|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الحماس الفريق العلمي عناصر الخطبة 1/ النفوس والحماس 2/ أقسام الحماس 3/ من صور الحماس المحمود 4/ من صور الحماس المذموم 5/ الوصية بالاعتدال في الحماس اقتباس هناك حماس محمود يمدح صاحبه ويشكر، وهو الحماس للخير، وفي فعل الأعمال الصالحة، والتحمس لأعمال البر بكل أنواعها وصورها، ومن ذلك: الحماس لعمل الصالحات، وتنقية النفوس من الشهوات وإبعادها عن الدنس والمنكرات، والبعد كل البعد عن .. الخطبة الأولى: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد: عباد الله: حديثنا اليوم إليكم عن موضوع مثير، يمدح من جانب ويذم من جانب، ويكون محموداً في أحيان، ومذموماً في أحيان أخرى، إنه موضوع الحماس. إن النفس البشرية مجبولة على التحمس والإثارة، ولديها نزعة داخلية كبيرة وعاطفة جياشة في الانتصار للشيء الذي تقتنع به فتتحمس لتحقيقه، وتسعى بكل جهدها وطاقتها إلى إقامته وتطبيقه، فإن كان خيراً فالحمد لله، وإن كان غير ذلك فلن يلوم المرء إلا نفسه. هناك حماس محمود يمدح صاحبه ويشكر، وهو الحماس للخير، وفي فعل الأعمال الصالحة، والتحمس لأعمال البر بكل أنواعها وصورها، ومن ذلك: الحماس لعمل الصالحات، وتنقية النفوس من الشهوات وإبعادها عن الدنس والمنكرات، والبعد كل البعد عن الوقوع في المعاصي والموبقات، وهذا لاشك أنه حماس محمود بكل المقاييس. يقول الله -تبارك وتعالى- ![]() كم من الصالحين الذين تراهم يحرصون على فعل كل خير، ويسابقون لتطبيق السنن، وفعل الكثير من وجوه البر وأنواع الطاعات، ويتحمسون لعمل كل عمل يشعرون أنه يقربهم من الله، ويوصلهم لتحقيق رضوانه وغفرانه ولو كان شاقاً على النفوس وصعباً عليها، ولكنه الحماس الشديد لديهم في فعل الخير، والرغبة القوية عندهم في فعل الطاعات. يقول الله -سبحانه وتعالى- عن أنبيائه وأوليائه الصالحين وعباده المتقين: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء:90]، ويقول: (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [المؤمنون:61]. ومن الحماس المحمود: أن يتحمس المسلم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحب الخير للغير، وتقديم النصح لهم، والسعي الجاد لإصلاحهم وتوجيههم، وتقديم النصيحة وإسدائها لهم. وهذا بلا شك عمل عظيم وجهد مشكور، وصاحبه -وإن كان عنده حماس قوي لذلك- حماسه هذا في محله، وتحمسه للأمر بالمعروف وتغيير المنكر في مكانه الصحيح واتجاهه المستقيم، وليس هذا من الحماس المذموم كما يعده بعض الناس. فبعض الناس حينما يرى شخصاً لديه رغبة جامحة وحماس قوي في تغيير المنكرات وإزالة الشرور من المجتمعات يقوم بانتقاده، واتهامه بأن عنده حماس زائد وتهور، وأنه يحلم لإزالة شرور لن تزول ولن تتغير؛ لأنها في نظره قد تعمقت في النفوس وتأصلت في المجتمع، وأصبحت جزءً لا يتجزأ من نسيج حياته وأعمال يومياته. وهذا -بلا شك- تصور خاطئ ووهم غير صحيح؛ فإن المنكر لن يزول إلا بهؤلاء المخلصين، المتحمسين للأمر بالمعروف، والساعين للنهي عن المنكر، الجادين في إزالة الشر وتغييره وفق الضوابط الشرعية والأحكام المعروفة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة. أما أن نقوم بانتقادهم جملة وتفصيلاً، ونعترض كل من لديه همة في تغيير المنكر، ونحطم معنويات كل صاحب حماس في إزالة الشر، ونثبطه عن القيام بذلك بحجة النهي عن الحماس فهذا لا ينبغي ولا يجوز. يقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آلعمران:104]، ويقول: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة:71]، ويقول عن صالحي أهل الكتاب: (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) [آل عمران:114]. ومن الحماس المحمود: الحماس لترقية النفس والنهوض بها علمياً وفكرياً وثقافياً، ومحاولة الرقي بها وإيصالها إلى أعلى المراتب وأرقى الدرجات، بالهمة العالية والحماس القوي الذي يدفع إلى العمل ويحفز عليه. وهذا من الحماس المحمود الذي يحمد صاحبه ويمدح؛ لأن وصول المعالي لن يدرك إلا بالحماس القوي والهمة العالية، يقول الشاعر: لا يُدرِكُ المَجدَ إلاّ سَيّدٌ فَطِنٌ *** لِمَا يَشُقُّ عَلى السّاداتِ فَعّالُ لَوْلا المَشَقّةُ سَادَ النّاسُ كُلُّهُمُ *** الجُودُ يُفْقِرُ وَالإقدامُ قَتّالُ وقال أيضا: وإذا كانت النفوس كباراً *** تعبت في مرادها الأجسام هذه بعض صور الحماس المحمود، نسأل الله أن يوفقنا للحماس لتطبيق دينه، وإقامة شريعته، وإعلاء كلمته، وخدمة عباده. قلت ما سمعتم، واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: أيها المسلمون: ذكرنا في الخطبة الأولى بعض صور الحماس المحمود، ونذكر في هذه الخطبة صوراً من صور الحماس المذموم، ومن هذه الصور: الحماس غير المنظبط والشطط الزائد الذي يعتري بعض من يحب الخير والصلاح، فتجد بعض الناس يتحمس لحظات معينة أو أوقات محددة يريد فيها أن يعمل كل شيء من الأعمال الصالحة، ويريد تطبيق الدين كله في لحظة واحدة. فتجده يشدد على نفسه شدة زائدة، ويحرم نفسه من أمور ربما تكون مباحة، ويترك أشياء ليس هناك حرج في فعلها وتطبيقها، ويمنع نفسه من أمور لا مانع من عملها، ثم تراه في النهاية يترك كل شيء، ويرجع إلى الوراء مائة وثمانين درجة، ويتقهقر إلى الخلف تقهقراً كبيراً بسبب حماسه العابر وشدته الزائدة. لقد غضب نبينا -صلى الله عليه وسلم- واشتد غضبه عندما سمع نفراً من أصحابه يقول أحدهم: أصوم ولا أفطر، والآخر يقول: أنا سأعتزل النساء ولا أتزوج، والثالث يقول: أنا سأقوم الليل ولا أنام، فرد عليهم -صلى الله عليه وسلم- من على منبره الشريف فقال: "لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي" [البخاري:5063]. نهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذا الحماس الذي يكون في لحظات معينة وفترات مؤقته، ثم يعقبه الارتكاس والانتكاس والعياذ بالله، وأخبرهم أن هديه وسنته الاعتدال والتوسط، وليس الحماس الغير منضبط. ولعلكم سمعتم جميعاً كيف أخذ الحماس بعض صغار الصحابة -رضي الله عنهم- الذين فاتهم شرف المشاركة في غزوة بدر، فألحوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- للخروج لملاقاة العدو يوم أحد، وكان رأي النبي -صلى الله عليه وسلم- وكبار الصحابة أن يبقى في المدينة، فإذا جاءهم العدو صدوه، ولكنهم ألحوا على النبي -عليه الصلاة والسلام- للنزول على رأيهم. فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- تنفيذاً لرأي الأكثرية؛ فماذا كانت عاقبة هذا الحماس؟ وماذا كانت نتيجته؟ وقعت الهزيمة، وقتل سبعون من الصحابة، وجرح مثلهم، وحصل للنبي -صلى الله عليه وسلم- ما حصل، حيث شج وجهه الشريف، وكسرت رباعيته، وسقط في الحفرة بأبي هو وأمي -صلى الله عليه وسلم- حتى سال من وجهه الدم والقصة مشهورة ومعروفة. ومن صور الحماس المذموم: الحماس الذي لا تضبطه الضوابط الشرعية، ولا تحكمه المحددات التي حددها العلماء للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فبعض الشباب مثلاً لديه حماس قوي في تغيير المنكرات وإزالة الشرور ولكنه لا يضبط حماسه بالضوابط الشرعية، فيقع في منكر أكبر من المنكر الذي يريد أن ينهيه، أو يفتعل مشكلة أكبر من المشكلة التي أراد أن يزيلها، فيزيد الطين بلة كما يقال. ومن صور الحماس المذموم: أن يتحمس الإنسان لبعض الأشياء حماساً زائداً، وينتصر لها بكل قوة، مع أنها لا تستحق كل هذا الحماس، ولا تحتاج أن يجهد نفسه معها بكل هذا الجهد. ومن ذلك مثلاً الغلو في التحمس لبعض الأفكار أو التصورات أو المشاريع، فقد يتكوَّن لدى المرء اقتناع بفكرةٍ مَّا، أو حماسة لمشروع معين، أو رؤية في تفسير ظاهرة من الظواهر؛ فيغلو في الحماس لهذه الفكرة، ويضخمها ويعطيها أكبر من حجمها، سواء في الحكم عليها، أو في التفاؤل بنجاحها، أو في أهمية الإقدام عليه وخطورة إهمالها، أو في صلة هذه الفكرة بالأمر الفلاني، أو توسيع دائرة الفكرة والتكلف في ربطها بأمور كثيرة ربطاً متكلَّفاً، مع أنه لا علاقة لذلك كله بهذه الفكرة لا من قريب ولا من بعيد، ولكنه الحماس. هذا الحماس ينسيه الغفلة عن سلبيات هذه الفكرة ومشكلاتها؛ فكثير من الأفكار والمشروعات قد لا تخلو من جوانب سلبية ومن مشكلات وعقبات، إلا أن الغلو في الحماس لها يؤدي بصاحبها إلى أن يغفل عن سلبياتها ومشكلاتها، وكما قيل: حبُّك للشيءَ قد يعمي ويصم. إن الواجب علينا -يا عباد الله- هو الاعتدال والتوسط، فلا نكن متحمسين حماساً متكلفاً لا ضوابط تضبطه، ولا حدود تقوِّمه، ولا نتساهل تساهلاً مفرطاً ينسينا الحماس والهمة، وكما قيل خير الأمور الوسط.. الوسيط وشرها الافراط والتفريط. ونحن أمة الوسط التي يقول الله -سبحانه وتعالى- عنها: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة:143]، -صلى الله عليه وسلم-. صلوا وسلموا وأكثروا من الصلاة والسلام على من أمركم ربكم بالصلاة والسلام عليه، فقال عز من قائل كريم: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]. اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم إنا نسألك التوسط في أمورنا كلها، اللهم إنا نعوذ بك من حماس زائف وتحمس غير منضبط، ونسألك أن توفقنا للحماس الوسط المنضبط بضوابط دينك وأحكام شريعتك.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |