مساعدة الأطفال على ( تحمل) الحزن

[نور من الله]

كيف تخبري طفلك الصغيرعن وفاة احد افراد العائلة . وخصوصا اذا كان الطفل مولعا بهذا الشخص . ما الأشياء التي يجب عليّ مراقبتها ؟ وما الاقتراحات التي يمكنها ان تسهل هذا الأمر ؟



امومةان فقدان شخص عزيز ليس أمرا سهلا بتاتا ، الحزن على فقدان عزيز شيء صعب على الكبار والأطفال على حد سواء . أول خطوة نحو التعامل مع الحزن هو إدراك الأشكال المتعددة التي قد يتخذها التعبير عنه، فقد يشعر الشخص بالكآبة والحزن والوحدة والبلادة وفقدان الشهية . هذه الأنواع من الشعور منتشرة ويسهل ربطها بالحزن ، ولكن هناك أنواع أخرى كثير من الشعور يصعب تحديدها وعزوها إلى الحزن ، ومن ذلك الغضب ، والعدوانية ، والشهية الجامحة النهمة ، وفقدان الحوافز ، وعدم المقدرة على التركيز على عمل بعينه ، وعدم القدرة على الانتباه لمدة طويلة ، والنسيان .



من أفضل ما تستطيعن عمله لمساعدة إبنك على تحمل الألم هو إعطائك الفرصة لنفسك للحزن على الشخص المتوفى وإتاحة المجال لإبنك للاطلاع على حزنك . من المهم أن تتقبلي الآن أنك ستظلين ضعيفة جدا وحساسة لمدة سنة أو اكثر . يتعين عليك أن ترأفي بنفسك وبأفراد عائلتك طيلة هذه المدة .



أما بالنسبة لمساعدة إبنك على اجتياز هذه المحنة فيجب أن تعتني عناية تامة بحاجاته الصحية . تأكدي أنه ينال قسطا وافرا من الراحة والغذاء والتمارين الرياضية . أتيحي له فرصة اللعب خارج البيت ، إذا أمكن ذلك ، فالتعرض لأشعة الشمس والعوامل الطبيعية له أثر إيجابي قوي على أجسامنا وعواطفنا . العناية بالأمور الأساسية يعطي إبنك فرصة الحزن السليم الذي لا يضر بصحته .



هذا في الواقع ليس الوقت المناسب للحزن ، ولكن غالبا ما ينزل ألم هذه الفاجعة بالشخص في أسوأ الأوقات . سواء كان إبنك يشعر بالغضب أو الحزن أو الكآبة أو العدوانية ، فإنه على الأرجح سيعبر عن ألمه بحدة المزاج أو نوبات من البكاء الشديد . بحال الطبيعة ، هذا كله يحدث عندما تكونين في مكان عام أو لديك التزامات ملحة تهمك جدا .



هذا ليس صدفة ، فهذه هي الأوقات التي يشعر فيها ابنك بفداحة المصاب . عموما ، تودين أنت التعاطي مع هذه الوقائع بنفس طريقتك المعتادة ، إلا أنه عليك أن تدركي ما الذي يحدث وأن تعطي إبنك فسحة أوسع لتعامله مع آلامه . قد لا يستطيع إبنك ربط شعوره هذا بوفاة هذا الشخص ، ولا داعي لتذكيره بذلك كلما تصرف تصرفا رديئا .



توقعي أيضا أن يصاب إبنك بنكسة كنتيجة مباشرة لفقدانه احد الاشخاص العزيزين علية . وقد يكون ضمن ذلك كثرة استيقاظه ليلا ، والافراط في مص أصبعه ، والتبول ليلا في فراشه ، وسلس البول أثناء النهار ، والعودة إلى الكلام بلهجة الأطفال ، وفي الحالات الشديدة رفض الكلام كلية . هذه كلها علامات مؤقتة ، وسيكون بمقدور إبنك بلا شك استعادة مقدراته ونضوجه إلى المستوى الذي كانت عليه قبل وفاة هذا الشخص ، إذا استطاع التعامل مع حزنه بطريقة إيجابية .



الطريقة الممتازة لمساعدته على ذلك هي ابتداع أساليب لعب خلاقة عن طريق تشجيعه على استعمال الدمى المتحركة أو شخصيات تمثيلية للتعبير عن شعوره . يستطيع الأطفال إظهار مشاعرهم باستخدام أشياء غير حية بسهولة تفوق مقدرتهم على السيطرة عليها . كما أنه أسهل على الطفل التعبير عن شعوره الحقيقي ومراقبة ردة فعل الآخرين على ما تقوله الدمية – هذا أسهل عليه من المخاطرة برفضه من قبل من يعتمد عليهم في إدراك ذاته .



بعد أن يبدأ إبنك بالحديث عن مشاعره ، أنظري في احتمال أن تشتركا معا في كتابة مذكرات عن هذا الشخص تشمل الكثير من الصور والأشياء التذكارية ، ولكن ركزي على أن يضع إبنك ذكرياته في شكل ملموس . أطلبي منه رسم صور أشياء يتذكرها عن المتوفى ، ثم اطلبي منه أن يحدثك بعض الشيء عن الصورة . اكتبي كل ما يقوله ، وعندما ينتهي من الكلام إقرئيه عليه . ثم أتيحي له فرصة إضافة أو تغيير ما يقوله إلى أن يعبر عن شعوره بوضوح . بهذه الطريقة أنت لا تساعدي ابنك على استرجاع ذكرياته التي ستلازمه طيلة حياته فحسب ، بل تساعدينه أيضا على إيضاح مشاعره الحالية .



الطريقة الأخرى هي إعداد شريط فيديو عن العائلة . أطلبي من أفراد الأسرة أن يسردوا ذكرياتهم عن المتوفى ، وسجليها . دعي ابنك يشترك في هذا الأمر بالقدر الذي يريده . وقد يشمل ذلك سرد القصص عنه ، أو الاستماع إلى الآخرين ، أو اللعب في غرفته أثناء ذلك . في أي حال سيساعده ذلك على إظهار مشاعره . قد يكون الوقت المناسب لعمل ذلك هو أيام العطل أو يوم عيد ميلاد المتوفى . كل فرد من أفراد العائلة يكون قد افتقد هذا الشخص ويرحب بفرصة كهذه يعبر فيها عن شعوره الخاص .



من المهم جدا عدم الضغط على أي أحد للمشاركة إذ ربما لا يكون بعضهم على استعداد لمثل ذلك ، فالعائلة لا ينقصها الضغط في هذا الظرف ، وكل واحد بحاجة لطريقة خلاقة لتجاوز هذه الحادثة التي تغيّر وإلى الأبد كل من يتعرض لها .



يجدر بمن له أطفال أكبر سنا أن يحثوهم على التعبير خطيا عن مشاعرهم وأفكارهم الخاصة .