رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله - الصفحة 13 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4936 - عددالزوار : 2024156 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4511 - عددالزوار : 1301414 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 859 - عددالزوار : 118954 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40226 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 367062 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-04-2021, 03:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

رمضان مشروع متطور طويل الأمد



وصال تقة





يُبذَر غرسه في رمضان، ولا تقطف الثمار إلا على أبواب الريَّان.

ومن بين ما يجب أن يركز عليه هذا المشروع:
الخروج بالعبادة من العادة والروتين و"هذا ما وجدنا عليه آباءنا" إلى ((إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكُمْ كَما يَخلَقُ الثَّوبُ، فاسْألُوا اللهَ تعالى أن يُجَدِّدَ الإيمانَ في قُلوبِكمْ))؛ صححه الألباني.

نفخ روح وأنفاس جديدة في العبادة.

تطوير العلاقة مع الله وإعادة صياغتها بالاهتمام بالجانب الرُّوحي والأعمال القلبية، وتطهير النفس من أمراض القلوب التي تجهض تطوُّر المشروع: (الحسد، الكِبْر، الرياء، الغرور، العُجب...)، وتأسيس علاقة جديدة مع كتاب الله فهمًا واستيعابًا وتدبُّرًا، والتعرف على أسماء الله وصفاته وأفعاله بمطالعة بعض الكتب المفسِّرة لأسماء الله الحسنى.

الحرص في ذلك على نفس واعية شفَّافة تقيِّم المرحلة، وتبحث عن الرُّوح أينها خلال كل مراحل المشروع.

محاسبة النفس بشكل مستمر.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-04-2021, 03:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

درجات الصيام











الأمين الحاج محمد أحمد








قسَّم بعضُ السلفِ الصيام إلى أربع درجات، هي:


1- صيام عوام العوام، وهو الصوم عن الأكل والشرب والجماع، مع الانغماس فيما سوى ذلك من المحرمات من الأقوال والأفعال.





2- صيام خواص العوام، وهو كالأول مع اجتناب المحرمات من الأقوال والأفعال.





3- صيام الخواص، وهو الصوم عن غير ذكر الله وعبادته.





4- صيام خواص الخواص، وهو الصوم عن غير اللهِ، فلا فطر لهم إلاَّ بعد يوم القيامة.





ما على من أكل، أو شربَ، أو جامع ناسياً في نهار رمضان؟






ذهب أهل العلم في ذلك أربعة مذاهب، هي:


1- لا قضاء عليه ولا كفارة، وهذا مذهب الحسن البصري، ومجاهد، وأبي حنيفة، والشافعي، وداود، وأبي ثور، وإسحاق، وابن المنذر، وغيرهم.





استدلَّ هذا الفريق بالأحاديث الآتية:


"مَن أكل أو شرب ناسياً فلا يفطر، فإنما هو رزق رزقه الله"[1].





"إذا نسي فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه"[2].





"مَن أكل ناسياً وهو صائم فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه"[3].





"مَن أفطر في شهر رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة"[4].





2- على مَن جامع ناسياً في نهار رمضان القضاء، دون الأكل والشرب، وهذا مذهب عطاء، والأوزاعي، والليث.





3- عليه القضاء في الأكلِ والشربِ، وهذا مذهب مالك وشيخه ربيعة.





4- عليه القضاء والكفارة في الجماع ناسياً، وهذا مذهب مالك.





الذي يترجح لديَّ من الأقوال السابقة أنه لا قضاء على من أكل أو شرب ناسياً في نهار رمضان، وعليه أن يتمَّ صومَه؛ أما مَن جامع ناسياً فعليه القضاء؛ لأنَّ الجماع يمكن الاحترازُ منهُ؛ لأنَّه بين الرجل وزوجه، واللهُ أعلم.






[1] رواه الترمذي، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.




[2] البخاري.




[3] البخاري.




[4] رواه الدارقطني بإسنادٍ صحيح أو حسن.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-04-2021, 03:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

رمضانيات
سلطان بن معجب آل فلاح




أقبل وجه السعد..

يا مرحباً، وحيا هلا به..

أَهْلاً وَسَهْلاً بِشَهْرِ الصَّوْمِ مُذْ بَزَغَتْ *** شَمْسُ النَّهَارِ وَوَلَّتْ هَـالَةُ الْبَدْرِ

شَهْـرُ الصِّيَامِ هَلاَ فَالْكُلُّ مُنْتَظِـرٌ *** قُدُوْمَكَ الْفَذَّ فَاهْنَأْ يَا أَخَا الْبِشْـرِ

جاء الخير وفتح بابه، فأين طُلابه.

كم وكم انتظرناك يا رمضان ونحمد الرب أن أمد في الأعمار حتى نرحب بك..

وَأَهْلُكَ فِي انْتِظَـارِكَ مُذْ أَتَاهُمْ *** شَذَى عِطْـرٍ عَلَى كَفِّ الْبَشِيرِ

حُق لنا أن نفخر وأن نعتز بقدومك يا شهر البركة.

فقِيَامُـكَ لَيْسَ يُشْبِهُـهُ قِيَـامٌ *** وَلَيْسَ لأَجْـرِ صَوْمِكَ مِنْ نَظِيرِ

يا لخسارة ويا لشقاوة من لم يفرح بقدوم رمضان لأنه قد يدخل رمضان ويخرج ولم يُغفر له.

وقد قال قرة العيون صلى الله عليه وسلم: ((.. وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ..)).

وَكَمْ للهِ مِنْ نَفَحَـاتِ فَضْـلٍ *** عَلَى مَنْ تَـابَ مِنْ ذَنْبٍ خَطِـيرِ

إِلَهِي جُـدْ بِعَفْـوٍ وَارْضَ عَنَّا *** فَإِنَّـكَ غَافِـرُ الذَّنْبِ الْكَبِيـرِ

* إلى نفسي المقصرة، وإلى من أراد لذة الطاعة والعبادة أقول:

- كن من أصحاب النية الطيبة الصالحة في الصيام والقيام، والعبادة والتلاوة، فلو انقضى أجلُك كُتِبَ لك أجر نيتك.

- إن كنت ممن بلغ هذا الشهر العظيم فأكثر من حمد الله - تعالى - على نعمته، فكم من طالبٍ بلوغه لم يبلغه.

- احرص على كل لحظةٍ في هذا الشهر الكريم، فقد يكون آخر شهر في حياتك.

- عليك بكثرة المناجاة والخضوع، والانكسار بين يدي مولاك.

- جدد حياتك في رمضان، وأقبل على ربك في هذا الشهر العظيم.

رَبَّـاهُ جِئْتُ إِلَى عَلْيَـاكَ مُعْتَرِفًـا *** بِمَـا جَنَتْـهُ يَـدِيْ أَوْ زَلَّـةُ الْقَدَمِ

فَجُدْ بِعَفْـوٍ إِلَهِـيْ أَنْتَ ذُو كَـرَمٍ *** فَكَـمْ مَنَنْتَ عَلَى الْعَاصِيْنَ بِالنِّعَمِ

وَاخْتِمْ لِعَبْدِكَ بِالْحُسْنَـى فَلَيْسَ لَهُ *** سِـوَاكَ يُنْقِـذُهُ مِنْ مَـوْقِفِ النَّدَمِ




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23-04-2021, 03:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

مبارك عليك الشهر [19]



أ. محمود توفيق حسين








عندما يمرُّ عليك صاحبُ المعاملة الكبيرة
الذي مهدت لهُ الأمور وسوَّيتها على نارٍ هادئة
كي يقدم لك رشوةً لتنجز له مصلحته
ويجلس في مكتبك في النهار..
يكلِّمُك بصوتٍ متودد وهو مبتسم
ويطلب منك أن تأمر، و"الدنيا أخذ وعطاء
و"لا يُخدَم بخيل"، و"معرفة الرجال كنوز"..
ويرجو منك أن تعينه وتقف معه
فتقول له إنك تجلس رائقاً خالي البال، بعيداً عن مَللِ المكاتب
في المقهى الفلاني ليلاً، ويسعدك أن يأخذ قهوتهُ معك
وقد اخترتَ هذا الموعد حتى يمكنك أن تأخذ الرشوة في غير وقتِ صيامك؛
لا تفكِّر بأنك تحفظ صيامك
بل فكِّر في أن نيتك صريحةٌ في وقت الصيام على قبول الرشوة
لا تفكِّر بأن العبرة بالوقت الذي سيقع فيه زبونك في الشبكة، وهو بعد المغرب
بل فكِّر في أن الله مسخَ أصحاب السبت قرَدةً على ما كانوا يجمعونه يوم الأحد؛
وذلك بالحيلة التي احتالوها يوم السبت.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24-04-2021, 02:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي شرح حديث: وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم

شرح حديث












وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم










الشيخ محمد بن إبراهيم السبر








الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:



متن الحديث:



عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان، في حر شديد، حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن رواحة».








الشرح:



هذا الحديث في الصحيحين.



والنبي صلى الله عليه وسلم خرج بأصحابه في رمضان في أيام شديدة الحر، ومن شدة حر هذه الأيام، لم يصم من هؤلاء الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه، فالجميع أفطروا، والنبي صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة صاماً، مما يدل على جواز الصيام في السفر، وإن كان هناك مشقة لكنها لا تصل إلا حد التهلكة.







فيؤخذ من هذا الحديث الشريف: جواز فطر المسافر في رمضان.







وأيضاً: جواز الصيام في السفر لمن لا يشق عليه ذلك، ولا توجد معه مضرة، أما يسير المشقة فهو موجود مع الصيام، في السفر خاصة مع وجود الحر.







وأيضاً: الأخذ بالأسباب، والحذر من أسباب الضرر، وأنه لا ينافي كمال التوكل على الله تبارك وتعالى، ولذلك الإنسان يأخذ بالأسباب، وهي من تمام التوكل على الله تبارك وتعالى ولا تنافي التوكل.







ومن الفوائد: ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من اجتهاد في العبادة والطاعة، رغم أنه صلى الله عليه وسلم غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فمن صام في السفر أجزأه، ولا يلزمه الإفطار إلا أن يشق عليه.







ومن الفوائد: منقبة وفضيلة عبد الله بن رواحة الأنصاري رضي الله عنه، وعبد الله بن رواحة من السابقين الأولين من الأنصار، وأحد النقباء ليلة العقبة، وهو ممن شهد بدراً وما بعدها رضي الله عنه، وكان شاعراً مجيداً مدافعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.







ومن الفوائد التي ذكرها أهل العلم: أنه لا يضر الصائم أن يعلم الناس بصومه، من غير إظهار منه لذلك، إلا عند الحاجة إلى ذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم».







نسأل الله للجميع العلم النافع، والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24-04-2021, 07:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

خواطر عن رمضان



مصطفى برهام








وقفتُ طويلاً بين يدَي آيات فرْض الصوم مِن سورة البَقرة، واستعدتُ في ذِهني كل ما سمعتُ وما قرأتُ عن الصوم، ووجدتُ في نفسي شوقًا ونهمًا إلى أنْ أسمع مزيدًا عن الصوم، ولا شكَّ في أنَّ هذا أحد الأدلة التي لا تُحصى على إعجاز القرآن، وعلى أنَّه سيظلُّ دائمًا وأبدًا غضًّا نديًّا إلى أن تقومَ الساعة، ولستُ أريد أن أعْرِض هنا لما جاءتْ به الآيات مِن بيان حِكمة الصَّوْم، وإيضاح ما يقود إليه مِن تقوى الله، والتدريب على الصَّبْر، والإحساس بالمراقبة، والحض على البِر، ولكنِّي أُريد أن أعرِض لبعض الخواطر التي تسْنَح لي بحلولِ رمضان، لنذكر مِن خلالها الفضلَ العظيم، والمنَّة الكُبرى، والرحمة الحانية التي تَفضَّل الله بها على عبادِه خلالَ هذا الشهر الكريم.









ذكرى نزول القرآن:


يقول الله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185].





فأخبر الله - سبحانه وتعالى - أنَّ شهر رمضان هو تلك الفترة الزمنيَّة التي بدأ فيها نزولُ القرآن لهداية البشريَّة، وذكر أنَّ مَن يشهد هذا الشهر مِن المؤمنين يجِب عليه صومُه، وبهذا يرتبط هذا الشهرُ في حياة المسلمين بذِكرى نزول القرآن، وإنَّ لكل أمَّة ذِكرياتٍ تعتزُّ بها، وتحتفل بها كلَّ عام، والله - جلَّ ذِكرُه - يجعل على رأس ذِكريات الأمَّة الإسلاميَّة ذِكرى نزول القرآن؛ ولذلك فهو يشرع لها صوم الشهر الذي بدأ نزول القرآن في ليلةٍ مِن لياليه؛ ليكون الاحتفال بهذه الذِّكْرى العظيمة احتفالاً عمليًّا يليق بجلالِ الذِّكْرى، يتعبَّد اللهُ فيه المؤمنين بعبادةٍ مِن أجلِّ العبادات تسْمو بأرواحهم، وتطهِّر نفوسَهم، وتجعلهم أهلاً لأن يفقهوا دِين الله، وأن يحتفِلوا بالقرآن الحفاوةَ التي تليق بمقامِه، وأنَّ هذه الحفاوة ليستْ لليلةٍ واحدة، وإنَّما تمتدُّ على مدار شهر كامِل يصوم فيه المسلِم نهارَه، ويقوم ليلَه إيمانًا واحتسابًا لله ربِّ العالمين؛ امتثالاً لأمره، وعبوديةً خالصة له، وإعلانًا عن حمْده وشُكره بأنْ مَنَّ على العالمين بالهداية في هذا الشهر بإنزال القرآن في ليلةٍ مِن لياليه، واختيار محمَّد بن عبدالله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليكون مبلغًا لوحيه، وخاتمًا لأنبيائه ورُسله.





وذِكرى نُزول الوحْي بالقُرآن يجب ألا تمرَّ في حياة المسلمين مرورًا عابرًا، يقفون عندَها بعض الوقت، ويتلون فيها قصَّةَ الوحي، وما كان مِن شأن نزول الآيات القرآنيَّة على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشأن لِقاء جبريل - عليه السلام - به، وإنَّما هي ذِكرى يجب أن تُعيد إلى قلوبِ المسلمين الصورةَ القويَّة الواضِحة للإيمان بالله الواحِد الأحد، تلك الصُّورة المشرِقة التي تمثَّلت في حياة المسلمين الأوَّلين، والتي تحوّل الإيمان القوي بها مِن حياةٍ فارغة عابِثة لاهية، لا تكاد تجعَل للعَرَب في جزيرتهم شأنًا يُذكَر، أو خطرًا يتهيَّبه أعداؤهم، إلى حياةٍ عالية منتجِة جادَّة، علاَ فيها ذِكرهم، وأصبح لهم كيانٌ دولي يُخشَى خطرُه، بعد أنْ سما بهم الإيمان فوحَّدهم بعدَ الفرقة والتمزُّق، وجمع شملَهم تحت راية التوحيد، فظهرتْ ملكاتهم التي غمرَها الشِّرك قرونًا من الزمان، وفي قليلٍ مِن الزمان - وبفضْل من الله - يعمُّ النور الحق الأرض بأيديهم وهم ينطلقون في رُبوعها ينشرون الحقَّ والعدل، ويدْعون إلى الله.





دعاء الصائم مُستجاب:


بعد أن تَمضي بنا آياتُ فرْض الصوم مِن سورة البقرة موضِّحة أنَّ الله فرَض الصوم على الأمَّة الإسلاميَّة كما فرَضه على الأمم السابقة، وأنَّ هذا الصوم في أيَّام قليلة معدودة، وأنَّه سبحانه يَتَفَضَّل بالترخيص للمسافِر والمريض والضعيف بالإفطار، ثم يَقضي في أيام أخرى، ثم يتحدَّد زمَن الصوم تحديدًا واضحًا، فتذكر الآيات أنَّ هذا الزمن هو شهْر رمضان مِن كل عام، ثم تتجلَّى رحمة الله بتَكْرار ذِكر الرخصة للمسافِر والمريض تأكيدًا لتلك الرُّخصة، وإعلانًا بأنَّ اللَّه سبحانه رحيمٌ بعباده، لا يُريد بهم العنَتَ والمشقَّة والتعذيب، وإنَّما يُريد الخير واليسر والرحمة، ثم ينقطع سياقُ الحديث عن الصوم رغمَ أنَّ له بقيةً؛ ليقول الله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ‏ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ‏ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].






وفي هذه الآية التفاتٌ عن مخاطبة المؤمنين بأحكام الصِّيام إلى خِطاب الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - لنعلم الأمَّة ما يَنبغي أن تراعيَه في هذه العِبادة من الطاعة والإخلاص والتوجُّه إلى الله وحْده بالدُّعاء؛ لأنَّه سبحانه وحده الجديرُ بالإجابة، وتضَع الآية شروطًا ثلاثةً لإجابة الله دُعاءَ مَن يدعوه؛ أولها: أن يُعلن صاحب الحاجة عن حاجتِه بالتوجه إلى الله وحْدَه بالضراعة والدعاء، وهذا التوجُّه في حدِّ ذاته بالفزَع إلى الله وحْده، إنَّما هو براءةٌ معلَنة مِن قوَّة كلِّ قوي، ومن حوْل كلِّ ذي جاه أو سُلطان إلى حول الله وقوَّته، أو بعبارة أخرى: فإنَّ هذا التوجه لله وحده إنَّما هو قمَّة التوحيد أو قِمَّة العبادة كما يقول الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الدُّعاءُ هو العِبادة))، وهذا الشرط هو ما يُعبِّر عنه القرآن بكلمتي: ﴿ إِذَا دَعانِ ﴾، ثم يأتي بعدَ ذلك الشرْط الثاني: ﴿ فَلْيَسْتَجِيبوا لي ﴾، وهو توجيهٌ إلى أنَّ الدعاء لا يُقبل حتى لو توجَّه به صاحبُه إلى الله ما لم يكُن مستجيبًا لله منفذًا لأوامره، مجتنبًا لنواهيه، ملتزمًا بشرعه وسُنَّة نبيِّه، والاستجابة هنا سلوكٌ ظاهري يُترجِم عن التزام العبد بتنفيذ أوامر الله، وأداء ما افترَضه عليه مِن عبادات، وربَّما أدَّى الإنسان كلَّ ذلك، ولكنَّه لم يكُن مخلصًا في أدائه، بمعنى أنَّه كان يؤدِّيها ليقال بيْن الناس: إنَّه طائع وأنه تقِي؛ ولهذا يأتي الشرْط الثالث لينقي العملَ مِن كل رِياء وغِش ونفاق، في قوله تعالى: ﴿ وَلْيُؤمِنُوا بي ﴾؛ أي: وليثقوا كلَّ الثقة في وُعودي، ولتكُن عبادتهم خالصةً لي حتى يكونوا جديرين إذا ما فزِعوا إليَّ بإجابة دُعائهم، وبهذا المعنى نصِل إلى أنَّ الصائم الذي يصوم إيمانًا واحتسابًا لله ربِّ العالمين، ممتثلاً لأوامره، تتحقَّق فيه الشروطُ الثلاثة فهو بهذه المثابة مستجابُ الدعاء.





واجب المسلمين في رمضان:


بعدَ هذين المعنيين اللَّذين أشرتُ إليهما يَنبغي ألا يتَّخذ الصائم من صيامه فرصةً للإهمال والتراخِي، ومبررًا للنِّزاع والاحتكاك، فإنَّ مِن شأن ذلك وجودَ الفرقة والبُغض والكراهية بيْن صفوف المسلمين.





وواجبنا إذًا في شهر رمضان أن يتذكَّر كلُّ واحد مِن أفراد الأمَّة الإسلاميَّة أنَّه عضو فيها، وأنَّ شعار الإسلام هو أن يكون مؤديًا لفرائض دِينه، وفي مقدِّمة هذه الفرائض الصوم، وليراجع كلُّ واحد منَّا في يومه هذا ما يتردَّد في نفسه من عوامِل الإقدام على الصوم وعوامِل الإحجام عنه، وسيعلم بعدَ هذه المراجعة أنَّ عوامل الإحجام عنِ الصوم ترجِع إلى ضَعْف العزيمة، وسيطرة إغراء الشهوة على النفْس، وليس بإنسانٍ ناجِح في الحياة مَن تضعُف عزيمته أمامَ الإمساك عن بعض ما يشتهي فترةً من الوقت، وليستْ هذه بأمَّة تقِف في وجه الشدائد والأزمات تلك التي يضعُف أفرادها أمامَ ما يُغري النفس مِن مأكل أو مشرَب بياضَ نهاره.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 24-04-2021, 07:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

مبارك عليك الشهر [20]



أ. محمود توفيق حسين








عندما يهلُّ شهر رمضان المبارك، وقد دخلتِ زمنه بقلبك المَمرور
وتستغلين رفع كل آذانٍ للدعاء على آخر من خاصمتِ من الأهل
وتطلبين من الله كذلك أن يحرقَ قلب امرأةٍ على ابنها
لأنه تراجع عن خطبة ابنتك، وخطب بنت جارةٍ أخرى، وهي أمه التي رحبت بالتبديل
وأن يقعد للجارة ما فعلتْ في ابنتها، فيتركها العريس وتعنس بجانب أُمِّها
لأنها سألت عن ابنتك من أهل هذا العريس، فقالت عنها: إنها بنتُ حلال، ولكن تغور من وجه أمها الصعبةِ الحقود.. حتى خطب ابنتها بدلاً من ابنتك
ويأتيك خبرُ قريبتك التي تشاجرت معها منذ سنواتٍ في البلدة بأن السكَّر قد تسبب في بَترِ رجلها
فتستبشرين.. وتهزين رأسك مسرورة
وتقولين: أنا طيبة، وقد استجاب الله لي
وترسلين لها في رمضان مع امرأةٍ ذاهبةٍ إلى البلد: أنَّ هذا ذنبها فيكِ وقد خلص!!
لا تفكِّري بأنه يحل للناس الدعاء على من يظلمونهم، وهذه أيام (مُفترجة) يجب أن تُستغل في ذلك
بل فكِّري في أنها الأيام المناسبة لنرتاح قليلاً من أحقاد المرارة وسوادِ القلوب
ونبدأ في مراجعة أنفسنا، فلعلَّ طبعك المعروف هو الذي ذهب بالعريس وليس كيد النساء
ولعل قريبتك تجزى خيراً بالصبر، وتُجزين شرًّا بالشماتة
فكِّري بأنه لا يجوز أن ننشغل بالدعاء على الآخرين عن الدعاء لأنفسنا ولعامة المسلمين
فكري في أنه (لاَ يَزَالُ يُستَجَابُ لِلعَبدِ مَا لَم يَدعُ بإثمٍ أو قَطِيعَةِ رَحِم).


مبارك عليك الشهر
وقد خرجتِ منه سموحاً





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25-04-2021, 02:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

ليلك في رمضان

وصال تقة










قال الحافظ ابن رجب: (واعلم أن المؤمنَ يجتمع له في شهر رمضان جهادانِ لنفسه: جهاد بالنِّهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمَع بين هذين الجهادين وُفِّي أجرَه بغير حساب).





ليلك.. ذاك البهيم الذي اعتاد جسدك أن يبحرَ في أعماق حلكتِه، ويتجرد من عقل قد كان طول اليوم سابحًا سبحًا طويلاً بين ركام الطمع والحرمان، يركض ركض الخائفين خلف قصاصات الأحلام، ويقف طويلاً على أطلال خلَّفتها الخيبات..، ها قد جاءك شهر الأنوار يُسَرِّجه، يملأ جنباته مسكًا فواحًا يعطره القرآن، ولؤلؤًا نداحًا تُثوِّره الأجفان..





دخن كثيف ذاك الذي يحجب قلبك عن زخات النور.. وطين لازب ذاك الذي يثقل جسدك المتهاوي على حافَات المتعة والانهماك وبراثن الوجع العميق.. آسِن قد صار من طول المكث في مستنقعات الحياة..





فانفُضْ عن عينيك الوسن، وقُمْ عانق الصفاء والنقاء، وامتزج مع السكون كي يغرد قلبك الحزين دعوة صادقة موشاة بدمع بريء.. دعوة يسجد فيها قلبُك سجود الشاكرين الطامعين في خزائن رحمة وجُودِ ربِّ رحيم كريم جَوَاد.. يغتسل فيها القلب قبل العين من أدران سوء الظن، ومن شُحِّ المجبولة على التقتير.. وتسرح الرُّوح الظَّمأى في ملكوت مجيب الدعوات، جاعل تواتر الفرج والشدة سنَّة كونية تقلبها بين الصبر والشكر، وتشحذها بالرجاء واليقين وحسن الظن بالله وبما عند الله..






ومضة:


إن عافت نفسك الدنيا وتلظَّت بجحيم الحياة، فاعرج بها إلى أبواب القائل سبحانه: ((من يدعوني فأستجيبَ له، من يسألني فأُعطيَه، من يستغفرني فأغفرَ له))، واسرِ بها بقِطع من الليل تعانق النقاء، ولا تلتفت إلا وأنت على الحوض تغرف غرفة لا تظمأ بعدها أبدًا.. أو على باب الريَّان بفضل كريم منان..


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25-04-2021, 02:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

وسائل الإعلام

الرائي (التلفزيون)


د. فهمي قطب الدين النجار
الجريمة:

لذلك هاجَم كثير من العلماء (التلفزيون)، أو بالأصح البرامج التلفزيونيَّة المملوءة بالعنف واللصوصيَّة، وتمجيد المُجرِمين وتلميع وجوههم وسلوكهم، ومنهم (ستيفن بانا) الطبيب النفسي والأستاذ بجامعة كولومبيا؛ إذ يقول: "إذا كان السجن هو جامعة الجريمة، فإن التلفزيون هو المدرَسة الإعدادية لانحِراف الأحداث".
ويؤكِّد (جير هارد كلوسترمان) ذلك، فيقول: "إن تأثير التلفزيون وما ينشأ عنه من إيحاءات للطفل أمر خطير جدًّا في حالة الطفل المعوَّق، وهو عادة طفل عُدواني قوي، شرس، يَشعُر بالإحباط، ويتأثَّر بأفلام العنف تأثُّرًا مُباشِرًا، وعندما يُصاب الطفلُ بالإحباطِ ويشعُر بخيبة الأمل لعجزِه عن الحصول على ما يَعرِضه عليه التلفزيون، أو يفعل ما يفعله الآخرون، فإنه يُصاب بالتوتُّر والقلق؛ مما يؤدي مِن ثَمَّ إلى الانحراف.
وتوضِّح دراسات العالم الفرنسي (جان حيرو) أسباب سوء التكيُّف بين المُنحرِفين في باريس، ويرجع هذه الانحرافات إلى مُشاهَدة أفلام العُنف.
ويرى علماء الاجتماع أن التلفزيون يُشيع في النشء حبَّ المغامرة والتحرُّر مِن القيود، والاتصال بعالم الكبار، كما يقوِّي ميولَهم بأن يُصبِح لهم كِيان، ولكنهم يرون أيضًا أن التطرُّف بالمشاهدة قد يؤدِّي إلى الانحِراف[7].
وقد ثبَت مِن دراسات العلماء (أن أفلام العنْف والمغامرة والأفلام البوليسيَّة) تُخيف الأطفالَ وتُروِّعهم، حتى إن بعضهم يُحاول مغادرة المكان، والبعض الآخر يُصاب بالغثَيان، والبعض يُصاب بأمراض نفسيَّة كالتبول (اللاإرادي)، أو حالات الذُّعر والكابوس في أثناء النَّوم.
وتدلُّ الإحصاءات الأخيرة التي أُجريَت في إسبانيا أن 39% من الأحداث المُنحرِفين قد اقتبَسوا أفكار العنف من مشاهدة الأفلام والمسلسلات والبرامج العدوانيَّة، التي تدور أحداثها حول ارتكاب الجرائم، وطُرُق الاعتداء على الناس.
ويُدلِّل العلماء على آرائهم هذه بأمثلة كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر: في مدينة (بوسطن) الأمريكية رسَب طفل عمره 9 سنوات في مُعظَم مواد الدراسة، فاقترح على والده أن يُرسِل صندوقًا من الحلوى المسمومة إلى المدرسة، وعندما استوضحَه والده ذلك، قال: إنه أخَذَ الفِكرة من برنامج تلفزيوني.
في مدينة بون الألمانية قامت فتاتان في الثانية عشرة من عُمرهما بقتل صبي غريب عنهما، اتضح للمحقِّق في هذه الجريمة أنهما شاهدتا في اليوم السابق لارتكاب الجريمة فيلمًا تلفزيونيًّا، انتهى بجريمة قتل ضد نجم الفيلم.
ومِن أحدث ما ذُكِر في هذا المجال أن طفلاً فرنسيًّا عمره خمس سنوات أطلق رصاصة على جار له عمره سبع سنوات وأصابه إصابة خطيرة، بعد رفض الأخير أن يُعطيه قطعة من اللبان، وقد ذكَر الطفل في أقواله للشرطة أنه تعلم كيف يَحشو بندقية والده عن طريق مُشاهَدة الأفلام في التلفزيون[8].
ونسأل: ما التفسير النفسي لتأثير التلفزيون على الأطفال في مجال أعمال العنف أو غير ذلك من التأثيرات السلوكية؟ وقد توصَّل العلماء إلى أن للتقليد والمُحاكاة تأثيرها على الطفل أو الناشئة؛ فعندما يَعرِض التلفزيون شخصيات مُعيَّنة، ويُبيِّن مشاعرَهم، ويُقدِّم قيمَهم بشكل درامي، فإن الأطفال مُستعدُّون لاستيعاب الأفكار والقيم عاطفيًّا، ففي المسلسلات التلفزيونية نُلاحِظ أن الشرير أو الوغد يَحصُل على كافَّة المزايا؛ الأرض والمال والمنازل والحدائق والنساء، وكل هذا نتيجة لاعتداءاته وغلظته، فالنمط السلوكي البراق هو النمط المُعادي للجميع.
ويذهب بعض علماء النفس أيضًا إلى أن المسلسلات العنيفة والبرامج (البوليسيَّة)، تَخلق في النشء شُعورًا بالبلادة وعدم المبالاة، ويَنجُم عن ذلك نوع مِن الشلل في الإحساس، والقيام بردود أفعال غليظة بعيدة عن أي شفقَة أو تَعاطُف[9].
وهكذا، فإن التلفزيون أصبحَ في مُعظم الدول مجرد جهاز ناقل لإنتاج فني ضَعيف هابط تتخلَّله إعلانات جذابة ومُثيرة للغرائز، ويذهَب بعضُهم إلى القول بأن الناس لا يأخُذون هذه البرامِج وهذه الإعلانات مأخَذَ الجِدِّ؛ وإنما يَنظُرون إليها على أنها مجرَّد تسلية، غير أن علماء النفس يؤكِّدون مِن ناحية أخرى أن ما لا يأخُذُه الناس مأخذ الجِد هو الذي يؤثِّر أبلغ الأثر، فليس الترفيه التلفزيوني بأمر ثانوي يُمكن أن نُهمِله أو نهوِّن من شأنه، فمثل التلفزيون كمثل الماء والنار، له جاذبية وسحر؛ لأنه يتحرك ويؤثِّر ويسحر ويَخلب الألباب، ويجعل الناس يُشاهِدون ما يُعرَض على شاشاته، وهنا تَكمُن الخطورة[10].
وفي دراسة لسلبيات التلفزيون في البلاد العربية، كان نتيجة الاستبيان الذي توصَّل إليه الباحث كما يلي[11]:
يؤدي التلفزيون إلى انتشار الجريمة والعنف
41%
يؤدي التلفزيون إلى انتشار ضعْف الإبصار
64%
يؤدي التلفزيون إلى انتِشار شيوع الرذيلة
41%
يشغل المُشاهِدين عن المطالَعة والقراءة
64%
يشغل التلاميذ عن الاستِذكار
63%
يؤدي إلى شيوع أساليب النصْب والاحتيال
47%
يؤدي إلى تقييد حركة الجسم وحِرمانه من الرياضة
44%
يؤدي إلى السلبيَّة والكسَلِ والتراخي
46%
بالنسبة لأفراد المجتمع يضرُّ أكثر مما ينفَع
72%


ونتيجة لهذه الدراسات العلمية؛ فإن كثيرًا من العائلات الغربية لا تَملِك جهاز تلفزيون في البيت رغم أن اقتناء هذا الجهاز أصبح اليوم في متناول الجميع، أما الذين لا يستطيعون الاستغناء عنه، فإنهم في الوقت نفسه يتعاملون معه بكثير من الصرامة، فيَختارون برامجَهم، ويُعلِّمون أطفالهم أن يتعاملوا معه بنفس الطريقة، بل تجري العادة اليوم أن يأوي الطفل الغربي إلى فراشه في ساعة مُبكِّرة، بغضِّ النظر عن وجود جهاز تلفزيون أو عدم وجودِه.
وفي عام 1977م ظهر كتاب ذو أهمية في الأسواق الأمريكية من تأليف (ماري وين) وقد أسمته (المُخدِّر الكهربي)، وكان سببًا لضجة كبيرة عند الآباء وعلماء النفس والمربين؛ لقد أكَّد الكِتاب أن مشاهدة الأطفال للتلفزيون تُسبِّب عندهم نوعًا من الإدمان، وأنها تُحوِّل جيلاً كاملاً منهم إلى أشخاص من (الزومبي) - أي الذي دخلت أجسامهم قوة خارقةً فصارَت تتحرَّك من خلالهم - يتميَّزون بالسلبية وعدم التجاوب، ولا يَستطيعون اللعب والابتِكار، ولا يستطيعون حتى التفكير بوضوح[12].
وفي دراسة حديثة لتأثير التلفزيون للمُؤلِّفة السابقة وآخرين، تقول بأن الأطفال الذين يُشاهِدون كثيرًا التلفزيون يُبدون تدهورًا واضحًا في الذاكرة والقُدرة على التعليم بطريقة صحيحة لاستيعاب اللفظ والكلام المكتوب، وربما دخلْنا في العصر الذي تُحشى فيه المعلومات مباشرة إلى العقل الباطن عند الجَميع[13].
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 25-04-2021, 02:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

هل صمت حقًّا؟!


د. خاطر الشافعي


الليلة الرابعة والعشرون من ليالي شهر رمضان المبارك، وقد أوشك الشهر على الانقضاء، وأحاديث شتى تضرب رأس الرجل بلا هوادة، وما بين اللحظة الحاضرة وما سبقها أيقن الرجل أنه في موضع حساب، ولا بد له من الإجابة قبل أن تتسرب بقية الليالي المباركة!

داهمه السؤال الأكبر:
هل أنا صائمٌ حقًّا؟! ومن رَحِمِ السؤال الأكبر سالت شلالات الأسئلة، وسال دمعه وعرقه؛ فهو يدرك أن حكمة الحق سبحانه وتعالى من فريضة الصوم، ليست فقط الامتناع عن الأكل والشرب، بل تتعداها إلى الصوم عن الحرام بكل أشكاله وألوانه، وليس هذا فقط، بل ترويض النفس والجسد، ومعايشة حالة الفقير والمحتاج، وبذل الخير بكل صوره وبشتى الوسائل، فجاءت الأسئلة الملتهبة تنتظر منه الإجابة:
1- هل صمت عن الشراب، وشربت من عرق غيرك فلم تعطه حقه؟!

2- هل صمت عن الطعام، وأكلت لحوم الناس بالغِيبة والنميمة؟!

3- هل صمت عن الوطء، واختلست النظر لما لا يحل لك؟!

4- هل صمت عن حب المال حبًّا جمًّا، ولم تتصدق؟!

5- هل صمت عن قول الزور، ولم تشهد شهادة حق فكنت شيطانًا أخرس؟!

6- هل صمت عن اللغو، ولم تقرأ القرآن؟!

7- هل قرأت القرآن، ولم تعمل به؟!

8- هل صمت عن الغرور، ولم تغرك الدنيا؟!

9- هل صمت عن الكِبْر، ولم تتواضع مع الخلق؟!

10- هل صمت عن الكبيرة، ولم تؤرقك الصغيرة؟!

11- هل صمت عن قطع الرحم، ولم تصل رحمك؟!

12- هل صمت عن البخل، ولم تنفق من مالك الحلال؟!

13- هل صمت عن الرياء، ولم تتوقف عن المداهنة؟!

14- هل صمت عن التسويف، ولم تتوقف عن إضاعة الفرص؟!

15- هل صمت عن الكذب، ولم تتحدث صدقًا وعدلاً؟!

16- هل صمت عن الظلم، ولم تنصر من استنصرك؟!

17- هل صمت عن إيذاء جارك، ولم تحسن إليه؟!

18- هل صمت عن الخصام، ولم تصالح من خاصمت؟!

19- هل صمت عن الجلوس في الطرقات، ولم تزل تؤذي الناس؟!

20- هل صمت عن القسوة، ولم تضحك في وجه يتيم؟!

21- هل صمت عن الخيانة، ولم ترد الأمانة؟!

22- هل صمت عن نقض العهود، ولم تفِ بالوعود؟!

23- .....

24- .....

25- وكثيرة هي الأسئلة، والرجل يكاد يذهل من ضعف بعض إجاباته، ولم يزل كذلك حتى داهمه الوقت، وحان سحور الليلة الحادية والعشرين، فتناوله وعلى عاتقه كشف حساب الليالي السابقة، وأدرك أنه لا بد من المبادرة في تقوية إجاباته في العشر الأواخر من الشهر المبارك، عساه يكون من الفائزين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 188.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 182.63 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (3.10%)]