|
|||||||
| ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
وأما كتب النحو فكثيرة جدّاً، ولعل أجمعها مع الاختصار والتركيز كتاب قواعد اللغة العربية لحفني ناصف وزملائه، فإنه جمع كل بحوث النحو بإيجاز، واعتماد لرأي جمهرة النحاة دون الدخول في التفاصيل غير المجدية، والتفريعات والشذوذ الذي جرَّ من المضرة أضعاف ما جلب من المنفعة للغة وأهلها، وكنت قد سمعت من أستاذنا الأفغاني - رحمه الله - ثناءً كبيراً على هذا الكتاب وصل إلى حدِّ القول: "إنه ما من كتاب بعد كتاب سيبويه خير من كتاب قواعد اللغة العربية". هذا وممَّا ظهر بأَخَرة في هذا الميدان كتاب الكفاف للأستاذ يوسف الصيداوي، وهو كتاب يعيد صوغ قواعد العربية، وينفي عنها كثيراً من غوائلها ببيان رائع، ونماذج من فصيح القول تغني الطالب غير المتخصص، وتزوده زاداً حسناً. 4- تعلم مبادئ التجويد والتمرس به: التجويد إعطاء كل حرف حقّه ومستحقّه مخرجاً وصفة[28]، وهو أمر يعدُّ من لوازم الفصاحة، إذ لا فصاحة لمن تتداخل الحروف في نطقه، أو يعتورها نقص في النطق، أو حَيْفٌ في الصفة، أو آفَةٌ من آفات الكلام كاللثغة، والتأتأة، والفأفأة وما أشبه ذلك مما فصَّل الحديث عنه أرباب الفصاحة والبيان. إن تلقين الترتيل للناشئ في رحاب العربية أمر مهم للغاية، وهو يبدأ من كتاب الله - عز وجل - لينتهي بإتقان اللفظ العربي أياً كان موضعه، إذ يضمن للناطق التلفظ بكلمات اللغة على النحو الأمثل الذي تتلقفه الآذان بشغف، وتسمعه بعذوبة، ويكون له أكبر الأثر في النفوس، خلافاً لمن يخرج الحروف من غير مخارجها، ويعطيها غير صفاتها مما يجعل نطقه ممجوجاً، يضيق به سامعه، وينتظر لحظة سكوته وفراغه، وما أكثر ما ابتلي الناس اليوم بمثل هؤلاء الناطقين الذي ذهبوا برُواء اللغة ففقدت على ألسنتهم أجمل خصائصها، وأروع صفاتها، واختلط حابل الحروف بنابلها، فرقَّقوا ما حقُّه التفخيم، وقلقلوا ما حقّه الاستطالة، وهمسوا ما حقّه الجهر، وضاعت على ألسنتهم مخارج الحروف وصفاتها، وصرنا إلى ما قاله العباس بن الأحنف: مَن ذا يُعيرُكَ عينَه تَبكي بِها *** أرأيتَ عَيناً للبُكاءِ تُعارُ[29] وإذا كان ابن الجزري يقول في منظومته المشهورة: والأَخذُ بالتَّجويدِ حَتمٌ لازمُ *** مَن لم يُجَوِّدِ القُرانَ آثِمُ[30] فإني أزيد فأقول: إن من لم يجود القرآن فلن تكتمل له أدوات الفصاحة مهما أوتي من علم بالعربية، وبصر بالأدب، وحفظ للشعر، ودراية بالنحو والصرف، لأن نطقه سيبقى في مَنْزلة لا ترقى إلى ما ينبغي للناطق بالعربية؛ وذلك لكثرة ما اختلط في المجتمع من اللغات واللهجات، وما كثر من الفساد اللغوي والنطقي. وما وضع التجويد حين وضع إلاَّ لمثل هذا، صدعاً بالأمر الإلهي: وَرَتِلِ القُرْءَانَ تَرْتِيلاً[المزمل: 4]، ووصولاً إلى الوجه الأمثل لهذه التلاوة، وقد حظي هذا الفن بمؤلفات جليلة بسط أصحابها فيها الكلام على مخارج الحروف وصفاتها، وأحكام النون الساكنة والتنوين من إظهار وإخفاء وإدغام وإقلاب، وأحكام الميم الساكنة من إظهار شفوي، وإدغام، وإخفاء، وأحكام الراء وما أشبهها، وأحكام الممدود بأنواعها المختلفة، والعجيب أن بعض هذه المصنفات لم يقتصر على هذه الأحكام وإنما تعدَّاها إلى بيان ما ينبغي تجنبه من أغلاط وأخطاء في التلاوة والترتيل مما يحتاج طالب الفصاحة اليوم إلى أن يعلمه ليجتنبه، ويتحاماه في كلامه. ولعلَّ من أشهر ما ألف في هذه البابة رسالة "التنبيه على اللحن الجلي واللحن الخفي" لأبي الحسن علي بن جعفر السعيدي المقرئ (ت461ه)[31]، وقد جاء في مستهلها: "...واللحن الخفي لا يعرفه إلاَّ المقرئ المتقن الضابط الذي قد تلقَّن من ألفاظ الأستاذين المؤدى عنهم، المعطي كل حرف حقه غير زائد فيه ولا ناقص منه، المتجنب عن الإفراط في الفتحات والضمَّات والكسرات والهمزات، وتشديد المشددات، وتخفيف المخففات، وتسكين المسكنات، وتطنين النونات، وتفريط المدَّات وترعيدها، وتغليظ الراءات وتكريرها، وتسمين اللامات وتشريبها الغنَّة، وتشديد الهمزات وتلكيزها... "[32]. إن فن التجويد واحد من الفنون التي لا يمكن أن تُتقن بالاعتماد على الكتب فحسب، إذ لا بدَّ فيه من التلقي والتلقين المباشر من أفواه الأشياخ المقرئين المتقنين ليتمرَّس الطالب بطريقة الأداء الصحيحة، ويجتنب كل ما ينبغي اجتنابه، ومن فضل الله على هذه الأمة أن أرباب التجويد منتشرون في كل صقع من أصقاع الأرض، يعلِّمون هذا الفن حِسبةً لوجه الله - سبحانه -، إيماناً بما ادَّخره الله - سبحانه - لهم من جزيل الثواب، وواسع المغفرة، وحسن المآب لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه"[33]. وكتب التجويد ورسائله كثيرة منتشرة، من أجلِّها وأقدمها كتاب الرعاية لتجويد القراءة، وتحقيق التلاوة للإمام المقرئ مكي ابن أبي طالب القيسي (437ه). 5- مزاولة الفصاحة قراءةً وكتابةً وكلاماً: لا يَعرفُ الشَّوقَ إلاَّ مَن يُكابِدُهُ *** ولا الصَّبابةَ إلاَّ مَن يُعانِيها وأكاد أقول: ولا الفصاحة إلاَّ من يعانيها، فالفصاحة معاناة ومزاولة، تشترك فيها جميع الحواسِّ والمدارك، تبدأ بالسماع، وتمرُّ بالقراءة لتنتهي بالكتابة والكلام الفصيح، فهي عمل متواصل للأذن والعين، واليد واللسان، إذ هي تمرّس وتدريب يتبع الاكتساب والتحصيل، ولا يغني فيها اكتساب عن تمرُّس، ولا تحصيل عن تدريب، إنما تحصل بمجموع ذلك كله، ولعل أثر التمرّس والتدريب أكبر من أثر التحصيل والاكتساب لما لهما من أهمية في نمو ملكة اللغة، وتثبيت أركانها، وتوطيد دعائمها، وكلما أكثر المرء من استعمال لسانه في ضروب من الفصاحة كان ذلك أطلق للسانه، وأبلغ لبيانه، وأعودَ عليه بزيادتها، وبلوغ الغاية فيها. روى المبرد في الكامل أن رجلاً قال لخالد بن صفوان: إنك لتُكثر! فقال: أُكثر لضربين: أحدهما فيما لا تغني فيه القلة، والآخر لتمرين اللسان، فإن حبسه يورث العُقلة، وكان خالد يقول: لا تكون بليغاً حتى تكلم أمتك السوداء في الليلة الظلماء في الحاجة المهمة بما تتكلم به في نادي قومك، فإنما اللسان عضو إذا مرَّنته مَرَن، وإذا أهملته خار، كاليد التي تخشنها بالممارسة، والبدن الذي تقويه برفع الحجر وما أشبهه، والرِّجل إذا عُوِّدت المشيَ مشت[34]. ومما لا شكَّ فيه أن الخطابة ضرب من ضروب الفصاحة، بل هي مرتع خصب لها، وميدان واسع؛ تتبدى مهارة الفصاحة من خلاله، والخطيب لا يغدو خطيباً مصقعاً إلاَّ بمواصلة الدربة والتمرين، ومزاولة الخطابة والتمرس بأصولها، والتدرب على فنونها، وما عرف عن خطيب أنه بلغ شأواً في الخطابة متميزاً إلاَّ بعد طول دربة وتمرين وصقل، بالإضافة إلى ما حصَّله من علم ومعرفة، وما اكتسبه من ملكة وطبع، جاء في زهر الآداب أن أبا داود كان يقول: "رأس الخطابة الطبع، وعمودها الدربة، وجناحاها رواية الكلام، وحَلْيُها الإعراب، وبهاؤها تخيّر اللفظ، والمحبة مقرونة بقلة الاستكراه"[35]، وجاء في البيان والتبيين: "... وطول الصمت يفسد اللسان، وقال بكر بن عبد الله المزني: "طول الصمت حُبْسة"، وقال عمر بن الخطاب - رحمه الله -: "ترك الحركة عُقلَة"، وإذا ترك الإنسان القول ماتت خواطره، وتبلَّدت نفسه، وفسَد حِسُّه، وكانوا يروُّون صبيانهم الأرجاز، ويعلمونهم المناقلات، ويأمرونهم برفع الصوت، وتحقيق الإعراب؛ لأن ذلك يفتق اللَّهاة، ويفتح الجِرْم [أي الحلق]، واللسان إذا أكثرت تقليبه رقَّ ولانَ، وإذا أقللت تقليبه وأطلت إسكاته جسأ وغلط، وقال عَبَايةُ الجُعْفي: "لولا الدُّرْبة وسوء العادة لأمرت فتياننا أن يماري بعضُهم بعضاً". وأية جارحة منعتها الحركة، ولم تمرِّنها على الاعتمال؛ أصابها من التعقُّد على حسب ذلك المنع، ولمَ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنابغة الجعدي: "لا يفضُض اللهُ فاك"؟ ولمَ قال لكعب بن مالك: "ما نسي الله لك مقالك ذلك"؟ ولم قال لهيذان بن شيخ: "ربَّ خطيب من عبس"؟ ولمَ قال لحسان: "هيِّجِ الغطاريف على بني عبد مناف، والله لشعرك أشدُّ عليهم من وقع السهام في غَبَش الظلام"[36]. وقد يتساءَل المرء أين يمارس مثل هذه الفصاحة؟ ومتى يزاولها، ومع مَن يستطيع التدرُّب؟ وأنى له ذلك في هذا الزمن الذي بعد أهله عن الفصاحة والبيان؟ والجواب أن خير مكان لمزاولة الفصاحة هو المدرسة والجامعة، وحِلَق العلم وأندية الثقافة وما أشبه ذلك، حيث ترتفع سوية الكلام، لتلائم شرف المعاني المطروحة، فالعلم على اختلاف أنواعه واختصاصاته لا يليق به أن يعالج بلغة مبتذلة سوقيّة تحاكي لغة العامة في لهوهم وأسواقهم ولغطهم، وإنما يليق به أن ترتفع سوية الكلام، وترقى العبارة إلى مدارج الفصاحة والبيان، مما يرقى بالعلم، ويسمو به وبأهله، ويكون أنفع للطالب وأجدى له. وكثيراً ما يتساءل المربُّون: لماذا انحدرت سوية التعليم عن ذي قبل؟ وما أسباب ضعف الطلبة والخريجين في العربية بعد طول قوة؟ والجواب يكمن في طريقة تدريسهم التي تغيرت، واستبدل فيها الذي هو أدنى بالذي هو خير، أجل فقد غدت العاميات المبتذلة وسيلة تدريس العلوم المختلفة، حتى اللغة العربية!! فهي تدرس في كثير من المدارس والجامعات بلهجة عامية أحياناً، وبلغة ركيكة ليست من الفصاحة في شيء أحياناً أخرى، فكيف يكتسب الطالب فصاحةً؟ وأنَّى له بها؟! إن الحلَّ يكمن في إعادة النظر في طرق التدريس ولغة التدريس، ولا شكَّ أن ذلك يحتاج إلى جهود كبيرة لتأهيل المدرسين لغويّاً، ولإعادة النظر أيضاً بمن يؤهل للتدريس، وهي مسألة لا تخلو من صعوبة، ولكنها ليست بمستحيلة إذا صحَّ العزم، وصدقت النية، ولاح الهدف من وراء ذلك مشرقاً ينبئ بمستقبل مشرق. وعندما تغدو العربية هي الوسيلة الوحيدة للتعبير في قاعة الدرس يتسابق الطلبة إلى التعبير بها، ويتبارون في تجويدها، ويتفنَّنون في أساليب الكلام، مما يخرج ألسنتهم من طول الإسار، ويذهب عنها الحبسة والركاكة، والعيّ والفهاهة، قال أبو العطاء يصف لسانه: أُقلِّبُهُ كي لا يَكِلّ بحُبسَةٍ *** وأبعَثُهُ في كُلِّ حَقٍّ وباطِلِ بل إن العدوى ستنتقل من قاعة الدرس إلى المجالس الأخرى والأندية والمحافل، حيث يتمايز الناس بطريقة نطقهم، ولا يعلو حديث مهما سما على الحديث بالعربية المبينة، فهي التي تسيطر بسحرها وجمالها وروائها على كل أهل المجلس، فتراهم منقادين إلى من يتقن الحديث بها، مصروفين إليه، يلتذون بوقع كلامه على أسماعهم، تتجاوب معه نبضات قلوبهم، ولا غروَ فهي كما قال الشاعر السحر الحلال: خُلِقَ اللسانُ لنُطقِهِ وبيانِهِ لا *** للسُّكوتِ وذاكَ حظُّ الأخرَسِ فإذا جلستَ فكُنْ مُجيباً سائلاً *** إنَّ الكلامَ يَزينُ ربَّ المجلسِ[37] ولا يتوقف أمر الفصاحة على اللسان، وإنما يشاركه فيها القلم، فالقلم أحد اللسانين، وهو أبقى أثراً، لأن الكتاب يقرأ بكل مكان، ويدرس في كل زمان، ويتجاوز الحدود، ويرتفع على القيود. فإذا تمرَّس الطالب بأساليب الكتابة؛ حسن تعبيره، وشقَّ طريقه إلى امتلاك ناصية القلم، مما يعود عليه بالخير العميم، والنفع المستديم، فالكتابة تفتح آفاقاً واسعة، وتصل إلى ما لا يصل إليه اللسان، ولكنها كاللسان أو هي أعصى لمسيس حاجتها إلى طول الدربة، وكثرة التمرين، ومعاودة التجربة، وإعادة النظر فيما يكتب، فالكاتب يطمح دائماً إلى تجويد كتابته، والرقيّ بها إلى مدارج البلغاء، مما يضطره إلى إعادة النظر، والحذف والتعديل، والإضافة والتذييل، ورحم الله القاضي الفاضل إذ يقول في رسالة منه إلى العماد الأصفهاني: "إني رأيتُ أنَّهُ لا يكتب إنسانٌ كتاباً في يومه إلاَّ قال في غَدِهِ: لو غُيِّر هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قُدِّم هذا لكان أفضل، ولو تُرِك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العِبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر"[38]، وبهذا تصقل الكتابة، وتتضح سمات الأسلوب، ويبلغ الكاتب حدَّ الفصاحة والإبداع. 6- أثر وسائل الإعلام في اكتساب هذه الملكة: تغزو وسائل الإعلام مرئيةً ومسموعة ومقروءة كل بيت، فتصل إلى الصغير والكبير، ويتأثر بها كل إنسان شاء أو أبى، طوعاً وكرهاً، وهي بلا شك تشتمل على الصالح والطالح، والنافع والضار، والمصلح والمفسد، فإن نحن أحسنَّا توجيهها في خدمة موضوع الفصاحة واكتسابها؛ كان لها الأثر الكبير في ذلك. ولقد أثبت البرنامج التلفازي المشهور "افتح يا سمسم" صدق هذه المقولة، إذ كان له الأثر الناجع في لسان الأطفال، فالتفوا حوله على اختلاف لهجاتهم وأقطارهم، ومنازعهم ومشاربهم ليفهموا أوَّلاً كل كلمة فيه لأنه استعمل العربية الفصيحة المألوفة المأنوسة، وليحاكوا ثانياً أسلوبه في استعمال هذه اللغة، مما مهد لظهور الكثير من أفلام الأطفال المتحدثة بالعربية، وهو أمر دفع إليه رغبةُ المنتج في بيع هذه الأفلام، وتسويقها في كل أرجاء الوطن العربي الكبير، فكانت العربية خير ملاذٍ يلجأ إليه، إذ بها يستطيع أن يدخل كل بيت عربي على امتداد الوطن العربية الكبير، فإذا كان الدافع الرغبة في الربح والتجارة فلِمَ لا يكون أيضاً الرغبة في نشر العربية السليمة في كل صقع عربي؟ بل لم لا يجتمع الأمران فنخضع هذه البرامج لرقابة لغوية تنفي عنها آثار الركاكة والخطأ الشائع واللحن وما إلى ذلك مما يضير بالفصاحة، وتكسوها ثوباً قشيباً من الفصاحة والبلاغة والبيان. إن مثل هذا العمل العظيم واجب ديني وقومي ووطني، ينبغي أن يحظى بالقرار السياسي الحكيم الذي يفرض هذه الرقابة اللغوية على كل ما تنتجه وسائل الإعلام ليصل نتاجها إلى أبناء العربية بريئاً من كل ما يشوب اللغة من أوضار العجمة واللهجات المحكية واللحن...، وينبغي أن تناط مهمة الرقابة هذه بالمجامع العربية التي تضم صفوة المختصين بالعربية الذائدين عن حماها، الحاملين لواءها في كل محفل، ولن يكون ذلك بدعاً من القرارات السياسية، فقد سبق أن اهتمت كثير من الهيئات العربية بمسألة الإعلان، وأسماء المحالّ التجارية؛ فمنعت أن يستعمل فيها اللفظ الأجنبي مهما كان، واستمر ذلك مدة عام من الزمن ثم تراخت القبضة، وخَبَت العزيمة، وفترت الهمة، فبدأت الأسماء الأعجمية تظهر ثانية!. وما زالت مجامع اللغة العربية تدعو في كل ندواتها ومؤتمراتها إلى وجوب استعمال اللغة العربية في الإعلام والإعلان، بل إن مجمع اللغة العربية بدمشق خصَّ هذه القضية بندوة مفردة دعاها "ندوة اللغة العربية والإعلام" عقدت في رحاب المجمع (21 - 23/11، عام 1998)، وخرجت بتوصيات جليلة تدعو إلى التزام العربية في وسائل الإعلام، ووجوب التعاون مع مجمع اللغة العربية لتتجنب هذه الوسائل كثيراً من أغلاطها وأخطائها في اللغة، ولتنفي عنها غوائل ألمت بها، وطال العهد عليها، وآنَ لها أن تعود إلى رشدها. ونحن نقول: ما أجملها من توصيات، وما أروعها من قرارات؛ لو أنها تخرج من حيِّز القول إلى الفعل، ومن حيز الورق إلى التطبيق والعمل!! خاتمة: إن ما عرضته من خطة لاكتساب ملكة اللغة والفصاحة يؤلف في ظني خطوات متكاملة، وليس ذلك بمانع من أن يأخذ الطالب بما يتيسر له من هذه الخطوات، ففي كل منها فائدة جلية، ونفع على حدة، ولكن الوضع الأمثل إنما يكون بالأخذ بها جميعاً، وإني لأتطلع من خلال هذا المؤتمر إلى إغناء هذه الخطة، ورفدها بسديد آراء الأساتذة الأجلاء لتغدو أقدر على مواجهة ما صار إليه أمر العربية من تردٍّ وهوان، ورحم الله الرافعي إذ يقول: "ما ذلت لغة شعب إلا ذلّ، ولا انحطّت إلا كان أمره إلى ذهاب وإدبار". ـــــــــــــــــــــــــ ثبت المصادر والمراجع: 1- آل القاسمي ونبوغهم في العلم والتحصيل، للشيخ محمد بن ناصر العجمي، بيروت - دار البشائر الإسلامية، ط1، 1420ه-1999م. 2- أساس البلاغة، لمحمود بن عمر الزمخشري، تحقيق عبد الرحيم محمود، بيروت - دار المعرفة، 1402ه-1982م. 3- بهجة المجالس وأنس المجالس وشحذ الذاهن والهاجس ليوسف بن عبد الله بن عبد البر القرطبي (ت463ه) تحقيق محمد مرسي الخولي، بيروت - دار الكتب العلمية، مجلدان، ط2، 1981م. 4- بهجة النفوس في تجويد كلام القدوس، محمد مأمون كاتبي، الكويت - وزارة الأوقاف. 5- البيان النبوي مدخل ونصوص، د. عدنان زرزور، مكتبة دار الفتح بدمشق، ط1، 1393ه. 6- البيان والتبيين، لعمرو بن بحر الجاحظ، (ت255ه)، تحقيق عبد السلام هارون، دمشق - دار الفكر. 7- تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي. 8- جهود المالقي الصوتية في كتابه الدر النثير، محمد حسان الطيان، أطروحة أعدت لنيل درجة الدكتوراه عام 1994م وهي قيد الطبع. 9- حجة القراءات، لابن زنجلة، تحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني، بيروت - دار الرسالة. 10- ديوان العباس بن الأحنف، تحقيق د. عاتكة الخزرجي، دار الكتب المصرية. 11- زهر الآداب وثمر الألباب، للحصري، تحقيق د. زكي مبارك، بيروت - دار الجيل، ط4. 12- العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، لابن رشيق القيرواني، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، بيروت - دار الجيل، جزءان. 13- الكامل في اللغة والأدب، لأبي العباس بن يزيد الأزدي المبرد (ت285ه)، تحقيق د. محمد الدالي، بيروت - دار الرسالة، 4 مجلدات. 14- الكفاف، للأستاذ يوسف الصيداوي، دمشق - دار الفكر، 1999م. 15- كيف تغدو فصيحاً عفَّ اللسان، د. محمد حسان الطيان، بيروت - دار البشائر الإسلامية، ط1، 1423ه-2002م. 16- مبادئ تعلم وتعليم اللغة، دوجلاس براون، ترجمة د. إبراهيم القعيد ود. عبيد الشمري، مكتب التربية العربي لدول الخليج، 1414ه-1994م. 17- المتنبي، محمود محمد شاكر، جدة - دار المدني، مصر - مكتبة الخانجي، 1407ه-1987م. 18- محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء، لحسين بن محمد الراغب الأصبهاني، بيروت - دار مكتبة الحياة، جزءان. 19- معجم الأدباء، لياقوت الحموي، بيروت - دار المستشرقين، 20 جزءاً. 20- مقدمة ابن خلدون، تحقيق د. علي عبد الواحد وافي، القاهرة - دار نهضة مصر، ط3. 21- نهج البلاغة، للإمام علي بن أبي طالب، تحقيق مؤسسة نهج البلاغة، إيران، ط2، 1416ه-1995م. * المصدر: قدِّم هذا البحث في المؤتمر الرابع لمجمع اللغة العربية بدمشق، 14-17/11/2005م. [1] مقدمة ابن خلدون 3/1278-1279. [2] مبادئ تعلُّم وتعليم اللغة، دوجلاس براون، ترجمة د. إبراهيم القعيد ود. عبد الشمري، مكتب التربية العربي لدول الخليج، 1414ه - 1994م، ص54. [3] مبادئ تعلم وتعليم اللغة، ص59. [4] مبادئ تعلم وتعليم اللغة، ص60. [5] مقدمة ابن خلدون 3/1285-1286. [6] ديوان العباس بن الأحنف، تحقيق عاتكة الخزرجي، طبعة دار الكتب المصرية، ص18، والبيت الأخير دليل على أن لفظة (بابا) عربية أصيلة. [7] عن كتاب آل القاسمي ونبوغهم في العلم والتحصيل، للشيخ محمد بن ناصر العجمي - دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط1، 1420ه - 1999م، ص224. [8] من مقدمة الأستاذ سعيد الأفغاني لحجة القراءات، طبعة دار الرسالة، بيروت، ص19. [9] البيان النبوي مدخل ونصوص للدكتور عدنان زرزور، ص1. [10] نهج البلاغة - التقديم. ط. إيران. [11] عَذْبات: جمع عذبة: سائغة حلوة. والعَذَبات: أطراف الألسنة، أساس البلاغة للزمخشري، مقدمة المؤلف - رحمه الله -، ص (ك). [12] مقدمة ابن خلدون 3/1277 - 1278. [13] المتنبي لمحمود محمد شاكر، ص6. [14] من الجدير بالذكر أن الحفظ أساس لتنمية الملَكة، وكلما كان المحفوظ جيِّداً كانت الملكة أجود، وقد عقد ابن خلدون لهذا فصلاً في مقدمته تحت عنوان: "فصل في أنَّ حصول هذه الملكة بكثرة الحفظ وجودتها بجودة المحفوظ"، نبَّه فيه على أثر المحفوظ في ارتقاء الملكة أو قصورها، وضرب لذلك أمثلة رائعة يحسن الرجوع إليها. انظر المقدمة 3/1313 - 1316. [15] الكفاف للأستاذ يوسف الصيداوي - دار الفكر بدمشق، ط1، 1420ه - 1999م، ج1، ص55 - 56. [16] بهجة المجالس وأنس المجالس، للقرطبي 1/66. [17] بهجة المجالس، للقرطبي 1/64. [18] بهجة المجالس، للقرطبي 1/64. [19] البيان والتبيين 2/219. [20] بهجة المجالس، للقرطبي 1/64. [21] ويروى أن أبا الأسود الدؤلي رأى أعدالاً مكتوباً عليها "لأبو فلان" فقال: سبحان الله! يلحنون ويربحون!. بهجة المجالس 1/66. [22] مقدمة ابن خلدون 3/1289 - 1290. [23] بهجة المجالس 1/68، وربيع الأبرار، للزمخشري 4/254. [24] بهجة المجالس 1/72. [25] العمدة 1/241. [26] العمدة 1/241. [27] العمدة 1/241. [28] بهجة النفوس في تجويد كلام القدوس، محمد مأمون كاتبِي، وزارة الأوقاف، الكويت، جزءان 1/75. [29] ديوان العباس بن الأحنف، ص7 [30] المنظومة الجزرية، نشرت في رسالة بعنوان: "ملحق المفيد في علم التجويد"، تأليف الحاجَّة حياة علي الحسيني، 1417ه - 1997م، ص5. [31] نشرت هذه الرسالة بتحقيق د. غانم قدوري الحمد في مجلة المجمع العراقي، سنة 1985، مج36، 2/240 - 287. [32] رسالة التنبيه على اللحن الجلي واللحن الخفي، ص260. [33] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل القرآن، من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه -. فتح الباري 9/74. [34] الكامل، للمبرد، 532. [35] زهر الآداب 1/148. [36] البيان والتبيين 2/272 - 273. [37] محاضرات الأدباء للأصبهاني. [38] معجم الأدباء، مقدمة الكتاب.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |