ظاهرة الرداءة في الإنتاج والأداء الفردي والجماعي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 156 - عددالزوار : 16897 )           »          ألا تحب أن تُذكر في الملأ الأعلى؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          شرح وترجمة حديث: ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          التوفيق بين الزهد في الدنيا وإظهار العبد نعم الله عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          بساطة العيش (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          فوائد من التفسير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          أوهام الحياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          يأخذ بقلبي مطلع سورة صٓ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          ثمرات التقوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الرحمة في الحدود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-10-2020, 04:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,280
الدولة : Egypt
افتراضي ظاهرة الرداءة في الإنتاج والأداء الفردي والجماعي

ظاهرة الرداءة في الإنتاج والأداء الفردي والجماعي
د. رشيد بن إبراهيم بوعافية




المظاهر، الأسباب، العلاج


الحمدُ لله الذي خلق كلَّ شيءٍ فقدَّرَهُ تقديرا، أحمدُهُ سبحانه وأشكُرُه وأؤمن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً.

ثم أما بعد:
حديثُنا اليوم رصدٌ وتحليلٌ لظاهرةٍ عمّت وتوسّعَت بشكلٍ رهيب يوشِكُ إن استفحَلت أن تأكُلَ الأخضَرَ واليابِس، حيثُما نظَرتَ وأرجَعتَ البصَرَ إلاّ ويثبُتُ لديكَ إصابَةُ الغالِبِ الأعَمِّ بهذا الوَبَاءِ الآثِم والمعصومُ من عصمَهُ الله.. إنّهَا "ظاهِرَةُ الرّدَاءَةِ و فُقدَانُ الجَودَةِ في كلّ شيء"..! ظاهرةٌ عمّت وتغلّبت في تفكيرِ وأدَاءِ وإنتاج المسلمين حتّى اعتبرَها البعضُ قرينَةَ الإسلامِ للهِ ربّ العالمِين.. وهذا بهتانٌ فاحِش، و الصّوابُ أنه اجتمعت أسبابٌ وعَوامِلُ في واقع المسلمين أفرادًا ومؤسساتٍ عمِلت وِفقَ سُنّةِ الله التي لا تُحابِي ولا تضطَهِد في تكريسِ الرّدَاءَةِ و السلبيّةِ في كُلّ شيء..!

معشر المؤمنين: مظاهرُ ومُفرداتُ الرّدَاءةِ لا تحتاجُ إلى جُهدٍ في الكشف: تأمّلِ الأداءَ والإنتاجَ الفَردِي اليومِي للشخصِ حتّى في عبادَتِه لله وصفةِ صلاته وأوقاتِها و قراءته للقرآن الكريم تجِدُهُ يفتقِدُ للجَودَةِ والإتقانِ يتّصِفُ بالرّدَاءَةِ والقصورِ و التسيّب!

تأمّلِ الأداءَ والإنتاجَ، تأمّلِ الأداءَ في القراءة وتحصيل العلم.. الإنتاجَ الزّواجِي والأُسَرِي.. التعليمي التربوي.. البحثِي الأكاديمي.. الصحّي العلاجِي.. في الشوارع والأحياء.. الإداري العام.. وغيرها من مجالات النشاط تجِدِ العنوان العام هوَ: الرّدَاءةَ والقصُورَ والإهمالَ والتسيّبَ والغِش والخديعةَ وفقدانَ الحِس النّوعي في المنتوجِ.. نسأل اللهَ السلامة والعافية.

معشر المؤمنين: أين نحنُ ذاهِبُونَ بهذه العقليّة والثقافة ؟!، وما هي الأسبابُ التي تصنعُ في النفوسِ والمجتمعات "ثقافةَ الرّداءة" لنتجنّبَها وننجُوَ منها؟ . أقول: نقفُ اليومَ مع ثلاثةٍ منها أساسية سائلين اللهَ تعالى أن يُجنّبَنَا الآفات والمنكرات.

أيها الأحباب: السببُ الأساسي في استحكَامِ ظاهرة الرّدَاءَةِ في النفسِ والمجتمع: عدمُ تقديسِ المبادئِ والقيَم. نعم؛ النفوسُ والمجتمعاتُ التي تنطلِقُ في تفكيرِها وتدبيرِها وإنجازِها وإنتاجِها من الإيمانِ بالمبادئِ والقِيَمِ الرّاسِخة المُقدّسة تُعطِي وتُنجِزُ أكثَر من تِلكَ التي لا مبادئ لها، أو تلك التي مبادِئها و قِيمُها ضعيفةٌ مُهَلهَلة، وهذه سُنّةٌ ثابتَةٌ من سُنَنِ الحياة لا تبحَث لها عن بديلٍ أبدًا. أقولُ: كيفَ و إسلامُنا يطلبُ منَّا أن نكونَ على أعلى درجاتِ الجودَةِ والإتقانِ واحترامِ المقاييس لوجه اللهِ لا ننتظِرُ شُكرَ أحد.. أيُّ قيمَةٍ هي أعلى من هذه القيمَةِ وأجْوَد؟!.

ربّنا سبحانه الذي نعبُدُهُ أتقنَ كلّ شيءٍ في هذا الوجود وسوّاهُ وجعله على أتمّ مواصفاتِ الجودَة، واقرأ قوله تعالى: ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ[النمل: 88]، وقال تعالى: ﴿ مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ﴾ [الملك: 3]. فسبحانَ من خلقَ كلَّ شيءٍ فقدّرَهُ تقديرَا !. فلماذَا يُرَى التفاوُتُ والضّعفُ والنّقصُ والخللُ في أداءِ وإنتاجِ المؤمنين حتى في شوارعهم وأحيائهم؟!. لماذَا يُرى القصُور والإهمال والتسيّب والغش والخديعة في أداء وإنتاجِ المسلمين في إداراتهم وأسواقهم وأعمالهم؟!. إنّهُ انعدامُ التربية على القِيَم الخُلُقيّة وضعفُها إلى المستوى الذي لا تتمكّنُ فيه من تحريكِ الحياة.. نسأل الله العافية.. فالعودَةَ العودَةَ معشر المؤمنين لتربيةِ الأجيالِ الزّاحِفَة على احترامِ وتفعيلِ القِيَم الحياتيّةِ الإيجابيّة عسَى أن نتدارَكَ الفجوَةَ الحاصلةَ اليوم.

أيها الإخوة في الله: ومن أشدّ الأسبابِ تكريسًا لظاهرةِ الرّدَاءَةِ في النفسِ والمجتمع: انعِدامُ ثقافَةِ الاحتساب في الأداء: والاحتسابُ معناه اعتقادُ أنّ عملكَ وإنجازَكَ له مردودٌ محفوظٌ لا يضيع، هذا الأمَلُ و هذا الرّجاءُ يحملُ على عِشْقِ الجَودَة والإتقانِ في كلّ شيء.

كيفَ لا يكونُ المُسلمُ - فردًا أو جماعَةً أو مؤسّسَة - محتَسِبًا للمردُودِ واثِقًا فيه ودينُهُ الذي يؤمِنُ به علّمَهُ أنّ الخيرَ والعمل الصالحَ والعطاءَ الإيجابِي لا يضيعُ عند الله أبدًا، لا في الدّنيا ولا في الآخرة:
في البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان لهبه صدقة ". بل عمّمَ سبحانه وأطلقَ على جميع أنواع الخير والمعروف فقال سبحانه: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً ﴾ [المزمل: 20]. نسأل الله السلامة والعافية ، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية
أيها الإخوةُ في الله: ومن أشدّ الأسبابِ تكريسًا لظاهرةِ الرّداءَةِ في النفسِ والمجتمع: الأوضاعُ المحيطَةُ المتردّية: البيئَةُ المُحيطَةُ - ولو كانت مصلحةً من المصالح أو حيَّا من الأحياء السّكنيّة - حينمَا تكونُ مترَدّيَةً قاتِمَة، تنعَدِمُ بسببها الرؤيَة، وتستَحكِمُ الظُّلُماتُ في النفوسِ والعُقولِ و الأوضَاع، وتحمِلُ النفوسَ الحيّةَ على الإحساسِ بالفشَلِ و فقدانِ الأمَل في التغيير، وقد رصَدَ هذه السُّنّةَ الاجتماعيّة العلاّمَةُ عبدُ الرحمنِ ابنُ خلدونٍ في المُقدّمة.. نسألُ اللهَ السلامَةَ و العافية.

و لكن - معشر المؤمنين - أمامَ هذا السبَبِ؛ حرّمَ اللهُ تعالى على المؤمنين اليأسَ والاستسلام للوضع القاتِمِ مهما كان، حرّمَ علينَا التوقّفَ عن العطاء الإيجابي مهما حصل، حرّم علينا اعتقاد فسادِ الحياة والناس وانتهاءَهُما لأنّها سلبيّة قاتمةٌ لا يكون عليها المؤمنُ أبدًا، قال صلى الله عليه و سلم: "من قال هلكَ النّاسُ فهوَ أهلكُهُم" رواه مسلم. ثم هل هناكَ وضعٌ أشدُّ من قيام الساعة ومع ذلكَ قال صلى الله عليه وسلم: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسهاكيف و الحياةُ لا تزالُ بخيرٍ وفصولها ممتدّة وشمعَةٌ واحِدةٌ صغيرَةٌ تُضيءُ غُرفةً واسعةً كبيرَة؟

أقولُ هذا الكلامَ لكلّ الشّرفاء من المؤمنين: في الأسرة و التعليم و الإدارة و الصحّةِ و الإعلام و الاقتصاد والقضاء والأمن والدّفاع: لا يجوزُ للشّرفاءِ أن يستسلِمُوا للوضعِ العامّ المتردّي فإنّ المؤمنَ إيجابِي لا ينقطِعُ عن الخيرِ أبدًا.. الواجِبُ علينا المصابَرَةُ والاستمرارُ في العطاءِ الاستراتيجي بكلّ إيجابيّةٍ و بِنائِيّة.. وسوفَ يغيّرُ اللهُ من حالٍ إلى حال.. سُنّةَ اللهِ في العقول والنفوسِ والأوضَاع لا تبحَث لها عن بديلٍ أبدًا ..!


اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. وصلى الله وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.27 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.17%)]