|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() لا هم يعلو فوق هم التربية خالد بن حسن المالكي الخطبة الأولى إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 – 71]. أما بعد: فيقول ابن حُميد - وفقه الله وسدده - [2]: معاشر المسلمين؛ لا هم يعلو فوق هم التربية، ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74] التربية - حفظكم الله - ليست مشروع أُسرة، أو مشروع مدرسة، بل مشروعُ أمة. الزراعة تنتج الغذاء، والصناعة تصنع الأدوات، والتجارة تجلب الموارد، أما التربية فتبني الإنسان، وتصنع ذلك كله بعون الله تعالى وتوفيقه. التربية علمٌ يُتعلم، وعملٌ يكتسب، والتزامٌ يطبق. التربية تنمي القدرات، وتطور الملكات، ومن شب على شيء شاب عليه. معاشر الأخوة؛ هذه هي التربية في مكانتها وأثرها، أما مَحلُّها وميدانُها فهم أولادنا. أولادنا قرة العين، وسَلوة الفؤاد، وزينة الحياة، وأُنس العيش، وثمار القلوب، وعِمادُ الظهور، بناة الغد ورجاله، ومفكروه وسواعده، ومستودع أمانات الوالدين والمعلمين والمربين. الله الله فيهم. فما أعظم المسؤولية، وما أكبر المهمة! أيها الآباء؛ هَمُّ التربية فوق كل همٍّ. لا يعصم من الذنوب سوى مراقبة علام الغيوب. اغرسوا فيهم عقيدة التوحيد تَثبتُ بها قلوبهم، وتسكنُ إليها نفوسهم، وتنشرحُ بها صدورهم، وتلهجُ بها ألسنتهم، وتقومُ عليها أعمالهم، ربوهم على تقوى الله، وخشيته، ومراقبته حتى لا يرجو الولد إلا ربه، ولا يخاف إلا ذنبه. يتعلقون بالله عز وجل، ويتوكلون عليه، ويتمسكون بكتابه، ويلتزمون بسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ويستعينون بالصبر والصلاة، ويذكرون الله كثيرًا. قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153]. وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 41 – 43]. معاشر المربين والآباء؛ اجعلوا طاعة الله لهم دثارًا، والخوف منه شعارًا، والإخلاص له زادًا، والصدق جُنَّةً، ومن استحيا من الله بلّغه عالي المقامات، ورفيع المنازل. علموهم أن الله سبحانه قد حكم ألَّا يُطيعَه أحد إلا أعزه، ولا يَعصِيَه أحد إلا أذله؛ العزُّ مربوطٌ بطاعةِ الله، والذُلُّ مربوطٌ بمعصيةِ الله. معاشر المربين؛ في سورة الإسراء، وفي سورة النور، وفي سورة الفرقان، وفي سورة لقمان من الوصايا التربوية، والآداب السلوكية ما يجسد عناية هذا الدين بأصول التربية، ووسائلها، وطرائقها: قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ذَٰلِكَ مِمَّا أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ ۗ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا ﴾ [الإسراء: 36 – 39]. وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ * قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 27 – 31]. وقال تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63]. وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [لقمان: 12 – 19]. أيها الآباء.. أيها المعلمون؛ حببوا إليهم القراءة وطلب العلم، فالعلم سَلوةُ العيش، ودليل الحيرة، وأنيس الوحشة، وخير ما يُعلمون كتاب الله تلاوةً وحفظًا واستماعًا، في البيت وفي المدرسة، وفي سائر المرافق والأحوال، وبقدر ما يقرأ الولد من كتاب الله تعالى - تزداد طمأنينته وتحصل سعادته. قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ﴾ [الرعد: 27 – 29]. أيها المربون؛ أقيموا ألسنتهم بلغة القرآن حتى تُحفظَ لغتهم ويحلوَ بيانهم. معاشر الأحبة.. معاشر الأحبة.. ليس أعظم ضعفًا ولا أشد هُزالًا من أن تتكلمَ الناشئة بغير لُغتها، وتؤرخَ بغير تاريخها، وتُفاخرَ بغير إنتاجها، وتحتفلَ بغير أعيادها. علموهم أن يغتنموا تعليمَ العالِم، ويستمعوا إلى نصح المشفق، ويأخذوا بإرشاد الحكيم، ويقتدوا ببذل الكريم. أيها الآباء الفضلاء.. أيها المعلمون النبلاء؛ ربوهم على الفضيلة ومكارم الأخلاق، فبالفضائل تدفع الرذائل، فجمال العقل بالفكر، وجمال اللسان بالصمت، وجمال الكلام بالصدق، وجمال الحال بالاستقامة، والقعود عن الفضائل بئس الرفيق. نفعني الله وإياكم بهديِ الكتاب والسنة. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:فيا أيها المسلمون؛ تربية الأولاد إحسانٌ وطاعةٌ وأجرٌ، ألا فاتقوا الله رحمكم الله، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ». قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ». وبعدُ حفظكم الله؛ فإن من علامة صحة التربية: قلةُ الخلاف، وَحُسْنُ الإنصاف، وتَركُ تطلبِ العثرات، والتماسُ الأعذار، واحتمالُ الأذى، ولينُ الكلام، وطلاقة الوجه. والذي يجمع أساليب التربية ويحقق ثمرتها: التفاهمُ بين الوالدين، والانسجامُ والهدوءُ والاستقرارُ في البيت - في محبةٍ ورفقٍ وتشجيعٍ، وثقةٍ وتغاضٍ وتسامحٍ - فينتج بإذن الله أبناءٌ صالحون صحتْ عقائدهم، وحَسُنَ سلوكهم، عناصرُ بناءٍ وإيجابيةٍ في توازنٍ وانضباطٍ واعتدالٍ. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]. معاشر الإخوة؛ إن من أعظم وسائل التربية وأنجحها: التربية بالقدوة، الأبناء بحاجة إلى قُدوات صالحة تستثير الهمم، وتستنهض العزائم، جالسوهم.. صادقوهم.. تحدثوا إليهم.. فرغوا أنفسكم من أجلهم. إنكم إن لم تجدوا لهم عندكم وقتًا فلن تجدوا عندهم لكم مكانًا. إعطاؤهم من وقتكم خير لهم من إعطائهم من مالكم، وأن تستثمروا فيهم خير من أن تستثمروا لهم. كونوا لهم قدوةً بحكمةِ العقل، وعفةِ اللسان، وصدقِ الحديث، وطهارةِ اليد، وحسنِ الخُلق. يقول عَمْرُو بن عتبة - رحمه الله تعالى - مخاطبًا مُعلم ولدِه: "ليكنْ أولَ إصلاحِكَ لولدي إصلاحُك لنفسك؛ فإن عيونهم معقودة بعينك، فالحَسنُ عندهم ما صنعت، والقبيحُ عندهم ما تركت"، انتهى كلامه رحمه الله تعالى. كونوا لهم مستمعين يكونوا لكم بررة، أحبوهم، وشجعوهم، وبادلوهم المِزاح والمَرح. معاشر الآباء والمربيين؛ احذروا أن تستحوذ على الأبناء والبنات أدواتُ التواصل، والمواقعُ الافتراضية، بُثّوا فيهمُ الوعي، فلا يُصدقوا كل صورة، ولا يستسلموا لكل تغريدة، ولا يقبلوا كل معلومة، ففي كثير منها مواقعُ الخلل ومواطنُ الزلل. لا يجعلون أدوات التواصل مَحَطَّاتِ عبورٍ لشائعة، أو سبيلًا لغيبة، أو طريقًا لكَذْبَةٍ تبلغ الآفاق، فالأوزار مكتوبة، والآثام محسوبة بلمسة لم تكن في الحسبان، وجهوهم أن يجعلوا من هذه الأدوات نُقاط تفتيش تحجز الأذى، وتمنع الفحشاء. معاشر المسلمين؛ ومن أعظم ما يستهدف في التربية إقامة بناء الشخصية المسلمة في الناشئة، والاعتزاز بالقيم الإسلامية، والبعد عن التقليد المميت، والحذر من الاندفاع وراء مهازيل المشاهير في ملبسٍ أو مطعمٍ أو سلوكٍ، قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8]. اغرسوا فيهم أن الباطل باطل ولو كثر أتباعه، والحق حقٌ ولو قل أتباعه. راية الحق قائمة وإن لم يرفعها أحد، وراية الباطل ساقطةٌ - ولو رفعها كل أحد -، والحرام حرام ولو فعلهُ كل الناس. المرء بآدابه - لا بثيابه، وبدينه وخلقه - لا بنسبه وقبيلته. أيها المربون.. أيها المسؤولون؛ شجعوهم على الجد، وحفظِ الوقت، وشَغْلِ وقت الفراغ بما ينفع، وتحملِ المسؤولية، والاستخارة، والاستشارة، واتخاذِ القرار، قال تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]. ذكروهم أن من أكثر الرُّقاد لم يحقق المراد، ومن كثر نومه سبقهُ قومُه، وحبُّ الراحة يُورثُ الندمَ، ولا يُبْلَغُ الأملُ إلا بالجدِّ والعملِ. والهدايةُ طريقها المجاهدة: قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، واجعلنا من المحسنين. ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74]. اللهم أحينا على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وتوفنا على ملته، وأعذنا من مضلات الفتن. ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]. ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |