|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() تَّفْسِيرِ (الْجَامِعِ لِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ ، وَالْمُبَيِّنِ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ السُّنَّةِ وَآيِ الْفُرْقَانِ ) الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُرْطُبِيُّ المجلد (20) سُورَةُ الناس من صــ 255 الى صــ264 الحلقة (781) الراكس : بطن الوادي. وكذلك هو في قول النابغة : أتاني ودوني راكس فالضواجع والراكس أيضا : الهادي ، وهو الثور وسط البيدر ، تدور عليه الثيران في الدياسة. وقيل : الرحم تنقلق بالحيوان. وقيل : إنه كل ما انفلق عن جميع ما خلق من الحيوان والصبح والحب والنوى ، وكل شيء من نبات وغيره ؛ قاله الحسن وغيره. قال الضحاك : الفلق الخلق كله ؛ قال : وسوس يدعو مخلصا رب الفلق ... سرا وقد أون تأوين العقق قلت : هذا القول يشهد له الاشتقاق ؛ فإن الفلق الشق. فلقت الشيء فاقا أي شققته. والتفليق مثله. يقال : فلقته فانفلق وتفلق. فكل ما انفلق عن شيء من حيوان وصبح وحب ونوى وماء فهو فلق ؛ قال اللة تعالى : {فالِقُ الإصباحِ} قال : {فالِق الحَبِّ والنَّوَى} وقال ذو الرمة يصف الثور الوحشي : حتى إذا ما انجلى عن وجهه فلق ... هاديه في أخريات الليل منتصب يعني بالفلق هنا : الصبح بعينه. والفلق أيضا : المطمئن من الأرض بين الربوتين ، وجمعه : فلقان ؛ مثل خلق وخلقان ، وربما قال : كان ذلك بفالق كذا وكذا ؛ يريدون المكان المنحدر بين الربوتين ، والفلق أيضا مقطرة السجان. فأما الفلق (بالكسر) : فالداهية والأمر العجب ؛ تقول منه : أفلق الرجل وأفتلق. وشاعر مفلق ، وقد جاء بالفلق (أي بالداهية) . والفلق أيضا : القضيب يشق باثنين ، فيعمل منه قوسان ، يقال لكل واحدة منهما فلق ، وقولهم : جاء بعلق فلق ؛ وهي الداهية ؛ لا يجرى (مجرى عمر) . يقال منه : أعلقت وأفلقت ؛ أي جئت بعلق فلق. ومر يفتلق في عدوه ؛ أي يأتي بالعجب من شدته. قوله تعالى : {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} قيل : هو إبليس وذريته. وقيل جهنم. وقيل : هوعام ؛ أي من شر كل ذي شر خلقه الله عز وجل. الخامسة- {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} اختلف فيه ؛ فقيل : هو الليل. والغسق : أول ظلمة الليل ؛ يقال منه : غسقا الليل يغسق أي أظلم. قال ابن قيس الرقيات : إن هذا الليل قد غسقا ... واشتكيت الهم والأرقا وقال آخر : يا طيف هند لقد أبقيت لي أرقا ... إذ جئتنا طارقا والليل قد غسقا هذا قول ابن عباس والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم. و "وقب" على هذا التفسير : أظلم ؛ قاله ابن عباس. والضحاك : دخل. قتادة : ذهب. يمان بن رئاب : سكن. وقيل : نزل ؛ يقال : وقب العذاب على الكافرين ؛ نزل. قال الشاعر : وقب العذاب عليهم فكأنهم ... لحقتهم نار السموم فاحصدوا وقال الزجاج : قيل الليل غاسق لأنه أبرد من النهار. والغاسق : البارد. والغسق : البرد ؛ ولأن في الليل تخرج السباع من آجامها ، والهوام من أماكنها ، وينبعث أهل الشر على العبث والفساد. وقيل : الغاسق : الثريا ؛ وذلك أنها إذا سقطت كثرت الأسقام والطواعين ، وإذا طلعت ارتفع ذلك ؛ قال عبدالرحمن بن زيد. وقيل : هو الشمس إذا غربت ؛ قاله ابن شهاب. وقيل : هو القمر. قال القتبي : "إذا وقب" القمر : إذا دخل في ساهوره ، وهو كالغلاف له ، وذلك إذا خسف به. وكل شيء أسود فهو غسق. وقال قتادة : {إِذَا وَقَبَ} إذا غاب. وهو أصح ؛ لأن في الترمذي عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى القمر ، فقال : "يا عائشة ، استعيذي بالله من شر هذا ، فإن هذا هو الغاسق إذا وقب" . قال أبو عيس : هذا حديث حسن صحيح. وقال أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن الأعرابي في تأويل هذا الحديث : وذلك أن أهل الريب يتحينون وجبة القمر. وأنشد : أراحني الله من أشياء أكرهها ... منها العجوز ومنها الكلب والقمر هذا يبوح وهذا يستضاء به ... وهذه ضمرز قوامة السحر وقيل : الغاسق : الحية إذا لدغت. وكأن الغاسق نابها ؛ لأن السم يغسق منه ؛ أي يسيل. ووقب نابها : إذا دخل في اللديغ. وقيل : الغاسق : كل هاجم يضر ، كائنا ما كان ؛ من قولهم : غسقت القرحة : إذا جرى صديدها. السادسة- قوله تعالى : {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} يعني الساحرات اللائي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها. شبه النفخ كما يعمل من يرقي. قال الشاعر : أعوذ بربي من النافثات ... في عضه العاضه المعضه وقال متمم بن نويرة : نفثت في الخيط شبيه الرقى ... من خشية الجنة والحاسد وقال عنترة : فإن يبرأ فلم أنفث عليه ... وإن يفقد فحق له الفقود السابعة- روى النسائي عن أبي هريرة قال : فال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من عقد عقدة ثم نفث فيها ، فقد سحر ، ومن سحر فقد أشرك ، ومن تعلق شيئا وكل إليه" . واختلف في النفث عند الرقي فمنعه قوم ، وأجازه آخرون. قال عكرمة : لا ينبغي للراقي أن ينفث ، ولا يمسح ولا يعقد. قال إبراهيم : كانوا يكرهون النفث في الرقي. وقال بعضهم : دخلت ، على الضحاك وهو وجع ، فقلت : ألا أعوذك يا أبا محمد ؟ قال : لا شيء من ذلك ولكن لا تنفث ؛ فعوذته بالمعوذتين. وقال ابن جريج قلت لعطاء : القرآن ينفخ به أو ينفث ؟ قال : لا شيء من ذلك ولكن تقرؤه هكذا. ثم قال بعد : انفث إن شئت. وسئل محمد بن سيرين عن الرقيه ينفث فيها ، فقال : لا أعلم بها بأسا ، وإذا اختلفوا فالحاكم بينهم السنة. روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث في الرقية ؛ رواه الأئمة ، وقد ذكرناه أول السورة وفي "الإسراء" . وعن محمد بن حاطب أن يده احترقت فأتت به أمه النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعل ينفث عليها ويتكلم بكلام ؛ زعم أنه لم يحفظه. وقال محمد بن الأشعث : ذهب بي إلى عائشة رضي الله عنها وفي عيني سوء ، فرقتني ونفثت. وأما ما روي عن عكرمة من قوله : لا ينبغي للراقي أن ينفث ، فكأنه ذهب فيه إلى أن الله تعالى جعل النفث في العقد مما يستعاذ به ، فلا يكون بنفسه عوذة. وليس هذا هكذا ؛ لأن النفث في العقد إذا كان مذموما لم يجب أن يكون النفث بلا عقد مذموما. ولأن النفث في العقد إنما أريد به السحر المضر بالأرواح ، وهذا النفث لاستصلاح الأبدان ، فلا يقاس ما ينفع بما يضر. وأما كراهة عكرمة المسح فخلاف السنة. قال علي رضي الله عنه : اشتكيت ، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أقول : اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني ، وإن كان متأخرا فاشفني وعافني ، وإن كان بلاء فصبرني. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "كيف قلت" ؟ فقلت له : فمسحني بيده ، ثم قال : "اللم اشفه" فما عاد ذلك الوجع بعد. وقرأ عبدالله بن عمرو وعبدالرحمن بن سابط وعيسى بن عمر ورويس عن يعقوب "من شر النافثات" في وزن (فاعلات) . ورويت عن عبدالله بن القاسم مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. وروي أن نساء سحرن النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى عشرة عقدة ، فأنزل الله المعوذتين إحدى عشرة آية. قال ابن زيد : كن من اليهود ؛ يعني السواحر المذكورات. وقيل : هن بنات لبيد بن الأعصم. الثامنة- قوله تعالى : {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} قد تقدم في سورة "النساء" معنى الحسد ، وأنه تمنى زوال نعمة المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها. والمنافسة هي تمني مثلها وإن لم تزل. فالحسد شر مذموم. والمنافسة مباحة وهي الغبطة. وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "المؤمن يغبط ، والمنافق يحسد" . وفي الصحيحين : "لا حسد إلا في اثنتين..." يريد لا غبطة وقد مضى في سورة "النساء" والحمد لله. قلت : قال العلماء : الحاسد لايضر إلا اذا ظهر حسده بفعل أو قول ، وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود ، فيتبع مساوئه ، ويطلب عثراته. قال صلى الله عليه وسلم : "إذا حسدت فلا تبغ..." الحديث. وقد تقدم. والحسد أول ذنب عصي الله به في السماء ، وأول ذنب عصي به في الأرض ، فحسد إبليس آدم ، وحسد قابيل هابيل. والحاسد ممقوت مبغوض مطرود ملعون ولقد أحسن من قال : قل للحسود إذا تنفس طعنة ... يا ظالما وكأنه مظلوم هذه سورة دالة على أن الله سبحانه خالق كل شر ، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ من جميع الشرور. فقال : {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} . وجعل خاتمة ذلك الحسد ، تنبيها على عظمه ، وكثرة ضرره. والحاسد عدو نعمة الله. قال بعض الحكماء : بارز الحاسد ربه من خمسة أوجه : أحدها : أنه أبغض كل نعمة ظهرت على غيره. وثانيها : أنه ساخط لقسمة ربه ، كأنه يقول : لم قسمت هذه القسمة ؟ وثالثها : أنه ضاد فعل الله ، أي إن فضل الله يؤتيه من يشاء ، وهو يبخل بفضل الله. ورابعها : أنه خذل أولياء الله ، أو يريد خذلانهم وزوال النعمة عنهم. وخامسها : أنه أعان عدوه إبليس. وقيل : الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامة ، ولا ينال عند الملائكة ألا لعنة وبغضاء ، ولا ينال في الخلوة إلا جزعا وغما ، ولا ينال في الآخرة إلا حزنا واحتراقا ، ولا ينال من الله إلا بعدا ومقتا. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ثلاثة لا يستجاب دعاؤهم : آكل الحرام ، ومكثر الغيبة ، ومن كان في قلبه غل أو حسد للمسلمين" . والله سبحانه وتعالى أعلم. سورة الناس مثل "الفلق" لأنها إحدى المعوذتين. وروى الترمذي عن عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم : "لقد أنزل الله على آيات لم ير مثلهن : {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} إلى آخر السورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} إلى آخر السورة" . وقال : هذا حديث حسن صحيح. ورواه مسلم. بِسْمِ اْللهِ اْلرَّحْمَنِ اْلرَّحِيمِ 1- {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} 2- {مَلِكِ النَّاسِ} 3- {إِلَهِ النَّاسِ} قوله تعالى : {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} أي مالكهم ومصلح أمورهم. وإنما ذكر أنه رب الناس ، وإن كان ربا لجميع الخلق لأمرين : أحدهما : لأن الناس معظمون ؛ فأعلم بذكرهم أنه رب لهم وإن عظموا. الثاني : لأنه أمر بالاستعاذة من شرهم ، فأعلم بذكرهم أنه هو الذي يعيذ منهم. وإنما قال : {مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ} لأن في الناس ملوكا يذكر أنه ملكهم. وفي الناس من يعبد غيره ، فذكر أنه إلههم ومعبودهم ، وأنه الذي يجب أن يستعاذ به ويلجأ إليه ، دون الملوك والعظماء. 4- {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} يعني : من شر الشيطان. والمعنى : من شر ذي الوسواس ؛ فحذف المضاف ؛ قال الفراء : وهو (بفتح الواو) بمعنى الاسم ؛ أي الموسوس. و(بكسر الواو) المصدر ؛ يعني الوسوسة. وكذا الزلزال والزلزال. والوسوسة : حديث النفس. يقال : وسوست إليهم نفسه وسوسة ووسوسة (بكسر الواو) . ويقال لهمس الصائد والكلاب وأصوات الحلي : وسواس. وقال ذو الرمة : فبات بشئزه ثاد ويسهره ... تذؤب الريح والوسواس والهضب وقال الأعشى : تسمع للحلى وسواسا إذا انصرفت ... كما استعان بريح عشرق زجل وقيل : إن الوسواس الخناس ابن لإبليس ، جاء به إلى حواء ، ووضعه بين يديها وقال : اكفليه. فجاء آدم عليه السلام فقال : ما هذا (يا حواء) قالت : جاء عدونا بهذا وقال لي : اكفليه. فقال : ألم أقل لك لا تطيعيه في شيء ، هو الذي غرنا حتى وقعنا في المعصية ؟ وعمد إلى الولد فقطعه أربعة أرباع ، وعلق كل ربع على شجرة ، غيظا له ؛ فجاء إبليس فقال : يا حواء ، أين ابني ؟ فأخبرته بما صنع به آدم عليه السلام فقال : يا خناس ، فحيي فأجابه. فجاء به إلى حواء وقال : اكفليه ؛ فجاء آدم عليه السلام فحرقه بالنار ، وذر رماده في البحر ؛ فجاء إبليس (عليه اللعنة) فقال : يا حواء ، أين ابني ؟ فأخبرته بفعل آدم إياه ؛ فذهب إلى البحر ، فقال : يا خناس ، فحيي فأجابه. فجاء به إلى حواء الثالثة ، وقال : أكفليه. فنظر ؛ إليه آدم ، فذبحه وشواه ، وأكلاه جميعا. فجاء إبليس فسألها فأخبرته (حواء) . فقال : يا خناس ، فحيي فأجابه (فجاء به) من جوف آدم وحواء. فقال إبليس : هذا الذي أردت ، وهذا مسكنك في صدر ولد آدم ؛ فهو ملتقم قلب آدم ما دام غافلا يوسوس ، فإذا ذكر الله لفظ قلبه وانخنس. ذكر هذا الخبر الترمذي الحكيم في نوادر الأصول بإسناد عن وهب بن منبه. وما أظنه يصح ، والله تعالى أعلم. ووصف بالخناس لأنه كثير الاختفاء ؛ ومنه قوله تعالى : {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ } يعني النجوم ، لاختفائها بعد ظهورها. وقيل : لأنه يخنس إذا ذكر العبد الله ؛ أي يتأخر. وفي الخبر "إن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا غفل وسوس ، وإذا ذكر الله خنس" أي تأخر وأقصر. وقال قتادة : {الْخَنَّاسِ} الشيطان له خرطوم كخرطوم الكلب في صدر الإنسان ، فإذا غفل الإنسان وسوس له ، وإذا ذكر العبد ربه خنس. يقال : خنسته فخنس ؛ أي أخرته فتأخر. وأخنسته أيضا. ومنه قول أبي العلاء الحضرمي - أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم : وإن دحسوا بالشر فاعف تكرما ... وإن خنسوا عند الحديث فلا تسل الدحس : الإفساد. وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم ، فإذا ذكر الله خنس ، وإذا نسي الله التقم قلبه فوسوس" . وقال ابن عباس : إذا ذكر الله العبد خنس من قلبه فذهب ، وإذا غفل التقم قلبه فحدثه ومناه. وقال إبراهيم التيمي : أول ما يبدو الوسواس من قبل الوضوء. وقيل : سمي خناسا لأنه يرجع إذا غفل العبد عن ذكر الله. والخنس : الرجوع. وقال الراجز : وصاحب يمتعس امتعاسا ... يزداد إن حييته خناسا وقد روى ابن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : {الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} وجهين : أحدهما : أنه الراجع بالوسوسة عن الهدى. الثاني : أنه الخارج بالوسوسة من اليقين. 5- {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} قال مقاتل : إن الشيطان في صورة خنزير ، يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق ، سلطه الله على ذلك ؛ فذلك قوله تعالى : {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم" . وهذا يصحح ما قاله مقاتل. وروى شهر بن حوشب عن أبي ثعلبة الخشني قال : سألت الله أن يريني الشيطان ومكانه من ابن آدم فرأيته ، يداه في يديه ، ورجلاه في رجليه ، ومشاعبه في جسده ؛ غير أن له خطما كخطم الكلب ، فإذا ذكر الله خنس ونكس ، وإذا سكت عن ذكر الله أخذ بقلبه. فعلى ما وصف أبو ثعلبة ، أنه متشعب في الجسد ؛ أي في كل عضو منه شعبة. وروي عن عبدالرحمن بن الأسود أو غيره من التابعين أنه قال - وقد كبر سنه - : ما أمنت الزنى ، وما يؤمنني أن يدخل الشيطان ذكره فيوتده! فهذا القول ينبئك أنه متشعب في الجسد ، وهذا معنى قول مقاتل. ووسوسته : هو الدعاء لطاعته بكلام خفي ، يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع صوت. 6- {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} أخبر أن الموسوس قد يكون من الناس. قال الحسن : هما شيطانان ؛ أما شيطان الجن فيوسوس في صدور الناس ، وأما شيطان الإنس فيأتي علانية. وقال قتادة : إن من الجن شياطين ، وإن من الإنس شياطين ؛ فتعوذ بالله من شياطين الإنس والجن. وروي عن أبي ذر أنه قال لرجل : هل تعوذت بالله من شياطين الإنس ؟ فقال : أو من الإنس شياطين ؟ قال : نعم ؛ لقوله تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ} ... الآية. وذهب قوم إلى أن الناس هنا يراد به الجن. سموا ناسا كما سموا رجلا في قوله : وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ - وقوما ونفرا. فعلى هذا يكون {وَالنَّاسِ} عطفا على {الْجِنَّةِ} ، ويكون التكرير لاختلاف اللفظين. وذكر عن بعض العرب أنه قال وهو يحدث : جاء قوم من الجن فوقفوا. فقيل : من أنتم ؟ فقالوا : ناس من الجن. وهو معنى قول الفراء. وقيل : الوسواس هو الشيطان. وقوله : {مِنَ الْجِنَّةِ} بيان أنه من الجن {وَالنَّاسِ} معطوف على الوسواس. والمعنى : قل أعوذ برب الناس من شر الوسواس ، الذي هو من الجنة ، ومن شر الناس. فعلى هذا أمر بأن يستعيذ من شر الإنس والجن. والجنة : جمع جني ؛ كما يقال : إنس وإنسي. والهاء لتأنيث الجماعة. وقيل : إن إبليس يوسوس في صدور الجن ، كما يوسوس في صدور الناس. فعلى هذا يكون {فِي صُدُورِ النَّاسِ} عاما في الجميع. و {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} بيان لما يوسوس في صدره. وقيل : معنى {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ} أي الوسوسة التي تكون من الجنة والناس ، وهو حديث النفس. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن الله عز وجل تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به" . رواه أبو هريرة ، أخرجه مسلم. فالله تعالى أعلم بالمراد من ذلك. ![]() تم الانتهاء من النقل يوم الإثنين 14 يوليو 2025 ميلادي - 19 محرم 1447 هجري
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |