|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ثانيًا: حليمة بنت أبي ذؤيب، الكل يعرف مرضعة رسول الله حليمة السعدية: صور من بره بها: جاءت حليمة لزيارة ولدها من الرضاعة بعد أن تزوج النبي من خديجة رضي الله عنها وأرضاها، فأكرمت خديجة وفادتها، فأعطتها أربعين شاة وبعيرًا؛ الطبقات الكبرى لأبن سعد. - وفي يوم آخر تذهب لزيارة النبي صلي الله علية وسلم، وما أن رآها حتى خلع رداءه وبسطه تحتها، فتعجب الصحابة الذين لا يعرفونها، فسأل واحد منهم وقال لمن حوله: من هذه؟ فقالوا أمه التي أرضعته؛ الطبراني ورجاله ثقات. ثالثًا: ثويبة مولاة أبي لهب: هي أول من أرضع النبي صلى الله عليه وسلم، واجتمع على ثديها هو وعمه حمزة بن عبدالمطلب. صور من بره بها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمها وهو في مكة قبل الهجرة حتى توفيت في العام السابع بعد غزوة خيبر، ولما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحًا سأل عن ابنها مسروح، فقيل له: لقد مات قبلها، ولم يبقَ من قرابتها أحد. رابعًا: فاطمة بنت أسد زوج أبي طالب: لما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى كفالة عمه أبي طالب، قامت فاطمة بنت أسد برعاية النبي صلي الله عليه وسلم، فلم ينسَ لها هذا الفضل. صور من بره بها: عن ابن عباس رضي الله عنهما: لَما ماتت فاطمة أم على بن أبي طالب، خلع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه وألبسه إياها، واضطجع في قبرها، فلما سوى عليها التراب قال بعضهم: يا رسول الله، رأيناك صنعت شيئًا لم تصنعه بأحد، فقال: ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة، واضطجعت معها في قبرها؛ ليخفَّف عنها من ضغطة القبر، إنها كانت من أحسن خلق الله إليَّ صنيعًا بعد أبي طالب؛ الطبراني في الأوسط. خامسًا: بركة الحبشية أم أيمن: كانت أمة عند عبدالله والد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انتقلت إلى خدمة النبي وكفلته بعد وفاة أمه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حقها: أم أيمن أمي بعد أمي. صور من بره بها: قام النبي بعتقها بعد زواجه من خديجة، وزوَّجها من مولاه زيد بن حارثة، فأنجبت أسامة بن زيد بن حارثة، وكان يسمى (الحِب بن الحب)، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه ويُكرمه من أجل أمه وأبيه. أيها المسلمون، وعلى هذا سار سلف الأمة، وضربوا أروع الأمثلة في ذلك، وإليك طرفًا من برهم: •أبو هريرة: روى البخاري (في الأدب المفرد) عن أبي حازمٍ: أن أبا مرة مولى أم هانئ ابنة أبي طالبٍ أخبره: أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بالعقيق، فإذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته: عليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمتاه، تقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يقول: رحمكِ الله، ربيتِني صغيرًا، فتقول: يا بني، وأنت فجزاك الله خيرًا، ورضي عنك، كما برَرْتَني كبيرًا؛ (صحيح الأدب المفرد للألباني). - قال محمد بن سيرين: كنا عند أبي هريرة ليلةً، فقال: اللهم اغفر لأبي هريرة، ولأمي، ولمن استغفر لهما، قال لي محمد: فنحن نستغفر لهما حتى ندخل في دعوة أبي هريرة؛ (صحيح الأدب المفرد - للألباني). • أسامة بن زيد: كانت النخلة تبلغ بالمدينة ألفًا، فعمَد أسامة بن زيدٍ إلى نخلةٍ فقطعها من أجل جمارها، فقيل له في ذلك، فقال: إن أمِّي اشتَهَتْه عليَّ، وليس شيء من الدنيا تطلُبُه أمي أقدِرُ عليه إلا فعلتُه؛ (مكارم الأخلاق - لابن أبي الدنيا). • عليُّ بن الحسين: قال محمد بن شهاب الزهري: كان علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبٍ لا يأكل مع أمه، وكان أبَرَّ الناس بها، فقيل له في ذلك، فقال: أخاف أن آكل معها فتسبق عينها إلى شيءٍ من الطعام وأنا لا أعلم به، فآكله، فأكون قد عققتُها؛ (البر والصلة - لابن الجوزي). • قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - شهد ابن عمر - رضي الله عنهما - رجلًا يمانيًّا يطوف بالبيت حمل أمَّه وراء ظهره يقول: إنِّي لها بعيرها المذلَّل... إن أذعرت ركابها لم أذعر، ثم قال: يا بن عمر، أتراني جزيتها قال: «لا، ولا بزفرة واحدة"؛ الأدب المفرد للبخاري. • وعن زرعة بن إبراهيم أن رجلًا جاء إلى عمر، فقال: إن لي أمًا بلغ بها الكبر وإنها لا تقضي حاجتها إلا وظهري مطية لها، وأوضئها وأصرف وجهي عنها، فهل أدَّيت حقَّها؟ قال: لا، قال: أليس قد حملتها على ظهري وحبست نفسي عليها، فقال عمر: إنها كانت تصنع ذلك بك وهي تتمنى بقاءك وأنت تتمنى فراقها؛ (البر لابن الجوزي). • وجاء رجل إلى ابن عمر، فقال: (حملت أمي على رقبتي من خراسان حتى قضيت بها مناسك الحج أتراني جزيتها، قال: لا ولا طلقة من طلقاتها)؛ البر والصلة لابن الجوزي. • الهذيل بن حفصة بنت سيرين: قالت حفصة بنت سيرين: "بلغ من برِّ الهذيل ابني بي، أنه كان يكسر القصب في الصيف، فيوقد لي في الشتاء، قال: لئلا يكون له دخان، وكان يحلب ناقته بالغداة، فيأتيني به، فيقول: اشربي يا أم الهذيل؛ فإن أطيب اللبن ما بات في الضرع قالت: فمات، فرزق الله عليَّ من الصبر ما شاء أن يرزق، وكنت أجد مع ذلك حرارةً في صدري لا تكاد تسكن، قالت: فأتيت ليلةً من الليالي على هذه الآية: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 96]، فذهب عني ما كنت أجد"؛ (البر والصلة - لابن الجوزي). • محمد بن المنكدر: كان محمد بن المنكدر يضع خده بالأرض، ثم يقول لأمه: ضعِي قَدَمكِ عليه؛ (مكارم الأخلاق - لابن أبي الدنيا). • مِسعَر بن كِدام: استسقَتْ أمُّ مِسعَر بن كدام منه ماءً في الليل، فقام فجاءها به وقد نامت، وكره أن يذهب فتطلبه ولا تجده، وكره أن يوقظها، فلم يزل قائمًا والإناء معه حتى أصبح؛ (مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا). • سعيد بن سفيان الثوري: قال سعيد بن سفيان الثوري: ما جفَوْتُ أبي قط، وإنه ليدعوني وأنا في الصلاة غير المكتوبة فأقطعها له؛ (مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا). • الفضل بن يحيى البَرْمكي: قال الخليفة المأمون: لم أرَ ابنًا أبَرَّ بأبيه من الفضل بن يحيى البرمكي، بلغ مِن بره أن يحيى كان لا يتوضأ إلا بماءٍ سخن وهما في السجن، فمنعهم السجان من إدخال الحطب في ليلةٍ باردةٍ، فقام الفضل حين أخذ يحيى مضجعه إلى قمقمٍ كان يسخن فيه الماء، فملأه، ثم أدناه من نار المصباح، فلم يزل قائمًا وهو في يدِه حتى أصبح؛ (المجالسة وجواهر العلم - للدِّينوري). • حَيْوة بن شريح: كان حَيْوة بن شريح، وهو أحد أئمة المسلمين، يقعد في حلقته يعلِّم الناس، فتقول له أمه: قم يا حيوة وألق الشَّعيرَ للدجاج، فيقوم ويترك التعليم؛ (بر الوالدين - لأبي بكر الطرطوشي). • طَلْق بن حبيب: كان طَلْق بن حبيب من العبَّادِ، وكان يقبِّل رأس أمه، وكان لا يمشي فوق ظهر بيتٍ وهي تحته؛ إجلالًا لها؛ (بر الوالدين - لأبي بكر الطرطوشي). • ابن عمرَ بنِ ذرٍّ: لما مات ابنُ عمرَ بنِ ذر، قيل له: كيف كان بره؟ قال: ما مشى معي نهارًا قط إلا كان خلفي، ولا ليلًا إلا كان أمامي، ولا رقِيَ على سطحٍ أنا تحته؛ (البر والصلة - لابن الجوزي). • الزبير بن هشام: قال مصعب بن عثمان: كان الزبير بن هشامٍ بارًّا بأبيه، إن كان لَيرقى إلى السطح في الحَرِّ فيؤتى بالماء البارد، فإذا ذاقه فوجد برده لم يشرَبْه، وأرسله إلى أبيه؛ (البر والصلة - لابن الجوزي). • قال رجل لعبيدالله بن عميرٍ: حملت أمي على رقبتي من خراسان حتى قضيتُ بها المناسك، أتُراني جزيتها؟ قال: لا، ولا طلقة واحدة؛ (البر والصلة - لابن الجوزي). • حارثة بن النعمان رضي الله عنه: وأما حارثة، فإنه كان يفلي رأس أمه، ويطعمها بيده، ولم يستفهمها كلامًا قط تأمر به حتى يسأل من عندها بعد أن يخرج، ماذا قالت أمي؟ البر والصلة لابن الجوزي)، وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نمت فرأيتني في الجنة، فسمعت صوت قارئ فقلت: من هذا؟ فقالوا: حارثة بن النعمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلك البر، قال: وكان أبر الناس بأمه"؛ رواه ابن وهب في الجامع، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة. • بكر بن عياش، يقول: "ربما كنت مع منصور في منزله جالسًا، فتصيح به أمه، وكانت فظة غليظة، فتقول: يا منصور، يريدك ابن هبيرة على القضاء فتأبى، وهو واضع لحيته على صدره ما يرفع طرفه إليها؛ البر والصلة لابن الجوزي. كان حجر بن الأدبر يلمس فراش أمه بيده ويتقلب بظهره عليه ليتأكد من لينه وراحته، ثم يضجعها عليه؛ البر والصلة لابن الجوزي. أيها المسلمون، المواقف الدالة على حرص أسلافنا على برِّهم بآبائهم وأمهاتهم كثيرة جدًّا، لا تحصرها هذه الدقائق، لكنها في جملتها تعكس صورة ذلك المجتمع البار، وحقيقة أولئك الأخيار الذين زكت نفوسهم، واهتدت قلوبهم، فكانوا لنا مثلًا في برهم، ونبراسًا في طاعتهم، فهيَّا لنتفقد حالنا مع آبائنا وأمهاتنا، وننظر بعين الملاحظة هل نحن في برهم وطاعتهم على الحال الذي يجب، والطريقة التي تنبغي أو أننا غير ذلك؟ فتشبهوا ان لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح، ألا هيَّا فلنبادر إلى برِّهما وطاعتهما قبل أن يرحلا، ويفوت الوقت فينتقلا، هيا قبل أن نحزن على فقْدهما، ونذرف الدموع ندمًا على التقصير في حقهما. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم. الخـــطــبـــة الثـــانــيــــة الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله، أما بعد: ف: حبي إليهم لا يضاهى ماعدا ![]() حبي لربي والنبي محمدَا ![]() أبواي لو جادوا علينا بالرضا ![]() يكن الطريق إلى الجنان مُمهدا ![]() أبواي كنتم على الدوام تُناضلا ![]() كي تجعلوني بين قومي سيدَا ![]() فأخذت منكم ما يجب وزيادة ![]() وكأنكم أنجبتموني واحدَا ![]() وكنت أطلب مالكم تعطونني ![]() لم تبخلوا لم تجعلوه محددَا ![]() وبدا عليكم إذا مرضت كآبة ![]() وإذا شفيت يزول عنكم ما بدا ![]() وإن تسمعا أني أحقق مطلبًا ![]() كنتم لأجلي تفرحان وتسعدَا ![]() اليوم أخبر والديَّ بأنه ![]() حبي إليهم في الفؤاد ممدَا ![]() الشمس شهدت والسماء بعطفهم ![]() والقمر يشهد والسحاب مؤيدَا ![]() والله يشهد لا أبالغ مطلقًا ![]() هل مثل ربي في الشهادة شاهدا ![]() يا رب تحفظ والديَّ كلاهما ![]() واجعل لهم من حوض طه موردَا ![]() واكتُب لهم حسنَ الختام لأنه ![]() باب العبور إلى النعيم الخالدَا ![]() أيها الأحبة في الله، إن من حقوق الوالدين عليك محبتهما وتوقيرهما على من سواهما؛ روى البخاري في الأدب المفرد أن أبا هريرة أبصر رجلين، فقال لأحدهما: ما هذا منك؟ فقال: أبي فقال: لا تسمه باسمه ولا تمشِِ أمامه ولا تجلس قبله. ومن برهما الإحسان إليهما بالقول والعمل والحال؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾، ومن حقوقهما الدعاء لهما في الحياة وبعد الممات؛ قال الله تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾، وفي الحديث: ((إن الرجل ليرتفع في الجنة فيقول: أنى لي هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك؛ أخرجه أحمد، ومن حقوقهما صلة أهل ودِّهما، فقد روي عن ابن عمر مرفوعًا: ((إن أبر البر صلة الرجل أهل ودِّ أبيه))؛ (مسلم). ومن حقوقهما النفقة عليهما إذا كانا محتاجين للنفقة وعند الولد ما يزيد على حاجته؛ قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: على الولد الموسر أن ينفق على أبيه وزوجة أبيه وعلى إخوته الصغار وإن لم يفعل ذلك كان عاقًّا لأبيه قاطعًا لرحمه مستحقًّا لعقوبة الله في الدنيا والآخرة. ومن حقوقهما التواضع لهما وخفض الجناح؛ قال الله تعالى: ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24]. ومن حقوقهما إنفاذ عهدهما أي وصيتهما، ففي سنن أبي داود أن رجلًا قال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما بعد موتهما؟ قال: ((نعم الصلاة عليهما الدعاء لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما))؛ أبو داود. ولنحذر كل الحذر من عقوق الوالدين وهذا ما نختم به خطبتنا: التحذير من عقوق الوالدين: معنى عقوق الوالدين: العقوق في اللغة: مشتق مِن العَقِّ، وهو القطع. عقوق الوالدين: صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قولٍ أو فعلٍ، إلا في شركٍ أو معصية؛ (فتح الباري - لابن حجر العسقلاني). قال الإمام ابن الجوزي (رحمه الله): عقوق الوالدين: مخالفة الوالدينِ فيما يأمرانِ به من المباح، وسوء الأدب في القول والفعل؛ (كتاب البر والصلة - لابن الجوزي). عقوبة عقوق الوالدينِ: يمكن أن نوجز عقوبة عقوق الوالدين في الأمور التالية: • عقوق الوالدينِ سبب غضب الله تعالى على الأبناء؛ روى الترمذي عن عبدالله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رضا الربِّ في رضا الوالد، وسَخَط الربِّ في سَخَط الوالد))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني). • عقوق الوالدين مِن الكبائر؛ روى الشيخانِ عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟)) ثلاثًا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدينِ))، وجلَس وكان متكئًا، فقال: ((ألا وقول الزور))، قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليتَه سكَتَ؛ (البخاري ومسلم). وروى البخاري عن المغيرةِ بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن اللهَ حرَّم عليكم عقوقَ الأمهاتِ))؛ (البخاري). قال الإمام ابن حجَر العسقلاني (رحمه الله): قيل: خصَّ الأمهاتِ بالذِّكر؛ لأن العقوق إليهن أسرعُ من الآباء؛ لضعف النساء، ولينبِّهَ على أن برَّ الأم مقدَّم على برِّ الأبِ، في التلطف، والحُنوِّ، ونحو ذلك؛ (فتح الباري - للعسقلاني). وكــذا روى الشيخانِ عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن مِن أكبر الكبائر أن يلعَنَ الرجلُ والديه))، قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجلُ والديه؟ قال: ((يسُبُّ الرجلُ أبا الرجلِ، فيسُبُّ أباه، ويسُبُّ أمَّه))؛ (البخاري ومسلم). • عقوق الوالدين سبب دخول النار: روى النسائي عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاقُّ لوالديه، والمرأة المترجِّلة، والدَّيُّوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاقُّ لوالديه، والمدمِن على الخمر، والمنَّان بما أعطى))؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح النسائي - للألباني)؛ قال السندي (رحمه الله): قوله: (لا ينظر الله إليه)؛ أي: نظر رحمة أولًا، وإلا فلا يغيب أحد عن نظره، والمؤمن مرحوم بالآخرة قطعًا، (العاقُّ لوالديه): المقصر في أداء الحقوق إليهما، (المترجِّلة): التي تتشبَّه بالرجال في زيِّهم وهيئاتهم، فأما في العلم والرأي فمحمود، (والدَّيُّوث) وهو الذي لا غيرةَ له على أهله، (لا يدخلون الجنة): لا يستحقُّون الدخولَ ابتداءً؛ (سنن النسائي). وروى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف))، قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: ((مَن أدرك أبويه عند الكِبَر، أحدهما أو كليهما، فلم يدخل الجنة))؛ (مسلم). رغم أنف: أي: ألصقه بالتراب وأذله. • عقوق الوالدينِ يمنَع قبول العمل الصالح. روى الطبراني عن أبي أمامة الباهلي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ثلاثة لا يقبَل الله منهم صَرْفًا (فرضًا)، ولا عدلًا (تطوعًا): عاقٌّ، ومنَّانٌ، ومكذِّبٌ بالقدر))؛ (حديث حسن) (صحيح الجامع - للألباني). • عقوبته معجَّلة في الدنيا قبل الآخرة؛ روى الحاكم عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بابانِ مُعجَّلانِ عقوبتهما في الدنيا: البَغْيُ والعقوق)) (صحيح الجامع - للألباني). أيها المسلمون وأخيرًا الجزاء من جنس العمل: قال الأصمعي (رحمه الله): حدثني رجل من الأعراب قال: خرجتُ من الحي أطلب أعَقَّ الناس، وأبرَّ الناس، فكنت أطوف بالأحياء، حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل يستقي بدلو لا تطيقه الإبل في الهاجرة، والحر شديد، وخلفه شاب في يده رِشاء (الحبل) من قِدٍّ (جلد مدبوغ) ملويٍّ يضربه به، قد شق ظهره بذلك الحبل، فقلت: أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ما هو فيه من هذا الحبل حتى تضربه؟ قال: إنه مع هذا أبي، قلت: فلا جزاك الله خيرًا، قال: اسكت، فهكذا كان هو يصنَع بأبيه، وهكذا كان يصنَع أبوه بجده، فقلت: هذا أعَقُّ الناس؛ (مساوئ الأخلاق - للخرائطي). اجتهدوا أيها الشباب في بر والديكم، واحذروا الإساءة إليهما أو إلى أحدهما، فإن غضب الوالد على ولده عار في الدنيا وشؤم عليه وحسرة، وفشل وعقوق من أولاده له، ونار عليه في الآخرة أعاذنا الله وإياكم من العقوق ومن الخيبة والخسران التي يُمْنَى بها العاق، اللهم أعنَّا على برِّ والدِينا أحياء وأمواتًا، اللهم وفِّق الأحياء منهم، ومُدَّهم بالصحة والعافية، واعمُر أوقاتهم بطاعتك وألسنتهم بذكرك، ووفِّقنا لكسب رضاهم ودعائهم، اللهم مَن توفيتَه منهم فنوِّرْ قبره، واغفر خطأه وزللَه، اللهم اجزِهم عنا خيرًا، اللهم اجمعنا وإياهم في دار كرامتك ومستقر رحمتك، اللهم أصلحنا وأصلح شبابنا وبناتنا، ووفِّقهم في دينهم ودنياهم، وأقرَّ بصلاحهم وتوفيقهم أعينَنا يا سميع الدعاء؛ وأقِم الصلاة.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |