من واجبنا نحو القرآن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 549 - عددالزوار : 74488 )           »          حكم الزكاة لمن اشترى أرضاً ولم ينو بيعها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          صيام الأيام البيض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          هل الاستغراق في النوم ينقض الوضوء؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          الفرق بين الرياح والريح والسُّنة فيهما (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الوقف الإسلامي وصنائعه الحضارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2059 )           »          اهتمام الإسلام بالعلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 108 - عددالزوار : 48227 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 108 - عددالزوار : 52367 )           »          عُزلة الـ «تكست نِك» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-08-2019, 09:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,604
الدولة : Egypt
افتراضي من واجبنا نحو القرآن

من واجبنا نحو القرآن















حفظه



الشيخ الدكتور عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي




الواجب السادس: حفظه:


مقدمة: إنْ كان القُرآن الكريم قد شَرُفَ وعَلَتْ منزلته بين الكتب السماويَّة، وشَرُفَ مَن عمل به، وفاز مَن آمن به، وحاز قارئه الأجرَ الكثير، فإنَّ لحافظِه من البركات والخيرات الشيء الكثير، كيف لا يكون كذلك مَن حوى كتابَ الله تعالى في صدره وملأ قلبَه به وأكثَرَ لسانُه من تلاوته.






إنَّ لحفظ القُرآن الكريم من الفَضائل والفَوائد ما يدعو المسلمَ إلى المسارعة إلى هذا الخير والمشاركة فيه؛ حتى يكونَ من أهل القُرآن الذين هم أهل الله وخاصَّته، كما في الحديث.






وإذا كان القُرآن الكريم كلامَ الله تعالى، وإليه التحاكُم والحكمُ، وهو المرجع عند النِّزاع والخلاف لدى أمَّة محمد -صلى الله عليه وسلم- فما ظنُّكم بِمَن يحفَظُه ويُعنَى به ويشغل به وقته؟!






في الحديث القدسي: "إنما بعثتك لأبتَلِيَك وأبتَلِيَ بك، وأنزلتُ عليك كتابًا لا يغسلُه الماء، تقرؤه نائمًا ويقظان))؛ رواه مسلم.






قال النووي: فمعناه: محفوظ في الصُّدور، لا يتطرَّق إليه الذهاب، بل يبقى على مَرِّ الزمان.






قال ابن حزم: اتَّفقوا على أنَّ حِفظ شيءٍ من القُرآن واجبٌ، واتَّفقوا على استِحباب حفظ جميعِه، وأنَّ ضبطَ جميعِه واجبٌ على الكفاية لا متعين، ا.هـ.






وقال الزركشي: قال أصحابنا: تعلُّم القُرآن فرضُ كفاية، وكذلك حِفظه واجبٌ على الأمَّة، ا.هـ.






قال ابن خلدون: اعلم أنَّ تعليمَ الولدان للقُرآن شِعار الدِّين، أخَذ به أهل الملة ودرَجُوا عليه في جميع أمصارهم؛ لما يسبقُ فيه إلى القُلوب من رسوخ الإيمان وعقائده، وصار القُرآن أصلَ التعليم الذي ينبَنِي عليه ما يحصلُ بعدُ من الملكات، ا.هـ.






وقال أبو الفضل الرازي: وعلى الحِفظ والتحفُّظ كان الصدر الأوَّل ومَن بعدهم، فلم يكن الفُقَهاء منهم ولا المحدِّثون والوعَّاظ يتخلَّفون عن حِفظ القُرآن الكريم والاجتهاد على استِظهاره، إلى أنْ خلفهم الخلفُ الذين فاتَهُم من طراوتهم وحَداثتهم طلبُ حفظِ القُرآن الكريم وفي أوانه، ولَحِقَهم العجزُ والبَلادةُ على سنِّهم... ا.هـ بتصرُّف يسير.






التأكيد على أنَّ حفظَه مُيسَّر للجميع، كما قال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]، وقد ذكَر العلماء أنَّ من معجزات القُرآن الكريم تيسير حِفظه، كما قال النويري: والقُرآن قد يسَّر الله تعالى حفظَه على الغِلمان في المدَّة القريبة والنِّسوان، وقد رأينا مَن حفظه على كبر سنِّه، وهذا من معجزاته، ا.هـ.






قال ابن تيميَّة: وأمَّا طلب حِفظ القُرآن فهو مقدَّم على كثيرٍ ممَّا تُسمِّيه الناس علمًا، وهو إمَّا باطلٌ أو قليلُ النَّفع، وهو أيضًا مُقدَّم في التعلُّم في حقِّ مَن يريدُ أنْ يتعلَّم علمَ الدِّين من الأصول والفروع؛ فإنَّ المشروع في حَقِّ مثلِ هذا في هذه الأوقات أنْ يبدأ بحفظ القُرآن؛ فإنَّه أصلُ علوم الدِّين... والمطلوب من القُرآن هو فهم مَعانِيه والعمل به، فإنْ لم تكن هذه همَّة حافظه لم يكن من أهل العِلم والدِّين، ا.هـ.






وإليكم جملة من الفضائل والفوائد المترتِّبة على حفظ كتاب الله تعالى؛ علَّ الهِمَم أنْ تنهض، ولعلَّنا أنْ ندرك ما يفوتُ من الخير مَن لم يُبالِ به.






1- أنَّ في حفظه تَأَسِّيًا بالنبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقد كان يحفظُه ويديمُ تلاوته، ويعرضه على جبريل - عليه السلام - في كلِّ عام مرَّةً، وفي السَّنة التي تُوفِّي فيها عرَضَه عليه مرَّتين، وكان - عليه الصلاة والسلام - يُقرِئه أصحابه - رضي الله عنهم - ويسمعه منهم.






2- أنَّ في حفظه تَأَسِّيًا بالسَّلَفِ وسيرًا على جادَّتهم؛ فقد كانوا يبدَؤُون بحِفظ القُرآن ودِراسته قبلَ سائر العلوم؛ قال الإمام ابن عبدالبر: "طلب العلم درجات ومناقل ورُتَبٌ لا ينبغي تعدِّيها، ومَن تعدَّاها جملةً فقد تعدَّى سبيلَ السلف - رحمهم الله - فأوَّلُ العلم حفظُ كتاب الله - عزَّ وجلَّ - وتفهُّمه".






ويقول شيخ الإسلام ابن تيميَّة: "وأمَّا طلب حفظ القُرآن فهو مُقدَّم على كثيرٍ ممَّا تسميه الناس علمًا، وهو إمَّا باطلٌ أو قليلُ النفع، وهو أيضًا مُقدَّم في حقِّ مَن يريدُ أنْ يتعلَّم عِلمَ الدِّين من الأصول والفُروع، فإنَّ المشروع في حقِّ مثل هذا في هذه الأوقات أنْ يبدأ بحِفظ القُرآن فإنَّه أصلُ علوم الدِّين".






3- حفظ القُرآن من خَصائص هذه الأمَّة: يقولُ ابن الجزري: "إنَّ الاعتماد في نقل القُرآن على حِفظ القلوب والصُّدور، وهذه أشرف خصيصةٍ من الله تعالى لهذه الأمَّة".






ولا يزالُ حِفظ القُرآن شِعارًا لهذه الأمَّة، وشوكةً في حُلوق أعدائها؛ يقول أحد المستشرقين: لعلَّ القُرآن هو أكثر الكتب التي تُقرَأ في العالم، وهو بكلِّ تأكيد أيسرها حِفظًا.






ويقول آخَر: إنَّنا اليومَ نجدُ على الرغم من انحِسار موجة الإيمان آلافًا من الناس القادرين على ترديده عن ظهر قلب، وفي مصر وحدَها من الحفَّاظ أكثر من عدد القادرين على تلاوة الإناجيل عن ظهر قلب في أوربا كلها.






4- أنَّ حِفظَه مُيسَّر للناس كلِّهم: فكم رأى الناس من محدودي الإدراك وضِعاف الحِفظ مَن استطاعَ حِفظ القُرآن الكريم، بل حفظه الأعاجم الذين لا يعرفون العربيَّة وحَفِظَه الكبار في السنِّ، وهذا من إعجاز القُرآن الكريم؛ قال الماوردي: "الوجه السادس عشر من أعجازه: تيسيرُه على جميع الألسنة حتى حَفِظَه الأعجميُّ الأبكم، ودار به لسانُ القبطي الألكن، ولا يُحفَظ غيرُه من الكتب كحِفظه، ولا تجري ألسنة البكم كجريها به".






وقال القرطبي في قوله -تعالى-: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]: أي: سهَّلناه للحِفظ، وأعَنَّا عليه مَن أراد حِفظَه، فهل من طالبٍ لحفظه فيُعان عليه؛ فهذا ممَّا يُقوِّي العزيمة ويُعلي الهمَّة في طلَب حِفظ كتاب الله تعالى.






5- أنَّ حفظ القُرآن مشروعٌ لا يعرفُ الفشل: فحين يبدأُ الراغب في حِفظه، ثم تنتهي عزيمتُه ويضعُف نشاطُه، وقد حفظ بعضَ أجزائه، فهل يُعتَبر مشروعه فاشلاً؟ إنَّ هذا الجهد لم يذهبْ سُدًى، بل هَبْ أنَّه لم يحفَظْ شيئًا يُذكَر، فالوقت الذي بذَلَه في التِّلاوة والحِفظ والمراجعة وقتٌ قَضاه في طاعة الله - تبارك وتعالى - وكم آيةٍ وسورةٍ تلاها! وقد علمنا أنَّ الحرف من كتاب الله بعشر حسنات.






6- أنَّ حافظَ القُرآن الكريم يستحقُّ التكريم والإجلال: فعن أبي موسى: ((إنَّ من إجلال الله إكرامَ ذي الشيبة المسلم، وحاملِ القُرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرامَ ذي السلطان المقسط))؛ أبو داود، فحق لِمَن حازَ كلامَ الله تعالى في صَدره أنْ يُكرَم ويجلَّ، وحافظ القُرآن أَوْلَى الناس بالإمامة في الصلاة التي هي ثاني أركان الإسلام؛ ((يؤمُّ القومَ أقرَؤُهم لكتاب الله))؛ مسلم.






7- أنَّ الغبطةَ الحقيقيَّة والحسَدَ المحمود إنما يكونُ لمن حَفِظَ القُرآن الكريم وقام بحقِّه؛ ((لا حسَدَ إلا في اثنتين: رجل علَّمَه الله القُرآنَ فهو يَتلُوه آناءَ الليل وآناءَ النهار، فسَمِعَه جارٌ له، فقال: ليتني أُوتِيتُ مثلَ ما أُوتِيَ فلان، فعملتُ مثلَ ما يعمل...)) الحديث؛ رواه البخاري.






8- أنَّ حِفظَ القُرآن وتعلُّمه خيرٌ من مَتاع الدنيا: فحين يفرحُ الناس بالدرهم والدينار، ويحوزونها إلى رحالهم، فإنَّ حافظ القُرآن وقارئه يظفرُ بخيرٍ من ذلك وأبقى، ها هو -صلى الله عليه وسلم- يخاطبُ أهلَ الصُّفَّة قائلاً: ((أيُّكم يحبُّ أنْ يغدوَ كلَّ يومٍ إلى بُطحانَ أو الى العَقِيق فيأتي منه بناقتين كَوْماوَيْنِ في غير إثمٍ ولا قطع رحمٍ؟)) فقالوا: يا رسول الله، نحبُّ ذلك، قال: ((أفلا يغدو أحدُكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله - عزَّ وجلَّ - خيرٌ له من ناقتين، وثلاثٌ خيرٌ له من ثلاث، وأربعٌ خيرٌ له من أربعٍ، ومن أعدادِهنَّ من الإبل))؛ مسلم.






ولنتذكَّر أنَّ الإبل أنفَسُ أموال العرب في ذلك الزمان.






9- في حِفظ القُرآن رفعةٌ في الدُّنيا والآخرة ونجاةٌ من النار: ((إنَّ الله يرفعُ بهذا الكتاب أقوامًا ويضعُ به آخَرين))؛ مسلم.






وحين يدخُل المؤمنون الجنَّةَ فإنَّ حافظ القُرآن يعلو غيره وتعلو منزلته؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص: ((يُقال لصاحب القُرآن: اقرأ وارقَ ورتِّل كما كنتَ تُرتِّلُ في الدُّنيا؛ فإنَّ منزلتَك عند آخِر آية تقرأُ بها))؛ الترمذي، قال ابن حجر الهيتمي: الخبر خاصٌّ بِمَن يحفَظُه عن ظهر قلبٍ لا بِمَن يقرأُ بالمصحف؛ لأنَّ مجرَّد القِراءة في الخطِّ لا يختلف الناس فيها، ولا يتفاوتون قلَّةً وكثرةً.






10- حافِظُ القُرآن مع السَّفرة الكرام البَرَرة؛ ((مثَلُ الذي يقرأُ القُرآن وهو حافظٌ له مع السَّفَرةِ الكرام البررة، ومَثَلُ الذي يقرأُ وهو يتعاهَدُه وهو عليه شديدٌ فله أجران)).






11- حافِظُ القُرآن أكثَرُ الناس تلاوةً له غالبًا، فهو لن يحفَظَه حتى يُكرِّرَه كثيرًا، ولا يثبُتُ حِفظُه إلا بالمراجعة المستمرَّة، وقد عَلِمنا أنَّ في تلاوة الحرف من كتاب الله عشرَ حسنات.






12- أنَّ حافظ القُرآن الكريم يستطيعُ التلاوة في جميع أحواله؛ فهو يقرأ ماشيًا ومُضطجعًا، ويقرأ وهو يعمل بيده أو يقود سيَّارته، وفي السفر والحضر، أمَّا غير الحافظ فلا يمكنه ذلك مهما حرص.






13- أنَّ حِفظَ القُرآن زادٌ للخطيب والواعظ وللمعلِّم والمتكلم، إذا كان يحفظُه فهو بين عينَيْه تحضرُه الأدلَّة والشواهد؛ فينتقي منها ما يُناسبه، بخِلاف غير الحافظ، حيث يعسرُ عليه الوصولُ إلى موضع الآية، فضلاً عن قراءتها حِفظًا.






عباد الله:


كم من الفضائل يحوزُها مَن أقبَلَ على كتاب الله تعالى وحرصَ على حِفظِه في الدنيا والآخرة؟!






وبعد هذا التطواف في هذا البُستان الحافل بالخيرات لِمَن أقبَلَ على كتاب الله وحَفِظَ ما يستطيعُ منه ينبغي لنا ألا نَحرِمَ أنفُسَنا من هذا الخير، بل نرغَبُ فيه ونتعاهَد أنفُسَنا عليه، ونُربِّي أولادنا على محبَّةِ كتاب الله تعالى وحِفظ المستطاع منه، وهو - بحمد الله - سهل مُيسَّر، ومتى أقبَلَ المسلم إلى حِفظه بعزيمةٍ وهمَّةٍ ورغبةٍ فيما عندَ الله تعالى مع شيءٍ من الترتيب والمدارسة والمراجعة، فإنَّه لن تمضيَ عليه سنتان إلا وقد حفظه، أمَّا لو كان عظيمَ الهمَّة قويَّ العزيمة فسيَحفَظُه - بإذن الله - في أقلِّ من ذلك، كما هو معلومٌ متواتر.






وما أجمل أنْ يشبَّ أولادنا على محبَّة كتاب الله تعالى وحِفظه؛ حيث إنَّ أثَر ذلك ملموسٌ في السُّلوك والخلُق، بل يكونُ مُعِينًا لهم على دِراستهم وتقويم ألسنتهم كما هو مُشاهَد معلوم.






وإنَّ طُرُقَ حِفظ القُرآن الكريم ومُراجَعته كثيرةٌ مُتنوِّعة، يجد كلُّ امرئٍ منها ما يُناسبه، فأين المشمِّرون الراغبون؟






الحذَرُ من هَجر القُرآن الكريم:


لَمَّا ذكَر الله تعالى ما قال المشركون من الباطل في مُعارَضة القُرآن والصد عنه، وما قالوه من عبارات الحسرة والندامة يوم القِيامة على ما كان منهم من ذلك في الدُّنيا في سورة الفُرقان، ذكر ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- من الشَّكوى لربِّه من تركهم للقُرآن العظيم وهجرِه، فقال: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30]؛ أي: جعَلُوه متروكًا مقاطعًا مرغوبًا عنه.






ولا شكَّ أنَّ شكواه - عليه الصلاة والسلام - من هجره دليلٌ على أنَّ ذلك من أصعَبِ الأمور وأبغضها لديه.






وفي حكاية القُرآن لهذه الشَّكوى وعيدٌ كبيرٌ للهاجرين بإنزال العِقاب بهم؛ إجابةً لشَكواه - صلَّى الله عليه وسلَّم.






قال ابن القيِّم: هجرُ القُرآن أنواعٌ: أحدها هجرُ سَماعِه والإيمان به والإصغاء إليه، والثاني: هجرُ العمل به والوقوف عند حَلاله وحَرامه، وإنْ قرَأَه وآمَن به، الثالث: هجر تحكيمه والتحاكُم إليه، الرابع: هجر تدبُّره وتفهُّمه ومعرفة ما أراد المتكلِّم به منه، والخامس: هجر الاستِشفاء والتَّداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، وكلُّ هذا داخلٌ في قوله -تعالى-: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30]، وإنْ كان بعض الهجر أهوَنَ من بعض.






يقولُ ابن عباس - رضي الله عنهما -: "مَن لم يختم القُرآن في شهر فقد هجره".






والحمد لله ربِّ العالمين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-08-2019, 09:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,604
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من واجبنا نحو القرآن

من واجبنا نحو القرآن


تلاوته

الشيخ الدكتور عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي



الواجب الخامس: واجب التلاوة:



مَن أرادَ الخيرَ الكثير والأجرَ الوافر فليَقرأ كتابَ الله تعالى؛ يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30].






وللقُرآن الكريم مع أهلِه يوم القيامة مواقفُ عجيبةٌ؛ فعن أبي أمامة: ((اقرؤوا القُرآنَ؛ فإنَّه يأتي يومَ القيامة شفيعًا لأصحابه))؛ مسلم.






وعن النَّوَّاس بن سمعان: ((يُؤتَى يومَ القيامة بالقُرآن وأهلِه الذين كانوا يعمَلُون به في الدُّنيا تقدُمُه سورةُ البقرة وآل عمران تحاجَّان عن صاحبهما))؛ مسلم.






للتلاوة فضلُها وشرَفُها؛ عن أبي موسى: ((مثَلُ المؤمن الذي يقرأُ القُرآن مثَلُ الأترجة؛ ريحها طيِّب وطعمها طيِّب، ومثَلُ المؤمن الذي لا يقرأُ القُرآن كمثل التَّمرة؛ لا ريحَ لها وطعمها حلوٌ))؛ متفق عليه.






وعن ابن مسعود: ((مَن قرَأ حَرْفًا من كتاب الله فله حسنةٌ، والحسنة بعشْر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف))؛ الترمذي وقال: حسن صحيح.






وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال -صلى الله عليه وسلم-: ((أيحبُّ أحَدُكم إذا رجع إلى أهله أنْ يجدَ فيه ثلاث خَلِفات عِظام سِمان؟)) قلنا: نعم، قال: ((فثلاثُ آياتٍ يقرأُ بهن أحدُكم في صلاةٍ خيرٌ له من ثلاث خَلِفاتٍ عظام سِمان))؛ مسلم.






وهذا قتادة - رحمه الله - يقول: اعمروا به قُلوبَكم، واعمروا به بيوتكم - أي: القُرآن - أخرجه الدارمي.






وكان أبو هريرة يقولُ: "إنَّ البيت ليتَّسِعُ على أهله وتحضرُه الملائكة، وتهجرُه الشياطين، ويكثُر خيرُه، أنْ يُقرَأ فيه القُرآنُ، وأنَّ البيت لَيَضِيقُ على أهلِه وتهجرُه الملائكة، وتحضرُه الشياطين، ويقلُّ خيرُه، ألا يقرأ فيه القُرآن".






وعند تلاوة القُرآن ومُدارَسته تتنزَّلُ الملائكة والسكينة والرحمة؛ فعن البراء بن عازبٍ قال: كان رجلٌ يقرأ سورةَ الكهف وعنده فرسٌ مربوطٌ بشَطَنَيْنِ، فتغشَّته سحابةٌ فجعَلت تدنو، وجعَل فرسه ينفرُ منها، فلمَّا أصبح أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فذكَر له ذلك، فقال: ((تلك السَّكينة تنزَّلت للقُرآن))؛ متفق عليه.






وفي تلاوة القُرآن الكريم أمانٌ - باذن الله - من الغفلة؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن قام بعشر آياتٍ لم يُكتَبْ من الغافلين، ومَن قام بمائة آيةٍ كُتِبَ من القانتين، ومَن قرأ بألف آيةٍ كُتِبَ من المُقَنطِرين))؛ أبو داود وصحَّحه الألباني.






ويقول النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: ((اقرؤوا سورةَ البقرة؛ فإنَّ أَخْذَها بركةٌ، وتركَها حَسْرةٌ، ولا يستطيعُها البَطَلَة))؛ يعني: السَّحَرة؛ رواه مسلم.






إنَّ القلبَ يصدأُ ويقسو، وإنَّ النفسَ تضعفُ، وتهبطُ بها دَواعي الشَّهوات ومَشاغل الدنيا، وما أحوَجَنا إلى ما يصلحُ نفوسنا، ويلين قلوبنا، ويربطنا بخالقنا سبحانه! وما تقرَّب عبدٌ إلى ربِّه بأفضل من تلاوة كتابه، والوقوف عند مَعانِيه والتدبُّر في آياته.






وقد كان من هدي السَّلَفِ المستقرِّ لديهم تلاوةُ وِرْدٍ يومي من كتاب الله تعالى؛ بأنْ يجعَلَ أحدُهم له قدرًا يقرؤه يوميًّا، ويتعاهد نفسه عليه؛ بحيث يختمُ القُرآن في كلِّ شهرٍ أو عشرين يومًا، أو أقل من ذلك.






وممَّا يدلُّ على ذلك ما ورَد في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال له: اقرأ القُرآن في كلِّ شهرٍ، قال: قلت: يا نبيَّ الله، إنِّي أطيقُ أفضلَ من ذلك، قال: ((فاقرَأْه في سبعٍ ولا تزدْ عن ذلك)).






وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن نامَ عن حِزبه أو عن شيءٍ منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظُّهر كُتِبَ له كأنَّما قرَأَه من الليل))؛ رواه مسلم.






وثبت عن ابن مسعودٍ وعثمان وتميمٍ الداري وجمعٍ من أئمَّة التابعين أنَّهم كانوا يختمون القُرآن في سبعة أيَّام.






من أعظم ما يُعِينُ على مُداوَمة التلاوة حِفظ القُرآن الكريم، والعناية بالحِزب اليومي من كتاب الله تعالى، والمبادرة إلى أدائه.






للتلاوة آداب؛ منها:


تدبُّر كلام الله تعالى وتفهُّم معانيه؛ فهذا من أهمِّ مقاصد القُرآن الكريم؛ ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، قال ابن كثير: "قال الحسن البصري: والله ما تدبُّره بحِفظ حُروفه وإضاعة حُدوده، حتى إنَّ أحدهم ليقولُ: قرأت القُرآن كلَّه، ما يُرَى له القُرآن في خُلُقٍ ولا عمل؛ رواه ابن أبي حاتم".






وفي "سنن سعيد" عن الحسن قال: "إنَّ أحقَّ الناس بهذا القُرآن مَن رُئِيَ في عمله".






وعن حُذَيفة أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- صلَّى فكان إذا مَرَّ بآية رحمة سألَ، وإذا مَرَّ بآية عذاب استجارَ، وإذا مرَّ بآيةٍ فيها تنزيهٌ لله سبَّح؛ أخرجه النسائي وصحَّحه الألباني.






وقال أبو جمرة لابن عباسٍ - رضِي الله عنهما -: إنِّي سريع القِراءة، وإنِّي أقرأُ القُرآن في ثلاثٍ، فقال: لأنْ أقرأ البقرةَ في ليلةٍ فأتدبَّرها وأُرتِّلها أحبُّ إليَّ من أقرأ كما تقولُ.






روَى مسلم أنَّ رجلاً قال لابن مسعودٍ: إنِّي لأقرأ المفصَّل في ركعة، فقال عبدالله: هذًّا كهَذِّ الشِّعر؟ إنَّ أقوامًا يقرؤون القُرآن لا يُجاوز تراقِيَهم، ولكن إذا وقَع في القلب فرسخ فيه نفع.






وممَّا يعينُ على تدبُّر القُرآن تحسينُ الصوت في قراءته.






وقد أجمَعَ العلماء على استِحباب تحسين الصوت بالقِراءة وترتيلها.






فعن أبي هريرة قال -صلى الله عليه وسلم-: ((ما أَذِنَ الله لشيءٍ - أي: استمع - ما أَذِنَ لنبيٍّ حسن الصوت يتغنَّى بالقُرآن يجهَرُ به))؛ أخرجه البخاري ومسلم.






وعنه: ((ليس منَّا مَن لم يتغنَّ بالقُرآن))؛ البخاري.






وكان أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - حسَنَ الصوت بالقُرآن، فقال له النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: ((يا أبا موسى، لقد أُوتِيتَ مِزمارًا من مَزامير آل داود))؛ البخاري.






ويقولُ - جلَّ ذكرُه -: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]؛ والمعني: ما لهم لا يتدبَّرون ما فيه من العِظَات؟! والجواب: رانَ على قُلوبهم فأُقفِلت فلا تسمع، وأُوصِدت فلا تنتفع، ولو أنها تدبَّرت لفهمت كلامَ ربها، فاهتدت بِهُدَى باريها.






ويقوله -تعالى-: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، والاختلاف الكثير تجدُه في الكتب غير كتابِ الله - عزَّ وجلَّ - أمَّا كتابه؛ ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42].



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-08-2019, 09:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,604
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من واجبنا نحو القرآن

من واجبنا نحو القرآن










تعلمه وتعليمه

الشيخ الدكتور عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي





الواجب الثالث: تعلُّمه:


قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خيرُكم مَن تعلَّمَ القُرآن وعلَّمَه))؛ البخاري.






في الصحيحين عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - قال: "كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكونُ في رمضان حين يَلْقاه جبريل، وكان يَلْقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القُرآن فلَرسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أجودُ بالخير من الرِّيح المُرسَلة"، قال في "الفتح": "فيحمل على أنَّ كلاًّ منهما كان يعرضُ على الآخَر".






قال ابن حزم: اتَّفقوا على أنَّ حِفظَ شيءٍ من القُرآن واجبٌ، واتَّفقوا على استِحباب حِفظ جميعِه، وأنَّ ضبطَ جميعِه واجبٌ على الكفاية لا متعين، ا.هـ.






وقال الزركشي: "قال أصحابنا: تعلُّمُ القُرآنِ فرض كفاية، وكذلك حِفظه واجبٌ على الأمَّة"، ا.هـ.






قال ابن خلدون: اعلم أنَّ تعليمَ الولدان للقُرآنِ شِعارُ الدِّين، أخَذ به أهل الملة ودرَجُوا عليه في جميع أمصارهم؛ لما يسبقُ فيه إلى القلوب من رُسوخ الإيمان وعقائده، وصار القُرآن أصلَ التعليم الذي ينبني عليه ما يحصلُ بعدُ من الملكات، ا.هـ.






القُرآن علمٌ جليل، والعلمُ يُؤخَذ عن أهلِه؛ في "صحيح مسلم": "باب استحباب قِراءة القُرآن على أهل الفضل والحذاق فيه، وإن كان القارئ أفضلَ من المقروء عليه.. عن أنسٍ قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأُبَيِّ بن كعبٍ: ((إنَّ الله أمرَنِي أنْ أقرأ عليك ï´؟ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا ï´¾ [البينة: 1]، قال: وسمَّاني لك؟! قال: ((نعم)) قال: فبكى.






قال النوويُّ: وفي الحديث فوائدُ كثيرة؛ منها: استِحباب قِراءة القُرآن على الحُذَّاقِ فيه وأهلِ العِلم به والفضل، وإنْ كان القارئ أفضلَ من المقروء عليه، واختلفوا في الحِكمة في قِراءته - صلَّى الله عليه وسلَّم - على أُبَيٍّ، والمختار أنَّ سببها أنْ تستنَّ الأمَّةُ بذلك في القراءة على أهل الإتقان والفضل، ويتعلَّمُوا آداب القراءة، ولا يأنف أحدٌ من ذلك".






وقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعبدالله بن مسعود: ((اقرَأْ عليَّ))، قال: أقرأُ عليك وعليك أُنزِل؟ قال: ((إنِّي أحبُّ أنْ أسمَعَه من غيري)) قال: فقرأ عليه من أوَّل سورة النساء إلى قوله: ï´؟ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ï´¾ [النساء: 41]، فبكى؛ رواه مسلم.






عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الماهر بالقُرآن مع السَّفرة الكِرام البررة، والذي يقرأ القُرآن ويتتَعتَعُ فيه وهو عليه شاقٌّ له أجران))؛ مسلم، قال النووي: "والسفرة: الرُّسل؛ لأنهم يسفرون إلى الناس برسالات الله، وقيل: السفرة الكتَبَة، والبررة: المطيعون، من البر وهو الطاعة، والماهر: الحاذق الكامل الحِفظِ الذي لا يتوقَّف ولا يشقُّ عليه القراءة بجودة حِفظه وإتقانه، قال القاضي: يحتمل أنْ يكون معنى كونه مع الملائكة أنَّ له في الآخرة منازلَ يكون فيها رفيقًا للملائكة السفرة؛ لاتِّصافه بصفتهم من حمل كتاب الله تعالى، قال: ويحتمل أنْ يُراد أنَّه عاملٌ بعمَلِهم وسالكٌ مَسلَكهم، وأمَّا الذي يتتعتَعُ فيه فهو الذي يتردَّد في تلاوته لضعف حِفظِه، فله أجران: أجر بالقِراءة، وأجر بتتعتُعِه في تلاوته ومشقَّته، قال القاضي وغيره من العلماء: وليس معناه الذي يتتعتَعُ عليه له من الأجر أكثر من الماهر به، بل الماهر أفضل وأكثر أجرًا؛ لأنَّه مع السفرة، وله أجورٌ كثيرةٌ، ولم يذكرْ هذه المنزلة لغيرِه، وكيف يلحقُ به مَن لم يعتنِ بكتاب الله تعالى وحِفظه وإتقانه وكثرة تلاوته وروايته كاعتِنائه حتى مهر فيه، والله أعلم".






الاستجازة فيه سنَّة ماضية، والعلم يُؤخَذ عن أهله.






شرفٌ لك أنْ تنتَظِمَ في سلسلة سندٍ ينتهي إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم جبريل، ثم الله تعالى.






ليس إتقان التلاوة مقصورًا على أحكام النُّون الساكنة والتنوين كما يظنُّه البعض.






أهمُّ من ذلك إعطاء كلِّ حرفٍ من كتاب الله تعالى حقَّه ومستحقَّه، ونُطق الكلمة وفق لغة العرب.






قال - تعالى -: ï´؟ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ï´¾ [المزمل: 4]، قال ابن كثير: "أي: اقرأه على تمهُّل؛ فإنَّه يكونُ عونًا على فهمِ القُرآن وتدبُّره، وكذلك كان يقرأ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قالت عائشة - رضي الله عنها -: كان يقرأُ السورة فيُرتِّلها حتى تكون أطولَ من أطول منها".






وقال القرطبي: "والترتيل في القِراءة هو التَّأنِّي فيها والتمهُّل وتبيين الحروف والحرَكات، وهو المطلوب في قِراءة القُرآن، وسُئِلت أمُّ سلمة عن قِراءة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإذا هي تنعَتُ قراءةَ مفسَّرة حرفًا حرفًا؛ أخرجه النسائي وأبو داود والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب".






هناك أخطاء لا يتنبَّه لها كثيرون؛ كالاختلاس، وأمثلته: ï´؟ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ï´¾ [الحجر: 29]، ï´؟ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ï´¾ [الحديد: 16].






على أنَّ هذا لا يعني التنطُّع في القِراءة والتكلُّف فيها، وليس المراد التكلُّف والتشدُّق والمبالغة في مخارج الحروف بحيث تتغيَّرُ إلى حُروفٍ أخرى.






وسائل التعلُّم كثيرةٌ: من التِحاقٍ بحلقة، أو القراءة على مُتقِن، أو الأشرطة، ولا يعتمد عليها وحدَها، مع الحذَر من أشرطة تسجيل التَّراويح لكثيرٍ من الأئمَّة.






الواجب الرابع: تعليمه:


أخرج البخاري عن أبي عبدالرحمن السلمي عن عثمان - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((خيرُكم مَن تعلَّمَ القُرآنَ وعلَّمَه))، قال: وأقرأ أبو عبدالرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج، قال: وذاك الذي أقعدَنِي مقعدي هذا"، قال في "الفتح": "بين أوَّل خلافة عثمان وآخِر ولاية الحجاج اثنتان وسبعون سنة إلا ثلاثة أشهر، وبين آخر خلافة عثمان وأوَّل ولاية الحجاج العراق ثمانٍ وثلاثون سنة".






وعند أحمد والدارمي: ((أو علمه)) قال في "الفتح": "وهي للتَّنوِيع لا للشكِّ، وهي أظهرُ من حيث المعنى... ولا شكَّ أنَّ الجامع بين تعلُّم القُرآن وتعليمه مكملٌ لنفسه ولغيره، جامعٌ بين النَّفْعِ القاصر والنَّفْعِ المتعدِّي؛ ولهذا كان أفضلَ، وهو من جملة مَن عنى - سبحانه وتعالى - بقوله: ï´؟ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ï´¾ [فصلت: 33]، والدعاء إلى الله يقعُ بأمورٍ شتَّى من جُملتِها تعليمُ القُرآن وهو أشرف الجميع".






قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وما اجتمَعَ قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يَتلُون كتابَ الله ويتَدارَسُونه بينهم إلا نزَلتْ عليهم السَّكينة، وغشيَتْهم الرَّحمة، وحفَّتْهم الملائكة، وذكرَهُم الله فيمَن عندَه، ومَن بطَّأ به عملُه لم يسرعْ به نسَبُه))؛ رواه مسلم.






قال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم": "هذا يدلُّ على استِحباب الجلوس في المساجد لتلاوة القُرآن ومُدارَسته، وهذا إنْ حمل على تعلُّم القُرآن وتعليمه فلا خلافَ في استحبابه".






وفي "مصنف ابن أبي شيبة" عن سليمان بن يسار قال: انتهى عمرُ إلى قومٍ يُقرِئُ بعضهم بعضًا، فلمَّا رأوا عمر سكَتُوا، فقال: ما كنتم تُراجعون؟ قلنا: كنَّا نقرئ بعضنا بعضًا، فقال: اقرؤوا ولا تلحنُوا.






وفي "الطبقات الكبرى" أنَّ أبا عبدالرحمن السلمي قال: إنَّا أخَذْنا هذا القُرآن عن قومٍ أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلَّموا عشرَ آياتٍ لم يُجاوِزوهنَّ إلى العشر الأخر حتى يعلَمُوا ما فيهنَّ؛ فكنَّا نتعلمُ القُرآنَ والعملَ به، وإنه سيرثُ القُرآن بعدَنا قومٌ ليَشرَبُونه شُرْبَ الماء لا يجاوزُ تَراقيهم، بل لا يجاوزُ هاهنا، ووضَع يدَه على الحلق".

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-08-2019, 09:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,604
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من واجبنا نحو القرآن

من واجبنا نحو القرآن

الشيخ الدكتور عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي


الإيمان والعمل به


لقد امتَنَّ الله تعالى علينا بنعمةٍ جليلةٍ حين أنزَلَ القُرآن الكريم على عبدِه ونبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو نعمةٌ عظيمةٌ حُقَّ لنا أنْ نفرحَ بها ونعلنَ اغتباطنا بها؛ ألم يقل الله تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ï´¾ [يونس: 57، 58]، قال ابن سعدي: "موعظة تعظُكم وتُنذِرُكم عن الأعمال الموجبة لسخط الله المقتضية لعِقابه، وتُحذِّركم عنها ببَيان آثارها ومَفاسدها، ï´؟ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ï´¾ وهو هذا القُرآن، شفاءٌ لما في الصُّدور من أمراض الشَّهوات وأمراض الشُّبهات... ï´؟ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ ï´¾ الذي هو القُرآن، الذي هو أعظمُ نعمةٍ ومنَّةٍ ï´؟ وَبِرَحْمَتِهِ ï´¾ الدِّين والإيمان - قلت: كما نُقِلَ ذلك عن عددٍ من أئمَّة التفسير والصحابة - ï´؟ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ï´¾ من مَتاع الدُّنيا ولذَّاتها".

وقال - تعالى -: ï´؟ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ï´¾ [الإسراء: 82]، قال ابن سعدي: "فالقُرآن مشتملٌ على الشِّفاء والرحمة، وليس ذلك لكلِّ أحدٍ، وإنما ذلك للمؤمنين به، المصدِّقين بآياته، العاملين بها، وأمَّا الظالمون بعدَمِ التصديق به أو عدم العمل به فلا تزيدُهم آياته إلا خَسارًا؛ إذ تقومُ عليهم الحجَّة".

وهو الكتاب الذي لو أُنزِلَ على الجبال الرَّواسي لتصدَّعت وخشَعت؛ ï´؟ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ï´¾ [الحشر: 21]، قال ابن سعدي: "لكمال تأثيرِه في القُلوب، فإنَّ مواعظ القُرآن أعظم المواعظ على الإطلاق".

وهو الكتاب الذي تكفَّل الله سبحانه بحِفظه، ولم يَكِلْ حِفظِه إلى مَلكٍ أو نبيٍّ؛ ï´؟إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَï´¾ [الحجر: 9]، قال ابن سعدي: "أي: في حال إنزاله وبعدَ إنزاله؛ ففي حالِ إنزاله حافظون له من استِراق كلِّ شيطانٍ رجيم، وبعدَ إنزاله أودَعَه الله في قلب رسولِه، واستودعه في قلوب أمَّتِه، وحفظ الله ألفاظَه من التغيير فيها والزيادة والنَّقص، ومَعانِيه من التَّبديل، وهذا من أعظم آيات الله ونِعَمِه على عِباده المؤمنين".

وهو الكتاب المهيمِنُ على ما عَداه من الكُتُبِ التي أنزَلَها الله - جلَّ وعلا - ï´؟ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ï´¾ [المائدة: 48]، قال ابن سعدي: "أي: مشتملاً على ما اشتَملتْ عليه الكُتُبُ السابقة وزيادةً في المطالب الإلهيَّة والأخلاق النفسيَّة".

ومَن أرادَ النجاةَ والفلاحَ فعليه بكتابِ الله تعالى؛ ï´؟ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ï´¾ [إبراهيم: 1]، ï´؟ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ï´¾ [الشورى: 52].

وقال - تعالى -: ï´؟ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ï´¾ [الواقعة: 75] مساقطها في مغاربها، وما يُحدِثُ اللهُ في تلك الأوقات من الحوادث الدالَّة على عظمته وكبريائه ï´؟ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ï´¾ [الواقعة: 76، 77]، والمقسم عليه إثبات القُرآن، وأنَّه حقٌّ لا ريبَ فيه، وأنَّه كريم؛ أي: كثير الخير غزير العلم، قاله ابن سعدي - رحمه الله تعالى.

وفي السُّنَّة النبويَّة الكثير من الأحاديث التي تُبيِّنُ فضائلَ القُرآن الكريم، وما اختصَّ به من الخلال:
((إنَّ هذا القُرآن سَبَبٌ طرَفُه بيد الله وطرفُه بأيديكم، فتمسَّكوا به؛ فإنَّكم لن تضلُّوا، ولن تهلكوا بعدَه أبدًا))؛ رواه الطبراني بإسنادٍ جيِّد، وصحَّحه الألباني.

وعن زيد بن أرقم أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ألا وإنِّي تاركٌ فيكم ثقلَيْنِ: أحدهما كتاب الله - عزَّ وجلَّ - هو حبل الله، ومَن اتَّبعه كان على الهدى، ومَن ترَكَه كان على ضلالة))؛ رواه مسلم.

وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا خطَب يقولُ: ((أمَّا بعدُ، فإنَّ خيرَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد))؛ مسلم.

بل إنَّ أهلَ القُرآن لهم المكانةُ والرِّفعةُ؛ أخرج ابن ماجه وأحمد عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ لله أهلين من النَّاسِ))، قالوا: يا رسول الله، مَن هم؟ قال: ((هم أهل القُرآن، أهل الله وخاصَّته))، قال البوصيري: هذا إسنادٌ صحيح رجاله مُوثَّقون.

أخرج مسلمٌ أنَّ نافعَ بن عبدالحارث لقي عمر بعسفان، وكان عمر يستعملُه على مكَّةَ فقال: مَن استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أَبْزَى، قال: ومَن ابن أَبْزَى؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى، قال: إنَّه قارئ لكتابِ الله - عزَّ وجلَّ - وإنَّه عالمٌ بالفرائض، قال عمر: أما إنَّ نبيَّكم - صلى الله عليه وسلم - قد قال: ((إنَّ اللهَ يرفَعُ بهذا الكتاب أقوامًا ويضعُ به آخَرين)).

فهذه مقدمة تُبيِّنُ لنا عظمَ شأن هذا القُرآن الكريم.

وبعد هذا يطرحُ التساؤل: ما واجبُنا نحو هذا القُرآن العظيم:
لما كان القُرآن الكريم مجيدًا؛ ï´؟ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ï´¾ [البروج: 21]؛ أي: مُتَناهٍ في الشَّرَفِ والكرَم والبَرَكة، كما قال القرطبي؛ فإنَّ له حُقوقًا عظيمة وواجبات كبيرة.

وواجبنا نحوَ هذا القُرآن الكريم مُتعدِّد مُتنوِّع، أبرزه ستَّة واجبات، أذكُر الآن خمسةً منها وأرجئُ السادسَ إلى لقاءٍ آخَر؛ لحاجته إلى التفصيل:
الواجب الأول: الإيمان به:
نعلم أنَّ الإيمانَ بالكُتُبِ التي أنزَلَها الله تعالى أحدُ أركان الإيمان؛ ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ï´¾ [النساء: 136].

وقال - صلى الله عليه وسلم - لما سأَلَه جبريل عن الإيمان: ((أنْ تؤمنَ بالله وملائكته وكُتُبِه ورسله واليوم الآخِر وتؤمنَ بالقدر خيرِه وشرِّه)).

قال الطحاوي في سِياق ذِكر عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة: "وأنَّ القُرآن كلامُ الله، منه بدَا بلا كيفيَّة قولاً، وأنزَلَه على رسولِه وحيًا، وصدَّقَه المؤمنون على ذلك حقًّا، وأَيْقَنوا أنَّه كلامُ الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوقٍ ككلام البريَّة... ولا نُجادِلُ في القُرآن، ونشهدُ أنَّه كلامُ ربِّ العالمين، نزَلَ به الرُّوح الأمين، فعلَّمه سيِّد المرسلين محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وهو كلام الله تعالى، لا يُساويه شيءٌ من كلام المخلوقين، ولا نقولُ بخلقِه، ولا نخالفُ جماعةَ المسلمين"، ا.هـ.

وقال ابن عثيمين: "ونؤمنُ بأنَّ القُرآن الكريم كلام الله تعالى، تكلَّم به حقًّا، وألقاه إلى جبريل، فنزل به جبريل على قلب النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم"، ا.هـ.

الواجب الثاني: العمل به:
انطِلاقًا من طاعة الله سبحانه الواجبة؛ ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ï´¾ [الأنفال: 20].

ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ï´¾ [الأنفال: 24].

وفي "صحيح مسلم" عن النَّوَّاس بن سمعان الكلابي قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: ((يُؤتَى بالقُرآنِ يومَ القيامة وأهلِه الذين كانوا يعمَلُون به، تقدمُه سورةُ البقرة وآل عمران كأنهما غَمامتان أو ظُلَّتان سَوْداوان، بينهما شرقٌ أو كأنهما حِزقان - أي: جماعتان - من طيرٍ صوافَّ، تحاجَّان عن صاحبهما))، قال في "النهاية": "الشَّرْقُ هاهنا الضَّوء، وهو الشمس والشقُّ أيضًا".

أخرج سعيد بن منصور عن مِسعَر قال: أتى عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - رجلٌ فقال: أوصِنِي فقال: "إذا سمعتَ اللهَ - عزَّ وجلَّ - يقولُ في كتابه: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ï´¾ فأصغِ لها سمعَك؛ فإنَّه خيرٌ تُؤمَر به، أو شرٌّ تُصرَف عنه".

أمرُ الله لا بُدَّ من تنفيذِه وامتِثاله؛ ï´؟ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ï´¾ [الأحزاب: 36].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 118.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 115.54 كيلو بايت... تم توفير 3.06 كيلو بايت...بمعدل (2.58%)]