خطبة: المحظوظ والمحروم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 484 - عددالزوار : 74349 )           »          حكم الزكاة لمن اشترى أرضاً ولم ينو بيعها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          صيام الأيام البيض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          هل الاستغراق في النوم ينقض الوضوء؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          الفرق بين الرياح والريح والسُّنة فيهما (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          الوقف الإسلامي وصنائعه الحضارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2047 )           »          اهتمام الإسلام بالعلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 108 - عددالزوار : 48203 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 108 - عددالزوار : 52348 )           »          عُزلة الـ «تكست نِك» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-06-2021, 04:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,539
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة: المحظوظ والمحروم

خطبة: المحظوظ والمحروم
أ. د. صالح بن علي أبو عراد



الحمد لله الذي يقضي بالحق، ويحكم بالعدل، ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، والصلاة والسلام التامان الأكملان على رسولنا ونبينا محمد بن عبدالله، الذي رسم للأمة نهج الهدى والصلاح، وبيَّن لها سبيل الفوز والفلاح، ودلَّها وأرشدها إلى كل ما من شأنه الرقي والنجاح، وعلى آله وصحابته الكرام رضي الله عنهم أجمعين.

أما بعد:
فيا عباد الله، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الخير بيده سبحانه يؤتيه من يشاء، ويصـرفه عمن يشاء، وأن الله على كل شيء قدير، واعلموا بارك الله فيكم أن مِن عدْلِ الله تعالى أنه لا يظلم الناس شيئًا؛ فلا يزيد في سيئاتهم، أو ينقص من حسناتهم، ولكن الناس هم الذين يظلمون أنفسهم بالكفر والمعصية، ومخالفة أوامر الله وإتيان نواهيه؛ يقول سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [يونس: 44].

عباد الله، يجري على ألسنة الناس في حياتهم اليومية ترديد بعض العبارات التي منها: "فلان محظوظ"، و"فلان له حظ قوي"، و"فلان حظه طيب"، إلى غير ذلك من العبارات التي يقصد بها أن الإنسان نال ما تمنى، وتحقق له ما يريد، وعنده ما يطمع فيه وما يصبو إليه.

وفي المقابل يجري على ألسنة الناس قولهم: "فلان محروم"، و"فلان سـيئ الحظ"، و"فلان غير محظوظ"، ونحو ذلك من الأقوال التي يُقصَد بها أن الإنسان لم يحصل على حظه ونصيبه من أمر ما، ولم ينل ما يرغب فيه من شيء معين.

وبين هاتين الصفتين: المحظوظ، والمحروم، سيكون حديثنا وستكون خطبتنا لهذا اليوم، نسأل الله تعالى بفضله أن يجعلنا جميعًا من المحظوظين، وأن يكفيَنا من الحرمان في الدنيا والدين.

وقبل أن نتكلم عن بعض النماذج والأمثلة لكل حال من الحالين، فإن من الضـروري أن نوضح أن الحظ والنصيب حقيقة واقعة في حياة الإنسان، وأن إطلاق كلمة "حظ" يقصد بها: نصيب الإنسان وبخته وتوفيقه، وما قسمه الله سبحانه وتعالى، وما قدره له من الخير أو عليه من الشـر، والـمعنى أن الحظ قد يكون حسنًا، كما أنه قد يكون سيئًا، إلا أن غالب المقصود من كلمة "الحظ" يكون للدلالة على توفيق الإنسان أو عدم توفيقه في مختلف شؤون الحياة ومجرياتها.

وقد يتوقع الكثير أن المحظوظ من الناس هو ذلك الإنسان الذي كثُر ماله، أو علا منصبه، أو تعددت علاقاته، أو ارتقى نسبه، أو عظمت وظيفته، أو صفت معيشته، أو تحققت آماله، أو تيسـرت أمانيه، أو دامت أفراحه، والحقيقة أن هذا غير صحيح على وجه الإطلاق.

فالـمحظوظ الحقيقي من عباد الله هو الذي وفقه الله سبحانه وتعالى لعبادته على علم وبصيرة، وهو الذي يخاف الله جل جلاله ويراقبه في قوله وعمله ونيته، وسـره وعلانيته.

والمحظوظ الحقيقي يا عباد الله من علِمَ وأيقن أن عزَّه وشـرفه لا يكون إلا بطاعة الله تعالى، والتزام شـريعته، والتمسك بأوامره سبحانه والبعد عن نواهيه، والتحلي في كل جوانب الحياة بهدي الدين القويم؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

المحظوظ الحقيقي من دفع السيئةَ بالحسنة؛ وقابل الإساءة بالإحسان؛ لأن هذا باب عظيم من أبواب دحـر الشيطان ومكره، والقضاء على العداوات والخصومات؛ قال سبحانه: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34، 35].

المحظوظ الحقيقي من عباد الله تعالى هو صاحب القلب الكبير، الذي يعفو عمن ظلمه، ويتجاوز عمن أخطأ عليه، ويصبر على أذى إخوانه وجيرانه ومن حوله، ويلتمس لهم العذر، فلا يحمل في نفسه عليهم حقدًا ولا حسدًا ولا كراهية؛ لأنه من الصابرين الصادقين المتواضعين الذين غسلوا قلوبهم من الأدران والأحقاد؛ فكانوا بفضل الله تعالى وكرمه من أصحاب الحظ العظيم.

المحظوظ الحقيقي هو من وفقه الرب سبحانه للعمل الصالح وقبضه عليه؛ فتكون خاتمته حسنةً وحظه عظيمًا؛ جاء عن أنس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله بعبد خيرًا استعمله، قالوا: وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل موته ثم يقبضه عليه))؛ [رواه الإمام أحمد].

المحظوظ الحقيقي من عباد الله تعالى هو الذي يحبه ربه سبحانه ثم يحبه أهل السماء، ثم يضع الله تعالى له القبول في الأرض بين خلقه؛ لأنه من عباد الله الصالحين الذين يسعون في الأرض بالخير، ويدعون إليه، ويوجهون الناس إلى فعله، ويرشدونهم إلى سبيله، ويحبون لهم الخير كما يحبونه لأنفسهم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا أحب الله العبد، نادى جبريل: إن الله يحب فلانًا فأحِبِبْهُ، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يُوضَع له القبول في الأرض))؛ [رواه البخاري ومسلم].

المحظوظ الحقيقي هو الإنسان الـملتزم بأداء الفرائض، والذي يحرص بعد ذلك على أداء النوافل قدر المستطاع، فلا يتهاون في أداء السنن، ولا يهمل صيام التطوع، ولا يحرم نفسه من أجر الذكر والدعاء والصدقة، وفعل الخير ولو كان قليلًا؛ فقد صح في الحديث: ((ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه))؛ [رواه البخاري].

المحظوظ الحقيقي هو الذي تحلى بمكارم الأخلاق ومحاسن الصفات وجميل الخصال في قوله وعمله، وعند تعامله مع من يعرف ومن لا يعرف؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذَرٍّ، ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر، وأثقل في الميزان من غيرهما؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: عليك بحسن الخلق، وطول الصمت، فوالذي نفس محمد بيده، ما عمل الخلائق بمثلهما))؛ [رواه البزار والطبراني وأبو يعلى].

المحظوظ من الناس من كان موفقًا للإكثار من ذكر الله سبحانه على الدوام، فهو لا يكاد يتوقف عن التسبيح والتحميد، والتكبير والتهليل والاستغفار، فتكون له جبال من الحسنات.

المحظوظ من اجتهد في المحافظة على ركعتي الضحى؛ لتكون صدقةً عن (360) عضوًا في جسده.

المحظوظ من الناس من بَرَّ والديه، ووصل رحمه، وأحسن إلى جيرانه، وعطف على الفقراء والمساكين، ومد يد العون والمساعدة بما يستطيع للمحتاجين؛ ابتغاءَ ما عند رب العالمين، والله سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملًا.

المحظوظ من حافظ على قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، وأكَثَرَ في ليلة ويوم الجمعة من الصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

المحظوظ من قال حين يسمع النداء: ((اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته))؛ ليكون ممن تحل له شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.

المحظوظ من عباد الله تعالى هو الذي وفقه الله تعالى لعمل صالح يقوم به في هذه الحياة ابتغاءَ مرضاة الله تعالى؛ فيجري ثوابه عليه بعد الممات وهو في قبره؛ فلا ينقطع عنه الثواب، ولا يُحرم من مضاعفة الحسنات والأجر؛ لما جاء في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سبعٌ يجري للعبد أجرَهن وهو في قبره بعد موته: من عَلَّم علمًا، أو أجرى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلًا، أو بنى مسجدًا، أو ورث مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له بعد موته))؛ [حسنه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع برقم: 3596].

وبعدُ، فهذه نماذج مختلفة للمحظوظين من عباد الله تعالى، نسأل الله أن يوفقنا جميعًا إلى طاعته ورضاه، وأن نكون من أصحاب الحظ العظيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله الذي من اعتمد عليه كفاه، ومن لاذ به وقاه، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وحبيبه وخليله ومصطفاه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته واهتدى بهداه.

أما بعد:
فقد تحدثنا في الخطبة الأولى عن الحظ والـمحظوظين من عباد الله تعالى، وسنركز الحديث في هذه الخطبة عن الحرمان والـمحرومين، نسأل الله تعالى السلامة من الحرمان والنقصان والخِذلان في ديننا ودنيانا.

عباد الله، تطلق صفة "المحروم" على من حرم نفسه بقصد أو بغير قصد من التلذذ والتنعم بنعمة من نِعَمِ الله تعالى الـمتاحة له، أو فقدها، أو فرط في حظه منها؛ فكان محرومًا من أجرها وثوابها، وفاقدًا لحلاوتها وطعمها وأنسها.

وعلى الرغم من أن كثيرًا من الناس يظن أن معنى الحرمان محصور في حرمان المال، أو الجاه، أو الولد، أو الوظيفة، أو المنزلة، أو الأمور المادية المختلفة وما في حكمها؛ فإن حقيقة الحرمان تتجاوز ذلك إلى غيره.

فالمحروم الحقيقي من الناس هو من افتقد نعمةَ الإيمان وطمأنينته، ولم يسعد بحلاوته وأنسه وطعمه؛ الذي يقول عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((ذاق طعمَ الإيمان من رضيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ رسولًا))؛ [رواه مسلم]؛ لأن للإيمان لذة يشـعر بها المؤمن ويذوقها، فيا لسعادة من نال منها بحظ وافر! نسأل الله تعالى من فضله.

المحروم الحقيقي هو من جهل شـرع الله سبحانه، وتغافل عن هديِ نبيه صلى الله عليه وسلم، وأعرض عن ذكر الله تعالى، وأشقى نفسه باتباع الهوى، واقتراف المعاصـي والآثام، ولم يتورع عن اللذات والشهوات الدنيوية المحرمة؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].

المحروم الحقيقي من الناس هو من عاش أيامه ولياليه في غفلة الدنيا، وبذل لأجلها عمره وصحته وماله ووقته وكل ما يملك، ثم لم يخرج من ذلك بشيء؛ قال جل من قائل: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان: 23].

والمحروم من عباد الله هو من حُرِمَ التلذذ بذكر الله تعالى بلسانه وقلبه، وهي من أسهل العبادات وأعظمها أجرًا وثوابًا عند الله سبحانه.

المحروم هو الذي يعلم أن من قرأ الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه، ثم لا يحافظ عليها، ولا يحرص على قراءتهما، وهي لا تستغرق دقيقةً واحدةً.

المحروم من الناس من يعلم أن من استغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، كتب الله له بكل مؤمن حسنة، وبكل مؤمنة حسنة - ثم يغفل عن ذلك ولا يستغفر لنفسه ولا لغيره؛ فيحرم نفسه من حسنات لا تُعَدُّ ولا تُحصى.

المحروم الحقيقي هو من تمر ساعات اليوم والليلة - وربما مر اليوم واليومين وربما أكثر من ذلك - ولم يقرأ فيها شيئًا من القرآن الكريم الذي أخبرنا الحديث الشـريف أنها عبادة عظيمة؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله، فله به حسنة، والحسنة بعشـر أمثالها))؛ [رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح].

وليس هذا فحسب؛ فقد جاء في الحث على قراءة القرآن الكريم ما صح عن أبي أمامة الباهلي أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه))؛ [رواه مسلم].

المحروم من عباد الله من عرف أنه إذا قرأ آية الكرسي بعد كل صلاة، لا يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت - فيغفل عن ذلك، ويستعجل في القيام ومغادرة مصلاه بعد أداء الفريضة، ولا يقرأ هذه الآية العظيمة، ولا يحظى بثواب قراءتها، وهي أعظم آية في كتاب الله العظيم.

المحروم من الناس من تمر به ساعات الليل بطولها، وهو لم يصلِّ الوتر ركعةً واحدةً، في الوقت الذي صحَّ فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: ((إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمرِ النَّعَمِ، قلنا: يا رسول الله، ما هي؟ قال: الوتر، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر))؛ [رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي].

المحروم من دخل بيته أو مسجده، فلم يسلم على أهله أو من فيه، وهو يعلم أن أنس بن مالك قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بني، إذا دخلت على أهلك فسلِّمْ، يكن بركةً عليك وعلى أهل بيتك))؛ [رواه الترمذي، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: حسن لغيره].

المحروم من العباد من يعلم أن قول: ((سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)) ثلاث مرات، من أعظم الأذكار وأكثرها أجرًا، كما ثبت ذلك في الحديث الشريف - ثم لا يقول ذلك، ولا يحافظ عليه ويكثر منه.

المحروم من لا يستودع الله دينه ودنياه، ونفسه وأهله، وماله وعرضه وكل شأنه، في الوقت الذي ثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله إذا استودع شيئًا حفظه))؛ [رواه ابن حبان، وصححه الألباني].

وبعد: فهذه نماذج متنوعة للمحرومين من عباد الله تعالى، نسأل الله أن يوفقنا جميعًا إلى طاعته ورضاه، وأن يكفينا من الحرمان والخذلان.

عباد الله، صلوا وسلموا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه؛ فقال جل من قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الكفر والكافرين، ودمِّرْ أعداء الدين، اللهم انصـر مَن نصـر الدين، واخذل الملاحدة والمفسدين، اللهم أظهر دينَك وكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وعبادك الصالحين.

اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.

اللهم عليك بمن يستهدف ديار المسلمين ومقدساتهم وحرماتهم، اللهم من أرادنا أو أراد ديننا وبلادنا وأمننا بسوء أو كيد، أو اعتداء أو مكر، أو شر أو ضـر - فأشْغِله بنفسه، واجعل تدبيره تدميره، واكفنا إياه بما تشاء، يا قوي يا عزيز.


اللهم إنا نسألك العفوَ والعافيةَ، في ديننا ودنيانا، وأهلنا وأموالنا، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، واكفنا اللهم من كل شـر أو ضـر أو عسـر.

اللهم اجعلنا من المحظوظين، ونعوذ بك اللهم أن نكون من المحرومين.
﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286]، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.


[1] يوم الجمعة 8/ 5/ 1441هـ، جامع (آل زخران) في تُنُومة بني شهر.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.83 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.72%)]