سلسلة البلاء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4868 - عددالزوار : 1848513 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4435 - عددالزوار : 1189008 )           »          الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          النقد العلمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          لماذا يشعر بعض المسلمين أحيانا بثقل بعض الأحكام الشرعية وعدم صلاحيتها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          وحدة الأمة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          التراجم: نماذج من المستشرقين المنصِّرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 8530 )           »          أبرز المعالم التاريخية الأثرية والدينية في قطاع غزة كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 581 - عددالزوار : 305123 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-05-2008, 08:59 AM
الصورة الرمزية ابو عبدالرحمن المص
ابو عبدالرحمن المص ابو عبدالرحمن المص غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: May 2008
مكان الإقامة: السعودية
الجنس :
المشاركات: 55
افتراضي

النوع الثاني: بلاء الخير والسِّعَة: وهذا النوع من البلاء كذلك ينقسم إلى قسمين: بلاء قدري كوني؛ كأن يُقدِّر الله على عبدٍ من عباده الغنى والسعة، والصحة، ويرزقه من البنين والذرية العدد الوفير .. مما يكون مدعاة للفخر والتباهي عند كثير من الناس .. والدليل على هذا النوع من البلاء في كتاب الله تعالى قوله تعالى:
) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (الأنبياء:35. فالآية الكريمة دلت على نوعي البلاء: بلاء الشر والخير معاً.
وكذلك قوله تعالى:
) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الأعراف:168.
قال ابن كثير في التفسير:
) وَبَلَوْنَاهُمْ (؛ أي اختبرناهم ) بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ (؛ أي بالرخاء والشدة، والرغبة والرهبة، والعافية والبلاء ا- هـ.
وقال تعالى:
) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (الأنفال:28. والأموال والأولاد تكون فتنة وبلاء عندما تُشغل صاحبها عن ذكر الله، وعن القيام بما يجب عليه القيام به شرعاً. كما قال تعالى:
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (المنافقون:9. فإن ألهتك عن ذكر الله، وعن القيام بالواجبات الشرعية فاعلم حينئذٍ أنها فتنة وبلاء عظيم.
وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال:" إن الولدَ مبخلة مجبنة مجهَلةٌ محزَنةٌ "صحيح الجامع الصغير: 1990. وهذا من قبيل التحذير والتنبيه؛ أي لا يحملنَّك ولدك وتعلقك به على البخل إذا ما استدعى الأمر منك الإنفاق في سبيل الله، كما لا ينبغي أن يحملك على الجبن إذا ما استدعى الأمر منك الإقدام، والنفير إلى الجهاد في سبيل الله.
والقسم الآخر من هذا النوع من البلاء شرعي تكليفي؛ كالإمساك عن الاستغناء والتوسع، وطلب سبل الخير والسعة عن الطرق المحرمة شرعاً؛ كطلب المال عن طريق الربا أو الميسر أو الغش، وكذلك طلب الصيد وقت الإحرام، والدليل على هذا النوع من البلاء في كتاب الله، قوله تعالى)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (المائدة:94.
قال ابن كثير في التفسير: قال ابن عباس قوله)آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ( قال: هو الضعيف من الصيد وصغيره، يبتلي الله عباده في إحرامهم، حتى لو شاءوا لتناولوه بأيديهم، فنهاهم الله أن يقربوه.
وقال مجاهد)تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ (؛ يعني صغار الصيد وفراخه، ) وَرِمَاحُكُمْ (؛ يعني كباره.
وقال مقاتل بن حيان: أنزلت هذه الآية في عمرة الحديبية، فكانت الوحش والطير والصيد تغشاهم في رحالهم، لم يروا مثله قط فيما خلا، فنهاهم الله عن قتله وهم محرمون ) لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ (؛ يعني أنه تعالى يبتليهم بالصيد، يغشاهم في رحالهم، يتمكنون من أخذه باليد والرماح سراً وجهراً، لتظهر طاعة من يطيع منهم في سره وجهره ا- هـ.
وهذا النوع من البلاء قد ابتلي به مَن قبلنا من بني إسرائيل لما حرم الله عليهم صيد البحر يوم السبت؛ فكانت الأسماك والحيتان تأتيهم شُرَّعاً فتظهر على سطح الماء في هذا اليوم، وبصورة يسهل اصطيادها والتقاطها، وتختفي في سائر الأيام التي يجوز فيها الصيد بصورة يصعب اصطيادها .. ففتنوا فلم يصبروا أمام إغواء الصيد السهل .. فعصوا الله تعالى .. واصطادوا في اليوم المحرم عليهم الصيد فيه، وفي هؤلاء نزل قوله تعالى)وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (الأعراف:163. فعاقبهم الله تعالى على عصيانهم هذا فمسخهم قردة خاسئين، كما قال تعالى)وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (البقرة:65.
ونحو ذلك قوله تعالى في مال اليتيم إذ قال تعالى)وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ( الأنعام:152. وكذلك قوله تعالى)وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً (الإسراء:34. فمال اليتيم بلاء شديد على من أودِع عنده ووكِّل عليه؛ وذلك أن اليتيم ضعيف لا يقوى على محاسبة موكله ومساءلته: أين وكيف ينفق ماله .. وهذا في العادة يُجرئ ضعاف النفوس على السطو على مال اليتيم والتصرف فيه بغير وجه حق .. فأنزل الله تعالى آياته محذراً من ذلك.
وبلاء الخير في كثير من الأحيان يكون أشد فتنة ووطأً على صاحبه من بلاء الشدة والشر، فالشدة غالباً ما تحمل صاحبها على الرجوع واللجوء إلى الله تعالى، وعلى طلب العون والمدد والغوث من رب العالمين، فيمده الله تعالى بالصبر والثبات، بينما بلاء الخير والسعة والدعة والرخاء غالباً ما يحمل صاحبه ـ إلا من رحم الله ـ على الطغيان والظلم والتعدي، وعلى النسيان وقساوة القلب، والركون إلى الدنيا وزينتها ومتاعها، فيقع ذليلاً في أسرها فلا يستطيع الفكاك ولا الخلاص منها، لذا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلمقد خاف على أمته فتنة وبلاء الخير والسعة أكثر من فتنة الشدة والشر، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلمبعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدومه، فوافقت صلاة الصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلمفلما انصرف تعرضوا له، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلمحين رآهم وقال:" أظنكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة، وأنه جاء بشيء ". قالوا : أجل يا رسول الله، قال:" فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتلهيكم كما ألهتهم ". وفي رواية:" فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا "، قالوا : وما زهرة الدنيا يا رسول الله! قال:" بركات الأرض .. إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بحقه، ووضعه في حقه، فنعم المعونة هو، ومن أخذه بغير حقه، كان كالذي يأكل ولا يشبع " مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم:" إذا فُتحت عليكم خزائِن فارس والروم، أي قومٍ أنتم؟" قال عبد الرحمن بن عوف: نقول كما أمرنا الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أوْ غير ذلك؛ تتنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون، أو نحو ذلك، ثم تنطلقون في مساكين المهاجرين، فتجعلون بعضهم على رقاب بعض " مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم:" وإني لستُ أخشى عليكم أن تشركوا، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافَسُوها " البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم:" أخوف ما أخاف عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى ".
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فداه نفسي .. إنني لأعرف رجالاً كانوا في الشدة وساحات الجهاد جبالاً ومثالاً في الجهاد والصبر والإقدام والعزيمة والهمة العالية .. فقدَّر الله لهم الهجرة إلى بعض بلاد الخليج وغيرها .. ففتحت عليهم أبواب الدنيا وزينتها .. وفتنتها .. فتنافسوها .. فهلكوا!
كان حديثهم من قبل؛ في أيام الشدة .. عن الأمة وآلامها .. وعن الجهاد .. والصبر والثبات .. وطلب الاستشهاد .. وكيف يزدادون إيماناً بالطاعات .. فأصبح حديثهم فيما بعد؛ أيام الرخاء والسعة والدعة عن الدينار والدولار .. وأنواع وألوان الطعام .. وعن ارتفاع العملة وانخفاضها .. وعن السيارات وجودتها وحداثتها وأسعارها .. وعن العمران والتطاول فيه .. إذا قاموا إلى الصلاة قاموا ـ في آخر أوقاتها ـ كسالى .. لا يُطيقون الحديث عن الإيمان والجهاد .. ولا الاستماع إليه .. ومن يُسمعهم بعض الكلمات عن الدين والإيمان .. يستمعون إليه وهم له ولحديثه كارهون متأففون
زاهدون .. سرعان ما تظهر على وجوههم علامات التجهم والضيق والضجر مما يسمعون، ولا حول
ولا قوة إلا بالله.
وفي هذا يقول سيد قطب رحمه الله في كتابه العظيم الظلال:" الابتلاء بالشر مفهوم أمره، ليكتشف مدى احتمال المبتلى، ومدى صبره على الضر، ومدى ثقته في ربه، ورجائه في رحمته .. فأما الابتلاء بالخير فهو في حاجة إلى بيان .. إن الابتلاء بالخير أشد وطأة، وإن خيل للناس أنه دون الابتلاء بالشر .. إن كثيرين يصمدون للابتلاء بالشر ولكن القلة القليلة هي التي تصمد للابتلاء بالخير.
كثيرون يصبرون على الابتلاء بالمرض والضعف، ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الابتلاء بالصحة والقدرة، ويكبحون جماح القوة الهائجة في كيانهم الجامحة في أوصالهم.
كثيرون يصبرون على الفقر والحرمان فلا تتهاوى نفوسهم ولا تذل، ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الثراء والوجدان، وما يغريان به من متاع، وما يثيرانه من شهوات وأطماع!
كثيرون يصبرون على التعذيب والإيذاء فلا يخيفهم، ويصبرون على التهديد والوعيد فلا يرهبهم، ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الإغراء بالرغائب والمناصب والمتاع والثراء!
كثيرون يصبرون على الكفاح والجراح، ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الدعة والمراح .. ثم لا يصابون بالحرص الذي يذل أعناق الرجال، وبالاسترخاء الذي يقعد الهمم ويذلل الأرواح!
إن الابتلاء بالشدة قد يثير الكبرياء، ويستحث المقاومة ويجند الأعصاب، فتكون القوى كلها معبأة لاستقبال الشدة والصمود لها .. أما الرخاء فيرخي الأعصاب وينيمها ويفقدها القدرة على اليقظة والمقاومة ..لذلك يجتاز الكثيرون مرحلة الشدة بنجاح، حتى إذا جاءهم الرخاء سقطوا في الابتلاء!"ا- هـ.
فإذا عرفت ذلك يا عبد الله عرفت المراد من قوله صلى الله عليه وسلم:" إن الله تعالى ليحمي عبده المؤمن من الدنيا، و هو يحبه، كما تحمون مريضكم الطعام و الشراب تخافون عليه "أخرجه أحمد وغيره، صحيح الجامع: 1814.
وقوله صلى الله عليه وسلم:" إذا أحب الله عبداً حماه الدنيا كما يظل أحدُكم يحمي سقيمه الماء "صحيح سنن الترمذي: 1659. .
وإذا عرفت ذلك عرفت كذلك أن الإنعام على العبد في الدنيا بنعم الدنيا العديدة والواسعة ليس دليلاً على محبة الرب I لهذا العبد ولا دليلاً على رضاه على هذا العبد ـ كما يظن البعض! ـ وبخاصة إن كان هذا العبد مقيماً على الذنوب والمعاصي.
فالدنيا يعطيها الله تعالى من يحب ومن لا يُحب، بينما الآخرة ونعيمها لا يُعطيها إلا من يُحب ويرضى من عباده، كما في الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال:" إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، و إن الله يعطي الدنيا من يحب و من لا يحب، و لا يعطي الإيمان إلا من أحب
السلسلة الصحيحة: 2714.
فإن كان العبد مقيماً على الذنوب والمعاصي أو الكفر ومع ذلك يمن الله تعالى عليه بنعم الدنيا وخيراتها وزينتها فاعلم أنها استدراج من الله تعالى لهذا العبد، وإمهال له، حتى إذا أخذه أخذه أخذ عزيز مقتدر.
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال:" إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ( .
السلسلة الصحيحة: 413
وقال صلى الله عليه وسلم:" إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته. قال: ثم قرأ) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ( "البخاري.
وقال تعالى)وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ . وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ . وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (الزخرف:33-35.
قال ابن كثير في التفسير: أي لولا أن يعتقد كثير من الناس الجهلة أن إعطاءنا المال دليل على محبتنا لمن أعطينا، فيجتمعون على الكفر لأجل المال، هذا معنى قول ابن عباس والحسن وقتادة والسدي وغيرهم، ) لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ ( أي سلالم ودرجاً من فضة، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي وابن زيد وغيرهم، ) وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ( أي إنما ذلك من الدنيا الفانية الزائلة الحقيرة عند الله تعالى، أي يعجل لهم بحسناتهم التي يعملونها في الدنيا مآكل ومشارب ليوافوا الآخرة، وليس لهم عند الله تبارك وتعالى حسنة يجزيهم بها، ) وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ( أي هي خالصة لا يُشاركهم فيها أحد غيرهم ا- هـ.
قلت: ومما يدل على أن العطاء ليس دليلاً ولا مقياساً على المحبة والرضى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحياناً يُعطي المؤلفة قلوبهم ما لم يُعطي المهاجرين والأنصار، ولم يكن ذلك دليلاً على أن النبي صلى الله عليه وسلم يحب المؤلفة قلوبهم أكثر من المهاجرين والأنصار.
يتبع ان شاء الله

أسأل الله ان ينفعنا بما كتبنا وبما قرأنا وأن يجعله زادا لنا في حُسن المسير إليه وعتاداً ليظثمن القدوم عليه

إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.33 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.56%)]