جدد عزيمتك مع نجوم أمتك

[سالم سعد]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاهواتبع هداه واستن بسنته وسار على هديه إلى يوم نلقاه . أما بعد.
فهذهوقفات ،مع أصحاب الهمم ، ممن قد فات، ليتعظ بها ذوو العقولويسارعوا لإرضاء رب الأرض والسموات ، فيعيشوا في الدنيا بلا آفات ، وفي الآخرةيدركوا الجنات .

إخوتي في الله ابدأ حديثي بكلام لحبيب قلوبنا محمد صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده، لولا أنَّ رجالاً يكرهون أن يتخلَّفوا بعدي، ولا أجد ما أحملهم، ما تخلَّفت، لوددت أني أقتَل في سبيل الله، ثمَّ أحيا ثمَّ أقتَل، ثمَّ أحيا ثمَّ أقتَل، ثمَّ أحيا ثمَّ أقتَل)( البخاري).بأبي أنت وأمي يارسول الله كم حملت هم هذا الدين وكم سعيت جاهدا بهمة أعلى من قمم الجبال وعزيمة تفوق عزيمة كل الرجال كيف لا وأنت لا زلت تسأل الله عزوجل الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر وكم أًًًًُوذيت وكم عوديت وكم هُجِّرت وكم صبرت وكم جاهدت وهجرك الأحباب والخلان ومازلت شامخا حتى أديت رسالتك وبلغت أمانتك وأقمت دولتك وأوصلت قضيتك صلوات ربي وسلامه عليك فجزاك الله عنا خير ماجزى نبيا عن أمته وجعلك فينا شفيعا كماجعلك لنا قمر منيرا أضاء لنا سبل الخير وبين لنا طرق الشر . فأين نحن من قدوتنا .........واين نحن من أمانتنا نعم أمانة هذا الدين الحنيف

همم أقعدتنا وهوت بنا إلا سفاسف الأمور وكثر فينا الضجر والملل وعزفت أنفسنا عن ركوب المخاطر واقتحام المصاعب و التطلع إلى القمم .اعلموا احبتي في الله أن الله عز وجل فضَّل أصحاب الهمم العالية والمثابرة على غيرهم وإن كانوا من أصحاب الحسنى قال تعالى: ) لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَالْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِبِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْوَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاَّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىوَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًاعَظِيمًا((النساء – 59)

. قال ابن سعدي رحمه الله:(وتأمل حسن هذا الانتقال، من حالة إلى أعلى منها، فإنه نفى التسوية أولا بين المجاهد وغيره، ثم صرح بتفضيل المجاهد على القاعد بدرجة ثم انتقل إلى تفضيله بالمغفرة والرحمة والدرجات).وهل هذا التفضيل إخوتي إلا علو همة واجتهاد وبذل طاقة وسعة .

وهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقف أمام العرب كلهم، وأصرعلى قتال المرتدين، حتى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنـهتعجب من موقـف أبي بكر، وطلب منه أن يتريث، فقال أبو بكررضي الله عنه:والله !لأقتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال. والله! لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه. فقال عمر بن الخطاب: فوالله! ما هو إلا رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال. فعرفت أنه الحق. فحفظ الدين بفضل الله عز وجل.
وهاهو عمر بن عبد العزيز رحمه اللهرحمة واسعة يقول:"إن لي نفساً تواقة، وما حققت شيئاً إلا تاقت لماهو أعلى منه ،تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملكفتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافةفنلتها،والآن يا رجاء تاقت نفسي إلى الجنة فأرجو أن أكون من أهلها

وقل من جد في أمر يحاوله * * * وأستعمل الصبر إلا فاز بالظفر

وهذا صقر قريش عبد الرحمن الداخل لما فرّ من العباسيين عرض عليهأهل المغرب أن يقيم عندهم ويحمونه فقال: "إن لي همة هي أعلى من ذلك وتوجهتلقاء الأندلس ثم أهديت إليه جارية جميلة، فنظر إليها، وقال: إن هذه من القلبوالعين بمكان، وإن أنا اشتغلت عنها بهمتي فيما أطلبه ظلمتها، وإن اشتغلت بها عماأطلبه ظلمت همتي، ولا حاجة لي بها الآن وردها علىصاحبها.

فها هم أصحاب الطموحات الراقية والهمم العالية لا ينغمسون في الأمور التافهةفتشغلهم عن معاليها عن الحسين بن علي أن رسول الله صلى الله عليهوسلمقال: "إن الله تعالى يحب معالي الأموروأشرافها ويكره سفسافها" (صححه الباني

وكم رتلنا في كتاب الله عز وجل ( وسارعوا ... وسابقوا.....واسعوا...وابتغوا....وجاهدوا.....وقاتلو ا.... وهاجروا ......وأقيموا......ولا تهنوا ولا تحزنوا ....) وكأن الأمر ليس موجه لنا فلم نبادر بالإجابة وكان جوابنا ضمنا أين نحن من هؤلاء أين الثرى من الثريا سبحانك ربي أنت أعلم بنا وبحالنا وما كلفنا إلا ما نطيق ولكن الصدور بالهمة والعزيمة أصبحت تضيق .

إذا غامرت في شرفمروم.....فلا تـقـنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير.....كطعم الموت في أمر عظيم
يرى الجبناء أن العجز أمن.....وتلكخـديعة الطـبع اللئيم

فانظر يرحمك الله رضا من تطلب, وفي أي ثواب ترغب فالعزم في الرأي, سلامة من التفريط والندم. واصبر ولا تجزع قال عبد الله بن المبارك:من صبر فما أقل ما يصبر ومن جزع فما أقل مايتمتع. واعلم اخي الحبيب أن راحة المؤمن بنيل رضا ربه ورضوانه والفوز بجناته ولو طالت السبل وصعبت وطلب الراحة في الدنيا لا يصلح لأهل المرؤات فإن أحدهم لم يزل تعبانا في كل مكان .قيل للربيع بن خثيم :لو أرحتنفسك ؟ قال : راحتها أريد .أين نحن من هذة النجوم أصحاب العلم والعمل وليس القول والتذمر والملل . زرعوا في قلوبهم عظمة مطلبهم ومرادهم ويقين أملهم بربهم أنه لا يضيع عملهم {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى ... }آل عمران195

كانوا لله أقواما يبادرون الأوقات ويحفظون الساعات ويلازمونها بالطاعات قالنافع‏:‏ما رأيت ابن عمر صائماً في سفره ولا مفطراً في حضره 0وقال قال سعيد بنالمسيب‏:‏ ما تركت الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة 0 وكان سعيد بن جبير يختم القرآنفي ليلتين .

فعود نفسك أخي الحبيب بالنظر إلى النجوم حتى تقوى عزيمتك وبصيرتك ولا تعودها بالنظر للأقدام فتخور همتك وتقصر بيصرتك وكن شامخا كالجبال جامدا قويا وقت الشدة والعزم ولين مرن خفيف كالسحاب وقت اللين والمحن حتى تستوعب كل الصدمات والكدمات و تتماشى مع الواقع بمرونة وسلاسة .

{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ }النمل88

أخي الحبيب عود عيناك على السهر حتى تنال المنتظر وأحي قلبك باليقين تفز بالأجر العظيم وافتح لعقلك سبل الإبداع حتى ينال المستطاع.

لا تَحسَبَ المجدَ تَمراً أَنتَ آكِلُهُ ... لا تَبلُغ المجدَ حَتى تَلعَق الصَبرا

والحمد لله رب العالمين

أخوكم ومحبكم في الله

[سالم سعد]

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر