|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [581] الحلقة (611) شرح سنن أبي داود [581] إن مما امتن الله به على هذه الأمة أن قيض لها رجالاً يحمون أحاديث رسولها. ولقد ذكر لنا التاريخ من جهود الصحابة في نشر السنة وضبطهم لها، الأمر الذي انبهرت به عقول المفكرين الغرب. ومن مننه سبحانه أن حفظ لهذه الأمة نسلها ونسبها، فحرم لذلك ادعاء الرجل لغير أبيه أو قومه أو مواليه، ولعن صانعه، وحرم عليه دخول الجنة ابتداءً، وكل ذلك صيانة لنسب هذه الأمة، والأمن من ضياعها. ومن مننه سبحانه على هذه الأمة أيضاً أن حرم عليها الافتخار بالأنساب والأحساب، والدعوة إلى العصبية، ودفاع الرجل عن أهله وعشيرته في الباطل؛ وذلك لما لهذه الأمور من خراب وفساد للمجتمعات. حكم ادعاء الرجل إلى غير أبيه أو مواليه شرح حديث (... من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل ينتمي إلى غير مواليه. حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا عاصم الأحول حدثني أبو عثمان حدثني سعد بن مالك رضي الله عنه قال: (سمعته أذناي ووعاه قلبي من محمد عليه الصلاة والسلام أنه قال: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) قال: فلقيت أبا بكرة رضي الله عنه فذكرت ذلك له، فقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي من محمد صلى الله عليه وآله وسلم ]. أورد أبو داود : [ باباً في الرجل ينتمي إلى غير مواليه ] وهنا ذكر الرجل لا مفهوم له؛ فإن المرأة مثله، ولكن غالباً ما تأتي الأحكام وفيها ذكر الرجال؛ لأن الغالب أن الكلام معهم، وإلا فإن النساء مثل الرجال في الأحكام، إلا إذا جاء شيء يدل على تخصيص النساء أو تخصيص الرجال في الحكم، فعند ذلك يميز بين الرجال والنساء في الأحكام. إذاً: ما جاءت به الشريعة وليس فيه التفريق؛ فإن الأصل هو التساوي بين الرجال والنساء فيه، فكون العلماء يذكرون في بعض الأبواب: باب في الرجل يفعل كذا وكذا، أو يأتي في الحديث نفسه ذكر الرجل في أمر من الأمور التي لا يختص بها الرجال؛ فإن الأمر لا يخص الرجال وإنما هو للرجال والنساء، ولكن ذكر الرجال؛ لأن الغالب أن الكلام معهم، وقد جاء في الأحاديث شيء من هذا مثل حديث: (لا تتقدموا رمضان بيوم أو يومين إلا رجلاً كان يصوم صوماً) يعني: ومثله المرأة، وكذلك حديث: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من الغرماء) وكذلك المرأة؛ فإن الأمر لا يختص بالرجال وإنما ذكر الرجال لأن الغالب أن الكلام معهم. فإذاً: قول أبي داود : [ باب في الرجل ينتمي إلى غير مواليه ] المقصود أن الغالب أن الكلام مع الرجال، وإلا فإن المرأة مثل الرجل لو انتمت إلى غير مواليها أو انتسبت إلى غير أبيها، فإن الحكم واحد ولا فرق بين الرجال والنساء، وأن هذا من الأحكام الذي تشترك فيها الرجال والنساء. أورد أبو داود حديث سعد بن أبي وقاص و أبي بكرة رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) . أولاً: فيه عقوق لوالده؛ لأنه ترك الانتساب إليه. ثانياً: فيه كذب؛ وذلك لأن انتسابه إلى شخص وهو ليس بأبيه يوهم أنه أبوه. فكل هذه الأمور موجودة في مثل هذا العمل، ولهذا جاء فيه الوعيد الدال على أنه من الكبائر حيث قال: (فإن الجنة عليه حرام) وهذا من أحاديث الوعيد، وأحاديث الوعيد كما هو معلوم لا يعني أن صاحبها يكون كافراً، ولكنه أتى بأمر خطير وأتى بمعصية كبيرة يستحق عليها دخول النار وعدم دخول الجنة من أول وهلة، وقد يتجاوز الله عز وجل عن العبد الذي حصل منه ارتكاب كبيرة فلا يدخل النار وإنما يدخل الجنة من أول وهلة، وقد يعذب في النار ويدخلها، ولكنه يخرج منها بشفاعة الشافعين أو برحمة أرحم الراحمين ويكون من أهل الجنة. فالحاصل أن هذا من الكبائر وأن فيه عقوقاً وفيه كذباً. قوله: (سمعته أذناي) ] فيه تأكيد سماع الحديث. قوله: [ (ووعاه قلبي) ] فيه ما يدل على قوة الضبط، وعلى صحة الأخذ، وأنه تلقى ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن أذنيه سمعتاه وأن قلبه وعاه، بحيث إنه لم يأخذه بواسطة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أخذه مباشرة، وأنه أتقنه وضبطه ولم يفته منه شيء. وهذا مثل الكلام الذي قاله أبو شريح الخزاعي يخاطب عمرو بن سعيد الأشدق كما ثبت في الصحيحين، لما كان يجهز الجيوش لغزو ابن الزبير قال: (ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم الغداة من يوم الفتح، سمعته أذناي ووعاه قلبي ورأته عيناي وهو يتكلم به) ، كل هذه من الصيغ التي فيها التأكيد وفيها قوة الضبط للحديث الذي يحدث به. وأبو بكرة أيضاً قال مثل ما قال سعد : (سمعته أذناي ووعاه قلبي) يعني: أن كلاً منهما أتى بهذه الصيغ التي فيها تثبيت السماع وتثبيت الحفظ وتحقق ذلك، وأنه ليس هناك واسطة وإنما تلقياه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة. قوله: [ (من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) ]. أما: إذا كان الإنسان قد اشتهر بشيء ثم ذكر فيما اشتهر به، فإن ذلك لا يؤثر مثل ما جاء عن المقداد بن الأسود ، فإن الأسود ليس أباه وإنما اشتهر بالنسبة إليه؛ لأنه تبناه لما كان التبني سائغاً، وإلا فهو المقداد بن عمرو ، وكذلك الشخص قد ينسب إلى أمه؛ لأنه اشتهر بذلك. تراجم رجال إسناد حديث (من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) قوله: [ حدثنا النفيلي ]. هو عبد الله بن محمد بن النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا زهير ]. زهير بن معاوية مر ذكره. [ حدثنا عاصم الأحول ]. هو عاصم بن سليمان الأحول ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني أبو عثمان ]. هو عبد الرحمن بن مُل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني سعد بن مالك ]. هو سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وأبو بكرة هو نفيع بن الحارث ، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة. جهود الصحابة في نشر السنة وضبطهم لها قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال: عاصم فقلت: يا أبا عثمان ! لقد شهد عندك رجلان أيما رجلين، فقال: أما أحدهما فأول من رمى بسهم في سبيل الله أو في الإسلام، يعني: سعد بن مالك رضي الله عنه، والآخر قدم من الطائف في بضعة وعشرين رجلاً على أقدامهم، فذكر فضلاً ]. يعني: هذا تعظيم لشأنهما وحسبك بهما، فهما رجلان عظيمان، فأكد هذا الكلام الذي قاله عاصم فقال: نعم. أما أحدهما فأول رجل رمى بسهم في سبيل الله، وهو سعد بن أبي وقاص ، وأما الثاني فقد جاء مع بضعة وعشرين رجلاً من الطائف، وذكر شيئاً من فضائله، وهو أبو بكرة رضي الله تعالى عنه. مكانة الحديث المسلسل بالتحديث عند رواة الحديث قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال النفيلي حيث حدث بهذا الحديث: والله إنه عندي أحلى من العسل، يعني: قوله: حدثنا وحدثني ]. يعني: هذا الحديث وهذا الإسناد هو عندي أحلى من العسل؛ لأنه مسلسل بالتحديث فهو بين حدثنا وحدثني، ففي أوله حدثنا مرتين وفي آخره حدثني مرتين. وجه تفضيل الإمام أحمد لحديث أهل البصرة على حديث أهل الكوفة [ قال أبو علي : وسمعت أبا داود يقول: سمعت أحمد يقول: ليس لحديث أهل الكوفة نور، قال: وما رأيت مثل أهل البصرة كانوا تعلموه من شعبة ]. أبو علي اللؤلؤي الذي روى كتاب السنن عن أبي داود يقول: سمعت أبا داود يخبر عن الإمام أحمد أنه قال: ليس لحديث أهل الكوفة نور، ويقصد بذلك الفقهاء الذين لم يكن عندهم العناية بالحديث مثل ما عند المحدثين، وإلا فإن أهل الكوفة فيهم كثير من المحدثين ممن يهتمون بالأسانيد والأخذ بالأحاديث الصحيحة. وأهل البصرة من ناحية الحديث وإتقانه هم مثل المحدثين من أهل الكوفة، لكن كونهم تعلموه من شعبة بن الحجاج فاقوا أهل الكوفة؛ وذلك لأن شعبة بن الحجاج كان من المتمكنين في الحديث، وكان لا يروي عن المدلسين، وكان يعتني بالحديث وانتقائه. و شعبة بن الحجاج كان من أهل واسط ثم صار من أهل البصرة. فإذاً: وجوده في البصرة نفعهم. شرح حديث (من تولى قوماً بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين...) قال المصنف رحمه الله تعالى:[ حدثنا حجاج بن أبي يعقوب حدثنا معاوية -يعني ابن عمرو - حدثنا زائدة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من تولى قوماً بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تولى قوماً بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف) يعني: لا يقبل منه فريضة ولا نافلة، وهذا يدل على شدة الوعيد في هذا الأمر. قوله: [ (من تولى قوماً بغير إذن مواليه) ]. هذا لا مفهوم له، فلو حصل الإذن منهم فإنه لا يجوز؛ لأن الولاء كما هو معلوم لحمة كلحمة النسب، لا يتصرف فيه كما لا يتصرف في النسب، فلا يباع ولا يوهب، وإنما هو شيء ثابت مستقر لأهله؛ كما أن النسب ثابت ومستقر لا يتصرف فيه، فكذلك لا يتصرف في الولاء. فإذاً: قوله: [ (بغير إذن مواليه) ]. لا مفهوم له، وإنما هي صفة كاشفة لا مخصصة، مثل قوله عز وجل: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ [المؤمنون:117]. فإنه لا يمكن أن يأتي إنسان يدعو مع الله آخر ويكون عنده برهان، فهي صفة كاشفة وليست مخصصة. تراجم رجال إسناد حديث (من تولى قوماً بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين...) قوله:[ حدثنا حجاج بن أبي يعقوب ]. حجاج بن أبي يعقوب ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود . [ حدثنا معاوية يعني ابن عمرو ]. معاوية بن عمرو وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زائدة ]. هو زائدة بن قدامة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ]. قد مر ذكر الثلاثة. شرح حديث (من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة) قال المصنف رحمه الله تعالى:[ حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي حدثنا عمر بن عبد الواحد عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني سعيد بن أبي سعيد ونحن ببيروت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك وهو يجمع بين الحديثين السابقين، الحديث الذي فيه ذكر الانتساب لغير الأب، والحديث الذي فيه تولي غير الموالي، فهو جمع بينهما بقوله: (من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة). تراجم رجال إسناد حديث (من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة) قوله:[ حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ]. سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي هو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا عمر بن عبد الواحد ]. عمر بن عبد الواحد وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ]. عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني سعيد بن أبي سعيد ]. سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه وقد مر ذكره. الأسئلة حكم الانتساب إلى قبيلة أشرف نسباً السؤال: هل يدخل في تغيير الانتماء للموالي من غير انتسابه إلى قبيلة أخرى أشرف نسباً أو من يجهل نسبه وانتسب إلى قبيلة؟ الجواب: لا يجوز للإنسان أن ينتسب إلى قبيلة وهو ليس منها، ولا يجوز له أيضاً أن يغير قبيلته أو يترك الانتماء إلى قبيلته وينتقل إلى قبيلة تكون أشرف نسباً من قبيلته، فإن هذا يكون من قبيل المتشبع بما لم يعط، فيكون كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور). كالذين ينتمون إلى أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم لأن هذا النسب شريف، فإن هذا من قبيل التشبع بما لم يعط الإنسان وهو غير سائغ مطلقاً. حكم من ادعى إلى غير أبيه لأجل مصلحة دنيوية السؤال: ادعى رجل إلى غير أبيه لا رغبة، وإنما من أجل مصلحة دنيوية كالحصول على جنسية أو نحوها من معاملة، فهل يدخل في الوعيد؟ الجواب: لاشك أنه داخل في الوعيد. حكم من انتسب إلى غير جده فما فوق السؤال: هل يدخل في الوعيد من انتسب إلى غير جده فما فوق؟ الجواب: نعم، مثل أن ينتمي إلى قبيلة بعيدة. حكم انتساب المرأة إلى زوجها السؤال: في بعض البلدان إذا تزوجت المرأة تنسب إلى زوجها، فهل هذا جائز؟ الجواب: لا يجوز؛ لابد أن تنسب إلى أبيها ولا تنسب إلى زوجها، وهذه من الأمور المحدثة التي أحدثها بعض الناس. كيفية انتساب ولد الزنا السؤال: إلى من ينسب ولد الزنا؟ الجواب: لا ينسب إلى أحد وإنما يوضع له نسب يعرف به من غير أن يكون له حقيقة، كأن يقال مثلاً: فلان ابن عبد الله أو ابن عبد الرحمن أو ابن عبد العزيز، وهذا أولى من الألفاظ الأخرى؛ لأن الكل عبيد الله عز وجل. حكم إعطاء اسم العائلة للطفل اللقيط دون الميراث السؤال: ما حكم إعطاء اسم العائلة للطفل الذي يؤتى به من دور اللاجئين ونحوها، مع الالتزام بعدم إعطائه الحقوق الشرعية المترتبة على النسب كالميراث؟ الجواب: لا يصلح أن يضاف إلى العائلة؛ لأنه ليس منها. حكم إلحاق أولاد الأخ أو الابن أو الصديق بالنسب لأجل الحصول على الجنسية السؤال: يوجد في بعض البلاد من يدخل أولاد أخيه أو أولاد ابنه أو أولاد صديقه إلى البلاد التي يقيم هو فيها على أنهم أولاده، فيحصلون بموجب ذلك على تسهيلات، ومنها الحصول على الجنسية لتلك البلاد، فما هو الحكم؟ الجواب: كل ذلك لا يجوز، وكل ذلك كذب. حكم من أخذ الجنسية من غير بلده السؤال: ما حكم من يأخذ جنسية غير جنسية بلده؟ الجواب: يدخل في هذا؛ لأن هذا انتقل من بلد إلى بلد، فيقال: إنه من أهل هذا البلد، ومعلوم أن الإنسان قد ينتسب إلى بلد لمكثه فيه، مثلما قال النووي : إن الإنسان إذا مكث في بلد أربع سنوات نسب إليها، ولهذا تتعدد النسبة، مثل شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، كان واسطياً ثم صار بصرياً، والإنسان إذا كان في بلد ثم انتقل إلى بلد آخر وأخذ جنسية ذلك البلد فلا بأس به إذا كان بلداً مسلماً، أما التجنس بجنسيات الكفار فهذا لا يجوز، إلا إذا كان مضطراً وألجأته الضرورة إلى ذلك، ولكن لا يجوز له أن يقوم بالأشياء التي تطلب منه بموجب ذلك التجنس وهي مخالفة للدين. حكم من أراد الرجوع إلى نسبه فلم يستطع إلا بدفع رشوة السؤال: هناك شخص انتسب إلى عمه الذي لا أولاد له منذ الصغر، وعندما كبر أراد أن ينتسب إلى أبيه فوجد صعوبات في المحاكم من جهة الوثائق، ولم يجد إلى ذلك سبيلاً إلا بدفع الرشوة، فهل يجوز أن يدفع الرشوة في هذه الحال؟ الجواب: لا يدفع الرشوة، ولكنه يخبر بالحقيقة، ويسعى إلى تحصيل ما يريد بدون أن يرتكب أمراً محرماً. حكم إجابة دعوة الوليمة المصحوبة بالأناشيد السؤال: مر معنا: (وإذا دعاكم فأجيبوه) إذا كان في الدعوة أو في الوليمة شيء من الأناشيد، فهل يجوز الحضور وإجابة الدعوة؟ الجواب: إذا كانت تلك الأناشيد محرمة فليس للإنسان أن يذهب.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() الضابط في إعطاء من سأل بالله السؤال: ذكر بعض شراح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب أن العلة في الأمر بإعطاء السائل الذي يسأل بالله هو الاحترام لاسم الله، فهل يكون المرء ناقص الإيمان إذا لم يعط السائل؟ الجواب: أنا ذكرت فيما مضى أن الإنسان إذا كان بحاجة وسأل شيئاً معقولاً، فإن الإنسان يحقق له الرغبة، أما إذا طلب منه أن يتنازل عن ماله أو يعطيه أكثر ماله أو ما إلى ذلك فهذا ليس له أن يجيبه؛ لأن هذا سؤال لا يجوز لمثله أن يسأله. التفاخر بالأحساب شرح حديث (إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في التفاخر بالأحساب. حدثنا موسى بن مروان الرقي حدثنا المعافى ح وحدثنا أحمد بن سعيد الهمداني أخبرنا ابن وهب وهذا حديثه عن هشام بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، أنتم بنو آدم وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن) ]. أورد أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باباً في التفاخر بالأحساب ]. المقصود من هذه الترجمة هو تفاخر الناس بأنسابهم وما يحصل لآبائهم أو لأجدادهم من مفاخر، فيفتخرون بها ويتعالون بها ويترفعون بها على غيرهم ويتكبرون، فهذه من الأمور التي جاء الإسلام بالنهي عنها والتحذير منها، فهي من أعمال الجاهلية التي جاء الإسلام بإبطالها والتحذير منها. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية) يعني: الكبر والتفاخر الذي يكون منهم في الجاهلية بأحسابهم وأنسابهم وتكبرهم، وكونهم يفتخرون بالآباء ويتكبرون بما يزعمونه من فضل أو من شرف على غيرهم. قوله: [ (مؤمن تقي) ] وهذا ليس له أن يتكبر، وإنما عليه أن يتواضع وأن يترك التكبر. قوله: [ (وفاجر شقي) ] يعني: أن تكبره يكون زيادة في شقائه وزيادة في ضرره؛ لأنه قد حصل على الشقاوة، فيكون في تفاخره وفي تكبره زيادة على ما هو فيه من البلاء. قوله: [ (أنتم بنو آدم وآدم من تراب) ] . يعني: كلكم من آدم وآدم أصله من تراب، فيكف يكون التفاخر ممن أصله من تراب وقد خلق من ماء مهين؟! ومن يكون متصفاً بصفات النقص كيف يحصل منه الفخر ويحصل منه التكبر والتجبر؟! وإنما على الإنسان أن يتواضع وأن يبتعد عن هذه الأمور الذميمة التي كانت في الجاهلية، وجاء الإسلام بالتحذير منها وبتركها والابتعاد عنها. قوله: [ (ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم) ]. يعني: المتفاخر بهم، وأما المتفاخرون فهم الذين جاء ذكرهم في الآخر: (أو ليكونن أهون على الله من الجعلان) يعني: إما أن يكونوا أهون من الجعلان؛ لذلتهم وهوانهم على الله عز وجل، والمتفاخر بهم هم القوم الذين هم من فحم جهنم. والمقصود بذلك الكفار الذين كانوا يتفاخرون بهم، وأما إذا كانوا ليسوا من الكفار ولكنهم مسلمون وتفاخر بهم أحد، فإنهم لا يكونون بهذا الوصف الذي جاء في هذا الحديث. وفخر الولد بشيء من صفات الآباء والآباء لا يرضون بذلك لا يضرهم، وإنما المقصود بالحديث التفاخر الذي كان في الجاهلية بالكفار، فهؤلاء هم فحم جهنم ومآلهم إلى جهنم. والجعلان: جمع جعل، وهي الدابة التي تعشق العذرة والتي تأخذها وتذهب بها، ولا ترتاح إلا بمصاحبة القاذورات، فمن يفخر بحسبه يكون أهون على الله عز وجل من هذه الدابة التي هي بهذا الوصف، والمتفاخر بهم هم الآباء الذين كانوا كفاراً، فهم فحم من فحم جهنم. في هذا التحذير من الفخر بالأحساب والأنساب، وأن ذلك مذموم عند الله عز وجل، وأن من حصل منه التفاخر فإنه يعاقب بأن يكون عند الله عز وجل أهون من هذه الدابة التي لا تفارق العذرة. تراجم رجال إسناد حديث (إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء...) قوله:[ حدثنا موسى بن مروان الرقي ]. موسى بن مروان الرقي مقبول، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا المعافى ]. هو المعافى بن عمران الموصلي وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ ح وحدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ]. أحمد بن سعيد الهمداني وهو صدوق، أخرج له أبو داود . [ أخبرنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وهذا حديثه ]. يعني: حديث ابن وهب ، يعني أن اللفظ مسرود على لفظ الطريقة الثانية، وأما الطريق الأولى فهي بالمعنى. [ عن هشام بن سعد ]. هشام بن سعد وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن سعيد بن أبي سعيد ]. هو سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو أبو سعيد المقبري وهو ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق. و أبو هريرة يروي عنه أبو سعيد المقبري ويروي عنه أيضاً ابنه سعيد بن أبي سعيد . الأسئلة الفرق بين الحسب والنسب السؤال: ما الفرق بين الحسب والنسب؟ الجواب: النسب عام فكل له نسب، لكن ليس كل أحد يكون له حسب، ولهذا يفتخر الأبناء بالأحساب، أما الأنساب فكل له نسب. وجه إرجاع الضمير في قوله وهذا حديثه إلى الهمداني لا إلى ابن وهب كما في حديث الباب السؤال: ما رأيكم في شرح العظيم أبادي لما قال: (وهذا حديثه) قال: أي: حديث أحمد بن سعيد ؟ الجواب: هو الآن ذكر الطريقة الثانية، وذكر الشيخ والتلميذ ثم قال: (وهذا حديثه) فيحتمل أن يرجع إلى الشيخ الثاني لأبي داود أو إلى شيخ شيخه الثاني، والنتيجة واحدة، لكن الأقرب أن يرجع إلى أقرب مذكور وهو عبد الله بن وهب الذي هو شيخ الشيخ، وإن رجع إلى شيخ أبي داود الذي هو أحمد بن سعيد الهمداني فهو صحيح. حكم التفاخر بالآباء المسلمين السؤال: هل في الحديث دليل على جواز التفاخر بالآباء والأجداد الذين كانوا مسلمين؟ الجواب: لا يدل على الجواز، بل التفاخر مذموم على كل حال. وجه الشبه بين المتفاخر بحسبه والجعلان السؤال: ما وجه الشبه بين المتفاخر بحسبه والجعلان؟ الجواب: من ناحية أنه عومل بنقيض قصده، وأنه كان عنده تعال وترفع، ثم صار جزاؤه أن كان بهذه المنزلة أو بهذا الوصف المهين وأنه محتقر، وهذا من جنس ما جاء في المتكبرين أنهم يحشرون أمثال الذر؛ لأنهم كانوا يتعاظمون فصار عقابهم أن يكونوا في غاية الحقارة وفي غاية الصغار والذلة، فيكون من هذا القبيل معاملته بنقيض قصده. حقيقة أهل الفترة السؤال: هل يستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (إنما هم فحم من فحم جهنم) أن أهل الجاهلية ليسوا من أهل الفترة؟ الجواب: الذين بلغتهم الرسالة ليسوا من أهل الفترة، ولهذا جاء الحكم بالنار على أناس كانوا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، مثل ما جاء في قوله: (إن أبي وأباك في النار) وجاء في حديث: (أنه لم يأذن لي أن أستغفر لأمي وأذن لي أن أزورها). ما جاء في العصبية شرح حديث (من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردي فهو ينزع بذنبه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في العصبية. حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه رضي الله عنه قال: (من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردي فهو ينزع بذنبه). حدثنا ابن بشار حدثنا أبو عامر حدثنا سفيان عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال: (انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو في قبة من أدم فذكر نحوه) ]. أورد أبو داود [ باباً في العصيبة ]. والعصبية: هي الانتصار للقرابة، وقيل: إن العصبية مأخوذة من العصبة الذين هم قرابة الإنسان الذين يرثون بدون تقدير؛ لأن الوارثين منهم من يرث بالفرض ومنهم من يرث بالتعصيب. فإذاً: الانتصار يكون من أجل القرابة وليس من أجل أنهم مستحقون أو لكونهم مظلومين، وإنما من أجل القرابة، فتجده يكون معهم على الخير والشر وينتصر لهم دائماً وأبداً سواء كانوا ظالمين أو مظلومين، فهو لا ينتصر للحق ولا ينتصر للمظلوم، وإنما ينتصر للقرابة. أورد أبو داود حديث ابن مسعود وقد جاء من طريقين: الأولى موقوفة، والثانية مرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. الطريق الأولى: قال ابن مسعود: (من نصر قومه على غير الحق) يعني: أن النصر بالحق أمر سائغ، بأن ينصر قومه وغير قومه بالحق، وإذا كان قومه مظلومين ينتصر لهم، وإذا كانوا ظالمين منعهم من الظلم، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قال: أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً؟ قال: تمنعه من الظلم). قوله: [ (فهو كالبعير الذي ردي) ] أي: تردى في بئر أو في حفرة، وصارت رقبته في الأسفل وذنبه في الأعلى. قوله: [ (فهو ينزع بذنبه) ] يعني: فهو يخرج بذنبه، ومعنى ذلك أنه ينصر قومه وهم على باطل، مثل البعير الذي تردى في بئر، فهو لا يتمكن من استخراجه من مقدمه، وذلك لأن المكان الذي تردى فيه ضيق، وليس أمامهم إلا ذنبه، فإنهم ينزعونه به. وورد الحديث من طريق أخرى مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: (انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة من أدم) يعني: وهو جالس في قبة من جلد أو خيمة من جلد. تراجم رجال إسناد حديث (من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردي فهو ينزع بذنبه) قوله: [ حدثنا النفيلي ]. هو عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سماك بن حرب ]. سماك بن حرب وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ]. عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. و عبد الرحمن سمع من أبيه، وهو أكبر أولاد أبيه ويكنى به. وقوله: [ حدثنا ابن بشار ]. هو محمد بن بشار الملقب بندار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو عامر ]. هو أبو عامر العقدي واسمه عبد الملك بن عمرو وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه ]. وقد مر ذكر الثلاثة. شرح حديث (يا رسول الله ما العصبية؟ قال أن تعين قومك على الظلم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمود بن خالد الدمشقي حدثنا الفريابي حدثنا سلمة بن بشر الدمشقي عن ابنة واثلة بن الأسقع أنها سمعت أباها رضي الله عنه يقول: (قلت: يا رسول الله! ما العصبية؟ قال: أن تعين قومك على الظلم) ]. أورد أبو داود حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه: (أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن العصبية فقال: أن تعين قومك على الظلم) يعني: كونه يتعصب لهم وهم ظالمون فيكون عوناً لهم، وهذا من جنس الذي قبله، أي الذي ينتصر لقومه بغير حق، فمثله كمثل البعير الذي ردي فهو ينزع من ذنبه. والأصل أن المظلوم هو الذي يعان وينصر، والظالم ينصر بمنعه من الظلم، وليس بإعانته على الظلم، والحديث بهذا الإسناد ضعيف؛ لأن فيه شخصين مقبولين. تراجم رجال إسناد حديث (يا رسول الله ما العصبية؟ قال أن تعين قومك على الظلم) قوله: [ حدثنا محمود بن خالد الدمشقي ]. محمود بن خالد الدمشقي ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا الفريابي ]. هو محمد بن يوسف الفريابي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سلمة بن بشر الدمشقي ]. سلمة بن بشر الدمشقي وهو مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن ابنة واثلة بن الأسقع ]. وهي فسيلة وهي مقبولة، أخرج لها البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و ابن ماجة . [ أنها سمعت أباها ]. وهو واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (خطبنا رسول الله فقال خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح حدثنا أيوب بن سويد عن أسامة بن زيد أنه سمع سعيد بن المسيب يحدث عن سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي رضي الله عنه قال: (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم). قال أبو داود : أيوب بن سويد ضعيف ]. أورد أبو داود حديث سراقة بن مالك بن جعشم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم). يعني: ما لم يأت إثماً وما لم يكن ظالماً، وإنما يدافع عنهم وهم مظلومون لا ظالمون. وهذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه انقطاعاً بين سعيد بن المسيب وبين سراقة بن مالك ؛ لأن سراقة بن مالك توفي سنة أربع وعشرين، و سعيد ولد في آخر خلافة عمر يعني و عمر توفي سنة ثلاث وعشرين. تراجم رجال إسناد حديث (خطبنا رسول الله فقال خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم) قوله: [ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ]. أحمد بن عمرو بن السرح ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا أيوب بن سويد ]. أيوب بن سويد وهو صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أسامة بن زيد ]. هو أسامة بن زيد الليثي وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن سعيد بن المسيب ]. سعيد بن المسيب أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي ]. سراقة بن مالك بن جعشم رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. سراقة بن مالك كان زمن الهجرة مشركاً، وكان من الذين أرسلتهم قريش للبحث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر ، وقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم و أبا بكر وهما في طريقهما إلى المدينة، ولما قرب منهما ساخت يدا فرسه في الأرض حتى بلغت الركبتين، فطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو له، وألا يخبر عنه، فدعا له وظهرت يدا فرسه ورجع، وكان رضي الله عنه إذا لقيه أحد قال: (كفيتم هذه الناحية). يعني: أنا جئت من هذه الناحية وكفيتكم البحث فيها، وهو الذي جاء عنه حديث قصة دخول العمرة في الحج وقال: (أرأيت عمرتنا هذه لعامنا أم للأبد؟ قال: بل لأبد الأبد). شرح حديث (ليس منا من دعا إلى عصبية...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن السرح حدثنا ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب عن محمد بن عبد الرحمن المكي -يعني ابن أبي لبيبة - عن عبد الله بن أبي سليمان عن جبير بن مطعم رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية) ]. أورد أبو داود حديث جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية) يعني: هذه جمل ثلاث كلها فيها ذكر العصبية، يعني: كون الإنسان يدعو إلى عصبية أو يقاتل على عصبية أو يموت على عصبية، لكن الحديث في إسناده ضعف من جهة أن فيه انقطاعاً، ومن جهة أن أحد رجاله مجهول أو ضعيف، ولكن معناه جاء في صحيح مسلم ، فيكون معناه ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه بهذا اللفظ وبهذا الطريق غير صحيح. تراجم رجال إسناد حديث (ليس منا من دعا إلى عصبية...) قوله: [ حدثنا ابن السرح حدثنا ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب ]. سعيد بن أبي أيوب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عبد الرحمن المكي يعني: ابن أبي لبيبة ]. محمد بن عبد الرحمن المكي وهو ضعيف، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن عبد الله بن أبي سليمان ]. عبد الله بن أبي سليمان وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود . [ عن جبير بن مطعم ]. جبير بن مطعم رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وفيه انقطاع بين عبد الله بن أبي سليمان وبين جبير . شرح حديث (ابن أخت القوم منهم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن عوف عن زياد بن مخراق عن أبي كنانة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ابن أخت القوم منهم) ]. أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ابن أخت القوم منهم) يعني: أن ابن أخت القوم من القوم، وذلك باعتبار أنه يمكن أن يطلع على أسرار القوم، وأيضاً باعتبار الصلة والقرابة من جهة الأم، وإن كان ينتسب إلى قبيلة أخرى، ولكنه من جهة أنهم أخواله وأن أمه من أولئك القوم فإنه يكون منهم. وقد جاء ذلك في هذا الحديث وفي غيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في حديث الأنصار يوم حنين لما قالوا: (إن سيوفنا تقطر من دمائهم والأموال تعطى لهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فجمع الأنصار في خيمة أو في مكان، وقال: بلغني عنكم كذا وكذا، ثم قال: هل فيكم أحد غيركم؟ قالوا: فينا غلام وهو ابن أختنا، قال: ابن أخت القوم منهم) وتحدث معهم وتكلم معهم بالكلام الذي طيب به نفوسهم، وصار أحسن لهم من الإبل ومن الغنم التي كانت تعطى للمؤلفة قلوبهم، فكان مما أجابهم به أن قال: (الأنصار شعار والناس دثار، لو سلك الأنصار وادياً وسلك غيرهم وادياً لسلكت وادي الأنصار وشعبها) وقال فيهم كلمات عظيمة طابت بها نفوسهم وفرحوا بها، وصارت أحسن عندهم من تلك الأشياء التي تكلم فيها بعضهم وتأثر بسببها بعضهم؛ لكون غيرهم أعطي وهم لم يعطوا من تلك الغنائم. ووجه إيراد الحديث في باب العصبية أنه أشار إلى أن من القرابة أن ابن أخت القوم يكون منهم، فيمكن أن تفشى إليه الأسرار ولما يكون من صلة الرحم التي تكون بينه وبين أخواله. تراجم رجال إسناد حديث (ابن أخت القوم منهم) قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ]. أبو بكر بن أبي شيبة اسمه عبد الله بن محمد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا أبو أسامة ]. هو حماد بن أسامة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عوف ]. عوف بن أبي جميلة الأعرابي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زياد بن مخراق ]. زياد بن مخراق وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود . [ عن أبي كنانة ]. أبو كنانة القرشي وهو مجهول أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود . [ عن أبي موسى ]. هو عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا الحديث وإن كان فيه هذا المجهول، إلا أنه ثابت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (شهدت مع رسول الله أحداً فضربت رجلاً من المشركين فقلت خذها مني وأنا الغلام الفارسي...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا الحسين بن محمد حدثنا جرير بن حازم عن محمد بن إسحاق عن داود بن حصين عن عبد الرحمن بن أبي عقبة عن أبي عقبة وكان مولى من أهل فارس رضي الله عنه قال: (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحداً فضربت رجلاً من المشركين فقلت: خذها مني وأنا الغلام الفارسي، فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: فهلا قلت: خذها مني وأنا الغلام الأنصاري) ]. أورد أبو داود حديث أبي عقبة رضي الله عنه قال: (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً فضربت رجلاً من المشركين فقلت: خذها وأنا الغلام الفارسي، فالتفت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: فهلا قلت: خذها مني وأنا الغلام الأنصاري) يعني: أنكر عليه افتخاره بأصله الذين هم الفرس، وأرشده إلى أن ينسب نفسه إلى الأنصار الذين هو معهم، ولكن الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده الراوي عن أبي عقبة وهو عبد الرحمن بن أبي عقبة وهو مقبول. تراجم رجال إسناد حديث (شهدت مع رسول الله أحداً فضربت رجلاً من المشركين فقلت خذها مني وأنا الغلام الفارسي...) قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم ]. محمد بن عبد الرحيم الملقب صاعقة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا الحسين بن محمد ]. الحسين بن محمد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا جرير بن حازم ]. جرير بن حازم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إسحاق ]. محمد بن إسحاق وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن داود بن حصين ]. داود بن حصين وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن أبي عقبة ]. عبد الرحمن بن أبي عقبة وهو مقبول، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبي عقبة ]. أبو عقبة وهو صحابي، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . ففي إسناده عبد الرحمن بن أبي عقبة وهو مقبول، وفيه أيضاً محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد روى بالعنعنة."
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [582] الحلقة (612) شرح سنن أبي داود [582] جاءت الشريعة الإسلامية ببث الإخاء بين المسلمين بعضهم ببعض، وتقوية تلك الروابط بشتى الوسائل، فأمرت المرء إذا كان يحب شخصاً في الله أن يخبره بذلك، ورغبت في التأخير بأن جعلت الحبيب مع من أحب في الجنة، وحثت الإخوة على التناصح، والدلالة على الخير، واستشارة بعضهم بعضاً، والنصح له في المشورة، فإن المستشار مؤتمن. حكم إخبار الرجل بمحبته إياه شرح حديث (إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إخبار الرجل بمحبته إياه. حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ثور حدثني حبيب بن عبيد عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه -وقد كان أدركه- عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة [ باب إخبار الرجل بمحبته إياه ]. أي: أن الإنسان إذا أحب رجلاً في الله، فإنه يخبره بمحبته إياه في الله؛ وذلك لأنه يكون في ذلك التواد، ويكون في ذلك السرور والفرح. ومعلوم أن الحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، وقد جاءت أحاديث كثيرة تدل على فضل المحبة في الله، ومن بين ذلك الحديث الذي فيه ذكر السبعة الذين يظلهم الله في ظله: (ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه). وقد أورد أبو داود تحت هذا الباب حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه). قوله: [ (فليخبره) ]. الذي يبدو أن الإخبار على الاستحباب. تراجم رجال إسناد حديث (إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه) قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ثور ]. ثور بن يزيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني حبيب بن عبيد ]. حبيب بن عبيد وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن المقدام بن معد يكرب ]. المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ وقد كان أدركه ]. يعني: حبيب بن عبيد أدرك المقدام بن معد يكرب . شرح حديث (أن رجلاً كان عند النبي فمر به رجل فقال يا رسول الله إني لأحب هذا...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا المبارك بن فضالة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه (أن رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمر به رجل، فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أعلمته؟ قال: لا، قال: أعلمه، قال: فلحقه فقال: إني أحبك في الله، فقال: أحبك الذي أحببتني له) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به رجل فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعلمته؟ قال: لا، قال: أعلمه، قال: فلحقه فقال: إني أحبك في الله، فقال: أحبك الله الذي أحببتني له). من فوائد هذا الإخبار أنه دعا له بأن يحبه الله الذي أحبه فيه. تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً كان عند النبي فمر به رجل فقال يا رسول الله إني لأحب هذا...) قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا المبارك بن فضالة ]. المبارك بن فضالة صدوق أخرج له البخاري تعليقاً و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ حدثنا ثابت البناني ]. هو ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الحديث من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود . شرح حديث (يا رسول الله الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل كعملهم...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا سليمان عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه قال (يا رسول الله! الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل كعملهم، قال: أنت يا أبا ذر مع من أحببت، قال: فإني أحب الله ورسوله، قال: فإنك مع من أحببت، قال: فأعادها أبو ذر فأعادها رسول الله صلى الله عليه وعلى وآله وسلم) ]. أورد أبو داود حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: (يا رسول الله! الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل كعملهم، قال: أنت مع من أحببت، قال: فإني أحب الله ورسوله، قال: فأنت مع من أحببت، قال: فأعادها أبو ذر فأعادها رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهذا يدل على فضل المحبة في الله، وأن من فوائدها أن من يكون كذلك فإنه يكون مع الذي أحبه في الله عز وجل. وحديث: (المرء مع من أحب) حديث متواتر ذكره ابن كثير عند تفسير قول الله عز وجل: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبْ [الشورى:17] في تفسير سورة الشورى، وقال: إنه حديث متواتر. و ابن القيم ذكر في تهذيب السنن تسعة عشر صحابياً رووا هذا الحديث، وذكر الذين خرجوا هذا الحديث، وهو يبين ما ذكره ابن كثير من تواتره. قوله: [ (فإنك مع من أحببت قال: فأعادها أبو ذر فأعادها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) ]. يعني: أعاد الكلام. تراجم رجال إسناد حديث (يا رسول الله الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل كعملهم...) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سليمان ]. سليمان بن المغيرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حميد بن هلال ]. حميد بن هلال وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن الصامت ]. عبد الله بن الصامت وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي ذر ]. أبو ذر رضي الله عنه واسمه جندب بن جنادة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (... يا رسول الله الرجل يحب الرجل على العمل من الخير يعمل به ولا يعمل بمثله) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية حدثنا خالد عن يونس بن عبيد عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرحوا بشيء لم أرهم فرحوا بشيء أشد منه، قال رجل: يا رسول الله! الرجل يحب الرجل على العمل من الخير يعمل به ولا يعمل بمثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: المرء مع من أحب) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله! الرجل يحب الرجل على العمل من الخير يعمل به ولا يعمل بمثله، فقال عليه الصلاة والسلام: المرء مع من أحب) يعني: كون الإنسان يحب رجلاً في الله من أجل فعله الخير وعلى أعماله الطيبة الصالحة، فإنه يكون معه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (المرء مع من أحب). وقد أخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فرحوا بهذا الحديث فرحاً شديداً لم يفرحوا بشيء مثله، وجاء في صحيح البخاري : (أنهم ما فرحوا بعد الإسلام فرحهم بهذا الحديث) أي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (المرء مع من أحب) وقد قال أنس رضي الله عنه بعد ذكر هذا الحديث كما في صحيح البخاري : (فأنا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب أبا بكر و عمر ، وأرجو من الله أن يلحقني بهم بحبي إياهم وإن لم أعمل مثل أعمالهم). تراجم رجال إسناد حديث (... يا رسول الله الرجل يحب الرجل على العمل من الخير يعمل به ولا يعمل بمثله) قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ]. هو وهب بن بقية الواسطي وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا خالد ]. هو خالد بن عبد الله الطحان الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يونس بن عبيد ]. يونس بن عبيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ثابت عن أنس بن مالك ]. ثابت و أنس قد مر ذكرهما. الأسئلة مرافقة المحب للصالحين في الجنة السؤال: المحب للصالحين هل يبلغ درجتهم في الجنة؟ الجواب: يمكن أن يكون معهم في الجنة وإن حصل التفاوت. وجه ذكر الرجل عند المخاطبة بالأحكام الشرعية السؤال: الترجمة [ باب إخبار الرجل بمحبته إياه ] الرجل هنا هل لها مفهوم؟ الجواب: ليس لها مفهوم، الرجل والمرأة كلهم سواء في ذلك؛ لأن الأصل أن الأحكام عامة للرجال والنساء، ولا تكون للنساء إلا إذا جاء شيء يدل على تخصيصهن، ولا تكون للرجال إلا إذا جاء شيء يدل على تخصيصهم، ولكن ذكر الرجال لأن الغالب أن الخطاب معهم. حكم قول الرجل للمرأة إني أحبك في الله السؤال: هل للرجل أن يقول للمرأة: إني أحبك في الله؟! الجواب: إذا كانت من أقاربه ومن له بها صلة وممن يمكنه الحديث معها، وكانت ممن تحب في الله فنعم. حكم مخاطبة الرسول بعد موته بقول يا رسول الله إني أحبك في الله السؤال: هل يجوز للإنسان أن يقول الآن: يا رسول الله إني أحبك في الله؟ الجواب: لا يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما يخبر بأنه يحب الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، أو يتوسل إلى الله عز وجل بمحبته لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. ما جاء في المشورة شرح حديث (المستشار مؤتمن) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المشورة. حدثنا ابن المثنى حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا شيبان عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (المستشار مؤتمن) ]. أورد أبو داود [ باباً في المشورة ]. والمشورة: هي كون الإنسان يشير إذا استشير بما هو أصلح وبما هو خير للمستشير، وهو مؤتمن، ومقتضى الأمانة أنه لا يخونه بأن يشير عليه بشيء لا يناسب، أو يقصر في المشورة، أو يبخل بالمشورة ويعتذر مع تمكنه من أن يشير عليه. قوله: [ (مؤتمن) ] يدل على أنه في حكم المؤتمنين من ناحية أنه يؤدي تلك الأمانة، وهي أنه يشير بما يرى فيه الخير، وإذا أشار بشيء يرى فيه المصلحة ثم تبين أنه لم يستفد من هذا الذي أشار عليه به، فإنه ليس عليه تبعة بسبب ذلك؛ لأنه أشار بما رأى فيه المصلحة، وكونه تحقق له ما أراد أو لم يتحقق هذا شيء آخر لا دخل للإنسان فيه، ولا يلحقه به غرم ولا ذم، مادام أنه قد أبدى ما عنده من النصح، وما فيه الخير لمن استشاره. تراجم رجال إسناد حديث (المستشار مؤتمن) قوله: [ حدثنا ابن المثنى ]. هو محمد بن المثنى أبو موسى الزمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يحيى بن أبي بكير ]. يحيى بن أبي بكير هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شيبان ]. هو شيبان بن عبد الرحمن النحوي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الملك بن عمير ]. عبد الملك بن عمير وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة مر ذكره.
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() ما جاء في الدال على الخير شرح حديث (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الدال على الخير: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي عمرو الشيباني عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله إني أبدع بي فاحملني، قال: لا أجد ما أحملك عليه، ولكن ائت فلاناً فلعله أن يحملك، فأتاه فحمله فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله) ]. أورد أبو داود باباً في الدال على الخير . أي: أن الدال على الخير يحصل أجراً مثل أجر فاعله الذي أحسن إلى المدلول. أورد أبو داود حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه: (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أبدع بي فاحملني) يعني أنه انقطع به السير أو السفر فلم يحصل ما يركبه، أو أن دابته كلت وحصل لها ضعف ولم يتمكن من استعمالها فاحتاج إلى غيرها، فجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: (إني أبدع بي فاحملني، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا أجد ما أحملك عليه، ولكن ائت فلاناً فلعله أن يحملك). فذهب إليه فحقق له ما يريد، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إنه قد حملني، فقال عليه الصلاة والسلام: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله). والفاعل هو الذي أحسن إلى ذلك الشخص الذي حمل، والدال هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بهذه الكلمة العامة التي تدل على أن كل من دل على خير فله مثل أجر فاعله. والرسول الكريم عليه الصلاة والسلام له مثل أجور أمته كلها من أولها إلى آخرها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هو الذي دلها على الحق والهدى، ولهذا من أحب أن يوصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حسنات ورفعة درجات عند الله عز وجل، فما عليه إلا أن يعمل لنفسه صالحاً، ثم إن الله تعالى يعطي نبيه صلى الله عليه وسلم مثل ما أعطاه؛ لأنه هو الذي دل على هذا الخير والهدى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً). وفي المقابل قال: (ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً). ثم أيضاً الحديث يدل على إخبار المدلول للدال بما حصل له؛ وذلك لأنه إذا أخبر الدال له بما تحقق له يكون في ذلك سرور للدال؛ لأنه تحقق له ما أراده من مشورته عليه ودلالته، وأنه حصل بذلك أجراً. ثم أيضاً الحديث يدل على أن الإنسان إذا لم يتمكن من تحقيق رغبة السائل، فإنه يدله على من يمكنه أن يحقق رغبته. تراجم رجال إسناد حديث (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي عمرو الشيباني ]. أبو عمرو الشيباني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي مسعود الأنصاري ]. هو عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مشهور بكنيته أكثر من اشتهاره باسمه، و ابن مسعود رضي الله عنه مشهور بنسبته، وهذا مشهور بكنيته أبو مسعود ، ويأتي في بعض الأحيان الخطأ والتصحيف بين أبي مسعود وبين ابن مسعود ، كما حصل من الخطأ في سبل السلام أو في بلوغ المرام عند حديث أبي مسعود الأنصاري المشهور: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة) فإنه ذكر عن ابن مسعود وهو عن أبي مسعود . الأسئلة حقيقة المثل في قوله (فله مثل أجل فاعله) السؤال: ما حقيقة المثلية في قوله: (فله مثل أجر فاعله) مع ما ذكره الشارع من اختلاف في الثواب؟ الجواب: فضل الله واسع، وقد جاءت أحاديث أنهما في الأجر سواء، مثل حديث صاحب المال وصاحب العلم فقال: (هما في الأجر سواء). حكم دلالة الشخص لغيره على خير لا يفعله هو السؤال: هل للدال أن يدل غيره على خير لا يفعله هو؟ الجواب: إذا لم يتمكن من تحقيق الرغبة، وفتح له باباً لعله يصل إلى ما يريد، فلاشك أن هذا هو الذي ينبغي، حتى لا يجمع له بين مصيبتين: لا يحقق له رغبته، ولا يدله. وجه حصول الرسول على الثواب والأجر في كونه دل رجلاً على آخر ليقضي حاجته السؤال: ما وجه الثواب الذي يجده النبي صلى الله عليه وسلم في كونه دل ذلك الرجل على الرجل الآخر، وهو على كل حال هو الذي دل الرجل الآخر على هذا الخير؟ الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم دل الناس على كل خير، وهذا من جملة الخير الذي دل عليه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي دل الناس على الطريق التي يسيرون فيها إلى الله عز وجل. والدلالة والنصح لشخص يطلب شيئاً، لاشك أنه يحصل بسببها ثواب، ومن فعل ذلك من أمته فله مثل أجر الناس الذين دلهم على كل خير في أمور دينهم وأمور دنياهم. والدلالة على الخير والتبصير بالحق والهدى يمكن أن تحصل من غير النبي صلى الله عليه وسلم، فمن دل وبين وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر له مثل أجر الذي استفاد خيراً بسببه، وكل من دل على خير فله مثل أجر فاعله، والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم هم أسعد الناس وأوفر الناس حظاً ونصيباً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدلالة على الخير وبيان الحق والهدى؛ لأنهم الواسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الذين تلقوا الكتاب والسنة وبلغوها للناس، فلرسول صلى الله عليه وسلم مثل أجور أمته، وكل من أخذ عنه سنة من سننه من أصحابه وبلغها عنه، له مثل أجور من عمل بها إلى نهاية الدنيا. حكم الاستشارة السؤال: في حديث أبي هريرة : (المستشار مؤتمن) يقول الخطابي : فيه دليل على أن الإشارة غير واجبة على المستشار إذا استشير، فهل حديث (إذا استنصحك فانصح له) يدل على معنى الوجوب، أو أن النصيحة غير الاستشارة؟ الجواب: لا شك أن المستشير يطلب أن ينصح في الشيء الذي يريده، فالاستشارة بمعنى الاستنصاح، فهو يطلب منه أن ينصحه فيما يكون خيراً له. أما بالنسبة للوجوب فإن الإنسان قد يستشار في أمور تكون فيها مضرة، أما كونه واجباً أو غير واجب فلا أدري، لكن لا شك أنه إذا كان لا يترتب عليها مضرة، وأن ذاك يستفيد منها، فإن الذي ينبغي له أن يبادر إلى تحقيق رغبته، لكن لا يظهر الوجوب والله أعلم! وقد يكون من الأشياء التي تترتب على المشورة أن الإنسان لا يقدم على المشورة؛ لأنها قد تتعلق بطرف ثالث يتأذى منها وتؤثر عليه حين تبلغه، فيكون في نفسه عليه شيء، فكونه يتوقف أو يترك الإجابة خشية أن يصير بينه وبين ذلك الطرف الثالث شيء من الوحشة أو شيء من الفرقة، قد يكون ذلك من أسباب ترك المشورة، وهذا مما يوضح أنها غير لازمة دائماً وأبداً؛ لأنه قد يكون هناك شيء يقتضي أن الإنسان يتوقف فيها. حكم إخبار الشخص لغيره أنه يكرهه في الله السؤال: مر معنا أنه من أحب أخاه فإنه يخبره، فهل يخبره إذا كان يكرهه في الله؟ الجواب: لا، إنما يخبره أنه يحبه في الله، لا أنه يكرهه في الله، وإنما عليه أنه ينصحه حتى يتحسن حاله ويحبه في الله بعد ذلك. ضوابط المحبة في الله السؤال: ربما يحب الشخص أخاً له لصفات حميدة فيه: من كرم وصفح، فهل هذه محبة في الله؟ الجواب: قد يكون الإنسان كافراً وعنده صفات طيبة، فلا يحب من أجلها، وإنما يحب لكونه مسلماً مستقيماً على طاعة الله، وكونه ممتثلاً لأوامر الله، وكونه من أهل التقى والصلاح، هذا هو الذي يحب من أجله. واجب المسلم تجاه المبتدع السؤال: يوجد شخص من أهل البدع وأنا أحبه في الله، فهل أخبره بذلك؟ الجواب: كيف تحبه في الله وهو من أهل البدع؟! البدعة تقتضي البغض في الله لا المحبة في الله، وإنما عليك أن تنصحه حتى يستقيم، وتكون محبتك لله في محلها. حكم قول القائل اللهم ببركة حبي لرسول الله حقق لي كذا السؤال: هل يجوز للمسلم أن يقول في دعائه: اللهم ببركة حبي لرسول الله افعل لي كذا وكذا؟ الجواب: لا يقول ببركة حبي، وإنما يقول: بمحبتي لرسول الله، أو بإيماني بك واتباعي لرسولك ومحبتي لنبيك افعل لي كذا وكذا، أو يتوسل بالعمل الصالح الذي هو المحبة والإيمان والاتباع. حكم رفع الأصوات داخل المساجد السؤال: ما حكم التجمع في داخل المسجد من بعض الطلبة بحيث يكثر الكلام وترتفع الأصوات ويحدثون ضجة داخل المسجد؟ الجواب: رفع الأصوات وحصول اللغط في المساجد غير سائغ، ينبغي أن تصان عنه المساجد، وإنما تكون لقراءة القرآن وللذكر والدعاء ولتعلم العلم النافع، هذا هو الذي يكون في المساجد، والضجة قد تصلح في الأسواق، ولا يليق بالإنسان أن يحصل منه شيء لا يليق في المساجد، مثل رفع الأصوات، ومثل اللغط، ومثل التشويش على المصلين أو القارئين، أو الذاكرين. وجه إيراد أبي داود الحديث مرسلاً أو موقوفاً ثم إتباعه بالمسند السؤال: إذا روى أبو داود حديثاً مرسلاً أو موقوفاً ثم أتبعه بالمسند، فهل تكون هذه إشارة إلى تصويب الإرسال أو الوقف؛ لأنه بدأ به أولاً؟ الجواب: لا أعلم اصطلاح أبي داود في هذا، لكن إذا جاء مسنداً وجاء مرفوعاً، فإن المسند لا يخالف الموقوف. حكم سؤال الله بحق قوله تعالى (ن والقلم وما يسطرون) السؤال: هل يجوز أن يقول المسلم: اللهم إني أسألك بحق: ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [القلم:1]؟ الجواب: لا يسأل بقوله تعالى: ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [القلم:1] ولا نعلم شيئاً يدل عليه، إلا الحديث الذي فيه ضعف وهو: (اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك). وبعض العلماء قال: لو صح فإن معناه: أنه يتوسل إلى الله عز وجل بإجابته للدعاء، وكونه مجيباً ومتصفاً بالإجابة، ومن أسمائه المجيب. حكم جعل الشخص توقيعه جملة صلى الله عليه وسلم السؤال: هل يجوز للإنسان أن يجعل توقيعه كلمة: صلى الله عليه وسلم، يريد بذلك أن يظفر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: لا، بل يكون توقيعه باسمه لا بكلمة صلى الله عليه وسلم، وإنما يكون بشيء يدل على اسمه، أما كونه يكتب: صلى الله عليه وسلم هذا ليس اسمه ولا يرمز إلى اسمه. وقد توضع هذه الكلمة في مكان لا يناسب، وفيها ذكر الله عز وجل، فقد تكون في شيء يمتهن. والأصل أن التوقيع هو دلالة على الاسم، وصلى الله عليه وسلم لا يدل على اسم الإنسان، والإنسان يصلي عليه دائماً وأبداً دون أن يستعمله في التوقيع فقط؛ لأنه يمكن أن يكون هذا العمل سبباً في التقليل من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث ستكون توقيعاته قليلة، والمطلوب من الشخص أن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً. درجة حديث (العقيق واد مبارك) السؤال: ما صحة حديث: (العقيق واد مبارك)؟ الجواب: جاء في الحديث: (صل في هذا الوادي المبارك) هذا حديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما كلمة العقيق فلا أدري. وجه القول بأن الأصل في الأحكام أنها معللة السؤال: هل يصح أن يقال: إن الأصل في الأحكام أنها معللة؟ الجواب: لاشك أن الأحكام معللة ولها حكمة، لكن ليست كل حكمة تعلم، ويطلع عليها، والأصل أن المسلم يستسلم وينقاد لكل ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، سواءً علم حكمته أو لم يعلمها، ويكون حرص الإنسان على معرفة الحكم للعمل به، وليس على معرفة الحكمة؛ لأن العمل لا يتوقف على الحكمة، بل الإنسان يستسلم وينقاد سواء عرف الحكمة أو لم يعرفها، وإن بحث عنها وعرفها زاده ذلك ثباتاً ويقيناً، وإن لم يعرفها فإن ذلك لا يثنيه عن أن يعمل بالحق. ولهذا قبل عمر رضي الله عنه الحجر الأسود، وقال: (إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) فالإنسان يتبع السنة ويعمل بما جاء عن رسوله صلى الله عليه وسلم علم الحكمة أو لم يعلمها. حكم دعاء الله بصفاته سبحانه السؤال: ما حكم نداء الصفة يا قدرة الله يا رحمة الله؟ الجواب: هذا لا يجوز؛ لأن الله عز وجل يدعى بأسمائه ولا يدعى بصفاته، لا يقال: يا قدرة الله حققي لي كذا، يا يد الله أعطيني كذا، يا سمع الله حقق لي كذا، وإنما يقول: يا سميع يا بصير يا حكيم يا لطيف أعطني كذا حقق لي كذا، يا لطيف الطف بي، يا عزيز أعزني، يا كريم أكرمني وغير ذلك. أما أن ينادي الصفة، ويقول: يا إرادة الله أعطيني كذا، يا مشيئة الله أعطيني كذا، هذا لا يجوز، وشيخ الإسلام ابن تيمية له كلام في هذا، وكان يبالغ فيه وفي تشنيعه وبيان أنه غير صحيح. بيان المقصود بالأنصار في حديث (آية الإيمان حب الأنصار) السؤال: هل حديث: (آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار) عام أم خاص بمن كان من الأنصار في عهده صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: هو في الأنصار الذين كانوا في عهده صلى الله عليه وسلم وهم المعنيون، وكذلك أيضاً يدخل معهم المهاجرون؛ لأن الوصف الذي في الأنصار موجود في المهاجرين، وكذلك كل من تحقق فيه وصف النصرة والجهاد في زمنه صلى الله عليه وسلم سواء كان من المهاجرين أو من الأنصار أو ليس من المهاجرين ولا من الأنصار، فإن له نصيباً من ذلك، ولكن الأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم هم الذين اشتهروا بهذا الاسم، وهم الذين وصفوا بهذا الوصف، وهم الذين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقدم عليهم وأن يقوموا بنصرته، وقد فعلوا ذلك رضي الله عنهم وأرضاهم، والمهاجرون أفضل منهم؛ لأن عندهم ما عند الأنصار وعندهم زيادة وهي الهجرة؛ وكل من نصر دين الله عز وجل لا شك أنه يحب وأنه يثنى عليه، ولكن الحديث هو في الأنصار الذين هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين بايعوه بيعة العقبة الأولى والثانية على أن ينصروه، وقد فعلوا ذلك لما هاجر إليهم صلى الله عليه وسلم."
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [583] الحلقة (613) شرح سنن أبي داود [583] لقد حض الشرع على القصد في الأمور، بحيث لا يتجاوز الحد الذي يجعله يصم ويعمي لإخوانه على قضاء حاجاتهم، وذلك بمساعدتهم حتى يتمكنوا من قضاء الحاجات، والشفاعة في الخير يؤجر عليها الإنسان سواء أجيب الطلب أو لم يجب، فلا يبخل المسلم بجاهه على إخوانه، بل ينبغي أن يبذل وسعه بما فيه الخير لهم، والتنفيس عنهم. ما جاء في الهوى شرح حديث (حبك الشيء يعمي ويصم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الهوى. حدثنا حيوة بن شريح حدثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن خالد بن محمد الثقفي عن بلال بن أبي الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (حبك الشيء يعمي ويصم) ]. أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في الهوى ]. والمقصود من هذه الترجمة أن الإنسان قد يحصل منهم أن يهوى شيئاً ويبالغ فيه، ولا ينتبه للحق فيه، بحيث يتجاوز الحد فيجعله يعمى عن الخير ويصم؛ وذلك لمبالغته في شيء يهواه، وتجده يمدحه وإن كان مذموماً، ويذم غيره ولو كان ممدوحاً. أورد أبو داود حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حبك الشيء يعمي ويصم) أي: أن الاستغراق في محبة الشيء على غير هدى وعلى غير بصيرة يؤدي إلى أن الإنسان يعمى عن معرفة الحق، ويصم سمعه عن سماع الحق، فيكون بذلك مذموماً، وهذا الحديث غير صحيح؛ لأن فيه أبا بكر بن أبي مريم وهو ضعيف وقد اختلط أيضاً، فهو غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. تراجم رجال إسناد حديث (حبك الشيء يعمي ويصم) قوله: [ حدثنا حيوة بن شريح ]. هو حيوة بن شريح الحضرمي الحمصي وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . وهناك حيوة بن شريح آخر وهو مصري، ولكنه متقدم على هذا، وهذا في طبقة متأخرة، وكل منهما ثقة، والمتأخر الذي يروي عنه أبو داود حمصي، والمتقدم الذي بينه وبين أبي داود وسائط مصري. [ حدثنا بقية ]. هو بقية بن الوليد وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي بكر بن أبي مريم ]. أبو بكر بن أبي مريم ضعيف وقد اختلط، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن خالد بن محمد الثقفي ]. خالد بن محمد الثقفي ثقة، أخرج له أبو داود . [ عن بلال بن أبي الدرداء ]. بلال بن أبي الدرداء وهو ثقة، أخرج له أبو داود . [ عن أبي الدرداء ]. أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. ما جاء في الشفاعة شرح حديث أبي موسى (اشفعوا إليَّ لتؤجروا وليقض الله على لسان نبيه ما شاء) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الشفاعة. حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن بريد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اشفعوا إلي لتؤجروا، وليقض الله على لسان نبيه ما شاء) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة [ باب في الشفاعة ] والمقصود من الشفاعة هنا الشفاعة في أمور الدنيا وفي إعانة الإنسان على ما فيه خير له في دنياه. والشفاعة: هي شفاعة الإنسان للإنسان بأن يضم صوته إلى صوته، أو يضم جهده إلى جهده، من أجل وصول المشفوع له إلى ما يريده من الخير، وتكون في الخير وتكون في الشر، فإن كانت خيراً فصاحبها مأجور، وإن كانت شراً فهي من التعاون على الإثم والعدوان، وصاحبها مأزور. أورد أبو داود حديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اشفعوا إلي لتؤجروا، وليقض الله على لسان نبيه ما شاء) يعني: كونوا عوناً لإخوانكم على قضاء حاجاتهم، وذلك بمساعدتهم عند من يتمكنون من أدائها وقضائها، وذلك بأن تضموا أصواتكم إلى أصواتهم ورغباتكم إلى رغباتهم للوصول إلى ما يريدون. ومعنى ذلك أن الإنسان إذا شفع شفاعة فإنه يؤجر عليها إذا كانت في الخير، وسواء أجيب الطلب أو لم يجب، حققت الرغبة أو لم تحقق، ولهذا قال: (وليقض الله على لسان نبيه ما شاء) يعني: قد يحصل بمشيئة الله وإرادته أن تحقق الرغبة، وقد يحصل بمشيئة الله وإرادته ألا تحقق الرغبة، لوجود ما يمنع من ذلك، إما لعدم وجود الحاجة، أو ما يمكن قضاؤها به، أو لغير ذلك من الأسباب، وقد مر بنا قريباً أن الدال على الخير له مثل أجر فاعله. والرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى أن يشفع الناس بعضهم لبعض، وأن يكون بعضهم لبعض عوناً على تحقيق مراده. قوله: [ (وليقض الله على لسان نبيه ما شاء) ] يعني: أن ما قدره الله وقضاه واقع، فإن قدر تحقيق الرغبة فإنها ستقع، وإن قدر عدم تحقيق الرغبة فإنها لا تقع، وكل شيء بقضاء الله وقدره، كما قال عليه الصلاة والسلام: (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف). وهذا الحديث يؤتى به في باب الشفاعة ويؤتى به في كتاب القدر؛ لأنه من أدلة القدر، وذلك لقوله: (وليقض الله على لسان نبيه ما شاء). تراجم رجال إسناد حديث أبي موسى (اشفعوا إليَّ لتؤجروا وليقض الله على لسان نبيه ما شاء) قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا سفيان ]. هو سفيان بن عيينة المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بريد بن أبي بردة ]. هو بريد بن عبد الله بن أبي بردة وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وهو يروي عن جده أبي بردة ، و أبو بردة هو ابن أبي موسى الأشعري وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. و أبو بردة يروي عن أبيه أبي موسى الأشعري وهو عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث معاوية (اشفعوا تؤجروا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح و أحمد بن عمرو بن السرح قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن وهب بن منبه عن أخيه عن معاوية رضي الله عنه قال: (اشفعوا تؤجروا، فإني لأريد الأمر فأؤخره كيما تشفعوا فتؤجروا؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: اشفعوا تؤجروا) ]. أورد أبو داود حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما قال: (اشفعوا تؤجروا فإني لأريد الأمر) يعني: أريد تحقيقه. قوله: [ (فأؤخره كيما تشفعوا فتؤجروا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم قال: اشفعوا تؤجروا) ]. وهذا يدلنا على أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا أحرص الناس على الاقتداء به صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، ولهذا يأمر معاوية بن أبي سفيان بالشفاعة ويرشد إليها كما أرشد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستدل على ذلك بحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويقول: إنه يريد الأمر فيؤخره من أجل أن يشفعوا فيكون لهم نصيب من الأجر، وذلك بشفاعتهم. أما المشفوع له فعليه أن يلجأ إلى الله عز وجل ويعلق آماله بالله سبحانه وتعالى، ويسأله أن ييسر أمره وأن يحقق له ما يريد من الخير الذي أراده عن طريق هذا الشخص الذي يملك قضاء حاجته. تراجم رجال إسناد حديث معاوية (اشفعوا تؤجروا) قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ و أحمد بن عمرو بن السرح ]. أحمد بن عمرو بن السرح وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار ]. سفيان بن عيينة مر ذكره. و عمرو بن دينار المكي وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن وهب بن منبه ] وهب بن منبه وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة فقد أخرج له في التفسير. [ عن أخيه ]. هو همام بن منبه، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن معاوية ]. هو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث أبي موسى (اشفعوا إليَّ تؤجروا...) من طريق أخرى وترجمة رجال الإسناد قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو معمر حدثنا سفيان عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثله ]. أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه من طريق أخرى وقال: مثله، أي: أنه ذكر الإسناد ثم أحال على المتن المتقدم وقال: مثل متن الإسناد الأول ومطابق له، وهذا التعبير بكلمة (مثله) يكون إذا كانت المطابقة حاصلة بين المتنين، أما إذا كان المتن الثاني ليس مطابقاً فيقولون بدل مثله: (نحوه) وكذلك يقولون: المعنى أو بالمعنى أي: أن المطابقة والموافقة إنما هي في المعنى وليست في الألفاظ. قوله: [ حدثنا أبو معمر ]. هو إسماعيل بن إبراهيم القطيعي وهو ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا سفيان عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى ]. وقد مر هذا الإسناد. الأسئلة الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل السؤال: هل طلب الشفاعة ينافي كمال التوكل؟ الجواب: لا ينافي التوكل؛ لأن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل. حقيقة الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم (اشفعوا) السؤال: هل الأمر في قوله: (اشفعوا) يدل على الوجوب؟ الجواب: الذي يظهر أنه ليس للوجوب وإنما هو للاستحباب. بيان من له الأولوية في الشفاعة السؤال: ما توجيه فضيلتكم لمن يعلق شفاعته وتوسطه في الأمور لمن يوافقه في المذهب أو المعتقد؟ الجواب: لاشك أن من يكون سليماً ويكون على صراط مستقيم أولى من غيره، وأما غيره إذا كانت الشفاعة ستفيده وتكون سبباً في هدايته؛ فإن ذلك لا بأس به. ما جاء فيمن يبدأ بنفسه في الكتاب شرح حديث (أن العلاء بن الحضرمي كان عامل النبي على البحرين فكان إذا كتب إليه بدأ بنفسه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن يبدأ بنفسه في الكتاب. حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا هشيم عن منصور عن ابن سيرين ، قال أحمد : قال مرة يعني هشيماً : عن بعض ولد العلاء : (أن العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه كان عامل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على البحرين فكان إذا كتب إليه بدأ بنفسه) ]. أورد أبو داود [ باباً فيمن يبدأ بنفسه في الكتاب ]. يعني: أنه عندما يكتب كتاباً، يقول: من فلان -ويذكر اسمه- إلى فلان، وهو المكتوب إليه، يعني: المقصود من الترجمة أنه إذا كتب كتاباً منه إلى شخص آخر فإنه يبدأ بنفسه فيقول: من فلان إلى فلان. وهذه المسألة اختلف فيها، وجمهور العلماء على القول بتقديم ذكر المرسل أو الكاتب على المكتوب إليه، بأن يقول: من فلان -ويسمي نفسه- إلى فلان، وهو المرسل إليه ويسميه. وبعضهم قال: إنه يسوغ أن يقدم المرسل إليه والمكتوب إليه على الكاتب إذا كانت هناك مصلحة فيقول: إلى فلان من فلان، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان من هديه عند مكاتبته أن يبدأ بنفسه، فيقول: من محمد رسول الله إلى فلان بن فلان. أورد أبو داود حديث العلاء بن الحضرمي رضي الله تعالى عنه: أنه كان إذا كتب للنبي صلى الله عليه وسلم بدأ بنفسه. أي: قال: من العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الحديث الذي أورده أبو داود هنا لم يثبت؛ لأن في إسناده من هو متكلم فيه. تراجم رجال إسناد حديث (أن العلاء بن الحضرمي كان عامل النبي على البحرين فكان إذا كتب إليه بدأ بنفسه) قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشيم ]. هو هشيم بن بشير الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. منصور بن زادان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد قال عنه بعض العلماء وأظنه هشيماً : لو قيل لمنصور بن زادان إن ملك الموت بالباب ما كان بإمكانه أن يزيد شيئاً من العمل. أي: أنه على صلة بالله وأعمال صالحة، وليس عنده فرق في جميع أيامه وبين آخر يوم من حياته؛ لأنه مستمر على الطاعة ومداوم عليها، ولو قيل له: إن ملك الموت بالباب قادم ليقبض روحه لم يكن بإمكانه أن يزيد عملاً من الأعمال رحمة الله عليه. [ عن ابن سيرين ]. هو محمد بن سيرين وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال أحمد : قال مرة يعني: هشيماً : عن بعض ولد العلاء ]. أحمد هو ابن حنبل شيخ أبي داود ، قال مرة : أي: قال هشيم الذي هو شيخه: عن بعض ولد العلاء . يعني: بإبهامه وعدم تعيينه. وجاء في بعض الروايات كما سيأتي ابن العلاء، وقال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، أخرج حديثه أبو داود . [ أن العلاء بن الحضرمي ]. العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث العلاء بن الحضرمي في الكتابة إلى النبي من طريق ثانية وتراجم رجاله قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا المعلى بن منصور أخبرنا هشيم عن منصور عن ابن سيرين عن ابن العلاء عن العلاء -يعني ابن الحضرمي - رضي الله عنه: (أنه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ باسمه) ]. ذكر أبو داود الحديث من طريق أخرى عن العلاء بن الحضرمي أنه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً وبدأ باسمه في الكتاب الذي كتبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم ]. محمد بن عبد الرحيم الملقب صاعقة وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا المعلى بن منصور ]. المعلى بن منصور وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا هشيم عن منصور عن ابن سيرين عن ابن العلاء عن العلاء ]. وهذا الإسناد مثل الذي قبله؛ إلا أن الإسناد الأول أعلى؛ لأن فيه: حدثنا أحمد بن حنبل عن هشيم ، وهذا بين أبي داود وبين هشيم واسطتان. كيف يُكتب إلى الذمي شرح حديث (أن النبي كتب إلى هرقل من محمد رسول الله إلى هرقل...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كيف يكتب إلى الذمي؟ حدثنا الحسن بن علي و محمد بن يحيى قالا: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كتب إلى هرقل : من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، قال ابن يحيى عن ابن عباس : أن أبا سفيان رضي الله عنه أخبره قال: فدخلنا على هرقل فأجلسنا بين يديه، ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى أما بعد) ]. أورد أبو داود [ باب كيف يكتب إلى الذمي ] أي: كيف تكون مكاتبته؟ وكيف يذكر؟ وكيف يسلم عليه؟ أي: طريقة الكتابة إليه. أورد أبو داود حديث ابن عباس الذي فيه قصة هرقل عظيم الروم، وما رواه أبو سفيان من قراءة كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم، وكان ذلك قبل أن يسلم أبو سفيان رضي الله عنه، وقد كان مع جماعة في الشام، ولما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب إلى هرقل طلب من كان من العرب في الشام ليسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجيء بأبي سفيان وبجماعة معه إليه، فأجلسهم أمامه وسأل عن أقربهم نسباً إليه، فقالوا: أقربهم أبو سفيان ، فقدمه عليهم والباقون وراءه وقال: إني سائله فإن كذب فكذبوه، يعني: إن قال شيئاً وهو غير صادق فيه فأخبروني بكذبه، فكان يسأله عن أمور متعددة، وبعدها استنتج من أجوبة أبي سفيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نبي، وأن هذه هي صفات الأنبياء. حكم تحمل الكافر والصغير للحديث وتأديته بعد الإسلام وحال الكبر أبو سفيان رضي الله عنه تحمل هذا في حال كفره وأداه في حال إسلامه. وهذا من الطرق التي يعول عليها العلماء فيما يتعلق بالتحمل والأداء، فإنهم قالوا: يجوز التحمل في حال الكفر ثم يؤدي في حال الإسلام، ويكون ذلك معتبراً. ومثل ذلك الصغير الذي تحمل في حال صغره وأدى في حال كبره فإن ذلك أيضاً يكون معتبراً، كما جاء ذلك في حق عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا من صغار أصحابه، ومع ذلك يروون الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويؤدونها وهم كبار، وكانوا قد تحملوها وهم صغار، كما حصل من النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما، فإنه الذي روى الحديث المشهور: (إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس) وقد قال فيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. وكان عمر النعمان عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنوات، فتحمل في حال صغره وأدى في حال كبره، وكذلك أبو سفيان تحمل في حال كفره وأدى في حال إسلامه، وكل ذلك معتبر عند العلماء. وجه تبويب أبي داود كيف يكتب إلى الذمي و أبو داود رحمه الله ترجم وقال: [ كيف يكتب إلى الذمي؟ ] ومن المعلوم أن وصف هرقل بأنه ذمي غير واضح؛ لأن المعروف أن الذمي هو الذي يكون بينه وبين المسلمين عهد، ومعلوم أن هرقل والروم لم يكن بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد، وإنما كتب إليهم كتاباً يدعوهم إلى الإسلام كما كتب إلى غيرهم. والتبويب الذي ذكره غير أبي داود وهو الترمذي قال: باب الكتابة إلى أهل الشرك، أو كيف يكتب إلى أهل الشرك؟ وهذا هو الذي يطابق المعنى، وأما التعبير بالذمي فهذا غير واضح. تقديم الرسول لاسمه عند كتابة الكتب منه إلى غيره وصفة سلامه على الكفار والرسول صلى الله عليه وسلم لما كتب بدأ باسمه وقال: (من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم) فذكره باسمه وهو هرقل ، ووصفه بوصفه وهو أنه عظيم الروم؛ لأنه عظيم عند الروم. قوله: [ (سلام على من اتبع الهدى) ] من المعلوم أن الكفار لا يبدءون بالسلام، بأن يقال: السلام عليكم، ولكن بمثل هذا الكلام وبمثل هذا السلام؛ لأن هذا سلام بالكناية وسلام بهذا الوصف، وذلك بأن يكون السلام والدعاء لمن اتبع الهدى، وأولئك إذا أسلموا ودخلوا في الإسلام فإنهم يتبعون الهدى، فيكون لهم نصيب من ذلك. ثم قال: (أما بعد) وذكر دعوته إليه صلى الله عليه وسلم حيث قال: (أسلم تسلم) إلى آخر الحديث. تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كتب إلى هرقل من محمد رسول الله إلى هرقل...) قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ و محمد بن يحيى ]. هو محمد بن يحيى الذهلي وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ]. هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وهو ثقة، وأحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيضاً هو يروي عن أبي سفيان وهو: صخر بن حرب، وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. الأسئلة عدم صحة إسلام هرقل السؤال: هل صحيح أن هرقل أسلم؟ الجواب: هرقل لم يسلم، صحيح أنه ظهر منه كلام يدل على احتفائه بالرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمه له، ولكنه آثر الدنيا على الآخرة، وآثر الرئاسة والملك على ما فيه سعادة الدنيا والآخرة. دلالة حديث كتابة الرسول إلى هرقل على البدء باسم المرسل قبل المرسل إليه السؤال: هل يمكن أن يعد كتاب النبي إلى هرقل شاهداً لما تقدم، أعني أن يبدأ الإنسان بنفسه عند الكتابة؟ الجواب: لاشك أنه يدل على أن الإنسان يبدأ بنفسه عند الكتابة، وهو حديث متفق على صحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم. وأما الحديث الذي فيه أن الكاتب إلى رسول صلى الله عليه وسلم بدأ بنفسه ففيه خلاف بين أهل العلم، منهم من قال: إذا كان يكتب لمن هو أعلى منه منزلة فإنه يبدأ به، وإذا كان غير ذلك فإنه يبدأ بنفسه، وهذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شك أنه أعلى الناس منزلة، وهو خير الناس وأفضل الناس، ولاشك أنه كما قال الجمهور، بل حكى بعضهم الإجماع على ذلك، لكن الخلاف موجود وقائم في أن البدء بالنفس هو الأصل. وفي عون المعبود ذكر عن بعض السلف: أنهم كانوا يقدمون المرسل إليه، لكن المشهور والمعروف ما جاء في حديث هرقل ، وكذلك الموجود في كتب العلماء، وهو الذي كان يفعله بعض مشايخنا مثل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه، فإن كتاباته: من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى فلان، وكذلك كان يفعل الشيخ محمد العثيمين رحمه الله، وكذلك قبلهما الشيخ محمد بن إبراهيم رحمهم الله، كانوا يبدءون بذكر أسمائهم. ذكر الحكمة من البدء باسم المرسل قبل المرسل إليه السؤال: ما الحكمة من ذكر اسم المرسل أولاً قبل المرسل إليه؟ الجواب: يبدو -والله أعلم- أنه من أجل أنه هو البادي فيكون البدء بمن حصل منه الابتداء، فيكون أول ما يقع عليه بصر المرسل إليه من الكتاب أن يرى اسم المرسل. عدم دلالة حديث كتاب النبي إلى هرقل على جواز مس القرآن بدون وضوء السؤال: هل هذا الحديث دليل على أن قراءة القرآن دون الوضوء جائزة؛ حيث إن هرقل قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم؟ الجواب: هو لم يقرأ قرآناً، وإنما قرئ الكتاب عليه، وهذا كما هو معلوم بعض من آية. حكم قول الشخص لأخيه المسلم سلام على من اتبع الهدى السؤال: هل يجوز أن يقول المسلم لأخيه: سلام على من اتبع الهدى؟ الجواب: لا يصلح ولا يليق حتى وإن كان من أهل البدع، بل يقول: السلام عليكم، وإنما يقال: سلام على من اتبع الهدى للكفار إذا بُدئوا بالسلام؛ لأن هذا ليس سلاماً عليهم، وإنما هو سلام على من اتبع الهدى، وهم إذا اتبعوا الهدى صار لهم نصيب من هذا الدعاء. حكم قول فخامة الرئيس في الرسائل التي ترسل إلى رؤساء الكفار السؤال: ما حكم المراسلات التي ترسل إلى الرؤساء الكفار ويقال فيها: فخامة الرئيس! وهل هي مثل قوله صلى الله عليه وسلم: عظيم الروم؟ الجواب: نعم إذا قيل: فخامة الرئيس! فهي مثل: عظيم الروم، أو عظيم القوم الفلانيين، أي هي من جنسه."
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [584] الحلقة (614) شرح سنن أبي داود [584] إن أحق الناس بالبر والإحسان وحسن الصحبة الوالدان، وذلك لأن الوالدين هما المشاق والمتاعب في حمله وفي ولادته وفي رضاعه وفي رعايته والسهر عليه الشيء الكثير، كذلك الوالد فإنه يكدح ويسعى لجلب الرزق ولجلب الخير إليه ودفع الشر عنه، ومن عظيم حقهما أن الله تعالى قرن طاعتهما بتوحيده، فينبغي للمسلم أن يؤدي حقهما كما أمر الله تعالى وكما أمر رسوله صلى الله عليه وسلم. ما جاء في بر الوالدين شرح حديث (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في بر الوالدين. حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه) ]. أورد أبو داود [ باب بر الوالدين ]. البر: هو الإحسان وبذل المعروف وإيصال الخير ودفع الشر، وأحق الناس بالبر الوالدان، بل إن البر كثيراً ما يكون مضافاً إلى الوالدين، والأرحام تضاف إليهم الصلة، فيقال: بر الوالدين وصلة الأرحام، وذلك أن الوالدين هما سبب وجود الإنسان، ولهما فضل عظيم على الإنسان، أما من ناحية الأم فكونها تحملت من المشاق والمتاعب في حمله وفي ولادته وفي رضاعه وفي رعايته وفي متابعته والسهر عليه الشيء الكثير، والوالد كذلك من كونه يكدح ويسعى لجلب الرزق وجلب الخير إليه ودفع الشر عنه. فإذاً: كل من الوالدين حصل منهما الإحسان إلى الولد، فهما أولى من غيرهما ببره وإحسانه. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه) ومن المعلوم أن الإنسان إذا ملك أباه، فإنه يعتق عليه بمجرد ملكه إياه، بحيث إذا وجد الملك وجد العتق. ذكر في هذا الحديث: أنه لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً أو رقيقاً فيشتريه فيعتقه، يعني: أن الولد يسعى في الوصول إليه عن طريق الشراء، ومعلوم أنه إنما يشتريه ليخلصه من الرق، لا ليكون عبداً له وأن يكون سيداً لوالده. بعض أهل العلم كالخطابي حكى الإجماع على أنه بمجرد الشراء فإنه يعتق عليه، لكن بعض أهل العلم حكى عن بعض أهل الظاهر أن الشراء شيء والعتق شيء آخر، وأنه يمكن أن يوجد الشراء ولا يوجد العتق، ولكن الذي عليه جمهور العلماء أو هو كالإجماع من العلماء أنه بمجرد الشراء يحصل العتق؛ وذلك لأنه ليس من المناسب ولا من اللائق أن يكون الوالد عبداً لولده، وأن يكون خادماً لولده، بل العكس هو المطلوب، أعني أن يسعى الولد في خدمة الوالد. والجد مثل الأب، وذكر الوالد يدخل فيه الوالدة. تراجم رجال إسناد حديث (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه) قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثني سهيل بن أبي صالح ]. سهيل بن أبي صالحصدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وحديثه عند البخاري مقرون. [ عن أبيه ]. هو أبو صالح السمان ، اسمه ذكوان وكنيته أبو صالح ولقبه السمان ، ويقال: الزيات ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق. شرح حديث ابن عمر (كانت تحتي امرأة وكنت أحبها وكان عمر يكرهها فقال لي طلقها...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن أبي ذئب قال: حدثني خالي الحارث عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما قال: (كانت تحتي امرأة وكنت أحبها، وكان عمر رضي الله عنه يكرهها، فقال لي: طلقها، فأبيت، فأتى عمر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: طلقها) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه كانت تحته امرأة وكان يحبها، وكان أبوه يكرهها، فقال له: طلقها، فأبي، فأتى عمر الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبره وقال النبي صلى الله عليه وسلم: طلقها. وهذا أورده أبو داود في البر؛ وذلك أن فيه تحقيق رغبة الوالد في هذا الطلب، لكن كما هو معلوم أن الذي طلب الطلاق من ولده هو خير هذه الأمة بعد أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وليس كل الآباء وكل الأمهات عدول وأتقياء، بل يمكن أن يكون هناك شيء من الشحناء أو العداوة لأمور دنيويه غير دينية، فينظر في ذلك إلى العدل ومعرفة الحق مع من يكون، فقد تكون الزوجة مظلومة والأم ظالمة، وقد يكون الوالد ظالماً والزوجة مظلومة، فينظر في ذلك إلى العدل وإلى الدين. وقد تكون كراهية الوالد أو الوالدة للزوجة لأمور ليست دينية، وإنما لكلمة من الكلمات أو حالة من الحالات أو موقف من المواقف، فيترتب على ذلك التنافر والتباعد، والذي ينبغي على الولد أن يكون في مثل هذه الحالة عادلاً، وأن يبين للوالد أو الوالدة إذا كانا ليسا على حق، وأنه يرى أن الحق ليس معهما، فيسعى إلى إرضائهما وإلى إقناعهما بالتي هي أحسن مع الإبقاء على زوجته، وأما إذا كانت الكراهية لأمر ديني، أو أن الأمر بلغ إلى حد لا يمكن معه التوفيق، فلا شك أن طاعة الوالد مطلوبة ورضاه مطلوب. فإذاً: الذي ينبغي على الولد في مثل هذه الأمور أن يحرص على العدل، وأن يكون عوناً للمظلوم بأن يمنع وصول الظلم إليه، ويكون أيضاً عوناً للظالم بأن يكون حريصاً على منعه من الظلم، كما جاء في الحديث: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً). ولا يقال: إنه بناء على ما جاء في الحديث فكل رغبة تكون من أب أو أم لا يتردد فيها ولا يتوقف فيها، وإنما ينبغي أن يكون هناك نظر لحال الزوجة واستقامتها ودينها وصلاحها، وكذلك أيضاً فيما يتعلق بالأب أو الأم فقد يكون عند الأب والأم فسق أو نقص أو خلل. تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر (كانت تحتي امرأة وكنت أحبها وكان عمر يكرهها فقال لي طلقها...) قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ]. مسدد مر ذكره. و يحيى هو ابن سعيد القطان ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي ذئب ]. هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثني خالي الحارث ]. الحارث وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن. [ عن حمزة بن عبد الله بن عمر ]. حمزة بن عبد الله بن عمر وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (قلت يا رسول الله من أبر؟ قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله من أبر؟ قال:أمك ثم أمك ثم أمك،ثم أباك،ثم الأقرب فالأقرب، وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا يسأل رجل مولاه من فضل هو عنده فيمنعه إياه إلا دعي له يوم القيامة فضله الذي منعه شجاع أقرع). قال أبو داود : الأقرع: الذي ذهب شعر رأسه من السم ]. أورد أبو داود حديث معاوية بن حيدة رضي الله تعالى عنه قال: (قلت: يا رسول الله من أبر؟) يعني: من أولى الناس ببري؟ أو من الذي أقدمه في البر؟ فقال: (أمك، ثم أمك، ثم أمك) يعني: ثلاث مرات، ثم قال: (ثم أباك). وهذا يدل على عظم حق الوالدة وأنه أعظم من حق الأب؛ وذلك لأن الوالدة عانت من التعب ومن النصب ومن المشقة مالم يعانه الأب؛ لأنها هي التي حملت به، وهي التي تضررت وحصل لها الآلام عند حمله، وكذلك عند ولادته، وكذلك في السهر عليه وفي إرضاعه وفي تنظيفه وفي رعايته، وما يتعلق بذلك؛ لأنه دائماً معها بين يديها، والأب له إحسان إليه من جهة أنه يرعاه ويجلب الرزق له ولأمه، وكل منهما محسن للولد، ولكن الأم أشد وأعظم إحساناً؛ ولهذا كان حقها أعظم من حق الأب؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أمك ثم أمك ثم أمك، ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب) ومعنى ذلك: أنه يبدأ بالوالدين، والأم مقدمة على الوالد، وبعد ذلك الأقرب فالأقرب. قوله: [ (لا يسأل رجل مولاه من فضل هو عنده فيمنعه إياه، إلا دعي له يوم القيامة فضله الذي منعه شجاع أقرع) ]. أي: فضل ماله، والشجاع الأقرع: هو الحية التي ذهب شعر رأسها؛ لكثرة ما فيها من السم. قوله: [ (مولاه) ] يدخل تحته المولى المعتق، وكذلك المولى الذي هو القريب؛ لأن هذا اللفظ يطلق على هذا وعلى هذا، كما قال الله عز وجل: (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى [الدخان:41]. تراجم رجال إسناد حديث (قلت يا رسول الله من أبر؟ قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك...) قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. محمد بن كثير مر ذكره. [ أخبرنا سفيان ]. هو سفيان الثوري مر ذكره. [ عن بهز بن حكيم ]. بهز بن حكيم وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. وهو صدوق أيضاً، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن. [ عن جده ]. هو معاوية بن حيدة وهو صحابي، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن. شرح حديث (يا رسول الله من أبر؟ قال أمك وأباك وأختك وأخاك...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا الحارث بن مرة حدثنا كليب بن منفعة عن جده: (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! من أبر؟ قال: أمك وأباك، وأختك وأخاك، ومولاك الذي يلي ذاك، حق واجب ورحم موصولة) ]. أورد أبو داود حديث جد كليب بن منفعة : (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك وأباك، وأختك وأخاك، ومولاك الذي يلي ذاك) أي: قريبك؛ لأن المولى هو القريب. ومعلوم أن الأولاد أقرب من الإخوة، ولكن ذكر الأب والأم ثم ذكر الأخ والأخت؛ لأنه ليس كل أحد يكون له ولد، قد يكون الإنسان له إخوة وليس له أولاد؛ لأن الأولاد يأتون في زمن متأخر، والإخوة قد يكونون موجودين قبله وقد يكونون معه وقد يكونون بعده بقليل أو بكثير. فذكر الأخ والأخت لا يدل على تقديمهم على الابن والبنت؛ لأن الابن والبنت والأب والأم هم أصول الإنسان الذين تحدر منهم وفروعه الذين تحدروا منه، فهؤلاء هم أقرب الناس إليه؛ ولهذا يقدمون في الميراث على الإخوة، والإخوة لا يرثون إلا إذا لم يكن للميت والد ولا ولد، أي أنه كلالة، فإذا كان له ولد أو أب فهو ليس بكلالة، وإنما الكلالة من لا يكون له ولد ولا والد، والإخوة ميراثهم كلالة؛ لأنهم محيطون به، وأما أولئك فهم فروعه الذين تحدروا منه، وأصوله الذين تحدر منهم. قوله: [ (حق واجب، ورحم موصولة) ]. يعني: أن الإنسان يؤدي الحق الذي عليه، ويصل الرحم التي بينه وبين ذوي رحمه. تراجم رجال إسناد حديث (يا رسول الله من أبر؟ قال أمك وأباك وأختك وأخاك...) قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ]. هو محمد بن عيسى الطباع وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و أبو داود و الترمذي في الشمائل، و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا الحارث بن مرة ]. الحارث بن مرة وهو صدوق، أخرج له أبو داود . [ حدثنا كليب بن منفعة ]. كليب بن منفعة وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود . [ عن جده ]. ذكر اسمه في الإصابة وهو بكر بن الحارث الأنماري . وهذا الحديث ضعفه الألباني ولعل السبب هو وجود ذلك المقبول فيه، لكن معناه صحيح. شرح حديث (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن جعفر بن زياد أخبرنا ح وحدثنا عباد بن موسى حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله! كيف يلعن الرجل والديه؟! قال: يلعن أبا الرجل فيلعن أباه، ويلعن أمه فيلعن أمه) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه؟!) يعني: أن يكون الإنسان سبباً في لعن والديه مع أنهما كانا سبباً في وجوده، هذا شيء مستعظم، فالرسول صلى الله عليه وسلم بين أن اللعن يمكن أن يكون عن طريق التسبب لا عن طريق المباشرة، بأن يسب الرجل أبا رجل من الناس فيقوم ذلك الرجل فيسب أباه. وهذا الحديث من أدلة سد الذرائع، وأن الشريعة جاءت بسد الذرائع، وتحريم الأمور التي توصل إلى المحرم، وأن الوسائل لها حكم الغايات، فالوسائل إلى المطلوب مطلوبة، والوسائل إلى المحرم محرمة. فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يسب الرجل أبا الرجل؛ لأنه سيتسبب في لعن والده وإن لم يباشر سبه؛ ولهذا كان الواجب على الإنسان أن يحفظ لسانه من الكلام في الناس حتى لا يتكلموا فيه وفي والديه، وإنما عليه أن يكون سليم اللسان. وهذا الحديث من أدلة سد الذرائع، وقد أورد ابن القيم رحمه الله في كتابه (إعلام الموقعين) تسعة وتسعين دليلاً من أدلة سد الذرائع، وهذا واحد منها. تراجم رجال إسناد حديث (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه...) قوله: [ حدثنا محمد بن جعفر بن زياد ]. محمد بن جعفر بن زياد ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ قال: أخبرنا ح وحدثنا عباد بن موسى ]. أتى أبو داود رحمه الله بالتحويل قبل أن يذكر الشيخ؛ لأن المقصود هو بيان الاختلاف في صيغة الأداء أو التحمل؛ لأن الشيخ الأول قال: أخبرنا، والثاني قال: حدثنا. وهذا يدل على دقة المحدثين وعنايتهم وتفريقهم بين التحديث والإخبار، وإن كان يمكن أن يعبر بهذا عن هذا والعكس، وكثير من أهل العلم لا يفرقون بين حدثنا وأخبرنا، لكن بعضهم يعمل بهذا التفريق. والأصل أن الإخبار يكون فيما إذا قرئ على الشيخ وهو يسمع، أو قرأ هو على الشيخ، فإنه يعبر بأخبرنا، وأما إذا كان الشيخ يقرأ والتلاميذ يسمعون، فإن التعبير يكون بحدثنا، هذا هو أصل التفريق؛ فالذي ما سمع من لفظ الشيخ لا يقال فيه: حدثنا. و عباد بن موسى الختلي ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا إبراهيم بن سعد ]. وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن حميد بن عبد الرحمن ]. حميد بن عبد الرحمن وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمرو ]. عبد الله بن عمرو وهو صحابي جليل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (...هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال نعم الصلاة عليهما...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن مهدي و عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء المعنى قالوا: حدثنا عبد الله بن إدريس عن عبد الرحمن بن سليمان عن أسيد بن علي بن عبيد مولى بني ساعدة عن أبيه عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: (بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله! هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما) ]. أورد أبو داود حديث أبي أسيد مالك بن ربيعة رضي الله تعالى عنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل بقي علي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟). هذا رجل يسأل عن البر للوالدين والإحسان إليهما بعد الموت، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبره وقال: (الصلاة عليهما والاستغفار لهما) يعني: يدعو لهما الإنسان ويستغفر. قوله: [ (وإنفاذ عهدهما) ] يعني: إذا عهدا إليه بشيء أو أوصيا بوصية، ينفذ تلك الوصية إذا كانت مشروعة وسائغة وليست مخالفة للشرع، أما إذا كانت مخالفة للشرع فلا ينفذ ما كان مخالفاً للشرع. قوله: [ (وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما) ] يعني: رحم أمه ورحم أبيه، فرحم أبيه رحم له، فيصل رحم أبيه وأمه. قوله: [ (وإكرام صديقهما) ]. يعني: أن يحسن إلى صديقهما؛ من أجل صداقته لأبيه، أو صداقة المرأة لأمه. هذا جواب الرسول صلى الله عليه وسلم لمن سأل عن البر بعد الموت، وأنه يمكن أن يكون بهذه الأمور التي منها ما هو دعاء، ومنها ما هو عمل وإحسان إلى من كان قريباً أو صديقاً لوالده أو لوالدته. والحديث ضعفه الألباني ؛ لأن من رجاله علي بن عبيد وهو مقبول، ولكن الحديث له شواهد فيما يتعلق بالدعاء والاستغفار لهما، وكذلك فيما يتعلق بإنفاذ العهد والوصية ما لم يكن محرماً، وكذلك من ناحية البر وإكرام الصديق، وسيأتي الحديث الذي بعد هذا وفيه إكرام الرجل أهل ود أبيه. إذاً: فالحديث وإن كان في إسناده رجل مقبول، إلا أن له شواهد تدل عليه. تراجم رجال إسناد حديث (...هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال نعم الصلاة عليهما...) قوله: [ حدثنا إبراهيم بن مهدي ]. إبراهيم بن مهدي وهو مقبول، أخرج له أبو داود . [ و عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، و إلا النسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة. [ و محمد بن العلاء ]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهؤلاء الثلاثة مشايخ لأبي داود والمقبول فيهم لا يؤثر؛ لأن معه اثنين وهما ثقتان. [ حدثنا عبد الله بن إدريس ]. هو عبد الله بن إدريس الأودي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن سليمان ]. وهو صدوق فيه لين، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و الترمذي في الشمائل و ابن ماجة . [ عن أسيد بن علي بن عبيد ]. وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبيه ]. هو علي بن عبيد وهو مقبول، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبي أسيد مالك بن ربيعة ]. أبو أسيد الساعدي صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (إن أبر البر صلة المرء أهل ود أبيه بعد أن يولي) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو النضر حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن أبر البر صلة المرء أهل ود أبيه بعد أن يولي) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أن أبر البر صلة المرء أهل ود أبيه بعد أن يولي) يعني: بعدما يموت، وهذا شاهد للحديث الذي قبله؛ لأن فيه إكرام صديق الوالدين، وأن ذلك من أبر البر. تراجم رجال إسناد حديث (إن أبر البر صلة المرء أهل ود أبيه بعد أن يولي) قوله: [ حدثنا أحمد بن منيع ]. أحمد بن منيع ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو النضر ]. هو هاشم بن القاسم ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن الليث بن سعد ]. هو الليث بن سعد المصري ثقة فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ]. وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن دينار ]. عبد الله بن دينار ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره. شرح الأحاديث الواردة في بر الوالدين من الرضاعة قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن المثنى حدثنا أبو عاصم حدثني جعفر بن يحيى بن عمارة بن ثوبان أخبرنا عمارة بن ثوبان أن أبا الطفيل رضي الله عنه أخبره قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقسم لحماً بالجعرانة، قال أبو الطفيل : وأنا يومئذ غلام أحمل عظم الجزور، إذ أقبلت امرأة حتى دنت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فبسط لها رداءه، فجلست عليه، فقلت: من هي؟ فقالوا: هذه أمه التي أرضعته) حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني حدثنا ابن وهب حدثني عمرو بن الحارث أن عمر بن السائب حدثه أنه بلغه: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان جالساً، فأقبل أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه، ثم أقبلت أمه من الرضاعة فوضع لها شق ثوبه من جانبه الآخر فجلست عليه، ثم أقبل أخوه من الرضاعة فقام له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأجلسه بين يديه) ]. أورد الإمام أبو داود رحمه الله تحت باب: بر الوالدين هذين الحديثين المتعلقين بالأم من الرضاعة والأب من الرضاعة، والأحاديث التي مرت كلها تتعلق بالأبوين من النسب، ومن المعلوم أن الأم من الرضاعة والأب من الرضاعة لهما حق على من رضع منهما؛ فإن الأبوة والأمومة متحققة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب) فمن حصل له إرضاع من امرأة صارت أمه من الرضاعة وزوجها صاحب اللبن أباه من الرضاعة، فإنه ينسب إليهما ويقال: هذا أبوه من الرضاعة، وهذه أمه من الرضاعة، ولاشك أن لهما حقاً عليه، ولكن دون حق الأم والأب من النسب. أورد أبو داود الحديث الأول حديث أبي الطفيل وهو عامر بن واثلة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار الصحابة، وقد ولد عام أحد، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره سبع سنوات، وهو آخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم. يقول أبو الطفيل : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لحماً بالجعرانة، وأنا يومئذ غلام أحمل عظم الجزور، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالساً، فجاءت امرأة فبسط لها رداءه وأجلسها عليه، فقلت: من هي؟ فقالوا: هذه أمه التي أرضعته، وقد ذكر أن هذه المرأة هي حليمة السعدية ، وقد أوردها ابن حجر في الإصابة، وكذلك الذهبي ذكرها في تجريده لأسماء الصحابة لابن الأثير ، وقال: إنه لم ير شيئاً يدل على إسلامها إلا ما جاء في حديث أبي الطفيل هذا الذي عند أبي داود . وهذا الحديث الذي عند أبي داود ضعيف غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الحديث الذي بعده فهو معضل؛ لأن فيه قول بعض الرواة: (بلغني) وهو متأخر، فيكون هناك وسائط ساقطة، وهو من قبيل المعضل الذي سقط منه اثنان فأكثر بشرط التوالي. فإذاً: كل من الحديثين لم يثبت، الأول لم يثبت لأن فيه من هو متكلم فيه، والثاني: معضل؛ لأن فيه عدة وسائط ساقطة. تراجم رجال إسناد الأحاديث الواردة في بر الوالدين من الرضاعة قوله: [ حدثنا ابن المثنى ]. هو محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب الزمن وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهو من صغار شيوخ البخاري ، وقد مات سنة (252هـ) قبل البخاري بأربع سنوات؛ لأن البخاري توفي سنة (256هـ). وقد مات في السنة التي توفي فيها ابن المثنى محمد بن بشار و يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، وكل هؤلاء من شيوخ أصحاب الكتب الستة، وهم جميعاً من صغار شيوخ البخاري و محمد بن المثنى يروي عن أبي عاصم ، و أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد النبيل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. و أبو داود يروي عن أبي عاصم بواسطة. و أبو عاصم النبيل هو من كبار شيوخ البخاري الذين روى عنهم الثلاثيات؛ لأن الأحاديث الثلاثية رواها عن ثلاثة شيوخ أو أربعة، منهم: أبو عاصم ، ومنهم: مكي بن إبراهيم ، ومنهم: محمد بن عبد الله الأنصاري . و ابن أبي عاصم صاحب السنة هو حفيد أبي عاصم هذا، و ابن أبي عاصم اسمه أحمد بن عمرو بن أبي عاصم و أبو عاصم هذا جده من قبل أبيه، و موسى بن إسماعيل التبوذكي الذي يأتي ذكره كثيراً هو جده من قبل أمه. [حدثني جعفر بن يحيى بن عمارة بن ثوبان ]. جعفر بن يحيى بن عمارة بن ثوبان مقبول أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و ابن ماجة . [ أخبرنا عمارة بن ثوبان ]. عمارة بن ثوبان وهو مستور، وهي أقل من مقبول؛ لأن المقبول هو الذي إذا اعتضد اعتبر، وأما المستور فهو مجهول الحال؛ لأن مجهول الحال ومستور بمعنى واحد، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و ابن ماجة . [ أن أبا الطفيل ]. هو عامر بن واثلة رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو آخر من توفي من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وقوله: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ]. أحمد بن سعيد الهمداني صدوق، أخرج له أبو داود . [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عمرو بن الحارث ]. عمرو بن الحارث المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن عمر بن السائب ]. عمر بن السائب وهو صدوق، أخرج له أبو داود . [ أنه بلغه أن رسول الله ]. يعني: سقط منه عدة وسائط، فيقال له: المعضل؛ لأن المعضل هو ما سقط من إسناده اثنان أو أكثر بشرط التوالي."
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [585] الحلقة (615) شرح سنن أبي داود [585] لقد جاءت الشريعة بالتكافل الاجتماعي من إعالة يتيم وكفالته والإحسان إليه، والقيام بشئونه، ورعايته وتربيته، وغير ذلك مما يتعلق بالتكافل الاجتماعي، كالاهتمام بالفقراء والمساكين، فكفالة اليتيم فيها الأجر العظيم كما وردت بذلك الأحاديث. وأيضاً جاءت الشريعة لتنبه على عظم حق الجار، سواءً كان مسلماً قريباً أو مسلماً بعيداً أو كافراً، وجاء التحذير من إيذاء الجار والتقصير في حقه. ما جاء في فضل من عال يتيماً شرح حديث (من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في فضل من عال يتيماً. حدثنا عثمان و أبو بكر ابنا أبي شيبة المعنى قالا: حدثنا أبو معاوية عن أبي مالك الأشجعي عن ابن حدير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها- قال: يعني الذكور- أدخله الله الجنة) ولم يذكر عثمان : يعني الذكور ]. أورد أبو داود [ باباً في فضل من عال يتيماً ]. يعني: قام على شئونه ورعايته وكفالته والإحسان إليه وتنشئته. واليتيم: هو الذي مات أبوه؛ لأن والده هو الذي يرعاه ويقوم بالإنفاق عليه وبالاكتساب له. فاليتم هو من جهة الأب؛ لأنه هو الذي يسعى لجلب الرزق له، وإذا فقده فإنه يعتبر يتيماً، فإذا أحسن إنسان إلى يتيم وقام مقام أبيه في الرعاية والإحسان إليه؛ فإنه يعتبر كافل اليتيم أو عائلاً لليتيم. أورد أبو داود حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت له أنثى فلم يئدها). يعني: لم يفعل فعل الجاهلية بها، وذلك أنهم كانوا يدفنونها حية؛ وذلك خشية الفقر والعار، وقد جاء ذلك في القرآن: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9]. قوله: [ (ولم يهنها) ] يعني: لم يحصل منه إهانة لها، وإساءة إليها، مثل ما كانوا في الجاهلية، فقد كانوا يسيئون إلى المرأة ويهينونها ولا يعطونها ما تستحق. قوله: (ولم يؤثر ولده عليها) المقصود بالولد الذكر كما جاء عن أحد الرواة: (قال: يعني الذكور) وذلك أن الولد يطلق على الذكور والإناث، كما قال الله عز وجل: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، وكذلك يقال: الأم لها الثلث إذا لم يكن للميت ولد، والولد يطلق على الذكر والأنثى، فالولد سواء كان ذكراً أو أنثى يحجب الأم من الثلث إلى السدس. قوله: [ (أدخله الله الجنة) ] يعني: جزاؤه أن يدخله الله الجنة. والحديث في إسناده ضعف، ولكن الإحسان إلى البنات، وتربيتهن وتنشئتهن والإحسان إليهن جاء فيه أحاديث، ولكن الحديث بهذا الإسناد ضعيف. تراجم رجال إسناد حديث (من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة) قوله: [ حدثنا عثمان و أبو بكر ابنا أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، و إلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. وأما أخوه أبو بكر فهو عبد الله بن محمد ، وهو مشهور بكنيته أبي بكر ، وهو من شيوخ الشيخين، وأخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، و مسلم أكثر من الرواية عنه حتى بلغت أحاديثه التي رواها عنه أكثر من ألف وخمسمائة حديث، وهو أكثر شيخ روى عنه مسلم في صحيحه. [ حدثنا أبو معاوية ]. هو محمد بن خازم الضرير الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي مالك الأشجعي ]. هو سعد بن طارق وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن حدير ]. وهو مستور، أخرج له أبو داود . [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا خالد حدثنا سهيل -يعني ابن أبي صالح - عن سعيد الأعشى ، قال أبو داود : وهو سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل الزهري ، عن أيوب بن بشير الأنصاري رضي الله عنه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة) وهذه الثلاث سواء كن بنات له أو أخوات، كل ذلك يدخل تحت عموم الحديث مادام أنه هو القائم عليهن، وقد أحسن إليهن وعالهن حتى بلغن مبلغ الزواج وزوجهن، حصل منه الإحسان إليهن فجزاؤه الجنة عند الله عز وجل. بالنسبة للأخوات اللاتي مات عنهن أبوهن فقام أخوهن بإعالتهن والإحسان إليهن، فهذا يدخل تحت باب في فضل من عال يتيماً، أما بنات الرجل فلا يعتبرن يتيمات، ولكن الإحسان إليهن فيه الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله سبحانه وتعالى. تراجم رجال إسناد حديث (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة) قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا خالد ]. هو خالد بن عبد الله الطحان الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سهيل يعني ابن أبي صالح ]. سهيل بن أبي صالح وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والبخاري روايته عنه مقرونة. [ عن سعيد الأعشى قال أبو داود : وهو سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل الزهري ]. سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل الزهري وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و الترمذي . [ عن أيوب بن بشير الأنصاري ]. أيوب بن بشير الأنصاري له رؤية، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و الترمذي . [ عن أبي سعيد الخدري ]. أبو سعيد الخدري رضي الله عنه اسمه سعد بن مالك بن سنان ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث في إسناده هذا الرجل المقبول، ولكنه قد جاء ما يدل على فضل من عال ثلاث بنات وأحسن إليهن، أو عدداً من البنات وأحسن إليهن في أحاديث عدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. طريق أخرى لحديث (...من عال ثلاث بنات...) مع ترجمة رجال الإسناد قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير عن سهيل بهذا الإسناد بمعناه قال: (ثلاث أخوات، أو ثلاث بنات، أو بنتان، أو أختان) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه أنه فصل في التي حصل إعالتهن أنهن ثلاث بنات أو أخوات أو بنتان أو أختان. قوله: [ حدثنا يوسف بن موسى ]. يوسف بن موسى هو صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي في مسند علي و ابن ماجة . [ حدثنا جرير ]. هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهيل بهذا الإسناد ]. أي: بالإسناد المتقدم. شرح حديث (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا النهاس بن قهم حدثني شداد أبو عمار عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة -وأومأ يزيد بالوسطى والسبابة- امرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال حبست نفسها على يتاماها حتى بانوا أو ماتوا) ]. أورد أبو داود حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة -وأومأ يزيد بالوسطى والسبابة- امرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال). يعني: تأيمت من زوجها ومات عنها وعندها بنات، فلم تتزوج من أجل أن ترعاهن وتحافظ عليهن، فآثرت البقاء بدون زوج مع بناتها للإحسان إليهن وتربيتهن وتنشئتهن، وهي ذات منصب وجمال ليست مرغوباً عنها، بل فيها من الصفات ما يقتضي الرغبة فيها، ولكنها آثرت البقاء معهن دون أن تتزوج. قوله: [ (سفعاء الخدين) ] السفع: المقصود به حصول كدرة أو شيء يغير لون البشرة، وقيل: إنه بسبب أنها لم تتزوج فلا تحتاج إلى التجمل، ولا إلى أن تتهيأ للزوج، بل بقيت على هذا الوصف بسبب ترك التزين، لا أن ذلك عيب فيها أو أنه شيء في أصل خلقتها، وإنما هو بسبب ابتعادها أو تركها للزواج وتركها التجمل والتزين للزوج. قوله: [ (ذات منصب وجمال) ] هذا ليس له مفهوم، بمعنى أن هذا الأجر لا يكون إلا لمن تكون كذلك، بل إن غيرها لو حصل منها مثل ما حصل من هذه، فإنه يكون لها ذلك الأجر، ولكن ذكرت ذات المنصب والجمال؛ لأن هذا مما يرغب فيها ومما يشجع على الإقدام على خطبتها والزواج منها، فكونها ذات شرف وذات حسب ومع ذلك جميلة فإن النفوس تطمع فيها وترغب فيها؛ ولهذا جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله: (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله) يعني: دعته إلى نفسها وهي متصفة بهذه الصفات التي تدعوه إلى الميل إليها والرغبة فيها، ولكنه لبعده عن الفاحشة وبعده عن معصية الله عز وجل امتنع من ذلك وقال: إني أخاف الله. تراجم رجال إسناد حديث (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة...) قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع ]. مسدد مر ذكره. و يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا النهاس بن قهم ]. النهاس بن قهم وهو ضعيف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ حدثني شداد أبو عمار ]. شداد أبو عمار وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عوف بن مالك الأشجعي ]. عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. ويفهم من الحديث الحث على عدم الزواج لمن مات عنها زوجها، لكن هذا يرجع إلى حالها وإلى ما تعرفه من نفسها، فإذا كان عندها أولاد والزواج يؤثر في ضياعهم، وهي أيضاً كذلك عندها صبر ولا تخشى على نفسها من الفتنة ومن الأمور المحرمة، فلا شك أن بقاء المرأة دون زواج من أجل أولادها أمر مطلوب، لكن الحديث ضعيف. شرح حديث (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن ضم اليتيم. حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان أخبرنا عبد العزيز -يعني ابن أبي حازم - حدثني أبي عن سهل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة. وقرن بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب فيمن ضم اليتيم ]. يعني: أنه كفله وقام برعايته والإحسان إليه، والباب السابق فيمن عال يتيماً. ويمكن أن يحمل ما جاء في الترجمة السابقة على الإنفاق عليه، وهذه الترجمة على أنه أتى به وجعله عنده، وقام برعايته والإحسان إليه، فجمع بين كونه ينفق عليه وبين كونه يباشر تأديبه والإحسان إليه. أورد أبو داود حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة. وقرن بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام). هذا فيه إشارة إلى أنه يكون معه الجنة، ولا يعني ذلك أنه يكون معه في درجته. ولا شك أن هذا خير عظيم، والإنسان إذا دخل الجنة، فإنه يجد فيها كل ما تشتهيه نفسه، ويرى أن هذا الذي هو فيه ليس فوقه شيء، وليس هناك شيء أحسن منه، كما أن المعذبين في النار أهونهم عذاباً يرى أنه ليس هناك أحد أشد منه عذاباً، مع كونه أخف الناس عذاباً. تراجم رجال إسناد حديث (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة...) قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان ]. محمد بن الصباح بن سفيان صدوق، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ أخبرنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم ]. عبد العزيز بن أبي حازم صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني أبي ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهل ]. هو سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا إسناد رباعي وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود . الفرق بين إعالة اليتيم وبين ضمه وكفالته الأحاديث السابقة التي مرت، حديث: (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة). وحديث: (من كانت له أنثى فلم يئدها، ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة). يفهم منها أنه هو المباشر، لكن كأن أبا داود رحمه الله ذكر هناك كونه يعول اليتيم، وهنا ذكر الضم الذي فيه زيادة إحسان، وأنه قد يكون الكافل أجنبياً وليس قريباً لليتيم، وأما تلك الأحاديث ففيها أن الكافل والعائل لليتيم يكون من أوليائه كأمه مثلاً، أو أعمامه. ما جاء في حق الجوار شرح حديث (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى قلت ليورثنه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في حق الجوار. حدثنا مسدد حدثنا حماد عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى قلت: ليورثنه) ]. أورد أبو داود [ باباً في حق الجوار ]. والمقصود بالجوار المجاورة في المسكن، كأن يكون قريباً من الإنسان سواء كان ملاصقاً أو غير ملاصق؛ لأن الجيران متعددون، ولكن من يكون ملاصقاً ويكون بابه قريباً فحقه أعظم وهو مقدم على من يكونون وراءه ومن يكونون أبعد منه، وكلهم لهم حق ولكن هم متفاوتون على حسب القرب. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى قلت: ليورثنه) يعني: أنه ينزل بالوحي الذي فيه الوصية بالجار، حتى ظن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيكون له نصيب من الميراث، وهذا هو الأقرب في معنى الحديث، وبعضهم قال: إنه ينزل منزلة الوارث في التعظيم، ولكن كونه قال: (حتى قلت: ليورثنه) واضح بأنه ظن أنه سيكون له نصيب من الميراث. وهذا يدل على عظم شأن حق الجار، وأنه مادام بهذه المنزلة فحقيق أو حري أن يجعل له نصيب من مال الإنسان إذا مات. فمعنى ذلك أن حق الجار عظيم، وأن الإنسان يحسن إليه ويهدي إليه، ويصل إليه معروفه في حياته مادام أن الرسول صلى الله عليه وسلم ظن أنه سيورث ويجعل له نصيب من ماله إذا مات، وإن لم يحصل التوريث، والتوريث إنما هو للأقارب كما جاء في الكتاب والسنة. وجاءت أحاديث كثيرة تدل على حق الجار وعلى الابتعاد عن أذاه، وأن أذى الجار أعظم من إيذاء غيره؛ لأن له حقاً على جاره، ولهذا جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) وقال صلى الله عليه وسلم: (والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه) يعني: غوائله وشروره. وقوله: [ (حتى قلت: ليورثنه) ]. يمكن أن يكون قسماً، مثل قول الرجل لأخيه: لتفعلن، ولم يذكر لفظ الجلالة، فهذا يحتمل القسم وغيره. تراجم رجال إسناد حديث (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى قلت ليورثنه) قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا حماد ]. هو حماد بن زيد بن درهم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وإذا جاء مسدد يروي عن حماد، فالمقصود به ابن زيد كما أن موسى بن إسماعيل إذا جاء يروي عن حماد فالمقصود به حماد بن سلمة ، وذكر المزي ذلك في تهذيب الكمال. [ عن يحيى بن سعيد ]. هو يحيى بن سعيد الأنصاري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بكر بن محمد ]. [ عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرة ]. هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وهي الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. و عمرة كثيرة الرواية عن عائشة .
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() شرح حديث (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى : حدثنا سفيان عن بشير أبي إسماعيل عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (أنه ذبح شاة فقال: أهديتم لجاري اليهودي؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بعد الحديث السابق، وفيه نفس ما في الحديث الذي سبق، والحديث هنا يحمل على العموم، وأن حق الجوار يكون لكل جار، سواء كان مسلماً أو كافراً، وسواء كان طائعاً أو عاصياً. وأهم شيء يكون للجيران من الحقوق إذا كانوا كفاراً أو كانوا فسقة نصحهم ودعوتهم إلى الخير. و عبد الله بن عمرو رضي الله عنه كان له جار يهودي فلما ذبحوا شاة قال: أطعمتم جارنا اليهودي؟ ثم ذكر الحديث، وهو يدل على أن الحديث عام يشمل الإحسان إلى كل جار سواء كان مسلماً أو كافراً؛ لأنه إذا كان مسلماً فله حق الإسلام والجوار، وإن كان كافراً فله حق الجوار فقط، وإن كان قريباً مع كونه مسلماً فله حق الإسلام والقرابة والجوار. تراجم رجال إسناد حديث (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ]. هو محمد بن عيسى الطباع وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا سفيان ]. هو سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بشير أبي إسماعيل ]. وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن مجاهد ]. هو مجاهد بن جبر المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمرو ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمرو بن العاص ، و عبد الله بن عباس ، و عبد الله بن الزبير ، و عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين. شرح حديث الرجل الذي شكا جاره إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة حدثنا سليمان بن حيان عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يشكو جاره، فقال: اذهب فاصبر، فأتاه مرتين أو ثلاثاً، فقال: اذهب فاطرح متاعك في الطريق. فطرح متاعه في الطريق، فجعل الناس يسألونه فيخبرهم خبره، فجعل الناس يلعنونه: فعل الله به وفعل وفعل، فجاء إليه جاره فقال له: ارجع لا ترى مني شيئاً تكرهه) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فأمره بالصبر، ثم عاد إليه بعد ذلك فقال: خذ متاعك واجلس على الطريق، ففعل ذلك فكان من مر به سأله، قال: من أجل كذا وكذا، فصار الناس يسبون جاره، فتأذى وتألم جاره وجاء وقال له: ارجع ولا ترى مني إلا خيراً. وهذا يدلنا على فضل الإحسان إلى الجار والبعد عن أذاه، وأن في أذاه ضرراً، وأن الإنسان إذا حصل له شيء من الأذى، فإنه يصبر على أذى جاره ولو أساء إليه. تراجم رجال إسناد حديث الرجل الذي شكا جاره إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: [ حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة ]. هو الربيع بن نافع أبو توبة الحلبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . و أبو توبة هذا هو الذي جاءت عنه الكلمة المشهورة: أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ستر لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن من اجترأ عليه اجترأ على غيره. [ حدثنا سليمان بن حيان ]. هو أبو خالد الأحمر وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. يأتي أحياناً ذكره أبو خالد الأحمر ، وأحياناً يذكر باسمه كما هنا، ومعرفة كنى المحدثين فائدتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين، فإذا جاء في إسناد أبو خالد الأحمر ، وجاء في إسناد آخر سليمان بن حيان ، فالذي لا يعرف أن سليمان بن حيان هو أبو خالد الأحمر وأن هذه كنيته يظن أبا خالد الأحمر شخصاً و سليمان بن حيان شخصاً آخر، وهما شخص واحد. [ عن محمد بن عجلان ]. هو محمد بن عجلان المدني وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. و محمد بن عجلان ذكروا في ترجمته أن أمه حملت به ثلاث سنين. [ عن أبيه ]. هو عجلان وهو لا بأس به، وهي بمعنى صدوق، وقد أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر السبعة من الصحابة الذين اشتهروا بكثرة الحديث رضي الله تعالى عنهم. المقصود باللعن في قوله (فجعل الناس يلعنونه) قوله: [ (فجعل الناس يلعنونه) ]. يعني: يسبونه، عبر باللعن عن السب؛ لأن لعن المعين لا يجوز، ولكن اللعن هنا هو بمعنى السب، ومثله الحديث الآخر الذي قال فيه: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتدعون لهم ويدعون لكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم) معناه السب. شرح حديث (... من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) وهذا من أدلة إكرام الضيف والإحسان إليه. قوله: [ (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) ] يعني: لا يصل إليه منه أذى، بل يصل إليه الإحسان والبر، ويبعد عنه ضره وشره، ويكف عنه الأذى. قوله: [ (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) ] يعني: إن كان متكلماً فليتكلم بخير وإلا فليسكت؛ لأن الإنسان إذا كان كلامه في خير نفعه، وإن كان كلامه في غير ذلك فإنه يضره، والسكوت خير له من الكلام الذي يترتب عليه مضرة. ويأتي في الكتاب والسنة الجمع بين الإيمان بالله واليوم الآخر؛ لأن الإيمان بالله هو الأصل والإيمان بالملائكة والكتب والرسل وغير ذلك تابعة للإيمان بالله، فمن لا يؤمن بالله لا يؤمن بهذه الأشياء. فالجمع بين الإيمان بالله واليوم الآخر؛ لأن الإيمان بالله هو الأصل، واليوم الآخر فيه تذكير بالجزاء والحساب، وأن على الإنسان أن يستعد لذلك اليوم ويخشى العقوبة فيه؛ ولهذا جاء الجمع بينهما في هذه الأمور الثلاثة. ومن ذلك في القرآن قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء:59] وقال تعالى: (ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [البقرة:232] والسنة منها هذا الحديث ومنها (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم) ويأتي كثيراً في الكتاب والسنة الجمع بين ركنين من أركان الإيمان الستة. تراجم رجال إسناد حديث (... من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره...) قوله: [ حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني ]. محمد بن المتوكل العسقلاني صدوق، أخرج حديثه أبو داود . [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. وقد مر ذكره. شرح حديث (قلت يا رسول الله إن لي جارين بأيهما أبدأ؟ قال بأدناهما باباً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد و سعيد بن منصور أن الحارث بن عبيد حدثهم عن أبي عمران الجوني عن طلحة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قلت: يا رسول الله! إن لي جارين بأيهما أبدأ؟ قال: بأدناهما باباً). قال أبو داود : قال شعبة في هذا الحديث: طلحة رجل من قريش ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن لي جارين فبأيهما أبدأ؟ قال: بأقربهما باباً) وهذا إذا لم يمكن الإحسان إليهما جميعاً، وكان ما يراد إيصاله لا يكفي للاثنين، فلا بد من تقديم وتأخير فيقدم من كان أقرب باباً؛ وذلك لأن من كان أقرب باباً يرى ما يدخل ويخرج فتتشوف نفسه، بخلاف الذي يكون بابه ليس قريباً من الباب، فإنه لا يرى ما يدخل إلى بيت جاره. ثم أيضاً من يكون قريب الباب يحتاج إلى إسعاف أو معونة عند حصول أمر طارئ، فهو يحتاج إلى المبادرة والوصول بسرعة، فإن من يكون أقرب باباً يتحقق به ذلك بخلاف البعيد. فإذاً: إذا لم يمكن الإحسان إلى عدد من الجيران واحتاج إلى أن يقدم ويؤخر فالذي يقدم من يكون أقرب باباً، كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. تراجم رجال إسناد حديث (قلت يا رسول الله إن لي جارين بأيهما أبدأ؟ قال بأدناهما باباً) قوله: [ حدثنا مسدد بن مسرهد و سعيد بن منصور ]. سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن الحارث بن عبيد ]. الحارث بن عبيد وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأبو داود و الترمذي . [ عن أبي عمران الجوني ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن طلحة ]. هو طلحة بن عبد الله وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وقد مر ذكرها. [ قال أبو داود قال: شعبة في هذا الحديث: طلحة رجل من قريش ]. يعني: هذا الشخص الذي ذكره هنا عرفه بأنه رجل من قريش، وهو طلحة بن عبد الله التيمي . الأسئلة عدم دلالة حديث(اطرح متاعك في الطريق) على جواز المظاهرات السؤال: حديث أبي هريرة في الرجل الذي جاء يشكو جاره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اطرح متاعك في الطريق) استدل به بعض الناس على جواز المظاهرات، فهل هذا صحيح؟ الجواب: هؤلاء يتشبثون بخيوط العنكبوت كما يقال، ويبحثون عن شيء يبنون عليه باطلهم. المظاهرات من قبيل الفوضى، وهذا الرجل أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يفعل ذلك حتى إن جاره يتأثر بسبب ذلك. ثم أيضاً في هذا الزمان لا يقال: إن كل من يشتكي جاره يكون مصيباً، قد يكون هذا الذي يشتكي جاره هو الأظلم، بخلاف هذا الذي أرشده الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه مظلوم. في هذا الزمان بعض الجيران يحصل بينه وبين جاره شيء، وكل واحد يقول إنه يؤذيني، وقد يكون هذا الذي خرج وأظهر متاعه أسوأ من ذلك الذي لم يخرج متاعه، فلا يقال إن الحديث على إطلاقه في كل جار؛ لأن أحوال الناس تتفاوت وتتغير، مثل ما مر بنا في حديث ابن عمر في البر من كون أبيه عمر رضي الله عنه قال له: طلق امرأتك! فالناس يتفاوتون، فبعض الآباء قد يكون هو نفسه السيئ، وقد يكون نفسه هو الذي عنده انحراف وعنده فسق، والزوجة تكون صالحة، فلا يقال: إن كل أب يكون مثل عمر ، ولا يقال أيضاً: كل جار يكون مثل هذا الذي أرشده الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يخرج متاعه إلى الطريق. درجة حديث (جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم) السؤال: ما حكم حديث: (جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم)؟ الجواب: هذا حديث ضعيف، لكن إذا حصل منهم إفساد أو ضرر فهذا مطلوب، وأما إذا لم يحصل فإن السنة جاءت بالإتيان بالصبيان إلى المسجد، وفي الحديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل في الصلاة يريد التطويل ثم يسمع بكاء الصبي فيخفف الصلاة) أي: خوفاً على أمه وشفقة عليها، وهذا يدل على الإتيان بهم. حال أثر ابن عمر أنه كان يستحب قراءة القرآن عند الدفن السؤال: ما صحة هذه الرواية: أن عبد الله بن عمر أوصى أن يقرأ عند دفنه بفواتح البقرة وخواتيمها، وقد أجاز الإمام أحمد ذلك، ونقل عن بعض الأنصار أنه أوصى أن يقرأ عند قبره بالبقرة؟ الجواب: لا أعلم شيئاً ثابتاً في هذا، ومعلوم أن المقابر لا يفعل فيها إلا ما قد ورد، وهي إنما يذهب إليها لدفن الجنائز ولزيارة القبور، أما أن يقرأ فيها على أصحابها القرآن فإنا لا نعلم شيئاً ثابتاً في ذلك، لا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة. كيفية التعامل مع الجار المبتدع السؤال: يقول السائل: كيف أعامل جاري المبتدع، مع أني نصحته في بدعته عدة مرات وهو مصر عليها؟ الجواب: احرص على هدايته ولا تيئس، وتكلم معه وزوده بالأشرطة وبالكتب المفيدة. كيفية الجمع بين الإحسان إلى الجار النصراني وبين بغضه لكفره السؤال: وهذا يقول: لي جار نصراني، فكيف أجمع بين الإحسان إليه وبغضه وعدم ابتدائه بالسلام، وهو أحياناً يؤذيني ببعض المنكرات؟ الجواب: لا تنافي بين الإحسان وعدم البدء بالسلام؛ لأن الإنسان يأتي بما جاء في السنة، فيأتي بكونه يبغضه في الله عز وجل وكونه يحسن إليه بحكم الجوار، وأعظم الإحسان إليه هو أن يدعى إلى الإسلام وأن يسعى إلى هدايته، مثل ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو الذي قال فيه: (هل أعطيتم جارنا اليهودي؟) يعني: من تلك الشاة التي ذبحوها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوصي بالجار حتى قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه). جزاء من أنفقت على أبنائها بسبب فقر زوجها أو بخله السؤال: المرأة التي يكون لها زوج لا ينفق على أبنائه بما يكفيهم، إذا أنفقت عليهم من مالها فهل تدخل في الأحاديث التي فيها الإحسان إلى البنات؟ الجواب: لاشك أن كل من أحسن فله أجر إحسانه، وإذا كان زوجها فقيراً وقد عملت ما عملت فلا شك أن هذا خير لها، وإذا كان أيضاً غنياً ولكنه بخيل وفعلت ما فعلت فلا شك أنه خير لها، ففي جميع الأحوال هي على خير. حكم من وجد نقوداً في الحرم السؤال: يقول شخص: وجدت خمسة ريالات في الحرم، فهل آخذها أو أتصدق بها أم ماذا أفعل؟ الجواب: إذا تصدقت بها عن صاحبها فهذا أمر حسن. حكم تسمية اليهود بأبناء القردة والخنازير السؤال: هل تسمية اليهود بأبناء القردة والخنازير محرمة شرعاً؟ الجواب: جاء في الأحاديث أن بعضهم مسخوا إلى قردة وخنازير، لكن الذين مسخوا ليس لهم نسل، كما جاء في الحديث عن أم سلمة : (أنه ليس للأمة التي مسخت نسل) فقد عرفنا في الحديث أن الذين مسخوا ليس لهم نسل، ولكن لاشك أنهم إخوان القردة والخنازير وأشباه القردة والخنازير. حكم مبيت المرء منفرداً السؤال: هل النهي في بيات الرجل وحده للتحريم أو الكراهة؟ وهل يدخل في ذلك بيات الرجل في غرفة وحده في فندق مثلاً؟ الجواب: الذي يبدو أن النهي للكراهة وليس للتحريم، أما من نام في غرفة وحده في الفندق فهذا لا يعتبر بات وحده؛ لأنه لو حصل له شيء فإنه يستطيع أن يطرق الباب إذا كان عنده مشكلة كمرض أو غير ذلك ويأتيه الناس، لكن الذي يكون في مكان وحده أو في غرفة والغرفة في بيت كبير قد يحصل له أمر يعوقه فيحتاج إلى من يسعفه، ويحتاج إلى من يساعده ويغيثه فلا يتمكن."
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [586] الحلقة (616) شرح سنن أبي داود [586] حث الشرع على الرحمة والعطف، ونهى عن الإيذاء والغلظة، فنهى عن قذف المملوك وإيذائه والتعدي عليه بالضرب ونحوه وجعل كفارة ذلك عتقه، وأمر المالك أن يطعمه ويكسوه ويعفو عنه ولا يكلفه من العمل ما لا يطيق. والمملوك إذا نصح لسيده وأحسن عبادة ربه فله أجره مرتين، وقد نهى الشرع عن إفساد المملوك عن سيده بأن يتمرد عليه ويعامله معاملة سيئة. ما جاء في حق المملوك شرح حديث (كان آخر كلام رسول الله الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في حق المملوك. حدثنا زهير بن حرب و عثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا محمد بن الفضيل عن مغيرة عن أم موسى عن علي رضي الله عنه قال: (كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم) ]. أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باباً في حق المملوك والمقصود بذلك ملك اليمين، وهم الأرقاء من الذكور والإناث، هؤلاء هم ملك اليمين الذين لهم حقوق قد جاء بيانها في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد يدخل في ملك اليمين ما يملكه الإنسان من الدواب، فإن على من يملكها الإحسان إليها، وذلك بإطعامها وعدم إيذائها وإلحاق الضرر بها. أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخر ما قال: (الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم) وفي بعض الألفاظ: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) أي: أن المقصود بذلك الحث والاهتمام والعناية بالصلاة، وذلك بالمحافظة عليها وإقامتها وأدائها كما شرع الله عز وجل وكما أوجب، والتقدير: الزموا الصلاة أو أقيموا الصلاة أو حافظوا عليها أو غير ذلك من العبارات؛ لأن لفظ الصلاة منصوب بفعل محذوف تقديره الزموا الصلاة أو أقيموا الصلاة. وكذلك أيضاً ملك اليمين على الإنسان أن يتقى الله عز وجل في ملك اليمين، وذلك بأن يحسن إليه ويعطي حقه ولا يظلم، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق كما جاء ذلك في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكون النبي صلى الله عليه وسلم أوصى في آخر ما أوصى بهذين الأمرين اللذين هما الصلاة وملك اليمين يدل على عظم شأنهما. ولاشك أن الصلاة جاء فيها نصوص كثيرة تدل على عظم شأنها وعلى أهميتها، فجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وصية بها في آخر ما أوصى به، وجاء بأنها آخر ما يفقد، وجاء أنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وجاء أنها عمود الإسلام. وجاءت الوصية بملك اليمين؛ وذلك لأنه قد يظلم لضعفه، فجاءت السنة بالحث على أداء حقه فلا يظلم ولا يبخس حقه، وعدم التفريط وعدم التقصير في ذلك. تراجم رجال إسناد حديث (كان آخر كلام رسول الله الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم) قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ]. هو زهير بن حرب أبو خيثمة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ وعثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا محمد بن الفضيل ]. هو محمد بن فضيل بن غزوان وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مغيرة ]. هو مغيرة بن مقسم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أم موسى ]. أم موسى وهي مقبولة، أخرج لها البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والنسائي وابن ماجة. [ عن علي ]. علي رضي الله عنه أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. وهذا الحديث له شواهد عن أنس رضي الله عنه، فلا يؤثر فيه وجود هذه المرأة المقبولة. شرح حديث أبي ذر (...إنهم إخوانكم فضلكم الله عليهم...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن المعرور بن سويد قال: (رأيت أبا ذر رضي الله عنه بالربذة وعليه برد غليظ وعلى غلامه مثله، قال: فقال القوم: يا أبا ذر لو كنت أخذت الذي على غلامك فجعلته مع هذا فكانت حلة، وكسوت غلامك ثوباً غيره، قال: فقال أبو ذر : إني كنت ساببت رجلاً وكانت أمه أعجمية فعيرته بأمه، فشكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال: يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية، فقال: إنهم إخوانكم فضلكم الله عليهم، فمن لم يلائمكم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله) ]. أورد أبو داود حديث أبي ذر رضي الله عنه أن المعرور بن سويد قال: لقيت أبا ذر في الربذة وعليه برد غليظ وعلى غلامه مثله، فقلت: لو أنك أخذت البرد الذي على غلامك وأضفته إلى البرد الذي معك فصار حلة، يعني: إزاراً ورداء؛ لأن البرد هو شيء واحد ولباس واحد، وإذا كان من إزار ورداء فيقال له: حلة؛ لأن كلمة حلة تطلق على شيئين: إزار ورداء، فيقال للاثنين حلة، ويقال للثوب الواحد الذي يكون على الإنسان: برد، ويقال له: ثوب. فقال له: لو أنك جعلت هذا الذي على غلامك وأضفته إلى البرد الذي معك لصار حلة لك، من إزار ورداء من شكل واحد ومن جنس واحد، واشتريت لغلامك برداً غير هذا، فأخبر بأنه حصل له قصة وأنه ساب رجلاً وعيره بأمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنك امرؤ فيك جاهلية، ثم قال: إنهم إخوانكم فضلكم الله عليهم، فمن لم يلائمكم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله). فعند ذلك صار يعامل غلامه مثل ما يعامل نفسه، وإن كان لا يلزمه أن يسوي بينه وبينه، بل عليه أن يكسوه وأن يطعمه وليس بلازم أن يسوي بينه وبينه، لكن لما حصل منه ما حصل والرسول صلى الله عليه وسلم قال ما قال صار يعامله معاملة نفسه، يكسوه كما يكتسي ويطعمه كما يطعم رضي الله عنه وأرضاه. قوله: [ (إني كنت ساببت رجلاً وكانت أمه أعجمية فعيرته بأمه) ]. يعني: قال: يا ابن فلانة ونسبها إلى جنسها. قوله: [ (إنك امرؤ فيك جاهلية) ]. يعني: هذه من صفات الجاهلية، وقد يجتمع في المسلم أن يكون عنده إيمان وعنده صفة من صفات الجاهلية. وكذلك الإحسان إلى الخادم والخادمة مثل الإحسان إلى المملوك ولاشك أنه من جنسه؛ لأنه يعمل مثل ما يعمل المملوك فهو تحت إمرته وتحت ولايته، فكذلك يعامله معاملة المملوك من ناحية الإحسان إليه، وأنه لا يكلفه ما لا يطيق، لكن الكسوة على حسب الاتفاق، إذا كان بينه وبينه أنه يكسوه وإلا فهو الذي يكسو نفسه؛ لأنه يعمل بأجرة، وهو ليس مثل العبد المملوك؛ فالمملوك ملك لسيده وخراجه إذا اشتغل هو لسيده وكل منافعه. تراجم رجال إسناد حديث أبي ذر (...إنهم إخوانكم فضلكم الله عليهم ...) قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة مر ذكره. [ حدثنا جرير ]. هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن المعرور بن سويد ]. المعرور بن سويد مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وقد ذكر في ترجمته أن الأعمش قال عنه: لقيت المعرور بن سويد وعمره مائة وعشرون سنة وكان أسود شعر الرأس واللحية. [ رأيت أبا ذر ]. أبو ذر هو جندب بن جنادة رضي الله عنه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث أبي ذر (...إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ) من طريق ثانية قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد قال: (دخلنا على أبي ذر رضي الله عنه بالربذة فإذا عليه برد وعلى غلامه مثله، فقلنا: يا أبا ذر لو أخذت برد غلامك إلى بردك فكانت حلة، وكسوته ثوباً غيره، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يأكل وليكسه مما يلبس، ولا يكلفه ما يغلبه؛ فإن كلفه ما يغلبه فليعنه) قال: أبو داود : رواه ابن نمير عن الأعمش نحوه ]. أورد أبو داود حديث المعرور بن سويد عن أبي ذر رضي الله عنه وفيه: أنهم لقوه بالربذة وعليه برد وعلى غلامه برد، فقالوا: لو أخذت برد غلامك إلى بردك وكسوت غلامك برداً آخر، فقال: إنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم) يعني: ملككم إياهم، فصرتم تتصرفون فيهم وهم إخوانكم. قوله: [ (فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يأكل، وليكسه مما يلبس) ]. وهذا هو الذي جعل أبا ذر رضي الله عنه يكسوه كما يكسو نفسه ويسوي بينه وبين نفسه، والتسوية ليست بلازمة، بحيث يشتري لغلامه ما يشتريه لنفسه، ولكنه يحسن إليه ويكسوه من جنس ما يلبس، وإن لم يكن مثله تماماً. قوله: [ (ولا يكلفه ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه) ]. يعني: فلا تكلفوهم ما يغلبهم وإن كلفتموهم ما يشق عليهم فأعينوهم، إما بأنفسكم وإما بقيام غيركم ممن تسندون إليه ذلك وتكلفونه بذلك. تراجم رجال إسناد حديث أبي ذر (...إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ) من طريق ثانية قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي . [ حدثنا عيسى بن يونس ]. هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد قال: دخلنا على أبي ذر ]. وقد مر ذكر الثلاثة. [ قال أبو داود : رواه ابن نمير عن الأعمش نحوه ]. هذه طريق أخرى، وابن نمير هو عبد الله بن نمير وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث أبي مسعود (كنت أضرب غلاماً لي فسمعت من خلفي صوتاً ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد العلاء حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا ابن المثنى حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: (كنت أضرب غلاماً لي فسمعت من خلفي صوتاً: اعلم أبا مسعود ، قال ابن المثنى : مرتين، الله أقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقلت: يا رسول الله! هو حر لوجه الله تعالى، قال: أما إنك لو لم تفعل للفعتك النار، أو لمسَّتك النار) ]. أورد أبو داود حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه: أنه كان له غلام وكان يضربه، فسمع صوتاً من ورائه يقول: اعلم أبا مسعود الله أقدر عليك منك عليه. يعني: أن قدرة الله عليك أعظم من قدرتك عليه، وكما أنك قادر عليه فإن الله تعالى قادر عليك وقادر على كل شيء، وكما أنك فوقه فالله فوقك وهو فوق كل شيء، وهو قاهر لكل شيء وغالب لكل شيء وهو على كل شيء قدير سبحانه وتعالى. وهذا فيه تذكير بالله عز وجل وأن من كان له قدرة وحصل منه إخلال في الشيء الذي أوجبه الله عز وجل عليه وفي الشيء الذي يلزمه مما هو قادر عليه فإنه يذكر بقدرة الله عز وجل عليه، وأن الله عز وجل يجازيه، وقد يحصل له ذلك في الدنيا أو يؤخر ذلك في الآخرة، إذا لم يتجاوز الله سبحانه وتعالى عنه. قوله: [ (فقلت: يا رسول الله! هو حر لوجه الله تعالى، قال: أما إنك لو لم تفعل للفعتك النار) ]. يعني: آذتك وأصابتك وأحاطت بك، كما يقال: تلفع في ثوبه، يعني: أنه أحاط به نفسه وأداره على نفسه، مثل ما جاء في الحديث: (متلفعات بمروطهن ما يعرفهن أحد من الغلس) يعني: النساء اللاتي كن يصلين مع الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر. قوله: [ (أو لمستك النار) ] يعني: أصابتك، وهذا يدل على أن العتق فيه تكفير لذلك الذنب الذي قد حصل منه، وهو كونه ضرب مملوكه، لكن هذه الكفارة ليست على سبيل الوجوب. تراجم رجال إسناد حديث أبي مسعود (كنت أضرب غلاماً لي فسمعت من خلفي صوتاً ...) قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو معاوية ]. هو محمد بن خازم الضرير الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا ابن المثنى ]. هو محمد بن المثنى هو الملقب بالزمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو معاوية عن الأعمش ]. أبو معاوية شيخ الاثنين والصيغة واحدة، فلا أدري ما وجه كونه حول بعد الشيخ بعد ما ذكره مرتين؛ لأن طريقته في مثل هذا أن يقول: عن فلان وفلان قالا: كذا، لكن جاء في عون المعبود: حدثنا محمد بن العلاء ح وأخبرنا ابن المثنى حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، وبهذا تظهر مناسبة التحويل. [ عن الأعمش عن إبراهيم التيمي ]. هو إبراهيم بن يزيد التيمي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو يزيد بن شريك وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي مسعود الأنصاري ]. هو أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. طريق ثانية لحديث أبي مسعود الذي فيه ضربه لغلامه وتراجم رجال الإسناد قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو كامل حدثنا عبد الواحد عن الأعمش بإسناده ومعناه نحوه، قال: (كنت أضرب غلاماً لي أسود بالسوط) ولم يذكر أمر العتق ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله إلا أنه ليس فيه ذكر العتق. قوله: [ حدثنا أبو كامل ]. هو أبو كامل الفضيل بن حسين الجحدري وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأبو داود والنسائي . [ حدثنا عبد الواحد ]. هو عبد الواحد بن زياد وهو ثقة في حديثه عن الأعمش وحده مقال، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش بإسناده ومعناه ]. يعني: وإن كان هنا في الإسناد مقال، لكن الإسناد الأول من طريق أبي معاوية وهو من أثبت الناس في الأعمش . طريق ثالثة لحديث أبي ذر في الإحسان إلى المملوك وتراجم رجال الإسناد قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عمرو الرازي حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن مورق عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من لاءمكم من مملوكيكم فأطعموه مما تأكلون، واكسوه مما تلبسون، ومن لم يلائمكم منهم فبيعوه، ولا تعذبوا خلق الله) ]. أورد أبو داود حديث أبي ذر رضي الله عنه الذي تقدم، ولكن جاء به من طريق أخرى وبلفظ فيه شيء من المغايرة قال: (من لاءمكم من مملوكيكم فأطعموه مما تأكلون، واكسوه مما تلبسون، ومن لم يلائمكم منهم فبيعوه، ولا تعذبوا خلق الله). قوله: [ حدثنا محمد بن عمرو الرازي ]. محمد بن عمرو الرازي ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة . [ حدثنا جرير عن منصور ]. جرير مر ذكره. و منصور هو ابن المعتمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مجاهد ]. هو مجاهد بن جبر المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مورق ]. هو مورق العجلي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي ذر ]. أبو ذر رضي الله عنه، وقد مر ذكره. شرح حديث (حسن الملكة يمن وسوء الخلق شؤم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن عثمان بن زفر عن بعض بني رافع بن مكيث عن رافع بن مكيث رضي الله عنه -وكان ممن شهد الحديبية مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (حسن الملكة يمن وسوء الخلق شؤم) ]. أورد أبو داود حديث رافع بن مكيث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حسن الملكة يمن، وسوء الخلق شؤم). وفي بعض الروايات: (نماء) وهو بمعنى يمن. وإحسان الإنسان إلى مماليكه يمن، وذلك أن الإنسان عندما يحسن إلى المملوك، فإن المملوك يرتاح فيعامله معاملة طيبة ويكون يمناً عليه ولا يكون شؤماً ولا ضرراً عليه؛ لأن سيده أحسن إليه فيقابل إحسان سيده بأن يعامله المعاملة الطيبة، بخلاف ما إذا عامله معاملة سيئة؛ فإنه قد يعامله معاملة سيئة جزاء بالمثل، والحديث في إسناده شخص مجهول وهو عثمان بن زفر . تراجم رجال إسناد حديث (حسن الملكة يمن وسوء الخلق شؤم) قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى ]. إبراهيم بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عثمان بن زفر ]. عثمان بن زفر وهو مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن بعض بني رافع بن مكيث ]. وقد جاء في الطريقة الثانية تسميته وهو الحارث بن رافع. و الحارث بن رافع مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن رافع بن مكيث ]. رافع بن مكيث صحابي، أخرج له أبو داود . كذلك محمد بن خالد بن رافع بن مكيث هو حفيد رافع بن مكيث وهو مستور، أخرج له أبو داود . طريق أخرى لحديث (حسن الملكة يمن...) وتراجم رجال الإسناد قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن المصفى حدثنا بقية حدثنا عثمان بن زفر حدثني محمد بن خالد بن رافع بن مكيث عن عمه الحارث بن رافع بن مكيث -وكان رافع من جهينة قد شهد الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (حسن الملكة يمن، وسوء الخلق شؤم) ]. هذا الحديث مرسل؛ لأنه لم يرو عن رافع ، وهو من جنس الذي قبله. قوله: [ حدثنا ابن المصفى ]. هو محمد بن مصفى صدوق له أوهام، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ حدثنا بقية ]. هو بقية بن الوليد وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عثمان بن زفر عن محمد بن خالد بن رافع بن مكيث عن عمه الحارث بن رافع بن مكيث ]. تقدم ذكرهم. شرح حديث (يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني و أحمد بن عمرو بن السرح -وهذا حديث الهمداني وهو أتم- قالا: حدثنا ابن وهب أخبرني أبو هانئ الخولاني عن العباس بن جليد الحجري قال: سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله! كم نعفو عن الخادم؟ فصمت، ثم أعاد عليه الكلام فصمت، فلما كان في الثالثة قال: اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه حاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كم نعفو عن الخادم؟) يسأل كم مرة يعفو عن الخادم إذا تكرر الخطأ؟ فالرسول صلى الله عليه وسلم صمت وسكت فلم يجبه، ولما كرر قال: (اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة). يعني: أنه يعفى عنه ويكرر العفو عنه ولو بلغ سبعين مرة، وهذا يدل على أنه ليس هناك تحديد أنه يعفو عنه مرة أو مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً، وإنما يعفو عنه باستمرار. تراجم رجال إسناد حديث (يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟...) قوله: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ]. أحمد بن سعيد الهمداني صدوق، أخرج له أبو داود . [ و أحمد بن عمرو بن السرح ]. و أحمد بن عمرو بن السرح وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. [ وهذا حديث الهمداني وهو أتم قالا: حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني أبو هانئ الخولاني ]. هو حميد بن هانئ وهو لا بأس به -بمعنى صدوق- أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن. [ عن العباس بن جليد الحجري ]. العباس بن جليد الحجري ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي . [ قال: سمعت عبد الله بن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو أحد العبادله الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (من قذف مملوكه وهو بريء مما قال جلد له يوم القيامة حداً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا ح وحدثنا مؤمل بن الفضل الحراني أخبرنا عيسى حدثنا فضيل -يعني: ابن غزوان - عن ابن أبي نعم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: حدثني أبو القاسم نبي التوبة صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (من قذف مملوكه وهو بريء مما قال جلد له يوم القيامة حداً) قال مؤمل : حدثنا عيسى عن الفضيل -يعني: ابن غزوان - ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قذف مملوكه وهو بريء مما قال) يعني: من القذف. قوله: [ (جلد له يوم القيامة حدّاً) ] يعني: أنه يعاقب بتلك العقوبة؛ لأنه لم يقم عليه الحد في الدنيا؛ لأنه سيده وهو وليه، فعوقب بأن حصل ذلك له يوم القيامة إذ لم يحصل له في الدنيا. تراجم رجال إسناد حديث (من قذف مملوكه وهو بريء مما قال جلد له يوم القيامة حداً) قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: أخبرنا ح وحدثنا مؤمل بن الفضل الحراني ]. صيغة (حدثنا) استخدمها أبو داود مع شيخه إبراهيم بن موسى ومع شيخه مؤمل بن الفضل. وكذلك إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا، كما أن مؤمل بن الفضل قال: أخبرنا، فكلا الشيخين اتفقا، لكن جاء في عون المعبود: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: أنبأنا ح وأخبرنا مؤمل بن الفضل الحراني قال: أخبرنا عيسى . فيكون هناك فرق في الصيغة من أبي داود نفسه، ثم أيضاً الشيخ الأول قال: أنبأنا، والثاني قال:حدثنا، وهذا هو الذي يناسب الإتيان بالتحويل، وإلا فإنه لا فرق بين الصيغ كما هنا. ومؤمل بن الفضل الحراني صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي. [ أخبرنا عيسى ]. هو عيسى بن يونس مر ذكره. [ حدثنا فضيل يعني: ابن غزوان ]. فضيل بن غزوان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي نعم ]. هو عبد الرحمن بن أبي نعم وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. [ قال مؤمل : حدثنا عيسى عن الفضيل يعني: ابن غزوان ]. الظاهر أنه ساقه من طريق إبراهيم بن موسى الشيخ الأول.
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() شرح حديث (..لقد رأيتنا سابع سبعة من ولد مقرن وما لنا إلا خادم فلطم أصغرنا وجهها فأمرنا النبي بعتقها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا فضيل بن عياض عن حصين عن هلال بن يساف قال (كنا نزولاً في دار سويد بن مقرن رضي الله عنه، وفينا شيخ فيه حدة ومعه جارية له فلطم وجهها، فما رأيت سويداً أشد غضباً منه ذاك اليوم، قال: عجز عليك إلا حر وجهها؟! لقد رأيتنا سابع سبعة من ولد مقرن وما لنا إلا خادم، فلطم أصغرنا وجهها فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعتقها) ]. أورد أبو داود حديث سويد بن مقرن رضي الله عنه عن هلال بن يساف قال: (كنا نزولاً في دار سويد بن مقرن ، وفينا شيخ فيه حدة) ]. يعني: فيهم شيخ حاضر. قوله: [ (ومعه جارية له فلطم وجهها فغضب سويد بن مقرن غضباً شديداً وقال: عجز عليك إلا حر وجهها) ]. يعني: عجزت إلا أن تضرب وجهها وتلطمها على وجهها، ومعنى هذا أن الضرب قبيح، ولكن كونه على الوجه أقبح وأقبح وأشد. قوله: [ (لقد رأيتنا سابع سبعة من ولد مقرن وما لنا إلا خادم، فلطم أصغرنا وجهها فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بعتقها) ]. ومعنى ذلك أنهم مشتركون فيها ولكن واحداً منهم لطم الجارية فأمرهم بأن يعتقوها، وهذا مثل الذي قبله؛ لكن قال للذي أعتقها: (أما إنك لو لم تفعل للفعتك النار). وقال في عون المعبود: هذا محمول على أنهم كلهم رضوا بعتقها وتبرعوا به، وإلا فاللطمة إنما كانت من واحد منهم، فسمحوا له بعتقها تكفيراً لذنبه. قاله النووي. وأولاد مقرن سبعة كما ذكر، وفيهم النعمان بن مقرن الذي كان قائد الجيوش لأبي بكر رضي الله عنه في قتال الفرس. و مقرن هو بزنة محدث، ليس كما في عون المعبود أن مقرناً بالفتح. وفي القاموس ذكر أولاد مقرن السبعة وسماهم، وقال عن مقرن : إنه بزنة محدث. ومن فوائد القاموس أنه بضبط الأعلام لاسيما المحدثون. وأذكر أنه لما جاء في مادة (قرب) القاف والراء والباء قال: وكزبير لقب والد الأصمعي -لأن الأصمعي اسمه عبد الملك بن قريب - ورئيس للخوارج يقال له: قريب . تراجم رجال إسناد حديث (..لقد رأيتنا سابع سبعة من ولد مقرن وما لنا إلا خادم فلطم أصغرنا وجهها فأمرنا النبي بعتقها) قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا فضيل بن عياض ]. فضيل بن عياض ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن حصين ]. هو حصين بن عبد الرحمن السلمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هلال بن يساف ]. هلال بن يساف وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن. [ كنا نزولاً في دار سويد بن مقرن ]. سويد بن مقرن وهو صحابي، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . شرح حديث (كنا سبعة على عهد النبي وليس لنا إلا خادم فلطمها رجل منا فقال رسول الله أعتقوها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني سلمة بن كهيل حدثني معاوية بن سويد بن مقرن قال: (لطمت مولى لنا فدعاه أبي ودعاني، فقال: اقتص منه؛ فإنا معشر بني مقرن كنا سبعة على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وليس لنا إلا خادم، فلطمها رجل منا، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أعتقوها، قالوا: إنه ليس لنا خادم غيرها، قال: فلتخدمهم حتى يستغنوا، فإذا استغنوا فليعتقوها) ]. أورد أبو داود حديث سويد بن مقرن من طريق أخرى، وفيه قال معاوية بن سويد بن مقرن : (لطمت مولى لنا، فدعاه أبي ودعاني، فقال: اقتص منه) يعني: قال سويد للمولى: اقتص من معاوية ولدي والطمه كما لطمك. قوله: [ (فإنا معشر بني مقرن كنا سبعة على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وليس لنا إلا خادم، فلطمها رجل منا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أعتقوها، قالوا: إنه ليس لنا خادم غيرها، قال: فلتخدمهم حتى يستغنوا، فإذا استغنوا فليعتقوها) ]. هو مثل الذي قبله، إلا أن فيه زيادة أنهم قالوا إنهم بحاجة إليها فقال: فلتخدمهم! وإذا استغنوا عنها أعتقوها. تراجم رجال إسناد حديث (كنا سبعة على عهد النبي وليس لنا إلا خادم فلطمها رجل منا فقال رسول الله أعتقوها) قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو سفيان الثوري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني سلمة بن كهيل ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني معاوية بن سويد بن مقرن ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: فدعاه أبي ودعاني ]. سويد بن مقرن مر ذكره. شرح حديث (من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد وأبو كامل قالا: حدثنا أبو عوانة عن فراس عن أبي صالح ذكوان عن زاذان قال: (أتيت ابن عمر رضي الله عنهما وقد أعتق مملوكاً له، فأخذ من الأرض عوداً أو شيئاً فقال: مالي فيه من الأجر ما يسوى هذا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر، وفيه: أنه قد أعتق عبداً له، فأخذ عوداً من الأرض وقال: مالي فيه من الأجر مثل هذا. يعني: أنه لم يفعل ذلك ابتداء وإنما فعله كفارة، وهذا مثل حديث أبي مسعود الذي فيه: (أما إنك لو لم تفعل للفعتك النار). فهو هنا قال: ليس لي فيه من الأجر مثل هذا العود. تراجم رجال إسناد حديث (...من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه) قوله: [ حدثنا مسدد وأبو كامل حدثنا أبو عوانة ]. أبو عوانة هو وضاح بن عبد الله اليشكري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن فراس ]. هو فراس بن يحيى الخارفي وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح ذكوان ]. هو أبو صالح ذكوان السمان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زاذان ]. وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن. [ أتيت ابن عمر ]. ابن عمر قد مر ذكره. ما جاء في المملوك إذا نصح شرح حديث (إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في المملوك إذا نصح. حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب ما جاء في المملوك إذا نصح ] يعني: أجره وثوابه عند الله عز وجل. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة ربه فله أجره مرتين) يعني: له أجر على كونه عبد الله عز وجل، وأجر على كونه أحسن إلى سيده أو قام بما يجب لسيده؛ فيثاب على العبادة ويثاب على الإحسان والقيام بالواجب الذي لسيده. تراجم رجال إسناد حديث (إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين) قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمر ]. وقد مر ذكره. وهذا من الأسانيد الرباعية عند أبي داود وهي أعلى الأسانيد، وهذا السند أصح الأسانيد عند البخاري أعني: مالك عن نافع عن ابن عمر . ما جاء فيمن خبب مملوكاً على مولاه شرح حديث (من خبب زوجة امرئ أو مملوكه فليس منا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن خبب مملوكاً على مولاه. حدثنا الحسن بن علي حدثنا زيد بن الحباب عن عمار بن رزيق عن عبد الله بن عيسى عن عكرمة عن يحيى بن يعمر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من خبب زوجة امرئ أو مملوكه فليس منا) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب من خبب مملوكاً على مولاه ]. يعني: أفسده عليه وعمل معه أعمالاً جعلته يتمرد على سيده ويعامله معاملة سيئة، وقد يكون ذلك التخبيب من أجل أن بينه وبين سيده عداوة، أو قد يكون له رغبة فيه فيريد أن يجعل سيده يزهد فيه ويرخصه ويبادر إلى التخلص منه فيشتريه. وكذلك كونه يخبب زوجة على زوجها، بحيث يسعى إلى إفسادها عليه فيطلقها ويتخلص منها، ويكون بذلك التخبيب يريد أن يتزوجها هو، أو يتزوجها غيره ممن يريد أن يتزوجها، كل ذلك من الأمور التي فيها إفساد وهي محرمة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من خبب زوجة امرئ أو مملوكة فليس منا). تراجم رجال إسناد حديث (من خبب زوجة امرئ أو مملوكه فليس منا) قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا زيد بن الحباب ]. زيد بن الحباب صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عمار بن رزيق ]. عمار بن رزيق وهو لا بأس به -وهي بمعنى صدوق- أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن عيسى ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة ]. هو عكرمة مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن يعمر ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. وقد مر ذكره. الأسئلة حكم تخبيب العامل على كفيله السؤال: هل تخبيب المملوك يقاس عليه في هذا الوقت الحاضر من يفسد على الكفيل عامله؟ الجواب: نعم هو من جنسه؛ لأنه قد تعب عليه واستقدمه، ثم بعد ذلك يأتي شخص يفسده عليه من أجل أن يحظى به، أو من أجل أن يتمرد ذاك على كفيله فيبحث عن التخلص منه، فينتقل إلى ذلك الشخص الذي خببه وأفسده. معنى قوله صلى الله عليه وسلم (فليس منا) السؤال: ما هو المعنى الصحيح لقوله صلى الله عليه وسلم: (من خبب زوجة امرئ أو مملوكة فليس منا)؟ الجواب: قيل: إنه من أحاديث الوعيد التي لا تفسر وتبقى على هيبتها، ومنهم من فسره بقوله: ليس على طريقتنا، أو ليس على سنتنا. حكم نظر الرجل إلى مملوكة غيره السؤال: هل يجوز للرجل النظر إلى مملوكة غيره؟ الجواب: لا يجوز للرجل أن ينظر إلى امرأة سواء كانت مملوكة أو غير مملوكة، فالنظر إلى النساء لا يجوز. حكم ستر المملوكة جميع بدنها السؤال: هل يجب على المملوكة أن تستر جميع بدنها؟ الجواب: نعم يجب عليها أن تحتشم وأن تبتعد عن شيء يثير الناس، أو يفتنها بالناس أو يفتن الناس بها. عدم دلالة حديث سويد بن مقرن على كشف المرأة عن وجهها السؤال: حديث سويد بن مقرن هل فيه جواز كشف المرأة عن وجهها؟ الجواب: ليس فيه دليل؛ لأنه كما هو معلوم يمكن أن يلطمها وعليها الخمار. وجه قصر كفارة العتق على من لطم جاريته أو غلامه في وجهه دون سائر جسده السؤال: هل صحيح أن من لطم في الوجه عليه أن يعتق، أما اللطم في غير الوجه فليس فيه كفارة، ومما يشهد لذلك حديث معاوية بن الحكم السلمي أنه لما لطم جاريته وجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: نعم، لكن جاء في حديث أبي مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اعلم أبا مسعود الله أقدر عليك منك عليه) وليس فيه ذكر لطم الوجه، ثم هو أعتق الغلام الذي ضربه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار). حكم تسمية البنت بأمة الله والغلام بغلام الله السؤال: هل يجوز أن تسمى البنت بأمة الله والغلام بغلام الله؟ الجواب: يجوز، لكن فيما يتعلق بغلام الله وغيره من الأسماء التي تضاف إلى الله عز وجل قد يكون فيها شبهة، وهناك أسماء كثيرة فعلى الإنسان عندما يسمى ولده أن يبتعد عن الشيء الذي فيه اشتباه، ويسمي بالأسماء التي لا اشتباه فيها. الفرق بين القرابة من النسب والرضاعة في صلة الرحم السؤال: ما الفرق بين القرابة من النسب والرضاعة من حيث صلة الرحم؟ الجواب: كل منهما يعتبر قرابة، لكن القرابة من النسب مقدمة. حكم بيع الذئب السؤال: ما حكم بيع الذئب؟ الجواب: والله الذئب من جنس الكلب، والكلب ثمنه خبيث وهذا من جنسه. حكم قول العاصي بعد أن هداه الله كنت في جاهلية السؤال: ما حكم قول المسلم العاصي بعد أن يهديه الله: كنت في جاهلية؟ الجواب: لا يخبر بما حصل منه فيما مضى، وإنما يستتر بستر الله عز وجل ويستقيم على طاعة الله عز وجل، وأما إذا كان يقصد بالجاهلية أنه في حال جهله حصل منه أمور غير طيبة فهذا لا بأس به، لكن -كما قلت- الإنسان يحمد الله على أن وفقه وهداه ويستتر بستر الله عز وجل ولا يحدث بذلك. حكم إطلاق القول بأن الناس رجعوا إلى الجاهلية السؤال: هل نقول: بأن الناس الآن رجعوا إلى الحياة الجاهلية؟ وهل هذا يعتبر من التكفير؟ الجواب: التعميم لا شك أنه لا يصلح ولا يستقيم، ولكن كون الناس فيهم جاهلية أو فيهم جهل هذا لاشك فيه وهو الواقع، لكن الإنسان يحرص على أن يعبر بالعبارات السليمة، وقد سبق أن مر بنا أن الإنسان إذا قال: هلك الناس، فإنه يكون أهلكهم. الجاهلية المعاصرة السؤال: هل نقول: بأن الجاهلية الآن جاءت في ثوب جديد كالعلمانية؟ الجواب: لا شك أن الجاهلية جاءت بأشكال وألوان وبأسماء ومسميات، وكل ذلك من أعمال الجاهلية، وإن تغيرت الأسماء مع اتفاق المسميات أو تشابه المسميات. حكم من تنازلت عن ليلتها لزوجها وأرادت التراجع عن ذلك التنازل السؤال: امرأة طلبت من زوجها ألا يأتيها في ليلتها وهي متنازلة، ولكن لم تتنازل للزوجة الثانية، وتنازلها كان بسبب غضبها حيث تزوج عليها زوجها، فهل لها أن ترجع عن هذا التنازل؟ الجواب: إذا كان التنازل مؤقتاً فهو ينتهي بذلك التأقيت، وإن كان مستمراً فليس لها أن تتراجع عنه، وإذا كان حصل بينهما إشكال فالأمر يرجع إليه، إما أن يحقق لها ما تريد أو يطلقها إذا كان لا يرغب في بقائها عنده على هذا الوصف. حكم من اغتسل ونسي المضمضمة والاستنثار فتوضأ وأتى بهما السؤال: هذا رجل اغتسل ونسي المضمضة والاستنثار ولم يتذكرهما إلا بعد أن لبس ملابسه فتوضأ إكمالاً للنقص فهل عمله صحيح؟ الجواب: عمله صحيح مادام أنه بعد أن اغتسل توضأ وتمضمض. حكم اتهام العلماء بعدم تأديتهم لواجباتهم تجاه الأمة السؤال: ما رأيكم فيمن يقول إن العلماء في هذا الزمان لا يؤدون واجبهم تجاه الأمة، خاصة عند النوازل كما هو الآن في الحرب، وهم لا ينصحون للأمة ولا يقولون كلمة الحق، وإنما يشتغلون بحفظ المتون وتدريس العلوم الأخرى، ولا يهتمون بفقه الواقع؟ الجواب: هذا كلام يكرره بعض الناس، وهذا شيء قديم ليس بجديد، ومعلوم أن العلماء يبينون ويتكلمون وعندما يسألون يجيبون، ولا يلزم أن كل واحد منهم يكتب أو يؤلف أو ينشر، ولكن إذا سئل وأجاب أو تكلم بين من يكون له صلة بهم، فإنه يكون قد أدى ما عليه وما هو مطلوب منه، ولا يلزم أن كل واحد ينشر ذلك في مجلات أو في جرائد أو ما إلى ذلك. وهذه أقوال أناس يجنون على أنفسهم في النيل من العلماء، ومعلوم أن توقير العلماء وعدم القدح فيهم هو شأن أهل السنة والجماعة بخلاف أهل البدع، ولهذا يقول الطحاوي رحمه الله في عقيد أهل السنة والجماعة: وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخبر والأثر وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل. حكم التعرف على الأحداث التي تجري للمسلمين وضوابط ذلك السؤال: ما رأيكم في خوض بعض طلبة العلم في الأحداث الحالية، والاستماع إلى الأخبار التي تنقل عن الكفار ونشرها في صفوف المسلمين؟ ومن له الحق في التكلم والبيان في هذه المسألة؟ الجواب: أن يسمع المرء ويتعرف على الأحداث وعلى ما يجري هذا أمر مطلوب، ولا يغفل الإنسان عن أمر فيه ضرر على كثير من المسلمين، ومعلوم أن هذه الحرب فيها ضرر على كثير من المسلمين الذين لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وإنما هم شعب مسلم يحصل له ذلك الأذى والضرر، فالإنسان يتألم ويحزن لهذا الشيء، ولكن ليس كل ما يقال يصدق الإنسان به، ولا كل ما يحصل من إرجاف يتابع الإنسان فيه المرجفين ويتكلم فيما لا يعنيه، وإنما عليه أن يعرف ما يجري وما يحصل من الضرر للشعب العراقي وللمسلمين في العراق ويتألم لذلك، هذا هو الذي ينبغي على الإنسان، وأما كونه يشغل نفسه بالكلام في العلماء أو يتكلم في أمور لا تهمه ويشغل نفسه بها فلا، وإنما عليه أن يشتغل بشئون نفسه، ويحرص على معرفة أحوال المسلمين وسلامتهم وكونهم يسلمون من الضرر، ويتألم لما يصيبهم من ضرر. حكم الجهاد مع أهل العراق ضد الاحتلال الأمريكي السؤال: لا يخفى عليكم ما يحصل في الأمة الإسلامية من الفتن، فهل يجب الجهاد مع إخواننا في العراق؟ الجواب: كيف يحصل الجهاد؟! الآن الشعب العراقي يمطر بوابل من القذائف فهي تهلك من تهلك، فالإنسان ماذا يصنع؟! وهل أهل العراق قلة يحتاجون إلى أحد يساعدهم، هم كثيرون ولكنهم مغلوبون على أمرهم، وهم قبل الحرب بمدة طويلة متضررون من واقعهم المؤلم. حكم الدعاء والصيام أيام حرب الأمريكان على العراق السؤال: يقول أحد الإخوة: حتى تنتهي الحرب الحالية على العراق لا نملك لهم إلا الدعاء والصيام؟ الجواب: الدعاء لهم أمر مطلوب، أما أن تصوم لهم فما عندنا شيء يدل على أن الإنسان يصوم في مثل هذه الأوقات، ولكن المسلم يدعو للمسلمين في كل وقت وفي كل حين، ويسأل الله عز وجل أن يخلص الشعب العراقي من كل شر وأن يسلمه، وأن يقيه الشرور من الداخل والخارج. الضابط في ربط الأحداث بالنصوص الشرعية السؤال: ظهر كتاب في هذه الآونة لأحد المتأخرين يتحدث فيه عن بعض هذه الأحداث التي في هذا الزمن وعن السياسة ويربطها بعلامات الساعة، فما نصيحتكم تجاه هذا الكتاب! الجواب: الكلام على أخبار الساعة وعلامات الساعة إذا كان على وجه صحيح وعلى طريقة سليمة وعلى منهج صحيح فهو شيء طيب، وأما إذا كانت النصوص تفسر وتؤول وفقاً لما حدث فهذا غير صحيح؛ لأن بعض الناس مهمته أن يأتي كأنه اكتشف وكأنه أتى بأشياء جديدة لم يسبق إليها، فينزل ما يرد من النصوص على أمور تقع وكأنه لم يبق للمستقبل شيء، وهذا غير صحيح؛ لأن من الناس قبل سنين كثيرة من كان يقول: إن الكنز الذي جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يحسر الفرات عن جبل من ذهب هو بترول العراق، وهذا غير صحيح، فهؤلاء الناس يضعون الأمور في غير موضعها ويفسرون النصوص تفسيراً منحرفاً، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر عن جبل من ذهب، وهذا لم يقع ولا بد أن يقع كما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا واحد من المغاربة سبق أن ألف كتاباً سماه: (مطابقة الاختراعات العصرية لما أخبر به سيد البرية) وأتى بأشياء كثيرة وقعت وأتى بالنصوص وفسرها بها، وتكلف وحمل كلام الرسول صلى الله عليه وسلم على غير محمله الصحيح، فمثل هذا غير صحيح."
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |