|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الكذب يحيى بن إبراهيم الشيخي إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. اعلموا أيها الإخوة المؤمنون أنه ينبغي على كل مسلم أن يحفظ لسانه عن كل كلمة لا خير فيها مهما كان حجمها، فاللسان من أشد الأسلحة هلاكًا لصاحبه وفتكًا بالآخرين، فبعض الأشخاص قد يسلم الناس من يديه؛ لكنهم لم يسلموا من لسانه، روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ)). ومن آفات اللسان التي يتساهل بها الكثير من الناس، هي آفة الكذب، فما أقبحها من آفة! واعتياد الكذب يؤدي بصاحبه إلى أن يُكتَب عند الله كذَّابًا، فقد روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا)). قال العلماء: هذا الحديث فيه حثٌّ على تحرِّي الصدق، وهو قصده والاعتناء به، وعلى التحذير من الكذب، والتساهل فيه، فإنه إذا تساهل فيه كثُر منه، فعُرف به، وكتبه الله لمبالغته صدِّيقًا إن اعتاده، أو كذَّابًا إن اعتاده. وروى مالك أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَاللهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ: «لَا يَزَالُ الْعَبْدُ يَكْذِبُ، وَتُنْكَتُ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ حَتَّى يَسْوَدَّ قَلْبُهُ كُلُّهُ، فَيُكْتَب عِنْدَ اللهِ مِنَ الْكَاذِبِينَ». وروى البخاري عن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في حديث الرؤيا: ((انْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى))، قَالَ: ((قُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ مَا هَذَانِ؟))، قَالَا: ((إِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ)). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ)). ومما ورد في عقوبة الكذَّاب: أن الكذَّاب يُعذَّب في قبره قبل يوم القيامة، روى البخاري في صحيحه من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث الرؤيا الطويل: ((فأتينا على رجُلٍ مُسْتلقٍ لِقفاهُ، وإذا آخر قائم عليه بكلُّوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شِقَّي وجهه فيشرشر شدْقه إلى قفاه، ومنْخَراه إلى قفاهُ، وعيناهُ إلى قفاهُ)) قال: ((ثم يتحوَّل إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يَفرُغ من ذلك الجانب حتى يصحَّ الأول كما كان، ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى)) فسأل عنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقيل له: ((إنه الرجُل يَغدو مِن بيته فيكذبُ الكذبة تبلُغ الآفاق)). ورتب النبي صلى الله عليه وسلم الثواب العظيم لِمَن ترَك الكذب وإنْ كان مازحًا، روى أبو داود في سُننه من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنا زعيمٌ ببيت في ربض الجَنَّة لمن ترَك المراء وإنْ كان مُحقًّا، وببيتٍ في وسط الجنة لمن ترَك الكذب وإنْ كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنة لمن حسَّن خُلُقَه)). قال الإمام أحمد بن حنبل: الكذب لا يَصلُح منه جدٌّ ولا هزل، وقال أيضًا: يُطبع المسلمُ على الخصال كلها إلا الخيانة والكذب. وَدَعِ الكَذُوبَ فلا يَكُنْ لكَ صاحِبًا ![]() إنَّ الكَذُوبَ لَبِئْسَ خِلًّا يُصْحَبُ ![]() ![]() ![]() ومن أكبر الأخطاء التي يرتكبها الوالدان هو الكذب على أبنائهما، أو تعويد الأبناء بأن يقولوا كلمات كاذبة من أجل التخلُّص من بعض المواقف؛ كتعويد الطفل أن يرد على من يطرق الباب، بأن يقول: والدي ليس موجودًا مع أنه موجود، أو والدي نائم وهو ليس بنائم، فيقتدي الطفل بوالده في مثل هذه المواقف وينشأ عليها. ومن أعظم وأخطر الكذب: الكذب على الله ورسوله، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ﴾ [الأنعام: 93]، ومن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثلًا يقول: قال رسول الله كذا وكذا كذبًا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ كَذِبًا عليَّ ليس ككذبٍ على أحدٍ، فمن كذب عليَّ مُتعمِّدًا، فلْيتبوَّأْ مقعدَه من النَّارِ))؛ صحيح الجامع، صححه الألباني. فاحذروا عباد الله من الكذب، وابتعدوا عنه لتكونوا قدوةً لأبنائكم، واتبعوا طريق الصدق، وكونوا مع الصادقين. أقول قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم. الخطبة الثانية الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد:اعلموا أيها الإخوة المؤمنون أن من علامات النفاق اعتياد الكذب، فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ))، وفي لفظ لمسلم: ((آيَةُ المنَافِقِ ثَلَاثٌ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ)). احذروا من الكذب حتى في المزاح والنكت، فمن حدَّث الناس بشيء هو فيه كاذب ليضحكوا، فهو عرضةٌ لعذاب شديد، فقد قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((وَيْلٌ للذِي يُحَدِّثُ بِالحَدِيثِ لِيُضْحِكَ بِهِ القَوْمَ، فَيَكْذِبُ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ)). ومن أعظم الكذب أن تحدِّث الناس أنك رأيت شيئًا في منامك لم تره، فقد روى البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((إِنَّ مِنْ أَفْرَى الفِرَى أَنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ))، وروى البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَلَنْ يَفْعَلَ)). والكذب كله مذموم إلا في حالات بيَّنها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليس الكذَّاب الذي يُصلِح بين الناس فيقول خيرًا ويَنْمي خيرًا)). وقالت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها: «لم أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس، والحرب، وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها»، فما كان الكذب فيه خيرًا للإسلام والمسلمين فلا بأس به، بشرط ألَّا يعقب ذلك ضررٌ على أحد. عباد الله، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقد قال جل من قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |