|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() دعوة إبراهيم عليه السلام لأبيه (2) الرهواني محمد الخطبة الأولى إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، صلوات ربي وسلامه عليه. معاشر الصالحين: مازلنا نعيش في رحاب المشهد الأول، من الدرس الأول: منهج إبراهيم عليه السلام في الدعوة إلى الله. وكما رأينا في الجمعة الماضية، إبراهيم الخليل سلام الله عليه في الأولين والآخرين يحاور أباه في محاولة ملؤها العطف والحنان، لإخراجه من ظلمات الجهل والكفر إلى نور العلم والإيمان، فبدأ الحوار بألطف العبارات التي ينطق بها ابن بار عند ندائه لأبيه ![]() بدأ بندائه الرقيقِ عسى أن يلمس قلب أبيه، فيحركَ مشاعرَه ويوجه وجدانَه نحو معرفة الحق والإقرار به واتباعه، فبين له أن هذه الأصنام التي يعبدها ويتقرب إليها من دون الله لا تنفع ولا تضر: ï´؟ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ.... ï´¾ [مريم: 42]، ثم تابع خطابه لأبيه بأدب ووقار: ï´؟ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ ï´¾ [مريم: 43]، فهو لا يتكلم مع أبيه باستعلاء واستكبار، ولا يستخدم اللفظ الغليظ، ولا الكلمات القاسية الجافة الجارحة، ولم يقل لأبيه: أنا عالم وأنت جاهل لا علم عندك أو أنك ضال، بل عدل إلى ألطف عبارة فقال: ï´؟ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ï´¾ [مريم: 43]، أي طريقا مستقيما موصلا إلى نيل المطلوب، والنجاة من المرهوب، وذلك بعبادة الله وحده لا شريك له، وطاعته في جميع الأحوال،.. ثم يعيد خطابه (يا أبت) بأسلوب المحبة والعطف واللين، استجلابا لدواعي الاستجابة لدى أبيه، وليشعره بالقرب، وأن الدافع هو محض المحبة وإرادة الخير له. ï´؟ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ï´¾ [مريم: 44]، وهنا نقله إلى أمر أعظم، ليصور له شناعة فعله فقال: ï´؟ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ï´¾، لا تطع الشيطان وتنساقُ وراء إضلاله في عبادتك لهذه الأصنام، فهو الداعي لعبادتها، والبعدِ عن هدى الله المبين، وصراطه المستقيم، فمن أطاع الشيطان فقد خالف وعصى أوامر الرحمن، وصار وليا للشيطان في الدنيا والآخرة، وهذه هي الخسارة العظمى. فمن يرضى أن يطيع الشيطان ويتخذه وليا من دون الله، وربنا جل جلاله يقول: ï´؟ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ï´¾ [النساء: 119]؟ ويقول: ï´؟ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا ï´¾ [النساء: 38]؟ من يرضى بعبادة الشيطان، والله يقول: ï´؟ إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ï´¾ [الكهف: 50]... فالعاقل لا يتبع خطواتِ عدوٍّ نهى الله عن اتباعها، بالأحرى طاعتُه والانسياقُ وراء وساوسه وإغوائه، قال ربنا سبحانه: ï´؟ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ï´¾ [البقرة: 168]، بل أمر سبحانه باتخاذ الشيطان عدوا، فقال: ï´؟ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ï´¾ [فاطر: 6]... فمن عادى الشيطان وحاربه مستعينا عليه بالله سلِم، ومن وافقه واتخذه وليا وقرينا وسار في طرقه المتفرقة المتشعبة، خاب وخسر وندِم... ولكن رغم التحذيرات التي جاءتنا من عند الله العلي القدير، ورغم العهد الذي عهد الله به لبني آدم بصفة عامة فقال سبحانه: ï´؟ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ï´¾ [يس: 60 - 62]. رغم ذلك، مأساة تعيشها الأمة تتمثل في ظاهرة طفت منذ سنين، لا أقول في أمريكا ولا أوروبا، وإنما في بلدنا المغرب، بلدُ المجاهدين الأحرار... ظاهرة خبيثة تتمثل في قوم يعبدون الشيطان اللعين، وهذه الظاهرة قديمة في تاريخها ولكنها جديدة على مسامع الكثير منا.. مأساة مُروِّعة تُؤْلم قلوبَ الغيورين الصادقين، الذين تتقطع قلوبهم حسرات على أحوال هذه الأمة المستضعفة، هذه الأمة التي يتكالب عليها الأعداء من شتى أقطار الأرض حتى لا تقوم لها قائمة، وذلك بالقضاء على شبابها، بل على سواعدها التي يعول عليها بعد الله في بناء صرح هذه الأمة!!! فمن هم هؤلاء القوم: هم قوم لا يؤمنون بالله ولا بالآخرة، اتخذوا الشيطان لعنه الله معبودا، ونصَّبوه إلها يتقربون إليه بأنواع القربات، واخترعوا لهم طقوسا سموها عبادات يخطبون بها وُدَّه، ويطلبون رضاه. لهم رموز وشعارات معينة، فهم يعشقون اللون الأسود، ويستخدمونه في معظم أمورهم، في ملابسهم وعلى أجسادهم، وفي بيوتهم وطقوسهم... ومن شعاراتهم: الصليب المقلوب، والصليب المعقوف، والجمجمة، والنجمة الخماسية، والنجمة السداسية، والأفعى المحيطة بالكرة الأرضية، ورأس الكبش، ولهم رموز وإيحاءات جسدية معيَّنة، يتعارفون بها فيما بينهم، ولهم تسريحات شعر معينة، ويلبسون أساور وقلادات وأقراطاً وسلاسل ذات أشكال معينة. معتقدات عبدة الشيطان تَرتكِز على اعتبار الشيطان هو صاحب القوة الأعظم في هذا الكون، وأنه هو الذي يستحق العبادة، لأنه يُحلِّل لهم كل المحرمات التي تُحرمها عليهم الأديان السماوية، وأن هذه الحياة ما وُجدت إلا للملذات والشهوات، فعليهم أن ينغمسوا فيها ويَغرفوا منها بأكبر قدر ممكن بكل الوسائل دون قيود أو ضوابط، لذلك فهم يُغرقون أنفسهم في مستنقع المُخدرات والمسكرات والزنا بكل أشكاله وتلويناته بشكل فظيع.. ومقابل ما يَمنحهم الشيطان من ملذات وشهوات، فإنهم يبيعون أنفسهم للشيطان، ويُقدِّمون له القرابين البشرية والحيوانية، ويُقيمون له الطقوس التي فيها التمجيد له والتقديس والتعظيم، فيُنفِّذون أوامرَه وتعليماتِه، التي تُمثِّل قمة الكفر وقمة الإجرام في آنٍ واحد، فهي تمثِّل قمة الكفر، لأنهم يعبدون الشيطان، ويَكفرون بالله، ويستهزؤون بالأديان والأنبياء والرسل، ويُدنِّسون الكتب السماوية، وخاصة القرآن الكريم، وفي المقابل أيضا فإن عبادتهم للشيطان تمثل قمة الإجرام الذي عرفته البشرية عبر التاريخ، حيث يقومون بارتكاب أبشع أشكال الانحرافات الجنسية، فهم يبيحون ممارسة الجنس بين الذكور والذكور، وبين الإناث والإناث، وبين الذكور والإناث، ولا يجدون غضاضة في فعل الفاحشة حتى مع المحارم، وجثث الموتى أو الاعتداء على الآباء والأمهات والأبناء!! عقيدة فاسدة خبيثة، يقدمون العبادة للشيطان في طقوس شيطانية!! فهل يتصور أحد أن يصل الانحطاط بالبشرية إلى الحد الذي وصلت إليه بأن يتخذ بعض أفرادها الشيطان معبودا يتقربون إليه بأنواع الرذائل والقبائح؟ ولكن هؤلاء القوم - وأغلبهم من الشباب- ما وقعوا فيما وقعوا فيه، إلا بسبب غياب الوعي الديني والفراغ الكبير لديهم، والانحلالية والاختلاط، إلى جانب سلبية المجتمع بكل مكوناته، وفي عدم قيام الآباء بالواجب الأمثل تجاه أولادهم في التربية حسبما يتفق مع المنهج الصحيح الذي سار عليه الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم ومن تبعه وسار على هديه. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، محمد المبعوث رحمة للعالمين. ï´؟ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ï´¾ [مريم: 46]. بهذه الجهالة والقسوة تلقى الرجل الدعوة إلى الهدى وقابل القول المؤدب المهذب، وذلك شأن الإيمان مع الكفر، وشأن القلبِ الذي هذبه الإيمان، والقلبِ الذي أفسده الكفر والطغيان. قابل اللطف والتودد بالعنف والتهديد، إبراهيم عليه السلام يقول أربع مرات: يا أبت، وأبوه صامت لا يقول شيئا، ولما تكلم كأنه قال: إن لم تعجبك آلهتي وكنت لا تريد عبادتها ولا ترضاها فلا تتعرض لها بالتعييب، وإلا رجمتك، حتى تبتعد عني، فلا أكلمك ولا تكلمني طويلاً.. وهكذا شأن كل الجاحدين عبر تاريخ البشرية، يقابلون الرقةَ واللينَ بالغلظة والشدةِ والقسوة، ويصبُّون جام جهلهم وغضبهم على الدعاة المصلحين ويُلحقون بهم الأذى، ويبسطون إليهم ألسنتهم بالسوء، ويمدون إليهم أيديهم بالتعذيب والقتل..(فرعون مع موسى). فماذا كان رد إبراهيم عليه السلام؟ خليل الله عليه السلام يجيب أباه بجواب عباد الرحمن كلما خطابهم الجاهلون، حيث لم يشتم أباه ولم يقابله بما يكره بل صبر عليه وقال مخاطبا له: (سلام عليك) وهو جواب الحليم للسفيه، ï´؟ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ï´¾ [مريم: 47]. ♦ هذا الحوار الذي دار بين إبراهيم عليه السلام وبين أبيه آزر، فيه عظة وعبرة ودرس لكل من تصدر لدعوة الناس أو إصلاحِهم، فيه تعليم من العليم الخبير سبحانه للدعاة والمصلحين، فالدعاة إلى الله، لا بد أن يجدوا من يعارضهم ويستعلي عليهم، ويجهد نفسه من أجل صدهم ولو بالقمع العنيف... لا بد أن يَلْقَوا أذى كثيرا من السفهاء الذين اتخذوا أهواءهم آلهة...فلهؤلاء وهؤلاء يقول الداعية الحليم: سلام عليكم... وهذا هو طريق الدعوة إلى الله، بالعلم والحكمة، واللين والسهولة، والانتقال من مرتبة إلى مرتبة، والصبرِ على ذلك، وعدمِ السآمة منه، ومقابلةِ الشدة والغلظة بالصفح والعفو، والإحسانِ القولي والفعلي. ï´؟ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ï´¾ [النحل: 125].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |