|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() موانع التكفير عن أهل السنة والجماعة سالم محمد هذا موضوع حول (موانع التكفير عن أهل السنة والجماعة) من كتاب: الإيمان حقيقته، خوارمه، نواقضه عند أهل السنة والجماعة لمؤلفة الشيخ: عبد الله بن عبد الحميد الأثري صاحب كتابي: (الوجيز في عقيدة السلف الصالح) و(أحكام وأنواع التوسل المشروع والممنوع) والآن مع المادة المختارة: التكفير عند أهل السنة والجماعة له موانع يمنع من تنزيل الحكم على الشخص بعينه؛ إلا بعد توفر الشروط، وانتفاء الموانع التي تمنع تكفير المعين، ومن هذه الموانع وأهمها:
فمثل هذا الشخص لا يستحق العقوبة حتى تقام عليه الحجة؛ لأن الجهل ببعض الأمور العقدية قد وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض الصحابة - رضي الله عنهم - ومع ذلك لم يكفرهم صلى الله عليه وسلم. وأهل السنة والجماعة؛ يراعون اختلاف أحوال الناس، وأماكنهم وزمانهم؛ من حيث انتشار العلم، أو عدم انتشاره، لأنهم لا يشتركون جميعاً في معرفة الأمور الضرورية على درجة واحدة؛ بل قد يعرف البعض ما لا يعرفه الآخرون؛ أو قد يكون بعض المسائل من المسلمات عند البعض مع أن غيرهم يجهلها. ومع هذا فلا يعني أن الجهل عندهم عذر مقبول لكل من ادعاه؛ فالجهل عندهم درجات مختلفة، فجهل ما هو معلوم من الدين بالضرورة، غير جهل ما دونه. والجاهل العاجز عن السؤال والعلم؛ غير الجاهل المتمكن المفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله تعالى. وكون الرجل يعذر بالجهل - عندهم - لا يعني ذلك إبقاء منزلته كما هي؛ بل تنحط منزلته، وينقص إيمانه بقدر بعده عن الحق.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه)[1] لأن الله تعالى أمر الناس بطلب الحق على قدر وسعهم وإمكانهم؛ فإن لم يصيبوا الحق في اجتهادهم، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
ومن ضوابط الإكراه - عندهم - أن يقع بسبب التهديد بالضرب والقتل والتعذيب، أو قطع عضو من أعضائه، بالفعل لا بمجرد التهديد اللفظي، وقد رفع السيف فوق رأسه؛ حتى يتحقق الإكراه، وأن يغلب على ظنه أنه إذا امتنع أوقع به ذلك فوراً لا محالة؛ فحينئذ يجوز له القيام بما دفع إليه بالتهديد، باعتباره في حالة ضرورية شرعية؛ فيباح عندئذ إظهار ما يخالف الدين، ولا يأثم إن نطق بالكفر أو فعل؛ لأن في هذه الحالة ينعدم في الإنسان الرضا، ويفسد الاختيار، وتنتفي الإرادة والقصد، أما ما دون ذلك فيدفع أعظم المفسدتين بارتكاب أدناهما؛ ففي هذه الحالة لا يكفر المسلم ما دامت الموافقة باللسان دون القلب، وقلبه مطمئن بالإيمان، وموقن بحقيقته، وذلك لظاهر قوله تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (1) سورة النحل، الآية: 106. كما أجمعوا على أن من أكره على الكفر، فاختار القتل؛ أعظم أجراً عند الله تعالى ممن اختار الرخصة؛ وذلك لأن الصبر والأخذ بالعزيمة له منزلة رفيعة عند الله تعالى، وأولى من الأخذ بالرخص، ولو كانت مباحة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر؛ فأمره ونهاه فقتله)[2]. أما من نطق بالكفر، وقال: قصدت المزاح؛ فهو كافر ظاهراً وباطناً، إذ حكم الكفر يلزم الجاد، والهازل، والمازح على السواء، وفي الآخرة أمرهم إلى الله تعالى. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (فمن قال بلسانه كلمة الكفر من غير حاجة عامداً لها عالماً بأنها كلمة كفر؛ فإنه يكفر بذلك ظاهراً وباطناً، ولا يجوز أن يقال: إنه في الباطن يجوز أن يكون مؤمناً، ومن قال ذلك فقد مرق من الإسلام)[3] .
اتفق أئمة أهل السنة والجماعة على أن التأويل السائغ - الذي له وجه في العلم واللغة العربية - يعتبر من موانع التكفير؛ إذا كان سببه القصور في فهم الأدلة الشرعية، أو الاستناد إلى الشبه التي تصرف عن اتباع الحق دون تعمد للمخالفة، أو المعارضة، أو التكذيب، أو الرد، أو العناد؛ بل اعتقاد العكس بأن الحق معه والتزمه بذلك. وهذا النوع من المتأول إذا أخطأ، وكان من أهل الإيمان؛ فهو معذور حتى تقام عليه الحجة، وتزول عنه الشبهة. وهذا النوع من التأويل مذموم؛ إذا لم يعطل بعض أحكام الشريعة المعلومة من الدين بالضرورة، ولكن يؤدي إلى المخالفة دون القصد؛ فهو من قبيل الخطأ الذي غالباً ما يكون سببه الجهل. وإن كان مما يعطل بعض أحكام الشريعة؛ فهو أشد ذماً؛ لأنه من أصول الضلال والانحراف، وذريعة للغلو في الدين. واتفق أهل السنة والجماعة - أيضاً - على أن هنالك تأويلات لا يعذر بها؛ كتأويلات الباطنية، والفلاسفة، وغيرهم من الغلاة؛ لأن حقيقة أمرهم هي تكذيب للدين جملة وتفصيلاً، أو التكذيب لأصل لا يقوم الدين إلا به، أو عدم عبادة الله وحده؛ كإنكار الفلاسفة لحشر الأجساد، وقولهم إن الله تعالى لا يعلم الجزئيات، أو القول بتحريف القرآن، أو اعتقاد النفع والضر في الأموات كما يفعله غلاة القبوريين.. ونحو ذلك من الاعتقادات الغالية التي لا تعتمد على أصول شرعية. فالتأويل - عند أهل السنة والجماعة - نوعان: نوع يعذر به الإنسان، ونوع لا يعذر به.
والاتباع هو الحجة في الإسلام، وهو العلم الصحيح؛ لأنه قول الله تعالى، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم وقول الصحابة، وما سوى ذلك يسمى تقليداً. والتقليد نوعان:
ويحرم التقليد على العالم، أو الذي يستطيع النظر والاستدلال؛ إذا اجتهد وبان له الحق في المسألة أن يقلد غيره، سواء كان ذلك في العقائد أو الأحكام؛ لورود الأدلة في ذم التقليد والمقلدين. واتفقوا على أن التقليد من موانع التكفير؛ لأن المقلد جاهل لا يفهم الدليل أو الحجة، ولا بصيرة له ولا فقه؛ فهو معذور حتى تقام عليه الحجة ويعلم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (والذي عليه جماهير الأمة: أن الاجتهاد جائز في الجملة، والتقليد جائز في الجملة، لا يوجبون الاجتهاد على كل أحد ويحرمون التقليد، ولا يوجبون التقليد على كل أحد ويحرمون الاجتهاد، وأن الاجتهاد جائز للقادر على الاجتهاد، والتقليد جائز للعاجز عن الاجتهاد؛ فأما القادر على الاجتهاد فهل يجوز له التقليد؟ هذا فيه خلاف، والصحيح أنه يجوز حيث عجز عن الاجتهاد، إما لتكافؤ الأدلة، وإما لضيق الوقت عن الاجتهاد، وإما لعدم ظهور الدليل له؛ فإنه حيث عجز سقط عنه وجوب ما عجز عنه، وانتقل إلى بدله وهو التقليد، كما لو عجز عن الطهارة بالماء، وكذلك العامي إذا أمكنه الاجتهاد في بعض المسائل جاز له الاجتهاد؛ فإن الاجتهاد منصب يقبل التجزي والانقسام، فالعبرة بالمقدرة والعجز)[4].
قال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}. اتفق أئمة أهل السنة والجماعة على أن العجز عن أداء ما شرع الله تعالى أو عن أداء بعضه؛ يعتبر من موانع التكفير؛ إذا كان سببه انتفاء الإرادة وعدم الاختيار والرضا والقصد بذلك، واتقى صاحبه الله ما استطاع؛ فإنه معذور غير مؤاخذ على ما تركه. كالذين بلغتهم دعوة الإسلام وهم في دار الكفر وأسلموا ولكن لم يتمكنوا من الهجرة إلى دار الإسلام، ولا الالتزام بجميع شرائعه؛ لأنهم ممنوعون من إظهار دين الإسلام، أو ليس عندهم من يعلمهم جميع شرائع الدين؛ فهؤلاء معذرون، وإن ماتوا على حالهم فهم من أهل الجنة إن شاء الله. ========================================= [1] (رواه ابن ماجة) في (كتاب الطلاق) باب: (طلاق المكره والناسي) وصححه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجة) ج 1، ص 347. [2] (صحيح) رواه الحاكم في (المستدرك) . وانظر: (مجموع الزوائد) ج9، ص 268. [3] (الصارم المسلول) ص 532. [4] (مجموع الفتاوى) ج 20، ص 203.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |