِمه به كما يلزمه بالوُضُوء للصَّلاة[(انظر: «الإِنصاف» (2/73).)]، لأنه فعل تُشترط لحِلِّه الطَّهارة، فلا بُدَّ من إِلزام وليِّه به. واستثنوا اللوح، فيجوز للصَّغير أن يَمَسَّه ما لَمْ تقع يدهُ على الحروف.وعَلَّلَ بعضُهم ذلك بالمشقَّة. وعَلَّلَ آخرون بأنَّ هذه الكتابة ليست كالتي في المصحف ، لأن التي في المصحف تُكْتَبُ للثُّبوت والاستمرار، أمَّا هذه فلا. س: ماحكم مس السبورةإذا كتبت فيها آية؟ ظاهِرُ كلام الفُقَهاء رحمهم الله: أنه لا يجوز مَسُّ «السُّبُّورة»[( السُّبُّورة: لوح كبير يُعلَّق أمام جمهور من الناس، يُكتب عليه ويُمحى. «المعجم العربي الأساسي» ص(604).)] الثَّابتة بلا وُضُوء إِذا كُتِبَتْ فيها آية، لكن يجوز أن تَكتبَ القرآن بلا وُضُوء ما لم تمسَّها. وقد يُقال: إِن هذا الظَّاهر غير مراد؛ لأنه يُفرَّق بين المصحف أو اللوح وبين السُّبُّورة الثَّابتة، بأنَّ المصحف أو اللوح يُنْقَل ويُحْمَل فيكون تابعاً للقرآن بِخِلاف السبّورة الثابتة. .س: ماحكم مس كتب التفسير؟ وأمَّا كُتُب التَّفسير فيجوز مَسُّها؛ لأنها تُعْتَبر تفسيراً، والآيات التي فيها أقلُّ من التَّفسير الذي فيها. ويُسْتَدَلُ لهذا بكتابة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم الكُتُبَ للكُفَّارِ، وفيها آيات من القرآن[(587)]، فدلَّ هذا على أن الحُكْمَ للأغلب والأكثر. أما إِذا تساوى التَّفسير والقُرآن،:فإِنَّه إِذا اجتمع مبيحٌ وحاظرٌ ولم يتميَّز أحدُهما بِرُجْحَانٍ، فإِنه يُغلَّب جانب الحظر فيُعْطى الحُكْمُ للقرآن. وإن كان التَّفسير أكثر ولو بقليل أُعْطِيَ حُكْمَ التَّفسير. س: ماحكم صلاة المحدث؟ تَحْرُمُ الصَّلاة على المحدِثِ، وذلك بالنَّصِّ من الكتاب والسُّنَّة والإِجماع. أولاً: الكتاب: قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] ، ثم علَّلَ ذلك بأن المقصود التطهُّر لهذه الصَّلاة. وعلى هذا فالطَّهارة شَرْطٌ لِصحَّةِ الصَّلاة وجَوازِها، فلا يَحِلُّ لأحَدٍ أن يُصَلِّيَ وهو مُحْدِثٌ، سواء كان حَدثاً أصغر أو أكبر. س: مالحكم لو صلي وهو محدث؟ فإِنْ كان هذا استهزاء منه؛ فهو كافر لاستهزائه. وإِنْ كان متهاوناً فقد اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ في تكفيره. فمذهب أبي حنيفة رحمه الله: أنه يَكْفُر[(انظر: «حاشية ابن عابدين» (1/81)) لأن من صلَّى وهو مُحْدِثٌ مع عِلْمِهِ بإِيجاب الله الوُضُوء فهذا كالمستهزئ، والاستهزاء كُفْرٌ كما قال الله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة: 65، 66] . ومَذْهَبُ الأئمة الثَّلاثة: أنَّه لا يَكْفُر[(انظر: «الفروع» (1/188)، «المجموع شرح المهذب» (2/67).)]، لأنَّ هذه معصيةَ، ولا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِهِ أنْ يكونَ مُسْتَهزئاً. ولهذا قلنا: إِنْ صَلَّى بلا وُضُوء استهزاء فإِنَّه كافر، وإلا فلا، وهذا أقرب، لأنَّ الأَصْلَ بقاءُ الإِسلام، ولا يمكن أنْ نُخرِجه منه إلا بدليل. ثانياً: السُّنَّة: قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يَقْبَلُ الله صلاةً بغير طُهُور»[( رواه مسلم، كتاب الطهارة: باب وجوب الطهارة للصلاة، رقم (224).)]،. وقال صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة بغير طُهُور»[( رواه أحمد (2/57) من حديث ابن عمر، وأبو داود، كتاب الطهارة: باب فرض الوضوء، رقم (59) من حديث أبي المليح عن أبيه. قال الحافظ ابن حجر: «إِسناده صحيح». انظر: «الفتح» شرح حديث رقم (1410).)]، وقال صلّى الله عليه وسلّم: «لا يقبل الله صلاة أَحَدِكُمْ إِذا أَحْدَثَ حتى يتوضَّأ»[( رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب لا تقبل صلاة بغير طهور، رقم (135)، ومسلم، كتاب الطهارة: باب وجوب الطهارة للصلاة، رقم (225).)]. ثالثاً: الإجماع: فقد أجمع المسلمون أنه يَحْرُمُ على المحْدِثِ أن يُصَلِّيَ بلا طَهَارة. س: مالمراد بالصلاة التي يحرم علي المحدث فعلها؟ والصَّلاة هي التي بَيَّنَهَا الرَّسولُ صلّى الله عليه وسلّم تحريمها التَّكبير، وتحليلها التَّسليم، سواء كانت ذاتَ رُكوع وسُجود أم لا. فالفرائض الخَمسُ صلاة، والجمعة، والعيدان، والاستسقاء، والكسوف، والجنازة صلاة، لأن الجنازة مُفتتحة بالتكبير، مُختتمة بالتَّسليم، فينطبق عليها التَّعريف الشَّرعي، فتكون داخلة في مُسَمَّى الصَّلاة. وقال بعض العلماء: إِنَّ الصَّلاةَ هي التي فيها رُكُوع وسجود[(رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب لا تقبل صلاة بغير طهور، رقم (135)، ومسلم، كتاب الطهارة: باب وجوب الطهارة للصلاة، رقم (225).]. وقال آخرون: إِن الصَّلاة هي التي تكون رَكْعَتَيْن فأكثر، إِلا الوِتْر فهو صلاة، ولو رَكْعَة (نظر: «مجموع الفتاوى» (21/277، 289)، «تهذيب السُّنن» (1/52).. والأوَّل هو الأصحُّ. وهو مااختاره الشيخ رحمه الله في المراد بالصلاة التي يحرم علي المحدث فعلها.
__________________
|
#59
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س: هل سجود التلاوة والشكر صلاة؟ فالمشهور من المَذْهَبِ أنهما صلاة تُفْتَتَحُ بالتكبير، وتُخْتَتَمُ بالتَّسليم، ولهذا يُشرعُ عندهم أن يُكبِّر إِذا سجد وإِذا رفع، ويُسلِّم. وبِنَاءً على هذا يَحْرُمُ على المحْدِثِ أن يَسْجُدَ للتِّلاوة أو الشُّكْر وهو غير طاهر. فالخلاف في اشتراط الطَّهارة لهما مبنيٌّ على أنَّ سَجْدَتَي التِّلاوة والشُّكر هل هما صلاة أم لا؟ فإِن قُلْنا: إِنهما صلاة وَجَبَ لهما الطَّهارة، وإن قلنا: إنهما غير صلاة لم تَجِبْ لهما الطهارة. الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي: المتأمِّلُ للسُّنَّةِ يُدْرِك أنهما ليسا بصلاة . لما يلي: _ 1_ أن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم كان يسجد للتِّلاوة، ولم يُنْقَل عنه أنه كان يُكبّر إذا سجد أو رفع،ولا يسلِّم، إلا في حديث رواه أبو داود في التَّكبير للسجود دُونَ الرَّفع منه، ودُونَ التَّسليم.. 2_ أن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم سَجَدَ في سورة النَّجْمِ، وسجد معه المسلمون والمشركون، والمشركُ لا تصحُّ منه صلاة، ولم يُنكر النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم ذلك. والمتأمِّل لِسُجُودِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم للشُّكر، أو التِّلاوة يَظْهَرُ له أنه لا يُكَبِّر، وعليه لا تكون سجدة التِّلاوة والشُّكر من الصَّلاة، وحينئذٍ لا يَحْرُم على مَنْ كان مُحْدِثاً أن يَسْجُدَ للتِّلاوة أو الشُّكْرِ وهو على غَير طَهَارة، وهذا اختيار شيخ الإِسلام رحمه الله[( انظر: «مجموع الفتاوى» (21/279، 293)، «الاختيارات» ص(60).)]. وصَحَّ عن عبد الله بنِ عُمَر رضي الله عنه أنه كان يَسْجُدُ للتِّلاوة بلا وُضُوء[(رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم، كتاب سجود القرآن: باب سجود المسلمين مع المشركين، انظر ترجمة حديث رقم (1071))]. ولا رَيْبَ أنَّ الأفضل أن يتوضّأ، ولا سيَّما أن القارئ سوف يَتْلُو القرآن، وتِلاوَةُ القرآن يُشْرَعُ لها الوُضُوء، لأنها مِنْ ذِكْرِ الله، وكلُّ ذكر لله يُشرع له الوُضُوء. أمَّا اشتراط الطَّهارة لِسُجُودِ الشُّكر فَضَعيف، لأنَّ سَبَبَهُ تَجدُّد النِّعَمِ، أو تجدُّد اندفاع النِّقَمِ، وهذا قد يَقَعُ للإِنسان وهو مُحْدِث.أما سُجُود التِّلاوة فَيَنْبَغِي ألا يَسْجُدَ الإِنسانُ إِلا وهو على طَهَارةٍ كما أنَّهُ يَنْبغي أَنْ يقرأ على طهارة. س: ماحكم طواف المحدث مع الدليل ؟ القول الأول: جمهور العلماء: يحْرُمَ على المُحْدِثِ الطَّوافُ بالبيتِ، سواء كان هذا الطَّواف نُسُكاً في حَجٍّ، أو عُمْرَةٍ أو تَطَوُّعاً، كما لو طَافَ في سَائِرِ الأيَّام. والدَّليل على ذلك: 1ـ أنه ثَبَتَ عنِ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّه حين أراد الطَّواف تَوَضَّأ ثمَّ طاف[(رواه البخاري، كتاب الحج: باب من طاف بالبيت إِذا قدم مكة، رقم (1614، 1615)، ومسلم، كتاب الحج: باب ما يلزم من طاف بالبيت وسعى من البقاء على الإِحرام وترك التحلل، رقم (1235) من حديث عائشة.)]. 2ـ حديث صفيَّة لمَّا قيل له: إِنَّ صَفِيَّة قد حاضَتْ، وظنَّ أنها لم تَطُفْ للإِفاضة فقال: «أحابستنا هي؟»[( رواه البخاري، كتاب الحج: باب إِذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت، رقم (1757، 1762)، ومسلم، كتاب الحج: باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض، رقم [382 ـ (1211)].)].والحائِضُ معلوم أنَّها غيرُ طاهِرٍ. 3 ـ حديث عائشة أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال لها حين حاضت: «افعلي ما يفعل الحاجُّ غيرَ أنْ لا تطوفي بالبيت»[(رواه البخاري، كتاب الحيض: باب الأمر بالنّفساء إِذا نُفِسْنَ، رقم (294)، ومسلم، كتاب الحج، باب بيان وجوه الإِحرام، رقم [119 ـ (1211)]. )]. 4ـ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «الطَّواف بالبيت صلاة؛ إِلا أنَّ الله أباح فيه الكلام؛ فلا تَكلَّموا فيه إِلا بخير»[(رواه الترمذي، كتاب الحج: باب ما جاء في الكلام في الطواف، رقم (960)،)]. 5ـ استدلَّ بعضهم بقوله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125] . القول الثاني:إِنَّ الطَّوافَ لا تُشْتَرطُ له الطَّهارة، ولا يَحْرُمُ على المُحْدِثِ أنْ يَطُوفَ، وإِنَّما الطَّهارة فيه أَكْمَل. واسْتَدَلُّوا: بأنَّ الأَصْلَ بَراءة الذِّمَّة حتى يقوم دليلٌ على تحريمِ هذا الفِعْل إِلاَّ بهذا الشَّرط، ولا دليلَ على ذلك، ولمْ يَقُل النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يوماً من الدَّهْر: لا يقبل الله طَوَافاً بغيرِ طهور، أو: لا تطوفوا حتى تطَّهَّروا. وإِذا كان كذلك فلا نُلْزِم الناس بأمرٍ لم يكن لنا فيه دليلٌ بَيِّنٌ على إِلزامهم، ولا سيَّما في الأحوالِ الحرِجَة كما لو انتقضَ الوُضُوءُ في الزَّحْمَةِ الشَّديدةِ في أيَّامِ الموسِمِ، فَيَلْزمه على هذا القَوْلِ إِعَادَةُ الوُضُوء، والطَّوافِ مِنْ جديد. وأجابوا عن أدلَّة الجمهور: أنَّ فِعْلَ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم المجرَّد لا يدلُّ على الوُجُوبِ، بل يَدلُّ على أنَّه الأفضل، ولا نِزاع في أنَّ الطَّوافَ على طَهَارة أفضل؛ وإِنَّما النِّزاع في كَوْنِ الطَّهارة شَرْطاً لصِحَّة الطَّواف. وأمَّا حديث عائشة: «افْعَلي ما يفعل الحاجُّ...» إلى آخره، وقوله صلّى الله عليه وسلّم في صفيَّة: «أحابِسَتنا هي؟». فالحائض إِنما مُنِعَتْ مِنَ الطَّواف بالبيت، لأنَّ الحيض سَبَبٌ لمنْعِها من المُكْثِ في المسجد، والطَّواف مُكْثٌ. وأيضاً: فالحيض حَدَثٌ أكبر، فلا يُسْتَدلُّ بهذا على أنَّ المحدِثَ حَدَثاً أصغرَ لا يجوزُ لَهُ الطَّواف بالبيت، وأنتم توافقون على أنَّ المحدِثَ حدثاً أصغر يجوز له المُكْثُ في المسجد، ولا يجوز للحائض أن تَمْكُثَ، فَمَنَاطُ حُكْمِ المنْعِ عندنا هو المُكْثُ في المسجد. وأمَّا حديث: «الطَّواف بالبيت صلاة»] فَيُجَاب عنه: 1ـ أنَّه موقوفٌ على ابن عباس، ولا يَصِحُّ رفعه للنبي صلّى الله عليه وسلّم. 2_نَّه مُنْتَقَضٌ، لأنَّنا إِذا أخذنا بِلَفْظِهِ، فإِنَّه على القواعِد الأصوليَّة يقتضي أنَّ جميعَ أحكام الصَّلاة تَثْبُتُ للطَّواف إِلاَّ الكلام. وأما بالنسبة للآية؛ فلا يَصِحُّ الاستدلال بها، إِذ يلزم منه أنَّ المعْتَكِفَ لا يصحُّ اعتكافُه إلا بطهارة، ولم يَشْتَرِطْ أحدٌ ذلك، إِلا إِنْ كان جُنُباً فيجب عليه أن يَتَطَهَّر ثم يَعْتَكِف؛ لأنَّ الجنابة تُنافي المُكْثَ في المسجد. ولا شَكَّ أنَّ الأفضل أن يَطُوفَ بطهارة بالإِجماع، ولا أظنُّ أنَّ أحداً قال: إِنَّ الطواف بطهارة وبغير طهارة سواء، لأنه من الذِّكرِ، ولِفِعْلِهِ صلّى الله عليه وسلّم. س إِذا اضطُرَّت الحائض إِلى الطَّواف؟ على القول بأنَّ الطَّهارة من الحيض شَرْط فإنها لا تطوف؛ لأنها لو طافت لم يصحَّ طوافها؛ لأنه شرط للصِّحَّة. وإن قلنا: لا تطوف لِتَحْرِيمِ المقَام عليها في المسجد الحرام، فإنها إِذا اضْطُرَّت جَازَ لها المُكثُ، وإِذا جاز المُكث جاز الطَّواف. س:إذا حاضت امرأةٍ ولم تَطُفْ للإِفاضَةِ، وكانت في قافِلَةٍ ولن ينتظروها؟ فهذه القوافل التي لا يمكن أن تنتظر ولا يمكنُ للمرأة أن تَرْجِعَ إِذا سافرت؛ كما لو كانت في أقصى الهند أو أمريكا،. فحينئذٍ إِما أن يُقَال: تكون مُحْصَرة فَتَتَحَلَّل بِدَمٍ، ولا يَتِمُّ حَجُّهَا؛ لأنَّها لمْ تَطُفْ. وهذا فيه صُعُوبَةٌ لأنها حينئذٍ لم تُؤَدِّ الفريضةَ. أو يقال: تذهب إلى بلدها وهي لم تَتَحَلَّل التَّحَلُّلَ الثَّاني، فلا يَحِلُّ لها أن تتزوَّج ولا يحلُّ لمزوَّجةٍ أن يَقْرَبَهَا زوجُها، وإِنْ مات عنها أو طَلَّقَهَا لا يحلُّ لها أن تتزوَّج، لأنها ما زالت في إِحرام، وهذا فيه مَشَقَّةٌ عظيمة. أو يقال: تَبْقَى في مكَّة وهذا غير ممكن. أو يُقال: تطوف للضَّرورة، وهذا اختيارُ شيخ الإسلام رحمه الله[(انظر: «مجموع الفتاوى» (26/199، 243)، «الاختيارات» ص(27).)]، وهو الصَّواب، لكنْ يجبُ عليها أن تَتَحَفَّظَ حتى لا ينْزل الدَّمُ إلى المسجد فيلوِّثه. انتهي باب نواقض الوضوء نسألكم الدعاء أم محمد الظن
__________________
|
#60
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن بابُ الغُسْلِ من الشرح الممتع سؤال وجواب س: مالمراد بقوله موجبات الغسل؟ أي: باب ما يوجبه، وصِفَتُهُ، فالباب جَامِعٌ للأمرين. قوله: «ومُوجِبُهُ» ، بالكَسْرِ، أي: الشيء الذي يوجب الغُسْل، يقال: موجب بِكَسْرِ الجيم وفَتْحِهَا. فبالكسر: هو الذي يُوجبُ غيره. وبالفتح: هو الذي وَجَبَ بغيره، . س"مالمراد الغسل وماحكمه مع الدليل؟ الغُسل - بضم الغين - ، وهو استعمال الماء في جميع البدن على صفة مخصوصة . حكمه" الوجوب الدليل": قول الله تعالى : وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا . س" ماهي موجبات الغسل ومالدليل علي كل منها وموجِبُهُ خروجُ المنيِّ دفقاً بِلذَّةٍ............ س: هل يوجب خروج المني الغسل مع الدليل؟ نعم يوجب خروج المني من مخرجه الغسل من الذكر أو الأنثى . ولا يخلو إما أن يخرج في حال اليقظة ، أو حال النوم ،: فإن خرج في حال اليقظة: اشترط وجود اللذة بخروجه ، فإن خرج بدون لذة لم يوجب الغسل ؛ كالذي يخرج بسبب مرض أو عدم إمساك ،. وإن خرج في حال النوم :، وهو ما يسمى بالاحتلام ، وجب الغسل مطلقا لفقد إدراكه ، فقد لا يشعر باللذة ، فالنائم إذا استيقظ ووجد أثر المني وجب عليه الغسل ، وإن احتلم ، ولم يخرج منه مني ، ولم يجد له أثرا لم يجب عليه الغسل . والدَّليل على ذلك: 1- قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] ، والجُنُبُ: هو الذي خرج منه المنيُّ دَفقاً بلذَّةٍ. 2- قَولُه صلّى الله عليه وسلّم: «الماءُ من الماءِ» رواه مسلم، كتاب الحيض: باب إنما الماء من الماء، رقم (343) من حديث أبي سعيد الخدري. المراد بالماء الأوَّل ماء الغُسلِ؛ عبَّر به عنه، وبالماء الثَّاني المنيّ، أي: إِذا خرجَ المنيُّ وجبَ الغُسْلُ. س: متى يوجب خروج المني الغسل.؟ 1-مذهب الشَّافعي رحمه الله: أنَّ خروج المنيِّ مُطلقاً مُوجِبٌ للغُسْلِ حتى ولو بدونِ شَهْوَةٍ وبأيِّ سَبَبٍ خرج[(] انظر: «المجموع شرح المهذب» (2/139).)]، لعُمُومِ الحديث،.«الماءُ من الماءِ» 2-جمهور أهل العلم: يشترطون لوُجُوبِ الغُسل بخروجه أن يكون دفقاً بلذَّة[(انظر: «المغني» (1/266).)]. وقال بعضُ العلماء: بلذَّةٍ. وحَذَفَ «دفقاً»، وقال: إِنَّه متى كان بلذَّة فلا بُدَّ أنْ يكونَ دفقاً[(انظر: «حاشية العنقري على الروض المربع» (1/74). وذِكْرُ الدَّفقِ أَوْلى لموافقةِ قوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ *خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ *} [الطارق] . س:ما الجواب عن حديثِ: «الماءُ من الماءِ»؟ قلنا: إن يُحملُ على المعهودِ المعروف الذي يَخْرُجُ بلذَّة، ويوجِبُ تحلُّلَ البَدَنِ وفُتُورَه، أما الذي بدونِ ذلك، فإِنه لا يوجبُ تحلُّلَهُ ولافتوره. س" مالحكم إذا خرجَ مِنْ غيرِ لذَّةٍ مِنْ يقظانَ؟ فإِذا خرجَ مِنْ غيرِ لذَّةٍ مِنْ يقظانَ فإِنَّه لا يُوجِبُ الغُسْلَ وهو الصَّحيح. س" للمني الموجب للغسل ثلاث علامات فماهي؟ الأولي" أنْ يَخْرُجَ دفقاً. الثانية: الرَّائحة، فإِذا كان يابساً فإِنَّ رائحتَه تكون كرائِحَة البَيْضِ، وإِذا كان غيرَ يابِسٍ فرائحته تكونُ كرائحة العَجِينِ واللِّقاح.. الثالثة: فُتُورُ البَدَنِ بَعْدَ خُروجِه. لا بِدُونِهما مِنْ غيرِ نائِمٍ ........... س: مالمراد بقوله بدونهما؟ الضمير يعود علي الدفق واللذة. س: إذا خرج المني من يقظان؟ فإذا خَرَجَ مِنَ اليقظان بلا لذَّةٍ، ولا دَفْقٍ، فإِنه لا غُسْلَ عليه. س:إذا خرج المني من النائم مع الدليل؟ إِنْ خرجَ المني مِنْ نائم وَجَبَ الغُسْلُ مطلقاً، سواء كان على هذا الوصف أم لمْ يكن، لأنَّ النَّائِم قد لا يُحِسُّ به، وهذا يَقَعُ كثيراً أنَّ الإِنسان إِذا استيقظ وجدَ الأثرَ، ولم يشعرْ باحتلامٍ،. والدَّليل على ذلك: أنَّ أمَّ سُليم رضي الله عنها سألت النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم عن المرْأَةِ ترى في منامِها ما يرى الرَّجُلُ في منامه، هل عليها غُسْل؟ قال: «نعم، إِذا هي رَأتِ الماء»[(رواه البخاري، كتاب العلم، باب الحياء في العلم، رقم(130)، ومسلم، كتاب الحيض: باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، رقم(310، 311، 312، 313) من حديث أم سلمة، وأم سُليم، وأنس بن مالك.)]. فأوجبَ الغُسْل إِذا هي رأت الماء، ولم يشترطْ أكثر من ذلك، فدلَّ على وُجُوبِ الغُسْل على مَنْ استيقظ وَوَجَدَ الماءَ سواء أحسَّ بخُروجِهِ أم لَمْ يُحِسَّ، وسواء رأى أنَّه احتلمَ أم لم يَرَ، لأنَّ النَّائمَ قد ينسى، .
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |