وقفات تربوية مع سورة الإخلاص - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 270 - عددالزوار : 4925 )           »          أكبر مشايخ الإمام البخاري سنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          لطائف من القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 303 )           »          من صفات الرجولة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3116 - عددالزوار : 476219 )           »          إشراقة آية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 6697 )           »          تفسير قوله تعالى: { ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          حقوق القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 27 )           »          المضاف إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم يوم أمس, 07:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,965
الدولة : Egypt
افتراضي وقفات تربوية مع سورة الإخلاص

وقفات تربوية مع سورة الإخلاص

رمضان صالح العجرمي



1- فضائل سورة الإخلاص.
2- معاني كلمات سورة الإخلاص.
3- الأوقات والأحوال التي تشرع قراءتها فيها.

الهدف من الخطبة:
التذكير بفضائل وأسباب النزول، ومعاني السورة، والأوقات والأحوال التي تشرع قراءتها فيها.

مقدمة ومدخل للموضوع:
أيها المسلمون عباد الله، لقاؤنا بإذن الله تعالى مع سورة هي من أعظم سور القرآن الكريم، آياتها أربع آيات، وكلماتها معدودة، ونُكرِّرها في اليوم والليلة مرات عديدة، ويحفظها الكبير والصغير.

سورة عظيمة ترسخ معاني التوحيد والإيمان في قلب المسلم، وتؤكد وحدانية الله عز وجل وتفرُّده وعظمته، وتتضمن إثبات صفات الكمال، ونفي صفات النقص والعيب عنه سبحانه تعالى، مع نفي الشبيه والمثيل والمكافئ، ونفي الصاحبة والولد.

إنها سورة: الإخلاص، أو: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، وسميت بسورة الإخلاص؛ لأن الله تعالى أخلصها لنفسه، فليس فيها إلا الكلام عن الله وحده وأسمائه وصفاته وكماله، ولأنها تخلص من الشرك من قرأها معتقدًا وعاملًا بما دلت عليه، ويكون في عداد عباد الله المخلصين.

وسبب نزول هذه السورة:
عن أُبَيِّ بن كَعْب رضي الله عنه، أن الـمشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾ [الإخلاص: 1، 2]"؛ [رواه أحمد، والترمذي، وحسنه الألباني].

هذه السورة على قلة آياتها، وقصر كلماتها، لكنها تُعَدُّ من أعظم سور القرآن الكريم؛ وذلك لكثرة ما ورد في فضلها من أحاديث نبوية صحيحة؛ فهيَّا بنا نتعرف على فضائلها، ومعاني كلماتها، والأوقات والأحوال التي تشرع قراءتها فيها.

الوقفة الأولى: فضائل سورة الإخلاص:
1- فمن فضائل سورة الإخلاص: أنها من أعظم سور القرآن الكريم، ولم ينزل مثلها في الكتب السابقة؛ عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: ((يا عقبة بن عامر، ألا أعلمك سورًا ما أنزلت في التوراة ولا في الزبور ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلهن، لا يأتينَّ عليك ليلة إلا قرأتهُنَّ فيها: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ قال عقبة: (فما أتت عليَّ ليلة إلا قرأتهن فيها، وحق لي ألَّا أدعهن، وقد أمرني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم)؛ [رواه أحمد، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة].

وهذا دليل: على أن سور القرآن الكريم وآياته تتفاضل لا باعتبار من تكلم به؛ ولكنها متفاضلة باعتبار الألفاظ والمعاني، وأكثر أهل العلم قالوا: القرآن كله كلام الله سبحانه وتعالى، وهو أفضل الكلام وأعظم الكلام؛ ولكن بعضه أفضل من بعض؛ وذلك عملًا بالأحاديث التي وردت في فضل سورة الفاتحة والإخلاص، وآية الكرسي.

2- ومن فضائلها: أنها تتضمن صفة الرحمن جل جلاله، وأنها من أسباب محبته سبحانه وتعالى؛ ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعث رجلًا على سرية، فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((سلوه: لأي شيء يصنع ذلك؟))، فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أخبروه أن الله يحبه)).

3- ومن فضائلها: أنها تعدل ثلث القرآن؛ فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟))، قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: ((﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ تعدل ثلث القرآن))، وفي رواية: ((إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء، فـ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ ثلث القرآن)).

وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟))، فشق ذلك عليهم، وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟! فقال: ((الله الواحد الصمد ثلث القرآن)).

وفي الحديث: ((أن رجلًا سمع رجلًا يقرأ: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ يرددها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالّها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن)).

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((احشدوا؛ فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن))، فحشد من حشد، ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾.

والسرُّ في أنها تعدل ثلث القرآن: قال النووي رحمه الله: "وذلك لأن العلماء قسموا القرآن إلى: أحكام، وعقائد، وقصص وأخبار؛ وقد جمعت ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ أحد الأثلاث، وهو العقائد".

قال السيوطي رحمه الله: "هذه السورة ليس فيها ذكر جنة ولا نار، ولا دنيا ولا آخرة، ولا حلال ولا حرام، انتسب الله إليها فهي له خالصة؛ من قرأها ثلاث مرات عدل بقراءة الوحي كله".

4- ومن فضائلها: أنها تضمنت اسم الله الأعظم، والدعاء به مستجاب؛ فهي أفضل ما يقدم بين يدي الدعاء؛ عن بريدة رضي الله عنه، قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، فقال: ((لقد سأل الله باسمه الذي إذا سُئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب))؛ [رواه أبو داود، والترمذي، وصححه الألباني].

5- ومن فضائلها: أنها حصن حصين وحرز متين من كل شر وبلاء لمن تعوَّذ وتحصَّن بها؛ عن عبدالله بن خبيب رضي الله عنه قال: خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا، فأدركناه، فقال: ((أصليتم؟)) فلم أقل شيئًا، فقال: ((قل)) فلم أقل شيئًا، ثم قال: ((قل)) فلم أقل شيئًا، ثم قال: ((قل)) فقلت: يا رسول الله، ما أقول؟ قال: ((قل هو الله أحد، والمعوِّذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات؛ تكفيك من كل شيء))؛ [رواه أبو داوود، وحسنه الألباني].

6- ومن فضائلها: أن قراءتها مع المعوِّذتين عند النوم تكفي من الشر، وتمنعه؛ ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفَّيْه، ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات".

7- ومن فضائلها: أن حبَّها يوجب دخول الجنة؛ فعن أنس رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أحب هذه السورة: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حُبُّك إيَّاها أدخلَك الجنة))؛ [رواه البخاري في صحيحه تعليقًا].

8- ومن فضائلها: أن من قرأها عشر مرات بنى الله له قصرًا في الجنة؛ فعن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ حتى يختمها عشر مرات، بنى الله له قصرًا في الجنة))، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إذًا نستكثر يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الله أكثرُ وأطيبُ))؛ [رواه أحمد، والمنذري، وصححه الألباني].

الوقفة الثانية: معاني كلمات سورة الإخلاص:
قوله: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾؛ أي: قل: يا أيها الرسول قولًا جازمًا به لمن سألك عن صفة ربِّك ونسبته: أن الله تعالى هو الأحد، قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل.

وذلك لما جاء المشركون يسألون عن صفة الرب ونسبته؛ فعن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه، أن الـمشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "انسب لنا ربَّك، فأنزل الله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾ [الإخلاص: 1، 2]"؛ [رواه أحمد، والترمذي، وحسنه الألباني].

قوله: ﴿ الله الصمد ﴾؛ أي: الـمقصود في جميع الحوائج؛ كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: "يعني الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم".

فهو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه.

قوله: ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾ [الإخلاص: 3]؛ أي: لم يكن له ولد لانتفاء من يجانسه؛ إذ الولد يجانس والده، والمجانسة منفية عنه سبحانه وتعالى، ﴿ وَلَمْ يُولَدْ ﴾؛ أي: ليس بمحدث بأن لم يكن فكان؛ فهو كائن أولًا وأبدًا سبحانه وتعالى.

وقد جاءت هذه الآية الكريمة لتنفي العقائد الباطلة، وترد على اليهود والنصارى والمشركين، الذين نسبوا لله تعالى الصاحبة والولد؛ فمشركو العرب زعموا أن الملائكة بنات الله، وقالت اليهود: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، سبحانه تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا.

ففي هذه السورة الرد على كل من وصف الله عز وجل بصفات نقص، أو نسب له الصاحبة والولد؛ كما قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [مريم: 88 - 95]، وقال تعالى: ﴿ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ﴾ [الأنعام: 101]، وفي صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا أحد أصبر على أذًى سمعه من الله، إنهم يجعلون له ولدًا وهو يرزقهم ويعافيهم))، وفي رواية: ((ما أحد أصبر على أذًى يسمعه من الله تعالى، إنهم يجعلون له ندًّا، ويجعلون له ولدًا، وهو مع ذلك يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم))، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي: فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي، فقوله: لي ولد، فسبحاني أن أتخذ صاحبةً أو ولدًا))؛ [رواه البخاري].

أما أهل الإيمان أصحاب العقيدة الصحيحة السليمة فيؤمنون ويعتقدون: أن عيسى عليه السلام خلقه الله تعالى من غير أب؛ كما خلق آدم عليه السلام؛ وأنه خلقه بكلمة منه ألقاها إلى مريم وروح منه؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: 59].

وقد انحرفت طوائف عن هذه العقيدة الصحيحة، وهذا الحق المبين فأساءوا للخالق جل جلاله؛ كالنصارى؛ حيث قالوا: إن عيسى ابنٌ لله تعالى؛ فرد الله تعالى عليهم بقوله: ﴿ وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴾ [الكهف: 4- 5]، وقال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [التوبة: 30].

قوله: ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 4]؛ أي: إنه سبحانه وتعالى لا يشبه أحدًا من خلقه، وليس له مثيل أو نظير أو ندٌّ، لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله سبحانه وتعالى عما يشركون؛ كما قال تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "نؤمن بما وصف الله به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل".

وقد انحرفت طوائف من أهل الأهواء والبدع؛ فخاضوا في صفات الله تعالى ما بين مُعطِّل ومُشبِّه:
فالمعطلة: هم الذين عطلوا صفات الرب، وفي طليعتهم الجهمية ومن شابههم، ومنهجهم في ذلك باطل وفاسد؛ لأنه مبني على جحد صفات الرب ونفيها عنه سبحانه.

والمشبهة: هم الذين يشبهون الله تعالى بالمخلوقين.

نسأل الله العظيم أن يرزقنا التوحيد الخالص.

الخطبة الثانية
الأوقات والأحوال التي تشرع قراءتها فيها:
أيها المسلمون عباد الله، فقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ بها مرات عديدة في اليوم والليلة؛ ومن ذلك:
1- يستحب قراءتها مع المعوِّذتين في الصباح والمساء؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قل: قل هو الله أحد، والمعوِّذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات؛ تكفيك من كل شيء))؛ [رواه أبو داود، وحسنه الألباني].

2- ومنها: عند النوم؛ كما في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قرأها مع المعوِّذتين، ومسح ما استطاع من جسده".

3- ومنها: دبر الصلوات المكتوبة؛ فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ((أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوِّذات في دبر كل صلاة))؛ [رواه أبو داود، والنسائي، وأحمد، وصححه الألباني].

4- ومنها: في الركعة الثانية من سُنَّة الفجر القبلية؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾، و﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، وركعتا الفجر هما راتبة الفجر.

5- ومنها: في الركعة الثانية من سنة المغرب البعدية؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا يقرأ في الركعتين قبل الفجر: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ و﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾؛ [رواه الترمذي].

6- ومنها: في الركعة الأخيرة من صلاة الوتر؛ فعن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى من الوتر بـ ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾، وفي الثانية بـ ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾، وفي الثالثة بـ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾))؛ [رواه النسائي، وصححه الألباني].

7- ومنها: في الركعة الثانية من ركعتي الطواف؛ فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الطواف بسورتي الإخلاص: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾، و﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾))؛ [رواه الترمذي، وصححه الألباني].

نسأل الله العظيم أن يرزقنا التوحيد الخالص، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.31 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.72%)]