شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4942 - عددالزوار : 2041095 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4516 - عددالزوار : 1310521 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1109 - عددالزوار : 129352 )           »          زلزال في اليمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 4844 )           »          ما نزل من القُرْآن في غزوة تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          أوليَّات عثمان بن عفان رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          القلب الطيب: خديجة بنت خويلد رضي الله عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          رائدة صدر الدعوة الأولى السيدة خديجة بنت خويلد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          طريق العودة من تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 23-07-2020, 11:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب الطهارة)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (40)

صـــــ334 إلى صــ346



وقوله رحمه الله: [مَسْحُ وَجْهِهِ]: المراد به: أنه بعد أن يضرب بيديه الأرض يمسح بهما وجهه؛
لظاهر التنزيل في قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ}،
وظاهر السُّنة في حديث عمّار رضي الله عنه قال:
[فَمَسحَ بِهِمَا وَجْهَه] والمسح بالوجه يقع بالكفّين تأسياً بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويُستثنى من ذلك أن يكون أقطع يد، أو مشلولها فحينئذ يمسح بيدهِ السّليمة الأخرى.
قوله رحمه الله: [ويَديهِ إلى كُوعَيْهِ]: أي: ويمسح يديه إلى كوعيه؛
وذلك لقوله تعالى: {وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} واليد: الأصل فيها أنها تطلق من أطراف الأصابع إلى المنكب، فكلّه يدٌ إلاّ ما خُص،
فتُخصُّ بالكفين بالدليل كما في قوله تعالى:
{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (1) فجاءت السُّنة وبينت محلّ القطع، فخصّصتْ اليدَ بالكفِّ، ولذلك قالوا إنما خصّصنا الكفين بالمسح؛
لظاهر حديث عمّارٍ رضي الله عنه قال: [فَمَسحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، وكفّيْهِ].
فدل على أن المراد باليدين في آية التيمم: الكفّان، فتكون السُّنة مبيّنةً للقرآن،
ويكون الكفّان: هما قدر الإجزاء، وما زاد على الكفين ليس بواجب، وما ورد من الأحاديث بالزيادة إن صحّ حُمِلَ على الكمال، لا على الفرض.
قوله رحمه الله: [وكَذَا التّرتِيبُ]: مراده: أن ترتيب أعضاء التيمم واجب، ولازم على سبيل الشرطية، وليس بتخييري، فلزومه في التيمّم، كلزومه في الوضوء، وعليه فيبدأ بمسح وجهه أولاً، ثم يمسح كفيه،
فالواو في قوله:
{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} تحمل على الترتيب كما في آية الوضوء: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ}
وقالوا -أيضاً-: إن البدل يأخذ حكم مُبْدله، فلما وقعت عبادة التيمم بدلاً عن الوضوء، والترتيب شرط في الوضوء، كذلك هو شرط في التيمم.
قوله رحمه الله: [والمُوالاةُ في حدثٍ أَصغَر]: والموالاة أي: تجب الموالاة، فبمجرد أن ينتهي من مسح وجهه يمسح كفّيه فلا يقع الفاصل بين مسح العضوين، فإذا وقع الفاصل أثّر كما يُؤثر في الوضوء، ودليل الموالاة في التيمّم قياسه على الوضوء لأنه بدله، والبدلُ يأخذ حكم مُبْدله.
قوله رحمه الله:
[في حدثٍ أصغَر]: في: للظرفيّة أي أن التيمم يكون في حدث أصغر،
وهو الوضوء فلو:
أن إنساناً إنتقض وضوءه ببول، أو غائط، أو ريح؛ فإنه يُجزيه أن يتيمم إذا استوفى شروط الرّخصة.
فالتيمم يشمل الحدث الأصغر والأكبر فلك أن تتيمم لحدث أصغر، وأكبر؛ وذلك لأن الله -جل وعلا- جعل التيمم بدلاً عن الطهارتين فقال بعد ذكره طهارة الحدث الأصغر في قوله -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} (2) قال سبحانه: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}
فبين طهارة الحدث الأكبر ثم قال:
{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} فدلّ على أن التيمم بدل عن الطهارتين الصغرى، والكبرى؛
لأن قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} راجع إلى الطهارتين المائيتين اللتين تقدمتا.
قوله رحمه الله:
[وتُشْترطُ النّيةُ لِما يَتَيممُ لهُ مِنْ حَدثٍ، أوْ غَيْرِه]: تشترط النية لصحة التيمم، وهذا يكاد يكون بالاتفاق حتى إن الحنفية سبق معنا في الوضوء، والغسل لا يرون النية فيهما،
ويقولون: يصحّ الوضوء، والغسل بدون نية،
لكن في التيمم قالوا:
لا بد فيه من النية.
والدليل على اشتراط النية:
أن التيمم عبادة، والأصل في العبادة النّية تمييزاً لها عن العادة،
كما قال تعالى:
{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}.
والدليل من السُّنة: قوله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين من حديث عُمَرَ رضي الله عنه:
[إِنما الأَعمالُ بالنياتِ] والوضوء، والتيمم عمل فدخل في هذا العموم، والنية شرط لصحته.
قوله رحمه الله:
[مِنْ حدثٍ]: عامّ أي: سواء كان ذلك في حدث أياً كان أصغر، أو أكبر، فإذا وجدت هذه النية فيه صح تيممه، وأجزأه، أما لو عزبت عنه وضرب يديه بالأرض، ويتيمم دون أن يستحضرها؛ فإنه لا يجزيه ذلك.
وقوله رحمه الله:
[أوْ غَيْره] يشمل طهارة الخبث بإزالة النجاسة كما تقدم معنا عند من يقول بالتيمم لها إذا لم يجد ماءً يُزِيلُها به، والأصل في طهارة
الخبث أنها لا تُشترط لها النيّة، ولكن مشى المصنف رحمه الله على القول المرجوح.
قوله رحمه الله:
[فإِنْ نَوى أَحدَها لم يُجْزِئْه عَنِ الآخرِ]: فإن نوى أحدها أي: إذا كان عليه أكثر من حدث، أو مع الحدث خبث، فإنه لا يُجزيه تيمّم واحد فلا تداخل فلو نوى الجنابة، لم يجزه تيممه عن الوضوء،
قالوا:
فيلزمه أن يتيمم له.والذي يترجح في نظري أن المنبغي على المكلف إذا أراد أن يتيمم أن يقصد استباحة الصلاة المفروضة، أو النافلة، إن كانت مفروضة تقيّد بالفرض حتى يخرج وقته، وصلّى بذلك التيمم الذي قصد به الإستباحة، وإن كانت نافلة نوى إستباحة النّفل مطلقاً، ثمّ صلى به جميع النوافل، وإن كان ما نواه إستباحة غير فرض، ونافلة مثل الطواف بالبيت، أو لمس المصحف؛ فإنه يتقيد به في نيّته، ويجزيه تيمم واحد على ظاهر حديث عمّار، وعمرو بن العاص رضي الله عنهما، خاصّة على القول الذي رجحناه، وهو اعتبار التيمم مبيحاً، لا رافعاً.
قوله رحمه الله:
[وإِنْ نوى نَفْلاً، أو أَطْلَقَ لَمْ يصلّ بهِ فَرْضَاً]: مراده رحمه الله بهذه العبارة ما تقدم معنا في نية الوضوء أن نية الأدنى لا تُجزئ لاستباحة الأعلى، كما هو الحال في الفرض، والنفل، وعليه فإنه إذا نوى نفلاً لم يصل به فرضاً؛ لأن نيّة الأدنى، لا تُبيح الأعلى، فكما أنه إذا توضأ لنفل لا يُصلي فريضة كذلك في التيمم؛
الدليل على هذا:
ما ثبت في الصحيح عنه -عليه الصلاة والسلام- من قوله:
[إنما لِكُلّ امرئ مَا نوى]
فإنه يقتضي بمنطوقه: أن من نوى شيئاً كان له،
وبمفهومه:
أن من لم ينو شيئاً لم يكن له فما دام أنه نوى النفل، لا يستبيح الفرض.ودلّ العقل على ذلك أيضاً، وذلك في دليل القياس على الصلاة،
ولذلك:
لو أن إنساناً أحرم بالصلاة ناوياً النافلة، وأراد أن يقلبها إلى الفرض لم يصحّ إجماعاً، كذلك لو تيمم ناوياً النافلة لم يصحّ منه أن يستبيح الفريضة.
قوله رحمه الله: [وإِنْ نَواهُ صَلّى كُل وَقْتِه فُرُوضاً، ونوافِلَ]: وإن نوى الفرض صلى كل وقته أي: وقت الفرض، فروضاً،
ونوافل:
يشمل ذلك الفروض إذا كان الوقت يسع فرضين، كما في الجمع بين الصلاتين جمع تأخير، ويشمل أيضاً الفرض إذا كان مقضياً ففي الجمع لو كنت مسافراً فأخّرت صلاة الظهر حتى دخل وقت العصر، ولم تجد ماءً، وأردت أن تجمع بين الظهر، والعصر صليتهما بتيمّم واحد، وهكذا لو أخّرت المغرب إلى صلاة العشاء، هذا بالنسبة للفروض المتعددة، إذا كانت في حال الجمع بين الصلاتين، وأما إذا كانت الفروض في الأداء،
والقضاء فمثاله:
أن يتيمم في وقت صلاة الظهر، وقد فاتته صلاة الفجر، أو أكثر من صلاة فله أن يصليها بتيمم واحد، فيجمع بين فرضين، وأكثر على هذا الوجه.
قوله رحمه الله:
[ويَبْطُلُ التيمُّمُ بِخروج الوَقْتِ]: بيّنا هذا فيما تقدم،
وذكرنا أنه مبنيُّ على ظاهر آية المائدة:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} فإن الله -سبحانه وتعالى- فرض على المكلفين الوضوء لكل صلاة، ثم نُسخ ذلك في الوضوء، فبقي التيمم على الأصل؛ لعدم ورود الدليل عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه تيمم، وصلى أكثر من صلاة، ثم وجدنا هذا الحكم، وهو أن التيمم يبطل بخروج الوقت قد أفتى به أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، منهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عباس في إحدى الروايتين عنه، رضي الله عن الجميع أفتوا بأنه إذا خرج وقت الفريضة يتيمم لما بعدها من فريضة، فلو تيمم لصلاة الظهر وخرج وقتها وأراد أن يصلي العصر؛ استأنف تيممه، ويكون التيمم الأول باطلاً بمجرد انتهاء وقت صلاة الظهر.
قوله رحمه الله:
[وبِمُبْطِلاتِ الوُضُوءِ]: يعني يبطل التيمم بمبطلات الوضوء كأن يخرج منه ريح، أو بول، أو غائط؛ لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
قال:
[لا يَقْبلُ الله صلاةَ أَحدِكمْ إِذَا أَحْدثَ حتّى يتوضأَ] فجعل الحدث في الوضوء ناقضاً، كذلك التيمم يعتبر الحدث ناقضاً فيه؛ لأنّ البدل يأخذ حكم مُبْدله.
قوله رحمه الله: [وبوُجودِ الماءِ] قوله [وبوجود] الباء سببية أي: ويبطل التيمم بسبب وجود الماء وعليه فإن التيمم ينتقض بما ينتقض به الوضوء،
والغسل ويزيد عليهما بأمرين:
أحدهما: خروج الوقت.
والثاني: وجود الماء.أما وجود الماء فلأنّ ما شُرع معلّلاً بعلّة يزول بزوالها، فقد شَرع الله التيممَ مُعلّلاً بعلة فَقْدِ الماء كما هو ظاهر القرآن، والسنة، أو عدم القدرة عليه كما هو ظاهر السُّنة في حديث عمّارٍ، وعمرو بن العاص رضي الله عنهما، فلما أمكن المكلف أن يستعمل الماء، أو وجَدَه؛ زال الحكم بزوال علّته،
ولذلك يقولون:
إنه إذا وجد الماءُ بطل تَيمّمه، ولزمه أن يغتسل، ويتوضأ؛
دلّ على هذا الحكم دليل الكتاب والسُّنة:
أما دليل الكتاب؛
فقوله تعالى:
{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} فجعل التيمم معلقاً على عدم وجود الماء فدلّ على عدم جواز التيمم عند وجوده، وأنه يلزمه الرجوع إلى الماء، وهو الأصل عند وجوده.أكد هذا دليل السُّنة في حديث عمران رضي الله عنه في الصحيح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى بالنّاس الفجرَ، فلما صلّى -عليه الصلاة والسلام-
رأى رجلاً لم يُصَلِّ في الناس قال:
عليَّ به،
فلما أُتي به قال:
[مَا مَنَعكَ أَنْ تُصلّي في القومِ] قال: -يا رسول الله- أصابتني جنابة، ولا ماء، فقال عليه الصلاة والسلام: [عليكَ بالصّعيدِ؛ فإنَّه يَكْفِيكَ] ففي رواية: فلما مضى -عليه الصلاة والسلام- وجد الماء بعث به إليه.
وجه الدلالة: أنه جعل الحكم بتيممه موقوفاً على عدم وجود الماء، فدلّ على أنه إذا وجد الماء تُفقد الرخصة باستباحة الصلاة، ولذلك ألزمه بالماء عند وجوده.الدليل الثاني من السُّنة ما ثبت في الحديث الصحيح عنه -عليه الصلاة والسلام-
من حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه قال:
[الصّعيدُ الطّيبُ طَهُورُ المسلمِ، ولو لمْ يجدِ الماءَ عشرَ سنينَ، فإذا وجَدَ الماءَ فليتّقِ الله، وليُمِسّه بشرَته].
ووجه دلالته في قوله:
[فإذَا وجَد الماءَ فَليتّقِ الله، وليُمِسَّه بَشَرتَه] فدل على أن التيمم أولاً لا يرفع الحدث، وإنما يُبيح فعل الصلاة، وأنه إذا وجد الماء لزم على المكلف أن يُمسَّه بشرتَه، فيزول موجب الرخصة؛ وحينئذ نحكم ببطلان تيممه، ووجوب الوضوء، والغسل عليه، فالحدث باقٍ على الأصل والتيمم غير رافع له، فإذا وجد الماء تعيّن عليه، ولزمه فبطل موجب التيمم من حصول الإستباحة،
ولذلك قوله عليه الصلاة والسلام:
[فإذا وجدَ الماءَ فليُمِسّه بشرَتَه] دال على أن الحدث لا زال باقياً، وأن التيمم يبطل بسبب وجود الماء.
قوله رحمه الله:
[والتّيمُّمُ آخرَ الوقتِ لراجِي الماءِ أوْلى]: إذا دخل وقت الفريضة على المكلف، فإن غلب على ظَنّه أنه سيجد الماءَ فحينئذٍ ينتظر وجوده،
وهكذا أيضاً إن كان لا يدري: هل يمكنه أن يجده، أو لا يمكنه؟ بحيث لم يكن هناك غالب ظنِّ، وهي حالة الشكِّ؛
فحينئذٍ قالوا:
إنه ينتظر من باب الاستحباب، وهو ما أشار إليه بقوله [أولى]، ولكن لو إستعجل، وتيمم، وصلى أجزأه ذلك ولا تلزمه الإعادة على ما ذكرنا فيمن وجد الماء قبل خروج الوقت، لكن هنا الأقوى إذا رجى أنه ينتظر لا على سبيل الأولوية بل إلزاماً.
قوله رحمه الله: [ولَوْ في الصّلاةِ، لا بَعْدَها] أي: أن وجود الماء يوجب بطلان التيمم، ولو كان المتيمم وحده، أو علم بوجوده أثناء صلاته، فيحكم ببطلان الصلاة، ويجب عليه أن يتطهر بالماء،
ودليل ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: [الصّعيدُ الطّيبُ طَهُورُ المسلمِ، ولو لمْ يجدِ الماءَ عشرَ سنينَ فإذا وجدَ الماءَ فليُمسّهُ بَشَرته] فقوله: [فإذا وجدَ الماءَ فليُمسّه بشَرتَه] عام شامل لجميع الأحوال أي: سواء وجده أثناء الصلاة أو قبلها، فدل على أنه إذا وجد الماء بطلت طهارة التيمم ولذلك أمره بطهارة الماء في
قوله: [فليُمِسّهُ] أي: الماء، وإذا بطل التيمم بطلت الصلاة، وإذا حكمنا ببطلان التيمم إذا وجد الماء أثناء الصلاة فمن باب أولى أن نحكم ببطلان التيمم إذا وجده قبل الصلاة،
وصلى بتيممه لخالفته النصوص السابقة ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: [فإذا وجدَ الماءَ فليتّق الله، وليُمسّه بَشَرتَهُ].
وقوله رحمه الله: [لا بَعْدَها] أي: أنه لا تبطل صلاته إذا صلى متيمماً، ثم وجد الماء بعد فراغه منها لأنه قد فعلها على الوجه المعتبر شرعاً فبرئت ذمته منها بفعلها، فلم يُطالب بالإعادة، وقال بعض العلماء لكن يستحب له أن يعيدها ما دام في وقتها على سبيل الإستحباب، لا على سبيل الحتم والإيجاب، لكن تستثنى المسألة السابقة إذا غلب على ظنّه وجود الماء قبل نهاية الوقت كما قدمنا فإن الإعادة لازمة؛ للتفريط.
قوله رحمه الله: [وصِفَتُه]: صفة الشيء: حليته، والأمور التي يتميز بها عن غيره، فإذا وصفت شيئاً فقد ميّزته عن غيره.
وقوله رحمه الله: [وصِفَتُه]: الضمير عائد إلى التيمم، أي صفة التَّيمُّمِ الشرعية،
وهي صفة الكمال لأن صفة الإجزاء تقدم بيانها في قوله:
[وفُروضُه].قوله رحمه الله: [أنْ يَنوي]: كما ذكرنا، النية شرط في صحة التيمم،
والنية:
تكون بقصد إستباحة الصلاة، وغيرها مما تشترط له الطهارة بحسبه.
قوله رحمه الله: [ثمّ يُسمّي]: أي يقول: بسم الله، ولا تجب عليه.
قوله رحمه الله:
[ويَضْربُ الترابَ بيَديْهِ] لأنّ عماراً رضي الله عنه وصفَ تيمّم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فقال:
[ثم ضربَ بِهما]-أي ضرب بيديه الأرض- وهذه
هي السُّنة: أنه يضرب على الأرض، فإن كانت الأرض صلبة كالحجر، ونحوه فإنه يمسح عليه، ولا يضرب.
قوله رحمه الله:
[مُفرّجَتيْ الأصَابِع]: قالوا: لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وصف عمار رضي الله عنه تيمّمه بقوله:
[ضرب] والضرب لا يكون إلا في الأرض التي لها غبار، فدلّ على أنه قاصدْ للغبار، وإذا قصد الغبار فإنه يفرج بين أصابعه حتى يتخلل ما بينها، وقد تقدم الجواب عن هذا.
قوله رحمه الله: [يَمْسَحُ وجْهَهَ بِباطِنها]: أي: باطن الكفين.
قوله رحمه الله:
[وكفيه بِراحَتَيْهِ] أي: ويمسح كفّيه براحتيه، والراحتان: مثنى راحة، وراحة الكفِّ بطنه من مجمع الأصابع عند باطن الكفِّ إلى الزندين، فيكون المسح بباطنِ الكفّين لظاهرهما.
قوله رحمه الله:
[ويُخلّلُ أصَابِعَه]: تقدم معنا معنى التخليل في الوضوء،
والمراد هنا:
أنه يستوعب كفيه بالمسح ... والله تعالى أعلى، وأعلم.

[باب إزالة النجاسة]

قوله رحمه الله:
[باب إزالة] الإزالة: المحو،
وزوال الشيء:
ذهابه.والنجاسة مأخوذة من النجس، وهو الشيء المستقذر،
والمراد بها النجاسة الشرعية أي:
التي حكم الشرع بقذارتها، ووجوب إزالتها لعبادة صلاة، ونحوها كالطواف بالبيت.
[باب إزالة النجاسة]
: أولاً: ما مناسبة هذا الباب للباب الذي قبله؟
والجواب: أن المصنف رحمه الله شرع في هذا الباب في بيان النوع الثاني من أنواع الطهارة، وهو طهارة الخبث بعد بيانه للنوع الأول منهما، وهو طهارة الحدث، وطهارة الحدث السابقة بيّن فيها الوضوء، ونواقضه، والغسل، وموجباته، والبدل عنهما، وهو التّيمم، وبعد الفراغ من بيان جميع ذلك ناسب أن يعتني ببيان النوع الثاني من الطهارة، وهو طهارة الخبث، وهذا النوع يتحقق بإزالة النجاسة عن الثوب، والبدن، والمكان، وهو ما سيبينه رحمه الله.ثم إنّ الشرع قد أمر بإزالة النجاسة عن بدن المصلي، وثوبه، والمكان الذي يصلي فيه.
أما أمره بإزالة النجاسة عن البدن فيدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح:
[إِغْسِلي عَنْكِ الدمَ، وصلّ] فأمرها بطهارة بدنها من نجاسة الدم، وكذلك قوله كما في الصحيح: [إِذَا إسْتَيقظَ أحدُكمْ منْ نومِه فليغسلْ يدَيه ثَلاثاً قبلَ أنْ يُدخلَهما في الإِناءِ] وغير ذلك من النصوص الواردة.
(1) المائدة، آية: 38.
(2) المائدة، آية: 6.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,070.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,069.07 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.16%)]